28 Nov 2014, 01:05 AM
|
#2 |
|
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: كيف نرضى عن الله ؟ " للأستاذة أناهيد السميرى "
نبدأ بأخطر الأسباب على الإطلاق التي تسبب عدم الرضا عن الله (الهوى) .. ما هو الهوى ؟عبد، ضعيف، عقله ناقص، يرى أن تقديره واختياره للأمور خير مِن اختيار الملك العظيم كامل الصفات وتقديره، مثلاً: أريد أن أزوّج ابني فلانة ثم نذهب إلى فلانة وترفضنا، أو يحصل أن يصلهم خبر فيترددون، فانظر إلى مشاعري وقتما يتردّدون أو يرفضون، أشعر أن اختياري وأن هذه البنت هي التي تصلح، وأن غيرها لا يصلح، وأشعر أن هذا الاختيار -اختياري أنا- خير من اختيار الملك الذي صَرَفَ عني هذه البنت. ضربت مثل الخطوبة لأن غالبنا يتفق على أن أي أحد ينصرف فهذا خير، فعلى هذا قِس كل شيء. فإذا كنت مؤمنًا أن انصراف هذه البنت من حياة ولدك خير وبركة، وبما أننا لم نتّفق فأكيد أنه خير، وربي هو الذي يختار قبولك بمثل هذا، يسبّب الرضا عن الله، فاختيار الله خير من اختياري فهذا المقياس ما دُمْت راضِ عنه وتشعر أنك اخترت فصَرَفَ الله اختيارك ثم اختار غيره لك، ضَعْ هذه قاعدة وقس عليها كل الحياة: كل شيء تختاره ويوافق هواك، لما يُصرف عنك، أو تنصرف عنه - بيت، زوج، أموال، تجارة، كل شيء، صغير الأمر أو كبيره- يكون اختيار الله عز وجل خيرًا من اختيارك. ![]() ما الذي يجعلك تسخط ؟تشعر أن عدم وجود الأمر الذي تريده سيسبّب لك كدرًا، سيسبّب لك نقصًا في الحياة. تصوّر المطر لما أتى على شخص عنده فرح في مكان مكشوف، ما هي مشاعره ؟ كم يكره هذا المطر! هذه هي مشاعر الجالس في الموقف. أنت تظنّ أن هذا مجرد حَدَث يجب أن ينزل علينا، فأنا حددت زواج ابني أو ابنتي في هذا اليوم وجاء المطر، فتتصور أن مجرد مصادفة أن يأتي المطر مع هذا الزواج في المكان المكشوف، وإذا أراد الناس أن يطبطبوا عليك يقولون لك: هذا حظك، المنحوس منحوس! إلى آخر ما يقال ! فهل تظن أن عبثًا يحصل في أقدار الملك العظيم ؟! والله ليس عبثًا. قد تقول: يجب أن تجيبني، ماذا يمكن أن تكون الحكمة من نزول مطر على أناس عندهم فرح؟! نقول: والله لا أجيب، وهل يستطيع العبد الضعيف الناقص العقل والتفكير والإحاطة بشؤونه فضلاً عن شؤون الخلق أن يجيب على هذا السؤال؟! مهما قلت فهو كلام في الهواء، لا تستطيع إدراك أبعاد الحكمة ، وكم أحياك سنين وأنت عنه ساخط، ثم أراك كمال حكمته ، كم مرة دعونا في سنين كثيرة ثم لما نضجنا حمدناه وحده لا شريك له أن لم يستجب دعاءنا لأننا كانت لدينا اختيارات فاسدة، كانت ستفسد حياتنا، لولا أنه -سبحانه وتعالى- شملنا برحمته لكان قضى علينا دعاؤنا، لكن هذا من معاملة خلقه بالرحمة. ![]() أنت ترى أن هواك يحقق لك المصالح، ترى أن هواك يوصلك للمراد، أنت معظم للهوى، لهوى نفسك ورغباتك، لما تراه من عقلك صواب وحكمة، ترى اختيارك الذي يوافق هواك هو الصواب، فلما عظـُم الهوى -أي الشيء الذي أريده- وأتت أفعال الحكيم