| الرسل والأنبياء في القرآن والسنة ـ دراسات وأبحاث . الإدارة العلمية والبحوث The prophets and apostle عليهم صلوات ربى وسلامه |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||
|
||||||||
|
موسى كليم الله 1-2
القصة نسيج لحدث يحكي عبرة، ويوصل فكرة وقد حث القرآن عليه قال تعالى (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(الأعراف: 176) وأحسن القصص ما قصه القرآن في كتابه قال تعالى (نحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) (يوسف: 3) فقصص القرآن حق لا يعتريه الزيغ ولا الكذب قال تعالى (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) (آل عمران: 62) ولقد قص علينا القرآن حكاية أمم غابرة يذكرنا بحالهم ومآلهم قال تعالى (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) (طـه: 99) فذكرنا بأحوال قرى آمنت وأخرى عتت عن أمر ربها قال تعالى (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا) (الأعراف: 101) وأردف القرآن بقصص للأنبياء لا غنى للذاكرة عنها فذكرها وأعرض عن أخرى قال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) وقصص الأنبياء في القرآن عبر وحكم يستنير بها الضال ويسترشد بها الحائر قال تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف: 111) فشأن القصة تثبيت الأفئدة وعظة من حكم الزمان مع الإنسان قال تعالى (وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (هود: 120)، وسوف نعيش في رحاب القرآن نسترشد بقصصه ونتعظ بعبره ونستفيد من أحكامه فننال من الله تعالى السداد والقبول. تبدأ الأحداث المتعلقة بقصة موسى عليه السلام، قبل مولده، حيث بلغ الطغيان والظلم في فرعون أوجه، فادعى الألوهية واستعبد بني إسرائيل، يظلمهم ويعذبهم ويستخدمهم في أصعب المهن وأرذلها، فأراد الله تعالى أن ينصر الضعفاء ويمحق الظالم، ويخرج البشرية من الظلمات إلى النور، فبدأ الأمر بإنذار من الله تعالى وتوعد للظالم، وذلك برؤيا رآها فرعون في منامه، بأن ناراً أقبلت من جهة بيت المقدس، أحرقت دور الأقباط وأبقت على بني إسرائيل، فجمع من أجل هذه الرؤيا، السحرة والكهنة، وأخبرهم عمّا رآه، فذكروا له أن ذلك مرتبط ببشارة عند بني إسرائيل، أنه يولد منهم ولد يكون هلاك ملك الأقباط على يديه. اتخذ فرعون قراراً ظالما أرعن، يُضم إلى الجرائم التي أجرمها بحق بني إسرائيل، وحق المصريين أنفسهم، حيث استخفهم فأطاعوه، واستعبدهم فقبلوه، فأمر بقتل كل مولود ذكر يولد من بني إسرائيل، معتقداً بذلك أنه يحمي نفسه من تلك الرؤيا التي رأى هلاكه فيها، ثم إن بعض أتباعه وزبانيته اشتكى من أن هذا القرار، سيتسبب بعد فترة في فناء الشباب من بني إسرائيل، وتقليل أعدادهم، وبالتالي لن يكون هناك من يقوم بالأعمال الشاقة، فأصدر فرعون تخفيفاً للحكم بأن يقتل المواليد الذكور في سنة، ويتركون في السنة التي تليها. ولادة موسى ولد هارون عليه السلام «أخو موسى» في سنة الإعفاء، أما موسى عليه السلام، فشاء الله أن يكون ميلاده تحدياً لفرعون، ولأحكامه، ولبيان أن إرادة الله وقدره فوق كل حُكم وإرادة، ولا ينفع حذر من قدر، وأن من مأمنه يؤتى الحذر، فولد موسى في السنة التي كان يحكم فيها على المواليد فيها بالموت. جاء جنود فرعون ليقتلوا الولد الرضيع، فأوحى الله تعالى إلى أم موسى وحي إلهام، أن تلقيه في اليم، مع وعد منه تعالى بأن يرده إليها، فوضعته في تابوت وألقته، وطلبت من أخته أن تتتبع مسيره، وشاء الله تعالى أن يحمله اليم إلى قصر فرعون، تحدياً من الله تعالى، بأن ما تخاف منه يا فرعون، سيتربى في دارك