السحر وخطورته على الفرد والمجتمع

ما هو السبب الذي يدعو بعض الناس إلى الالتجاء للسحرة واستعمال السحر ؟

ضعف الإخلاص لله رب العالمين، ضعف الإخلاص والتوحيد والإيمان بالله رب العالمين يحمل نفوس بعض الناس على الحسد أو على الاعتداء والإيذاء للناس، فيرى غيره في حال طيبة فيحسده، أو يريد أن يوقع به الضرر يظن أن هذا التصرف يشفي غليله، ويوقع في من عاداه الضرر، ولا يعلم أنه هو الذي أضر بنفسه، فبعض الناس لجهلهم يذهبون إلى السحرة حتى يقع التفريق بين الرجل وبين زوجته؛ لأنهم لا يحبون هذه الزوجة مثلاً، وهذا من عدم الرضا بقضاء الله وقدره، فالمؤمن على خلاف هذا .

أيضاً من الأسباب بعض الناس عندهم جهل عظيم يظن أن السحر فيه مخرج من بعض المآزق التي مرت به، فربما يظن أن بسلوكه مسالك السحرة يحصل على المال، أو بسلوكه مسالك السحرة يحصل على بعض المناصب أو على بعض الأماكن، كل هذا يدل على عمق الجهل وضعف الإيمان وضعف التوحيد، وربما تكون هناك أسباب أخرى، ومنها: جهل بعض الناس حيث يظنون أنه يجوز أن يحل السحر بسحر مثله فيذهبون للسحرة، ولعلنا نخصص جزءًا من الحديث عن هذا الموضوع في هذه الحلقة لأهميته .

بعد بيان خطورة السحر، ولعله قد وقع في النفس شيء من المهابة، نطلب الآن سبل الوقاية من شر السحر والسحرة ؟

نعم، الوقاية خير من العلاج، والوقاية ولله الحمد متيسرة لكل مسلم ومسلمة، أول شيء ننصح به إخواننا المسلمين أن يحققوا معنى شهادة أن لا إله إلا الله هذا هو أصل الدين وأساسه، فإذا حقق المسلم لا إله إلا الله وعلم معناها، وأنه لا معبود حق إلا الله، وعبد الله حق عبادته، وتبرأ من عبادة غيره وكفر بها هذا هو تحقيق التوحيد والإخلاص، إذا امتلأ القلب بالإخلاص والتوحيد فإن الله يحميه { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } ، وقال تعالى : { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون }، وقال الله جل وعلا عن يونس { فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين } فالمؤمن نجاته بالإخلاص لله وتوحيده .

الأمر الثاني : اتباع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والسير على منهاجه، واقتفاء آثاره { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً }، اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الهدى، اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو النجاة، قال عن الفرق الضالة : (( كلها في النار إلا واحدة _يعني تنجو_ قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : من كان مثل ما أنا عليه وأصحابي )) رواه الترمذي برقم (2641) .
فكن يا أخي المسلم ويا أختي المسلمة كونا جميعاً على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله تعالى عنهم فهذا من أسباب الوقاية، ولهذا هؤلاء أولياء الله الذين أخلصوا لله وآمنوا به واتبعوا سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال الله عنهم : { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } يحفظهم الله ويهيئ لهم من الأسباب ما يصرف عنهم به الشرور والآفات، والولي ليس دعوى تقال، الولي إنما هو المؤمن التقي، فمن كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً .

الأمر الثالث : أن يحرص المسلم على الأذكار الشرعية والتعوذات التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلمها أصحابه ويعلمها المسلمين.
ومن ذلك أن يأتي المسلم بأذكار الصباح والمساء، ومنها: قوله فيما علمنا صلى الله عليه وآله وسلم أن نقول: (( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق )) رواه مسلم برقم (54) وكان يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما فيقول صلى الله عليه وآله وسلم : (( أعوذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة )) رواه البخاري برقم (3371) ، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما يلج في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق إلا طارق يطرق بخير يا رحمن )) رواه أحمد برقم (15461) ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (( بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم )) رواه أبوداود برقم (5088)، والترمذي برقم (3388)، وابن ماجه برقم (3869) ، ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم تصديقاً لما قاله أحد الشياطين لأبي هريرة : (( إذا قرأت آية الكرسي لايزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح )) فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( صدقك وهو كذوب )) رواه البخاري برقم (2311) فآية الكرسي تحفظ المؤمن وتمنع عنه قرب الشياطين، لكن على المؤمن أن يتلو هذه الأذكار وهو مستحضر بقلبه معانيها، ولا يكون ممن يهذها هذاً وقلبه لاهٍ غافل ساهٍ عن إدراك هذه المعاني، ومن ذلك أيضاً قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين في الصباح وفي المساء .

فكل هذه من الأسباب التي تقي بإذن الله وتحفظ المؤمن من شر هؤلاء السحرة، نسأل الله جل وعلا أن يحفظنا بالإسلام قائمين، وأن يحفظنا بالإسلام قاعدين، وأن يحفظنا بالإسلام راقدين، وأن لا يشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين، وهذا من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً .

مع هذه الأسباب والوقاية، ربما يبتلى العبد ويصاب بالسحر وإن كان هو ممن قام بهذه الأسباب . فإذا وقع السحر على المسلم كيف يتخلص منه ؟ ما هي الطرق الصحيحة في التخلص من هذا السحر وعلاجه ؟

نعم هذا البلاء إذا وقع على المؤمن عليه أولاً أن يعلم أن هذا بقضاء الله وقدره، فيرضى بما قسم الله وبما قدر، ويعلم أن الله حكيم عليم، ويتذكر قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( من يرد الله به خيراً يصب منه )) رواه مسلم برقم (252) رواه أحمد برقم (15461) يعني يبتليه، فإذا أصيب بهذا الشيء فليرضَ بما قسم الله وليدافعه بما شرع الله ، ومثل ما تفضلت أخي عبدالرحمن في الطرق الصحيحة يبحث عن الطرق الصحيحة، ما يبحث عن الطرق الفاسدة، ما يبحث عن الطرق الملتوية، يبحث عن الشيء الواضح في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتدبر معي أخي المستمع أختي المستمعة تدبروا معي، استمعوا لهذا النداء { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون } استمع أخي الكريم استمعي أختي الكريمة إلى هذه الآية الكريمة { أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض ءإله مع الله قليلاً ما تذكرون } فتوجه إلى الله بصدق، وادع الله بيقين وبضرورة، لا تقل لغيرك ادع لي، أنت المضطر وغيرك غير مضطر، أنت الذي وقعت في هذا الأمر أو ابنك أو قريبك فالجأ إلى الله، وأبشر بالخير، وأبشر بقرب الفرج، وإن حصل ما حصل عليك فإن هذا –أعني الابتلاء- بالسحر أو بغيره مما قدر الله وقضى، رضينا بالله رباً، رضينا بالله رباً، رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبياً .

الأمر الثاني : أخي الكريم الرقية الشرعية: قراءة الفاتحة، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي سعيد الخدري : (( وما أدراك أنها رقية )) رواه البخاري برقم (5736)، ومسلم برقم (65) يعني هي رقية وسماها صلى الله عليه وآله وسلم سورة الشفاء، فهي سورة عظيمة اقرأها في الصباح سبع مرات بعد صلاة الفجر لترقي به نفسك، واقرأها قبل الغروب سبع مرات كما ورد في سنن الترمذي رقم الحديث (3063) : أن أبا سعيد قرأها سبع مرات على ذلك الملدوغ ونفث عليه، يجمع ريقه في السبع وينفث عليه مرة واحدة، والأمر واسع في جمع الريق سواءً كل ما تقرأ بعد مرة تجمع أو تجمع السبع جميعاً ثم تنفث مرة واحدة، الأمر في هذا واسع ولا تحجير على أي من الصفتين .

