#1
|
||||||||||
|
||||||||||
مِن حِكم الصيام.
من أسماء ربنا جل وعلا اسم ( الحكيم ) ، فهو سبحانه حكيم فيما يقدره ، وفيما يأمر به ، وينهى عنه ، فلا يقضي ربنا قضاء كونيا كان أو شرعيا إلا لحكمة ، وتلك الحكمة قد يُطلع الله عليها خلقه وينبههم لها , وقد لا يُطلع عليها أحدا منهم ، وقد يطلع عليها بعضا دون بعض . وفي كل الأحوال فالواجب على العبد أن يسلم لربه وموالاه ما قضاه من الأوامر الشرعية والقدرية وإن جهل حكمتها , كما قال تعالى : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ الأحزاب / 36 . وإن من أوامر الله التي أظهر الله شيئاً من حكمها لعباده : الصوم , فإن للصوم فوائد متعددة ومتنوعة , فله فوائد ظاهرة وباطنة وفوائد فردية واجتماعية , وفوائد الصوم مشهودة بالعقول السليمة ، والفطرة المستقيمة ، ومن تلك الفوائد ما يلي : 1- تقوى الله تعالى , قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة/183 , وختم الله عز وجل آيات الصيام أيضا بذكر التقوى , فقال تعالى : كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ البقرة / 187 . 2- كسر النفس ، فإن الشبع والري ومباشرة النساء تحمل النفس على الأشر والبطر والغفلة . 3- ومنها : تخلي القلب للفكر والذكر ، فإن تناول هذه الشهوات تقسي القلب وتعميه ، وتحول بين العبد وبين الذكر والفكر ، وتستدعي الغفلة ، وخلو الباطن من الطعام والشراب ينور القلب ، ويوجب رقته ، ويزيل قسوته ، ويخليه للذكر والفكر . 4- ومنها : أن الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم , فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم , فتسكن بالصيام وساوس الشيطان , وتنكسر سورة الشهوة والغضب ، ولهذا جعل النبي صلى الله عليم وسلم الصوم وجاء ، لقطعه عن شهوة النكاح . 5- ومن فوائد الصوم : تقوية الإرادة ، فالذي يصبر على آلام الجوع والعطش ، ويكبح نفسه عن العلاقات الجنسية في وقت الصيام ، يحصل له من جراء ذلك قوة في الإرادة تجعله مالكاً لزمام نفسه لا أسيراً لميوله المادية وشهواته الضارة . 6- ومن فوائده أيضا : إضعاف سلطان العادة ، فقد بلغ ببعض الأفراد سلطان العادة إلى حد كبير ، فلو تأخر عنهم الطعام عن موعده فأصابهم الجوع لساءت أخلاقهم ، وقد يكون سلطان المؤثرات من القهوة والشاي والتدخين أشد من سلطان الطعام على أهله ، فهؤلاء يعتبرون أسرى لعاداتهم ، والصوم يربي الإنسان على التغلب على عاداته السيئة . 7- ومنها : أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه حيث أقدره له على ما منعه عن كثير من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح , فإنه بامتناعه عن ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك ، يتذكر به من مُنع ذلك على الإطلاق , فيوجب له ذلك شكر نعمة الله عليه بالغنى ، ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج ومواساته بما يمكن من ذلك . 8- ومن حكم الصوم : المساواة بين الأغنياء والفقراء ، فهذا الصوم فقر إجباري يفرضه الإسلام على المسلمين كافة ليتساوى الجميع في بواطنهم ، إنه فقر إجباري يراد به إشعار النفس الإنسانية بطريقة عملية أن المساواة الصحيحة حين يتساوى الناس في الشعور ، لا حين يختلفون ، وحين يتعاطفون بإحساس الألم الواحد لا حين يتنازعون بالرغبات المتعددة . 9- ومن فوائد صيام رمضان ، أن فيه إظهارا لعبادة الله عز وجل في المجتمع بأجمعه , فتجد جميع المسلمين من الشرق إلى الغرب يجتمعون على صيام هذا الشهر ، حتى الأشخاص الذين تحصل منهم بعض المخالفات الأخرى ، إذا أتى رمضان شاركوا إخوانهم المسلمين على صيام رمضان , فلا تجد بينهم مفطرا ، حتى إن العاصي الذي لا يصوم _ والعياذ بالله _ لا يستطيع أن يجاهر بفطره , بل حتى الكافر لا يستطيع أن يظهر فطره أمام المسلمين ، ولا شك أن في هذه الظاهرة فوائد عدة ، منها : إظهار عبادة الله عز وجل مع أن الصوم عبادة سرية ، ومنها : أن في ذلك الجو الإيماني فرصة عظيمة لمن أراد أن يتوب إلى الله عز وجل وينيب إليه وكم من الناس كانت نقطة إنطلاقهم في طريق الهداية هذا الشهر العظيم , ومنها : استشعار العاصي والكافر للذلة والصغار مما ينفره عن الحال التي هو عليها , ومنها : تيسير هذه العبادة على المسلمين ، فكون المجتمع كله صائم هذا مما ييسر على العبد هذه العبادة العظيمة الجليلة . 