وأنت من سيحرص عليه. وصول التابوت وصل التابوت إلى قصر فرعون، فحمله الخدم إلى سيدة القصر، ووقع حب هذا الطفل في قلبها، فأخذته إلى فرعون الذي ما إن رآه وعرف أنه من بني إسرائيل، حتى أمر بقتله، لكن الزوجة شفعت له بعد أن أكمل الله تعالى لها فطنتها، وسألته أن يبقيه، ويتبنوه، ويكون كما يريدونه إذا تربى بينهم، ففعل فرعون ذلك كارهاً له. ويُذكر أن موسى عليه السلام أخذ مرة بلحية فرعون وجرها، فغضب فرعون لذلك وخاف، فأمر بقتله، لكن زوجته آسيا اعتذرت له كونه ما زال صغيراً لا يدرك حركاته وتصرفاته، لكن فرعون لم يقتنع بأنه غير مدرك، فطلب إحضار جمر وتمر ليختبر موسى عليه السلام، فإذا اختار التمر قتله، وإذا اختار الجمر فإنه سيتأكد بأنه لا يعقل، فما كان من موسى إلا أن مد يده ليأخذ التمر، فدفع جبريل عليه السلام يده تجاه الجمر، فأصابته حرارته، فبكى عليه السلام، فقالت له آسيا: إنه لا يفرق بين جمرة وتمرة، فاطمأن فرعون لذلك، وهكذا حماية الله تعالى لأوليائه وأصفيائه. حزن الأم أما أمه عليه السلام، فقد وقعت في غم كبير وحزن شديد، لأن ابنها وصل إلى قبضة من يحاول قتله، وكادت تذهب وتحاول استرجاعه من القصر، إلا أن الله تعالى ربط على قلبها، وصبرت لوعد الله تعالى الذي وعد الصابرين بالأجر العظيم، وتفريج الكرب، وبين أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً. وما لبث الحزن في قلب أم موسى حتى تلقت بشارة رجوع ولدها إليها، حيث إن الله تعالى حرم على موسى المراضع، فلم يكن يرضى بأي حليب أو صدر امرأة لترضعه، فذهب به خدم فرعون يبحثون له عمّن ترضعه، فقالت أخته لهم، وهي تتصنع عدم معرفة هذا الطفل؛ هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون، وأشارت إلى أمه، فلما أحضروه إليها وأرضعته، فرح خدم القصر بذلك، وجعلوا لها راتباً مقابل هذه الرضاعة. موسى والقبطي كبر موسى وترعرع بين كنفي أمه، وفي قصر فرعون حتى بلغ أشده وأصبح شاباً يافعاً، ووقعت في شبابه حوادث كثيرة من أبرزها أنه رأى رجلاً من بني إسرائيل يضربه أحد الأقباط الذين هم قوم فرعون، فاستنجد الإسرائيلي بموسى، فجاء ودفع القبطي يريد أن يبعده، إلا أن هذه الدفعة تسببت في قتله، وانتشر في البلاد خبر مقتل القبطي، إلا أنه لم يعرف من قتله، وأصبح موسى عليه السلام يمشي وهو خائف، يخشى أن يبطشوا به إذا علموا أنه هو القاتل. وفي اليوم التالي رأى موسى عليه السلام الإسرائيلي الذي أنقذه يتعارك مع قبطي آخر، ويستنجد بموسى عليه السلام، فغضب موسى عليه السلام من كثرة ما يوقع هذا الإسرائيلي نفسه في المشكلات، وقال له إنك لغوي مبين، ثم جاء ليساعده، لكن الإسرائيلي بعد أن سمع تلك الكلمات من موسى عليه السلام، ظن أنه سيأتي ويكون مع القبطي ضده، فخاف وقال لموسى على مسمع من الجميع: «أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس إن تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين». مقتل القبطي هنا علم الجميع أن موسى عليه السلام هو من قتل ذلك القبطي، وانتشر الخبر في كل البلاد، ووصل إلى فرعون، وأراد قوم فرعون الانتقام من موسى وقتله، جراء قتله القبطي، وقبل أن يصلوا إليه، جاء إليه رجل ناصح من آل فرعون، وبين له أن القوم يأتمرون به ليقتلوه، ونصحه بالهرب من مصر، علَّه ينجو من بطش قوم فرعون. وبالفعل هرب موسى خائفاً، طالباً من الله تعالى المغفرة عمَّا فعل، وسائلاً إياه أن يهديه ويوفقه للخير، وهو يعلم أن العبد إذا أخطأ، فإن الله تعالى يقبل التوبة من عباده، ويفرح بعبده إذا رجع وأناب إليه، فوصل عليه السلام إلى بلاد مدين هارباً من قوم