19 Nov 2011, 10:05 PM
|
#2 |
|
باحث علمي ـ بحث إشراف تنسيق مراقبة ـ الإدارة العلمية والبحوث ـ جزاه الله خيرا
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: منهج الاستنباط من القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المحمودِ بجميع المحامد تعظيماً وثناءً .. المتصفِ بصفات الكمال عزّة وكبرياءً .. أشهد أن لا إله إلا الهꃞ وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمةِ الكرام النجباء .. وسلم تسليمًا كثيرًا .. ندوة الدراسات القرآنية عن موضوع الاستنباط من القرآن الكريم لفضيلة الشيخ الدكتور : فهد الوهبي . تفريغ الحلقة الأولى بسم الله الرحمن الرحيم برنامج: الدراسات القرآنية على إذاعة القرآن الكريم بعنوان: " منهج الاستنباط من القرآن الكريم ( 1 ) " الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد ابن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا وسهلا بكم مستمعينا الكرام إلى لقاء جديد في برنامج " الدراسات القرآنية " ، يسعدني في مطلع هذا اللقاء وبعد الترحيب بكم أن أرحب بالشيخ فهد بن مبارك الوهبي عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة والذي سيتحدث في هذا اللقاء عن منهج الاستنباط في أمور القرآن الكريم ، نرحب بكم ياشيخ فهد وأهلا وسهلا بكم . الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : حياك الله وحيا إذاعة القرآن الكريم . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : منهج الاستنباط من القرآن الكريم هذا هو ما سيتحدث عنه فضيلة الشيخ فهد وعندما نتحدث عن التفسير فإن التفسير استنباط وقد يكون جزءاً من التفسير استنباط . ما المقصود بالاستنباط ؟ وما الفرق بين الاستنباط والتفسير؟ هل كل أحد له أن يستنبط من القرآن الكريم ؟ هل هناك اشتراطات محددة في الشخص الذي يقوم بهذا الاستنباط؟ ماهي هذه الاشتراطات إذا كانت موجودة ؟ كيف نعرف أن هذا المعنى المستنبط أيضاً صحيح أو أنه خطأ ؟ ثم هل هناك من سبب أو أسباب يمكن بأن نقول أنها هي التي توقع في الخطأ في التفسير وبالتالي الخطأ في الاستنباط من كتاب الله ؟ هذا هو محور الحديث الذي سيدور في هذا الموضوع : " منهج الاستنباط من القرآن الكريم " . المقصود بالاستنباط يا شيخ فهد ماهو ياتُرى ؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . بداية أشكر إذاعة القرآن الكريم على إتاحة هذه الفرصة الكريمة للتعريف بهذا الموضوع الهام وهو منهج الاستنباط من القرآن الكريم . أما الاستنباط فالمقصود به في اللغة هو : الاستخراج وقد ورد هذا المعنى في قوله جل وعلى : لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ يعني يستخرجونه وهذه مادة اللغة العربية وقد كانوا يطلقون على الماء الذي يخرج من البئر أول ما يخرج يقولون هذا نبط ثم استعملوا كل استخراج شيء خفي سموه استنباطا فإذا استخرج الإنسان شيئا خفيا سواءا كان محسوسا أو كان معنويا سموا هذا استنباطا ومن الأشياء المعنوية العلوم والفوائد فإنها تسمى استنباطا مع كونها غير محسوسة فإذاً هذا جاريا على المحسوس وغير المحسوس فالعرب كانت تسمي الاستنباط لجميع ما يستخرج لكن يشترط أن يكون شيئا خفيا أما الأشياء الظاهرة فلا تسمى استنباط هذا هو دلالة المعنى اللغوية . أما الاستنباط عند إضافته للقرآن الكريم لما نقول الاستنباط من القرآن فيراد به " الكشف " يتغير