أيضاً آية الكرسي آية عظيمة، كذلك سورة البقرة جاء فيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( ولا تستطيعها البطلة )) رواه مسلم برقم (252) . قال العلماء : البطلة هم السحرة، يعني أن هذه السورة العظيمة سورة البقرة لا يمكن للسحرة مهما كانوا ومهما كان عددهم أن يقاوموها، قد يقول بعض الناس : أنا قرأتها ولكن لم أرَ شيئاً، نقول : اصبر واقرأ بيقين وتدبر وخشوع وخضوع واصبر ولا تستعجل فإن الفرج قريب بإذن الله جل وعلا

أيضاً سورة الإخلاص والمعوذتين لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ هذه الثلاث الإخلاص والمعوذتين وينفث في يديه ويمسح بهما سائر جسده رواه البخاري برقم (4439) .

كذلك آيات السحر التي في سورة الأعراف قال الله : { وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون }. كذلك آيات السحر في سورة يونس وهي قوله تعالى : { وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون }. كذلك آيات السحر في سورة طه ونحو ذلك من الآيات العظيمة، فالقرآن كله مبارك وكله عظيم وكله نافع بإذن الله . الحمد لله الذي أنزل علينا هذا الكتاب، الحمد لله الذي منّ علينا بالقرآن، الحمد لله الذي أكرمنا بهذا الدين العظيم، فأغنانا عن كل ما سواه، الحمد لله على هذه النعمة حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه .

الأمر الثاني من العلاج يا أيها الإخوة الكرام هو الأدعية التي جاءت في سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فجبريل رقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان في رقيته يقول : (( بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك يكررها ثلاثاً )) رواه ابن ماجه برقم (3523). كذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم في رقية المريض : (( اللهم رب الناس اذهب الباس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً )) رواه البخاري برقم (5675)، ومسلم برقم (46) . ونحو ذلك من الأدعية الواردة في سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إذ كلها توكل على الله وذكر لأسماء الله، وتوسل بصفاته الجليلة العظيمة، ليس فيه توسلات بدعية ولا خرافية، ولا دعاء لغير الله، فليعلم المؤمن هذا وليتشبث به .

كذلك مما ورد أيضاً من علاج السحر أنه إذا تعرّف على السحر أو رآه مثل أن يرى في بيته، في زاوية من الزوايا أو في إحدى الحفر يرى مثلاً شعراً مربوطاً أو يرى كتابات غريبة أو دبابيس مدبسة على ورق، من أنفع ما يكون أن يبطل السحر فيأخذ هذه الأوراق أو هذا الشعر أو هذا الشيء المعقود أو المربوط يأخذه فيفكه ويقرأ عليه القرآن، ما يحتاج أن يأتي بشيخ وينتظر شيخ أو يأتي بأحد، أنت بنفسك مزقه قطعه وأتلفه إتلافاً جيداً مع ذكر الله والتوكل على الله، وقد يرى الإنسان رؤيا يكرمه الله فيستدل بها على موضع السحر وليس هذا بلازم، لا يلزم أن يكون الإنسان يرى رؤيا، لكن إذا يسر الله وتعرف على مكان السحر فإنه يتلفه، كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما رأى رؤيا، وعرف أن السحر مشط مشاطة ملقى في بئر ذروان، حتى أمر بالبئر فنزحت وجدوا الماء في نقاعة الحنا أحمر شديد الحمرة من شدة السحر رواه ابن ماجه برقم (3545) .

أيضاً من الأشياء التي تنفع بإذن الله هو أن يستعمل الحجامة، فالحجامة دواء مشروع جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الثناء عليه .

