|
|
|
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
|
رد: النور المبين من كتاب عالم الجن والشياطين .
تمثل الشياطين أحياناً تأتي الشياطين لا بطريق الوسوسة ؛ بل تتراءى له في صورة إنسان ، وقد يسمع الصوت ، ولا يرى الجسم ، وقد تتشكل بصور غريبة ... وهي أحياناً تأتي الناس وتعرفهم بأنها من الجن ، وفي بعض الأحيان تكذب في قولها ، فتزعم أنها من الملائكة ، وأحياناً تسمي نفسها برجال الغيب ، أو تدعي أنها من عالم الأرواح وهي في كل ذلك تحدث بعض الناس ، وتخبرهم بالكلام المباشر ، أو بوساطة شخص منهم يسمى الوسيط ، تتلبس وتتحدث على لسانه ، وقد تكون الإجابة بوساطة الكتابة ... وقد تقوم بأكثر من ذلك ، فتحمل الإنسان ، وتطير به في الهواء ، وتنقله من مكان إلى مكان ، وقد تأتي له بأشياء يطلبها ، ولكنها لا تفعل هذا إلا بالضالين ، الذين يكفرون بالله ربّ الأرض والسماوات ، أو يفعلون المنكرات والموبقات .... وقد يتظاهر هؤلاء بالصلاح والتقوى ، ولكنهم في حقيقة أمرهم من أضلّ الناس وأفسقهم ، وقد ذكر القدامى والمحدثون من هذا شيئاً كثيراً ، لا مجال لتكذيبه والطعن فيه ؛ لبلوغه مبلغ التواتر . فمن ذلك ما ذكره ابن تيمية عن الحلاج قال : " وكان صاحب سيمياء وشياطين تخدمه أحياناً ، كانوا معه ( بعض أتباعه ) على جبل أبي قبيس ، فطلبوا منه حلاوة ، فذهب إلى مكان قريب ، وجاء بصحن حلوى ، فكشفوا الأمر فوجدوا ذلك قد سرق من دكان حلاوي باليمن ، حمله شيطان تلك البقعة " . قال : " ومثل هذا يحدث كثيراً لغير الحلاج ممن له حال شيطاني ، ونح نعرف كثيراً من هؤلاء في زمننا وغير زمننا ، مثل شخص هو الآن ( في زمن ابن تيمية ) بدمشق ، كان الشيطان يحمله من جبل الصالحية إلى قرية حول دمشق ، فيجيء من الهواء إلى طاقة البيت ، فيدخل وهم يرونه ، ويجيء بالليل على باب الصغير ( باب من أبواب دمشق الستة التي كانت يومئذ ) ، فيعبر منه هو ورفيقه ، وهو من أفجر الناس . وآخر كان بالشوبك ( قلعة حصينة في أطراف الشام ) من قرية يقال لها : الشاهدة ، يطير في الهواء إلى رأس الجبل والناس يرونه ، وكان شيطان يحمله ، وكان يقطع الطريق. وأكثرهم شيوخ الشرّ ، يقال لأحدهم : ( البوشي أبي المجيب ) ينصبون له خركاه في ليلة مظلمة ، ويصنعون خبزاً على سبيل القربات ، فلا يذكرون الله ، ولا كتاب فيه ذكر الله ، ثم يصعد ذلك البوشي في الهواء وهم يرونه ، ويسمعون خطابه للشيطان ، وخطاب الشيطان له . ومن ضحك أو سرق من الخبز ضربه الدف ، ولا يرون من يضرب به . ثم إن الشيطان يخبرهم ببعض ما يسألونه عنه ، ويأمرهم بأن يقربوا له بقراً وخيلاً وغير ذلك ، وأن يخنقوها خنقاً ، ولا يذكـرون اسم الله عليها ، فإذا فعلوا قضى حاجتهم " . ويذكر ابن تيمية أيضاً عن " شيخ أخبر عن نفسه أنه كان يزني بالنساء ويتلوط الصبيان ، وكان يقول : يأتيني كلب أسود بين عينيه نكتتان بيضاوان ، فيقول لي : فلان ابن فلان نذر لك نذراً ، وغداً نأتيك به ، فيصبح ذلك الشخص يأتيه بذلك النذر ، ويكاشفه هذا الشيخ الكافر " . ويذكر عن هذا الشيخ أنه قال : " وكنت إذا طلب مني تغيير مثل ( اللادن ) (صمغ يستعمل عطراً ودواء) أقول : حتى أغيب عن عقلي ، وإذا باللادن في يدي أو في فمي ، وأنا لا أدري من وضعه . قال : وكنت أمشي وبين يدي عمود أسود عليه نور . قال : فلما تاب هذا الشيخ ، وصار يصلي ويصوم ، ويجتنب المحارم ، ذهب الكلب ، وذهب التغيير ، فلا يأتي باللادن ولا غيره . ويحكى عن شيخ آخر كان له شياطين يرسلهم يصرعون بعض الناس ، فيأتي أهل ذلك المصروع إلى الشيخ يطلبون إبراءَه ، فيرسل إلى أتباعه ، فيفارقون ذلك المصروع ، ويعطون الشيخ دراهم كثيرة ، وكان أحياناً تأتيه الجن بدراهم وطعام تسرقه من الناس ، حتى إن بعض الناس كان له تين في كوارة ، فيطلب الشيخ من شياطينه تيناً فيحضرونه له ، فيطلب أصحاب الكوارة التين ، فيجدونه قد ذهب . ويذكر عن آخر أنه كان مشتغلاً بالعلم فجاءَته الشياطين وأغوته ، وقالوا له : نحن نسقط عنك الصلاة ، ونحضر لك ما تريد ، فكانوا يأتونه بالحلوى ، حتى حضر عند بعض الشيوخ العارفين بالسنة فاستتابه ، وأعطى أهل الحلاوة ثمن حلاوتهم التي أكلها ذلك المفتون بالشيطان " (1) . وبين شيخ الإسلام بعض طرق الشيطان في الإغواء ، فقال (2) : " أنا أعرف من تخاطبه النباتات بما فيها من المنافع ، وإنما يخاطبه الشيطان الذي دخل فيها ، وأعرف من يخاطبهم الشجر والحجر ، وتقول : هنيئاً لك يا ولي الله ، فيقرأ آية الكرسي فيذهب ذلك ، وأعرف من يقصد صيد الطير ، فتخاطبه العصافير وغيرها ، وتقول : خذني حتى يأكلني الفقراء ، ويكون الشيطان قد دخل فيها كما يدخل في الإنسان ويخاطبه بذلك . ومنهم من يكون في البيت وهو مغلق ، فيرى نفسه خارجه ، وهو لم يفتح ، وبالعكس ، وكذلك في أبواب المدينة ، وتكون الجن قد أدخلته وأخرجته بسرعة يتصورون بصورة صاحبه ، فإذا قرأ آية الكرسي مرة بعد مرة ذهب ذلك كله " . ويقول رحمه الله : " وأعرف من يخاطبه مخاطب ويقول له : أنا من أمر الله ، ويعده بأنه المهدي الذي بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويظهر له الخوارق ، مثل أن يخطر بقلبه تصرف في الطير والجراد في الهواء ، فإذا خطر بقلبه ذهاب الطير أو الجراد يميناً أو شمالاً ذهب حيث أراد ، وإذا خطر بقلبه قيام بعض المواشي ، أو نومه ، أو ذهابه ، حصل له ما أراد من غير حركة منه في الظاهر ، وتحمله إلى مكة وتأتي به ، وتأتيه بأشخاص في صورة جميلة ، وتقول له : هؤلاء الملائكة الكروبيون جاؤوا لزيارتك ، فيقول في نفسه : كيف تصوروا بصورة المردان ؟ ! فيرفع رأسه فيجدهم بلحى ، ويقولون له : علامة أنك المهدي أنك تنبت في جسدك شامة ، فتنبت ويراها ، وغير ذلك ، وكله من مكر الشيطان " (3) . وبين رحمه الله " أن أهل الضلال والبدع الذين فيهم زهد وعبادة على غير الوجه الشرعي ، ولهم أحياناً مكاشفات وتأثيرات ، يأوون كثيراً إلى مواضع الشياطين التي نُهي عن الصلاة فيها ؛ لأن الشياطين تتنزل عليهم بها ، وتخاطبهم الشياطين ببعض الأمور كما تخاطب الكهان ، وكما كانت تدخل في الأصنام ، وتكلم عابدي الأصنام ، وتعينهم في بعض المطالب كما تعين السحرة ، وكما تعين عباد الأصنام وعباد الشمس والقمر والكواكب ، إذا عبدوها بالعبادات التي يظنون أنها تناسبها ، من تسبيح لها ولباس وبخور وغير ذلك ؛ فإنه قد تنزل عليهم شياطين يسمونها روحانية الكواكب ، وقد تقضي بعض حوائجهم " (4) . الذين تخدمهم الشياطين يتقربون إليها بالمعاصي : هؤلاء الذين يزعمون الولاية – والحقيقة أن الشياطين تخدمهم – لا بدّ أن يتقربوا إلى الشياطين بما تحبه من الكفر والشرك ؛ كي يقضوا بعض أغراضه ، ويذكر ابن تيمية (5) : أن كثيراً من هؤلاء يكتبون كلام الله بالنجاسة ، وقد يقلبون حروف كلام الله عزّ وجلّ ، إمّا حروف الفاتحة ، وإما حروف ( قل هو الله أحد ) ، وإما غيرهما – ويذكر أنهم قد يكتبون كلام الله بالدم أو بغيره من النجاسات ، وقد يكتبون غير ذلك مما يرضاه الشيطان ، أو يتكلمون بذلك . فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطين ، أعانتهم على بعض أغراضهم : إما تغوير ماء من المياه ، وإما أن يحمل في الهواء إلى بعض الأمكنة ، وإما أن يأتيه بمال من أموال بعض الناس ، كما تسرقه الشياطين من أموال الخائنين ، ومن لم يذكر اسم الله عليه ، وتأتي به ، وإما غير ذلك . رجال الغيب : يذكر شارح الطحاوية : " أن من الشياطين ما يسميه الناس رجال الغيب ، وأن بعض الناس يخاطبونهم ،وتحصل لهؤلاء خوارق يزعمون بها أنهم أولياء الله ، وأن بعض هؤلاء يعين المشركين على المسلمين ، ويقول : إن الرسول أمره بقتال المسلمين مع المشركين ، لكون المسلمين عَصَوْا " . ويعقب شارح الطحاوية على ذلك قائلاً : " هؤلاء في الحقيقة إخوان المشركين ، وذكر أنّ الناس من أهل العلم في رجال الغيب ثلاثة أحزاب : 1- حزب يكذبون بوجود رجال الغيب ، ولكن قد عاينهم الناس ، وثبت عمن عاينهم ، أو حدثه الثقات بما رأوه ، وهؤلاء إذا رأوهم وتيقنوا وجودهم ، خضعوا لهم . 2- وحزب عرفوهم ، ورجعوا إلى القدر ، واعتقدوا أن ثَمّ في الباطن طريقاً إلى الله غير طريقة الأنبياء . 3- وحزب ما أمكنهم أن يجعلوا ولياً خارجاً عن دائرة الرسول ، فقالوا : يكون الرسول هو محمداً للطائفتين . فهؤلاء معظمون للرسول جاهلون بدينه وشرعه " . ثم قال مبيناً حقيقة هؤلاء وأتباعهم : " والحق أن هؤلاء من أتباع الشياطين ، وأن رجال الغيب هم الجن ، ويسمون رجالاً ، كما قال تعالى : ( وأنَّه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن فزادوهم رهقاً ) [ الجن : 6 ] ، وإلا فالإنس يؤنسون ، أي يشهدون ويرون ، وإنما يحتجب الإنس أحياناً ، لا يكون دائم الاحتجاب عن أبصار الإنس ، ومن ظنهم من الإنس فمن غلطه وجهله " . ثم بين أن السبب في الاختلاف فيهم وفي افتراق هذه الأحزاب الثلاثة عدم الفرقان بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن ، وبيّن أنه يجب عرض أفعال الناس وأقوالهم وحالهم على الكتاب والسنة ، فما وافقهما كان صالحاً ،وما خالفهما كان غالطاً ، ومهما فعل الإنسان وتبدى من حاله لا يكون مؤمناً ولا ولياً لله – وإن طار في الهواء ، ومشى على الماء ما لم يكن ملتزماً بالكتاب والسنة (6) . فلا بد أن يكون عند العبد الميزان الذي يفرق به بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ، والصالحين والطالحين ، وإلا ضّل وزاغ ، وظن أعداء الله أولياءَه ، هذا الميزان هو الكتاب والسنة ، فإذا كان العبد ملتزماً بهما فنعم ، وإلا فإنّه ليس على شيء ، ولو رأيناه يحي الأموات ، ويحول المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة يقول ابن تيمية : " ومن لم يميز بين الأحوال الرحمانية والنفسانية اشتبه عليه الحق بالباطل ، ومن لم ينوّر الله قلبه بحقائق الإيمان واتباع القرآن ، لم يعرف طريق المحق من المبطل ، والتبس عليه الأمر والحال ، كما التبس على الناس حال مسيلمة صاحب اليمامة وغيره من الكذابين في زعمهم أنهم أنبياء وإنما هم كذابون " (7) . وقد ألف ابن تيمية كتاباً عظيماً ، إذا عرفته ، تبين لك الفارق الكبير بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان بحيث لا يشتبه عليك بعد ذلك أمر أولياء الشيطان ، وقد أسماه " الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان " . لا تسخر الجن لأحد بعد نبي الله سليمان : استجاب الله لنبيه سليمان ، ووهب له ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده ، فإذا حصل طاعة من الجن لأحد من الإنس ، فلا يكون على سبيل التسخير ، وإنما برضى الجني ، وهل يجوز ذلك ؟ يقول ابن تيمية (8) : " الجن مع الإنس على أحوال : فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه ، ويأمر الإنس بذلك ، فهذا من أفضل أولياء الله تعالى ، وهو في ذلك من خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم ونوابه . ومن كان يستعمل الجن في أمور مباحة له ، فهو كمن استعمل الإنس في أمور مباحة له ، وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم ، وينهاهم عما حرّم عليهم ، ويستعملهم في مباحات له ، فيكون بمنزلة الملوك ، الذين يفعلون مثل ذلك ، وهذا إذا قدّر أنه من أولياء الله ، فغايته أن يكون في عموم أولياء الله مثل النبي الملك مع العبد الرسول ، كسليمان ويوسف مع إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . ومن كان يستعمل الجنّ فيما ينهى الله عنه ورسوله إما في الشرك ، وإما في قتل معصوم الدم ، أو في العدوان عليهم بغير القتل ، كتمريضه وإنسائه العلم ، وغير ذلك من الظلم ، وإما في فاحشة ، كجلب من يطلب منه الفاحشة ، فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان ، ثمّ إن استعان بهم على الكفر فهو كافر ، وإن استعان بهم على المعاصي فهو عاص : إما فاسق ، وإما مذنب غير فاسق . وإن لم يكن تام العلم بالشريعة ، فاستعان بهم فيما يظن أنه من الكرامات ، مثل أن يستعين بهم على الحج ، أو يطيروا به عند السماع البدعي ، أو أن يحملوه إلى عرفات ، ولا يحج الحج الشرعي الذي أمره الله به ورسوله ، وأن يحملوه من مدينة إلى مدينة ، ونحو ذلك ، فهذا مغرور قد مكروا به " . -------------------------------- (1) جامع الرسائل لابن تيمية : ص190-194 . (2) مجموع الفتاوى : 11/300 . (3) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام : 11/300 . (4) مجموع الفتاوى : 19/41 . (5) مجموع الفتاوى : 19/35 . (6) شرح العقيدة الطحاوية : 571-572 . (7) جامع الرسائل : ص197 . (8) مجموع الفتاوى : 11/307 . ــــــــــــ
•
اريد ان اخبركم سراٌ
• عالم رياضيات أمريكي: الإسلام هو دين الله حقاً • ماعلاقة الشيطان بالمرض والادويه ؟؟ |
09 Jul 2012, 03:32 AM
|
#2 |
|
موقوف
اللهم لك الحمد ولك الشكر
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: النور المبين من كتاب عالم الجن والشياطين .