فرعون في مصر لتبدأ معه سلسلة جديدة من حياته. ومدين هي منطقة كانت لقبيلة من العرب الموجودين في شمال غرب الجزيرة العربية، وبالتحديد تقع بالقرب من مدينة البدع التابعة لمنطقة تبوك الواقعة شمال غرب المملكة العربية السعودية. قصته على البئر لما وصل إلى بئر مدين وجد عليها جمعاً من الرجال يسقون أغنامهم، ووجد امرأتين تتأخران عنهم، وتمنعان غنمهما من الاختلاط مع الغنم الأخرى، فسألهما عن سبب تأخرهما عن سقي الأغنام، فذكرتا له عدم قدرتهما على السقي؛ لأنهما لا تريدان مخالطة الرجال، وأبوهما شيخ كبير لا يستطيع أن يرعى الأغنام، فتنتظران فراغ الرعاة من السقي فتأخذان فضل سقي الرعاة، فذهب موسى عليه السلام فزاحم الرعاة وسقى لهما، وقيل إنه أزاح صخرة كبيرة من على البئر يحملها في العادة عشرة رجال، فسقى لهما، ولم يطلب منهما أجراً أو معروفاً جزاء ذلك، بل جلس تحت ظل شجرة وطلب الأجر من الله تعالى فدعا ربه بقوله: «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير». في بيت الشقيقتين بعد سقي الماشية؛ عادت الشقيقتان إلى أبيهما سريعاً، وذكرتا له أن هناك رجلاً غريباً كان على المورد، وهو من سقى لهما، فطلب الأب من إحدى ابنتيه أن تدعو ذلك الرجل ليجزيه أجر السقيا، ويكافئه عليها، فذهب موسى معها يسير أمامها مخافة أن يتكشف منها شيء أو أن ينظر إلى ما لا يحل له، وكانت تدله على الطريق من خلفه بالحصى برمي الحصى باتجاه المسير. وصل موسى إلى بيت الشيخ الصالح وذكر له ما كان من أمره مع فرعون ومَلَئه، فطمأنه الشيخ وقال له: «لا تخف نجوت من القوم الظالمين»، ثم إن إحدى بناته أشارت إليه أن يستأجره، لما رأت من قوته وأمانته وعفته وشهامته، فعرض الشيخ على موسى عليه السلام، أن يزوجه إحدى ابنتيه مقابل أن يكون أجيره لثماني أو عشر سنوات، وقد فعل موسى ذلك فأحسن إلى هذا الشيخ، وأكمل معه تلك السنوات. بعد ذلك أراد موسى عليه السلام، أن يرجع إلى أمه وأهله فأخذ بزوجته، وسار عائداً إلى مصر، وفي طريق العودة وقعت له حادثة عظيمة، غيرّت مجرى حياته وكان لها الأثر الأكبر في علاقته مع بني إسرائيل وفرعون وقومه، سنتعرف إليها في سياق الجزء الثاني من القصة، يتبع إن شاء الله.
![]() بالقرآن نرتقي
|
09 Aug 2014, 04:43 AM
|
#2 |
|
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: موسى كليم الله 1-2
القصة نسيج لحدث يحكي عبرة، ويوصل فكرة وقد حث القرآن عليه قال تعالى (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(الأعراف: 176) وأحسن القصص ما قصه القرآن في كتابه قال تعالى (نحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) (يوسف: 3) فقصص القرآن حق لا يعتريه الزيغ ولا الكذب قال تعالى (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) (آل عمران: 62) ولقد قص علينا القرآن حكاية أمم غابرة يذكرنا بحالهم ومآلهم قال تعالى (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) (طـه: 99) فذكرنا بأحوال قرى آمنت وأخرى عتت عن أمر ربها قال تعالى (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا) (الأعراف: 101) وأردف القرآن بقصص للأنبياء لا غنى للذاكرة عنها فذكرها وأعرض عن أخرى قال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) وقصص الأنبياء في القرآن عبر وحكم يستنير بها الضال ويسترشد بها الحائر قال تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف: 111) فشأن القصة تثبيت الأفئدة وعظة من حكم الزمان مع الإنسان قال تعالى (وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (هود: 120).