كذلك أيضاً العجوة تمر العجوة تمر مبارك وهو من تمر المدينة معروف وموجود ومتوفر، وهذا كما قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( من اصطبح كل يوم تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل )) رواه البخاري برقم (5768)، ومسلم برقم (155). وفي لفظ : (( سبع تمرات )) فهذا ورد الحديث في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم .

كذلك ماء زمزم ماء مبارك، وزيت الزيتون، والعسل، والحبة السوداء فكل هذا من الأمور التي جاءت في الشريعة الثناء عليها وبيان بركتها .

كذلك ذكر أهل العلم للرجل إذا حبس عن جماع زوجته أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها حتى تكون ناعمة يدقها بحجر أو يطحنها ويجعلها في إناء ويصب عليه الماء، ويكون الماء بمقدار ما يكفيه للغسل، ويقرأ في هذا الماء الذي فيه السدر يقرأ آية الكرسي وسورة الكافرون والإخلاص والمعوذتين ويقرأ آية السحر التي سبق ذكرها في سورة الأعراف ويونس وطه، ويكرر هذا ثلاث مرات، ثم إذا نفث في هذا الماء فإنه يشرب منه ثلاث حثيات ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الداء . يقول شيخنا عبدالعزيز بن باز رحمة الله عليه يقول : أمرنا بهذا كثيراً من إخواننا فنفعهم الله به وعافاهم، وهذا من فضل الله .

هذه بعض الأمور التي بها التخلص من هذه الآفة وهذا البلاء، نسأل الله أن يعافينا وسائر إخواننا المسلمين .

يعمد بعض الناس إلى حل السحر وعلاج السحر بسحر مثله فهل هذا جائز ؟

لا شك أن علاج السحر بسحر مثله هو من اللجوء إلى الشياطين وإلى الكفرة والسحرة، وهذا لم يرخص فيه الشرع ولم يأذن به الله ، ولم يأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع مسيس الحاجة إليه فدل على أنه محرم وباطل، بل هو سبب لنشر السحرة وتكثيرهم، فهذا يسحر وذاك يعالج، فالناس إذا قيل لهم : هذا جائز سوف يستكثرون من وجود السحرة ويبحثون عن أرقام هواتفهم ويسافرون إليهم، وهل هذا مما جاءت به الشريعة ؟! كلا والله، بل هذا مما حاربته الشريعة، وأمرت بقتل السحرة، وإفنائهم وإهلاكهم بالقتل حداً بالسيف حتى ينقطع شرهم، أما أن يقال يحل السحر بسحر مثله ولو كان للضرورة فهذا كلام خطأ ممن قاله، ومخالف للشرع الله ومخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وليس مع هؤلاء الذين يقولون بهذا القول أي دليل، إنما معهم فلان قال كذا أو فلان قال كذا غلط، ولا يعارض الكتاب والسنة بأقوال الرجال، والمؤمنون والمسلمون في كل أنحاء العالم يجب عليهم أن يعلموا أن كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا أحد يتعقبهم، { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً }، فإذا نسب إلى بعض الناس أو بعض العلماء هذا الخطأ فلا يجوز اتباعهم عليه، ولا يجوز موافقتهم على هذا الخطأ، بل يجب نصحهم، وبيان خطئهم وتحذير الناس من متابعتهم في هذا الخطأ والله تعالى أعلم.

استكمالاً لمباحث هذا الموضوع من حصل ووقع منه السحر هل له توبة، الساحر هل له توبة ؟

نعم هذه المسألة لها شقان الأول : فيما بين العبد وبين ربه، فكل ساحر على وجه الأرض إذا تاب توبة نصوحاً وأقبل على الله وأناب فإن الله يقبل توبته، ويجعله من الصالحين، كما حصل لسحرة فرعون .