المطلب الثالث
تحضير الأرواح انتشر في عصرنا القول بتحضير الأرواح ، وصدّق بهذه الفِرية كثير من الذين يعدّهم الناس عقلاء وعلماء . وتحضير الأرواح المزعوم سبيله ليس واحداً ، فمنه ما هو كذب صراح ، يستعمل فيه الإيحاء النفسي ، والمؤثرات المختلفة ، والحيل العلمية ، ومنه ما هو استخدام للجنّ والشياطين . وقد كشف الأستاذ الدكتور محمد محمد حسين في كتابه ( الروحية الحديثة ) كثيراً من خداع هؤلاء وتزويرهم للحقيقة ، فهم لا يجرون تجاربهم كلها إلا في ضوء أحمر خافت ، هو أقرب إلى الظلام ، وظواهر التجسيد ، والصوت المباشر ، ونقل الأجسام ، وتحريكها تجرى في الظلام الدامس ، ولا يستطيع المراقب أن يتبين مواضع الجالسين ، ولا مصدر الصوت ، ولا يستطيع كذلك أن يميز شيئاً من تفاصيل المكان ، كجدرانه أو أبوابه أو نوافذه . وتكلم الدكتور محمد عن ( الخباء ) وهو حجرة جانبية معزولة عن الحاضرين أو جزء من الحجرة التي يجلسون فيها تفصل بحجاب كثيف ، وهذا المكان المنفصل معدّ لجلوس الوسيط الذي تجرى على يديه ظواهر التجسد المزعوم . ومن هذا المكان المحجوب بستار يضاف إلى حجاب الظلام السابق تخرج الأرواح المزعومة متجسدة ، وإليه تعود بعد قليل ، ولا يسمح للحاضرين بلمس الأشباح . ويرى الدكتور أن الروحيين لا يعْدِمون في مثل هذا الجو المظلم قوالب علمية يصبون فيها حيلهم . والتدليس على الناس بالحيل طريقة قديمة معروفة ، يضلّ بها شياطين الإنس عباد الله ، يطلبون الوجاهة عند الناس ، كما يطلبون مالهم ، فقد ذكر ابن تيمية (1) عن فرقة في عصره كانت تسمى ( البطائحية ) : أنهم كانوا يدّعون علم الغيب والمكاشفة ، كما يدعون أنهم يرون الناس رجال الغيب ، ثم كشف شيئاً من دجلهم ، فقد كانوا يرسلون بعض النساء إلى بعض البيوت يستخبرون عن أحوال أهلها الباطنة ، ثم يكاشفون صاحب البيت بما علموه ، زاعمين أن هذا من الأمور التي اختصوا بالاطلاع عليها . ووعدوا رجلاً – كانوا يمنونه بالملك – أن يروه رجال الغيب ، فصنعوا خشباً طوالاً ، وجعلوا عليها من يمشي كهيئة الذي يلعب بأكر الزجاج ، فجعلوا يمشون على جبل المزة ، وذلك المخدوع ينظر من بعيد ، فيرى قوماً يطوفون على جبل ، وهم يرتفعون عن الأرض ، وأخذوا منه مالاً كثيراً ، ثم انكشف له أمرهم . ودلسوا على آخر كان يدعى (قفجق) ، إذ أدخلوا رجلاً في القبر يتكلم ، وأوهموه أن الموتى تتكلم ؛ وأتوا به إلى مقابر باب الصغير إلى رجل زعموا أنه الشعراني الذي بجبل لبنان ، ولم يقربوه منه ، بل من بعيد ، لتعود عليه بركته ، وقالوا : إنه طلب منه جملة من المال ، فقال (قفجق) : الشيخ يكاشف وهو يعلم أن خزائني ليس فيها هذا كله ، وتقرب قفجق ، وجذب الشعر ، فانقلع الجلد الذي ألصقوه على جلده من جلد الماعز . وقد بين الدكتور محمد محمد حسين أن الوسيط – وهو شخص يزعم أهل هذا المذهب الروحيون أن فيه استعداداً فطرياً يؤهله لأن يكون أداة يجري عن طريقها التواصل – غالباً ما يكون دجالاً كبيراً ، وغشاشاً مدلساً ، وبين كيف أن كثيراً من هؤلاء الوسطاء لا يكون على خلق ولا دين ، بل إن الروحانيين لا يشترطون في الوسيط شيئاً من ذلك ، وقد ذكر حادثة جرت معه شخصياً تبين له بعد تحقيق منه في الموضوع أن الوسيط كان دجالاً كاذباً . وبين كيف أن بعض الحضور يكونون متواطئين مع المحضرين ، وكيف يحترس في انتقاء الذين يسمح لهم بحضور مثل هذه الجلسات ، وكيف يعللون إخفاقهم إذا وجد في الحضور بعض الأذكياء النبهاء . وقد أفاض الدكتور محمد محمد حسين في الكشف عن الطريق الأولى التي يزعم الروحانيون أنهم يحضرون بها الأرواح ، وهي طريق الدجل والكذب ، واستعمال المؤثرات النفسية والحيل العلمية . وأشار مجرد إشارة إلى الطريق الثانية وهي استخدام الجن ، وأرى أن غالب الدعوات التي يزعم أصحابها تحضير الأرواح هي من هذا القبيل . تحضير الأرواح دعوة قديمة : دعوى تحضير الأرواح ليست جديدة ، بل هي قديمة ، وقديمة جداً ، وقد نقلنا فيما سبق كيف كان بعض الناس يتصلون بالجن ، بل حفظت لنا كتب الثقات أن بعض الناس كانوا يزعمون أن أرواح الموتى تعود إلى الحياة بعد الموت ، يقول ابن تيمية : " ومن هؤلاء ( أي أهل الحال الشيطاني من الكفرة والمشركين والسحرة ونحوهم ) من إذا مات لهم ميت يعتقدون أنه يجيء بعد الموت يكلمهم ، ويقضي ديونه ، ويرد ودائعه ، ويوصيهم بوصايا ، فإنهم يأتيهم تلك الصورة التي كانت في الحياة ، وهو شيطان تمثل في صورته ، فيظنونه إياه " (2) . تجربة معاصرة : هذه تجربة حصلت مع الكاتب أحمد عز الدين البيانوني ، ذكرها في كتاب الإيمان بالملائكة ، حرصت على نقلها بنصها في هذا الموضوع يقول الكاتب : " لقد شغل ( استحضار الأرواح ) المزعوم أفكار الناس في الشرق والغرب ، فكُتبت فيه مقالات ، بلغات مختلفات ، نُشرت في مجلات عربية وغير عربية ، وألفت فيه مؤلفات ، وبحث فيه باحثون ، وجربه مجربون ، اهتدى بعد ذلك العقلاء منهم إلى أنه كذب وبهتان ، ودعوة إلى كفر وطغيان . إن استحضار الأرواح ، الذي يزعمه الزاعمون ، كذبٌ ودجل وخداع ، وما الأرواح المزعومة إلا شياطين تتلاعب بالإنسان ، وتخادعه . وليس في استطاعة أحد أن يستحضر روح أحد ؛ فالأرواح بعد أن تفارق الأجساد ، تصير إلى عالم البرزخ . ثم هي إما في نعيم وإما في عذاب ، وهي في شغل شاغل عما يدعيه مستحضرو الأرواح . وقد دُعيتُ أنا إلى ذلك ، من قبل هذه الأرواح ، وجربته بنفسي تجربة طويلة ، وظهر لي أنه كذب ودجل وخداع ، علي أيدي شياطين تتلاعب ، غرضهم من ذلك تضليل الناس وخداعهم ، وموالاة من يواليهم .... " . بدء التجربة : ويتابع أحمد عزّ الدين كلامه قائلاً : " عرفت منذ أكثر من عشر سنوات تقريباً رجلاً ، يزعم أنه يستخدم الجن في أمور صالحة في خدمة الإنسان ، وذلك بوساطة وسيط من البشر . ويزعم أنه توصّل إلى ذلك بتلاوات وأذكار طويلة ، قضى فيها زمناً طويلاً ، دلّه عليها بعض من يزعم أنه على معرفة بهذا العلم ! جاءني الوسيط ذات يوم يبلغني دعوة فلانٍ وفلانة من الجن ، لحديث هامّ ، لي فيه شأن عظيم . فذهبت في الموعد المحدد ، متوكلاً على الله ، فرحاً بذلك ، لأطلع في هذه التجربة على جديد " . كيف بدأت المخادعة ؟ " من أول أساليب الخداع التي سُلكت معي ، أن طريقة الاستحضار ، استغفار وتهليل وأذكار ، مما يجعل الإنسان لأول وهلة ، يظن أنه يتحدث مع أرواح علوية صادقة طاهرة . دخلت بيت الوسيط ، وخلونا معاً في غرفة ، وجلس هو على فراش ، وبدأنا – بدلالته طبعاً نستغفر ونهلل – حتى أخذته إغفاءة ، فَأضجعته أنا على فراشه ، وسجيته بغطاء ، كما علمني أن أفعل ، وإذا بصوت خافت ، يسلم صاحبه عليّ ، ويظهر حفاوته بي وحبه ، ويعرفني بنفسه ، إنه مخلوق ، يزعم أنه ليس من الملائكة ، ولا من الجنّ ، ولكنه خلق آخر ، من نوع آخر ، وُجد بقوله تعالى " كن " فكان . وهذا على زعمه أنّ الجن لا يصدرون إلا عن أمره ، وأن بينه وبين الله تعالى في تلقي الأوامر خمس وسائط فقط ، خامسهم جبريل عليه السلام . وأخذ يثني عليّ ، ويقول : إنهم سيقطعون كل علاقة لهم بالبشر ، وسيكتفون بلقائي ، لأني على زعمهم صاحب الخصوصية في هذا العصر ، وموضع العناية من الله تعالى ، وأن الله تعالى هو الذي اختارني لذلك . ووعدني بوعود رائعة ، فيها العجب العجاب . واستسلمت لهذه التجربة الجديدة ، والدعوة الخادعة ، متوكلاً على الله عزّ وجلّ ، سائلاً الله تعالى أن يعصمني من الزلل ، وأن يهديني إلى الحقّ المبين ، مستضيئاً بنور العلم ، سالكاً سبيل الاستقامة ، والحمد لله تعالى . ولما انقضى اللقاء الأول ، دعاني إلى لقاء آخر ، في موعد آخر ، ثم دلني هو نفسه على تلاوة خاصة ؛ لإيقاظ الوسيط من غيبوبته . وكان ذلك ، وجلس الوسيط ، وعرك عينيه ، كأنه انتبه من نوم عميق ، ولا علم له بشيء مما جرى . ورجعت في الموعد المحدد أيضاً ، وتم بيننا بعد لقاءات مدة طويلة ، وفي كل لقاء ، تتجدد الوعود الحسنة ، ويوصف لي المستقبل الرائع الذي ينتظرني ، والنفع العظيم الذي تلقاه الأمة على يديّ . تطور الموضوع : وتطور الأمر ، فأخذ كثير من الأرواح يزورونني في كل لقـاء ، بمقدمات من الأذكار ، وبغير مقدمات ، فقد أكون مع الوسيط على طعام ، أو على تناول كأس من الشاي ، فتأخذه الإغفاءة المعهودة ، فيميل رأسه إلى الأمام ، وتلتصق ذقنه بصدره ، ويحدثني الزائر الذي يزعم أنه من الملائكة ، أو من الجن ، أو من الصحابـة ، أو من الأولياء ، حديثاً يغلب عليه طابع الاحترام والإجلال ، والتبرك بزيارتي ، وتبشيري بالمستقبل الزاهر المبارك ، ثم ينصرف ، ويجيء غيره وغيره ... " . من الزائرون ؟ " زارني فيما زعموا أفراد من الملائكة ، وأفراد من الجن ، وأبو هريرة رضي الله عنه من الصحابة ، وطائفة من الأولياء ، أمثال أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه ، وطائفة من أهل العلم والفضل ، المشهود لهم بالعلم والولاية ، أمثال الشيخ أحمد الترمانيني رحمه الله تعالى ، وبعض من أدركتهم من أهل العلم والفضل ، ثم أدركتهم الوفاة ، ومنهم والدي رحمه الله تعالى . وبشروني بزيارة والدي إياي ، في وقت عينوه ، وانتظرت الموعد بلهف ، ولما كان الموعد المنتظر ، كلفوني أن أقرأ سورة (( الواقعة )) جهراً ، فقرأتها ، ولما فرغت من قراءَتها ، قالوا : سيحضر والدك بعد لحظات ، فاسمع ما يقول ، ولا تسأله عن شيء !!! " . بدء انتباهي : " وبعد دقائق جاءني ، جاء من يزعم أنه أبي ، فسلم علي ، وأظهر سروره بلقائي ، وفرحه بي على صلتي بهذه الأرواح ، وأوصاني أن أعتني بالوسيط وأهله ! وأن أرعاه رعاية عطف وإحسان ، إذ لا مورد له من المال إلا من هذا الطريق . وختم حديثه بالصلاة الإبراهيمية ، وأنا أعلم أنه رحمه الله تعالى ، كان شديد الولع بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا سيما الإبراهيمية . وكان من العجب أن لهجة المتحدث شبيهة إلى حدّ ما بلهجة الوالد . ثم سلم وانصرف . وأخذت أتسائل في نفسي : لم أوصوني أن لا أسأله عن شيء ؟ ! في الأمر سر ولا شك ! السر الخفي الذي انكشف لي آنذاك ، أنه ليس بوالدي ، ولكنه قرينه من الجن ، الذي صحبه مدة حياته ، فجاءني يمثل لي صوته ، ويتشبه بخصوصية من خصوصياته . أوصوني أن لا أسأله عن شيء ؛ لأن القرين من الجن ، مهما عرف من شأن والدي وحفظ من أحواله ، فلن يستطيع أن يحفظ كل جزئية يعرفها الولد من أبيه ، فحذروا أن أسأله عن شيء من ذلك ، فلا يجيبني ، فيفتضح الأمر . ثم سلكوا معي في لقائي مع الآخرين ، أن لا يعرفوني بأسمائهم إلا عند انصرافهم ، فيقول أحدهم : أنا فلان ، ويسلم ، وينصرف على الفور . وفي ذلك من السر ما ذكرت : فلو أخبرني واحد منهم عن نفسه ، وهو مشهود له بالعلم ، فبحثت معه في إشكال علمي ، لعجز عن الجواب ، وانكشف الأمر . وقد أتاني آتٍ مرة يناقشني في إباحة كشف وجه المرأة ، وأنه ليس بعورة ، فرددت عليه ، ورد عليّ رداً ليس فيه رائحة العلم ، واحتدم الجدال بيننا . فقلت له : وماذا تجيب عن أقوال الفقهاء الذي قالوا : إن وجه المرأة عورة ، أو يجب ستره خشية الفتنة ؟ وانتهى الجدال إلى غير جدوى ، ثم أخبرني أنه الشيخ أحمد الترمانيني ، وانصرف . فانكشف لي أنه الكذب لا شك فيه ، لأن الشيخ المذكور من كبار فقهاء الشافعية ، والسادة الشافعية يقولون : المرأة كلها عورة ، ولو عجوزاً شمطاء . فلو أنه كان هو الشيخ المذكور ، وانكشف له من العلم جديد ، وهو في عالم البرزخ ، لأخبرني بذلك ، وأرشدني إلى دليله . ولكنه الكذب والخداع ، وإرادة التضليل . وأبى الله تعالى – والحمد لله – إلا هداي ، وثباتي على الحق والهدى . فكشفُ المرأة وجهها ، ولا سيما في هذا الزمان الفاسد والمجتمع المريض ، أمر لا يُقره ذو عقل ودين " . انكشاف الحقيقة ! " ولم تزل تنكشف لي الحقيقة على وجهها مرة بعد مرة ، وفي تجربة بعد تجربة ، حتى تحقق عندي أن الأمر كله كذب وبهتان ، ودجل وطغيان ، لا أساس له من تقوى ، ولا قائمة له على دين . فالوسيط الذي يعتنون بشأنه ، ويوصون بحسن رعايته وإكرامه ، تارك صلاة ، ولا يأمرونه بها . وهو يحلق لحيته ، ولا يأمرونه بإِطلاقها . ثم هو يأكل أموال الناس بالباطل ، وبالوعود الخادعة ، ولا مورد له إلا من هذا الطريق الخبيث . جاءني رجل بعدما عرف صلتي بهذا الوسيط ، يشكو إليّ أنه خدعه ، فأخذ منه ثلاثمائة ليرة سورية ، وهو فقير ، وفي أشد الحاجة إليها . فألزمت الوسيط بردّها إليه ، فاستجاب لذلك حرصاً منه ومن شياطينه على بقاء صلتي بهم . والوسيط وأسرته تقوم حياتهم على الكذب في أكثر شؤونهم ) . الخاتمة : وختم الشيخ أحمد عز الدين كلامه على هذه التجربة بقوله : " حاولت هذه الأرواح بعدما انكشف لي أمرها أن تسلك معي مسلك التهديد ، فلم يزلزل ذلك من قلبي شيئاً ، والحمد لله . وقد كنت كتبت في هذه المدة الطويلة مما حدثوني به ما ملأ دفترين كبيرين ، جمعت فيهما أكثر ما حدثوني به . ولما ظهر الباطل ظهوراً لا يحتمل التأويل ، قطعت الصلة بهم ، وحكمت عليهم بما حكمت ، وأحرقت الدفترين اللذين امتلأا بالكذب والخداع . فهذه الأرواح التي تدّعي أنها أرواح رجال من الصحابة والأولياء والصالحين ، كلها شياطين ، لا ينبغي لمؤمن عاقل أن ينخدع بها . وجميع الصور التي اعتادها مستحضرو الأرواح كذب وباطل . سواء في ذلك طريقة الوسيط التي ذكرتها وجربتها ، وطريقة المنضدة والفناجين التي ذكرها لي بعض من جربها ، ووصل إلى النتيجة التي وصلت إليها . ومن عجيب الأمر أني قرأت بعد ذلك كتباً مؤلفةً في هذا الموضوع ، فإذا بالمجربين العاقلين وصولوا إلى مثل ما وصلت إليه ، وحكموا على تلك الأرواح ، أنها قرناء بني آدم من الجن ، كما هداني الله تعالى إلى ذلك من قبل ، والحمد لله . وقد أديت بكلمتي هذه النصح الواجب ، والله الهادي والموفق " . خطر هذه الدعوات : هذه الدعوات التي تزعم أن بإمكانها تحضير الأرواح اتخذها شياطين الجن والإنس سبيلاً لإفساد الدين ، فهذه الأرواح التي تُحضّر ، وهي في الحقيقة شياطين تتكلم بكلام يحطم الدين وينسفه ، وتقر مبادئ ومثلاً جديدة تعارض الحق كل المعارضة ، ففي واحدة من هذه الجلسات زعمت الروح ( الشيطان ) على لسان الوسيط أن جبريل قد حضر هذه الجلسة ، ولما كان الحضور لا يعرفون جبريل قالت : " ألا تعرفون جبريل الذي كان ينزل بالقرآن على محمد ؟ ! إنه يبارك هذا الاجتماع " . وينقل الدكتور محمد محمد حسين عن مجلة ( عالم الروح ) من مقال لها بعنوان (حديث الروح الكبير هوايت هوك) ما يأتي : ( يجب أن نتحد في هذه الحركة ، في هذا الدين الجديد ، يجب أن تسودنا المحبة ، ويجب أن تكـون لنا قدرة على الاحتمال والتفاهم ... رسالتي ( المتحدث هنا الروح أي الشيطان ) أي أواسي المحروم ، وأساعد الإنسان على تحرره في نفسه من الله تعالى ، ( وصدق وهو كذوب فهذه رسالته ، أي يجعله يكفر بالله ) الإنسان إله مكسو بعناصر الأرض (هكذا ينفخ في الإنسان ، ويكذب عليه ليضله) ، وهو لن يدرك ما في مقدوره ما لم يحس بجزئه الملائكي الإلهي ... ، الروحية ستكون أقدر من غيرها على تأسيس دين جديد واسع للعالم كله " . وينقل عن هذه المجلة أيضاً تعريفاً بالمنظمة التي أسست لهذه الغاية " إن هذه المنظمة ستكون لكل البشرية ، وعن طريقها سوف يوضح لنا سكان العالم الروحي طريقة جديدة للحياة ، ويعطوننا فكرة جديدة عن الله ومشيئته ، إنهم سوف يأتون لنا بالسلام والطمأنينة الروحية وبسعادة النفس والقلب ، سوف يحطمون الحواجز بين الشعوب والأفراد ، وبين العقائد والأديان (هكذا) ... إنّ العضوية في هذه المنظمة بدون نظر للوطن أو اللون أو الدين أو المذهب السياسي " . وقد تزعم الأرواح أنها مرسلة من عند الله ، فالدكتور محمد محمد حسين يذكر أن محمد فريد وجدي نقل عن هذه الأرواح ( الشياطين ) قولها : " نحن مرسلون من عند الله كما أرسل المرسلون قبلنا ، غير أن تعاليمنا أرقى من تعاليمهم ، فإلهنا هو إلههم ، إلا أن إلهنا أظهر من إلههم ، وأقل صفات بشرية وأكثر صفات إلهية ... ، لا تخضع لأي عقيدة مذهبية ، ولا تقبل بلا بصر ولا روية تعاليم لا تستند إلى العقل " . وهم يزعمون أنّ الرسل والأنبياء ما هم إلا وسطاء على درجة عالية من الوساطة ، وأن المعجزات التي جرت على أيديهم ليست إلا ظواهر روحية ، كالظواهر التي تحدث في حجرة تحضير الأرواح ، ويزعمون أنهم يستطيعون أن يعيدوا أحداث ما نسب للمسيح عن طريق الأرواح . وقد قامت بعض الصحف بحملة دعائية كبيرة ، زعمت أن أحد محضري الأرواح في أمريكا يستطيع أن يقوم بمثل معجزات المسيح ، فهو يعيد البصر إلى الأعمى ، والنطق إلى الأبكم ، والحركة للمشلول ، بقي أن تعلم أن الطبيب المزعوم طفل في العاشرة من عمره يدعى ( ميشيل ) . وعندما يأتيه المريض يضع أنامله عليه ، ويتمتم ببعض الأدعية والكلمات فتحدث المعجزة . ويقولون : إن هذا الطفل ورث الموهبة الروحانية عن والده ، وهو لا يتقاضى شيئاً من المال عما يقوم به من أعمال (3) . ووراثة هذا الطفل الأعمال من أبيه تذكرنا بقصة تروى في بعض نواحي فلسطين ، يقول الرواة : إن أحد الرجال الذين كانوا يظهرون الصلاح والتقى ، كان يفعل عجباً ، فقد كان – في ذلك الوقت الذي لم تظهر فيه الطائرة والسيارة – ينطلق إلى الحج في ليلة عرفة ، فيشهد ذلك اليوم مع الحجيج ، ويسلمهم رسائل من أقاربهم وذويهم ، ويأخذ منهم رسائل إلى أقاربهم وذويهم ، ويعود في الليلة الأخرى ، وكان كثير من الناس يعتقد فيه الصلاح والخير ، على الرغم من أنه ما كان يقوم بمناسك الحج ، ولا يمكث في منى المدة المقررة ، ولا يرمي الجمرات . ثم شاء الله أن يكشف باطله ، ويظهر أمره للناس ، فعندما جاءَه الموت استدعى ابنه الأكبر ، وأخبره أن جملاً سيأتيه ليلة عرفة ، ويحمله إلى عرفات في كل عام ، ولما جاء الجمل وركبه الابن ، وسار مسافة وقف ، وتحدث إلى الابن وأخبره أنه شيطان ، وأن أباه كان يعبده ، ويسجد له ، وفي مقابل ذلك يخدمه مثل هذه الخدمات ، ولما رفض الابن السجود له ، واستعاذ بالله منه ، تركه في الصحراء ، وقدر الله له الرجوع ، وكشف حقيقة أبيه الكافر . وقد أشار إلى هذه القصة البيانوني في كتابه ( الملائكة ) بأخصر مما أثبتناه هنا . هل يمكن استحضار الأرواح ؟ لقد وضعت مجلة ( سينتفيك أمريكان ) جائزة مالية ضخمة لمن يقيم الحجة على صدق الظواهر الروحية ، ولا تزال الجائزة قائمة لم يظفر بها أحد على الرغم من انتشار الروحيين ونفوذهم وبراعتهم في أمريكا ، وقد ضم إلى هذه الجائزة جائزة أخرى تبرع بها الساحر الأمريكي دننجر للغرض نفسه ، ولم يظفر بها أحد أيضاً حكم الشريعة في تحضير الأرواح : ما موقف الإسلام من إمكان إحضار روح المتوفى ؟ إن التأمل في النصوص التي وردت في هذا تجعل الباحث يعطي حكماً جازماً أن ذلك مستحيل ، فقد أخبرنا الله أن الروح من عالم الغيب الذي لا سبيل إلى إدراكه : ( ويسألونك عن الرُّوح قل الرُّوح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلاَّ قليلاً ) [ الإسراء : 85 ] . وأخبر الحقّ – تبارك وتعالى – أنه يتوفى الأنفس ، وأنه يمسك النفوس عند موتها :( الله يتوفَّى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك الَّتي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمّىً ) [ الزمر : 42 ] . وقد وكّل الله بالأنفس ملائكة يعذبونها إن كانت شقية كافرة ، وينعمونها إن كانت صالحة تقية . وقد بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يقبض ملك الموت الأرواح وما يفعل بها بعد ذلك . والأرواح إذا كانت مُمْسكة عند ربها وكل الله بها حفظة أقوياء مهرة ، فلا يمكن أن تتفلت منهم ، وتهرب لتأتي إلى هؤلاء الذين يتلاعبون بعقول العباد . وبعض هؤلاء يزعم أنه حضّر روح عبد من عبيد الله الصالحين من الأنبياء والشهداء ، فكيف يتركون جنان الخلد إلى حجرة التحضير المظلمة ، فقد أخبرنا الله أن الشهداء أحياء عند ربهم : ( ولا تحسبنَّ الَّذين قتلـوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) [ آل عمران : 169 ] . وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم ( أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ، لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءَت ، ثمّ تأوي إلى تلك القناديل ) . رواه مسلم في صحيحه (4) ، فكيف يزعم دجالو العصر أنهم يحضرون أرواح هؤلاء ؟ كيف ؟ ( كبرت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلاَّ كذباً ) [ الكهف : 5 ] . شبهة وجوابها : يقولون : فكيف تعللون معرفة الأرواح بأخلاق وأعمال الرجل الذي تزعم أنها كانت تسكنه ؟ قلنا : هذا الذي يزعم أنه روح إنما هو شيطان ، ولعل هذا الشيطان هو القرين الذي كان يلازم الإنسان ، وقد ذكرنا النصوص التي تدلّ على أن لكل إنسان شيطاناً ، فهذا القرين الملازم للإنسان يعلم عنه الكثير من أخلاقه وعاداته وصفاته ، ويعرف أقاربه وأصدقاءه . فعندما يُخْتَبَرُ ما أسهل أن يجيب ؛ لأنه على علم ودراية ، فإن قيل : كيف تفسرون الإجابات العلمية التي قد نحصل عليها من الأرواح ؟ نقول : سبق أن بينا أن الشياطين والجن لديهم القدرات العلمية التي تمكنهم من الإجابة والإفادة . ولكنها إفادة تحمل في طياتها الإضلال العظيم ، فهم لا يفيدوننا إلا بمقدار ، كي نثق بهم ، ثم يوجهوننا الوجهة الضالة السيئة ، التي توبقنا في دنيانا وأخرانا . تخلي الشياطين عن أتباعها : هؤلاء الذين يُدعون بالروحانيين ، ويزعمون أنهم يحضرون الأرواح ويعالجون بها كاذبون ، وما هذه الأرواح إلا شياطين ، وقد تتخلى الشياطين عن هؤلاء فتذلهم وتخذلهم ، نشرت جريدة القبس الكويتية (5) مقالاً جاء فيه : " بريطانيا بأسرها تتحدث هذه الأيام عن العالم الروحاني ( بيتر غودوين ) الذي كان يتمتع بمواهب ( روحانية ) خارقة ، يستطيع بوساطتها أن يشفي المرضى من الأمراض المستعصية ، ويكشف الأشياء المفقودة ، ويسخر الأرواح لخدمة الإنسان . وكان ( بيتر غودوين ) يتمتع بقدرة فريدة يستطيع بوساطتها أن يوجد في أكثر من مكان في وقت واحد ، فقد كان يشاهده أصدقاؤه في لندن مثلاً ، ويشاهده آخرون في اللحظة نفسها في ليفربول ، وآخرون في مانشستر ، بينما يؤكد فريق رابع أنه لم يكن في هذا المكان ولا ذلك ، وإنما كان يجلس في منزله بين زوجته وأولاده . وأحياناً كانت أجساده الأثيرية المختلفة تتجمع في مكان واحد ، فيكون جالساً بين أصدقائه مثلاً ، وفجأة ... تدخل عليهم جميع شخصياته الأخرى ... وتشاركهم الجلسة ... فتأتي شخصيته الثانية والثالثة ، والرابعة والخامسة ، ويصبح ( بيتر غودوين ) عبارة عن خمس شخصيات تجالس الحضـور ، وتتحدث إليهم ، أو تتحدث بعضها مع بعض ... ، بينما يكون الجميع مبهورين ... ، وفجأة خسر ( بيتر غودوين ) كلّ شيء وتحول إلى إنسان عادي ، ولم يعد قادراً على شفاء المرضى ، ولا اكتشاف الأشياء المفقودة ، ولاكشف المستقبل ، ولا تسخير الأرواح لخدمة الناس . وقد بدأت مأساة ( غودوين ) في السنة الماضية عندما حاول استغلال المواهب التي منحت له لتحقيق مكاسب مادية ... ، وهو ينظر الآن إلى الماضي القريب ويقول : إن ما حدث لي لم يكن في الحسبان ، فقد غضبت الأرواح مني ، وسلبتني بركتها . -------------------------------- (1) مجموع الفتاوى : 11/458 . (2) جامع الرسائل : ص194-195 . (3) ملحق جريدة القبس الكويتية : 17/10/1977م . (4) مشكاة المصابيح : 2/351 . ورقمه : 3804 . (5) ملحق جريدة القبس ، تاريخ 12/6/1978م . .ــــــــــــ |
•
اريد ان اخبركم سراٌ
• عالم رياضيات أمريكي: الإسلام هو دين الله حقاً • ماعلاقة الشيطان بالمرض والادويه ؟؟
|
09 Jul 2012, 03:33 AM
|
#3 |
|
موقوف
اللهم لك الحمد ولك الشكر
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: النور المبين من كتاب عالم الجن والشياطين .
