|
#1
|
||||||||
|
||||||||
|
وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا
قوله تعالى : ( وقال نسوة في المدينة ) الآية . يقول : شاع أمر يوسف والمرأة في المدينة مدينة مصر . وقيل : مدينة عين الشمس وتحدث النساء بذلك وقلن - وهن خمس نسوة : امرأة حاجب الملك ، وامرأة صاحب الدواب ، وامرأة الخباز ، وامرأة الساقي ، وامرأة صاحب السجن ، قاله مقاتل . وقيل : هن نسوة من أشراف مصر - : ( امرأة العزيز تراود فتاها ) أي : عبدها الكنعاني ( عن نفسه ) أي : تطلب من عبدها الفاحشة ( قد شغفها حبا ) أي : علقها حبا . قال الكلبي : حجب حبه قلبها حتى لا تعقل سواه . وقيل : أحبته حتى دخل حبه شغاف قلبها ، أي : داخل قلبها . قال السدي : الشغاف جلدة رقيقة على القلب ، يقول : دخل الحب الجلد حتى أصاب القلب . وقرأ الشعبي ، والأعرج ( شعفها ) بالعين غير المعجمة ، معناه : ذهب الحب بها كل مذهب . ومنه شعف الجبال وهو رءوسها . ( إنا لنراها في ضلال مبين ) أي : خطإ ظاهر . وقيل : معناه إنها تركت ما يكون عليه أمثالها من العفاف والستر . ( فلما سمعت ) راعيل ( بمكرهن ) بقولهن وحديثهن ، قاله قتادة و السدي . [ ص: 237 ] قال ابن إسحاق إنما قلن ذلك مكرا بها لتريهن يوسف وكان يوصف لهن حسنه وجماله . وقيل : إنها أفشت إليهن سرها واستكتمتهن فأفشين ذلك ، فلذلك سماه مكرا . ( أرسلت إليهن ) قال وهب : اتخذت مأدبة ، ودعت أربعين امرأة ، منهن هؤلاء اللاتي عيرنها . ( وأعتدت ) أي : أعدت ( لهن متكأ ) أي : ما يتكأ عليه . وقال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد : متكأ أي : طعاما ، سماه متكأ لأن أهل الطعام إذا جلسوا يتكئون على الوسائد ، فسمى الطعام متكأ على الاستعارة . يقال : اتكأنا عند فلان أي : طعمنا . ويقال : المتكأ ما اتكأت عليه للشرب أو الحديث أو الطعام ، ويقرأ في الشواذ متكأ بسكون التاء . واختلفوا في معناه : فقال ابن عباس : [ هو الأترج . ويروى عن مجاهد مثله . وقيل ] هو الأترج بالحبشة . وقال الضحاك : هو الرباورد . وقال عكرمة : هو كل شيء يقطع بالسكين . وقال أبو زيد الأنصاري : كل ما يجز بالسكين فهو عند العرب متك ، والمتك والبتك بالميم والباء : القطع ، فزينت [ المأدبة بألوان ] الفواكه والأطعمة ، ووضعت الوسائد ودعت النسوة . ( وآتت ) وأعطت ( كل واحدة منهن سكينا ) فكن يأكلن اللحم حزا بالسكين . ( وقالت ) ليوسف ( اخرج عليهن ) وذلك أنها كانت أجلسته في مجلس آخر ، فخرج عليهن يوسف . قال عكرمة : كان فضل يوسف على الناس في الحسن كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم . وروي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت ليلة أسري بي إلى السماء يوسف كالقمر ليلة البدر " . قال إسحاق بن أبي فروة : كان يوسف إذا سار في أزقة مصر يرى تلألؤ وجهه على الجدران . [ ص: 238 ] ( فلما رأينه أكبرنه ) أعظمنه ، قال أبو العالية : هالهن أمره وبهتن . وقيل : أكبرنه أي : حضن لأجله من جماله . ولا يصح . ( وقطعن ) أي : حززن بالسكاكين التي معهن ( أيديهن ) وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج ، ولم يجدن الألم لشغل قلوبهن بيوسف . قال مجاهد : فما أحسسن إلا بالدم . وقال قتادة : أبن أيديهن حتى ألقينها . والأصح كان قطعا بلا إبانة . وقال وهب : ماتت جماعة منهن . ( وقلن حاش لله ما هذا بشرا ) أي : معاذ الله أن يكون هذا بشرا . قرأ أبو عمرو : حاشى لله ، بإثبات الياء في الوصل ، على الأصل . وقرأ الآخرون بحذف الياء لكثرة ورودها على الألسن ، واتباعا للكتاب . وقوله : ( ما هذا بشرا ) نصب بنزع حرف الصفة ، أي : ليس هذا ببشر ( إن هذا ) أي : ما هذا ( إلا ملك ) من الملائكة ( كريم ) على الله تعالى . المصدر: الكتب - تفسير البغوي - سورة يوسف - تفسير قوله تعالى " وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين "- الجزء رقم4
|
| مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]()