لكن فيما يتعلق بالشق الآخر من هذا السؤال وهو فيما يظهر للناس، فالمسلمون في بلاد الإسلام لا يعلمون صدق الساحر، قد يقول : أنا تبت وهو كاذب، ولهذا ذكر العلماء أن الساحر والزنديق وهو من تتكرر ردته لا تقبل لهم توبة، يعني في الظاهر، أما فيما بينه وبين الله فأمرهم إلى الله ، من تاب تاب الله عليه، لا أحد يحجر التوبة عن أحد من المخلوقين، هذا باب لا يغلق، إلا إذا بلغت الروح الحلقوم أو طلعت الشمس من مغربها، لكن فيما يظهر للناس وفيما يتعامل به ولاة الأمر والمسئولون يقول العلماء : إن الساحر يكثر منه الكذب فلهذا يجب قتله حتى ولو أظهر التوبة، فإن كان صادقاً فالله يغفر له ويموت على الإسلام والإيمان، وإن كان كاذباً فالحمد لله الذي خلصنا وخلص المسلمين من شره، فالراجح من أقوال أهل العلم أن الساحر لا تقبل له توبة في الظاهر، والله تعالى أعلم .

مما شاع وذاع ما يسمى بالأطباء الشعبيين، وربما بعضهم تلبّس بالطب الشعبي وهو في الحقيقة مشعوذ أو ساحر، فما هو الموقف الصحيح من هؤلاء؟ بما يوجه المسلم تجاه هؤلاء الذين يسمون بالأطباء الشعبيين ؟

نعم هذه مصيبة وهي أن السحرة يتحايلون على الناس فيظهرون للناس مظهر الطب الشعبي، أو يظهرون أنهم شيوخ، ولهذا سمعت أن بعض السحرة ربما يقرأ الفاتحة لكن لا ينتبه المريض أنه قد يخطئ فيها أو يلحن متعمداً لأنهم يحبون تحريف القرآن، فالسحرة والكهنة والعرافين يجب على المسلم أن يميزهم ويعرفهم، فالطب الشعبي طب بالأعشاب المعروفة المجربة يتناول ويشرب، وقد جرب وعرفه الناس، أما الساحر فإن سمى نفسه طبيباً شعبياً فيجب أن نعرفه، له علامات قد يسألك يقول لك : ما اسم أمك، يسأل عن اسم الأم، أو يقول : أعطني الغترة أو الطاقية أو أعطني الفنيلة أو أعطني السروال لك أو منديل لك تستعمله، أو يكتب طلاسم أو يتكلم بكلام غير مفهوم أو يعطيك حجاباً مغلقاً ويقول لك : لا تفتحه، أو يأمرك بدفن أوراق في التراب، أو يخبر يقول : أنت اسمك كذا وأنت ما علمته باسمك، يقول : اسمك كذا وأنت عندك خمسة أولاد أو أربعة أولاد وأنت عندك زوجة اسمها كذا وكذا، ونحو ذلك، هذا ساحر، أو يكتب مسدسات ومربعات وجداول ونحو ذلك، هذه كلها علامات على أنه ساحر، وعلى أنه كاهن وعراف وكاذب ومفتر على الله، ليس طبيباً ولا شيخاً فيجب على المسلم أن يفرق بين أهل العلم والتقوى والدين وبين السحرة والكذابين وإن تلبسوا واختفوا خصوصاً في بلاد التوحيد والسنة فإنهم يخافون من قطع رؤوسهم والقبض عليهم لأن وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية جزاهم الله عنا خير الجزاء قامت بواجبها خير قيام، جزاهم الله عنا خيراً، ويضربون بيد من حديد على هؤلاء السحرة، وإذا قبضوا عليهم عوقبوا أشد العقوبة، فلهذا يختفون، يتهرب ويتلون ويكذب، فيجب على عامة الناس هنا أن يعرفوهم، وأن يحذروا ممن تلبس بالطب وهو كذاب أو ساحر أو كاهن، وفق الله الجميع لكل خير وحفظنا وإياكم وسائر المسلمين من هذه الشرور والآفات.