اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


﴿ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ الٓمٓ ﴿١﴾ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴿٣﴾ وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴿٤﴾ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴿٥﴾ البقرة .

روى الإمام مسلم عن أبي أمامة الباهلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقرَؤوا القُرآنَ؛ فإنَّه يَأتي شَفيعًا يومَ القيامةِ لصاحبِه، اقرَؤوا الزَّهراوَينِ: البَقرةَ وآلَ عِمرانَ؛ فإنَّهما يَأتِيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غَيايتانِ، أو كأنَّهما غَمامتانِ، أو كأنَّهما فِرقانِ مِن طَيرٍ صَوافَّ يُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤوا سورةَ البَقرةِ؛ فإنَّ أخذَها بَركةٌ، وتَركَها حَسرةٌ، ولا تَستطيعُها البَطَلةُ ) .


           :: الكعبة (آخر رد :عائد لله)       :: الحجامة فضلها وفوائدها . (آخر رد :المكي)       :: افضل ايام الحجامة . (آخر رد :المكي)       :: سورة يس (آخر رد :طالبة علم شرعي)       :: "وأشرقت الأرض بنور ربها" تلاوة رائعة بصوت الطفلة بشرى . (آخر رد :ابن الورد)       :: حلم الدموع (آخر رد :hoor)       :: كحل الإثمد ، تعريفه ، ومصدره ، وفوائده ، وضوابط استعماله للنساء والرجال (آخر رد :المكي)       :: الحشد المليوني على الحدود وساعة الصفر تقترب من جزيرة العرب (آخر رد :ابن الورد)       :: طالبان والرايات السود / ظهور المهدي في جيش المشرق / خراسان (آخر رد :ابن الورد)       :: السرطان ليس مرض . (آخر رد :المكي)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

عالم الجان ـ علومه ـ أخباره ـ أسراره ـ خفاياه . الإدارة العلمية والبحوث World of the jinn من الكتاب والسنة والأثر وماورد عن الثقات العدول من العلماء والصالحين وماتواتر عن الناس ومااشتهر عن الجن أنفسهم .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31 Mar 2013, 11:21 PM   #11
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتـاب الـحيـوان




مراتب الجن والملائكة
ثمَّ ينزلون الجن في مراتب، فإذا ذكروا الْجِنِّيَّ سالماً قالوا: جني، فإذا أرادوا أنّه ممن سكن مع النَّاس قالوا: عامر، والجميع عُمّار، وإنْ كان ممن يعرض للصبيان فهُمْ أرواح، فإن خبُث أحدُهم وتعرَّم فهو شيطان، فإذا زاد على ذلك فهو مارد، قال اللّه عز ذكره: " وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ ماردٍ " فإن زاد على ذلك في القوَّة فهو عفريت، والجميع عفاريت، قال اللّه تعالى: " قال عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أنَا آتيكَ بِهِ قبْلَ أنْ تَقْومَ منْ مقامِك " .
وهم في الجملة جنٌّ وخوافي، قال الشاعر:
ولا يُحَسُّ سِوى الخافي بها أثرُ
فإن طهَرَ الجني ونَظُف ونَقِيَ وصار خيراً كلُّه فهو مَلَك، في قول من تأول قوله عز ذكره: " كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسقَ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ " على أنّ الجنَّ في هذا الموضع الملائكة.
وقال آخرون: كان منهم على الإضافة إلى الدّار والدّيانة، لا على أنّه كان من جنْسهم، وإنّما ذلك على قولهم سليمان بن يزيد العدوي، وسليمان بن طرْخان التّيمي، وأبو علي الحرمازي، وعَمْرو بن فائد الأسواري، أضافوهم إلى المحالّ، وتركوا أنسابهم في الحقيقة.
استطراد لغوي وقال آخرون: كلُّ مُستْجِنٍّ فهو جِنّيٌّ، وجانّ، وجنين، وكذلك الولدُ قيل له جنينٌ لكونه في البطْن واستجنانه، وقالوا للمّيت الذي في القبر جنين، وقال عمْرو بن كلثوم:
ولا شمْطاءُ لم تَدعِ المنايا ... لها منْ تِسْعَةٍ إلاّ جنينا
يُخبر أنّها قد دَفَنَتْهُم كلُّهم.
قالوا: وكذلك الملائكة، من الحَفَظة، والحمَلة، والكَرُوبيِّينَ، فلا بدّ من طبقات، وربُّما فُرِّق بينهم بالأعمال، واشتُقَّ لهم الاسمُ من السّبب كما قالُوا لواحدٍ من الأنبياء: خليل اللّه، وقالوا لآخر: كليم اللّه، وقالوا لآخر: روح اللّه.

مراتب الشجعان
والعرب تُنزل الشُّجعاء في المراتب، والاسم العامُّ شجاع، ثمَّ بطلَ، ثم بُهْمة، ثم أليَس، هذا قول أبي عبيدة.
فأمّا قولهم: شيطان الحماطة، فإنّهم يعنون الحيّة، وأنشد الأصمعي:
تُلاعِبُ مَثْنى حَضْرَميٍّ كأنّهُ ... تَعمُّجُ شيطان بذي خِرْوَع قَفْرِ
وقد يُسَمُّون الكِبر والطغيان، والخُنْزُوانة، والغضبَ الشّديدَ شيطاناً، على التّشبيه، قال عمر بن الخطاب، رضي اللّه تعالى عنه: والله لأنزِعَنّ نُعْرتَه، ولأضربنَّه حتى أنزع شيطانه من نخرته.
مراتب الجن والأعراب تجعل الخوافِي والمستجِنّات، من قبل أن ترتِّب المراتب، جنسين، يقولون جِنّ وحنّ، بالجيم والحاء، وأنشدوا:
أبيتُ أهْوي في شياطينَ تُرِنّ ... مختلفٍ نجواهمُ حِنٌّ وجنّ
ويجعلون الجِنّ فوق الحنّ، وقال أعشى سليم:
فما أنا منْ جِنٍّ إذا كنتُ خافياً ... ولستُ من النَّسْناسِ في عنصُرِ البَشَرْ
ذهب إلى قول من قال: البشر ناسُ ونسناس، والخوافي حنّ وجنّ، يقول: أنا من أكرم الجِنسين حيثما كنت.
شيطان ضعفة النُّسّاك والعباد وضَعَفة النسّاك وأغبياءُ العُبّاد، يزعمون أنّ لهم خاصّة شيطاناً قد وُكِّل بهم، ويقال له المذهِب يُسْرِج لهم النِّيران، ويُضيء لهم الظُّلْمة ليفتنهم وليريهم العجب إذا ظنُّوا أنّ ذلك من قِبَل اللّه تعالى.
شيطان حفظة القرآن وفي الحديث أنّ الشّيطانَ الذي قد تفرّد بحفظة القرآن يُنْسِيهم القرآن، يسمى خَنْزَب، وهو صاحب عثمان بن أبي العاص.
الخابل والخبل قال: وأما الخابل والخَبَل، فإنما ذلك اسمٌ للجنّ الذين يخبلون النّاسَ بأعيانهم، دون غيرهم، وقال
تناوح جِنّان بهنَّ وخُبَّلُ
كأنّه أخْرج الذين يخبلون ويتعرَّضون، ممّن ليس عنده إلاّ العزيف والنّوح، وفصل أيضاً لبيدٌ بينهم فقال:
أعاذلُ لو كان النِّداد لقُوتلوا ... ولكنْ أتانا كُلُّ جنّ وخابلِ
وقد زعم ناسٌ أنَّ الخبلَ والخابل ناس، قالوا: فإذا كان ذلك كذلك، فكيف يقول أوس بن حجر:
تناوح جِنّان بهن وخُبّلُ

من كتاب الحيوان للمؤلف:أبو عثمان عمرو



 

رد مع اقتباس
قديم 31 Mar 2013, 11:23 PM   #12
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتـاب الـحيـوان