للمعنى العرفي الاصطلاحي وهو:استخراج ما خفي من القرآن بطريق صحيح وإضافة الطريق الصحيح هنا المراد به الاستنباط المعتد به الذي عمله العلماء لأن هناك استخراج خفي من القرآن لكن بطريق غير صحيح فهذا لا يعد استنباطا ومنهجا صحيحا في الاستنباط كما هو عند بعض الفرق إذاً الاستنباط اصطلاحا هو :استخراج ماخفي من القرآن بطريق صحيح. الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : الاستنباط والتفسير هل هناك بين اللفظتين تداخل وافتراق أم أنهما شيئا واحدا؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : الفرق بين الاستنباط والتفسير من ناحية التعريف ومن ناحية التنظير هناك فرق كبير لكن من ناحية العمل المفسرون القدامى عليهم رحمة الله كانوا يدخلون الاستنباط داخل كتب التفسير وكانوا يستنبطون في أثناء عملية التفسير وهم يفسرون يستنبطون ويسمى هذا درس التفسير أو كتاب التفسير ففي القديم لم يكن هناك تفريق واضح مابين الاستنباط من ناحية العمل من ناحية التأليف إلا في بعض الكتب القليلة أما من ناحية التعريفات فهناك فرق كبير بين الاستنباط وبين التفسير . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : ماهو ياتُرى ؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : أولا : من ناحية اللغة التفسير في اللغة هو : الكشف وأما الاستنباط فهو الاستخراج فهذا فرق كبير من ناحية اللغة وغالباً إذا كانت الكلمات مختلفة في اللغة تختلف من ناحية الاصطلاح . ثانيا : أن التفسير اصطلاحا عند العلماء هو بيان المعنى . أما الاستنباط فهو استخراج الأشياء الخفية من المعنى .فهناك دلالات للآية ليست دلالات ظاهرة وهذا هو الاستنباط مثال ذلك هو قول الله : وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ تفسيرها :أن الله يأمرنا بإقامة الصلاة. هذا تفسير لأنه دلالة ظاهرة أن الأمر للوجوب هذا أمر ظاهر لكن لما نأتي ويأتي شخص ويقول:أن الله أمر بصيغة الجماعة قال " أَقِيمُواْ " فيستنبط من الواو حكم وجوب الجماعة هذا ليس تفسيراً هذا استنباط من هذه الآية لأنه حكم خفي ولذلك قلنا أن الخفاء أمر ملازم للاستنباط لاينفك عنه بخلاف التفسير قد يكون أمراً واضحا أي ظاهرا وقد يكون خفيا في بعض الألفاظ مثل " القرء " مثلا خفي لكن هنا " أقيموا الصلاة " أمر ظاهر من أيضا الفروقات أن الاستنباط دائما يحتاج إلى مشقة لا يكون الاستنباط بسهولة ولذلك أغلب الذين يعرفون الاستنباط يقولون فيه جهد ومشقة في بذل في استعمال العقل في استخراج الأحكام أما التفسير فقد يكون فيه مشقة في بيانه وقد يكون أمراً ظاهرا لما أقول هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ لايوجد مشقة في فهم هذا المعنى. لكن قد يوجد في آيات أخر شيء من المشقة فالمشقة ليست ملازمة للتفسير ولكنها ملازمة بالضرورة للاستنباط. وأخيرا وهذا أمر مهم أيضا أن الاستنباط لا يمكن أن ينقطع بل هو دائم إلى قيام الساعة ونظيره هو الاجتهاد عند أهل الأصول فإنه لاينقطع إلى قيام الساعة أما التفسير فإن تفسير المعاني بمعنى بيان المفردات قد استقر وانتهى ولا يمكن أن يأتي شخص ويقول أن مثلا لفظة " القرء " لها معنى جديد ثالث غير المعاني التي ذكرها العلماء فإذاً الاستنباط لا ينتهي إلى قيام الساعة وأما التفسير فقد استقر وعلم من جهة المفردات والمعاني وأسباب النزول وغير ذلك من الأمور هذه أهم الفروق . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : لو أخذناها بخلاصة ؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : والخلاصة أن أهم الفروق: أولا : من ناحية اللغة . ثانيا :من ناحية التعريف الاصطلاحي , لأن العلماء لم يعرفوهما تعريف واحد أبدا . ثالثا : أن الاستنباط يحتاج إلى مشقة وجهد أما التفسير فلا يحتاج . ورابعا :أن الاستنباط مستمر إلى قيام الساعة أما التفسير فقد استقر وانتهى ويمكن أن نضيف فرقا خامسا وهو : أن التفسير المصطلح عليه عند العلماء خاص بالقرآن فإذا وجدت كتاب كتاب التفسير يقصد به تفسير القرآن لكن الاستنباط يعمل به مع القرآن ومع الحديث ومع أقوال الأئمة ونصوصهم ويعمل به الآن مع القوانين يقال يستنبط من المادة الفلانية كذا وكذا فالاستنباط ينجر على غير القرآن فيعمل به مع القرآن ومع غيره هذه أهم الفروق . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : نطرح الآن لماذا نركز الحديث حول منهج الاستنباط من القرآن الكريم ؟ إذ أن الاستنباط ليس هو التفسير فهذا أمر واضح تماما ولكن هل لكل واحد أن يستنبط من القرآن الكريم ؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : لاشك أن التعامل مع القرآن إذا قلنا التعامل مع التفسير يحتاج إلى شروط فمن باب أولى أن الذي يستنبط لابد أن يكون له شروط ,لأن التفسير مرحلة أولى لعملية الاستنباط . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : هل يمكن للإنسان أن ينظر ويتأمل في القرآن ؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : التدبر هذا أمر عادي أن يتدبر القرآن ويعمل بأوامر القرآن ونواهيه هذا لا شك أنه عام لجميع الناس . لكن لو لاحظت أن آية الاستنباط الواردة في سورة النساء جاءت بالحديث عن التدبر قال : أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً ثم قال : وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُمِنْهُمْ وهم فئة قليلة وليسوا أكثرية في الأمة ولذلك لابد من شروط تضبط الاستنباط لأن الحالات الفردية قد يصيب شخص في معنى مستنبط لكنه قد يخطئ في معاني أخر فإذا لم يضع الشروط التي تحدد الاستنباط صار لكل أحد أن يتلاعب بمعاني القرآن الكريم . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : ماهي ياتُرى هذه الشروط التي يشترط أن تكون في من يستنبط من القرآن الكريم ؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : أولى هذه الشروط : أن يعرف التفسير الصحيح للآية فلا يجوز لشخص أن يستنبط من القرآن إذا كان لايعرف التفسير. والآيات القرآنية على نوعين منها آيات ظاهرة وهذه لاتحتاج إلى معرفة تفسيرها لأن تفسيرها واضح مثل قوله تعالى : هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إلى آخر الآية لكن هناك آيات خفية تحتاج إلى مراجعة كتب التفسير. فإذاً معرفة التفسير أمر مهم للاستنباط . ولذلك أضرب مثل :كان على عهد الصحابة رضوان الله عليهم قرأ قدامة بن مظعون قوله تعالى : لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ لما قرأها قدامة رضي الله تعالى عنه هو من الصحابة ومن أهل التفسير ظن أن الآية للإباحة وأن من فعل هذه الأمور : اتقى وآمن وعمل صالحا وأحسن أنه ليس عليه بأس أن يأكل ويشرب مايراه فاستنبط من هذه الآية جواز شرب المسكر له لأنه من المؤمنين وممن آمن واتقى وعمل الصالحات وأحسن الذي نبه على الخطأ عمر ابن الخطاب وقد نص عمر على هذا السبب بذاته على التفسير قال له كما في الصحيح :إنك أخطأت التأويل يا قدامة والتأويل عند القدماء بمعنى التفسير فقد نبه عمر على أن الخطأ في التفسير قد قاد قدامة إلى الخطأ في الاستنباط . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : فهذا أثر واضح لزوم أن يكون المستنبط عنده القدرة على التفسير الصحيح أو لديه العلم بالتفسير الصحيح . الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : نعم والذي نبه على ذلك هو عمر ابن الخطاب في بداية الإسلام وهذا نص ظاهر لا يحتاج إلى تأويل كلامه فهذا شرط مهم وهو معرفة التفسير الصحيح . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : هل من شروط أخرى ؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : هناك شرط أيضاً مهم وهو صحة الاعتقاد و صحة الاعتقاد أهم مايشترط فيها أمران : الأمر الأول : سلامة القصد أي أن يكون من يتعامل مع القرآن قصده صحيحا يعني لما يأتي إلى القرآن الكريم يقرأ القرآن بقصد الهداية لا بقصد نصرة مذهب على مذهب , أو بقصد بث الشبهات لأن الذي يدخل في القرآن الكريم بهذا القصد القصد الصحيح يفتح الله عليه المعاني .ولذلك دائما أهل الهوى وأهل الضلال لا يصلون دائما إلى حقائق القرآن لأنهم قد دخلوا إلى القرآن بطريق غير صحيح . الأمر الثاني : المهم في صحة الاعتقاد هو :أن يكون سليما في مصادر التلقي المستنبط يكون يأخذ من المصادر الصحيحة للعقيدة يعني يقر أن القرآن يأخذ منه العقيدة ومن السنة ويقر بالعقيدة الصحيحة بالجملة أي لايبتدع مصدرا جديدا لأنه إذا ابتدع مصدراً جديداً فإنه سيأتي باستنباطات جديدة مثلا لو قال لنا شخص : أنا أضيف إلى مصادر التلقي عندي الإلهام والكشف فإذا أضاف الإلهام والكشف هنا فتح علينا باب جديد للاستنباط لايمكن أن نغلقه فإذا لم يقر أن هذا خطأ لايمكن أن تكون استنباطاته صحيحة وكذلك إذا حذف مصدرا معتبراً لو أن أحد الناس حذف السنة مثلا وقال أنا لا أقر بالسنة وأنا أؤمن بالقرآن فقط لأن القرآن يفسر بعضه بعضا ستصادم استنباطاته أحاديث صحيحة كثيرة فإذا لم يؤمن بهذه الأحاديث سيخرج استنباطات باطلة كثيرة وأذكر مثلا قوله تعالى: وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ هنا عدم صحة الاعتقاد عند المفسر قد تقوده إلى أنه يقول لا شفاعة في يوم القيامة لأنه يرد الأحاديث التي فيها الشفاعة فلا يأخذ بها وأيضا عندما يقرأ قوله تعالى : ( لَن تَرَانِي ) فيقول الله لن يراني يوم القيامة والأحاديث الصحيحة الواردة في الرؤية يردها فإذاً هنا صحة الاعتقاد مهمة جدا في مصادر التلقي ويجب أن يؤمن بهذه النصوص وأن يقبلها في تقرير عقيدته .وننبه هنا إلى أنه ليس المراد بأن كل من خالف في مسألة من مسائل الاعتقاد يرد كل ما عنده أوأن تحرق كتبه مثلا لا هذا لا يقول به عقل . لأن كتب العلماء القديمة وإن كان يوجد بها بعض الأخطاء من ناحية العقيدة إلا أن فيها فوائد كثيرة في غير العقيدة , في الفقه وفي السلوك واللغة وغير ذلك فهذا لايعني لو ركزنا على صحة مصادر التلقي وصحة القصد وإن اختلف بعض الناس مع مذهب أهل السنة والجماعة لكن يستفاد من كتبهم في غير هذا الباب. الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : هنا ذكرتم من الشروط أن يكون المستنبط يعرف التفسير الصحيح للآية , الأمر الآخر صحة الاعتقاد وذكرتم لهذا فرعين : سلامة القصد وأيضا أن يكون سليما في مصادر التلقي . هل هناك شروط أخرى ؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : نعم هناك شرط مهم وهو معرفة طرق الاستنباط لأن الطرق الصحيحة كما يقول الشاطبي فهي محصورة وأما طرق الضلال فهي كثيرة فلذلك لما يأتي الشخص ويتكلم في طرق الاستنباط هو يحدد الطرق الصحيحة وما عداها فهي طرق غير صحيحة ومسالك أهل الأهواء في الاستنباط كثيرة لكن أبرز الطرق التي يسلكها أولئك هي ثلاث مناهج : المنهج الأول : المنهج الحرفي يتعامل مع النصوص بحرفية مطلقة أي يتعامل مع النصوص بطريقة حرفية لا يتعمق في النصوص ولا يفهم العلل ولايجمع النصوص ولايؤلف بينها , ولايحمل العام على الخاص ولا المطلق على المقيد وإنما يأخذ كل نص مثل الخوارج يقولون لا تحكيم إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ لما قرؤا هذه الآية قالوا أنها تدل على أنه لا يجوز التحكيم في مسائل الدين ولو قرؤا آيات كثيرة في تحكيم الله يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ فإن الله ذكر في آيات أخر وهذا من حكم الله فهم لما تعاملوا مع النصوص بطريقة حرفية لم يهتدوا إلى المعنى الصحيح . كذلك المنهج الثاني الباطل : المنهج التأويلي و المنهج التأويلي الذي يؤول النصوص على غير مرادها يأتي إلى نص من القرآن الكريم ويؤوله على غير ما كانت تفهمه العرب فهذا منهج باطل وهو منهج منتشر كثيرا . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : طيب نضرب بمثال على التأويل الباطل . الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : التأويل مثلا لما يقرؤون قول الله في آية الكرسي اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يؤولون هذه الآية عن معناها الصحيح إلى معنى آخر يقولون : من ذل فعل مضارع , ذي يعني نفسه يشفع عند ربه . والآية أصلا مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ وهذا بعيد جدا فهذا تأويل باطل . وكذلك عندما يأتي شخص ويقول : " الخنس " في قوله تعالى : فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ يقول " الخنس " واردة في الإمام المهدي فمن أين أتوا بهذا المعنى ؟ ولذلك في هذه المناهج لا يوجد ضابط هو فقط يذكر الآية ثم يذكر معناها عنده بلا أي ضابط . المنهج الثالث الذي لايجب إتباعه هو المنهج الباطني وهو : أنهم يقولون أن لكل آية ظاهر وباطن أي أن الآية يقصد بها في الظاهر معنى ويقصد بها في الباطن معنى آخر , مثل :الحج يقصد به في الظاهر حج مكة وفي الباطن الحج إلى أئمتهم مثلا و " الخنس " يقصد بها في الظاهر النجوم وفي الباطن الإمام المهدي وهكذا كل شيء يقصد به في الظاهر كذا وفي الباطن كذا . وهذا المنهج لايوجد ما يقر هذا المنهج وإن ورد في بعض الأحاديث أن للقرآن ظاهرا وباطنا إلا أنه ليس المقصود به هذا الشيء وإنما المراد أن للآيات معاني ظاهرة ولها معاني باطنة . وأنا أضرب مثال في عدم معرفة الطرق الصحيحة مثلا قوله تعالى ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ هذا في أيوب قال بعض الصوفية : اركض برجلك يستنبط منها جواز الرقص .لما نأتي إلى هذه المعنى ما الرابط بين الآية وبين الرقص ؟ ولذلك ابن عقيل نقل عنه ابن الجوزي قال : أين الدلالة في رجل قد ابتلى وهو أيوب أمر بضرب الرجل لينبع الماء فيشفى , من أن ضرب الرجل فرحا ورقصا فلو جاز هذا لجاز أن نضرب الجماد كما في قصة موسى عندما ضرب الحجر أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فنحن نضرب الحجر اقتداء بموسى فهذا لا يقول به عاقل وقال ابن الجوزي وهذا احتجاج بارد لهؤلاء فإذا مثل هذه الاستنباطات الذي دعاهم إليها أنهم لا يعرفون الطرق الصحيحة . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : إذاً ماهي الطرق الصحيحة ياشيخ ؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : الطرق الصحيحة كثيرة جدا لكن أنا أذكر منها طبعا هناك طرق ذكرها أهل أصول الفقه الدلالات التي يذكرها أهل الأصول منها دلالة الإشارة ودلالة الاقتضاء ودلالة التضمن لكن أذكر دلالة مهمة جدا لايذكرها أهل أصول الفقه ويستطيع أي إنسان يقرأها أن يتعامل معها وهي " أسلوب القران " فالقرآن كلام الله له أسلوب خاص به وهذا الأسلوب يستنبط منه الفقهاء والمفسرون وغيرهم آدابا كثيرة والشاطبي في الموافقات عقد له فصلا وذكر أقوال كثيرة منها .مثال القرآن من أسلوبه أنه إذا ذكر قصة أو إذا ذكر أقوالا فإذا سكت عن قول أو عن قصة فمعناها أنها صحيحة أي أن القصة صحيحة وإذا ردها فمعناها أنها باطلة فسكوت القرآن وإقراره يدل على أن ذلك الأمر صحيح مثاله : في سورة الكهف الله يقول : سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ ثم قال وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ثم أكمل الآية ولم يرد على القول الثاني مما يدل على أنه صحيح فإذا القرآن له هذا المنهج فمعرفة أسلوب القرآن إذا عرف الإنسان هذه القاعدة فإذا جاءت في موضع آخر فإنه سيعرفها مثل مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ فهل كذبهم القرآن ؟ لا لم يكذبهم إذا كلامهم صحيح هذا هو سبب دخولهم النار وهكذا غيرها من القصص .كما أن من أسلوب القرآن أيضا أنه يكني في المواضع التي يستحيا منها مثال : كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ فهم بشر إذا أكلوا الطعام فإنهم يحتاجون إلى إخراجه لكن هذا لا يذكره القرآن فهو معروف بالضرورة وأيضا فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ ولم يذكر الحادثة التي وقعت من وجود القمل في الرأس وغير ذلك بل يذكر كلمة أذى , فهذا أسلوب جميل ورائع ينبغي للناس أن يقتدوا به . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : هذا أمر مهم حقيقة ياشيخ . هل هناك مواضع يمكن لطالب العلم وكل من أراد أن يرجع إلى أسلوب القرآن الكريم ويتعرف على هذه القواعد العامة في هذا الأسلوب يعني هل استنبط أحد من أهل العلم قواعد لهذا الأسلوب أو معالم لهذا الأسلوب ؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : من أقدم من تكلم على هذا الإمام الشاطبي في الموافقات ذكر فصلا في هذا الموضوع في الاستنباط بأسلوب القرآن وقد ذكر أن طريقة الاستنباط من هذا تعود إلى الاقتداء بأفعال الله فإن الله إذا فعل هذا الأمر ويكني ينبغي لنا أن نستفيد من هذا ونكني نحن في المواضع الاستحياء ومن المعاصرين الكثير ممن تكلم عن أسلوب القرآن هناك كتاب يعتبر موسوعة اسمه " دراسات في أسلوب القرآن " وكتب كثيرة تعنون باسم أسلوب القرآن توجد في المكتبات وفيها فوائد كثيرة . الدكتور / يوسف بن صالح العقيل : أنتم تتحدثون ياشيخ عن الشروط التي ينبغي للشخص أن يكون ملما بها حتى يكون من أهل الاستنباط ذكرت معرفة التفسير الصحيح وصحة الاعتقاد ومعرفة طرق الاستنباط قد ذكرتم مجموعة من الطرق هل هناك إضافة ؟ الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي : يبقى معنا شرط أخير وهو العلم باللغة العربية فالقرآن نزل بلغة العرب فلا يمكن أن يفهم القرآن بغير هذه اللغة وقد ذكر الأئمة اشتراط هذا الأمر وقد ذكر مجاهد :أنه لايحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في القرآن مالم يكن عالما بلغة العرب . لكن ليس المعنى أن الإنسان عندما يأتي إلى القرآن ويستنبط منه أن يكون عالما بجميع الموسوعات ليس هذا هو المراد لكن المراد أن يستطيع معرفة كلام العرب في هذه الآية أي يكون عنده أهلية ويستطيع فهم هذا الشيء ويصل إلى كتب المفردات وكتب المعاني ويستخرج المعنى وأنا أذكر مثال يدل على أهمية هذا الشرط يقول الله عزوجل : فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ كلام العرب الذي يقرأ كلام العرب يعرف أن المعنى انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى أو ثلاث أو رباع لكن الذي لا يفهم كلام العرب استنبط بعض الفرق جواز جمع هذه الأرقام أيجمع مثنى وثلاث تصبح خمس وأربع تصبح تسع وقالوا :يجوز أن يتزوج الإنسان بتسع حرائر لأننا نجمع وعادة العرب أنهم لايجمعون بهذه الطريقة وهذه الصيغة فوقعوا في الخطأ لعدم معرفتهم باللغة وكلام العرب وهناك أمثلة حتى في الاعتقاد في أدلة الوعيد التي استدل بها بعض الفرق على خلود العاصي في النار سبب ذلك أنهم لم يفهموا أن اختلاف الوعيد إحسان وهذه عادة العرب . شكر الله لكم فضيلة الشيخ فهد بن مبارك الوهبي على ما تفضلتم به في هذا الموضوع " منهج الاستنباط من القرآن الكريم " حيث تحدثتم حفظكم الله حول المقصود بالاستنباط ما معنى الاستنباط ، والفرق بين الاستنباط والتفسير واتضح لنا أن الاستنباط هو الكشف عن المعاني الخفية والتفسير هو معرفة دلالة اللفظ ومعناه أيضا ، بينتم الشروط الواجبة للمستنبط من كتاب الله وذكرتم من ذلك معرفة التفسير الصحيح وصحة الاعتقاد ، ومعرفة طرق الاستنباط ، وقد ذكرتم بعض الطرق الباطلة وبعض الطرق الصحيحة ، ثم أهمية المعرفة باللغة العربية لتكون مدخل من مداخل الاستنباط الحديث. حقيقة يحتاج إلى المزيد من الشرح والتوضيح لقضايا أخرى في الاستنباط كيف نعرف أن المستنبط صحيح أم غير صحيح كل هذا نؤجله إلى حلقة مقبلة بإذن الله لنحظى بلقاء آخر مع فضيلة الشيخ فهد بن مبارك الوهبي عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة ليتحدث عن هذا الموضوع شكر الله لكم يا شيخ فهد وجوزيتم عنا خيرا ، نلقاكم بإذن الله على خير وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . ختاما : فما كان من خير وصواب فمن الله ، وما كان من خطأ فمن أنفسنا والشيطان . &&& |
|
التعديل الأخير تم بواسطة ابن الورد ; 19 Nov 2011 الساعة 10:24 PM
|
| مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| الدعاء في القرآن الكريم | 3aicha | التوحيد ـ الإدارة العلمية والبحوث Monotheism - Scientific management and research | 4 | 30 Mar 2012 10:29 PM |
| الصحبة في القرآن الكريم!! | ابن اليمامة | منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum | 2 | 30 Jan 2012 01:13 PM |
| القرآن الكريم و الماء ( 2 ) | سيد صالح | منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum | 2 | 15 Apr 2007 01:38 AM |
![]()