10- من فوائد الصيام تربية النفس على الأمانة ، "فإن الذي يكون قويا أمينا في حفظ أمانة الله ورعاية أوامره يكون قويا في عمله , أمينا على ما استرعاه غيره من عمل ، ومن خان أمانة الله العظمى في شرائع دينه فهو لغيرها أشد خيانة ، ومن تدرب على قوة الإرادة وصدق العزيمة شهرا كاملا عن إيمان واحتساب ، فإنه يكون قوي الشكيمة ، شديد المراس ، صلب في التصميم " انتهى من "صفوة الآثار" للدوسري (3/101) . ومن عجائب ما يذكر أن بعض الكفار كان يمتحن العمال المسلمين ، وذلك بتخيرهم بين الصيام وبين خيانة الله فيه ، فيغرونهم بمضاعفة الأجور للمفطرين ، حتى إذا انتهى الشهر عكسوا الأمر , فضاعفوا أجور الصائمين ، ونقصوا المفطرين أو طردوهم ، مع التصريح لهم أنهم خونة قد خانوا دينهم ! "صفوة الآثار" للدوسري (3/101) 11- وللصوم فوائد طبية متعددة ، فهو يقي بإذن الله تعالى من كثير من الأمراض ، يقول أحد الباحثين وهو د . مصطفى الحفار : البحث العلمي الحديث أكد على منافع الصوم ففي فرنسا مراكز مخصصة لدراسة أمراض التغذية والعلاج لها ، وقد تبنت لمرضاها الصيام الكامل الدوري ، وسمته ( العلاج الرمضاني ) بعد ما تأكد لها جدوى هذه الطريقة من الصيام وفوائدها على أعضاء الجسم كلها ، ونذكر أمثلة على ذلك : القلب : ينتظم خفقانه وينعم بفترة راحة من الناحية الوظائفية المرهقة الناجمة عن عملية الهضم . الدم : تنتفي منه الزوائد من الشحوم والدهون والحموضات . الكبد : هذا المعمل الكبير المتعدد الخصائص يقوم بوظائف دونما إجهاد ، فيصنع للجسم المواد الحيوية دونما إرهاق بوجود المعوقات الهضمية وسمومها . المعدة : إن الصوم لبضعة أيام متوالية يدفع بالغدد الهضمية لأن تقلل من إفرازاتها ، وهذا مما يحميها وأغشيتها من زيادة الإفرازات التي هي من أهم أسباب التقرح في المستقبل . والصوم يحمي الإنسان من البدانة ، ومرض السكري ، والروماتيزم الناجم عن ترسيب الأملاح البولية في الأنسجة والمفاصل ، والحصى الكلوية ، وحصى المرارة الدهنية والكلسية وارتفاع الضغط الشرياني ومضاعفاته على الرأس والدماغ والعين والقلب والكلى "روح الدين الإسلامي" لعفيف طبارة (490_491) . ولما كان بعض المرضى يشق عليهم الصيام , فقد أباح لهم الله عز وجل الفطر , وكذلك الحال بالنسبة للمسافر , قال تعالى : فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ البقرة / 184 . وقد لاحظ الشرع في الصيام التيسير وعدم المشقة , ولهذا كان الأمر في أول الإسلام أن الصائم إذا نام قبل أن يفطر , فإنه يتم صيامه إلى آخر اليوم التالي ولا يفطر , ثم نسخ الله عز وجل ذلك رحمة بعباده , كما ثبت في "صحيح البخاري" (1915) من حديث البراء بن عازب ، قال : " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار ، فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي ، وأن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما ، فلما حضر الإفطار أتى امرأته ، فقال لها : أعندك طعام ؟ قالت : لا ، ولكن أنطلق فأطلب لك ، وكان يومه يعمل ، فغلبته عيناه ، فجاءته امرأته ، فلما رأته قالت : خيبه لك ، فلما انتصف النهار غشي عليه ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فنزلت هذه الآية : أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ البقرة / 187 ، ففرحوا فرحا شديدا , فنزلت : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ البقرة / 187 . فالحمد لله على نعمة الإسلام , ونسأله عز وجل أن يديم علينا هذه النعمة , وأن يرزقنا شكرها , وأن يحسن لنا الختام , والله تعالى أعلم وأحكم , وصلى الله على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه وسلم . المصدر | موقع الإسلام سؤال وجواب.
|
02 Jun 2018, 06:21 PM | #2 |
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **
|
رد: مِن حِكم الصيام.
جزاك الله خير ..
|
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،، فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨ فهذا هو الخير ،،، 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87 🦋🍃 |
03 Jun 2018, 12:51 PM | #3 |
وسام الشرف
SULTANA
|
رد: مِن حِكم الصيام.
|
|
03 Jun 2018, 12:55 PM | #4 |
وسام الشرف
SULTANA
|
رد: مِن حِكم الصيام.
آجمعين إن شاءالله .
أهلاً وسهلاً انرتي. |
|
05 Jun 2018, 02:48 PM | #5 |
باحث جزاه الله تعالى خيرا
|
رد: مِن حِكم الصيام.
جزاكِ الله خير
|
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ» الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - خلاصة حكم المحدث: صحيح فلاتحرمونا دعائكم |
12 Jun 2018, 01:21 PM | #6 |
وسام الشرف
SULTANA
|
رد: مِن حِكم الصيام.
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|