استطراد لغوي
قالوا: وإذا تعرّضَت الجنّيّة وتلوَّنتْ وعَبِثت فهي شيطانة، ثم غُول، والغُول في كلام العرب الدَّاهية، ويقال: لقد غالَتْهُ غول، وقال الشاعر:
تقول بيتي في عِزّْ وفي سعَةٍ ... فقدْ صدقْتَ ولكنْ أنت مدخولُ
لا بأسَ بالبَيْتِ إلاّ ما صنعت به ... تَبْني وتَهْدِمُه هدّاً له غولُ
وقال الرَّاجز:
والحربُ غولٌ أو كشبه الغُولِ ... تُزَفُّْ بالرّاياتِ والطُّبول
تَقْلِبُ للأوتارِ والذُّحُولِ ... حِملاقَ عَيْنٍ ليس بالمكْحُولِ

زواج الأعراب للجن
ومن قول الأعراب أنهم يظهرون لهم، ويكلِّمونهم، ويناكحونهم، ولذلك قال شمر بن الحارث الضّبي:
ونارٍ قد حضأتُ بُعَيْدَ هَدْءٍ ... بدارٍ لا أُريدُ بها مُقامَا
سِوى تَحْليلِ راحلةٍ وعينٍ ... أُكالئُها مخافَة أنّ تناما
أتَوْا نَارِي فقلتُ منونَ قالوا ... سراةُ الجنِّ قلتُ عِموا ظلاما
فقُلْتُ إلى الطَّعامِ فقالَ مِنْهُمْ ... زعيمٌ نحسد الإنسَ الطَّعاما
وذكر أبو زيدٍ عنهم أن رجلاً منهم تزوج السِّعلاة، وأنها كانت عنده زماناً، وولدت مِنْه، حتَّى رأت ذات ليلةٍ بَرْقاً على بلاد السَّعالي، فطارَتْ إليهنّ، فقال:
رأى بَرْقاً فأوْضعَ فوقَ بَكْرٍ ... فلا بكِ ما أسال وما أَغامَا
فمن هذا النِّتاج المشترك، وهذا الخلْقِ المركَّب عندهم، بنو السِّعلاة، من بين عمرو بن يربوع، وبلقيسُ ملكة سبأ، وتأوَّلوا قول الشاعر:
لاهُمّ إنَّ جُرْهُماً عبادُكا ... النّاس طِرْفٌ وهُمُ تِلادُكا
فزَعموا أن أبا جُرهمٍ من الملائكة الذين كانوا إذا عصوا في السَّماء أُنزلوا إلى الأرض، كما قيل في هاروت وماروت، فجعلوا سُهيلاً عشّاراً مُسِخ نجماً، وجعلوا الزُّهرة امرأة بغيّاً مُسِخت نجماً، وكان اسمها أناهيد.
وتقول الهند في الكوكب الذي يسمّى عُطارِدَ شبيهاً بهذا.
المخدومون ويقول الناس: فلانٌ مخدوم يذهبون إلى أنّه إذا عَزَم على الشَّياطين والأرواح والعُمَّار أجابوه وأطاعوه، منهم عبد اللّه بن هلال الحميريّ، الذي كان يقال له صديق إبليس، ومنهم كرباش الهنديّ، وصالح المديبري.
شروط إجابة العامر للعزيمة وقد كان عبيد مُجّ يقول: إن العامِر حريصٌ على إجابة العزيمة، ولكنّ البدنَ إذا لم يصلُحْ أن يكون له هيكلاً لم يستطعْ دخوله، والحيلةُ في ذلك أن يتبخَّرَ باللبان الذّكر، ويراعي سَيْرَ المشتري، ويغتسلَ بالماء القراح، ويدعَ الجماعَ وأكلَ الزُّهُومات، ويتوحّش في الفيافي، ويُكثر دخول الخراباتِ، حتى يرقَّ ويلطف ويصفو ويصير فيه مشابِهُ من الجنّ، فإن عزم عند ذلك فلم يُجب فلا يعودنّ لمثلها فإنه ممَّن لا يصلح أن يكون بدنه هيكلاً لها، ومتى عاد خُبط فربما جُنّ، وربما مات.
قال: فلو كنت ممَّن يصلح أن يكون لهم هيكلاً لكنت فوق عبد اللّه بن هلال.

من كتاب الحيوان للمؤلف:أبو عثمان عمرو


 

رد مع اقتباس
قديم 31 Mar 2013, 11:25 PM   #13
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتـاب الـحيـوان




رؤية الجن
قال الأعراب: وربما نزلنا بجمعٍ كثير، ورأينا خياماً وقباباً،وناساً، ثم فقدناهم من ساعتنا.
والعوامّ ترى أنّ ابن مسعود، رضي اللّه عنه، رأى رجالاً من الزُّطِّ فقال: هؤلاء أشبه من رأيت بالجنّ ليلة الجنّ.
قال: وقد رُوي عنه خلاف ذلك.
وتأوّلوا قوله تعالى: " وأنَّه كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرجالٍ مِنَ الْجِنِّ فزادُوهُمْ رَهَقاً " ، ولم يُهلك الناس كالتأويل.
ومما يدلُّ على ما قُلنا قولُ أبي النّجم، حيث يقول:
بحيثُ تُستنُّ مع الجنّ الغُولُ
فأخرج الغول من الجِنّ، للذِي بانَتْ به من الجنّ.
وهكذا عادتهم: أن يُخرجوا الشيء من الجملة بعد أنْ دخَلَ ذلك الشيء في الجملة، فيظهر لأمر خاصّ.
وفي بعض الرِّواية أنهم كانوا يسمعون في الجاهلية من أجواف الأوثان همهمةٍ، وأن خالد بن الوليد حين هدم العُزَّى رمته بالشّرَر حتى احترق عامّةُ فخذه، حتى عادهُ النبيَ صلى الله عليه وسلم.
وهذه فتنةٌ لم يكن اللّه تعالى ليمتحنَ بها الأعراب وأشباه الأعراب من العوامّ، وما أشك أنه قد كانتْ للسَّدنة حِيَلٌ وألطاف لمكان التكسُّب.
ولو سمعت أو رأيت بعض ما قد أعدّ الهِنْدُ من هذه المخاريق في بيوت عباداتهم، لعلمت أنّ اللّه تعالى قد مَنَّ على جملة الناس بالمتكلِّمين، الذين قد نشؤوا فيهم.
افتتان بعض النصارى بمصابيح كنيسة قمامة
وقد تَعْرِف ما في عجايز النصارى وأغمارهم، من الافتنان بمصابيح كنيسة قمامة، فأما علماؤُهم وعقلاؤُهم فليسوا بمتحاشِين من الكذب الصِّرف، والجراءةِ على البُهتان البَحْت، وقد تعوَّدُوا المكابرة حتى درِبوا بها الدَّرب الذي لا يفطن له إلا ذو الفِراسة الثّابتة، والمعرفة الثّاقبة.

