اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


﴿ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ الٓمٓ ﴿١﴾ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴿٣﴾ وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴿٤﴾ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴿٥﴾ البقرة .

روى الإمام مسلم عن أبي أمامة الباهلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقرَؤوا القُرآنَ؛ فإنَّه يَأتي شَفيعًا يومَ القيامةِ لصاحبِه، اقرَؤوا الزَّهراوَينِ: البَقرةَ وآلَ عِمرانَ؛ فإنَّهما يَأتِيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غَيايتانِ، أو كأنَّهما غَمامتانِ، أو كأنَّهما فِرقانِ مِن طَيرٍ صَوافَّ يُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤوا سورةَ البَقرةِ؛ فإنَّ أخذَها بَركةٌ، وتَركَها حَسرةٌ، ولا تَستطيعُها البَطَلةُ ) .


           :: الكعبة (آخر رد :عائد لله)       :: الحجامة فضلها وفوائدها . (آخر رد :المكي)       :: افضل ايام الحجامة . (آخر رد :المكي)       :: سورة يس (آخر رد :طالبة علم شرعي)       :: "وأشرقت الأرض بنور ربها" تلاوة رائعة بصوت الطفلة بشرى . (آخر رد :ابن الورد)       :: حلم الدموع (آخر رد :hoor)       :: كحل الإثمد ، تعريفه ، ومصدره ، وفوائده ، وضوابط استعماله للنساء والرجال (آخر رد :المكي)       :: الحشد المليوني على الحدود وساعة الصفر تقترب من جزيرة العرب (آخر رد :ابن الورد)       :: طالبان والرايات السود / ظهور المهدي في جيش المشرق / خراسان (آخر رد :ابن الورد)       :: السرطان ليس مرض . (آخر رد :المكي)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 13 Dec 2012, 10:59 PM
طالب علم
باحث علمي ـ جزاه الله خيرا
طالب علم غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 2783
 تاريخ التسجيل : May 2008
 فترة الأقامة : 6376 يوم
 أخر زيارة : 09 Aug 2024 (06:43 PM)
 المشاركات : 2,582 [ + ]
 التقييم : 11
 معدل التقييم : طالب علم is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
سبب كره إبليس لأدم وذريته وشرارة حقده وحربه ( 1 ) .



بسم الله الرحمن الرحيم
( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ( سورة البقرة آية 34 ) ) .

التحليل الموضوعي :
وَهَذِهِ كَرَامَةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِآدَمَ امْتَنَّ بِهَا عَلَى ذُرِّيَّتِهِ ، حَيْثُ أَخْبَرَ أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ . وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَحَادِيثُ - أَيْضًا - كَثِيرَةٌ مِنْهَا حَدِيثُ الشَّفَاعَةِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَحَدِيثُ مُوسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ : رَبِّ ، أَرِنِي آدَمَ الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ بِهِ قَالَ : أَنْتَ آدَمُ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ . قَالَ . . . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا سَيَأْتِي .

