#1
|
||||||||
|
||||||||
الأخوة الغائبة
عندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤسس مجتمعا راسخا في الإيمان , مطبقا لسلوكياته على الأرض , منفذا لتعاليم التشريع في معاملات الناس وأخلاقهم وآمالهم وأحلامهم , وضع الأسس الأولى لذلك المجتمع بناء على أمرين أساسيين , المسجد كمؤسسة مركزية نورانية والأخوة نموذج تطبيقي دافعي ملهم . ومفهوم الأخوة الإيمانية مفهوم عميق في الرؤية الإسلامية, فهو يتعدى مفاهيم الصداقة والمعرفة والزمالة والصحبة وغيرها من التعريفات الاجتماعية للأفراد مع بعض . فلكأنه استعار لفظ الأخوة التي اختصت دوما بالأشقاء من دم ولحم ومن صلب واحد إلى نوع آخر ميثاقه الإيمان وعموده المحبة ودافعه الثواب والأجر يحيطه الصدق , ويؤمنه الإخلاص , فنزلت آيات القرآن الكريم تضبط الميثاق وتبين السبيل " إنما المؤمنون إخوة " فجعلت الإيمان دليل الأخوة وفي آية أخرى " فأصبحتم بنعمته إخوانا " , فجعل النعمة كأنها قد جسمت فصارت أخوة متحركة . وأخوة أخرى منبثقة عن الأخوة الإيمانية العامة سعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى بثها بين ثنايا المجتمع الناشئ في المدينة , وكأنه يطرح بين خيوط الثوب المنسوج الجديد خيوطا أكثر قوة وأشد متانة تميز الثوب وتشده وترفع قيمته . تلكم هي الأخوة الخاصة التي تنشأ بين اثنين أو اكثر , تلاقوا في طاعة الله لم يجمع بينهم دنيا , ولم تغوهم مصلحة , ولم يغرهم زخرف , بل كان لقاؤهم في الله طلبا للثواب , وكانت علاقاتهم في الله تزيد الإيمان يوما بعد يوم . فكلما زادت أخوتهم زاد إيمانهم , فهي أخوة لا تزيد بالعطاء ولا تنقص بالمنع , إذ قيمتها الأساسية لا تتعلق بالمنافع الدنيوية . وهي أخوة تضع الإيثار خلقا لها , فليست الأزمة في السير أبدا تحدث بين اثنين يسيران في الطريق مادام الطريق متسعا لهما , إنما تبين الحقائق عندما يضيق الطريق فلا يصبح ممكنا أن يمر فيه إلا واحد فقط , فعندئذ من يمر ! أنت أو صاحبك ؟! .. والإيثار الأخوي هنا يدفعك أن تقدم صاحبك في الخيرات كلها إيثارا على نفسك مهما كان بك حاجة " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " ولا يزال الموقف الرباني الإيماني المعجز الذي كان في أحد الغزوات , لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض أصحابه فقيل له أنهم مجروحون أو شهداء , فأمر بتفقدهم , فذهبوا إليهم فوجدوا أربعة لم يقضوا نحبهم بعد , فسألوهم هل لكم من حاجة , فقال الأول : شربة ماء , فجئ له بالماء فإذا بأخيه المجروح بجواره يطلب الماء , فقال أعطوه قبلي , وفعل الثاني ذلك مع الثالت و الثالث مع الرابع , كلهم يطلب أن يسقى أخوه قبله وهو في آخر رمق من الحياة , فلما عاد من الرابع إلى الأول فكان قد مات إلى الثاني إلى الثالث إلى الرابع حتى ماتوا جميعا , وقد آثروا على أنفسهم شربة الماء في آخر رمق من الحياة . وخلق آخر يحوي الأخوة فيلفها بحزام عفيف فيربطها برباط فروسي علوي سامق وهو خلق المروءة , فالأخوة والمروءة صنوان يكادان أن يجتمعا في معظم الماهية . فالأخوة تعني النجدة والمسارعة في الخيارات , والمدافعة عن الأخ إن ظلم , وتقويمه إن انحرف وتصويبه إن تردد , ونصحه إن جهل , والمسابقة اليه في الفضائل , وتكاد تلك المعاني أن تجمع في معنى المروءة , فلكأنما صارت الأخوة في ميثاق الإسلام مروءة متحركة وإيثارا معجزا , فما أروعها من مبادرة تجمع النفوس وتربي القلوب على طريق واحد بينما الكفوف في الكفوف والقلوب تدعم القلوب . أوضح نموذجها الأمثل النبي صلى الله عليه وسلم مع صاحبه إذ يخشى صاحبه عليه بينما هم في الغار في رحلة المدينة فيقول لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا يا رسول الله ويخلد القرآن الموقف الصادق من الصاحب الصدوق الصديق " إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا " . وأخوة تجعل أحدهما - المهاجري - وقد آخاه النبي صلى الله عليه وسلم بأنصاري كريم قد عرض عليه شطر ماله , واحدى زوجاته , يقول له بارك الله لك في زوجك وأهلك دلني على السوق , فينتج الصدق خيرا وتنتج المروءة بركة فيصير نتاج غنى مبارك . إن الناظر في حال الأخوة في الله في هذه الأزمان لينكسر قلبه لما يرى من أخوة ظاهرية بلا عمق , ومن علاقات قائمة على المصلحة الشخصية ومن تقارب وصحبة في السراء دون الضراء , ومن أخوة قائمة على التحزب لجماعة أو حزب , أو تبعية لشخص ما , أو من أخوة مؤقتة غير مستمرة تتغير بتغير الأحوال " فما أكثر الإخوان حين تعدهم .. ولكنهم في النائبات قليل " . قال الشافعي : من صدق في أخوة أخيه ,قتل علله , وسد خلله , وعفا عن زللـه . وقال أبو الدرداء : إذا تغير أخوك وحال عما كان عليه فلا تدعه لأجل ذلك فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم مرة
بالقرآن نرتقي
|
24 Nov 2013, 08:19 AM | #2 |
باحث جزاه الله تعالى خيرا
|
رد: الأخوة الغائبة
جزاكي الله خير اختي الفاضلة
|
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ» الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - خلاصة حكم المحدث: صحيح فلاتحرمونا دعائكم |
26 Nov 2013, 12:46 AM | #3 |
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **
|
رد: الأخوة الغائبة
|
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،، فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨ فهذا هو الخير ،،، 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87 🦋🍃 |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|