إيمان الأعراب بالهواتف
والأعرابُ وأشباهُ الأعراب لا يتحاشَون من الإيمان بالهاتف، بل يتعجَّبون ممن ردَّ ذلك، فمن ذلك حديث الأعشى بن نبّاش بن زرارة الأسدي، أنه سمع هاتفاً يقول:
لقد هَلَك الفيَّاضُ غيثُ بني فِهْرِ ... وذُو الباعِ والمجْدِ الرَّفيعِ وذو الفخرِ
قال: فقلتُ مجيباً له:
ألا أيُّها الناعي أخا الجود والنّدَى ... مَن المرْءُ تَنْعاهُ لنا من بين فِهْرِ
فقال:
نَعيْت ابن جدْعان بن عمروٍ أخا النَّدى ... وذا الحسب القُدْمُوس والحسب القهرِ
وهذا الباب كثير.
قالوا: ولنَقل الجنّ الأخبارَ علمَ الناس بوفاةِ الملوك، والأمور المهمة، كما تسامعُوا بموت المنصور بالبصرة في اليوم الذي تُوفي فيه بقرب مكة، وهذا الباب أيضاً كثير.
من له رَئيٌّ من الجن
وكانوا يقولون: إذا ألف الجنّي إنساناً وتعطَّف عليه، وخبّره ببعض الأخبار، وجد حِسّه ورأى خياله، فإذا كان عندهم كذلك قالوا: مع فلان رئَيٌّ من الجن، وممن يقولون ذلك فيه عمرو بن لُحيّ بن قَمَعة، والمأمور الحارثي، وعتيبة بن الحارث بن شهاب، في ناسٍ معروفين من ذوي الأقدار، من بين فارس رئيس، وسيِّد مُطاع.
فأما الكهّان: فمثل حارثة جهينة، وكاهنة باهلة، وعُزّى سلمة، ومثل شِقّ، وسَطيح، وأشباههم، وأما العرّاف، وهو دون الكاهن، فمثل الأبلق الأسدي، والأجلح الزهري، وعروة ابن زيد الأسدي، وعرّاف اليمامة رباح بن كَحْلة، وهو صاحب بنت المستنير البلتعي، وقد قال الشاعر:
فقلت لعراف اليمامة داوِني ... فإنَّك إنّ أبْرَأتني لَطبِيبُ
وقال جُبَيهاء الأشجعيّ:
أقامَ هَوى صفيَّة في فؤادي ... وقد سيَّرتُ كلَّ هوى حبيبِ
لكِ الخيراتُ كَيْفَ مُنِحتِ وُدِّي ... وما أنا مِنْ هَواكِ بذي نَصيبِ
أقول وعروةُ الأسديُّ يرقي ... أتاك برُقْيةِ المَلِق الكذوبِ
لَعَمْرُك ما التّثاؤبُ يا ابن زيدٍ ... بشافٍ من رُقاك ولا مُجيبِ
لَسَيْرُ النّاعجات أظنُّ أشفى ... لما بي منْ طبيب بني الذَّهوبِ
وليس البابُ الذي يدّعيه هؤلاء من جنس العيافة والزّجر، والخطوط، والنّظر في أسرار الكفّ، وفي مواضع قرض الفار، وفي الخيلان في الجسد، وفي النظر في الأكتاف، والقضاء بالنجوم، والعلاج بالفكر.
وقد كان مُسيلمة يدّعي أن معه رئيّاً في أوّل زمانه، ولذلك قال الشّاعر، حين وَصَفَ مخاريقه وخُدَعه:
بِبَيْضةِ قارورٍ ورايةِ شادنٍ ... وخُلةِ جِنّيّ وتوصيلِ طائرِ
ألا تراه ذكر خُلّة الجني.

من كتاب الحيوان للمؤلف:أبو عثمان عمرو


 

رد مع اقتباس
قديم 31 Mar 2013, 11:25 PM   #14
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتـاب الـحيـوان



ظهور الشق للمسافرين
ويقولون: ومن الجنِّ جنسٌ صورةُ الواحدِ منهم على نصف صورة الإنسان، واسمه شٍقّ، وإنّه كثيراً ما يعرض للرّجُل المسافر إذا كان وحْدَه، فرَّبما أهلَكه فزعاً، وربما أهلَكه ضرباً وقتلاً.
قالوا: فمن ذلك حديثُ علقمة بن صفْوان بن أميَّة بن محرِّث الكناني، جدّ مروان بن الحكم، خرج في الجاهلية، وهو يريد مالاً له بمكة، وهو على حمار، وعليه إزارٌ ورداء، ومعه مِقْرعة، في ليلةٍ إضْحِيانة، حتى انتهى إلى موضعٍ يقال له حائط حزمان، فإذا هو بشقّ له يدٌ ورجل، وعينٌ، ومعه سيف، وهو يقول:
عَلْقمُ إني مقتولْ ... وإن لحمي مأكولْ
أضْربُهُمْ بالهذْلولْ ... ضربَ غلامٍ شُملولْ
رحبِ الذَّراع بُهلولْ
فقال علقمة:
يا شِقَّها مالي ولك ... اغمِدَ عنِّي مُنْصُلك
تَقْتُل مَنْ لا يقتلك
فقال شِقّ:
عَبيت لك عَبيتُ لك ... كيما أُتِيحَ مَقْتلك
فاصبر لما قَدْ حُمَّ لَكْ
قال: فضرب كلُّ واحدٍ منهما صاحبه، فخرَّا ميِّتين، فممَّن قتلت الجنّ علقمةُ ابن صفوان هذا، وحَرْب بن أميّة.
قالوا: وقالت الجنّ:
وقَبْرُ حَرْبٍ بمكانٍ قفر ... وليس قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ قَبْرُِ
قالوا: ومن الدَّليل على ذلك، وعلى أنَّ هذين البيتين من أشعار الجن أن أحداً لا يستطيع أن ينشدَهما ثلاث مراتٍ متصلة، لا يَتتَعْتع فيها، وهو يستطيع أن يُنشد أثْقل شعر في الأرض وأشقَّه عشْر مرّات ولا يَتَعْتَعُ.
ذكر من قتلته الجنّ أو استهوته
قال: وقتلت مِرْداسَ بن أبي عامر، أبا عبّاس بن مرداسٍ، وقتلت الغريضَ خنْقاً بعد أن غنَّى بالغناء الذي كانوا نهَوه عنه، وقتلت الجنُّ سعد بن عُبادة بن دُلَيم، وسمعوا الهاتف يقول:
نحن قتَلْنا سيِّد الخزْز ... ج سَعْد بن عُباده
رَمَيْناه بِسَهمين ... فَلَمْ نُخْطِ فُؤادَهُ
واستهوَوا سِنانَ بن أبي حارثة ليستفحلوه، فمات فيهم، واستهووا طالب بن أبي طالب، فلم يوجد له أثرٌ إلى يومنا هذا.
واستهووا عَمرو بن عَدِيٍّ اللَّخميّ الملك، الذي يقال فيه: شَبّ عَمْرٌو عن الطّوق، ثمَّ ردُّوه على خاله جذيمة الأبرش، بعد سنين وسنين.
واستهوَوا عمارة بن الوليد بن المغيرة، ونفخوا في إحليله فصار مع الوحش.
ويروون عن عبد اللّه بن فائد بإسنادٍ له يرفعه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: خرافة رَجُل من عُذْرةَ استهوتْه الشّياطين، وأنّه تحدَّث يوماً بحديثٍ فقالت امرأةٌ من نسائه: هذا من حديث خُرافة قال: لا، وخُرافةُ حقٌّ.
من كتاب الحيوان للمؤلف:أبو عثمان عمرو


 

رد مع اقتباس
قديم 31 Mar 2013, 11:29 PM   #15
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتـاب الـحيـوان




طعام الجن
ورووا عن عُمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، أنّه سأل المفقود الذي استهوته الجن: ما كان طعامهم؟ قال: الفول، قال: فما كان شرابهم؟ قال: الجدف.
ورووا أن طعامهم الرِّمة وما لم يذكر اسمُ اللّه عليه.
ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم - والحديث صحيح - أنه قال: خَمِّروا آنيتكم، وأوكئوا أسقيتكم وأجيفُوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح، واكفُفُوا صِبيانكم، فإن للشّياطين انتشاراً وخَطْفة.

رؤوس الشياطين
وقد قال الناس في قوله تعالى: " إنّها شَجَرةٌ تَخْرُجُ في أصْلِ الجحيمِ، طلْعُها كأَنَّهُ رُؤُوس الشَّياطِين " ، فزعم ناس أنّ رؤوس الشياطين ثمر شجرةٍ تكون ببلاد اليمن، لها منظر كرِيه.
والمتكلّمون لا يعرفون هذا التَّفسير، وقالوا: ما عنى إلاّ رؤُوس الشياطين المعروفين بهذا الاسم، من فَسَقة الجن ومَرَدتهم، فقال أهل الطَّعن والخلاف: كيف يجوز أن يضرب المثل بشيء لم نرَه فنتوهَّمه، ولا وُصِفت لنا صورته في كتابٍ ناطق، أو خبر صادق، ومخرج الكلام يدلُّ على التخويف بتلك الصُّورة، والتفزيع منها، وعلى أنّه لو كان شيءٌ أبلغَ في الزَّجر من ذلك لذكَرَه، فكيف يكون الشَّأن كذلك، والناس لا يفزعون إلاّ من شيء هائل شنيعٍ، قد عاينوه، أو صوّره لهم واصفٌ صدوقُ اللسان، بليغٌ في الوصف، ونحن لم نعاينها، ولا صوَّرها لنا صادق، وعلى أنَّ أكثر الناس من هذه الأمم التي لم تعايشْ أهل الكتابين وحَمَلَة القرآن من المسلمين، ولم تسمع الاختلاف لا يتوهَّمون ذلك، ولا يقفون عليه، ولا يفزعون منه، فكيف يكون ذلك وعيداً عاماً؟.
قلنا: وإن كنّا نحن لم نر شيطاناً قطّ ولا صوّر رؤوسها لنا صادقٌ بيده، ففي إجماعهم على ضرْب المثل بقُبح الشيطان، حتَّى صاروا يضعُون ذلك في مكانين: أحدهما أن يقولوا: لهو أقبح من الشيطان، والوجه الآخر أن يسمَّى الجميلُ شيطاناً، على جهة التطيُّر له، كما تُسمَّى الفرسُ الكريمةُ شَوهاء، والمرأة الجميلة صَمّاء، وقرناء، وخَنْساء، وجرباء وأشباه ذلك، على جهة التطيُّر له، ففي إجماع المسلمين والعرب وكلِّ من لقيناهُ على ضرْب المثل بقُبْح الشيطان، دليلُ على أنه في الحقيقة أقبحُ من كل قبيح.
والكتابُ إنَّما نزل على هؤلاء الذين قد ثبّت في طبائعهم بغاية التثبيت.
وكما يقولون: لهو أقبحُ من السحر، فكذلك يقولون، كما قال عمر بن عبد العزيز لبعض من أحسنَ الكلام في طلب حاجته - هذا واللّه السِّحر الحلال.
وكذلك أيضاً ربّما قالوا: ما فلانٌ إلا شيطان على معنى الشَّهامة والنَّفاذ وأشباه ذلك.
صفة الغول والشيطان والعامّة تزعم أنَّ الغول تتصوَّر في أحسن صورة إلا أنه لا بدَّ أن تكون رِجْلُها رجلَ حمارٍ.
وخبَّروا عن الخليل بن أحمد، أنّ أعرابيّاً أنشده:
وحافر العَير في ساقٍ خَدَلَّجةٍ ... وجفنِ عينٍ خلاف الإنسِ في الطولِ
وذكروا أنّ العامَّة تزعم أنّ شقَّ عين الشيطان بالطول، وما أظنُّهم أخذوا هذين المعنين إلاّ عن الأعراب.
ردّ على أهل الطعن في الكتاب وأما إخبارهم عن هذه الأمم، وعن جهلها بهذا الإجماع والاتِّفاق والإطباق، فما القول في ذلك إلاّ كالقول في الزَّبانِية وخزنةِ جهنَّم، وصُورِ الملائكة الذين يتصوّرون في أقبح الصُّور إذا حضروا لقبْض أرواحِ الكفار، وكذلك في صور مُنكر ونكير، تكون للمؤمن على مثال، وللكافر على مثال.
ونحن نعلم أنّ الكفار يزعمون أنهم لا يتوهّمون الكلامَ والمحاجَّةَ من إنسان ألقي في جاحِم أتُّون فكيف بأن يُلَقى في نار جهنّم؟ فالحجّة على جميع هؤلاء، في جميع هذه الأبواب، من جهةٍ واحدة، وهذا الجوابُ قريبٌ، والحمد للّه.
وشقُّ فم العنكبوت بالطول، وله ثماني أرجل.

سكنى الجن أرض وبارِ
وتزعم الأعرابُ أن اللّه عزّ ذكره حين أهلك الأُمة التي كانت تسمَّى وبارِ، كما أهلك طسْماً، وجَدِيساً، وأميماً، وجاسماً، وعملاقاً، وثموداً وعاداً - أنَّ الجنّ سكنت في منازلها وحمتها من كلِّ مَنْ أرادها، وأنّها أخصبُ بلاد اللّه، وأكثرها شجراً، وأطيبُها ثمراً، وأكثرها حبّاً وعنباً، وأكثرها نخلاً وموزاً، فإن دنا اليومَ إنسانٌ من تلك البلاد، متعمِّداً، أو غالطاً، حَثوا في وجهه التراب، فإن أبى الرُّجوعَ خبلوه، وربّما قَتلوه.
والموضع نفسه باطل، فإذا قيل لهم: دُلُّونا على جهته، ووقِّفونا على حدِّه وخلاكُم ذمٌّ - زعموا أنّ من أراد أُلقي على قلبه الصَّرْفة، حتَّى كأنهم أصحابُ موسى في التِّيه، وقال الشاعر:
وداعٍ دعا واللَّيلُ مرخٍ سُدوله ... رجاءَ القِرى يا مُسْلِمَ بن حمارِ
دعا جُعَلاً لا يهتدِي لمقيله ... من اللؤم حتّى يهْتدي لوَبَارِ
فهذا الشاعرُ الأعرابيُّ جعل أرض وبارِ مثلاً في الضلال، والأعراب يتحدّثون عنها كما يتحدّثون عمّا يجدونه بالدَّوِّ والصَّمّان، والدهناء، ورمل يبرين، وما أكثر ما يذكرون أرض وبارِ في الشِّعر، على معنى هذا الشاعر.
قالوا: فليس اليومَ في تلك البلاد إلاَّ الجنُّ، والإبلُ الحُوشيَّة.
الحوشية من الإبل والحوشُ من الإبل عندهم هي التي ضربتْ فيها فحولُ إبل الجن، فالحوشِيَّة من نَسْل إبل الجن، والعِيديَّة، والمَهْرية، والعَسْجديّة، والعُمانية، قد ضربت فيها الحوش، وقال رُؤبة:
جَرَّت رَحانا من بلاد الحوشِ
وقال ابن هريم:
كأنّي على حُوشيَّةٍ أو نَعامةٍ ... لها نَسبٌ في الطَّيرِ وهو ظليمُ
وإنما سمَّوا صاحبة يزيد بن الطَّثرية حُوشيّة على هذا المعنى.

من كتاب الحيوان للمؤلف:أبو عثمان عمرو


 

رد مع اقتباس
قديم 31 Mar 2013, 11:30 PM   #16
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتـاب الـحيـوان




التحصُّن من الجنّ
وقال بعضُ أصحاب التفسير في قوله تعالى: " وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ من الإنسِ يَعُوذونَ بِرِجالٍ من الْجِنِّ فزادُوهُمْ رَهقاً " : إنَّ جماعة من العرب كانوا إذا صاروا في تيه من الأرض، وتوسَّطوا بلاد الحُوش، خافوا عبث الجنَّانِ والسَّعالي والغيلان والشياطين، فيقوم أحدهم فيرفع صوته: إنا عائذرن بسيِّد هذا الوادي فلا يؤذيهم أحدٌ، وتصير لهم بذلك خفارة.

أثر عشق الجن في الصرع
وهم يزعمون أن المجنون إذا صرعَتْه الجنّيّةُ، وأنّ المجنونةَ إذا صرعها الجنيّ - أنّ ذلك إنما هو على طريق العشْق والهوى، وشهوة النِّكاح، وأن الشيطان يعشق المرأة منّا، وأنَّ نظْرته إليها من طريق العُجب بها أشدُّ عليها من حُمّى أيام، وأنّ عين الجانّ أشدُّ من عين الإنسان.
قال: وسمع عمرو بن عُبيد، رضي اللّه عنه، ناساً من المتكلّمين يُنْكِرون صَرْع الإنسان للإنسان، واستهواء الجنّ للإنس، فقال وما ينكرون من ذلك وقد سمعوا قول اللّه عزّ ذكره في أكَلة الرِّبا، وما يصيبهم يوم القيامة، حيث قال: " الَّذينَ يأْكُلُونَ الرِّبا لا يقومُون إلاّ كما يَقُومُ الَّذي يَتَخبَّطهُ الشَّيْطانُ منَ المَسِّ " ، ولو كان الشَّيطانُ لم يَخْبِطْ أحداً لما ذكر اللّه تعالى به أكلة الرّبا، فقيل له: ولعلّ ذلك كان مرّةً فذهب، قال: ولعله قد كثر فازداد أضعافاً، قال: وما يُنكرون من الاستهواء بعد قوله تعالى: " كالَّذي استهْوَتْهُ الشّياطينُ في الأرض حَيْرانَ " .

الطاعون طعن من الشيطان
زعم العرب أن الطاعون طعن من الشيطان قال: والعرب تزعم أن الطاعون طعنٌ من الشيطان، ويسمُّون الطَّاعون رماح الجنّ، قال الأسديُّ للحارث الملك الغسّاني:
لَعَمْركَ ما خَشيتُ على أُبيٍّ ... رِماحَ بني مُقيِّدة الحمارِ
ولكني خَشيت على أُبيٍّ ... رِماحِ الجنِّ أو إياكَ حارِ
يقول: لم أكن أخاف على أُبيّ مع منعته وصرامته، أن يقتله الأنذال، ومن يرتبط العير دونَ الفَرس، ولكني إنما كنت أخافك عليه، فتكونُ أنت الذي تطعَنه أو يطعَنه طاعونُ الشّام.
وقال العُمانيّ يذكر دولة بني العبّاس:
قد دَفع اللّه رِماح الجن ... وأذهب العذابَ والتَّجنِّي
وقال زيد بن جُندب الإياديّ:
ولولا رِماحُ الجنِّ ما كان هزهم ... رِماح الأعادي من فصيح وأعجم
ذهب إلى قول أبي دؤاد:
سُلِّط الموتُ والمنونُ عليهم ... فلهم في صَدى المقابر هامُ
يعني الطاعون الذي كان أصاب إياداً.
وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه ذكر الطَّاعون فقال: " هو وَخْزٌ من عَدُوِّكم " : وأنَّ عَمْرو بن العاص قام في النّاس في طاعون عَمَواس فقال: إنّ هذا الطاعون قد ظهر، وإنما هو وخْزٌ من الشَّيطان، ففِرُّوا منه في هذه الشِّعاب.
وبلغ مُعاذ بن جبَلٍ، فأنكر ذلك القول عليه.
تصور الجنّ والغيلان والملائكة والناس
وتزعم العامَّة أنّ اللّه تعالى قد مَلّك الجن والشياطين والعُمَّار والغيلانَ أنْ يتحوّلوا في أيِّ صورة شاؤوا، إلاّ الغول، فإنّها تتحوَّل في جميع صُورة المرأة ولباسها، إلاّ رجليها، فلا بُدَّ من أن تكون رجليْ حمار.
وإنما قاسُوا تصوُّر الجن على تصوُّر جبريل عليه السلام في صورة دَحْية بن خليفة الكلبي، وعلى تصوُّر الملائكة الذين أتوا مريم، وإبراهيم، ولوطاً، وداود عليهم السلام في صورة الآدميِّين، وعلى ما جاء في الأثر من تصوُّر إبليس في صورة سُراقة بن مالك بن جعْشم، وعلى تصوّره في صورة الشيخ النجدي، وقاسوه على تصوُّر مَلَكَ الموت إذا حضر لقبض أرواح بني آدم، فإنه عند ذلك يتصوّر على قدر الأعمال الصالحة والطالحة.
قالوا: وقد جاء في الخبر أنّ من الملائكة من هو في صورة الرِّجال، ومنهم من هو في صورة الثِّيران، ومنهم من هو في صورة النسور، ويدلُّ على ذلك تصديقُ النبي صلى الله عليه وسلم لأميّة بن أبي الصّلت، حين أُنشِد:
رَجُلٌ وثَوْرٌ تحت رِجْلِ يمينه ... والنَّسْر للأُخرى ولَيْثٌ مُرْصدُ
قالوا: فإذ قد استقام أن تختلف صُورهم وأخلاط أبدانهم، وتتفق عقولهم وبيانهم واستطاعتهم، جاز أيضاً أن يكون إبليس والشّيطان والغول أن يتبدلوا في الصُّور من غير أنْ يتبدلوا في العقل والبيان والاستطاعة.
قالو: وقد حوَّل اللّه تعالى جعفر بن أبي طالب طائراً، حتى سماه المسلمون الطّيّار، ولم يخرجْه ذلك من أن نراه غداً في الجنة، وله مثلُ عقل أخيه علي رضي اللّه عنهما، ومثل عقل عمه حمزة رضي اللّه تعالى عنه، مع المساواة بالبيان والخلق.

من كتاب الحيوان للمؤلف:أبو عثمان عمرو


 

رد مع اقتباس
قديم 31 Mar 2013, 11:32 PM   #17
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتـاب الـحيـوان




أحاديث في إثبات الشيطان
قالوا: وقد جاء في الأثر النهي عن الصّلاة في أعطان الإبل، لأنّها خلقت من أعنان الشياطين.
وجاء أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى عن الصَّلاة عند طلوع الشَّمس حتى طلوعها، فإنّها بين قرني شيطان.
وجاء أنَّ الشياطين تُغلّ في رمضان.
فكيف تنكر ذلك مع قوله تعالى في القرآن: " والشَّياطينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاص، وآخَرينَ مُقَرَّنينَ في الأصفادِ " .
ولشهرة ذلك في العرب، في بقايا ما ثبتوا عليه من دين إبراهيم عليه السّلام، قال النابغة الذبياني:
إلا سُلَيمانَ إذْ قال الإلهُ لَهُ ... قُم في البَرِيَّةِ فاحْددْها عن الفَنَد
وخيِّس الجِنَّ إنِّي قدْ أذِنتُ لَهُمْ ... يَبْنُون تَدْمُر بالصُّفَّاح والعمدِ
فمنْ عصاك فعاقِبْهُ مُعاقبةً ... تنهى الظّلوم ولا تقْعد على ضمدِ
وجاء في قتل الأسود البهيم من الكلاب، وفي ذي النُّكْتتين، وفي الحية ذات الطُّفْيتين، وفي الجانّ.
وجاء: لا تشربوا من ثُلمة الإناء، فإنَّه كِفْل الشَّيطان، وفي العاقد شَعره في الصلاة: إنَّه كِفْل الشيطان، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تراصُّوا بينكم في الصلاة، لا تتخللكم الشّياطين كأنّها بنات حذف، وأنَّه نهى عن ذبائح الجن.
ورووا: أن امرأة أتتْ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنّ ابني هذا، به جنونٌ يصيبه عند الغداء والعَشَاء قال: فمسح النبيُّ صلى الله عليه وسلم صدْرَه، فثعَّ ثعة فخرج من جوفه جروٌ أسود يسعى.
قالوا: وقد قضى ابن عُلاثة القاضي بين الجنّ، في دم كان بينهم بحكمٍ أقنعهم.
رجع إلى تفسير قصيدة البهراني ثم رجع بنا القولُ إلى تفسير قصيدة البهّراني: أما قوله:
وتزوّجْتُ في الشبيبة غولاً ... بغزال وصَدْقتي زِقُّ خمرِ
فزعم أنه جعل صداقها غزالاً وزِقَّ خمر، فالخمر لطيب الرائحة، والغزالُ لتجعله مَرْكباً، فإنّ الظَّباء من مراكب الجن.
وأما قوله:
ثيِّبٌ إن هَوِيتُ ذلك منها ... ومتى شئتُ لم أجِدْ غير بِكرِ
كأنه قال: هي تتصوَّر في أيِّ صورةٍ شاءتْ.

