|
#1
|
||||||||
|
||||||||
|
كيف يصوم اللسان
للسان صيام خاص يعرفه الذين هم عن اللغو معرضون ،وصيام اللسان دائم في رمضان ، وفي غير رمضان ، ولكن اللسان في رمضان يتهذب ويتأدب،
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لمعاذ رضي الله عنه " كف عليك هذا ، وأشار إلى لسانه" فقال معاذ : يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : "ثكلتك أمك يا مُعاذٍ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم" رواه الترمذي ضرر اللسان عظيم وخطره جسيم ، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأخذ بلسانه ويبكي ، ويقول : هذا أوردني الموارد . اللسان سبع ضار ، وثعبان ينهش ، ونار تلتهب . لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس ألسن ابن عباس رضي الله عنهما يقول للسانه : يا لسان قل خيرا تغنم أو اسكت عن شر تسلم . رحم الله مسلما حبس لسانه عن الخنا ، وقيده عن الغيبة ، ومنعه من اللغو ، وحبسه عن الحرام. رحم الله من حاسب ألفاظه ، ورعى ألحاظه ، وأدب منطقه ووزن كلامه. يقول تبارك اسمه ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ (قّ:18) فكل لفظة محفوظة ، وكل كلمة محسوبة ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ (فصلت: من الآية46) صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة " رواه البخاري احذر لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان والله إن الموت زلة لفظة فيها الهلاك وكلها خسران لما تأدب السلف الصالح بأدب الكتاب والسنة ، وزنوا ألفاظهم واحترموا كلامهم فكان نطقهم ذكرا ، ونظرهم عبرا ، وصمتهم فكرا . ولما خاف الأبرار من لقاء الواحد القهار ، أعملوا الألسنة في ذكره وشكره ، وكفوا عن الخنا والبذاء والهراء. قال ابن مسعود رضي الله عنه :"والله ما في الأرض أحق بطول حبس من لسان". يريد الصالحون الكلام فيذكرون تبعاته وعقوباته ونتائجه فيصمتون. كيف يصوم من أطلق للسانه العنان ؟ كيف يصوم من لعب به لسانه وخدعه كلامه وغره منطقه ؟ كيف يصوم من كذب واغتاب ، وأكثر الشتم والسباب ونسي يوم الحساب؟ كيف يصوم من شهد الزور ولم يكف عن الشرور؟ صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". رواه البخاري وهل الإسلام الا عمل وتطبيق، ومنهج وانقياد ، وسلوك وامتثال . يقول جل اسمه ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ ﴾ (الاسراء: من الآية53) والتي هي أحسن هي اللفظ المؤدب الجميل البديع الذي لا يجرح هيئة ولا شخصا ، ولا عرض مسلم ولا ينال من كرامة المؤمن. يقول عز وجل ﴿ وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ (الحجرات: من الآية12) كم من صائم أفسد صومه فسد لسانه وساء منطقه واختل لفظه ؟ ليس المقصود من الصيام الجوع والظمأ ، بل التهذيب والتأديب. في اللسان أكثر من عشرة أمراض إذا لم يتحكم فيه. من عيوبه الكذب، والغيبة ، والنميمة ، والبذاءة، والسب ، والفحش، والزور ، واللعن ، والسخر ، والاستهزاء، وغيرها . رب كلمة هوى بها صاحبها في النار على وجهه أطلقها بلا عنان وسرحها بلا زمام ، وأرسلها بلا خطام. اللسان طريق للخير ، وسبيل للشر ، فيا لقرة عين من ذكر الله به واستغفر وحمد وسبح وشكر وتاب ، ويا لخيبة من هتك به الأعراض وجرح به الحرمات وثلم به القيم. يا أيها الصائمون رطبوا ألسنتكم بالذكر ، وهذبوها بالتقوى ، وطهروها من المعاصي . اللهم إنا نسألك ألسنة صادقة وقلوبا سليمة ، وأخلاقا مستقيمة. *من كتاب(ثلاثون درسا للصائمين) د. عائض بن عبدالله القرني
![]() بالقرآن نرتقي
|
| مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]()