المطلب الرابع
الجن وعلم الغيب شاع لدى كثير من الناس أن الجنّ يعلمون الغيب ، ومردة الجن يحاولون أن يؤكدوا هذا الفهم الخاطئ عند البشر ، وقد أبان الله للناس كذب هذه الدعوى ، عندما قبض روح نبيه سليمان ، وكان قد سخر له الجن يعملون بين يديه بأمره ، وأبقى جسده منتصباً ، واستمر الجنّ يعملون ، وهم لا يدرون بأمر وفاته ، حتى أكلت دابة الأرض عصاه المتكئ عليها ، فسقط ، فتبين للناس كذبهم في دعواهم ، أنهم يعلمون الغيب : ( فلمَّا قضينا عليه الموت ما دَلَّهُمْ على موته إلاَّ دابَّة الأرض تأكل منسأته فلمَّا خرَّ تبيَّنت الجنُّ أن لَّو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ) [ سبأ : 14 ] . وقد سبق القول كيف أنهم كانوا يسترقون خبر السماء ، وكيف زيد في حراسة السماء بعد البعثة ، فقلما يستطيع الجن استراق السمع بعد ذلك . العرّافون والكهان : وبذلك يعلم عظم الخطأ الذي يقع فيه عوام الناس باعتقادهم أن بعض البشر كالعرافين والكهان يعلمون الغيب ، فتراهم يذهبون إليه يسألونهم عن أمور حدثت من سرقات وجنايات ، وأمور لم تحدث مما سيكون لهم ولأبنائهم ، ولق خاب السائل والمسؤول ، فالغيب علمه عند الله ، لا يظهر الله عليه إلا من شاء من رسله : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً – إلاَّ من ارتضى من رَّسولٍ فإنَّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً – ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيءٍ عددا ) [ الجن : 28 ] . والاعتقاد بأن فلاناً يعلم الغيب اعتقد آثم ضال ، يخالف العقيدة الإسلامية الصحيحة التي تجعل علم الغيب لله وحده . إما إذا تعدى الأمر إلى استفتاء أدعياء الغيب ، فإن الجريمة تصبح من العظم بمكان ، ففي صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أتى عرافاً فسأله عن شيءٍ ، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) (1) . وتصديق هؤلاء كفر ، ففي السنن ومسند أحمد عن أبي هريرة مرفوعاً : ( من أتى كاهناً ، فصدقه بما يقول ، فقد برئ مما أنزل على محمد ) (2) . قال شارح العقيدة الطحاوية : " والمنجم يدخل في اسم ( العراف ) عند بعض العلماء ، وعند بعضهم هو في معناه " ، ثم قال : فإذا كانت هذه حال السائل ، فكيف بالمسؤول ؟ " ومراده إذا كان السائل لا تقبل له صلاة أربعين يوماً ، وإذا كان الذي يصدق الكاهن والعراف يكفر بالمنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ، فكيف يكون حكم الكاهن والعراف ؟ سؤال العرافين والكهنة على وجه الامتحان : يرى ابن تيمية أن سؤال الكهنة ، بقصد امتحان حالهم ، واختبار باطنهم ، ليميز صدقهم من كذبهم ، جائز ، واستدل بحديث الصحيحين : أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ابن صياد ، فقال : ( ما ترى ؟ ) فقال : يأتيني صادق وكاذب ، قال : خلط الأمر عليك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني قد خبأت لك خبيئاً ) ، قال : هو الدخ ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اخسأ ، فلن تعدو قدرك ) (3) . فأنت ترى أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل هذا المدّعي ، ليكشف أمره ، ويبين للناس حاله . المنجمون : وصناعة التنجيم التي مضمونها : الأحكام والتأثير ، وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية ، أو التمزيج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية : صناعة محرمة بالكتاب والسنة ؛ بل هي محرمة على لسان جميع المرسلين ، قال تعالى : ( ولا يفلح السَّاحر حيث أتى ) [ طه : 69 ] . وقال تعالى : ( ألم تر إلى الَّذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطَّاغوت ) [ النساء : 51 ] . قال عمر بن الخطاب : الجبت السحر (4) . تعليل صدق المنجمين والعرافين في بعض الأحيان : قد يزعم قائل أن العرافين والكهنة والمنجمين يصدقون أحياناً ، والجواب : أن صدقهم في كثير من الأحيان يكون من باب التلبيس على الناس ، فإنهم يقولون للناس كلاماً عاماً يحتمل وجوهاً من التفسير ، فإذا حدث الأمر ، فإنه يفسره لهم تفسيراً يوافق ما قال . وصدقهم في الأمور الجزئية إما أنه يرجع إلى الفراسة والتنبؤ ، وإما أن تكون هذه الكلمة الصادقة مما خطفه الجن من خبر السماء . ففي الصحيحين عن عائشة ، قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان ؟ فقال : ( ليسوا بشيء ) . قالوا : يا رسول الله ، إنهم يحدثوننا بالشيء فيكون حقاً ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني ، فيقذفها في أذن وليه ، فيخلطون معها مائة كذبة ) (5) . وإذا كانت القضية التي صدق فيها من الأمور التي حدثت كمعرفته بالسارق ، أو معرفته باسم الشخص الذي يقدم عليه لأول مرة وأسماء أبنائه وأسرته ، فهذا قد يكون بحيلة ما ، كالذي يضع شخصاً ليسأل الناس ، وتكون عنده وسيلة لاستماع أقوالهم قبل أن يمثلوا بين يديه ، أو يكون هذا من فعل الشياطين ، وعلم الشياطين بالأمور التي حدثت ووقعت ليس بالأمر المستغرب . الكهنة رسل الشياطين : يقول ابن القيم (6) : " الكهنة رسل الشيطان ؛ لأن المشركين يهرعون إليهم ، ويفزعون إليهم في أمورهم العظام ، ويصدقونهم ، ويتحاكمون إليهم ، ويرضون بحكمهم ، كما يفعل أتباع الرسل بالرسل ، فإنهم يعتقدون أنهم يعلمون الغيب ، ويخبرون عن المغيبات التي لا يعرفها غيرهم ، فهم عند المشركين بهم بمنزلة الرسل ، فالكهنة رسل الشيطان حقيقة ، أرسلهم إلى حزبه من المشركين ، وشبههم بالرسل الصادقين ، حتى استجاب لهم حزبه ، ومثل رسل الله بهم لينفر عنهم ، ويجعل رسله هم الصادقين العالمين بالغيب ، ولما كان بين النوعين أعظم التضاد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أتى عرافاً أو كاهناً ، فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد ) (7) . فإن الناس قسمان : أتباع الكهنة ، وأتباع الرسل ، فلا يجتمع في العبد أن يكون من هؤلاء وهؤلاء ، بل يبعد عن الرسول صلى الله عليه وسلم بقدر قربه من الكاهن ، ويُكَذّبُ الرسول بقدر تصديقه للكاهن . أقول : ومن يدرس تواريخ الأمم يعلم أن الكهان والسحرة كانوا يقومون مقام الرسل ، ولكنهم رسل الشياطين ، فالسحرة والكهنة كانت لهم الكلمة المسموعة في أقوامهم ، يحلون ويحرّمون ، ويأخذون المال ، ويأمرون بأنواع من العبادة والطقوس ترضي الشياطين ، ويأمرون بقطيعة الأرحام ، وانتهاك الأعراض ، وقد بين العقاد شيئاً من ذلك في كتابه المسمى بـ ( إبليس ) . واجب الأمة نحو هؤلاء : ما يدعيه المنجمون ، والعرافون ، والسحرة ، ضلال كبير ومنكر لا يستهان به ، وعلى الذين أعطاهم الله دينه ، وعلمهم كتابه وسنة نبيه أن ينكروا هذا الضلال بالقول ، ويوضحوا هذا الباطل بالحجة والبرهان ، وعلى الذين في أيديهم السلطة أن يأخذوا على أيدي هؤلاء الذين يدّعون الغيب من العرافين والكهنة وضاربي الرمل والحصى ، والناظرين في اليد ( والفنجان ) ، وعليهم أن يمنعوا نشر خزعبلاتهم في الصحف والمجلات ، ويعاقبوا من يتظاهر ببضاعته وضلالاته في الطرقات ، وقد ذمّ الله بني إسرائيل لتركهم التناهي عن المنكر : ( كانوا لا يتناهون عن مُّنكرٍ فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) [ المائدة : 79 ] . وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية الصديق – رضي الله عنه – أنه قال : ( إن الناس إذا رأوا منكراً فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه ) . رواه ابن ماجة والترمذي وصححه (8) . -------------------------------- (1) رواه مسلم : 4/1751 . ورقمه : 2230 . (2) مشكاة المصابيح : 2/525 . ورقمه : 4599 . (3) رواه البخاري : 6/172 . ورقمه : 3055 . ورواه مسلم : 4/2244 . ورقمه : 2930 . (4) شرح العقيدة الطحاوية : 568 . وراجع في علم النجوم ، أبجد العلوم لصديق حسن القنوجي : ص 542 . (5) جامع الأصول لابن الأثير : 5/63 . (6) إغاثة اللهفان : 1/271 . (7) رواه بهذا اللفظ أحمد : 2/429 والطبراني في الأوسط : (1453) ورواه أبو داود : 4/225 رقم : (3904) ، والترمذي : 1/164 رقم : (135) ، وابن ماجة : 1/209 رقم : (639) ، والدارمي : 1/207 رقم (1136) بلفظ :( من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد ) (8) مشكاة المصابيح : 2/643 . ورقمه : 5412 . .ــــــــــــ |
•
اريد ان اخبركم سراٌ
• عالم رياضيات أمريكي: الإسلام هو دين الله حقاً • ماعلاقة الشيطان بالمرض والادويه ؟؟
|
09 Jul 2012, 03:34 AM
|
#4 |
|
موقوف
اللهم لك الحمد ولك الشكر
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: النور المبين من كتاب عالم الجن والشياطين .
المطلب الخامس
الجن والأطباق الطائرة كثر الحديث في هذه الأيام عن الأطباق الطائرة ، فلا يكاد يمر أسبوع إلا ونسمع أن شخصاً أو عدة أشخاص رأوا طبقاً طائراً ، رأوه في الجوّ محلقاً ، أو على الأرض جاثماً ، أو رأوا مخلوقات مخالفة لشكل الإنسان تخرج منه ، ووصل الأمر إلى الادعاء بأن بعض هذه المخلوقات طلبت إلى بعض الناس مصاحبتها إلى الطبق ، وأجرت فحوصاً عليه . ولا يدعي هذه الدعوى أناس مغمورون فحسب ، بل يزعم ذلك رجال بارزون أمثال رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، فإنه يعتقد أنّه لمح شيئاً طائراً لم يتعرف على ماهيته في سماء ولاية جورجيا عام 1973 . وهو يبدي اهتماماً خاصاً بالمخلوقات الأخرى التي بدأت تغزو الأرض ، فقد أمضى الرئيس الأمريكي ( كما نشرت الصحف ) أمسية يناقش أحد العلماء المقتنعين بأن الإنسان ليس المخلوق الوحيد في الكون ، وكان يرافق الرئيس كارتر (فرانك برس) مستشاره للشؤون العلمية ، وبعد ذلك شاهد كارتر داخل المرصد القومي أفلاماً توجز آخر ما توصلت إليه الأبحاث حول المخلوقات التي تعيش خارج نطاق الأرض ، وقام بعرض هذه الأفلام (كارل ساجان) ، مدير معمل الدراسات الكونية بجامعة (كورنل) ، الذي ترجع إليه دائماً وكالة الفضاء الأمريكية في الأمور المتعلقة بالمخلوقات التي تعيش خارج نطاق كوكب الأرض (1) . وينسب ملحق صحيفة الهدف الكويتية الصادر بتاريخ 23/3/78 إلى الرئيس الصيني الأسبق ( ماوتسي تنغ ) أنه كان يؤمن بوجود مخلوقات غيرنا في الكواكب الأخرى . ويذكر كاتب المقال أن حوالي 61% من الشعب الأمريكي مقتنعون بذلك ، وتزعم الصحف الأمريكية أن قرابة نصف مليون أمريكي شاهدوا هذه الأطباق ، وبعض هؤلاء استطاعوا أن يتصلوا بهم اتصالاً مباشراً . وقد أخرج السينمائي الأمريكي ( ستيفن سبيلبرغ ) ( فيلماً ) سينمائياً بعنوان ( مواجهة من النوع الثالث ) بلغت تكاليفه اثنين وعشرين مليوناً من الدولارات الأمريكية . وقد وضع الفيلم بعد تجميع المعلومات من الذين شاهدوا الأطباق الطائرة ، أو اتصلوا بها . وقد عرض الفيلم لأول مرة في البيت الأبيض ، وكان الرئيس الأمريكي أول مشاهديه . وبعد خروج هذا الفيلم اقتنعت وكالة الفضاء الأمريكية بضرورة البحث في هذا المجال ، وخصصت مليون دولار لأبحاث عام 1979 ، وقد أطلقت على المشروع السري اسم (سيتي) . ويتلخص في إطلاق أجهزة خاصة للفضاء الخارجي ؛ للبحث عن رسائل لاسلكية قادمة من كواكب أخرى . ويمكننا بعد هذا العرض أن نقرر ما يأتي : 1- لا مجال للتكذيب بوجود مخلوقات غريبة غير الإنسان ، إذ تواترت الرؤية من عشرات الألوف بل مئات الألوف ، وقد تابعتُ ما قيل في هذا الموضوع فترة طويلة ، فكنت أجد مقالاً كل أسبوع تقريباً أو أكثر أو أقل حول رؤية جماعة أو شخص لشيء من هذا (2) . 2- احتار الناس في تفسير حقيقة هذه الأطباق ، وحقيقة المخلوقات التي تستخدمها ، خاصة أن سرعة هذه الأطباق خيالية تفوق سرعة أي مركبة اخترعها الإنسان . 3- أكاد أجزم بأن هذه المخلوقات هي من عالم الجن الذي يسكن أرضنا هذه ، والذين تحدثنا عنهم فيما سبق ، وبينا ما لديهم من قدرات وإمكانات تفوق قدرة البشر ، ولقد أعطوا سرعة تفوق سرعة الصوت والضوء ، كما أعطوا القدرة على التشكل ، وهم يستطيعون أن يتمثلوا للإنسان في صور وأشكال مختلفة . وبذلك يتبين لنا فضل الله علينا إذ عرفنا بهذه الحقائق ، خاصة ونحن نشعر بالحيرة والقلق لدى الذين لا يعلمون ما علمناه ، وبذلك نوفر طاقاتنا العقلية وقدراتنا العلمية وأموالنا ؛ كي نوجهها وجهة نافعة . وقد يتساءل بعضنا عن السرّ في ظهور هذه الأطباق في أيامنا هذه ، وعدم ظهورها في العصور الخالية ، فالجواب أن الجن يلبسون لكل عصر لبوسه ، وهذا العصر عصر التقدم العلمي ، ولذلك فإنهم يضللون البشر بالطريقة التي تثير انتباههم ، وتشد نفوسهم ، والناس اليوم يتطلعون إلى معرفة شيء عن الفضاء الواسع ، وعن إمكانية وجود مخلوقات غيرهم فيه . وقد تحدثنا في كتابنا (( عالم الملائكة )) عن تنزل الملائكة لقراءة القرآن ، وأن بعض الصحابة رأى ظلة فيها مثل المصابيح ، وتنزل الملائكة على هذا النحو ليس قصراً على عهد النبوة . -------------------------------- (1) راجع جريدة السياسة الكويتية العدد (33999) : 5/12/77 . (2) وآخر ذلك ما حدث في الكويت ، فقد قرر أكثر من شخص أنه رأى طبقاً طائراً ، وقد نشرت الصحف الكويتية النبأ في حينه . .ــــــــــــ |
•
اريد ان اخبركم سراٌ
• عالم رياضيات أمريكي: الإسلام هو دين الله حقاً • ماعلاقة الشيطان بالمرض والادويه ؟؟
|
09 Jul 2012, 03:36 AM
|
#5 |
|
موقوف
اللهم لك الحمد ولك الشكر
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: النور المبين من كتاب عالم الجن والشياطين .
أسلحة المؤمن في حربه مع الشيطان
أولاً : الحذر والحيطة : هذا العدو الخبيث الماكر حريص على إضلال بني آدم ، وقد علمنا أهدافه ووسائله في الإضلال ، فبمقدار علمك بهذا العدو : أهدافه ووسائله والسبل التي يضلنا بها تكون نجاتنا منه ، أما إذا كان الإنسان غافلاً عن هذه الأمور فإن عدوه يأسره ويوجهه الوجهة التي يريد . وقد صور ابن الجوزي هذا الصراع بين الإنسان والشيطان تصويراً بديعاً حيث يقول : " واعلم أن القلب كالحصن ، وعلى ذلك الحصن سور ، وللسور أبواب وفيه ثلم (1) ، وساكنه العقل ، والملائكة تتردد على ذلك الحصن ، وإلى جانبه ربض (2) فيه الهوى ، والشياطين تختلف إلى ذلك الربض من غير مانع ، والحرب قائمة بين أهل الحصن وأهل الربض ، والشياطين لا تزال تدور حول الحصن تطلب غفلة الحارس والعبور من بعض الثلم . فينبغي للحارس أن يعرف جميع أبواب الحصن الذي قد وكل بحفظه وجميع الثلم ، وألا يفتر عن الحراسة لحظة ، فإن العدو لا يفتر . قـال رجل للحسن البصري : أينام إبليس ؟ قال : لو نام لوجدنا راحة . وهذا الحصن مستنير بالذكر مشرق بالإيمان ، وفيه مرآة صقيلة يتراءى فيها صورة كل ما يمرّ به ، فأول ما يفعل الشيطان في الربض إكثار الدخان ، فتسودّ حيطان الحصن ، وتصدأ المرآة ، وكمال الفكر يرد الدخان ، وصقل الذكر يجلو المرآة ، وللعدو حملات ، فتارة يحمل فيدخل الحصن ، فيكر عليه الحارس فيخرج ، وربما دخل فعاث ، وربما أقام لغفلة الحراس ، وربما ركدت الريح الطاردة للدخان ، فتسود حيطان الحصن ، وتصدأ المرآة فيمر الشيطان ولا يدري به ، وربما جرح الحارس لغفلته ، وأسر واستخدم ، وأقيم يستنبط الحيل في موافقة الهوى ومساعدته " (3) . ثانياً : الالتزام بالكتاب والسنّة : أعظم سبيل للحماية من الشيطان هو الالتزام بالكتاب والسنة علماً وعملاً ، فالكتاب والسنة جاءا بالصراط المستقيم ، والشيطان يجاهد كي يخرجنا عن هذا الصراط قال تعالى : ( وأنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتَّبعوه ولا تتَّبعوا السُّبل فتفرَّق بكم عن سبيله ذلكم وصَّاكم به لعلَّكم تتَّقون ) [ الأنعام : 153 ] . وقد شرح الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية فعن عبد الله بن مسعود قال : " خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً ، ثمّ قال : ( هذا سبيل الله ) ثمّ خط خطوطاً عن يمينه وشماله وقال : ( هذه سبل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ) وقرأ : ( وأنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتَّبعوه ) [ الأنعام : 153 ] . رواه الإمام أحمد والنسائي والدارمي (4) . فاتباع ما جاءنا من عند الله من عقائد وأعمال وأقوال وعبادات وتشريعات ، وترك كل ما نهى عنه ، يجعل العبد في حرز من الشيطان ، ولذلك قال سبحانه وتعالى : ( يا أيَّها الَّذين آمنوا ادخلوا في السلم كافَّةً ولا تتَّبعوا خطوات الشَّيطان إنَّه لكم عدوٌّ مُّبينٌ ) [البقرة : 208] . والسلم : هو الإسلام . وقيل طاعة الله ، وفسره مقاتل بأنه العمل بجميع الأعمال ووجوه البر ، وعلى ذلك فقد أمرهم بالعمل بجميع شعب الإيمان وشرائع الإسلام ما استطاعوا ، ونهاهم عن اتباع خطوات الشيطان ، فالذي يدخل في الإسلام مبتعد عن الشيطان وخطواته ، والذي يترك شيئاً من الإسلام فقد اتبع بعض خطوات الشيطان ، ولذلك كان تحليل ما حرم الله ، وتحريم ما أحل الله ، أو الأكل من المحرمات والخبائث ، كل ذلك من اتباع خطوات الشيطان التي نهينا عنها : ( يا أيَّها النَّاس كلوا ممَّا في الأرض حلالاً طيباً ولا تتَّبعوا خطوات الشَّيطان إنَّه لكم عدوٌّ مُّبين ) [ البقرة : 168 ] . إن الالتزام بالكتاب والسنة قولاً وعملاً يطرد الشيطان ويغيظه أعظم إغاظة ، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قرأ ابنُ آدم السجدة فسجد ، اعتزل الشيطان يبكي ، يقول : يا ويله ، ( وفي رواية أبي كريب : يا ويلي ) أمر ابن آدم بالسجود فسجد ، فله الجنّة وأُمرتُ بالسجود فأبيت ، في النار ) (5) . ثالثاً : الالتجاء إلى الله والاحتماء به : خير سبيل للاحتماء من الشيطان وجنده هو الالتجاء إلى الله والاحتماء بجنابه ، والاستعاذة به من الشيطان ، فإنه عليه قادر . فإذا أجار عبده فأنى يخلص الشيطان إليه ، قال تعالى : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين – وإمَّا ينزغنَّك من الشَّيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنَّه سميع عليم ) [ الأعراف : 199-200 ] . وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بالله من همزات الشياطين وحضورهم : ( وقل رب أعوذ بك من همزات الشَّياطين – وأعوذ بك رب أن يحضرون ) [المؤمنون : 97-98] . وهمزات الشياطين : نزغاتهم ووساوسهم ، فالله يأمرنا بالاستعاذة به من العدو الشيطاني لا محالة ؛ إذ لا يقبل مصانعة ولا إحساناً ، ولا يبتغي غير هلاك ابن آدم ، لشدة العداوة بينه وبين آدم . يقول ابن كثير في تفسيره : " والاستعاذة هي الالتجاء إلى الله تعالى ، والالتصاق بجنابه من شرّ كل ذي شرّ ... ، ومعنى ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ؛ أي : أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم ، أن يضرني في ديني ودنياي ، أو يصدني عن فعل ما أمرت به ، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه ، فإن الشيطان لا يكفّه عن الإنسان إلا الله ؛ ولهذا أمر تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى ، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجنّ ؛ لأنه لا يقبل رشوة ، ولا يؤثر فيه جميل ؛ لأنه شرير بالطبع ، ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه " (6) . وقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستعاذة بربه من الشيطان بصيغ مختلفة ، فكان يقول بعد دعاء الاستفتاح في الصلاة : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه ) ، روى ذلك أصحاب السنن الأربعة وغيرهم عن أبي سعيد (7) . مواضع الاستعاذة : 1- الاستعاذة عند دخول الخلاء : وكان إذا دخل الخلاء يستعيذ من الشياطين ذكورهم وإناثهم ، كما في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء ، قال : ( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) (8) . وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن هذه الحشوش محتضرة ، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل : أعوذ بالله من الخبث والخبائث ) (9) . 2- الاستعاذة عند الغضب : عن سليمان بن صُرَد قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس ، وأحدهما يسب صاحبه مغضباً ، قد احمرّ وجهه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) . رواه البخاري ومسلم (10) . وقد علَّم الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر إذا أصبح وإذا أمسى أن يقول : ( اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، لا إله إلا أنت ، ربّ كل شيء ومليكه ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شرّ الشيطان وشركه ، وأن أقترف على نفسي سوءاً ، أو أجره إلى مسلم ) (11) . رواه الترمذي . 3- الاستعاذة عند الجماع : وحثنا على الاستعاذة حين يأتي الرجل أهله ، فعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً ) . متفق عليه (12) . 4- الاستعاذة عند نزول وادٍ أو منزل : وإذا نزل المرء وادياً أو منزلاً ، فعليه أن يستعيذ بالله ، لا كما كان يفعل أهل الجاهلية يستعيذون بالجن والشياطين ، فيقول قائلهم : أعوذ بزعيم هذا الوادي من سفهاء قومه ، فكانت العاقبة أن استكبرت الجن وآذتهم ، كما حكى الله عنهم ذلك في سورة الجن : ( وأنَّه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن فزادوهم رهقاً ) [الجن : 6] ؛ أي الجن زادت الإنس رهقاً . وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم كيف نستعيذ بالله عندما ننزل منزلاً فعن خولة بنت حكيم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لو أن أحدكم إذا نزل منزلاً قال : أعوذ بكلمات الله التامة من شرّ ما خلق ، لم يضره في ذلك المنزل شيء ، حتى يرتحل منه ) . رواه ابن ماجة بإسناد صحيح (13) . 5- التعوذ بالله من الشيطان عند سماع نهيق الحمار : يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا نهق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم ) . رواه الطبراني في معجمه الكبير بإسناد صحيح (14) ، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحمار إذا نهق فإنه يكون قد رأى شيطاناً (15) . 6- التعوذ حين قراءَة القرآن : قال تعالى : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم – إنَّه ليس له سلطان على الَّذين آمنوا وعلى ربهم يتوكَّلون ) [ النحل : 98-99 ] . وقد بين ابن القيم الحكمة في الاستعاذة بالله من الشيطان حين قراءَة القرآن ، فقال : 1- " إن القرآن شفاء لما في الصدور يذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة ، فهو دواء لما أمره الشيطان فيها ، فأمر أن يطرد مادة الداء ، ويخلي منه القلب ، ليصـادف الداء محلاً خالياً ، فيتمكن منه ، ويؤثر فيه ، كما قيل : أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ××× فصادف قلباً خالياً فتمكنا فيجيء هذا الدواء الشافي إلى القلب ، وقد خلا من مزاحم ومضاد له ، فينجع فيه 2- ومنها : أن القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب ، كما أنّ الماء مادة النبات ، والشيطان نار يحرق النبات أولاً فأولاً ، فكلما أحسّ بنبات الخير من القلب ، سعى في إفساده وإحراقه ، فأمر أن يستعيذ بالله – عزّ وجلّ – منه ، لئلا يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن . والفرق بين هذا الوجه والوجه الذي قبله أن الاستعاذة في الوجه الأول لأجل حصول فائدة القرآن ، وفي الوجه الثاني لأجل بقائها وحفظها . 3- ومنها : أن الملائكة تدنو من قارئ القرآن ، وتستمع لقراءته ، كما في حديث أسيد بن حضير لما كان يقرأ ورأى مثل الظلة فيها المصابيح ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( تلك الملائكة ) ، والشيطان ضد الملك وعدوه ، فأمر القارئ أن يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه ، حتى يحضره خاص ملائكته ، فهذه منزلة لا يجتمع فيها الملائكة والشياطين . 4- ومنها : أن الشيطان يجلب على القارئ بخيله ورجله ، حتى يشغله عن المقصود بالقرآن ، وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به سبحانه ، فيحرص بجهده على أن يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن ، فلا يكمل انتفاع القارئ به ، فأمر عند الشروع في القراءة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم . 5- ومنها : أن القارئ يناجي الله تعالى بكلامه ، والله أشد أذناً للقارئ الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته ، والشيطان إنما قراءَته الشعر والغناء ، فأمر القارئ أن يطرده بالاستعاذة عند مناجاة الله تعالى واستماع الربّ قراءَته . 6- ومنها : أن الله سبحانه أخبر أنّه ما أرسل من رسول ولا نبي إلا إذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيته ، والسلف كلهم على أن المعنى : إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته ... ، فإذا كان هذا مع الرسل عليهم الصلاة والسلام فكيف بغيرهم . ولهذا يغلط الشيطان القارئ تارة ، ويخلط عليه القراءَة ، ويشوشها عليه ، فيخبط عليه لسانه ، أو يشوش عليه ذهنه وقلبه ، فإذا حضر عند القراءَة ، لم يعدم منه القارئ هذا أو هذا ، وربما جمعها له . 7- ومنها : أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير ، أو يدخل فيه ، فهو يشتد عليه حينئذ ؛ ليقطعه عنه " (16) . 7- تعويذ الأبناء والأهل : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين : ( أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة ) . ويقول : ( إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق ) . رواه البخاري (17) . قال أبو بكر ابن الأنباري : " الهامة : واحد الهوام ، ويقال : هي كل نسمة تهم بسوء ، واللامة : الملمة ، وإنما قال : لامة ليوافقه لفظ هامة ، فيكون أخف على اللسان " (18) . خير ما يتعوذ به المتعوذون : وخير ما يتعوذ به المتعوذون سورتا الفلق والناس ، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله بن خبيب أن يقرأ : ( قل هو الله أحد ) ، والمعوذتين حين يمسي ، وحين يصبح ، ثلاثاً . وقال له : ( يكفيك الله كل شيء ) . وفي رواية أخرى أمره بقراءَة المعوذتين ، ثم قال له : ( ما تعوذ الناس بأفضل منهما ) . وفي بعض الروايات : أن هذه القصة كانت مع عقبة بن عامر . وفي رواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لابن عابس الجهني : ( إن أفضل ما تعوذ به المتعوذون المعوذتان ) . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض روايات حديث عقبة : ( ما سأل سائل بمثلهما ، ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما ) (19) . كيف تصنع بالشيطان إذ سوّل لك الخطايا ؟ حكي عن أحد علماء السلف أنه قال لتلميذه : " ما تصنع بالشيطان إذا سوّل لك الخطايا ؟ قال : أجاهده . قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده . قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده . قال هذا يطول ، أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها ، أو منعك من العبور ما تصنع ؟ قال : أكابده جهدي وأرده . قال : هذا أمر يطول ، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفّه عنك " (20) . وهذا فقه عظيم من هذا العالم الجليل ، فإن الاحتماء بالله ، والالتجاء إليه ، هو السبيل القوي الذي يطرد الشيطان ويبعده ، وهذا ما فعلته أم مريم إذ قالت : ( وإني أعيذها بك وذريتها من الشَّيطان الرَّجيم ) [ آل عمران : 36 ] . لماذا لا يذهب الشيطان عندما يستعيذ منه الإنسان ؟ يقول بعض الناس : إننا نستعيذ بالله ، ومع ذلك فإننا نحس بالشيطان يوسوس لنا ، ويحرضنا على الشر ، ويشغلنا في صلاتنا . والجواب : أن الاستعاذة كالسيف في يد المقاتل ، فإن كانت يده قوية ، أصاب من عدوه مقتلاً ، وإلا فإنه قد لا يؤثر فيه ، ولو كان السيف صقيلاً حديداً . وكذلك الاستعاذة إذا كانت من تقيّ ورع كانت ناراً تحرق الشيطان ، وإذا كانت من مخلط ضعيف الإيمان فلا تؤثر في العدو تأثيراً قوياً . قال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله : " واعلم أن مثل إبليس مع المتقي والمخلط ، كرجل جالس بين يديه طعام ولحم ، فمرّ به كلب ، فقال له : اخسأ ، فذهب . فمرّ بآخر بين يديه طعام ولحم فكلّما أخسأه (طرده) لم يبرح . فالأول مثل المتقي يمر به الشيطان ، فيكفيه في طرده الذكر ، والثاني مثل المخلط لا يفارقه الشيطان لمكان تخليطه ، نعوذ بالله من الشيطان " (21) . فعلى المسلم الذي يريد النجاة من الشيطان وأحابيله أن يشتغل بتقوية إيمانه ، والاحتماء بالله ربه ، والالتجاء إليه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . \ يتبع |
•
اريد ان اخبركم سراٌ
• عالم رياضيات أمريكي: الإسلام هو دين الله حقاً • ماعلاقة الشيطان بالمرض والادويه ؟؟
|
09 Jul 2012, 03:53 AM
|
#6 |
|
موقوف
اللهم لك الحمد ولك الشكر
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: النور المبين من كتاب عالم الجن والشياطين .
رابعاً : الاشتغال بذكر الله :
ذكر الله من أعظم ما ينجي العبد من الشيطان ، وفي الحديث : أن الله أمر نبي الله يحي أن يأمر بني إسرائيل بخمس خصال ، ومن هذه : ( وآمركم أن تذكروا الله تعالى ، فإن مثل ذلك مثل رجل خرج العدّو في أثره سراعاً ، حتى إذا أتى إلى حصن حصين ، فأحرز نفسه منهم ، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله ) . يقول ابن القيم (22) : " فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقاً بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى ، وأن لا يزال لهجاً بذكره ، فإنّه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر ، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة ، فهو يرصده ، فإذا غفل ، وثب عليه وافترسه ، وإذا ذكر الله تعالى ، انخنس عدو الله وتصاغر ، وانقمع ، حتى يكون كالوَصع [ طائر أصغر من العصفور ] ، وكالذباب ، ولهذا سمي ( الوسواس الخناس ) ؛ لأنه يوسوس في صدور الناس ، فإذا ذكر الله خنس ، أي كف وانقبض . وقال ابن عباس : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، فإذا ذكر الله تعالى خنس " . ويقول ابن القيم : " الشياطين قد احتوشت العبد وهم أعداؤه ، فما ظنك برجل قد احتوشه أعداؤه المحنقون عليه غيظاً ، وأحاطوا به ، وكل منهم يناله بما يقدر عليه من الشرّ والأذى ، ولا سبيل إلى تفريق جمعهم عنه إلا بذكر الله عزّ وجلّ " . ثم ساق – رحمه الله – حديث عبد الرحمن بن سمرة ، قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ، وكنا في صفّةٍ بالمدينة ، فقام علينا وقال : ( إنّي رأيت البارحة عجباً : رأيت رجلاً من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه ، فجاءه برّه بوالديه ، فرد ملك الموت عنه . ورأيت رجلاً قد بسط عليه عذاب القبر ، فجاءه وضوؤه ، فاستنقذه من ذلك . ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته الشياطين ، فجاءه ذكر الله عزّ وجلّ ، فطرد الشياطين عنه . ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب ، فجاءته صلاته ، فاستنقذته من أيديهم . ورأيت رجلاً من أمتي يلتهب – وفي رواية : يلهث – عطشاً ، كلما دنا من حوض منع وطرد ، فجاءه صيام شهر رمضان ، فأسقاه وأرواه . ورأيت رجلاًَ من أمتي ورأيت النبيين جلوساً حِلَقاً حِلَقاً ، كلما دنا إلى حلقة طرد ، فجاءه غسلُهُ من الجنابة ، فأخذ بيده ، فأقعده إلى جنبي . ورأيتُ رجلاً من أمتي ، بين يديه ظلمة ، ومن خلفه ظلمة ، وعن يمينه ظلمة ، وعن يساره ظلمة ، ومن فوقه ظلمة ، ومن تحته ظلمة ، وهو متحيّر فيها ، فجاءه حجة وعمرته ، فاستخرجاه من الظلمة ، وأدخلاه في النور . ورأيت رجلاً من أمتي يتقي بيده وهج النار وشرره ، فجاءته صدقته ، فصارت سترة بينه وبين النار ، وظللت على رأسه . ورأيت رجلاً من أمتي يكلم المؤمنين ولا يكلمونه ، فجاءته صلته لرحمه فقالت : يا معشر المسلمين ، إنه كان وصولاً لرحمـه فكلموه ، فكلمه المؤمنون ، وصافحوه وصافحهم . ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته الزبانية ، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، فاستنقذه من أيديهم ، وأدخله في ملائكة الرحمة . ورأيت رجلاً من أمتي جاثياً على ركبتيه ، وبينه وبين الله عزّ وجلّ حجاب ، فجاءه حُسن خلقه ، فأخذ بيده ، فأدخله على الله عزّ وجلّ . ورأيت رجلاً من أمتي قد ذهبت صحيفته من قبل شماله ، فجاءه خوفه من الله عزّ وجلّ ، فأخذ صحيفته ، فوضعها في يمينه . ورأيت رجلاً من أمتي خفّ ميزانه فجاء أفراطه (23) ، فثقلوا ميزانه . ورأيت رجلاً من أمتي قائماً على شفير جهنم ، فجاءه رجاؤه في الله عزّ وجلّ ، فاستنقذه من ذلك ومضى . ورأيت رجلاً من أمتي قد أقوى في النار ، فجاءته دمعته التي بكى من خشية الله عزّ وجلّ فاستنقذته من ذلك . ورأيت رجلاً من أمتي قائماً على الصراط يرعد كما ترعد السّعَفة في ريح عاصف ، فجاءه حُسْنُ ظنهِ بالله عزّ وجلّ ، فسَكن رعدَتَهُ ومضى . ورأيت رجلاً من أمتي يزحفُ على الصراط ، ويحبوا أحياناً ، ويتعلق أحياناً ، فجاءته صلاته ، فأقامته على قدميه ، وأنقذته . ورأيت رجلاً من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة ، فغلقت الأبواب دونه ، فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ، ففتحت له الأبواب ، وأدخلته الجنة ) . رواه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب ( الترغيب في الخصال المنجية ، والترهيب من الخلال المردية ) ، وبنى كتابه عليه وجعله شرحاً له ، وقال : هذا حديث حسن جداً ، رواه عن سعيد بن المسيب : عمرو بن آزر ، وعلي بن زيد بن جدعان ، وهلال أبو جبلة . وكان شيخ الإسلام ابن تيمية ، قدس الله روحه ، يعظم شأن هذا الحديث ، وبلغني عنه أنه كان يقول : شواهد الصحة عليه . والمقصود منه قوله صلى الله عليه وسلم : ( ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته الشياطين ، فجاءه ذكر الله عزّ وجلّ ، فطرد الشيطان عنه ) فهذا مطابق لحديث الحارث الأشعري (24) . وقوله فيه : ( وآمركم بذكر الله عزّ وجلّ ، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو ، فانطلقوا في طلبه سِراعاً ، وانطلق حتى أتى حصناً حَصيناً ، فأحرز نفسه فيه ) . فكذلك الشيطان لا يحرز العباد أنفسهم منه إلا بذكر الله عزّ وجلّ ، فعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خرج من بيته فقال : بسم الله ، توكلتُ على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، يقال له حينئذ : هُدِيت وكفُيتَ ووُقِيتَ ، فيتَنَحّى له الشيطان ، ويقول شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدِي وكُفي ووُقي ؟ ) . رواه أبو داود ، وروى الترمذي إلى قوله : ( له الشيطان ) (25) . وصح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، في يوم مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك ، حتى يمسي ) . متفق عليه (26) وقال أبو خلاد المصري : من دخل في الإسلام ، دخل في حصن ، ومن دخل المسجد ، فقد دخل في حصنين ، ومن جلس في حلقة يذكر الله عزّ وجلّ فيها ، فقد دخل في ثلاثة حصون . وفي صحيح البخاري ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : " ولاّني رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة رمضانَ أن احتفظ بها ، فأتاني آتٍ ، فجعل يَحْثُوا الطعام ، فأخذته ، فقال : دعني فإني لا أعود .... " . فذكر الحديث ، وقال : فقال في الثالثة : " أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ، إذا أويتَ إلى فراشك ، فاقرأ آية الكرسي من أولها إلى آخرها ، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح " فخلى سبيله ، فأصبح ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ، فقال : ( صَدَقَكَ ، وهو كذوب ) . وذكر الحافظ أبو موسى من حديث أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أوى الإنسانُ إلى فراشه ، ابتدرهُ ملكٌ وشيطانٌ ، فيقول الملكُ : اختم بخير ، ويقول الشيطان : اختم بشر ، فإذا ذكر الله ، ثم نام ، بات الملك يكلؤه . وإذا استيقظ ، قال الملك : افتح بخير ، وقال الشيطان : افتح بشر ، فإن قال : الحمد لله الذي ردَّ علي نفسي ، ولم يمتها في منامها ، الحمد لله الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا ، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ، الحمد لله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، فإن وقع عن سريره فمات دخل الجنة ) . رواه أبو يعلى ، ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج الشامي وهو ثقة " (27) . وفي الصحيحين عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو أن أحدكُم إذا أراد أن يأتي أهلَهُ فقال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطانَ ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدّر بينهما ولد في ذلك لا يضرهُ شيطانٌ أبداً ) (28) . وقد ثبت في (( الصحيح )) أن الشيطان يهرب من الأذان . قال سهيل بن أبي صالح : " أرسلني أبي إلى بني حارثة ومعي غلام – أو صاحب لنا – فناداه منادٍ من حائط باسمه قال : وأشرف الذي معي على الحائط ، فلم ير شيئاً ، فذكرت ذلك لأبي ، فقال : لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك ،ولكن إذا سمعت صوتاً فناد بالصلاة ، فإني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنّ الشيطان إذا نودي بالصلاة ، ولى وله حصاص ) (29) . وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين ، فإذا قضي النداء أقبل ، حتى إذا قضي التثويب ، أقبل حتى يخطر ببين المرء ونفسه .... ) (30) . روى الإمام أحمد أن أبا تميمة سمع أحد الصحابة يحدث أنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره ، فقلت : تعس الشيطان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تقل : تعس الشيطان ، فإنك إذا قلت : تعس الشيطان تعاظم ، وقال : بقوتي صرعته ، وإذا قلت : باسم الله تصاغر ، حتى يصير مثل الذباب ) . قال ابن كثير (31) : تفرد به أحمد ، وإسناده جيد . خامساً : لزوم جماعة المسلمين : ومما يبعد المسلم عن الوقوع في أحابيل الشيطان أن يعيش في ديار الإسلام ، ويختار لنفسه الفئة الصالحة التي تعينه على الحق ، وتحضّه عليه ، وتذكره بالخيرات ، فإن في الاتحاد والتجمع قوة وأي قوة ، عن ابن عمر قال : خطبنا عمر بالجابية ، فقال : يا أيها الناس ، إني قمت فيكم كمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ، فكان مما قال : ( عليكم بالجماعة ، وإياكم والفرقة ، فإن الشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد .. ) (32) . والجماعة جماعة المسلمين ، وإمام المسلمين ، ولا قيمة للجماعة في الإسلام ما لم تلتزم بالحق : الكتاب والسنة ، فعن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو ، لا تقام فيهم الصلاة ، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان ، فعليك بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب القاصية ) (33) . وروى أبو داود في سننه من حديث معاوية بن أبي سفيان أنه قام فقال : ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال : ( ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ، ثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة ، وهي الجماعة ) (34) . سادساً : كشف مخططات الشيطان ومصائده (35) : على المسلم أن يتعرف على سبله ووسائله في الإضلال ، ويكشف ذلك للناس ، وقد فعل ذلك القرآن ، وقام بهذه المهمة الرسول صلى الله عليه وسلم خير قيام ، فالقرآن عرفنا الأسلوب الذي أغوى الشيطان به آدم . والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعرف الصحابة كيف يسترق الشيطان السمع ، ويلقي بالكلمة التي سمع في أذن الكاهن أو الساحر ومعها مائة كذبة ، يبين ذلك لهم كي لا ينخدعوا بأمثال هؤلاء ، وبين لهم كيف يوسوس لهم ويشغلهم في صلاتهم وعبادتهم ، وكيف يحاول الشيطان أن يوهمهم بأن وضوءهم قد فسد ، والأمر ليس كذلك ، وكيف يفرق بين المرء وزوجه ، وكيف يوسوس للمرء ، فيقول له : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقـول : من خلق ربك ؟ -------------------------------- (1) الثلمة في السور : الموضع المتهدم منه . (2) الربض : المكان الذي يُؤوى إليه . (3) تلبيس إبليس : 49 . (4) مشكاة المصابيح : 1/58 . ورقمه : 166 . وقال محقق المشكاة : وإسناده حسن . (5) صحيح مسلم : 1/87 . ورقمه : 81 . (6) تفسير ابن كثير : 1/28 . (7) حديث صحيح ، انظر تخريجه ، وكلام الشيخ ناصر الدين الألباني عليه في إرواء الغليل : 2/51 . ورقمه : 341 . (8) رواه البخاري : 1/242 . ورقمه : 142 ، ورواه مسلم : 1/283 . ورقمه : 375 . (9) صحيح سنن أبي داود :1/4 . ورقمه :4 . (10) مشكاة المصابيح : 1/743 . ورقمه : 2418 . (11) صحيح سنن الترمذي : 3/172 . ورقمه : 2798 . (12) مشكاة المصابيح : 1/732 . ورقمه : 3416 . (13) صحيح سنن ابن ماجة : 2/273 . ورقمه : 2857 . (14) راجع صحيح الجامع : 1/286 . (15) الحديث رواه البخاري ومسلم . انظر : مشكاة المصابيح : 1/743 . ورقمه : 2419 . (16) إغاثة اللهفان : 1/109 . (17) مشكاة المصابيح : 1/488 . ورقمه : 1535 . (18) تلبيس إبليس : 47 . (19) انظر هذه الأحاديث في صحيح سنن النسائي : 3/1104 –1107 . وأرقامها : 5017-5029 . (20) تلبيس إبليس : 48 . (21) تلبيس إبليس : 48 . (22) الوابل الصيب : ص60 . (23) جمع فرط ، والمراد به : من مات له من الأطفال . (24) الوابل الصيب : ص144 . (25) مشكاة المصابيح : 1/749 . ورقمه : 1442 . (26) مشكاة المصابيح : 1/708 . ورقمه : 2302 . (27) مجمع الزوائد : 10/120 . أقول : وصوابه السامي بالسين . (28) رواه البخاري : 13/379 . ورقمه : 7396 . ورواه مسلم : 2/1058 . ورقمه : 1434 . (29) رواه مسلم : 1/290 . ورقمه : 389 . (30) رواه البخاري : 2/48 . ورقمه : 806 . وانظره أيضاً برقم : 1222 ، 1231 ، 1232 ، 3285 . ورواه مسلم : 1/290 . ورقمه : 389 . (31) مسند الإمام أحمد : 5/59 ، البداية والنهاية : 1/65 . (32) صحيح سنن الترمذي : 2/232 . ورقمه : 1758 . (33) صحيح سنن أبي داود : 1/109 . ورقمه : 541 . (34) صحيح سنن أبي داود : 3/869 . ورقمه : 3842 . (35) إذا رغبت في الوقوف على تفاصيل مخططات الشيطان ومكائده ومصائده ، وكيف ألبس على الناس دينهم في العقائد والعبادات والمعاملات ، وكيف تلاعب باليهود والنصارى والمجوس وعباد الأوثان – فلا غنى لك عن قراءة كتابين : الأول : تلبيس إبليس ، لابن الجوزي ، الثاني : إغاثة اللهفان ، لابن القيم . ــــــــــــ \ يتبع |
•
اريد ان اخبركم سراٌ
• عالم رياضيات أمريكي: الإسلام هو دين الله حقاً • ماعلاقة الشيطان بالمرض والادويه ؟؟
|
09 Jul 2012, 03:59 AM
|
#7 |
|
موقوف
اللهم لك الحمد ولك الشكر
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: النور المبين من كتاب عالم الجن والشياطين .
سابعاً : مخالفة الشيطان :
يأتي الشيطان في صورة ناصح يحرص على الإنسان كما سبق ، فعلى المرء أن يخالف ما يأمر به ، ويقول له : لو كنت ناصحاً أحداً لنصحت نفسك ، فقد أوقعت نفسك في النار ، وجلبت لها غضب الجبّار ، فكيف ينصح غيره من لا ينصح نفسه . يقول الحارث بن قيس : " إذا أتاك الشيطان وأنت تصلي ، فقال : إنك ترائي فزدها طولاً " (1) . وهذا فقه جيد منه ، رحمه الله . وإذا علمنا أنّ أمراً ما يحبّه الشيطان ، ويتصف به ، فعلينا أن نخالفه ، فمثلاً الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله ، ويأخذ بشماله ، لذا وجبت علينا مخالفته . روى أبو هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليأكل أحدكم بيمينه ، وليشرب بيمينه ، وليأخذ بيمينه ، وليعط بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله ، ويعطي بشماله ، ويأخذ بشماله ) (2) . والشيطان يشاركنا في الشرب إذا شربنا ، ونحن وقوف ، ولذا أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الشرب ونحن جلوس . ورغّبنا الرسول صلى الله عليه وسلم في القيلولة ، معلّلاً ذلك بأن الشياطين لا تقيل ، ( قيلوا ، فإنّ الشياطين لا تقيل ) . رواه أبو نعيم في الطبّ ، بإسناد حسن (3) . وحذرنا القرآن من الإسراف ، وقد عدّ المبذرين إخوان الشياطين ، وما ذلك إلا لأن الشياطين تحب إضاعة المال وإنفاقه في غير وجهه . ومن الإسراف الإكثار من الأثاث والفراش الذي لا لزوم له ، روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الفرش فقال : ( فراش للرجل ، وفراش لامرأته ، وفراش للضيف ، والرابع للشيطان ) (4) . ومن هذا المنطلق أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نميط الأذى عن اللقمة التي تسقط من أحدنا ، ولا نتركها للشيطان ، عن جابر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه ، حتى يحضره عند طعامه ، فإذا سقطت اللقمة ، فليمط ما كان بها من أذى ، ثم ليأكلها ، ولا يدعها للشيطان ، فإذا فرغ فليلعق أصابعه ، فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة ) (5) . مراكب الشيطان : هذه الخيول والدواب التي يقامر عليها ويراهن عليها تعدّ من مراكب الشياطين ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الخيل ثلاثة : ففرس للرحمن ، وفرس للشيطان ، وفرس للإنسان ، فأما فرس الرحمن ؛ فالذي يربط في سبيل الله ، فعلفه ، وروثه ، وبوله في ميزانه ، وأمّا فرس الشيطان ، فالذي يقامر أو يراهن عليه ، وأما فرس الإنسان ، فالفرس يرتبطها الإنسان يلتمس بطنها ، فهي ستر من الفقر ) . رواه أحمد بإسناد صحيح (6) . العجلة من الشيطان : من الصفات التي يحبها الشيطان العجلة ؛ لأنها توقع الإنسان في كثير من الأخطاء ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( التأني من الرحمن والعجلة من الشيطان ) . رواه البيهقي في شعب الإيمان بإسناد حسن (7) . فعلينا أن نخالف الشيطان في ذلك ، ونتبع ما يرضي الرحمن ، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس : ( إن فيك لخصلتين يحبهما الله ؛ الحلم والأناة ) (8) . التثاؤب : ومما يحبه الشيطان من الإنسان التثاؤب ؛ ولذا أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بكظمه ما استطعنا ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التثاؤب من الشيطان ، فإذا تثاءَب أحدكم فليرده ما استطاع ، فإن أحدكم إذا قال : ها ، ضحك منه الشيطان ) (9) . وذلك لأن التثاؤب علامة الكسل ، والشيطان يعجبه ويفرحه من الإنسان كسلـه وفتوره ؛ إذ بذلك يقل عمله وبذله الذي يرفعه عند ربه . ثامناً : التوبة والاستغفار : ومما يواجه به العبد كيد الشيطان أن يسارع بالتوبة والأوبة إلى الله إذا أغواه الشيطان ، وهذا دأب عباد الله الصالحين ، قال تعالى : ( إنَّ الَّذين اتَّقوا إذا مسَّهم طائفٌ من الشَّيطان تذكَّروا فإذا هم مُّبصرون ) [ الأعراف : 201 ] . وقد فسر الطائف بالهمّ بالذنب ، أو إصابة الذنب ، وقوله : ( تذكَّروا ) أي عقاب الله وجزيل ثوابه ، ووعده ووعيده ، فتابوا ، وأنابوا ، واستعاذوا بالله ، ورجعوا إليه من قريب . ( فإذا هم مُّبصرون ) أي قد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه . وهذا يدل على أن الشيطان يكاد يجعل الإنسان في عماية لا يرى الحق ولا يبصره بما يلقيه عليه من غشاوة ، وما يغشي به القلب من الشبهات والشكوك . وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشيطان قال لرب العزة : ( وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الربّ : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ) . رواه أحمد في مسنده ، والحاكم في مستدركه (10) . هذه حال عباد الله : الرجوع من قريب ، والتوبة والإنابة إلى الله ، ولهم في ذلك أسوة بأبيهم آدم ، فإنه لما أكل من الشجرة ، تلقى من ربه كلمات فتاب عليه ، وتوجه آدم وزوجه إلى الله قائلين : ( ربَّنا ظلمنا أنفسنا وإن لَّم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين ) [ الأعراف : 23 ] . أما أولياء الشيطان فهم كما قال الله فيهم : ( وإخوانهم يمدُّونهم في الْغَيِّ ثمَّ لا يقصرون ) [ الأعراف : 202 ] . والمراد بإخوانهم هنا : إخوان الشياطين من الإنس كقوله : ( إنَّ المبذرين كانوا إخوان الشَّياطين ) [ الإسراء : 27 ] ، وهم أتباعهم والمستمعون لهم ، القابلون لأوامرهم يمدونهم في الغيّ : أي بالتزيين والتحسين للذنوب والمعاصي ، بلا كلل ولا ملل . كقوله : ( ألم تر أنَّا أرسلنا