وسوف نعيش في رحاب القرآن نسترشد بقصصه ونتعظ بعبره ونستفيد من أحكامه فننال من الله تعالى السداد والقبول. تحدثنا في قصة سيدنا موسى أمس عن الأحداث التي سبقت وتلت ولادته، والأمور العجيبة التي مر بها مع فرعون، ووصلنا إلى ما كان من أمره مع فتاتي مدين وانقضاء أجل العمل بينه وبين أبيهما، ونكمل اليوم سيرته العطرة، ونتحدث عن نبوته، ومواجهاته مع «الطاغية». بعد إتمام موسى عليه السلام عشر سنوات في مدين، وانقضاء الأجل بينه وبين الشيخ الصالح والد الشقيتين، وصل الاشتياق به لأمه وإخوته مبلغه، فقرر الرجوع إلى مصر، وسار بزوجته وأمواله نحوها، واثناء مسيره ليلا قرب وادٍ يقال له طوى، تاه وضل طريقه، قبل أن يرى نارا مشتعلة في جبل، فطلب من أهله أن يمكثوا ليقتبس لهم من تلك النار، فيتدفؤوا بها، ولعله يجد من يدله على الطريق، ولما وصل إليها، وجدها تشتعل في شجرة تقع طرف الوادي، وكانت لتلك النار خاصية عجيبة، إذ كلما زاد اشتعالها زاد اخضرارها، ولما اقترب منها ناداه الله وقال له: (إني أنا الله رب العالمين)، وأمره بخلع نعليه احتراما للوادي المقدس الذي حل فيه، ثم كلفه بالرسالة، ورفعه إلى مرتبة الاصطفاء، وجعله كليمه، ومن أولي العزم من الرسل، وقال له رب العزة: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي). بعد هذا الاصطفاء والتكليف، علّم الله موسى أمور الدين والعبادة، وامره بالقيام عليها، ومنّ عليه بمعجزات خارقة تمهيدا لأمر عظيم سيكلفه به لاحقا، منها تحويل عصاه الى ثعبان، وادخال يده تحت ابطه فتخرج بيضاء من غير برص، وأرشده أنه إذا خاف من شيء أثناء الدعوة فليضمم يديه إلى جنبيه فيذهب عنه الخوف، ثم كلفه بالرسالة، والذهاب إلى فرعون ليدعوه بالرفق إلى الإسلام، لكنه خاف عليه السلام، وسأل الله أن يُذهب عنه صعوبة الكلام التي يعانيها جراء الجمرة التي أحرقت لسانه عندما كان صغيرا في بيت فرعون، كما سأله أن يشرك أخاه هارون في النبوة والرسالة، ليكون معينا له فاستجاب الله له. دعوة في القصر وحين وصل موسى بصحبة هارون إلى قصر فرعون، ودخلا ليدعواه للتوحيد والتوقف عن إيذاء بني إسرائيل، استنكر تلك الدعوة، وغضب، وسألهما مستهزئا: (وما رب العالمين)؟ قال له موسى: (أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ) فقال فرعون: (فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فألقى عصاه فإذا هي ثعبان عظيم، ووضع يده تحت إبطه فخرجت بيضاء من غير سوء، فرفض فرعون الحق، وعميت بصيرته، وخاف أن يؤثر فعل موسى على من حوله، فقال لهم: (إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) فطلبوا منه أن يقيم تحديا بين موسى والسحرة في يوم العيد، لكي يكون الناس شهودا على ما سيحدث، فوافق عليه السلام. وبالفعل جاء السحرة من كل مكان، فأنذرهم موسى من عاقبة إغوائهم للناس، فخافوا أن يكون نبيا حقيقيا، لكنهم اجمعوا على التحدي، وألقوا حبالهم وعصيهم، وسحروا أعين الحاضرين بمن فيهم موسى الذي دخل الخوف قلبه، فأوحى الله اليه أن لا يخف، وان يلقي عصاه، فتحولت إلى حية عظيمة تأكل حباله وعصيهم، عندها أيقن السحرة أن هذا الأمر معجزة، وسجدوا إيمانا وتصديقا وقالوا: (آمنا برب هارون وموسى)، فغضب فرعون لهذا الايمان والتصديق، وعذبهم حتى الموت بعد ان رفضوا اتِّباعه. اشتد البلاء على بني إسرائيل، وبدأ فرعون بقتلهم، ويقول: (ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد)، فيما راح موسى يدعو عليه وعلى قومه بهلاك الأموال ومحق البركة، فجاءته الاستجابة، فطُمس على أموالهم حتى قيل انها تحولت إلى حجارة، وجاءهم القحط والفقر والجفاف، وصار فرعون يرسل إلى موسى يخبره أنه لو رُفع البلاءُ فإنهم سيؤمنون، فكشف الله عنهم البلاء، لكن فرعون نقض عهده، ولم يفِ بوعده، فابتلاهم الله بنقص الثمار، ثم بالطوفان، وصارت السماء تمطر ضفادع، وتحول نهر النيل إلى دم لقوم فرعون، وإن أخذه قوم موسى تحوّل الى ماء، وفي كل مرة ينزل البلاء يذهبون إلى موسى ويعدونه بأنه لو كشف العذاب عنهم فإنهم سيؤمنون وسيسمحون لبني إسرائيل بالخروج، ثم يغير فرعون رأيه وينكث. الخروج من مصر بعد هذا البلاء أمر الله تعالى موسى أن يخرج ببني إسرائيل من مصر، فخرج متخفيا بظلمة الليل مع 500 ألف شخص منهم، وما أن طلع الصباح ووجد فرعون مصر خالية ممن كانوا على خدمته، خاف على زوال رخائه، وجهز الجيوش، وخرج لاحقا بهم، وأدركهم عند طرف البحر الأحمر، حينها أحسّ بنو إسرائيل أن الهلاك قادم لا محالة، فالبحر من أمامهم، وفرعون وجيشه من خلفهم، لكن موسى عليه السلام ثبتهم، وأوحى الله اليه أن يضرب البحر بعصاه، فانشق وارتفع من الجانبين، حتى صار كالجبلين، وشُقت بينهما طريق ممهدة لنجاتهم، فلحق بهم فرعون وجنوده، ولما تجاوز موسى ومن معه البحر، انطبق جبلا الماء على بعضهما البعض، فأُغرقوا، بمن فيهم فرعون الذي قال حينها(آمنت أنه لا اله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين) ثم أمر الله تعالى البحر أن يقذف بجسد فرعون ليشهد الجميع على هلاكه.بعد هلاك فرعون، سار موسى واصحابه متوجهين إلى فلسطين، بأمر من الله ليستوطنها، ويخلصها من الحكام الجبابرة، وفي الطريق رأوا أناسا يعبدون الأصنام، وطلبوا منه عليه السلام أن يجعل لهم إلاها ليعبدوه، فوبخهم لرغبتهم في الضلال، وحثهم على الإيمان بالله، وعندما اقترب من فلسطين أخبر عليه السلام بني إسرائيل بأمر الله بدخول تلك البلاد، ومحاربة الجبابرة، وذكَّرهم بالوعد بالنصر، وكان على يقين بأنهم سيطيعونه، لكنهم رفضوا، وقالوا: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون)، فعاقبهم الله تعالى على هذا الجحود بأن حرمهم من دخول فلسطين، وجعلهم في صحراء التيه 40 سنة. وأثناء تيههم، ذهب موسى إلى ناحية الجبل بأمر الله، لينزِّل عليه التوراة والأحكام الربانية، وعَهِدهم الى أخيه هارون، لكنهم ضلُّوا في غيابه على يد رجل يقال له السامري، الذي جمع الحلي والذهب وأذابها، وصنع منها عجلا، ثم نثر عليه من تراب عجيب تدب فيه الحياة، كان قد وجده لما انشق البحر أثناء هربهم من فرعون، وهو أثر حافر فرس جبريل عليه السلام، وما إن نثره السامري على العجل، حتى صار يخرج خوارا، وقال لهم هذا إله موسى، ففرحوا به وعبدوه. نزول التوراة بعد اعتكاف موسى أربعين يوما في الجبل كلمه الله، وأنزل عليه التوراة، وزاد اشتياقه لخالقه، وطلب منه أن يكشف له الحجاب كي يراه، لكن الله بين له أنه لن يستطيع تحمل تجليه سبحانه، وضرب له مثلا حينما تجلى للجبل فتصدع وانهار، فأغمي على موسى من هول المنظر، ولما أفاق استغفر الله، قبل أن يرجع إلى قومه، ويجدهم وقد بدلوا دينهم، وكفروا بالله وعبدوا عجلا، فلام عليه السلام أخاه هارون على تركه لهم على الشرك، ولماذا لم يلحق به ويخبره عما كان من أمرهم، ثم جاء إلى قومه يدعوهم، ويبين لهم أوامر الله، فاعترفوا بذنوبهم، واحرقوا العجل، فكان الحكم من الله بأن يقتل بعضهم بعضا، لتقبل توبتهم، فنزلت سحابة لتغطيهم، وأخذوا يتقاتلون، الى ان دعا موسى ربه برفع هذا البلاء، فعُفي عنهم بعد أن قُتل منهم الكثير. كما كفأهم الله بأن أنزل عليهم المن، وهو طعام أشبه بالحلوى، ورزقهم السلوى وهو طائر السمان ليأكلوه، وأمر جل جلاله موسى أن يضرب بعصاه الحجارة فنبعت منها الماء، ورغم هذه النعم الا ان بني اسرائيل جحدوا بها، وطلبوا من موسى أن يدعو الله بأن ينبت لهم الثوم والعدس والبصل والقثاء بدلا من المن والسلوى، فوبخهم على انكارهم للنعم، وقال: (اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم) ثم اختار عليه السلام 70 رجلاً من علماء بني إسرائيل ليستغفروا لهم، وذهبوا مع موسى إلى الطور، فلما جاءهم بالأوامر من عند الله تعالى (قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) فأخذتهم صاعقة العذاب، ثم دعا موسى ربه واستغفر لهم فغفر الله لهم وأعادهم إلى الحياة. موت موسى لما رجع موسى إلى بني إسرائيل ومعه التوراة وأحكامها، رفضوها، وادعوا المشقة، فأمر الله الملائكة أن ترفع الجبل وتجعله فوق رؤوسهم، وقيل لهم إما أن تقبلوها أو يسقط عليكم الجبل فقبلوا، وأُمروا بالسجود فسجدوا، وأخذوا ينظرون إلى الجبل بشق وجوههم فصارت هذه سنة فيهم. بقي موسى مع قومه إلى أن أدركه الموت قبل أن يكتب الله خروجهم من التيه، فقُبض عليه السلام، ودفن في قبر جانب الطريق المؤدي إلى بيت المقدس، عند الكثيب الأحمر كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم. |
![]() بالقرآن نرتقي
|
09 Aug 2014, 10:07 AM
|
#3 |
|
وسام الشرف - قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله خيرا
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: موسى كليم الله 1-2
جزاك الله كل خير |
•
أريد أن أتوب .. ولكن .. !!
• هنيئا لك أخي المسلم هذه الثمرات ! • شرح الصدور .. بما لا ينفع الأموات بالقبور .
|
09 Aug 2014, 02:22 PM
|
#4 |
|
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: موسى كليم الله 1-2
|
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،، فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨ فهذا هو الخير ،،، 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87 🦋🍃
|
09 Aug 2014, 05:00 PM
|
#5 |
|
باحث جزاه الله تعالى خيرا
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: موسى كليم الله 1-2
جزاكي الله خير اختي الفاضلة
|
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ» الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - خلاصة حكم المحدث: صحيح فلاتحرمونا دعائكم
|
12 Aug 2014, 01:38 AM
|
#6 |
|
باحث فضي
![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: موسى كليم الله 1-2
قيم جدا جزاك الله خيرا
عندي استفسار لو تكرمتي وأخذوا ينظرون إلى الجبل بشق وجوههم فصارت هذه سنة فيهم. كيف أصبحت سنة فيهم ? |
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]()