شياطين الشعراء
وأما قوله:
بنت عَمْرٍو وخالها مِسحل الخي ... ر وخالي هُميمُ صاحب عَمْرِو
فإنهم يزعمون أنّ مع كلِّ فحل من الشعراء شيطاناً يقول ذلك الفحلُ على لسانه الشعر، فزعم البهراني أنّ هذه الجنّية بنت عمرو صاحب المخبَّل، وأن خالها مِسْحل شيطان الأعشى، وذكر أن خاله هُمَيم، وهو همّام، وهمّام هو الفرزدق، وكان غالبُ بن صعصعة إذا دعا الفرزدق قال: يا هميم.
وأما قوله: صاحب عمرو فكذلك أيضاً يقال إن اسم شيطان الفرزدق عمرو، وقد ذكر الأعشى مِسْحلاً حين هجاه جُهُنَّام فقال:
دَعَوْتُ خليلي مِسْحلاً ودعَوا له ... جُهُنّامَ جَدْعاً للهجين المذَمَّمِ
وذكره الأعشى فقال:
حباني أخي الجنِّيُّ نفسي فداؤُه ... بأفْيَحَ جَيَّاشِ العَشيّات مِرْجمِ
وقال أعشى سُليم:
وما كان جِنّيُّ الفرزدقِ قدوةً ... وما كان فيهم مِثْلُ فَحْلِ المخبَّلِ
وما في الخوافي مثل عَمْرو وشيخِهِ ... ولا بعدَ عمرو شاعرٌ مثلٌ مِسْحلِ
وقال الفرزدق، في مديح أسد بن عبد اللّه:
ليُبلغَنّ أبا الأشبال مِدْحتنا ... مَنْ كان بالغُورِ أو مَرْوَيْ خُراسانا
كأنّها الذَّهب العقْيانُ حبّرها ... لسانُ أشْعر خلْقِ اللّه شيطانا
وقال:
فلو كنْتَ عنْدي يوم قوٍّ عذرْتني ... بيوم دهتْني جِنُّهُ وأخابلُه
فمن أجل هذا البيت، ومن أجل قول الآخر:
إذا ما راعَ جارَتهُ فلاقى ... خبالَ اللّه منْ إنس وجِنِّ
زعموا أنّ الخابل النّاس.
ولما قال بشّار الأعمى:
دعاني شِنِقْناقٌ إلى خَلْفِ بكرةٍ ... فقلتُ: اتركنِّي فالتفرُّدُ أحمدُ
يقول: أحمدُ في الشعر أن لا يكون لي عليه معين - فقال أعشى سُليم يردُّ عليه:
إذا ألِفَ الجنّيُّ قِرداً مُشَنّفاً ... فقل لخنازير الجزيرةِ أبْشري
فجزِع بشّارٌ من ذلك جزعاً شديداً، لأنّه كان يعلم مع تغزُّله أنَّ وجهه وجْهُ قردٍ، وكان أوّل ما عُرف من جزعه من ذكر القِرد، الذي رأوا منه حين أنشدوه بيت حمّاد:
ويا أقبحَ مِن قِرْدٍ ... إذا ما عَمِيَ القِرْدُ
وأما قوله:
ولها خِطَّةٌ بأرض وبار ... مسَحُوها فكان لي نصْفُ شطرِ
فإنما ادّعى الرُّبع من ميراثها، لأنه قال:
تركتْ عَبْدلاً ثمالَ اليتامى ... وأخوه مزاحم كان بكر
وَضَعَتْ تِسْعةً وكانتْ نَزوراً ... من نِساءٍ في أهْلِها غير نُزْرِ
وفي أنَّ مع كلِّ شاعر شيطاناً يقول معه، قول أبي النجم:
إني وكلّ شاعر من البَشرْ ... شيطانه أنْثى وشَيطاني ذكر
وقال آخر:
إني وإن كنتُ صغير السِّنّ ... وكان في العين نُبُوٌّ عنِّي
فإنّ شيطاني كبير الجنِّ

من كتاب الحيوان للمؤلف:أبو عثمان عمرو


 

رد مع اقتباس
قديم 31 Mar 2013, 11:33 PM   #18
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتـاب الـحيـوان




أرض الجن
وأما قوله:
أرض حُوشٍ وجاملٍ عَكَنَانٍ ... وعُروجٍ من المؤبّلِ دَثْر
فأرض الحوش هي أرضُ وَبارِ، وقد فسَّرنا تأويل الحوش، والعَكَنَان: الكثير الذي لايكون فوقه عدد، قوله: عروج جمع عَرْج، والعَرْج: ألف من الإبل نقص شَيئاً أوْ زاد شيئاً، والمؤبّل من الإبل، يقال إبل مؤبَّلة، ودراهم مُدَرهمة، وبدَر مبدَّرة، مثل قوله تعالى: " وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَة " وأما قوله: " دثر " فإنهم يقولون: مال دَثر، ومالٌ دَبْر، ومال حَوْم: إذا كان كثيراً.

استراق السمع
وأما قوله:
ونَفَوْا عَنْ حريمها كلَّ عِفْر ... يسرقُ السَّمعَ كلَّ ليلةِ بَدْرِ
فالعِفْر هو العفريت، وجعله لا يسرق السمع إلا جهاراً في أضوإ ما يكون البدر، من شدَّة معاندته، وفرط قوته.
الشنقناق والشيصبان وأما قوله:
في فُتُوٍّ من الشَّنقناق غُرٍّ ... ونِساء من الزَّوابعِ زُهْرِ
الزوابع: بنو زَوْبعة الجنِّيّ، وهم أصحاب الرَّهج والقَتَام والتَّثوير وَقال راجزهم:
إنّ الشياطين أَتوْني أربعهْ ... في غَبَش الليل وفيهم زَوبعه
فأما شِنِقناق وشَيْصَبان، فقد ذكرهما أبو النجم:
لابن شنقْناق وشَيْصَبَانِ
فهذان رئيسان ومن آباء القبائل، وقد قال شاعرهم:
إذا ما ترَعْرَعَ فينا الغلامُ ... فليس يقال له من هُوَهْ
إذا لم يَسُدْ قبل شدِّ الإزار ... فذلك فينا الذي لا هُوَهْ
ولي صاحبٌ من بني الشَّيصبا ... ن فطوراً أقولُ وطوراً هُوَهْ
وهذا البيت أيضاً يصلح أن يلحق في الدَّليل على أنهم يقولون: إن مع كلِّ شاعر شيطاناً، ومن ذلك قولُ بشَّار الأعمى:
دَعاني شِنِقْناقٌ إلى خَلْف بَكرَةٍ ... فقلت: اترُكَنِّي فالتَّفَرُّدُ أحَمدُ