الشَّياطين على الكافرين تؤزُّهم أزّاً ) [ مريم : 83 ] . تاسعاً : أزل اللبس والغموض الذي يدخل الشيطان منه إلى النفوس : لا تقف مواقف الشبهة ، وإذا حدث ذلك فَوَضّحْ للناس حالك ، حتى لا تدع للشيطان فرصة الوسوسة في صدور المسلمين ، ولك أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا . روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً ، فأتيته أزوره ليلاً فحدثته ، ثم قمت فانقلبت ، فقام معي ليَقْلبني (11) ، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد ، فمرّ رجلان من الأنصار ، فلمّا رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( على رسلكما ، إنها صفية بنت حيي ) ، فقالا : سبحان الله ، يا رسول الله !! قال : ( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً ) ، أو قال : ( شيئاً ) (12) قال الخطابي : " في هذا الحديث من العلم استحباب أن يحذر الإنسان من كل أمر من المكروه مما تجري به الظنون ، ويخطر بالقلوب ، وأن يطلب السلامة من الناس بإظهار البراءَة من الريب " . ويحكى في هذا عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال : " خاف النبي صلى الله عليه وسلم أن يقع في قلوبهما شيء من أمره فيكفرا ، وإنما قاله صلى الله عليه وسلم شفقة منه عليهما لا على نفسه " (13) . ومما أرشدنا الله إليه القول الحسن مع الآخرين حتى لا يدخل الشيطان بيننا وبين إخواننا ، فيوقع العداوة بيننا والبغضاء ، قال تعالى : ( وقل لعبادي يقولوا الَّتي هي أحسن إنَّ الشَّيطان ينزغ بينهم ) [ الإسراء : 53 ] . وهذا أمر تساهل فيه بعض الناس ، فتراهم يقولون الكلام الموهم الذي يحتمل وجوهاً عدة بعضها سيِّء ، وقد يرمي أحدهم أخاه بألفاظ يكرهها ، ويناديه بألقاب يمقتها ، فيكون ذلك مدخلاً للشيطان ، فيفرق بينهما ، ويحل العداء محل الوفاق والألفة . النفس البشرية في معترك الصراع : في ختام هذا الفصل أحب أن أثبت مبحثاً مهماً من كلام ابن القيم صوّر فيه – رحمه الله – حقيقة الصراع وطبيعته ، يقول ابن القيم ما ملخصه : " اختار الله الإنسان من بين خلقه فكرمه واصطفاه ، وجعله محلاً للإيمان والتوحيد والإخلاص والمحبة والرجاء ، وابتلاه بالشهوة والغضب والغفلة ، وابتلاه بعدوه إبليس ، لا يفتر عنه " (14) . ثم يقول ابن القيم ما نصه : " فهو ( أي الشيطان ) يدخل عليه من الأبواب التي هي من نفسه وطبعه ، فتميل نفسه معه ؛ لأنه يدخل عليها بما تحب ، فيتفق هو ونفسه وهواه على العبد : ثلاثة مسلطون آمرون ، فيبعثون الجوارح في قضاء وطرهم ، والجوارح آلة منقادة ، فلا يمكنها إلا الانبعاث ، فهذا شأن هذه الثلاثة ، وشأن الجوارح ، فلا تزال الجوارح في طاعتهم كيف أمروا وأين يمموا . هذا مقتضى حال العبد ، فاقتضت رحمة ربه العزيز الرحيم به أن أعانه بجند آخر ، وأمدّه بمدد آخر ، يقاوم به هذا الجند الذي يريد هلاكه ، فأرسل إليه رسوله ، وأنزل عليه كتابه ، وأيده بملك كريم يقابل عدوه الشيطان ، فإذا أمره الشيطان بأمر ، أمره الملك بأمر ربّه ، وبين له ما في طاعة العدو من الهلاك ، فهذا يلم به مرة ، وهذا مرة ، والمنصور من نصره الله عز وجل ، والمحفوظ من حفظه الله تعالى . وجعل الله له مقابل نفسه الأمارة نفساً مطمئنة ، إذا أمرته النفس الأمارة بالسوء ، نهته عنه النفس المطمئنة ، وإذا نهته الأمارة عن الخير ، أمرته به النفس المطمئنة ، فهو يطيع هذه مرة ، وهذه مرة ، وهو الغالب عليه منهما ، وربما انقهرت إحداهما بالكلية قهراً لا تقوم معه أبداً . وجعل له مقابل الهوى الحامل له على طاعة الشيطان والنفس الأمارة نوراً وبصيرة ، وعقلاً يرده عن الذهاب مع الهوى ، فكلما أراد أن يذهب مع الهوى ، ناداه العقل والبصيرة والنور : الحذر الحذر ، فإن المهالك والمتالف بين يديك ، وأنت صيد الحرامية ، وقطّاع الطريق ، إن سرت خلف هذا الدليل . فهو يطيع الناصح مرة ، فيبين له رشده ونصحه ، ويمشي خلف دليل الهوى مرة ، فيقطع عليه الطريق ، ويؤخذ ماله ، وتسلب ثيابه ، فيقول : ترى من أين أتيت ؟ والعجب أنه يعلم من أين أُتي ، ويعرف الطريق التي قطعت عليه ، وأخذ فيها ، ويأبى إلا سلوكها ، لأنّ دليله تمكن منه ، وتحكم فيه ، وقوي عليه ، ولو أضعفه بالمخالفة له ، وزجره إذا دعاه ، ومحاربته إذا أراد أخذه ، لم يتمكن منه ، ولكن هو مكنه من نفسه ، وهو أعطاه يده . فهو بمنزلة الرجل يضع يده في يد عدوه ، فيباشره ثم يسومه سوء العذاب ، فهو يستغيث فلا يغاث ، فهكذا يستأسر للشيطان والهوى ولنفسه الأمارة ، ثم يطلب الخلاص ، فيعجز عنه . فلما أن بُلي العبد بما بُلي به ، أعين بالعساكر والعدد والحصون ، وقيل : قاتل عدوك وجاهده ، فهذه الجنود خذ منها ما شئت ، وهذه الحصون تحصن بأي حصن شئت منها ، ورابط إلى الموت ، فالأمر قريب ، ومدة المرابطة يسيرة جداً ، فكأنك بالملك الأعظم وقد أرسل إليك رسله ، فنقلوك إلى داره ، واسترحت من هذا الجهاد ، وفرق بينك وبين عدوك ، وأطلقت في دار الكرامة تتقلب فيها كيف شئت ، وسجن عدوك في أصعب الحبوس وأنت تراه . فالسجن الذي كان يريد أن يودعك فيه قد أدخله وأغلقت عليه أبوابه ، وأيس من الروح والفرج ، وأنت فيما اشتهت نفسك ، وقرّت عينك ، جزاءً على صبرك في تلك المدة اليسيرة ، ولزومك الثغر للرباط ، وما كانت إلا ساعة ثمّ انقضت ، وكأن الشدة لم تكن . فإن ضعفت النفس عن ملاحظة قصر الوقت وسرعة انقضائه ، فليتدبر قوله عز وجل : ( كأنَّهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلاَّ ساعةً من نَّهار ) [ الأحقاف : 35 ] وقوله عز وجل : ( كأنَّهم يوم يرونها لم يلبثوا إلاَّ عشيَّةً أو ضُحَاهَا ) [ النازعات : 46 ] ، وقوله عزّ وجلّ : ( قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين – قالوا لبثنا يوماً أو بعض يومٍ فَاسْأَل العادين – قال إن لبثتم إلاَّ قليلاً لو أنَّكم كنتم تعلمون ) [المؤمنون : 112-114] ، وقوله تعالى : ( يوم ينفخ في الصُّور ونحشر المجرمين يومئذٍ زرقاً – يتخافتون بينهم إن لبثتم إلاَّ عشراً – نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقةً إن لبثتم إلاَّ يوماً ) [طه : 102-104] . وخطب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوماً ، فلما كانت الشمس على رؤوس الجبال ، وذلك عند الغروب قال : ( إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه ) . رواه أحمد في المسند ، والترمذي في سننه ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح . فليتأمل العاقل الناصح لنفسه هذا الحديث ، وليعلم أي شيء حصل له من هذا الوقت الذي قد بقي من الدنيا بأسرها ، ليعلم أنه في غرور وأضغاث أحلام ، وأنه قد باع سعادة الأبد والنعيم المقيم بحظ خسيس لا يساوي شيئاً ، ولو طلب الله تعالى والدار الآخرة لأعطاه ذلك الحظ هنيئاً موفوراً وأكمل منه ، كما في بعض الآثار : " ابن آدم ، بع الدنيا بالآخرة تربحهما جميعاً ، ولا تبع الآخرة بالدنيا تخسرهما جميعاً " . وقال بعض السلف : " ابن آدم ، أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، أضعت نصيبك من الآخرة ، وكنت من نصيب الدنيا على خطر ، وإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، فزت بنصيبك من الدنيا فانتظمته انتظاماً " . وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول في خطبته : " أيها الناس ، إنكم لم تخلقوا عبثاً ، ولم تتركوا سدى ، وإن لكم معاداً يجمعكم الله – عزّ وجلّ – فيه للحكم فيكم ، والفصل بينكم ، فخاب وشقي عبد أخرجه الله – عزّ وجلّ – من رحمته التي وسعت كل شيء ، وجنته التي عرضها السماوات والأرض . وإنما يكون الأمان غداً لمن خاف الله تعالى واتقى ، وباع قليلاً بكثير ، وفانياً بباقٍ ، وشقاوة بسعادة ، ألا ترون أنكم في أصلاب الهالكين ، وسيخلفه بعدكم الباقون ؟ ألا ترون أنكم في كل يوم تشيعون غادياً رائحاً إلى الله قد قضى نحبه ، وانقطع أمله ، فتضعونه في بطن صدع من الأرض غير موسّد ولا ممهد ، قد خلع الأسباب ، وفارق الأحباب ، وواجه الحساب ؟ " . والمقصود أن الله – عزّ وجلّ – قد أمد العبد في هذه المدة اليسيرة بالجنود ، والعدد ، والأمداد ، وبين له بماذا يحرز نفسه من عدوه ، وبماذا يَفتَكّ نفسه إذا أسر . وقد روى الإمام أحمد رضي الله عنه – والترمذي ، من حديث الحارث الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنّ الله – سبحانه وتعالى – أمر يحي ابن زكريا صلى الله عليه وسلم بخمس كلماتٍ : أن يعمل بها ، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها ، وأنه كادَ أن يُبطئ بها ، فقال له عيسى عليه السلام : إن الله – تعالى – أمركَ بخمس كلمات لتعمل بها ، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها ، فإما أن تأمرهم ، وإما أن آمرَهُم ، فقال يحي : أخشى إن سبقتني بها أن يخسف بي وأعذب ، فجمع يحي الناس في بيت المقدس ، فامتلأ المسجد ، وقعدوا على الشرف ، فقال : إن الله – تبارك وتعالى – أمرني بخمس كلمات أن أَعمَلَهُنّ ، وآمركُم أن تعملُوا بهن ) . وخامس هذه الخمسة التي أمرهم بها الذكر ، ( وآمركم أن تذكروا الله تعالى فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً ، حتى أتى على حصن حصين ، فأحرز نفسه منهم ، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله تعالى ) . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . ومما أمرهم به في الحديث الصلاة : ( آمركم بالصلاة ، فإذا صليتم فلا تلتفتوا ، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت ) . والالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان ؛ أحدهما : التفات القلب عن الله عزّ وجلّ إلى غير الله تعالى . والثاني : التفات البصر . وكلاهما منهي عنه . ولا يزال الله مقبلاً على عبده ما دام العبد مقبلاً على صلاته ، فإذا التفت بقلبه أو بصره ، أعرض الله تعالى عنه . وقد سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال : ( هو اختلاسٌ يَخْتلِسُهُ الشيطانُ من صلاة العبد ) (15) . وفي أثر : يقول الله تعالى : ( إلى خير مني ، إلى خير مني ؟ ) . ومثل من يلتفت في صلاته ببصره أو بقلبه مثلُ رجل قد استدعاه السلطان ، فأوقفه بين يديه ، وأقبل يناديه ويخاطبه ، وهو في خلال ذلك يلتفت عن السلطان يميناً وشمالاً ، وقد انصرف قلبه عن السلطان ، فلا يفهم ما يخاطبه به ؛ لأن قلبه ليس حاضراً معه ، فما ظنّ هذا الرجل أن يفعل به السلطان ؟ أفليس أقل المراتب في حقّه أن ينصرف من بين يديه ممقوتاً مبعداً قد سقط من عينيه ؟ . فهذا المصلي لا يستوي والحاضر القلب المقبل على الله تعالى في صلاته ، الذي قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه ، فامتلأ قلبه من هيبته ، وذلت عنقه له ، واستحيى من ربه تعالى أن يقبل على غيره ، أو يلتفت عنه . وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض ، قال حسان بن عطية : إن الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة ، وإن ما بينهما في الفضل كما بين السماء والأرض ، وذلك أن أحدهما مقبل بقلبه على الله عز وجل ، والآخر ساهٍ غافل . فإذا أقبل العبد على مخلوق مثله ، وبينه وبينه حجاب ، لم يكن إقبالاً ولا تقريباً، فما الظن بالخالق عزّ وجل ؟ وإذا أقبل على الخالق عزّ وجلّ ، وبينه وبينه حجاب الشهوات والوساوس ، والنفس مشغوفة بها ، ملأى منها ، فكيف يكون ذلك إقبالاً وقد ألهته الوساوس والأفكار ، وذهبت به كل مذهب ؟ والعبد إذا قام في الصلاة غار الشيطان منه ، فإنه قد قام في أعظم مقام ، وأقربه وأغيظه للشيطان ، وأشده عليه ، فهو يحرص ويجتهد كل الاجتهاد أن لا يقيمه فيه ، بل لا يزال به يعده ويمنّيه وينسيه ، ويجلب عليه بخيله ورجله حتى يهوّن عليه شأن الصلاة ، فيتهاون بها فيتركها . فإن عجز عن ذلك منه ، وعصاه العبد ، وقام في ذلك المقام ، أقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بنيه وبين نفسه ، ويحول بينه وبين قلبه ، فيذكره في الصلاة ، ما لم يكن يذكر قبل دخوله فيها ، حتى ربما كان قد نسي الشيء والحاجة ، وأيس منها ، فيذكره إياها في الصلاة ليشغل قلبه بها ، ويأخذه عن الله عزّ وجلّ ، فيقوم فيها بلا قلب ، فلا ينال من إقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما يناله المقبل على ربه عزّ وجلّ بقلبه في صلاته ؛ فينصرف من صلاته مثل ما دخل فيها بخطاياه وذنوبه وأثقاله ، لم تخف عنه بالصلاة ، فإن الصلاة إنما تكفر سيئات من أدى حقها ، وأكمل خشوعها ، ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقالبه . فهذا إذا انصرف منها وجد خفة من نفسه ، وأحس بأثقال قد وضعت عنه ، فوجد نشاطاً وراحة وروحاً ، حتى يتمنى أنه لم يكن خرج منها ، لأنها قرة عينيه ، ونعيم روحه ، وجنة قلبه ، ومستراحه في الدنيا ، فلا يزال كأنه في سجنٍ وضيقٍ حتى يدخل فيها ، فيستريح بها ، لا منها ، فالمحبون يقولون : نصلي فنستريح بصلاتنا ، كما قال إمامهم وقدوتهم ونبيهم : ( يا بلالُ أرِحنا بالصلاةِ ) ، ولم يقل : أرحنا منها ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( جُعِلت قُرة عيني في الصلاةِ ) . فمن جعلت قرة عينه في الصلاة ، كيف تقر عينه صلى الله عليه وسلم بدونها ، وكيف يطيق الصبر عنها ؟ وقد روي أن العبد إذا قام يصلي ، قال الله عز وجل : " ارفعوا الحجب ، فإذا التفت ، قال : أرخوها " ، وقد فُسِّر هذا الالتفات بالتفات القلب عن الله عزّ وجلّ إلى غيره ، فإذا التفت إلى غيره ، أرخى الحجاب بينه وبين العبد ، فدخل الشيطان ، وعرض عليه أمور الدنيا ، وأراه إياها في صورة المرآة ، وإذا أقبل بقلبه على الله ولم يلتفت ، لم يقدر الشيطان على أن يتوسط بين الله – تعالى – وبين ذلك القلب ، وإنما يدخل الشيطان إذا وقع الحجاب ، فإن فر إلى الله تعالى ، وأحضر قلبه فر الشيطان ، فإن التفت حضر الشيطان ، فهو هكذا شأنه وشأن عدوه في الصلاة . كيف يجعل المصلي قلبه حاضراً في الصلاة ؟ وإنما يقوى العبد على حضوره في الصلاة واشتغاله فيها بربه عزّ وجلّ ، إذا قهر شهوته وهواه ، وإلا فقلب قد قهرته الشهوة ، وأسره الهوى ، ووجد الشيطان فيه مقعداً تمكن فيه ، كيف يخلص من الوساوس والأفكار ؟ ! والقلوب ثلاثة : قلب خالٍ من الإيمان وجميع الخير ، فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه ؛ لأنه قد اتخذه بيتاً ووطناً ، وتحكم فيه بما يريد ، وتمكن منه غاية التمكن . القلب الثاني : قلب قد استنار بنور الإيمان ، وأوقد فيه مصباحه ، لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الأهوية ، فللشيطان هناك إقبال وإدبار ، ومجالات ومطامع ، فالحرب دول وسجال . وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة ، فمنهم مَنْ أوقات غلبته لعدوه أكثر ، ومنهم مَنْ أوقات غلبة عدوه له أكثر ، ومنهم من هو تارة وتارة . القلب الثالث : قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان ، وانقشعت عنه حجب الشهوات ، وأقلعت عنه تلك الظلمات ، فلنوره في صدره إشراق ، ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس لاحترق به ، فهو كالسماء التي حرست بالنجوم ، فلو دنا منها الشيطان يتخطاها لرجم فاحترق ، وليست السماء بأعظم حرمة من المؤمن ، وحراسة الله تعالى له أتم من حراسة السماء ، والسماء متعبد الملائكة ، ومستقرّ الوحي ، وفيها أنوار الطاعات ، وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة ، والمعرفة والإيمان ، وفيه أنوارها ، فهو حقيق أن يحرس ويحفظ من كيد العدو ، فلا ينال منه شيئاً إلا خطفة . وقد مثّل ذلك بمثال حسن ، وهو ثلاثة بيوت : بيت الملك فيه كنوزه وذخائره وجواهره . وبيت للعبد فيه كنوز العبد ، وذخائره ، وجواهره ، وليس جواهر الملك وذخائره . وبيت خال صفر لا شيء فيه ، فجاء اللص يسرق من أحد البيوت ، فمن أيها يسرق ؟ فإن قلت : من البيت الخالي ، كان محالاً ؛ لأن البيت الخالي ليس فيه شيء يسرق ، ولهذا قيل لابن عباس رضي الله عنهما : إن اليهود تزعم أنها لا توسوس في صلاتها ، فقال : وما يصنع الشيطان بالقلب الخراب ؟ وإن قلت : يسرق من بيت الملك ، كان ذلك كالمستحيل الممتنع ، فإن عليه من الحرس واليزَك (16) ما لا يستطيع اللص الدنو منه ، كيف وحارسه الملك بنفسه ، وكيف يستطيع اللص الدنو منه وحوله من الحرس والجند ما حوله ؟ فلم يبق للص إلا البيت الثالث ، فهو الذي يشن عليه الغارات . فيلتأمل اللبيب هذا المثال ، ولينزله على القلوب ، فإنها على منواله . فقلب خلا من الخير كله ، وهو قلب الكافر والمنافق ، فذلك بيت الشيطان ، قد أحرزه لنفسه واستوطنه ، واتخذه سكناً ومستقراً ، فأي شيء يسرق منه ، وفيه خزائنه وذخائره وشكوكه وخيالاته ووساوسه ؟ وقلب قد امتلأ من جلال الله – عزّ وجلّ – وعظمته ومحبته ومراقبته والحياء منه ، فأي شيطان يجترئ على هذا القلب ؟ وإن أراد سرقة شيء منه ، فماذا يسرق ؟ وغايته أن يظفر في الأحايين منه بخطفة ونهب يحصل له على غرة من العبد وغفلة لا بد له منها ، إذ هو بشر ، وأحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو والذهول وغلبة الطبع . وقلب فيه توحيد الله تعالى ، ومعرفته ، ومحبته ، والإيمان به ، والتصديق بوعده ، وفيه شهوات النفس وأخلاقها ، ودواعي الهوى والطبع . وقلب بين هذين الداعيين ؛ فمرة يميل بقلبه داعي الإيمان والمعرفة والمحبة لله تعالى وإرادته وحده ، ومرة يميل بقلبه داعي الشيطان والهوى والطباع ، فهذا القلب للشيطان فيه مطمع ، وله منه منازلات ووقائع ، ويعطي الله النصر من يشاء : ( وما النَّصر إلاَّ من عند الله العزيز الحكيم ) [ آل عمران : 126 ] . وهذا لا يتمكن الشيطان منه إلا بما عنده من سلاحه ، فيدخل إليه الشيطان ، فيجد سلاحه عنده ، فيأخذه ويقاتل به ، فإن أسلحته هي الشهوات والشبهات والخيالات والأماني الكاذبة ، وهي في القلب ، فيدخل الشيطان فيجدها عتيدة ، فيأخذها ويصول بها على القلب ، فإن كان عند العبد عدة عتيدة ، من الإيمان تقاوم تلك العدة وتزيد عليها ، انتصف من الشيطان ، وإلا فالدولة لعدوه عليه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . فإذا أذن العبد لعدوه ، وفتح له باب بيته ، وأدخله عليه ، ومكنه من السلاح يقاتله به ، فهو الملوم . فنفْسك لُم ولا تَلُم المطايا ومُت كمداً فليس لك اعتذارُ " -------------------------------- (1) تلبيس إبليس : 38 . (2) صحيح سنن ابن ماجة : 1/225 . ورقمه : 2643 . (3) صحيح الجامع : 4/147 . (4) صحيح مسلم : 3/1651 . ورقمه : 2084 . وصحيح سنن أبي داود : 2/780 . ورقمه : 3489 . (5) صحيح مسلم : 3/1607 . ورقمه : 2033 . (6) صحيح الجامع : 3/137 . (7) صحيح الجامع : 3/57 . (8) رواه مسلم في صحيحه : 1/48-49 . ورقمه : (17) ، (18) . (9) رواه البخاري : 6/338 . ورقمه :3289 . ورواه مسلم : 4/2293 . ورقمه : 2994 . واللفظ للبخاري . ورواه الترمذي . انظر صحيح سنن الترمذي : 2/355 . ورقمه : 2206 . (10) صحيح الجامع : 2/72 . (11) ليردني إلى منزلي . (12) صحيح البخاري : 6/336 . ورواه مسلم : 4/1712 . ورقمه : 2175 . واللفظ لمسلم . (13) تلبيس إبليس : 46 . (14) الوابل الصيب : ص21 . (15) رواه البخاري : 2/234 . ورقمه : 751 . (16) يزك ويسك (بالتركية) : بمعنى المنع والحظر والزجر . ــــــــــــ |
•
اريد ان اخبركم سراٌ
• عالم رياضيات أمريكي: الإسلام هو دين الله حقاً • ماعلاقة الشيطان بالمرض والادويه ؟؟
|
09 Jul 2012, 04:02 AM
|
#8 |
|
موقوف
اللهم لك الحمد ولك الشكر
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: النور المبين من كتاب عالم الجن والشياطين .