العليم تخالف الهوى، بسبب عظمة الهوى في نفسك ، التفتّ إلى العظيم -سبحانه وتعالى- فلم ترضَ عنه؛ لأن هواك هو المعظَّم عندك، فأصبحت أول طرق الرضا عن الله : معرفة أنك عبد ضعيف، ما تهواه قد يكون سببًا لهلاكك وأنت لا تدري.![]() في أحد مناطق المملكة -كما أتت الأخبار في الأسابيع الماضية- طفلة كانت تلعب في السيل ثم جرّها -أسأل الله أن يرحمها ويجبر قلب أهلها والمسلمين أجمعين- لما كانت تلعب في السيل -سواء بموافقة أهلها أو عدم موافقتهم إنما أضرب هذا كمثال- أليس اللعب في السيل موافقًا لهواها ؟ فانظر ماذا فعل الهوى ؟ ذهب بها ! فصوّر نفسك دائمًا بهذه الصورة: الذي على هواي كأن شخصًا يلعب في سيل، فإذا تركناك على هواك جرفك السيل، وإذا منعناك مِن اللعب في السيل حفظناك حتى وأنت تكره أن نمنعك! أي أن هواك يدفعك لأن تغامر بنفسك، بقلبك، بإيمانك، يجعلك تبيع جنات النعيم بعرض من الدنيا! قد تقول: "لكن هواي ليس بهذه الدرجة، هواي أن يجتمع أهلي مثلاً في هذا المكان ثم أتى المطر وما اجتمعوا، هواي أن أشتري كذا وما اشتريت، ليست مسألة مخالفة للشريعة" نقول: لابأس، الحكيم أعلم بقلبك، الحكيم أعلم بما يسبّب لك الصلاح في الدنيا والآخرة، كم من اجتماعات كانت سببًا لافتراقٍ عظيم، وكم من لقاءات كانت سببًا لإعراض جسيم، فلا تفكر بهذه الصورة، لا تظنّ أنك أحكم من العليم الحكيم. كلما عرضت الأمور على هواك ووجدت أنه يوافقها وأردتها وجمعت قلبك عليها فقدّر الحكيم أن لا تكون لك، كن راضيًا عمّن يصرّف الأمور؛ لأننا دائمًا نحسب الحسابات على قدر عقولنا الضعيفة ، فلو أتيت أسمّع لك جدول الضرب: ماهو آخر رقم تعرف تضرب فيه ؟ كل شخص على قدر ثقافته، وأحيانا يكون لنا في العلم الكثير، لكن بسبب الآلات الحاسبة نسينا الموضوع، فأبعد حساباتي أني أعرف لو ضربت هذا بهذا ماذا ستكون النتيجة، أبعد الحسابات توصلني لرابع أو خامس أو عاشر شخص لي علاقة به، لكن هل توصلك لمصالحك الكاملة ؟ الجواب: لا. نحن حساباتنا ضيقة، ودائمًا عمياء من زاوية، هناك شيء لابد أنك لا تراه، فكم من إنسان مسؤول ومشغول معتنٍ بالأمانة التي عُلّقت في عنقه -وهذه مواقف حقيقة يحكيها أهلها- تكون مسؤولة في التعليم وتهتم ثم تنسى ابنتها في المدرسة ! لماذا ؟ لأنني حتى أفكر في المصالح ما عندي إلا قدرة محدودة فأحيانا أنسى مصالح عظيمة بسبب أني لا أستطيع التفكير إلا بمحدودية في المصالح، فكونك ترفض هواك يبدأ من صغير الأمور قبل كبيرها. ![]() كيف نرضى عن الله؟لا تجعل الهوى مصدر رضاك. الهوى أحد البلايا، ما تحبه وتهواه أحد البلايا التي تعيشها، فاعلم أن جعلك الهوى ورغبتك وما تريده مصدر رضاك عن الله يعني أنك لن ترضى أبدًا، وستوافق أولئك القوم الذين وُصفوا بالنفاق، ذاك الذي ((إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ)) أحد مقاييس الإيمان والنفاق : أن المؤمن راضٍ عن ربه دائمًا، والمنافق متذبذب، وقتما يُعطى شيئًا على هواه يرضى، ووقتما لا يُعطى لا يرضى! أي أنه يشكر ربنا وقتما يعطيه، وإذا ما أعطاه يقول: دائما أدعُ ربي ولا يستجِب لي، تقولون أن ربنا سميع وبصير وقريب وأنا ما أرى ذلك! يُنكر حتى قُربه وسمعه وبصره! لأنه ما رأى أثره -في تصوّره-. والشهر الماضي والذي قبله والذي قبله ؟ كل هذه شواهد في حياتك تُنسى مادام هواي الآن لم يُحقق! فأول عدو للرضا عن الله هو الهوى، وسبب تمكن الهوى من الخلق: أنهم يرون الكمال لعقولهم، فأكون مرتّبًا للمسألة ترتيبًا معيّنًا، في ترتيبي أن هذا الطريق يوصل للصواب، فلما ينقلب الترتيب أظن أني لا أصل إلا إلى فساد، في مقابل أنك لو أحسنت الظن بالله وقلت: "الله -عز وجل- أعلم بمقصدي ومرادي، وهو الذي يسبّب الأسباب للوصول إلى مرادي" فسلّم له الأمر، ولهذا ستجد في النقاش حول الرضا لابد أن يدخل الكلام حول التوكل وهو قلب التوحيد، التوكل قلب التوحيد النابض. إذا كان التوحيد له قلب فقلبه التوكل، وإذا التوكل قلب فسويداؤه الثقة بالله. كيف تتوكل على الله؟ لما تعرفه فتثق به. ![]() لما تحرّر مسألة الهوى تذكر قصة موسى -عليه السلام- مع الرجل الصالح وانظر إلى المواقف الثلاث، ما الهوى في السفينة ؟ أن تبقى سليمة . أتدري أن خُرقًا في سفينة يُرقع بأيسر الأمور سبب لسلامتها ؟ لكن عقلك يقول: كيف؟ كيف تخرقها وتقول أن هذا سبب السلامة؟ ومثله: كيف يُقال لأم موسى: {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} ؟ ما سويداء هذا التوكل؟ الثقة به -سبحانه وتعالى-، أن تكون شخصًا مليئًا بالثقة بالله. من أين تأتي الثقة؟ من المعرفة. تعرف وتثق، فلما تثق ستقرأ الحدث بلغة واضحة. مشكلتنا أننا نقرأ الأحداث بلغات ضعيفة! هذه الأحداث التي تدور حولك مكتوبة بلغة خاصة، كيف تفكها؟ بالعلم عن الله، والثقة به. فلما تقرأ حدثًا وتكون على ثقة تامة بالله لا بد أن تقرأه بأسلوب صحيح، لا بد أن تقول: وراء هذا الحدث الغير المفهوم أو الذي لا يوافق الهوى ما يرضيني ويرفعني، وكم مِن خلق تراهم ضعفاء في قيامهم وصيامهم لكنهم منطوون على قلوب راضية عن الله، وهذا الرضا هو الذي يسبّب لهم أعالي الدرجات، ليس بسبب كثرة الصيام والقيام، لكن بقوة اليقين والثقة بالله، وهذه فوارق لا يشعر بها كثير من المستقيمين، كثير مِن الناس يقيسون الاستقامة بمقدار العمل، لا يعرفون أن هناك كثيرون في الزوايا والبيوت موجودون، منازلهم في الجنة عالية بمقدار ما في قلوبهم مِن رضا عنه -سبحانه وتعالى-. فكلما أتى أمر على خلاف الهوى رضّوا أنفسهم أن الذي اختاره هو الحكيم العليم كامل الصفات واختياره خير من اختياري، ولو رأيت هذا جيّدًا سترى كثيرًا من الأمراض النفسية تذهب؛ لأن القوم الآن يصيبهم التردّد مثلاً، وهذا أحد الإشكالات، أني كلما أردت أن أقدم على خطوة أتردد وأقلق وأبقى قبل الحدث بأسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع في حالة اضطراب شديد، مع أنك لو أحسنت معرفة الله وتوكلت عليه