شياطين الشام والهند
قال: وأصحاب الرُّقى والأُخذ والعزائم، والسِّحر، والشَّعبذة، يزعمون أنّ العدد والقوّة في الجنِّ والشياطين لنازلة الشام والهند، وأنَّ عظيم شياطين الهند يقال له: تنكوير، وعظيم شياطين الشام يقال له: دركاذاب.
وقد ذكرهما أبو إسحاق في هجائه محمد بن يَسِير، حين ادّعى هذه الصناعة فقال:
قد لعمْرى جمعت مِلْ آصفيّا ... تِ ومن سفْر آدم والجرابِ
وتفردتَ بالطوالق والهي ... كل والرهنباتِ من كلِّ بابِ
وعلمتَ الأسماء كيما تُلاقى ... زُحلاً والمريخَ فوق السحابِ
واستثرتَ الأرواح بالبحْر يأت ... ينَ لصرعِ الصحيح بعدَ المصابِ
جامعاً من لطائف الدنهشيَّا ... تِ كبوسا نمقتها في كتابِ
ثمَّ أحكمت متقن الكرويا ... ت وفعل الناريس والنجابِ
ثمَّ لم تعْيك الشعابيذ والخد ... مةُ والاحتفاء بالطلابِ
بالخواتيم والمناديل والسع ... يِ بتنكوير ودركاذابِ
قتل الغول بضربة واحدة وأما قوله:
ضربَتْ فَردةً فصارت هَباءً ... في مُحاقِ القُمير آخر شَهْرِ
فإنّ الأعرابَ والعامّة تزعُم أن الغول إذا ضربت ضَربةً ماتت، إلاّ أن يُعيد عليها الضّارب قبل أن تقْضي ضربة أخرى، فإنّه إن فعل ذلك لم تمُتْ، وقال شاعرهم:
فَثنّيتُ والمِقدارُ يحرُسُ أهلَهُ ... فَلَيْتَ يميني قبل ذلك شلّتِ
وأنشد لأبي البلاد الطُّهَويّ:
لهَانَ علَى جهينةً ما أُلاقي ... من الروعاتِ يومَ رحَى بطانِ
لقيتُ الغول تسرِى في ظلامٍ ... بسهبٍ كالعباية صحصحانِ
فقلتُ لها كلانا نقض أرضٍ ... أخُو سفَر فصدِّى عن مَكانى
فصدتْ وانتحيتُ لها بعضبٍ ... حسامٍ غيرِ مؤتشبٍ يمانى
فقدّ سَراتها والبرك منها ... فخرتْ لليدين وللجران
فقالت زدْ فقلتُ رويدَ إنِّى ... على أمثالها ثبتُ الجنانِ
شددتُ عقالها وحططت عنها ... لأنظرَ غدوةً ماذا دهانى
إذا عينان في وجهٍ قبيحٍ ... كوجْه الهرِّ مشقوق اللسانِ
ورجلا مخدجٍ ولسانُ كلبٍ ... وجلدٌمن فراءِ أو سنانِ
وأبو البلاد هذا الطهوي كان من شياطين الأعراب، وهو كما ترى يكذِب وهو يَعلَم، ويُطيل الكذِب ويُحَبِّرُه، وقد قال كما ترى:
فقالت زِدْ فقلتُ رُوَيْد إنّي ... على أمثالها ثَبْتُ الجَنانِ
لأنّهم هكذا يقولون، يزعمون أنّ الغول تستزيد بعد الضَّرْبة الأولى لأنّها تموت من ضربةٍ، وتعيشُ من ألْف ضرْبة.

من كتاب الحيوان للمؤلف:أبو عثمان عمرو


 

رد مع اقتباس
قديم 31 Mar 2013, 11:35 PM   #19
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتـاب الـحيـوان




مناكحة الجنِّ ومحالفتهم
وأمّا قوله:
غلبتني على النَّجابة عرسي ... بعد أنْ طالَ في النجابة ذكري
وأرى فِيهِمُ شمائِل إنسٍ ... غيرَ أنّ النّجارَ صُورةُ عِفرِ
فإنَّه يقول: لما تركّب الولدُ منّي ومنها كان شبهُها فيه أكثر.
وقال عبيد بن أيُّوب:
أخو قَفراتٍ حَالَفَ الجِنَّ وانتفى ... مِنَ الإنْس حتّى قد تَقَضّتْ وسائلُهْ
له نَسَبُ الإنسيّ يُعرَفُ نَجْلُه ... وللجِنِّ منه خَلْقه وشمائلُه
وقال:
وصارَ خليلَ الغُول بَعدَ عداوةٍ ... صَفِيّاً وربَّتْه القِفَارُ البسابسُ
فَليس بِجِنّيٍّ فيُعْرَفَ نَجْله ... ولا أَنَسِيٍّ تحتويه المجالِسُ
يظلُّ ولا يبدوُ لشيءٍ نهارَه ... ولكنّه ينْباعُ واللّيْلُ دامِس
قال: وقال القَعقاع بنُ مَعْبَد بن زُرارة، في ابنه عوف بن القعقاع: واللّه لما أرى من شمائل الجنّ في عوف أكثر ممّا أرَى فيه من شمائل الإنس.
وقال مَسلمة بن محارب: حدّثني رجلٌ من أصحابنا قال: خرجنا في سَفرٍ ومعنا رجُلٌ، فانتهينا إلى واد، فدعَوْنا بالغَدَاء، فمدّ رجلٌ يدَه إلى الطعام، فلم يقدر عليه - وهو قبْلَ ذلك يأكلُ معَنا في كلِّ منزل - فاشتدّ اغتمامنا لذلك، فخرجنا نسأل عن حاله، فتلقَّانَا أعرابيٌّ فقال: ما لكم؟ فأخبرناه خبَر الرَّجُل، فقال: ما اسم صاحبكم؟ قلنا: أسد قال: هذا وادٍ قد أخِذَتْ سباعه فارحلوا، فلو قد جاوزتم الواديَ استمرَى الرَّجُل وأكَل.

مراكب الجن
وأمَّا قوله:
وبها كنتُ راكباً حشراتٍ ... مُلجِماً قُنفُذاً ومُسْرجَ وَبْر
وأجوبُ البلادَ تحتيَ ظبيٌ ... ضاحكٌ سنُّه كثيرُ التمرِّي
مُولجٌ دُبْرَهُ خَوَايَة مَكْوٍ ... وهو باللّيل في العفاريت يَسري
فقد أخبرْنا في صدر هذا الكتاب بقول الأعراب في مطايا الجن من الحشرات والوحش.
وأنشد ابنُ الأعرابي لبعض الأعراب:
كلَّ المطايا قد ركبنا فلم نجد ... ألَذَّ وأشهى مِنْ مذاكي الثَّعالبِ
وَمِنْ عنظوان صعبةٍ شمّرية ... تَخُبُّ برجْليها أمام الرَّكائبِ
ومنْ جُرَذٍ سُرْح اليدين مفرَّج ... يعوم برَحْلي بين أيدِي المراكب
ومنْ فارةٍ تزداد عِتْقاً وحدّةً ... تبرِّح بالخوصِ العِتاقِ النَّجَائبِ
ومنْ كلِّ فتْلاء الذِّراعَينِ حُرَّة ... مدَرَّبة من عافيات الأرانبِ
ومنْ وَرَل يغتالُ فضْلَ زِمامِهِ ... أضَرَّ به طول السُّرى في السَّباسِبِ
قال ابنُ الأعرابي: فقلت له: أترى الجن كانت تركبُها، فقال: أحلِفُ باللّه لقد كنتُ أجد بالظِّباء التَّوقيعَ في ظهورها؟ والسِّمة في الآذان، وأنشد:
كلّ المطايا قد ركبنا فلم نجدْ ... ألذَّ وأشْهَى من رُكوب الجَنادِبِ
ومنْ عَضْرفوط حطَّ بي فأقمتهُ ... يبادِرُ وِرداً من عظاءٍ قواربِ
وشرُّ مطايا الجنِّ أرْنبُ خُلّةٍ ... وذئبُ الغضا أوقٌ على كلِّ صاحبِ
ولم أر فيها مِثْلَ قُنفُذ بُرْقةٍ ... يَقُودَ قطاراً منْ عظام العناكبِ
وقد فسَّرنا قولهم في الأرانب، لم لا تركب، وفي أرنب الخَلّة، وقنفذ البُرْقة.
وحدثني أبو نُواس قال: بكرتُ إلى المِربَد، ومعي ألواحي أطلبُ أعرابيّاً فصيحاً، فإذا في ظلِّ دار جعفر أعرابيٌّ لم أسمع بشيطان أقبَحَ منه وجهاً، ولا بإنسان أحسنَ منه عقلاً، وذلك في يومٍ لم أر كبرده برداً، فقلتُ له: هلاَّ قعدت في الشمس فقال: الخَلْوة أحبُّ إليّ فقلت له مازحاً: أرأيت القنفذَ إذا امتطاه الْجِنيُّ وعلا به في الهواء، هل القنفذ يحمل الجنِّيّ أم الجنّيّ يحمل القنفذ؟ قال: هذا من أكاذيب الأعراب، وقد قلت في ذلك شعراً، قلت فأنشِدْنيه، فأنشَدَني بعد أن كان قال لي: قلت هذا الشعر وقد رأيت ليلة قنفذاً ويربوعاً يلتمسان بعض الرِّزق:
فما يُعجبُ الجنَّانَ منك عَدِمتَهم ... وفي الأُسْد أفراسٌ لهم ونجائبُ
أتُسرِج يربوعً وتُلجِم قُنفذاً ... لقَدْ أعوزَتهُمْ ما علمْتَ المراكِبُ
فإن كانت الجنّانُ جُنّت فبالحَرى ... ولا ذَنْبَ للأقدار واللّه غالبُ
وما الناس إلا خادعٌ ومخدَّعٌ ... وصاحبُ إسْهَابٍ وآخر كاذب
قال: فقلت له: قد كان ينبغي أن يكون البيت الثالث والرابع بيت آخر، قال: كانت واللّه أربعين بيتاً، ولكنَّ الحطمة واللّه حَطمتها، قال: فقلت: فَهلْ قلت في هذا الباب غير هذا؟ قال: نعم، شيءٌُ قلتُهُ لزوجتي، وهو واللّه عندها أصدقُ شيءٍ قلتُه لها:
أراه سَميعاً للسِّرارِ كقنفذٍ ... لقد ضاع سِرُّ اللّه يا أمَّ مَعْبدِ
قال: فلم أصبر أن ضحِكْتُ، فغضب وذهب.