علاج الصرع
تحدثنا في ما مضى أن الشيطان قد يصيب الإنسان ، وهو ما نسميه الصرع أو مس الجن ، وسنحاول أن نبين أسباب الصرع وعلاجه : أسباب الصرع : بيّن ابن تيمية (1) : " أن الصرع للإنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق ، كما يتفق للإنس مع الإنس ... ، وقد يكون – وهو الأكثر – عن بغض ومجازاة ، مثل أن يؤذيهم بعض الإنس ، أو يظنوا أنهم يتعمدون أذاهم إما ببول على بعضهم ، وإمّا بصب ماء حار ، وإما بقتل بعضهم ، وإن كان الإنس لا يعرف ذلك ، وفي الجن جهل وظلم ، فيعاقبونه بأكثر مما يستحقه ، وقد يكون عن عبث منهم وشرّ بمثل سفهاء الإنس " . واجبنا تجاه هؤلاء : ذكرنا أن الجن عباد مأمورون متعبدون بالشريعة ، فإذا استطاع المسلم أن يصل إلى مخاطبتهم ، كما يحدث مع الجني الذي يصرع الإنسان ، وجب القيام بذلك . فإذا كان صرع الجني للإنسي من الباب الأول ( عن شهوة وهوى ) ، فهو من الفواحش التي حرمها الله تعلى على الإنس والجن ، ولو كانت برضا الطرف الآخر ، فكيف مع كراهته ، فإنّه فاحشة وظلم . فيخاطب الجن بذلك ، ويعرفون أن هذا فاحشة محرمة ، أو فاحشة وعدوان ؛ لتقوم الحجة عليهم بذلك ، ويعلموا أنه يحكم فيهم بحكم الله ورسوله الذي أرسله إلى جميع الثقلين : الإنس والجن . وما كان من الثاني ( إيذاء بعض الإنس لهم ) ، فإن كان الإنسي لم يَعْلَمْ ، فيخاطبون بأن هذا لم يعلم ، ومن لم يتعمد الأذى لا يستحق العقوبة ، وإن كان قد فعل ذلك في داره وملكه عرفوا بأنها ملكه ، فله أن يتصرف فيها بما يجوز ، وأنتم ليس لكم أن تمكثوا في ملك الإنس بغير إذنهم ، بل لكـم ما ليس من مساكن الإنس كالخراب والفلوات ... ويقول ابن تيمية (2) : " والمقصود أن الجن إذا اعتدوا على الإنس ، أخبروا بحكم الله ورسوله ، وأقيمت عليهم الحجة ، وأمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، كما يفعل بالإنس ؛ لأن الله يقول : ( وما كنَّا معذبين حتَّى نبعث رسولاً ) [ الإسراء : 15 ] ، وقال : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسلٌ منكم يقصُّون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا ) [ الأنعام : 130 ] ؟ النهي عن قتل حيَّات البيوت : يقول ابن تيمية : " ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل حيّات البيوت حتى تؤذن ثلاثاً " ، وقد سبق ذكر النصوص المبينة لذلك ، وقد ساق ابن تيمية تلك النصوص ، ثمّ بين السبب الذي من أجله نهى عن قتل جنان البيوت فقال : " وذلك أن قتل الجن بغير حق لا يجوز ، كما لا يجوز قتل الإنس بلا حق ، والظلم محرم في كل حال ، فلا يحلّ لأحد أن يظلم أحداً ، ولو كان كافراً ، بل قال تعالى : ( ولا يجر منَّكم شَنَآنُ قومٍ على ألاَّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتَّقوى ) [ المائدة : 8 ] . فإذا كانت حيات البيوت قد تكون جنّاً فتؤذن ثلاثاً ، فإن ذهبت وإلا قتلت ، فإنها إن كانت حية قتلت ، وإن كانت جنية ، فقد أصرت على العدوان بظهورها للإنس في صورة حيّة تفزعهم بذلك ، والعادي هو الصائل الذي يجوز دفعه بما يدفع ضرره ولو كان قتلاً ، وأما قتلهم بدون سبب يبيح ذلك ، فلا يجوز " . سب الجان وضربهم : وذكر ابن تيمية أن واجب المؤمن نصرة أخيه المظلوم ، وهذا المصروع مظلوم ، ولكن النصرة يكون بالعدل كما أمر الله ، فإذا لم يرتدع الجني بالأمر والنهي والبيان ، فإنّه يجوز نهره وسبه وتهديده ولعنه ، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الشيطان عندما جاء بشهاب ليرميه في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام : ( أعوذ بالله منك ، ألعنك بلعنة الله ثلاثاً ) . وذكر أنه قد يحتاج في إبراء المصروع ودفع الجني عنه إلى الضرب ، فيضرب ضرباً كثيراً جدّاً ، والضرب إنما يقع على الجني ، ولا يحسه المصروع ، حتى يفيق المصروع ، ويخبره أنه لم يحس شيئاً من ذلك ، ولا يؤثر في بدنه ، ويكون قد ضرب بعصا قوية على رجليه نحو ثلاثمائة أو أربعمائة ضربة أو أكثر أو أقل ، بحيث لو كان على الإنسي لقتله ، وإنما هو على الجني ، والجني يصيح ويصرخ ، ويحدث الحاضرين بأمور متعددة ، ويذكر ابن تيمية أنه فعل هذا وجربه مرات كثيرة ، يطول وصفها . أقول : وقد يستغل الضرب فيمن يظن أن فيه صرع وهو ليس كذلك ، فيكون فيه هلاك المضروب ، ولذلك ينبغي تجنبِه . الاستعانة على الجان بالذكر وقراءَة القرآن : وخير ما يستعان به على الجني الذي يصرع الإنسان ذكر الله وقراءَة القرآن ، ومن أعظم ذلك قراءَة آية الكرسي ، ( فإن من قرأها لا يزال عليه من الله حافظ ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح ) . كما صح الحديث بذلك . يقول ابن تيمية (3) : " ومع هذا فقد جرب المجربون الذين لا يحصون كثرة أن لها من التأثير في دفع الشياطين وإبطال أحوالهم ما لا ينضبط من كثرته وقوته ، فإن لها تأثيراً عظيماً في دفع الشياطين عن نفس الإنسان وعن المصروع ، وعمن تعينه الشياطين ، مثل أهل الظلم والغضب ، وأهل الشهوة والطرب ، وأرباب سماع المكاء والتصدية ، إذا قرئت عليهم بصدق ، دفعت الشياطين ، إذ كانت الشياطين يوحون إلى أوليائهم بأمور يظنها الجهال من كرامات أولياء الله المتقين ، وإنما هي من تلبيسات الشياطين على أوليائهم المغضوب عليهم والضالين " . طرد الرسول صلى الله عليه وسلم للجن من بدن المصروع : فعل ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة ، فعن أم أبان بنت الوازع بن زارع ابن عامر العبدي ، عن أبيها ، أن جدها الزارع انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق معه بابن له مجنون ، أو ابن أخت له . قال جدي : فلما قدمنا على رسول الله قلت : إن معي ابناً لي ، أو ابن أخت لي مجنون ، أتيتك به فتدعو الله له ، قال : ( ائتني به ) فانطلقت إليه ، وهو في الركاب ، فأطلقت عنه ، وألقيت عنه ثياب السفر ، وألبسته ثوبين حسنين ، وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : ( أدنه مني ، واجعل ظهره مما يليني ) . قال : فأخذ بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله ، فجعل يضرب ظهره ، حتى رأيت بياض إبطيه ، ويقول : ( اخرج عدو الله ، اخرج عدو الله ) . فأقبل ينظر نظر الصحيح ، ليس بنظره الأول . ثم أقعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ، فدعا له ، فمسح وجهه ، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل عليه . رواه الطبراني (4) . وفي المسند أيضاً عن يعلى بن مرّة قال : " لقد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ما رآها أحد قبلي ، ولا يراها أحد بعدي . لقد خرجت معه في سفر ، حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامراة جالسة معها صبي لها ، فقالت يا رسول الله : هذا الصبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء ، يؤخذ في اليوم ما أدري كم مرة ، قال : ( ناولينيه ) ، فرفعته إليه ، فجعلته بينه وبين واسطة الرحل ، ثم فغر ( فاه ) ، فنفث فيه ثلاثاً ، وقال ( بسم الله ، أنا عبد الله ، اخسأ عدو الله ) ، ثم ناولها إياه ، فقال : ( القينا في الرجعة في هذا المكان ، فأخبرينا ما فعل ) قال : فذهبنا ، ورجعنا ، فوجدناها في ذلك المكان ، معها ثلاث شياه ، فقال : ( ما فعل صبيك ؟ ) ، فقالت : والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئاً حتى الساعة ، فاجترر هذه الغنم ، قال : ( انزل خذ منها واحدة ، ورد البقية ) (5) . وعن عثمان بن أبي العاص ؛ قال : لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف ، جعل يعرض لي شيء في صلاتي ، حتى ما أدري ما أُصلي ، فلما رأيت ذلك ، رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : ( ابْنُ أَبِي العاصِ ؟ ) قلت : نعم : يا رسول الله ! قال : ( ما جاء بك ؟ ) ، قلت : يا رسول الله ! عرض لي شيء في صلواتي ، حتى ما أدري ما أصلي . قال : ( ذلك الشيطانُ . فادْنُهْ ) فدنوت منه . فجلست على صدور قدمي . قال ، فضرب صدري بيده ، وتفل في فمي ، وقال : ( اخرُجْ . عَدُوّ الله ! ) ففعل ذلك ثلاث مرات . ثم قال : ( الحق بعَمَلكَ ) (6) . وإذا ابتلي المصروع ، ولم يجد علاجاً فصبر على بلواه ، فإن له عند الله أجراً عظيماً ، ففي صحيح البخاري عن عطاء بن أبي رباح قال : قال لي عطاء بن أبي رباح : ( قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى . قال : هذه المرأة السوداء ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع وإني أتكشف ، فادع الله لي . قال : ( إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك ) . فقالت : أصبر . فقالت : إني أتكشف ، فادع الله لي أن لا أتكشف ، فدعا لها " . حدثنا محمدٌ أخبرنا مخلدٌ عن ابن جريج أخبرني عطاء : أنه رأى أم زفر ، تلك المرأة الطويلة السوداء ، على ستر الكعبة (7) . وذكر ابن حجر أن هذه المرأة قالت : " إني أخاف الخبيث أن يجردني " (8) . فالرسول صلى الله عليه وسلم أخرج الجني بالأمر والنهر واللعن ، ولكن هذه لا تكفي وحدها ، فإنّ لقوة الإيمان وثبات اليقين وحسن الصلة بالله أثراً كبيراً في هذا ، يدلك على ذلك ما سنورده في الواقعة التالية . الإمام أحمد يأمر الجني بالخروج فيستجيب : روي أنّ الإمام أحمد كان جالساً في مسجده ، إذ جاءَه صاحب له من قبل الخليفة المتوكل ، فقال : إن في بيت أمير المؤمنين جارية بها صرع ، وقد أرسلني إليك ، لتدعـو الله لها بالعافية . فأعطاه الإمام نعلين من الخشب ، وقال : اذهب إلى دار أمير المؤمنين ، واجلس عند رأس الجارية ، وقل للجني : قال لك أحمد : أيما أحب إليك : تخرج من هذه الجارية ، أو تصفع بهذا النعل سبعين ؟ فذهب الرجل ومعه النعل إلى الجارية ، وجلس عند رأسها ، وقال كما قال له الإمام أحمد . فقال المارد على لسان الجارية : السمع والطاعة لأحمد ، لو أمرنا أن نخرج من العراق لخرجنا منه ، إنه أطاع الله ، ومن أطاع الله أطاعه كل شيء ، ثم خرج من الجارية ، فهدأت ، ورزقت أولاداً . فلما مات الإمام ، عاد لها المارد ، فاستدعى لها الأمير صاحباً من أصحاب أحمد ، فحضر ، ومعه ذلك النعل ، وقال للمارد : أخرج وإلا ضربتك بهذا النعل . فقال المارد : لا أطيعك ولا أخرج ، أما أحمد بن حنبل ، فقد أطاع الله فأمرنا بطاعته . ما ينبغي أن يكون عليه المعالج : وينبغي للمعالج أن يكون قوي الإيمان بالله معتمداً عليه ، واثقاً بتأثير الذكر وقراءَة القرآن ، وكلما قوي إيمانه وتوكله قوي تأثيره ، فربما كان أقوى من الجني فأخرجه ، وربما كان الجني أقوى فلا يخرج ، وربما كان المخرج للجني ضعيفاً ، فتتقصد الجن إيذاءَه ، فعليه بكثرة الدعاء والاستعانة عليهم بالله ، وقراءَة القرآن ، خاصة آية الكرسي . الرقى والتعاويذ : يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى (9) : " وأما معالجة الموضوع بالرقى ، والتعويذات فهذا من وجهين : فإن كانت الرقى والتعاويذ مما يعرف معناها ، ومما يجوز في دين الإسلام أن يتكلم به الرجل ، داعياً الله ، ذاكراً له ، ومخاطباً لخلقه ، ونحو ذلك ، فإنه يجوز أن يرقي بها المصروع ، ويعوذه ، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اعرضوا عليَّ رقاكم ، لا بأس بالرقى : ما لم يكن فيه شرك ) (10) ، وقال : ( من استطاع منكم أن ينفع أخيه فلينفعه ) (11) . وإن كان في ذلك كلمات محرمة ، مثل أن يكون فيها شرك ، أو كانت مجهولة المعنى ، يحتمل أن يكون فيها كفر ، فليس لأحد أن يرقي بها ولا يعزم ، ولا يقسم ، وإن كان الجني قد ينصرف عن المصروع بها ، فإنّ ما حرمه الله ورسوله ضرره أكثر من نفعه . وذكر في موضع آخر (12) : " أن أرباب العزائم الشركية كثيراً ما يعجزون عن دفع الجني ، وكثيراً ما تسخر منهم الجن إذا طلبوا منهم قتل الجني الصارع للإنس أو حبسه ، فيخيلوا إليهم أنهم قتلوه أو حبسوه ، ويكون ذلك تخييلاً وكذباًً . استرضاء الجن : وبعض الناس يحاولون استرضاء الجني الذي يصرع الإنسان بالذبح له ، وهذا من الشرك الذي حرمه الله ورسوله ، وروي أنه نهى عن ذبائح الجن . وقد يزعم بعض الناس أن هذا من باب التداوي بالحرام ، وهذا خطأ كبير ، فالصواب أن الله لم يجعل الشفاء في شيء من المحرمات ، وعلى القول بجواز التداوي بالمحرمات كالميتة والخمر ، فلا يجوز أن يستدل بذلك على الذبح للجني ؛ لأن التداوي بالمحرمات فيه نزاع لبعض العلماء ، أمّا التداوي بالشرك والكفر ، فلا خلاف بين العلماء في تحريمه ، ولا يجوز التداوي به باتفاق . وفي الختام أحب أن أنبه أن ليس كل صرع فهو من الجان ، فمنه ما هو أمراض عارضة لها أسبابها التي قد يعلمها الأطباء ، وقد لا يعلمونها ، وهذا لا ينفي معالجة أمثال هؤلاء بالقرآن والرقى ، فالقرآن والرقى لها أثر في الشفاء من جميع الأدواء . -------------------------------- (1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 19/39 . (2) مجموع الفتاوى : 19/42 . (3) مجموع الفتاوى : 19/55 . (4) مجمع الزوائد : 9/2 . وقال الهيثمي فيه : وأم أبان لم يرو عنها غير مطر . وذكر الهيثمي الحديث من رواية أحمد في مسنده بأخصر مما ذكره الطبراني .وقال : فيه هند بنت الوازع لم أعرفها ، وبقية رجاله ثقات . (5) رواه أحمد في مسنده : 4/170 ، وروى الدارمي ، (1/15 . ورقمه : 17) هذه القصة بلفظ مقارب عن جابر رضي الله عنه . (6) صحيح سنن ابن ماجة : 2/273 . ورقمه : 2858 . (7) صحيح البخاري : 10/114 . ورقمه : 5652 . (8) فتح الباري : 10/115 . (9) مجموع الفتاوى : 24/277 . (10) صحيح مسلم : 4/1727 . ورقمه : 2200 . (11) صحيح مسلم : 4/1727 . ورقمه : 2199 . (12) مجموع الفتاوى : 19/46 . .ــــــــــــ |
•
اريد ان اخبركم سراٌ
• عالم رياضيات أمريكي: الإسلام هو دين الله حقاً • ماعلاقة الشيطان بالمرض والادويه ؟؟
|
09 Jul 2012, 04:09 AM
|
#9 |
|
موقوف
اللهم لك الحمد ولك الشكر
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: النور المبين من كتاب عالم الجن والشياطين .
الحكمة من خلق الشيطان
الشيطان منبع الشرور والآثام ، فهو القائد إلى الهلاك الدنيوي والأخروي ، ورافع الراية في كل وقت ومكان ، يدعو الناس إلى الكفران ، ومعصية الرحمن ، فهل في خلقه من حكمة ؟ وما هذه الحكمة ؟ أجاب عن هذا السؤال ابن القيم رحمه الله تعالى فقال (1) : " في خلق إبليس وجنوده من الحكم ما لا يحيط بتفصيله إلا الله " . فمن ذلك : 1- ما يترتب على مجاهدة الشيطان وأعوانه من إكمال مراتب العبودية : فمنها أن يكمل لأنبيائه وأوليائه مراتب العبودية بمجاهدة عدو الله وحزبه ، ومخالفته ومراغمته في الله ، وإغاظته وإغاظة أوليائه ، والاستعاذة به منه ، واللجوء إليه أن يعيذهم من شرّه وكيده ، فيترتب على ذلك من المصالح الدنيوية والأخروية ما لم يحصل بدونه ... والموقوف على الشيء لا يحصل بدونه . 2- خوف العباد من الذنوب : ومنها خوف الملائكة والمؤمنين من ذنبهم بعدما شاهدوا من حال إبليس ما شاهدوه ، وسقوطه من المرتبة الملكية إلى المنزلة الإبليسية يكون أقوى وأتم ، ولا ريب أن الملائكة لما شاهدوا ذلك ، حصلت لهم عبودية أخرى للرب تعالى ، وخضوع آخر ، وخوف آخر ، كما هو المشاهد من حال عبيد الملك إذا رأوه قد أهان أحدهم الإهانة التي بلغت منه كل مبلغ ، وهم يشاهدونه ، فلا ريب أن خوفهم وحذرهم يكون أشد . 3- جعله الله عبرة لمن اعتبر : ومنها أن الله جعله عبرة لمن خالف أمره ، وتكبر عن طاعته ، وأصرّ على معصيته ، كما جعل ذنب أبي البشر عبرة لمن ارتكب نهيه ، أو عصى أمره ، ثم تاب وندم ورجع إلى ربه ، فابتلى أبوي الجن والإنس بالذنب ، وجعل هذا الأب عبرة لمن أصرّ وأقام على ذنبه ، وهذا الأب عبرة إن تاب ورجع إلى ربه ، فلله كم في ضمن ذلك من الحكم الباهرة ، والآيات الظاهرة . 4- جعله فتنة واختباراً لعباده : ومنها أنّه محك امتحن الله به خلقه ، ليتبين به خبيثهم من طيبهم ، فإنه – سبحانه – خلق النوع الإنساني من الأرض ، وفيها السهل والحزن ، والطيب والخبيث ، فلا بد أن يظهر ما كان في مادتهم ، ففي الحديث عن أبي موسى قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جمع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، منهم الأحمر والأبيض والأسود ، والسهل والحـزن ، والطيب والخبيث ) .رواه أحمد والترمذي وأبو داود (2) . فما كان في المادة الأصلية فهو كائن في المخلوق منها ، فاقتضت الحكمة الإلهية إخراجه وظهوره ، فلا بدّ إذاً من سبب يظهر ذلك ، وكان إبليس محكّاً يميز به الطيب من الخبيث ، كما جعل أنبياءه ورسله محكّاً لذلك التمييز ، قال تعالى : ( مَّا كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتَّى يميز الخبيث من الطَّيب ) [ آل عمران : 179 ] ، فأرسل رسله إلى المكلفين ، وفيهم الطيب والخبيث ، فانضاف الطيب إلى الطيب ، والخبيث إلى الخبيث . واقتضت حكمته البالغة أن خلطهم في دار الامتحان ، فإذا صاروا إلى دار القرار يميز بينهم ، وجعل لهؤلاء داراً على حدة ، ولهؤلاء داراً على حدة ، حكمة بالغة ، وقدرة باهرة . 5- إظهاره كمال قدرته سبحانه بخلق الأضداد : ومن هذه الحكم أن يظهر كمال قدرته بخلق الأضداد ، مثل جبريل والملائكة وإبليس والشياطين ، وذلك من أعظم آيات قدرته ومشيئته وسلطانه ؛ فإنه خالق الأضداد كالسماء والأرض ، والضياء والظلام ، والجنة والنار ، والماء والنار ، والحر والبرد ، والطيب والخبيث . 6- الضد يظهر حسنه الضد : ومن هذه الحكم أنَّ خلق أحد الضدين من كمال حسن ضده ، فإنَّ الضد إنما يظهر حسنه بضده ، فلولا القبيح لم تعرف فضيلة الجميل ، ولولا الفقر لم يعرف قدر الغنى . 7- الابتلاء به إلى تحقيق الشكر : ومن هذه الحكم أنه سبحانه ، يحبّ أن يشكر بحقيقة الشكر وأنواعه ، ولا ريب أن أولياءَه نالوا بوجود عدو الله إبليس وجنوده ، وامتحانهم به من أنواع شكره ، ما لم يكن ليحصل لهم بدونه ، فكم بين شكر آدم وهو في الجنة ، قبل أن يخرج منها ، وبين شكره بعد أن ابتلي بعدوه ، ثم اجتباه ربه ، وتاب عليه وقبله . 8- في خلق إبليس قيام سوق العبودية : ومنها أن المحبة والإنابة والتوكل والصبر والرضا ونحوها أحب العبودية إلى الله سبحانه ، وهذه العبودية إنما تتحقق بالجهاد وبذل النفس لله، وتقديم محبته على كل ما سواه فالجهاد ذروة سنام العبودية ، وأحبها إلى الرب سبحانه ، فكان في خلق إبليس وحزبه قيام سوق هذه العبودية وتوابعها التي لا يحصي حكمها وفوائدها ، وما فيها من المصالح إلا الله . 9- وترتب على ذلك ظهور آياته وعجائب قدرته : ومن هذه الحكم أن في خلق من يضاد رسله ويكذبهم ويعاديهم ، من تمام ظهور آياته ، وعجائب قدرته ، ولطائف صنعه ما وجوده أحب إليه وأنفع لأوليائه من عدمه ، كظهور آية الطوفان ، والعصا ، واليد ، وفلق البحر ، وإلقاء الخليل في النار ، وأضعاف ذلك من آياته ، وبراهين قدرته ، وعلمه ، وحكمته ، فلم يكن بُدّ من وجود الأسباب التي يترتب عليها ذلك . 10- الخلق من النار آية : ومن هذه الحكم أن المادة النارية فيها الإحراق والعلو والفساد ، وفيها الإشراق والإضاءَة والنور ، فأخرج منها – سبحانه – هذا وهذا ، كما أنّ المادة الترابية الأرضية فيها الطيب والخبيث ، والسهل والحزن ، والأحمر والأسود والأبيض ، فأخرج منها ذلك كله حكمة باهرة وقدرة باهرة ، وآية دالة على أنه ( ليس كمثله شيء وهو السَّميع البصير ) [ الشورى : 11 ] . 11- ظهور متعلقات أسمائه : ومن هذه الحكم أن من أسمائه الخافض الرافع ، المعزِّ المذِّل ، الحكم العدل ، المنتقم ، وهذه الأسماء تستدعي متعلقات يظهر فيها أحكامها ، كأسماء الإحسان والرزق والرحمة ونحوها ، ولا بدّ من ظهور متعلقات هذه وهذه . 12- ظهور آثار تمام ملكه وعموم تصرفه : ومن هذه الحكم أنه سبحانه الملك التام الملك ، ومن تمام ملكه عموم تصرفه وتنوعه بالثواب والعقاب ، والإكرام والإهانة والعدل ، والفضل والإعزاز والإذلال ، فلا بدّ من وجود من يتعلق به أحد النوعين ، كما أوجد من يتعلق به النوع الآخر 13- وجود إبليس من تمام حكمته تعالى : ومن هذه الحكم أن من أسمائه الحكيم ، والحكمة من صفاته – سبحانه – وحكمته تستلزم وضع كل شيء في موضعه الذي لا يليق به سواه ، فاقتضت خلق المتضادات ، وتخصيص كل واحد منها بما لا يليق به غيره من الأحكام والصفات والخصائص ، وهل تتم الحكمة إلا بذلك ؟ فوجود هذا النوع من تمام الحكمة ، كما أنه من كمال القدرة . 14- حمده تعالى على منعه وخفضه : ومنها أن حمده – سبحانه – تام كامل من جميع الوجوه ، فهو محمود على عدله ومنعه ، وخفضه ورفعه ، وانتقامه وإهانته ، كما هو محمود على فضله وعطائه ، ورفعه وإكرامه ، فله الحمد التام الكامل على هذا وهذا ، وهو يحمد نفسه على ذلك كله ، ويحمده عليه ملائكته ، ورسله وأولياؤه ، ويحمده عليه أهل الموقف جميعهم ، وما كان من لوازم كمال حمده وتمامه ، فله في خلقه وإيجاده الحكمة التامة ، كما له عليه الحمد التام ، فلا يجوز تعطيل حمده ، كما لا يجوز تعطيل حكمته . 15- وبخلقه يظهر الله لعباده حلمه وصبره : ومنها أنه – سبحانه – يحب أن يظهر لعباده حلمه وصبره ، وأناته ، وسعة رحمته ، وجوده ، فاقتضى ذلك خلق من يشرك به ، ويضاده في حكمه ، ويجتهد في مخالفته ، ويسعى في مساخطه ، بل يشبهه سبحانه وتعالى ، وهو مع ذلك يسوق إليه أنواع الطيبات ، ويرزقه ، ويعافيه ، ويمكن له من أسباب ما يلتذ به من أصناف النعم ، ويجيب دعاءَه ، ويكشف عنه السوء ، ويعامله من بره وإحسانه بضد ما يعامله هو به من كفره وشركه وإساءَته ، فلله كم في ذلك من حكمة وحمد . ويتحبب إلى أوليائه ويتعرف بأنواع كمالاته ، كما في الصحيح عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله ، يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم ) . متفق عليه (3) . وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله تعالى : كذبني ابن آدم ، ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته ، وأمّا شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولداً ، وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ، ولم يكن لي كفواً أحد ) . رواه البخاري (4) . وهو سبحانه مع هذا الشتم له ، والتكذيب له ، يرزق الشاتم المكذب ، ويعافيه ، ويدفع عنه ، ويدعوه إلى جنته ، ويقبل توبته إذا تاب إليه ، ويبدله بسيئاته حسنات ، ويلطف به في جميع أحواله ، ويؤهله لإرسال رسله ، ويأمرهم أن يلينوا له القول ، ويرفقوا به . قال الفضيل بن عياض : " ما من ليلة يختلط ظلامها إلا نادى الجليل – جلّ جلاله – مَن أعظم مني جوداً ، الخلائق لي عاصون ، وأنا أكلؤهم في مضاجعهم ، كأنهم لم يعصوني ، وأتولى حفظهم ، كأنهم لم يذنبوا ، أجود بالفضل على العاصي ، وأتفضل على المسيء . من ذا الذي دعاني فلم ألبه ؟ من ذا الذي سألني فلم أعطه ؟ أنا الجواد ومني الجود ، أنا الكريم ومني الكرم ، ومن كرمي أني أعطي العبد ما سألني ، وأعطيه ما لم يسألني ، ومن كرمي أني أعطي التائب كأنه لم يعصني ، فأين عني يهرب الخلق ، وأين عن بابي ينتحي العاصون ؟ " . وفي أثر إلهي : ( إني والإنس والجن في نبأ عظيم : أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر سواي ) . وفي أثر حسن : ( ابن آدم ما أنصفتني : خيري إليك نازل ، وشرّك إلي صاعد ، كم أتحبب إليك بالنعم ، وأنا غني عنك ، وكم تتبغض إلي بالمعاصي ، وأنت فقير إلي ، ولا يزال المَلَكُ الكريم يَعْرُج إلي منك بعمل قبيح ) . وفي الحديث الصحيح : ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون ، فيغفر لهم ) . 16- خلق الله خلقه بحيث يظهر فيهم أحكام أسمائه وصفاته وآثارها : فالله سبحانه لكمال محبته لأسمائه وصفاته اقتضى حمده ، وحكمته أن يخلق خلقاً يظهر فيهم أحكامها وآثارها ، فلمحبته للعفو خلق من يحسن العفو عنه ، ولمحبته للمغفرة خلق من يغفر له ، ويحلم عنه ، ويصبر عليه ، ولا يعاجله ، بل يكون يحب أمانه وإمهاله . ولمحبته لعدله وحكمته خلق من يظهر فيهم عدله وحكمته ، ولمحبته للجود والإحسان والبر خلق من يعامله بالإساءَة والعصيان ، وهو سبحانه يعامله بالمغفرة والإحسان ، فلولا خلقه من يجري على أيديهم أنواع المعاصي والمخالفات ، لفاتت هذه الحكم والمصالح وأضعافها وأضعاف أضعافها ، فتبارك الله رب العالمين ، وأحكم الحاكمين ، ذو الحكمة البالغة ، والنعم السابغة ، الذي وصلت حكمته إلى حيث وصلت قدرته ، وله في كل شيء حكمة باهرة ، كما أن له فيه قدرة قاهرة وهدايات . 17- ما حصل بسبب وجود الشيطان من محبوبات للرحمن : فكم حصل بسبب هذا المخلوق البغيض للرب ، المسخوط له من محبوب له تبارك وتعالى ، يتصل في حبه ما حصل به من مكروه ، والحكيم الباهر الحكمة هو الذي يحصل أحب الأمرين إليه باحتمال المكروه الذي يبغضه ويسخطه ، إذا كان طريقاً إلى حصول ذلك المحبوب . ووجود الملزوم بدون لازمه محال . فإن يكن قد حصل بعدو الله إبليس من الشرور والمعاصي ما حصل ، فكم حصل بسبب وجوده ، ووجود جنوده من طاعة هي أحب إلى الله وأرضى له من جهاد في سبيله ، ومخالفة هوى النفس وشهوتها له ، ويحتمل المشاق والمكاره في محبته ومرضاته ، وأحبّ شيء للحبيب أن يرى محبّه يتحمل لأجله من الأذى والوصب ما يصدق محبته . من أجلك قد جعلت خدي أرضا ××× بغيتي للشامت والحسود حتى ترضى ومن أثر إلهي : ( بغيتي ما يتحمل المتحملون من أجلي ) ، فالله ما أحب إليه احتمال محبيه أذى أعدائه لهم فيه ، وفي مرضاته ، وما أنفع ذلك الأذى لهم ، وما أحمدهم لعاقبته ، وماذا ينالون به من كرامة حبيبهم وقربه قرة عيونهم به ، ولكن حرام على منكري محبة الرب تعالى أن يشموا لذلك رائحة ، أو يدخلوا من هذا الباب ، أو يذوقوا من هذا الشراب . قل للعيون العمي للشمس أعين ××× سواك يراها في مغيب ومطلع وسامح بؤساً لم يؤهل لحبهم ××× فما يحسن التخصيص في كل موضع فإن أغضب هذا المخلوق ربه ، فقد أرضاه فيه أنبياؤه ورسله وأولياؤه ، وذلك الرضا أعظم من ذلك الغضب ، وإن أسخطه ما يجري على يديه من المعاصي والمخالفات ، فإنّه سبحانه أشدّ فرحاً بتوبة عبده من الفاقد لراحلته ، التي عليها طعامه وشرابه ، إذا وجدها في المفاوز المهلكات ، وإن أغضبه ما جرى على أنبيائه ورسله من هذا العدو اللعين ، فقد سرّه وأرضاه ما جرى على أيديهم من حربه ومعصيته ومراغمته وكبته وغيظه ، وهذا الرضا أعظم عنده وأبرّ لديه من فوات ذلك المكروه المستلزم لفوات هذا المرضي المحبوب . وإن أسخطه أكل آدم من الشجرة ، فقد أرضاه توبته وإنابته ، وخضوعه وتذلله بين يديه وانكساره له . وإن أغضبه إخراج أعدائه لرسوله صلى الله عليه وسلم من حرمه وبلدته ذلك الخروج ، فقد أرضاه أعظم الرضا دخوله إليها ذلك الدخول . وإن أسخطه قتلهم أولياءه وأحبابه ، وتمزيق لحومهم ، وإراقة دمائهم ، فقد أرضاه نيلهم الحياة التي لا أطيب منها ، ولا أنعم ، ولا ألذّ في قربه وجواره . وإن أسخطه معاصي عباده ، فقد أرضاه شهود ملائكته وأنبيائه ورسله وأوليائه سعة مغفرته وعفوه وبرّه وكرمه وجوده والثناء عليه بذلك ، وحمده وتمجيده بهذه الأوصاف التي حمده بها والثناء عليه بها ، أحب إليه ، وأرضى له من فوات تلك المعاصي ، وفوات هذه المحبوبات . واعلم أن الحمد هو الأصل الجامع لذلك كله ، فهو عقد نظام الخلق والأمر ، والرب تعالى له الحمد كلّه بجميع وجوهه واعتباراته وتصاريفه ، فما خلق شيئاً ، ولا حكم بشيء إلا وله فيه الحمد ، فوصل حمده إلى حيث وصل خلقه وأمره ، حمداً حقيقياً يتضمن محبته والرضا به وعنه ، والثناء عليه ، والإقرار بحكمته البالغة في كل ما خلقه وأمر به ، فتعطيل حكمته غير تعطيل حمده ... فكما أنه لا يكون إلا حميداً فلا يكون إلا حكيماً ، فحمده وحكمته كعلمه وقدرته ، وحياته من لوازم ذاته ، ولا يجوز تعطيل شيء من صفاته وأسمائه ومقتضياتها وآثارها ، فإن ذلك يستلزم النقص الذي يناقض كماله وكبرياءه وعظمته . 18- محبته سبحانه أن يكون ملاذاً ومعاذاً لأوليائه : وفي هذا يقول ابن القيم : " كما أن من صفات الكمال وأفعال الحمد والثناء أنه يجود ويعطي ويمنح ، فمنها أنّه يعيذ وينصر ويغيث ، فكما يحب أن يلوذ به اللائذون يحب أن يعوذ به العائذون ، وكمال الملوك أن يلوذ بهم أولياؤهم ، ويعوذوا بهم ، كما قال أحمد بن حسين الكندي في ممدوحه : يا من ألوذ به فيما أؤمله ××× ومن أعوذ به مما أحاذره لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره ××× ولا يهيضون عظماً أنت جابره ولو قال ذلك في ربه وفاطره لكان أسعد به من مخلوق مثله . والمقصود أن ملك الملوك يحب أن يلوذ به مماليكه ، وأن يعوذوا به ، كما أمر رسوله أن يستعيذ به من الشيطان الرجيم في غير موضع من كتابه ، وبذلك يظهر تمام نعمته على عبده إذا أعاذه وأجاره من عدوه ، فلم يكن إعاذته وإجارته منه بأدنى النعمتين ، والله تعالى يحب أن يكمل نعمته على عباده المؤمنين ، ويريهم نصره لهم على عدوهم ، وحمايتهم منه ، وظفرهم به ، فيا لها من نعمة كمل بها سرورهم ونعيمهم ، وعدل أظهره في أعدائه وخصمائه . وما منهما إلا له فيه حكمة ××× يقصر عن إدراكها كل باحث الحكمة في بقاء إبليس إلى آخر الدهر : تحدث ابن القيم ، رحمه الله ، عن ذلك في ( شفاء العليل ) (5) ووضحه ، فمن ذلك : 1- امتحان العباد : فمما ذكره رحمه الله تعالى : أنّ الله جعله محكّاً ومحنة يخرج به الطيب من الخبيث ، ووليّه من عدوه ، ولذا اقتضت حكمته إبقاءَه ليحصل الغرض المطلوب بخلقه ، ولو أماته لفات ذلك الغرض ، كما أن الحكمة اقتضت بقاء أعدائه الكفار في الأرض إلى آخر الدهر ، ولو أهلكهم ألبتة لتعطلت الحكم الكثيرة في إبقائهم ، فكما اقتضت حكمته امتحان أبي البشر ، اقتضت امتحان أولاده من بعده به ، فتحصل السعادة لمن خالفه وعاداه ، وينحاز إليه من وافقه وولاه . 2- وأبقاه مجازاة له على صالح عمله السابق : ومنها أنه لما سبق حكمه وحكمته أنه لا نصيب له في الآخرة ، وقد سبق له طاعة وعبادة ، جزاه بها في الدنيا بأن أعطاه البقاء فيها إلى آخر الدهر ، فإنه سبحانه لا يظلم أحداً حسنة عملها ، فأمّا المؤمن ، فيجزيه بحسناته في الدنيا والآخرة ، وأمّا الكافر ، فيجزيه بحسناته ما عمل في الدنيا ، فإذا أفضى إلى الآخرة ، لم يكن له شيء ، كما ثبت هذا المعنى في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم . 3- أملى له ليزداد إثماً : وبقاؤه إلى يوم القيامة لم يكن كرامة في حقه ، فإنّه لو مات كان خيراً له ، وأخف لعذابه ، وأقل لشره ، ولكن لما غلظ ذنبه بالإصرار على المعصية ومخاصمة من ينبغي التسليم لحكمه ، والقدح في حكمته ، والحلف على اقتطاع عباده ، وصدهم عن عبوديته ، كانت عقوبة الذنب أعظم عقوبة بحسب تغلظه ، فأبقي في الدنيا ، وأملى له ليزداد إثماً ، على إثم ذلك الذنب ، فيستوجب العقوبة التي لا تصلح لغيره ، فيكون رأس أهل الشرّ في العقوبة ، كما كان رأسهم في الشر والكفر . ولما كان مادة كل شر فعنه تنشأ ، جوزي في النار مثل فعله ، فكل عذاب ينزل بأهل النار يبدأ فيه ، ثم يسري منه إلى أتباعه عدلاً ظاهراً وحكمة بالغة . 4- وأبقاه ليتولى المجرمين : ومن حكم إبقائه إلى يوم الدين أنّه قال في مخاصمته لربّه : ( أرأيتك هذا الذَّي كرَّمت عَلَيَّ لئن أخَّرتن إلى يوم القيامة لأحتنكنَّ ذريَّته إلاَّ قليلاً ) [ الإسراء : 62 ] . وعلم الله – سبحانه – أن في الذرية من لا يصلح لمساكنته في داره ، ولا يصلح إلا لما يصلح له الشوك والروث أبقاه له ، وقال له بلسان القدر : هؤلاء أصحابك وأولياؤك ، فاجلس في انتظارهم ، وكلما مرّ بك واحد منهم فشأنك به ، فلو صلح لي ما ملكتك منه ، فإني أتولى الصالحين ، وهم الذين يصلحون لي ، وأنت ولي المجرمين من الذين غنوا عن موالاتي وابتغاء مرضاتي ، قال تعالى : ( إنَّه ليس له سلطان على الَّذين آمنوا وعلى ربهم يتوكَّلون – إنَّما سلطانه على الَّذين يتولَّونه والَّذين هم مشركون ) [النحل: 99-100]. فأما إماتة الأنبياء والمرسلين ، فلم يكن ذلك لهوانهم عليه ، ولكن ليصلوا إلى محل كرامته ، ويستريحوا من نكد الدنيا وتعبها ومقاساة أعدائهم وأتباعهم ، وليحيا الرسل بعدهم ، يري رسولاً بعد رسول ، فإماتتهم أصلح لهم وللأمة ، أما هم فلراحتهم من الدنيا ، ولحوقهم بالرفيق الأعلى في أكمل لذة وسرور ، ولا سيما أنه قد خيرهم ربهم بين البقاء في الدنيا واللحاق به . وأمّا الأمم فيعلم أنهم لم يطيعوهم في حياتهم خاصة ، بل أطاعوهم بعد مماتهم ، كما أطاعوهم في حياتهم ، وأن أتباعهم لم يكونوا يعبدونهم ، بل يعبدون الله بأمرهم ونهيهم ، والله هو الحي الذي لا يموت ، فكم في إماتتهم من حكمة ومصلحة لهم وللأمة . هذا وهم بشر ، ولم يخلق الله البشر في الدنيا على خلقة قابلة للدوام ، بل جعلهم خلائف في الأرض ، يخلف بعضهم بعضاً ، فلو أبقاهم لفاتت المصلحة والحكمة في جعلهم خلائف ، ولضاقت بهم الأرض ، فالموت كمال لكل مؤمن ، ولولا الموت لما طاب العيش في الدنيا ، ولا هناء لأهلها بها ، فالحكمة في الموت كالحكمة في الحياة . إلى أي مدى نجح الشيطان في إهلاك بني آدم ؟ عندما رفض الشيطان السجود لآدم ، وطرده الله من رحمته وجنته ، وغضب عليه ولعنه ، أخذ على نفسه العهد أمام ربّ العزة بأن يضلنا ويغوينا ، ويعبدنا لنفسه : ( لَّعنة الله وقال لأتَّخذنَّ من عبادك نصيباً مَّفروضاً – ولأضلَّنَّهم ... ) [النساء : 118-119] ، ( قال أرأيتك هذا الَّذي كرَّمت عليَّ لئن أخَّرتن إلى يوم القيامة لأحتنكنَّ ذريَّته إلاَّ قليلاً ) [الإسراء : 62] . فإلى أي مدى حقق الشيطان مراده من بني الإنسان ؟ إن المسرّح نظره في تاريخ البشرية يهوله ما يرى من ضلال الناس ، وكيف كذبوا الرسل والكتب ، وكفروا بالله ربهم ، وأشركوا به مخلوقاته ، قال تعالى : ( وما أكثر النَّاس ولو حرصت بمؤمنين ) [ يوسف : 103 ] ، ولذا حق عليهم غضب الله وانتقامه : ( ثمَّ أرسلنا رسلنا تترا كلَّ ما جاء أمَّةً رَّسولها كذَّبوه فأتبعنا بعضهم بعضاً وجعلناهم أحاديث فبعداً لقومٍ لا يؤمنون ) [ المؤمنون : 44 ] . وفي الحاضر حيثما نظرنا أبصرنا أولياء الشيطان تعج بهم الحياة يرفعون رايته ، وينادون بمبادئه ، ويعذبون أولياء الله ، ويدلنا على مدى تحقيق الشيطان لمراده ، أن الله يأمر آدم يوم القيامة أن يخرج من ذريته بعث النار ، فلما يستفسر عن مقدار هذا البعث يقول له : تسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة ، وفي رواية : تسعمائة وتسعة وتسعون في النار ، وواحد في الجنة (6) . وبذلك يصدق ظنه في هذه الذرية التي لم تعتبر بما جرى لأبيها ، ولا بما جرى لأسلافها ، ويبقى هذا اللعين يقودها إلى هلاكها ، بل أحياناً تسابقه إلى الجحيم . وما أقبح أن يصدق ظن العدو في عدوه : ( ولقد صدَّق عليهم إبليس ظنَّه فاتَّبعوه إلاَّ فريقاً من المؤمنين ) [ سبأ : 20 ] . قبيح الإنسان أن يتحقق فيه ظن الشيطان ، فيطيع هذا العدو ، ويعصي ربّه . ولقد بلغ الأمر حدّاً لا يوصف ولا يتصور ، فهذه طائفة في العراق وفي جهات أخرى تطلق على نفسها : عباد الشيطان ، وبعض الكتاب نراهم يحلفون ( بحق الشيطان ) ، فما أعجب أمرهم ! لا تفكر بكثرة الهالكين : حريّ بالعاقل اللبيب أن لا يغتر بكثرة الهالكين ، فالكثرة ليس لها اعتبار في ميزان الله ، إنما الاعتبار بالحقّ ولو قَلّ عدد متبعيه . فكن من أتباع الحق الذين رضوا بالله ربّاً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد رسولاً ، الذين عرفوا الشيطان وأتباع الشيطان ، فحاربوهم بالحجة والبرهان ، والسيف والسنان ، وقبل ذلك بالالتجاء إلى الرحمن ، والتمسك بدينه . ( يا أيَّها الَّذين آمنوا ادخلوا في السلم كافَّةً ولا تتَّبعوا خطوات الشَّيطان إنَّه لكم عدوٌّ مبين – فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أنَّ الله عزيز حكيم ) [ البقرة : 208-209 ] . نسأل الله أن يجعلنا بمنه وكرمه من الذين دخلوا في السلم دخولاً كلياً ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم . -------------------------------- (1) شفاء العليل : ص322 . (2) مشكاة المصابيح : 1/36.ورقمه : 100 . (3) مشكاة المصابيح : 1/14 . ورقمه : 23 . (4) مشكاة المصابيح : 1/14 . ورقمه : 20 . (5) شفاء العليل : 327 . (6) الحديث رواهما البخاري وغيره . صحيح البخاري : 11/387 ، 388 وراجع مؤلف أ.د. عمر الأشقر : الجنة والنار ، ص76 . |
•
اريد ان اخبركم سراٌ
• عالم رياضيات أمريكي: الإسلام هو دين الله حقاً • ماعلاقة الشيطان بالمرض والادويه ؟؟
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدلالية (Tags) |
| الجن ، الشياطين ، الغواية |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| عالم الجن والروحانيات عالم خفي غامض وكبير !!! | مدني عبد الله | عالم الجان ـ علومه ـ أخباره ـ أسراره ـ خفاياه . الإدارة العلمية والبحوث World of the jinn | 3 | 20 Dec 2015 11:05 AM |
| عالم الغيب ( الملائكه و الجن) .. و عالم الشهاده ( الانسان )..سؤال يجمعهم?! | غزوة | عالم الجان ـ علومه ـ أخباره ـ أسراره ـ خفاياه . الإدارة العلمية والبحوث World of the jinn | 2 | 26 Jun 2007 11:48 PM |
| الجن والشياطين | qusay | عالم الجان ـ علومه ـ أخباره ـ أسراره ـ خفاياه . الإدارة العلمية والبحوث World of the jinn | 3 | 02 May 2007 05:32 PM |
![]()