#1
|
||||||||
|
||||||||
ماذا تعرف عن اللوح المحفوظ والقلم ؟؟؟
الإيمان باللوح المحفوظ والقلم [ ص: 344 ] قوله : ( ونؤمن باللوح والقلم ، وبجميع ما فيه قد رقم ) . ش : قال تعالى : بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ [ البروج 21 - 22 ] . وروى الحافظ أبو القاسم الطبراني بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله خلق لوحا محفوظا ، من درة بيضاء ، صفحاتها ياقوتة حمراء ، قلمه نور وكتابه نور ، لله فيه كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة ، يخلق ويرزق ويميت ويحيي ، ويعز ويذل ، ويفعل ما يشاؤه . اللوح المذكور هو الذي كتب الله مقادير الخلائق فيه ، والقلم المذكور هو الذي خلقه الله وكتب به في اللوح المذكور المقادير ، كما في سنن أبي داود ، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب ، قال : يا رب ، وما أكتب ؟ قال : اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة اختلاف العلماء في القلم والعرش أيهما خلق أولا [ ص: 345 ] . واختلف العلماء : هل القلم أول المخلوقات ، أو العرش ؟ على قولين ، ذكرهما الحافظ أبو العلاء الهمذاني ، أصحهما : أن العرش قبل القلم ، لما ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، وعرشه على الماء . فهذا صريح أن التقدير وقع بعد خلق العرش ، والتقدير وقع عند أول خلق القلم ، بحديث عبادة هذا . ولا يخلو قوله : أول ما خلق الله القلم ، إلخ - إما أن يكون جملة أو جملتين . فإن كان جملة ، وهو الصحيح ، كان معناه : أنه عند أول خلقه قال له : اكتب ، [ كما في اللفظ : أول ما خلق الله القلم قال له : اكتب ] بنصب " أول " و " القلم " ، وإن كان جملتين ، وهو مروي برفع " أول " و " القلم " ، فيتعين حمله على أنه أول المخلوقات من هذا العالم ، فيتفق الحديثان ، إذ حديث عبد الله بن عمرو صريح في أن العرش سابق على التقدير ، والتقدير مقارن لخلق القلم . وفي اللفظ الآخر : لما خلق الله القلم قال له : اكتب . [ ص : 346 ] فهذا القلم أول الأقلام وأفضلها وأجلها . وقد قال غير واحد من أهل التفسير : إنه القلم الذي أقسم الله به في قوله تعالى : ن والقلم وما يسطرون . [ القلم : 1 ، 2 ] . . والقلم الثاني : قلم الوحي : وهو الذي يكتب به وحي الله إلى أنبيائه ورسله ، وأصحاب هذا القلم هم : الحكام على العالم . والأقلام كلها خدم لأقلامهم . وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم لله ليلة أسري به إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام ، فهذه الأقلام هي التي تكتب ما يوحيه الله تبارك وتعالى من الأمور التي يدبر بها أمر العالم العلوي والسفلي . جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة قوله : ( فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن ، ليجعلوه غير كائن - لم يقدروا عليه . ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ، ليجعلوه كائنا - لم يقدروا عليه . جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ) . ش : تقدم حديث جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : جاء سراقة بن مالك بن جعشم ، فقال : يا رسول الله ، بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن ، فيم العمل اليوم ؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير ؟ أم فيما يستقبل ؟ قال : لا ، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير . [ ص: 347] وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلميوما ، فقال : يا غلام ألا أعلمك كلمات ؟ احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام ، وجفت الصحف . رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح . وفي رواية غير الترمذي : احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا . الأقلام أربعة [ ص: 348 ] وقد جاءت الأقلام في هذه الأحاديث وغيرها مجموعة ، فدل ذلك على أن للمقادير أقلاما غير القلم الأول ، الذي تقدم ذكره مع اللوح المحفوظ . والذي دلت عليه السنة أن الأقلام أربعة ، وهذا التقسيم غير التقسيم المقدم ذكره : القلم الأول : العام الشامل لجميع المخلوقات ، وهو الذي تقدم ذكره مع اللوح . القلم الثاني : حين خلق آدم ، وهو قلم عام أيضا ، لكن لبني آدم ، ورد في هذا آيات تدل على أن الله قدر أعمال بني آدم وأرزاقهم وآجالهم وسعادتهم ، عقيب خلق أبيهم . القلم الثالث : حين يرسل الملك إلى الجنين في بطن أمه ، فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : يكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أو سعيد . كما ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة . القلم الرابع : الموضوع على العبد عند بلوغه ، الذي بأيدي الكرام الكاتبين ، الذين يكتبون ما يفعله بنو آدم ، كما ورد ذلك في الكتاب والسنة . الواجب إفراد الله بالخشية والتقوى [ ص: 349 ] وإذا علم العبد أن كلا من عند الله ، فالواجب إفراده سبحانه بالخشية والتقوى . قال تعالى : فلا تخشوا الناس واخشون [ المائدة : 44 ] . وإياي فارهبون [ البقرة : 40 ] . وإياي فاتقون [ البقرة : 41 ] . ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون [ النور : 52 ] . هو أهل التقوى وأهل المغفرة [ المدثر : 56 ] ، ونظائر هذا المعنى في القرآن كثيرة . ولا بد لكل عبد أن يتقي أشياء ، فإنه لا يعيش وحده ، ولو كان ملكا مطاعا فلا بد أن يتقي أشياء يراعي بها رعيته . فحينئذ فلا بد لكل إنسان أن يتقي ، فإن لم يتق الله اتقى المخلوق ، والخلق لا يتفق حبهم كلهم وبغضهم ، بل الذي يريده هذا يبغضه هذا ، فلا يمكن إرضاؤهم كلهم ، كما قال الشافعي رضي الله عنه : رضا الناس غاية لا تدرك ، فعليك بالأمر الذي يصلحك فالزمه ، ودع ما سواه فلا تعانه . فإرضاء الخلق لا مقدور ولا مأمور ، وإرضاء الخالق مقدور ومأمور . شرح العقيدة الطحاويةوأيضا فالمخلوق لا يغني عنه من الله شيئا ، فإذا اتقى العبد ربه ، كفاه مئونة الناس . [ ص: 350 ] كما كتبت عائشة إلى معاوية - رضي الله عنهما - ، روي مرفوعا ، وروي موقوفا عليها : من أرضى الله بسخط الناس ، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ، ومن أرضى الناس بسخط الله ، عاد حامده من الناس له ذاما . فمن أرضى الله كفاه مؤنة الناس ورضي عنه ، ثم فيما بعد يرضون ، إذ العاقبة للتقوى ، ويحبه الله فيحبه الناس . [ ص: 351] كما في ( ( الصحيحين ) ) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا أحب الله العبد نادى : يا جبريل ، إني أحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، ثم ينادي جبريل في السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض ، وقال في البغض مثل ذلك . فقد بين أنه لا بد لكل مخلوق من أن يتقي إما المخلوق ، وإما الخالق . وتقوى المخلوق ضررها راجح على نفعها من وجوه كثيرة ، وتقوى الله هي التي يحصل بها سعادة الدنيا والآخرة ، فهو سبحانه أهل للتقوى ، وهو أيضا أهل للمغفرة ، فإنه هو الذي يغفر الذنوب ، لا يقدر مخلوق على أن يغفر الذنوب ويجير من عذابها غيره ، وهو الذي يجير ولا يجار عليه . قال بعض السلف : ما احتاج تقي قط ، لقوله تعالى : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب فقد ضمن الله للمتقين أن يجعل لهم مخرجا مما يضيق على الناس ، وأن يرزقهم من حيث لا يحتسبون ، فإذا لم يحصل ذلك دل على أن في التقوى خللا ، فليستغفر الله وليتب إليه ، ثم قال تعالى : ومن يتوكل على الله فهو حسبه . [ الطلاق : 3 ] ، أي فهو كافيه ، لا يحوجه إلى غيره . تعاطي الأسباب لا ينافي التوكل [ ص: 352 ] وقد ظن بعض الناس أن التوكل ينافي الاكتساب وتعاطي الأسباب ، وأن الأمور إذا كانت مقدرة فلا حاجة إلى الأسباب ! وهذا فاسد ، فإن الاكتساب : منه فرض ، ومنه مستحب ، ومنه مباح ، ومنهمكروه ، ومنه حرام ، كما قد عرف في موضعه . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أفضل المتوكلين ، يلبس لأمة الحرب ، ويمشي في الأسواق للاكتساب ، حتى قال الكافرون : مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق [ الفرقان : 7 ] . ولهذا تجد كثيرا ممن يرى الاكتساب ينافي التوكل يرزقون على يد من يعطيهم ، إما صدقة ، وإما هدية ، وقد يكون ذلك من مكاس ، أو والي شرطة ، أو نحو ذلك ، وهذا مبسوط في موضعه ، لا يسعه هذا المختصر . وقد تقدمت الإشارة إلى بعض الأقوال التي في تفسير قوله تعالى : يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب [ الرعد : 39 ] . وأما قوله تعالى : كل يوم هو في شأن [ الرحمن : 29 ] قال البغوي . قال مقاتل : نزلت في اليهود حين قالوا : إن الله لا يقضي يوم السبت شيئا ! قال المفسرون : من شأنه أنه يحيي ويميت ، ويرزق ، ويعز قوما ويذل آخرين ، ويشفي مريضا ، ويفك عانيا ، ويفرج مكروبا ، ويجيب داعيا ، ويعطي سائلا ، ويغفر ذنبا ، إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء . قوله : ( وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه ، وما أصابه لم يكن ليخطئه ) . ش : هذا بناء على ما تقدم من أن المقدور كائن لا محالة ، [ ص: 353 ] ولقد أحسن القائل : ما قضى الله كائن لا محاله والشقي الجهول من لام حاله والقائل الآخر : اقنع بما ترزق يا ذا الفتى فليس ينسى ربنا نمله إن أقبل الدهر فقم قائما وإن تولى مدبرا نم له علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي
أسالكم الدعاء لأخى الحبيب بالرحمة والمغفرة حيث توفاه الله تعالى يوم الإثنين 27/10/2014 الموافق 3 محرم 1436 هجرية |
11 Nov 2011, 11:51 AM | #2 | |||||||||
الحسني
|
رد: ماذا تعرف عن اللوح المحفوظ والقلم ؟؟؟
|
|||||||||
|
11 Nov 2011, 12:11 PM | #3 | ||||||||||
وسام الشرف
|
رد: ماذا تعرف عن اللوح المحفوظ والقلم ؟؟؟
اقتباس:
أج ــمل وأرق باقات ورودى لردك الجميل ومرورك العطر والله يعينا على طاعته وغفرانه كل الود والتقدير دمت برضى من الرح ــمن لك خالص احترامي وتقديري |
||||||||||
أسالكم الدعاء لأخى الحبيب بالرحمة والمغفرة حيث توفاه الله تعالى يوم الإثنين 27/10/2014 الموافق 3 محرم 1436 هجرية |
11 Nov 2011, 06:01 PM | #5 |
ابن اليمامة
|
رد: ماذا تعرف عن اللوح المحفوظ والقلم ؟؟؟
مواضيع جميلة شيخنا الفاضل وياليت تذرون امثلة عن التوحيد والشرك في عصرنا الحاضر دمتم بخير
|
|
11 Nov 2011, 06:02 PM | #6 |
وسام الشرف
|
رد: ماذا تعرف عن اللوح المحفوظ والقلم ؟؟؟
|
أسالكم الدعاء لأخى الحبيب بالرحمة والمغفرة حيث توفاه الله تعالى يوم الإثنين 27/10/2014 الموافق 3 محرم 1436 هجرية |
11 Nov 2011, 06:55 PM | #7 |
وسام الشرف
|
رد: ماذا تعرف عن اللوح المحفوظ والقلم ؟؟؟
|
أسالكم الدعاء لأخى الحبيب بالرحمة والمغفرة حيث توفاه الله تعالى يوم الإثنين 27/10/2014 الموافق 3 محرم 1436 هجرية |
11 Nov 2011, 09:17 PM | #9 |
باحث علمي ـ بحث إشراف تنسيق مراقبة ـ الإدارة العلمية والبحوث ـ جزاه الله خيرا
|
رد: ماذا تعرف عن اللوح المحفوظ والقلم ؟؟؟
جزاك الله خيرا ابا احمد ونفع بك
|
|
11 Nov 2011, 10:07 PM | #10 |
وسام الشرف
|
رد: ماذا تعرف عن اللوح المحفوظ والقلم ؟؟؟
بارك الله فيكِ أختى الفاضلة (أسرار الروح) على مروك العطر جزاكِ الله الجنة |
أسالكم الدعاء لأخى الحبيب بالرحمة والمغفرة حيث توفاه الله تعالى يوم الإثنين 27/10/2014 الموافق 3 محرم 1436 هجرية |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
المكتوب في اللوح المحفوظ لا يبدل بخلاف ما في صحف الملائكة | أبو سفيان | القضــــــاء والقــــــدر ـ دراسات وأبحاث . الإدارة العلمية والبحوث Fate and destiny of studies an | 1 | 26 Dec 2008 11:41 PM |
ما يقول أستاذنا وشيخنا حفظه الله تعالى في قول كبار الصوفية ينظرون في اللوح المحفوظ .. | أبو سفيان | الصوفيـــــــة ـ بيان وتحذير . Sufi statement warning | 2 | 15 Oct 2008 01:13 AM |
هل كل ما في اللوح المحفوظ لا يتغيَّر؟ | أبو سفيان | القضــــــاء والقــــــدر ـ دراسات وأبحاث . الإدارة العلمية والبحوث Fate and destiny of studies an | 4 | 22 Mar 2008 10:27 PM |
كم مرة ينظر الله جلا وعلا إلى اللوح المحفوظ !!!!! ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ | ابن الورد | منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum | 2 | 22 Aug 2007 08:02 PM |