شعر فيه ذكر الغول
ويكتب مع شعر أبي البلاد الطُّهوي:
فمن لامَني فيها فَوَاجَه مِثلَها ... على غِرَّةٍ ألقَت عطافاً ومئزرا
لها ساعِدَا غُولٍ ورجلا نعامةٍ ... ورأسٌ كمسْحاة اليهُوديِّ أزعَرَا
وبَطْنٌ كأثناء المزادةِ رَفّعتْ ... جوانبُه أعكانَه وتَكَسَّرا
وثدْيان كالخُرْجين نيطت عُرَاهُما ... إلى جُؤجُؤٍ جاني الترائب أزْوَرَا
قال: كان أبو شيطان، واسمه إسحاق بن رَزِين، أحد بني السِّمط سِمْط جعدة ابن كعب، فأتاهم أميرٌ فجعل ينْكُب عليهم جَوراً، وجعل آخر من أهل بلده ينقب عليهم: أي يكون عليهم نقيباً. فجعل يقول:
يا ذا الذي نَكَبَنَا ونَقَبَا ... زَوّجَهُ الرَّحمن غُولاً عقْرَبا
جمّع فيها ماله ولبْلَبا ... لبالب التّيس إذا تَهَبْهبَا
حتَّى إذا ما استطربَتْ واستطرَبَا ... عاينَ أشنا خَلقِ ربّيزرْنبَا
ذات نواتين وسَلعٍ أُسْقِبَا
يعني فرجها ونوَاتها، يقول، لم تُخْتَن.

من كتاب الحيوان للمؤلف:أبو عثمان عمرو


 

رد مع اقتباس
قديم 31 Mar 2013, 11:39 PM   #20
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتـاب الـحيـوان



جنون الجن وصرعهم
وأما قوله:
فإنْ كانت الجِنّان جُنّتْ فبالَحرى
فإنهم قد يقولون في مثل هذا، وقد قال دَعْلجُ بن الحكم:
وكيف يفِيق الدهرَ كعبُ بنُ ناشبٍ ... وشيطانه عِندَ الأهلَّة يُصْرَعُ
شعر فيه ذكر الجنون وأنشدني عبد الرحمن بن منصور الأُسَيْديِّ قبل أن يُجَنَّ:
جُنونكَ مجنونٌْ ولستَ بواجِدٍ ... طَبيباً يُداوِي منْ جُنونِ جُنونِ
وأنشدني يومئذ:
أتَوني بمجْنون يَسِيلُ لُعابُهُ ... وما صاحبي إلا الصَّحيحُ المسَلَّمُ
وفيما يشبه الأولَ يقولُ ابن ميَّادة:
فلما أتاني ما تقُولُ محاربٌ ... تَغَنَّتْ شياطيني وجُنَّ جُنونُها
وحاكتْ لها ممّا أقول قصائداً ... ترامَتْ بها صُهْبُ المَهارِي وجُونُها
وقال في التَّمثيل:
إنّ شَرخَ الشّبابِ والشّعرَ الأَس ... ودَ ما لم يُعاصَ كان جُنونا
وقال الآخر:
قالت عَهِدْتُك مجنوناً فقلتُ لها ... إنّ الشّبابَ جُنُونٌ بُرؤُه الكِبَرُ
وما أحسنَ ما قال الشّاعر حيث يقول:
فدقّت وجلّت واسبكرّت وأكمِلت ... فلو جُنَّ إنسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ
وما أحسن ما قال الآخر:
حمراء تامِكةُ السَّنام كأنّها ... جَملٌ بهودج أهلِهِ مظعونُ
جادَتْ بها عند الغداةِ يمين ... كلتا يَدَي عَمْرِو الغَداة يمينُ
ما إن يجودُ بمثلها في مثلها ... إلاّ كريمُ الخِيمِ أو مَجنونُ
وقال الجميح:
لو أنّني لم أنَلْ مِنكم مُعاقبةً ... إلاّ السِّنَانَ لذاقَ الموتَ مظعونُ
أُوْ لاختطبتُ فإني قد هَمْمتُ به ... بالسَّيفِ إنّ خطِيبَ السَّيف مجنونُ
وأنشد:
هُمُ أَحْمَوا حِمى الوَقَبى بضرْبٍ ... يؤلّفُ بَيْنَ أشتاتِ المنُون
فنَكَّبَ عنهم دَرءَ الأعادي ... ودَاوَوْا بالجُنون من الجُنونِ
وأنشدني جعفر بن سعيد:
إنَّ الجنونَ سِهامٌ بين أربعةٍ ... الرِّيحُ والبحْرُ والإنسانِ والجَملُِ
وأنشدني أيضاً:
احْذَر مغايظَ أقوامٍ ذوي حَسَبٍ ... إنّ المغيظ جَهُولُ السَّيفِ مجنونُ
وأنشدني أبو تمام الطائي:
منْ كلِّ أصلَعَ قد مالَت عمامتُه ... كأَنّه من حِذار الضَّيمِ مجنونُ
وقال القطاميّ:
يَتْبَعْنَ سَامِيةَ العَينين تَحْسَبُها ... مجنُونةً أو تُرَى ما لا تُرَى الإبلُ
وقال في المعني الأوَّل الزَّفَيانُ العُوافيّ:
أنا العُوافيُّ فمنْ عاداني ... أذقتُه بوادِرَ الهوان
حتّى تَرَاهُ مُطرِقَ الشّيطانِ
وقال مروانُ بن محمد:
وإذا تجنّنَ شاعرٌ أو مُفْحَمٌ ... أسعطْتُه بمرارة الشيطانِ
وقال ابن مُقبِل:
وعِنْدي الدُّهَيم لو أحُلُّ عِقالهَا ... فتُصْعدُ لم تَعْدَم من الْجِنِّ حادِيا
وقد صغَر الدُّهيَم ليس على التحقير، ولكن هذا مثل قولهم: دبَّت إليهم دويهيَة الدهر.
أحاديث الفلاة وَقال أبو إسحاق: وأما قول ذي الرُّمَّة:
إذا حَثَّهُنََّ الرَّكبُ في مُدْلهِمَّة ... أحاديثُها مثلُ اصطخاب الضّرائر
قال أبو إسحاق: يكون في النَّهار ساعاتٌ ترى الشّخص الصَّغيرَ في تلك المهامهِ عظيماً، ويُوجَد الصَّوت الخافضُ رفيعاً، ويُسمع الصَّوتُ الذي ليس بالرَّفيع مع انبساط الشّمس غدوة من المكان البعيد؛ ويُوجَد لأوساط الفَيافي والقِفار والرِّمال والحرار، في أنصاف النّهار، مثلُ الدَّويّ من طبع ذلك الوقت وذلك المكان، عند ما يعرض له، ولذلك قال ذو الرُّمَّة:
إذا قال حادينا لتَشْبيهِ نَبأةٍ ... صَهٍ لم يكنْ إلا دويُّ المسامع
قالوا: وبالدَّويّ سمِّيت دوِّيّة وداوية، وبه سمِّي الدوّ دَوّاً.

من كتاب الحيوان للمؤلف:أبو عثمان عمرو


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 08:26 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي