![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||||||
|
||||||||
|
رد: كتاب الفرقان بين اولياء الرحمن واولياء الشيطان اقرا لتعرف حقيقة المدعين للخوارق
وَقَدْ ظَنَّ طَائِفَةٌ غالطة أَنَّ " خَاتَمَ الْأَوْلِيَاءِ " أَفْضَلُ الْأَوْلِيَاءِ قِيَاسًا عَلَى خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ مِنَ الْمَشَايِخِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِخَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ إلَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فَإِنَّهُ صَنَّفَ مُصَنَّفًا غَلِطَ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ(1) __________ ثُمَّ صَارَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ يَزْعُمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ خَاتَمَ الْأَوْلِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ جِهَةِ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ (1) __________ وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَسْتَفِيدُونَ الْعِلْمَ بِاَللَّهِ مِنْ جِهَتِهِ كَمَا يَزْعُمُ ذَلِكَ ابْنُ عَرَبِيٍّ صَاحِبُ " كِتَابِ الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ "(1) __________ وَ " كِتَابِ الْفُصُوصِ "، فَخَالَفَ الشَّرْعَ وَالْعَقْلَ مَعَ مُخَالَفَةِ جَمِيعِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوْلِيَائِهِ كَمَا يُقَالُ لِمَنْ قَالَ : فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ تَحْتِهِمْ لَا عَقْلَ وَلَا قُرْآنَ . ذَلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ فِي الزَّمَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَكَيْفَ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ ؟ . وَالْأَوْلِيَاءُ إنَّمَا يَسْتَفِيدُونَ مَعْرِفَةَ اللَّهِ مِمَّنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ وَيَدَّعِي أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ وَلَيْسَ آخِرُ الْأَوْلِيَاءِ أَفْضَلَهُمْ كَمَا أَنَّ آخِرَ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُهُمْ ؛ فَإِنَّ فَضْلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلاَ فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الأَرْضُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَلاَ فَخْرَ وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ »(1).. وَقَوْلِهِ : « آتِى بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ مَنْ أَنْتَ فَأَقُولُ مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ بِكَ أُمِرْتُ لاَ أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ »(2). وَ " لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ " رَفَعَ اللَّهُ دَرَجَتَهُ فَوْقَ الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ فَكَانَ أَحَقَّهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ ..}(3) (253) سورة البقرة، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الدَّلَائِلِ كُلٌّ مِنْهُمْ يَأْتِيه الْوَحْيُ مِنَ اللَّهِ لَا سِيَّمَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ فِي نُبُوَّتِهِ مُحْتَاجًا إلَى غَيْرِهِ، فَلَمْ تَحْتَجْ شَرِيعَتُهُ إلَى سَابِقٍ وَلَا إلَى لَاحِقٍ ؛ بِخِلَافِ الْمَسِيحِ أَحَالَهُمْ فِي أَكْثَرِ الشَّرِيعَةِ عَلَى التَّوْرَاةِ، وَجَاءَ الْمَسِيحُ فَكَمَّلَهَا ؛ وَلِهَذَا كَانَ النَّصَارَى مُحْتَاجِينَ إلَى النُّبُوَّاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْمَسِيحِ : كَالتَّوْرَاةِ وَالزَّبُورِ وَتَمَامِ الْأَرْبَعِ وَعِشْرِينَ نُبُوَّةً ،وَكَانَ الْأُمَمُ قَبْلَنَا مُحْتَاجِينَ إلَى مُحَدَّثِينَ ؛ بِخِلَافِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ اللَّهَ أَغْنَاهُمْ بِهِ فَلَمْ يَحْتَاجُوا مَعَهُ إلَى نَبِيٍّ وَلَا إلَى مُحَدَّثٍ ؛ بَلْ جُمِعَ لَهُ مِنْ الْفَضَائِلِ وَالْمَعَارِفِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا فَرَّقَهُ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ؛ فَكَانَ مَا فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ اللَّهِ بِمَا أَنْزَلَهُ إلَيْهِ وَأَرْسَلَهُ إلَيْهِ لَا بِتَوَسُّطِ بَشَرٍ . وَهَذَا بِخِلَافِ " الْأَوْلِيَاءِ " فَإِنَّ كُلَّ مَنْ بَلَغَهُ رِسَالَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكُونُ وَلِيًّا لِلَّهِ إلَّا بِاتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،وَكُلُّ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ هُوَ بِتَوَسُّطِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَلَغَهُ رِسَالَةُ رَسُولٍ إلَيْهِ لَا يَكُونُ وَلِيًّا لِلَّهِ إلَّا إذَا اتَّبَعَ ذَلِكَ الرَّسُولَ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْهِ . __________ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ بَلَغَتْهُمْ رِسَالَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَهُ طَرِيقٌ إلَى اللَّهِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مُحَمَّدٍ فَهَذَا كَافِرٌ مُلْحِدٌ ،وَإِذَا قَالَ : أَنَا مُحْتَاجٌ إلَى مُحَمَّدٍ فِي عِلْمِ الظَّاهِرِ دُونَ عِلْمِ الْبَاطِنِ أَوْ فِي عِلْمِ الشَّرِيعَةِ دُونَ عِلْمِ الْحَقِيقَةِ ؛ فَهُوَ شَرٌّ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ قَالُوا : إنَّ مُحَمَّدًا رَسُولٌ إلَى الْأُمِّيِّينَ دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ . فَإِنَّ أُولَئِكَ آمَنُوا بِبَعْضِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِ، فَكَانُوا كُفَّارًا بِذَلِكَ ،وَكَذَلِكَ هَذَا الَّذِي يَقُولُ: إنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ بِعِلْمِ الظَّاهِرِ دُونَ عِلْمِ الْبَاطِنِ آمَنَ بِبَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ وَكَفَرَ بِبَعْضِ فَهُوَ كَافِرٌ وَهُوَ أَكْفَرُ مِنْ أُولَئِكَ ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْبَاطِنِ الَّذِي هُوَ عِلْمُ إيمَانِ الْقُلُوبِ وَمَعَارِفِهَا وَأَحْوَالِهَا هُوَ عِلْمٌ بِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ الْبَاطِنَةِ(1)، وَهَذَا أَشْرَفُ مِنَ الْعِلْمِ بِمُجَرَّدِ أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ . فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا عَلِمَ هَذِهِ الْأُمُورَ الظَّاهِرَةَ دُونَ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ ؛ وَأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ هَذِهِ الْحَقَائِقَ عَنِ الْكِتَاب وَالسُّنَّةِ، فَقَدْ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ الَّذِي آمَنَ بِهِ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ دُونَ الْبَعْضِ الْآخَرِ وَهَذَا شَرٌّ مِمَّنْ يَقُولُ : أُؤْمِنُ بِبَعْضِ وَأَكْفُرُ بِبَعْضِ ،وَلَا يَدَّعِي أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ الَّذِي آمَنَ بِهِ أَدْنَى الْقِسْمَيْنِ . وَهَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ يَدَّعُونَ أَنَّ " الْوِلَايَةَ " أَفْضَلُ مِنْ " النُّبُوَّةِ " وَيُلَبِّسُونَ عَلَى النَّاسِ فَيَقُولُونَ : وِلَايَتُهُ أَفْضَلُ مِنْ نُبُوَّتِهِ وَيُنْشِدُونَ : مَقَامُ النُّبُوَّةِ فِي بَرْزَخٍ فُوَيْقَ الرَّسُولِ وَدُونَ الْوَلِيّ وَيَقُولُونَ :نَحْنُ شَارَكْنَاهُ فِي وِلَايَتِهِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ رِسَالَتِهِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ ضَلَالِهِمْ، فَإِنَّ وِلَايَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُمَاثِلْهُ فِيهَا أَحَدٌ لَا إبْرَاهِيمُ وَلَا مُوسَى فَضْلًا عَنْ أَنْ يُمَاثِلَهُ هَؤُلَاءِ الْمُلْحِدُونَ . وَكُلُّ رَسُولٍ نَبِيٍّ وَلِيٌّ فَالرَّسُولُ نَبِيٌّ وَلِيٌّ . وَرِسَالَتُهُ مُتَضَمِّنَةٌ لِنُبُوَّتِهِ ،وَنُبُوَّتُهُ مُتَضَمِّنَةٌ لِوِلَايَتِهِ، وَإِذَا قَدَّرُوا مُجَرَّدَ إنْبَاءِ اللَّهِ إيَّاهُ بِدُونِ وِلَايَتِهِ لِلَّهِ فَهَذَا تَقْدِيرٌ مُمْتَنِعٌ، فَإِنَّهُ حَالَ إنْبَائِهِ إيَّاهُ مُمْتَنِعٌ أَنْ يَكُونَ إلَّا وَلِيًّا لِلَّهِ، وَلَا تَكُونُ مُجَرَّدَةً عَنْ وِلَايَتِهِ ،وَلَوْ قُدِّرَتْ مُجَرَّدَةً لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مُمَاثِلًا لِلرَّسُولِ فِي وِلَايَتِهِ . وَهَؤُلَاءِ قَدْ يَقُولُونَ - كَمَا يَقُولُ صَاحِبُ " الْفُصُوصِ " ابْنُ عَرَبِيٍّ - : إنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مِنَ الْمَعْدِنِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَلَكُ الَّذِي يُوحَى بِهِ إلَى الرَّسُولِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا " عَقِيدَةَ الْمُتَفَلْسِفَةِ (2) __________ ثُمَّ أَخْرَجُوهَا فِي قَالَبِ " الْمُكَاشَفَةِ " وَذَلِكَ أَنَّ الْمُتَفَلْسِفَةَ الَّذِينَ قَالُوا: إنَّ الْأَفْلَاكَ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَهَا عِلَّةٌ تَتَشَبَّهُ بِهَا كَمَا يَقُولُهُ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعُهُ ؛ أَوْ لَهَا مُوجَبٌ بِذَاتِهِ كَمَا يَقُولُهُ مُتَأَخِّرُوهُمْ : كَابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِ ،وَلَا يَقُولُونَ إنَّهَا لِرَبِّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَلَا خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ،وَلَا يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ ؛ بَلْ إمَّا أَنْ يُنْكِرُوا عِلْمَهُ مُطْلَقًا كَقَوْلِ أَرِسْطُو ؛ أَوْ يَقُولُوا إنَّمَا يَعْلَمُ فِي الْأُمُورِ الْمُتَغَيِّرَةِ كُلِّيَّاتُهَا كَمَا يَقُولُهُ ابْنُ سِينَا ،وَحَقِيقَةُ هَذَا الْقَوْلِ إنْكَارُ عِلْمِهِ بِهَا ؛ فَإِنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ فَهُوَ مُعَيَّنٌ جُزْئِيٌّ : الْأَفْلَاكُ كُلُّ مُعَيَّنٍ مِنْهَا جُزْئِيٌّ ،وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْأَعْيَانِ وَصِفَاتُهَا وَأَفْعَالُهَا، فَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا الْكُلِّيَّاتِ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ الْمَوْجُودَاتِ، وَالْكُلِّيَّاتُ إنَّمَا تُوجَدُ كُلِّيَّاتٍ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ . وَالْكَلَامُ عَلَى هَؤُلَاءِ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي " رَدِّ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ " وَغَيْرِهِ . فَإِنَّ كُفْرَ هَؤُلَاءِ أَعْظَمُ مِنْ كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، بَلْ وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ ،فَإِنَّ جَمِيعَ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ،وَإِنَّهُ خَلَقَ الْمَخْلُوقَاتِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَأَرِسْطُو وَنَحْوُهُ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْيُونَانِ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَالْأَصْنَامَ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ ،وَلَيْسَ فِي كُتُبِ أَرِسْطُو ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ،وَإِنَّمَا غَالِبُ عُلُومِ الْقَوْمِ الْأُمُورُ الطَّبِيعِيَّةُ ،وَأَمَّا الْأُمُورُ الْإِلَهِيَّةُ فَكُلٌّ مِنْهُمْ فِيهَا قَلِيلُ الصَّوَابِ كَثِيرُ الْخَطَأِ ،وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ أَعْلَمُ بِالْإِلَهِيَّاتِ مِنْهُمْ بِكَثِيرِ ؛ وَلَكِنْ مُتَأَخِّرُوهُمْ كَابْنِ سِينَا أَرَادُوا أَنْ يُلَفِّقُوا بَيْنَ كَلَامِ أُولَئِكَ وَبَيْنَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ ؛ فَأَخَذُوا أَشْيَاءَ مِنْ أُصُولِ الجهمية وَالْمُعْتَزِلَةِ وَرَكَّبُوا مَذْهَبًا قَدْ يَعْتَزِي إلَيْهِ مُتَفَلْسِفَةُ أَهْلِ الْمِلَلِ ؛ وَفِيهِ مِنْ الْفَسَادِ وَالتَّنَاقُضِ مَا قَدْ نَبَّهْنَا عَلَى بَعْضِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَهَؤُلَاءِ لَمَّا رَأَوْا أَمْرَ الرُّسُلِ كَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَهَرَ الْعَالَمَ ،وَاعْتَرَفُوا بِأَنَّ النَّامُوسَ(1) الَّذِي بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ نَامُوسٍ طَرَقَ الْعَالَمَ ،وَوَجَدُوا الْأَنْبِيَاءَ قَدْ ذَكَرُوا الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ أَرَادُوا أَنْ يَجْمَعُوا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَقْوَالِ سَلَفِهِمْ الْيُونَانِ الَّذِينَ هُمْ أَبْعَدُ الْخَلْقِ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأُولَئِكَ قَدْ أَثْبَتُوا عُقُولًا عَشَرَةً يُسَمُّونَهَا " الْمُجَرَّدَاتِ" وَالْمُفَارَقَاتِ "(2). وَأَصْلُ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ مُفَارَقَةِ النَّفْسِ لِلْبَدَنِ وَسَمَّوْا تِلْكَ " الْمُفَارَقَاتِ " لِمُفَارَقَتِهَا الْمَادَّةَ وَتَجَرُّدِهَا عَنْهَا . وَأَثْبَتُوا الْأَفْلَاكَ لِكُلِّ فَلَكٍ نَفْسًا ،وَأَكْثَرُهُمْ جَعَلُوهَا أَعْرَاضًا وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهَا جَوَاهِرَ . وَهَذِهِ " الْمُجَرَّدَاتُ " الَّتِي أَثْبَتُوهَا تَرْجِعُ عِنْدَ التَّحْقِيقِ إلَى أُمُورٍ مَوْجُودَةٍ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، كَمَا أَثْبَتَ أَصْحَابُ أَفْلَاطُونَ " الْأَمْثَالَ الأفلاطونية الْمُجَرَّدَةَ " أَثْبَتُوا هَيُولَى مُجَرَّدَةً عَنْ الصُّورَةِ وَمُدَّةً وَخَلَاءً مُجَرَّدَيْنِ، وَقَدْ اعْتَرَفَ حُذَّاقُهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ ؛ فَلَمَّا أَرَادَ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ كَابْنِ سِينَا أَنْ يُثْبِتَ أَمْرَ النُّبُوَّاتِ عَلَى أُصُولِهِمْ الْفَاسِدَةِ وَزَعَمُوا أَنَّ النُّبُوَّةَ لَهَا خَصَائِصُ ثَلَاثَةً مَنْ اتَّصَفَ بِهَا فَهُوَ نَبِيٌّ . ( الْأَوَّلُ : أَنْ تَكُونَ لَهُ قُوَّةٌ عِلْمِيَّةٌ يُسَمُّونَهَا الْقُوَّةَ الْقُدْسِيَّةَ يَنَالُ بِهَا مِنْ الْعِلْمِ بِلَا تَعَلُّمٍ . |
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| كرامات اولياء الصوفية ! | ريحان | الصوفيـــــــة ـ بيان وتحذير . Sufi statement warning | 3 | 22 Sep 2010 12:29 AM |
| حقيقة المس واقتران الشيطان بالإنسان ؟ 0000 | ابن الورد | عالم الجان ـ علومه ـ أخباره ـ أسراره ـ خفاياه . الإدارة العلمية والبحوث World of the jinn | 0 | 19 Sep 2006 03:36 AM |
![]()