ووثقت به، لنمت قرير العين، استخرته وكنت هادئًا بعيدًا عن التردّد وحالات الاكتئاب أيضًا تأتي من عدم الثقة بأن المستقبل بيد الله، وأنّ المُلك مُلك الله، فهذا كله يسبّب لك أن ترى أحداث تحدث في الحاضر فتقول: إذا كان هذا أولها فمعروف تاليها، إذا اليوم الناس متخرجين من الجامعات وما عندهم وظائف فغدًا سيكون كذا كذا، وتتكلم عن المستقبل. كل هذا له سبب واحد: أنّ هواك هو حكمك في السخط و الرضا. ![]() فكيف تعالج الهوى ؟ هل تعالجه بأن لا تهوى ؟ لا، ستهوى، هذا طبعك، لابد أن تهوى و تتمنى وترجو وتحب، لكن لا تجعل هواك حكمًا على أفعاله -سبحانه وتعالى-، ![]() أهوى هُنا أي: (أحب، وأرجو، وأتمنى) أتمنى أن أتخرج من كلية كذا، أتمنى أن ألتحق بكذا، أن أسكت في بيت كذا، وأحيانا تجتمع هذه الأماني وتكبر، فنجمع المال لنشتري بيت أو أرض أو شقة، فأذهب وأجدها بيعت، فأمام هذا الموقف يحصل انهيار نفسي "أنا دائمًا حظي كذا!" أو تبيع أرضك قبل أن تغلى الأرض بقليل، فتبيعها بمبلغ زهيد، و الذي بَعدك يبيعها بمبلغ عالٍ، فتكاد تنقطع حسرة، لا، ليس هذا ما يُتحسر عليه ! كان هواك أن تكسب هذا المبلغ، لكن لا تدري لو دخل عليك هذا المبلغ كم سيفسدك، كم سيقطّع أرحامنا، كم من بيوت وأموال قطعت الأرحام، كم من إخوان كانوا مجتمعين فلما دخل عليهم المال قطع قلوبهم. المقصد: اختياره خير من اختياري.![]() أنا أهوى هذا الأمر، أتمناه، لا أحد يقول لك لا تهوى، لكن لما تهوى ويأتي قدر الله -عز وجل- مخالف لما تهواه، مباشرة يكون عندك مشاعر أن الذي قضى هو الأحكم الأعلم، الذي قدّر هو الملك العظيم، الذي أخذ هو الذي يعطي في كل حين. ما الذي يسخطنا؟ هوى نريده، وأحداثًا وأقدارًا تأتي خلاف ما نريده، فهذّب هواك، تمنّى لا بأس،لكن لما يأتي الأمر على خلاف أمنيتك، لا تكن ضعيفا، يجب أن تكون مشحونًا، إذا أتى فالحمد لله، عسى الله أن يكتب فيما أتمنى ما أريده، وإذا لم يأتِ فاختيار العليم الحكيم خير من اختياري. المشكلة الأكبر لو أتى: كم من أمنية تمنيتها وأتتك ابتلاء ؟ كم أمنية تمنيناها فقلت: "والله لو تزوجت رجلا صالحًا سأفعل وأفعل"، وتتزوج المرأة رجلاً صالحًا فتفسد عليه صلاحه! ياما شهدنا نساءً كُنّ سببًا في إفساد الزوج الصالح، أو بالعكس. كم من الأماني حُققت لك فكانت بلاء عليك ثم اعلم أن هذا أحد الابتلاءات في الحياة: أن يرجو الإنسان ويلح ويلح فيعطيه الله اختبارًا له، وهذه مسألة أخرى تحتاج إلى نقاش آخر؛ لأنه لما يأتيك ما هو على هواك ندخل في زاوية أخرى من الأخطار إذن أول علة تسبب عدم الرضا عن الله: (هوانا).هوانا وهوى أبناءنا مستحكم فينا، يريدون هذا السفر أو المكان، ولما لا يأتي على ما يريدون تجده ساخطًا وهم ساخطون! فلا يستحكم فيك الهوى، تمنّى وارجُ وخذ بأسبابه لكن اختيار الله خير من اختيارك.![]() يُتبع ............
|
![]() بالقرآن نرتقي
|
| مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]()