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عِمَارَةَ ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ إِبْلِيسُ مِنْ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ : الْجِنُّ ، خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ ، مِنْ بَيْنِ الْمَلَائِكَةِ ، وَكَانَ اسْمُهُ الْحَارِثُ ، وَكَانَ خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّةِ ، قَالَ : وَخُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ مِنْ نُورٍ غَيْرَ هَذَا الْحَيِّ ، قَالَ : وَخُلِقَتِ الْجِنُّ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ، [ وَهُوَ لِسَانُ النَّارِ الَّذِي يَكُونُ فِي طَرَفِهَا إِذَا لُهِّبَتْ قَالَ : وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ طِينٍ ] . فَأَوَّلُ مَنْ سَكَنَ الْأَرْضَ الْجِنُّ فَأَفْسَدُوا فِيهَا وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ ، وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا . قَالَ : فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ إِبْلِيسَ فِي جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ - وَهُمْ هَذَا الْحَيُّ الَّذِي يُقَالُ لَهُمُ : الْجِنُّ - فَقَتَلَهُمْ إِبْلِيسُ وَمَنْ مَعَهُ ، حَتَّى أَلْحَقَهُمْ بِجَزَائِرِ الْبُحُورِ وَأَطْرَافِ الْجِبَالِ ، فَلَمَّا فَعَلَ إِبْلِيسُ ذَلِكَ اغْتَرَّ فِي نَفْسِهِ ، فَقَالَ : قَدْ صَنَعْتُ شَيْئًا لَمْ يَصْنَعْهُ أَحَدٌ . قَالَ : فَاطَّلَعَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ ، وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُ : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مُجِيبِينَ لَهُ : ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ) كَمَا أَفْسَدَتِ الْجِنُّ وَسَفَكَتِ الدِّمَاءَ ، وَإِنَّمَا بَعَثْتَنَا عَلَيْهِمْ لِذَلِكَ ؟ فَقَالَ : ( إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) يَقُولُ : إِنِّي قَدِ اطَّلَعْتُ مِنْ قَلْبِ إِبْلِيسَ عَلَى مَا لَمْ تَطَّلِعُوا عَلَيْهِ مِنْ كِبْرِهِ وَاغْتِرَارِهِ ، قَالَ : ثُمَّ أَمَرَ بِتُرْبَةِ آدَمَ فَرُفِعَتْ ، فَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ - وَاللَّازِبُ : اللَّزِجُ الصَّلْبُ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ مُنْتِنٍ ، وَإِنَّمَا كَانَ حَمَأً مَسْنُونًا بَعْدَ التُّرَابِ . فَخَلَقَ مِنْهُ آدَمَ بِيَدِهِ ، قَالَ : فَمَكَثَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً جَسَدًا مُلْقًى . فَكَانَ إِبْلِيسُ يَأْتِيهِ فَيَضْرِبُهُ بِرِجْلِهِ ، فَيُصَلْصِلُ ، أَيْ فَيُصَوِّتُ . قَالَ : فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : ( مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ) [ الرَّحْمَنِ : 14 ] ) يَقُولُ : كَالشَّيْءِ الْمُنْفَرِجِ الَّذِي لَيْسَ [ ص: 228 ] بِمُصْمَتٍ . قَالَ : ثُمَّ يَدْخُلُ فِي فِيهِ وَيَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ ، وَيَدْخُلُ مِنْ دُبُرِهِ ، وَيَخْرُجُ مِنْ فِيهِ . ثُمَّ يَقُولُ : لَسْتَ شَيْئًا - لِلصَّلْصَلَةِ - وَلِشَيْءٍ مَا خُلِقْتَ ، وَلَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْكَ لَأُهْلِكَنَّكَ ، وَلَئِنْ سُلِّطْتَ عَلَيَّ لِأَعْصِيَنَّكَ . قَالَ : فَلَمَّا نَفَخَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ، أَتَتِ النَّفْخَةُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ، فَجَعْلَ لَا يَجْرِي شَيْءٌ مِنْهَا فِي جَسَدِهِ إِلَّا صَارَ لَحْمًا وَدَمًا ، فَلَمَّا انْتَهَتِ النَّفْخَةُ إِلَى سُرَّتِهِ نَظَرَ إِلَى جَسَدِهِ فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ جَسَدِهِ ، فَذَهَبَ لِيَنْهَضَ فَلَمْ يَقْدِرْ ، فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا ) قَالَ : ضَجِرٌ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى سَرَّاءَ وَلَا ضَرَّاءَ . قَالَ : فَلَمَّا تَمَّتِ النَّفْخَةُ فِي جَسَدِهِ عَطَسَ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - بِإِلْهَامِ اللَّهِ - فَقَالَ [ اللَّهُ ] لَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمَ . قَالَ ثُمَّ قَالَ [ اللَّهُ ] تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْلِيسَ خَاصَّةً دُونَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي السَّمَاوَاتِ : اسْجُدُوا لِآدَمَ . فَسَجَدُوا كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ ، لِمَا كَانَ حَدَّثَ نَفْسَهُ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاغْتِرَارِ . فَقَالَ : لَا أَسْجُدُ لَهُ ، وَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ وَأَكْبَرُ سِنًّا وَأَقْوَى خَلْقًا ، خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ . يَقُولُ : إِنَّ النَّارَ أَقْوَى مِنَ الطِّينِ . قَالَ : فَلَمَّا أَبَى إِبْلِيسُ أَنْ يَسْجُدَ أَبْلَسَهُ اللَّهُ ، أَيْ : آيَسَهُ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ ، وَجَعَلَهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا عُقُوبَةً لِمَعْصِيَتِهِ ، ثُمَّ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ، وَهِيَ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ الَّتِي يَتَعَارَفُ بِهَا النَّاسُ : إِنْسَانٌ وَدَابَّةٌ وَأَرْضٌ وَسَهْلٌ وَبَحْرٌ وَجَبَلٌ وَحِمَارٌ ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمَمِ وَغَيْرِهَا . ثُمَّ عَرَضَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ عَلَى أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةِ ، يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْلِيسَ ، الَّذِينَ خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ ، وَقَالَ لَهُمْ : ( أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ ) يَقُولُ : أَخْبِرُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ ( إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لِمَ أَجْعَلُ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً . قَالَ : فَلَمَّا عَلِمَتِ الْمَلَائِكَةُ مَوْجِدَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَكَلَّمُوا بِهِ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ ، الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ ، الَّذِي لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ قَالُوا : سُبْحَانَكَ ، تَنْزِيهًا لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ يَعْلَمُ الْغَيْبَ غَيْرَهُ ، وَتُبْنَا إِلَيْكَ ( لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ) تَبَرِّيًا مِنْهُمْ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ ، إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا كَمَا عَلَّمْتَ آدَمَ ، فَقَالَ : ( يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ )يَقُولُ : أَخْبِرْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ( فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ ) [ يَقُولُ : أَخْبَرَهُمْ ] ( بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ ) أَيُّهَا الْمَلَائِكَةُ خَاصَّةً ( إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )وَلَا يَعْلَمُ غَيْرِي ( وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ ) يَقُولُ : مَا تُظْهِرُونَ ( وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) يَقُولُ : أَعْلَمُ السِّرَّ كَمَا أَعْلَمُ الْعَلَانِيَةَ ، يَعْنِي : مَا كَتَمَ إِبْلِيسُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاغْتِرَارِ .

هَذَا سِيَاقٌ غَرِيبٌ ، وَفِيهِ أَشْيَاءُ فِيهَا نَظَرٌ ، يَطُولُ مُنَاقَشَتُهَا ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يُرْوَى بِهِ تَفْسِيرٌ مَشْهُورٌ .

وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - وَعَنْ مُرَّةَ ، عَنِ ابْنِ [ ص: 229 ] مَسْعُودٍ ، وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِ مَا أَحَبَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ، فَجَعَلَ إِبْلِيسَ عَلَى مُلْكِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، وَكَانَ مِنْ قَبِيلَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ : الْجِنُّ ، وَإِنَّمَا سُمُّوا الْجِنَّ لِأَنَّهُمْ خُزَّانُ الْجَنَّةِ ، وَكَانَ إِبْلِيسُ مَعَ مُلْكِهِ خَازِنًا ، فَوَقَعَ فِي صَدْرِهِ كِبْرٌ وَقَالَ : مَا أَعْطَانِي اللَّهُ هَذَا إِلَّا لِمَزِيَّةٍ لِي عَلَى الْمَلَائِكَةِ . فَلَمَّا وَقَعَ ذَلِكَ الْكِبْرُ فِي نَفْسِهِ اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ . فَقَالَ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) قَالُوا : رَبَّنَا ، وَمَا يَكُونُ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ ؟ قَالَ : يَكُونُ لَهُ ذُرِّيَّةٌ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَيَتَحَاسَدُونَ وَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا . قَالُوا : رَبَّنَا ، ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) يَعْنِي : مِنْ شَأْنِ إِبْلِيسَ . فَبَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى الْأَرْضِ لِيَأْتِيَهُ بِطِينٍ مِنْهَا ، فَقَالَتِ الْأَرْضُ : إِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ أَنْ تَقْبِضَ مِنِّي أَوْ تَشِينَنِي فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْ ، وَقَالَ : رَبِّ مِنِّي عَاذَتْ بِكَ فَأَعَذْتُهَا ، فَبَعَثَ مِيكَائِيلُ ، فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا ، فَرَجَعَ فَقَالَ كَمَا قَالَ جِبْرِيلُ ، فَبَعَثَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَعَاذَتْ مِنْهُ . فَقَالَ : وَأَنَا أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ أُنَفِّذْ أَمْرَهُ ، فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ ، وَخَلَطَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ ، وَأَخَذَ مِنْ تُرْبَةٍ حَمْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَسَوْدَاءَ ، فَلِذَلِكَ خَرَجَ بَنُو آدَمَ مُخْتَلِفِينَ ، فَصَعِدَ بِهِ فَبَلَّ التُّرَابَ حَتَّى عَادَ طِينًا لَازِبًا - وَاللَّازِبُ : هُوَ الَّذِي يَلْتَزِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ - ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : ( إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) [ ص : 71 ، 72 ] فَخَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ لِئَلَّا يَتَكَبَّرَ إِبْلِيسُ عَنْهُ ، لِيَقُولَ لَهُ : تَتَكَبَّرُ عَمَّا عَمِلْتُ بِيَدِي ، وَلَمْ أَتَكَبَّرْ أَنَا عَنْهُ . فَخَلَقَهُ بَشَرًا ، فَكَانَ جَسَدًا مِنْ طِينٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فَمَرَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَفَزِعُوا مِنْهُ لَمَّا رَأَوْهُ ، وَكَانَ أَشَدُّهُمْ فَزَعًا مِنْهُ إِبْلِيسُ ، فَكَانَ يَمُرُّ بِهِ فَيَضْرِبُهُ فَيُصَوِّتُ الْجَسَدُ كَمَا يُصَوِّتُ الْفَخَّارُ وَتَكُونُ لَهُ صَلْصَلَةٌ . فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ : ( مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ) [ الرَّحْمَنِ : 14 ] وَيَقُولُ : لِأَمْرٍ مَا خُلِقْتَ . وَدَخَلَ مِنْ فِيهِ فَخَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ ، وَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : لَا تَرْهَبُوا مِنْ هَذَا ، فَإِنَّ رَبَّكُمْ صَمَدٌ وَهَذَا أَجْوَفُ . لَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْهِ لَأُهْلِكَنَّهُ ، فَلَمَّا بَلَغَ الْحِينَ الَّذِي يُرِيدُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ الرُّوحَ ، قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : إِذَا نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَاسْجُدُوا لَهُ ، فَلَمَّا نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ فَدَخَلَ الرُّوحُ فِي رَأْسِهِ ، عَطَسَ ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ : قُلِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، فَقَالَ لَهُ اللَّهُ : رَحِمَكَ رَبُّكَ ، فَلَمَّا دَخَلَتِ الرُّوحُ فِي عَيْنَيْهِ نَظَرَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ . فَلَمَّا دَخَلَ الرُّوحُ فِي جَوْفِهِ اشْتَهَى الطَّعَامَ ، فَوَثَبَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الرُّوحُ رِجْلَيْهِ عَجْلَانَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ تَعَالَى : ( خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 37 ] ( فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ) [ الْحِجْرِ : 30 ، 31 ] أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ . قَالَ اللَّهُ لَهُ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدِي ؟ قَالَ : أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ، لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِمَنْ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ . قَالَ اللَّهُ لَهُ : اخْرُجْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ ، يَعْنِي : مَا يَنْبَغِي لَكَ ( أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ) .
الكتب - تفسير القرآن العظيم - تفسير سورة البقرة - تفسير قوله تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر - تفسير قوله تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر - الجزء رقم1
يتبع :




 توقيع : طالب علم



آخر تعديل ابن الورد يوم 07 Jan 2013 في 09:35 AM.
رد مع اقتباس
قديم 13 Dec 2012, 11:10 PM   #2
طالب علم
باحث علمي ـ جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية طالب علم
طالب علم غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2783
 تاريخ التسجيل :  May 2008
 أخر زيارة : 09 Aug 2024 (06:43 PM)
 المشاركات : 2,582 [ + ]
 التقييم :  11
لوني المفضل : Cadetblue
رد: سبب كره إبليس لأدم وذريته وشرارة حقده وحربه ( 1 ) .



بسم الله الرحمن الرحيم
سبب كره إبليس لأدم وذريته وشرارة حقده وحربه ( 2 ) .

[ ص: 230 ] [ الْأَعْرَافِ : 13 ] وَالصَّغَارُ : هُوَ الذُّلُّ . قَالَ : ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ) ثُمَّ عَرَضَ الْخَلْقَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ( فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) أَنَّ بَنِي آدَمَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاءَ ، فَقَالُوا ( سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) قَالَ اللَّهُ : ( يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) قَالَ : قَوْلُهُمْ : (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ) فَهَذَا الَّذِي أَبْدَوْا ، وَأَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ يَعْنِي : مَا أَسَرَّ إِبْلِيسُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْكِبْرِ .

فَهَذَا الْإِسْنَادُ إِلَى هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ مَشْهُورٌ فِي تَفْسِيرِ السُّدِّيِّ وَيَقَعُ فِيهِ إِسْرَائِيلِيَّاتُ كَثِيرَةٌ ، فَلَعَلَّ بَعْضَهَا مُدْرَجٌ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الصَّحَابَةِ ، أَوْ أَنَّهُمْ أَخَذُوهُ مِنْ بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَالْحَاكِمُ يَرْوِي فِي مُسْتَدْرَكِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِعَيْنِهِ أَشْيَاءَ ، وَيَقُولُ : [ هُوَ ] عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ .

وَالْغَرَضُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ دَخَلَ إِبْلِيسُ فِي خِطَابِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عُنْصُرِهِمْ - إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَشَبَّهَ بِهِمْ وَتَوَسَّمَ بِأَفْعَالِهِمْ ؛ فَلِهَذَا دَخَلَ فِي الْخِطَابِ لَهُمْ ، وَذُمَّ فِي مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ . وَسَنَبْسُطُ الْمَسْأَلَةَ إِنَّ - شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - عِنْدَ قَوْلِهِ : ( إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ) [ الْكَهْفِ : 50 ] .

وَلِهَذَا قَالَ : مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ خَلَّادٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ إِبْلِيسُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ الْمَعْصِيَةَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ اسْمُهُ عَزَازِيلُ ، وَكَانَ مِنْ سُكَّانِ الْأَرْضِ ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ الْمَلَائِكَةِ اجْتِهَادًا ، وَأَكْثَرِهِمْ عِلْمًا ؛ فَذَلِكَ دَعَاهُ إِلَى الْكِبْرِ ، وَكَانَ مِنْ حَيٍّ يُسَمَّوْنَ جِنًّا .

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ خَلَّادٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ طَاوُسٍ - أَوْ مُجَاهِدٍ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَوْ غَيْرِهِ ، بِنَحْوِهِ .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ - يَعْنِي : ابْنَ الْعَوَّامِ - عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ إِبْلِيسُ اسْمُهُ عَزَازِيلُ ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ ذَوِي الْأَجْنِحَةِ الْأَرْبَعَةِ ، ثُمَّ أَبْلَسَ بَعْدُ .

وَقَالَ سُنَيْدٌ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ إِبْلِيسُ مِنْ أَشْرَافِ الْمَلَائِكَةِ وَأَكْرَمُهُمْ قَبِيلَةً ، وَكَانَ خَازِنًا عَلَى الْجِنَانِ ، وَكَانَ لَهُ سُلْطَانُ سَمَاءِ الدُّنْيَا ، وَكَانَ لَهُ سُلْطَانُ الْأَرْضِ .

وَهَكَذَا رَوَى الضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، سَوَاءً .

وَقَالَ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : إِنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا يُقَالُ لَهُمُ : الْجِنُّ ، وَكَانَ إِبْلِيسُ [ ص: 231 ] مِنْهُمْ ، وَكَانَ يَسُوسُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَعَصَى ، فَمَسَخَهُ اللَّهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا . رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ .

وَقَالَ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : كَانَ إِبْلِيسُ رَئِيسَ مَلَائِكَةِ سَمَاءِ الدُّنْيَا .

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ عَوْفٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : مَا كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ ، وَإِنَّهُ لَأَصْلُ الْجِنِّ ، كَمَا أَنَّ آدَمَ أَصْلُ الْإِنْسِ . وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَنِ الْحَسَنِ . وَهَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ سَوَاءً .

وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ : كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ طَرَدَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، فَأَسَرَهُ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ .

وَقَالَ سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ مُوسَى بْنِ نُمَيْرٍ وَعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَامِلٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تُقَاتِلُ الْجِنَّ ، فَسُبِيَ إِبْلِيسُ وَكَانَ صَغِيرًا ، فَكَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ ، فَتَعَبَّدَ مَعَهَا ، فَلَمَّا أُمِرُوا بِالسُّجُودِ لِآدَمَ سَجَدُوا ، فَأَبَى إِبْلِيسُ . فَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى : ( إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ ) [ الْكَهْفِ : 50 ] .

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ شَرِيكٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقًا ، فَقَالَ : اسْجُدُوا لِآدَمَ . فَقَالُوا : لَا نَفْعَلُ . فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَارًا فَأَحْرَقَتْهُمْ ، ثُمَّ خَلَقَ خَلْقًا آخَرَ ، فَقَالَ : إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ، اسْجُدُوا لِآدَمَ . قَالَ : فَأَبَوْا . فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَارًا فَأَحْرَقَتْهُمْ . ثُمَّ خَلَقَ هَؤُلَاءِ ، فَقَالَ : اسْجُدُوا لِآدَمَ ، قَالُوا : نَعَمْ . وَكَانَ إِبْلِيسُ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يَسْجُدُوا لِآدَمَ . وَهَذَا غَرِيبٌ ، وَلَا يَكَادُ يَصِحُّ إِسْنَادُهُ ، فَإِنَّ فِيهِ رَجُلًا مُبْهَمًا ، وَمِثْلُهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ) فَكَانَتِ الطَّاعَةُ لِلَّهِ ، وَالسَّجْدَةُ أَكْرَمَ اللَّهُ آدَمَ بِهَا أَنْ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ .

وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) حَسَدَ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ آدَمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، عَلَى مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْكَرَامَةِ ، وَقَالَ : أَنَا نَارِيٌّ وَهَذَا طِينِيٌّ ، وَكَانَ بَدْءُ الذُّنُوبِ الْكِبْرَ ، اسْتَكْبَرَ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْ يَسْجُدَ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ : قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ )مِنَ الَّذِينَ أَبَوْا ، فَأَحْرَقَتْهُمُ النَّارُ .

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ : ( وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) يَعْنِي : مِنَ الْعَاصِينَ .

وَقَالَ السُّدِّيُّ : ( وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) الَّذِينَ لَمْ يَخْلُقْهُمُ اللَّهُ يَوْمَئِذٍ يَكُونُونَ بَعْدُ .

[ ص: 232 ]

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ : ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَ إِبْلِيسَ عَلَى الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ ، وَعَمِلَ بِعَمَلِ الْمَلَائِكَةِ ، فَصَيَّرَهُ إِلَى مَا أَبْدَى عَلَيْهِ خَلْقَهُ مِنَ الْكُفْرِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ )

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : كَانَ هَذَا سُجُودُ تَحِيَّةٍ وَسَلَامٍ وَإِكْرَامٍ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ) [ يُوسُفَ : 100 ] وَقَدْ كَانَ هَذَا مَشْرُوعًا فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَلَكِنَّهُ نُسِخَ فِي مِلَّتِنَا ، قَالَ مُعَاذٌ : قَدِمْتُ الشَّامَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ ، فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُسْجَدَ لَكَ ، فَقَالَ : لَا ، لَوْ كُنْتُ آمِرًا بَشَرًا أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا وَرَجَّحَهُ الرَّازِيُّ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ كَانَتِ السَّجْدَةُ لِلَّهِ وَآدَمُ قِبْلَةٌ فِيهَا كَمَا قَالَ : ( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) [ الْإِسْرَاءِ : 78 ] وَفِي هَذَا التَّنْظِيرِ نَظَرٌ ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَوْلَى ، وَالسَّجْدَةَ لِآدَمَ إِكْرَامًا وَإِعْظَامًا وَاحْتِرَامًا وَسَلَامًا ، وَهِيَ طَاعَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ لِأَنَّهَا امْتِثَالٌ لِأَمْرِهِ تَعَالَى ، وَقَدْ قَوَّاهُ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَضَعَّفَ مَا عَدَاهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَهُمَا كَوْنُهُ جُعِلَ قِبْلَةً إِذْ لَا يَظْهَرُ فِيهِ شَرَفٌ ، وَالْآخَرُ : أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّجُودِ الْخُضُوعُ لَا الِانْحِنَاءُ وَوَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ .

قُلْتُ : وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ : لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ وَقَدْ كَانَ فِي قَلْبِ إِبْلِيسَ مِنَ الْكِبْرِ - وَالْكُفْرِ - وَالْعِنَادِ مَا اقْتَضَى طَرْدَهُ وَإِبْعَادَهُ عَنْ جَنَابِ الرَّحْمَةِ وَحَضْرَةِ الْقُدْسِ ؛ قَالَ بَعْضُ الْمُعْرِبِينَ : وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ أَيْ : وَصَارَ مِنَ الْكَافِرِينَ بِسَبَبِ امْتِنَاعِهِ ، كَمَا قَالَ : ( فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ) [ هُودٍ : 43 ] وَقَالَ ( فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) [ الْبَقَرَةِ : 35 ] وَقَالَ الشَّاعِرُ :



بِتَيْهَاءَ قَفْرٌ وَالْمَطِيُّ كَأَنَّهَا قَطَا الْحُزْنِ قَدْ كَانَتْ فِرَاخًا بُيُوضُهَا


أَيْ : قَدْ صَارَتْ ، وَقَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ : تَقْدِيرُهُ : وَقَدْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنَ الْكَافِرِينَ ، وَرَجَّحَهُ الْقُرْطُبِيُّ ، وَذَكَرَ هَاهُنَا مَسْأَلَةً فَقَالَ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا مَنْ أَظْهَرَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ كَرَامَاتٍ وَخَوَارِقَ لِلْعَادَاتِ فَلَيْسَ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى وِلَايَتِهِ ، خِلَافًا لِبَعْضِ الصُّوفِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ هَذَا لَفْظُهُ . ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى مَا قَالَ : بِأَنَّا لَا نَقْطَعُ بِهَذَا الَّذِي جَرَى الْخَارِقُ عَلَى يَدَيْهِ أَنَّهُ يُوَافِي اللَّهَ بِالْإِيمَانِ ، وَهُوَ لَا يَقْطَعُ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ ، يَعْنِي وَالْوَلِيُّ الَّذِي يُقْطَعُ لَهُ بِذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ .

قُلْتُ : وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْخَارِقَ قَدْ يَكُونُ عَلَى يَدَيْ غَيْرِ الْوَلِيِّ ، بَلْ قَدْ يَكُونُ عَلَى يَدِ الْفَاجِرِ وَالْكَافِرِ ، أَيْضًا ، بِمَا ثَبَتَ عَنِ ابْنِ صَيَّادٍ أَنَّهُ قَالَ : هُوَ الدُّخُّ حِينَ خَبَّأَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) [ الدُّخَانِ : 10 ] ، وَبِمَا كَانَ يَصْدُرُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَمْلَأُ الطَّرِيقَ إِذَا غَضِبَ حَتَّى ضَرَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَبِمَا ثَبَتَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ عَنِ الدَّجَّالِ بِمَا يَكُونُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْخَوَارِقِ الْكَثِيرَةِ مِنْ أَنَّهُ يَأْمُرُ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرُ ، وَالْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتُ ، وَتَتْبَعُهُ كُنُوزُ الْأَرْضِ [ ص: 233 ] مِثْلَ الْيَعَاسِيبِ ، وَأَنَّهُ يَقْتُلُ ذَلِكَ الشَّابَّ ثُمَّ يُحْيِيهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمَهُولَةِ . وَقَدْ قَالَ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ : قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ : كَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَقُولُ : إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ وَيَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ فَلَا تَغْتَرُّوا بِهِ حَتَّى تَعْرِضُوا أَمْرَهُ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ : قَصَرَ اللَّيْثُ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، بَلْ إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ وَيَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ فَلَا تَغْتَرُّوا بِهِ حَتَّى تَعْرِضُوا أَمْرَهُ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَقَدْ حَكَى فَخْرُ الدِّينِ وَغَيْرُهُ قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ : هَلِ الْمَأْمُورُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ خَاصٌّ بِمَلَائِكَةِ الْأَرْضِ ، أَوْ عَامٌّ بِمَلَائِكَةِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَر ، وَقَدْ رَجَّحَ كُلًّا مِنَ الْقَوْلَيْنِ طَائِفَةٌ ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الْعُمُومُ : ( فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ ) [ الْحِجْرِ : 30 ، 31 ، ص : 73 ، 74 ] ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ مُقَوِّيَةٌ لِلْعُمُومِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الكتب - تفسير القرآن العظيم - تفسير سورة البقرة - تفسير قوله تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر - تفسير قوله تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر - الجزء رقم1


 
 توقيع : طالب علم



رد مع اقتباس
قديم 30 Jan 2013, 01:46 PM   #3
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: سبب كره إبليس لأدم وذريته وشرارة حقده وحربه ( 1 ) .



جزاك الله خيرا


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 11:54 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي