|
#1
|
||||||||
|
||||||||
|
الرابط بين جبل جمدان وبين الذاكرين الله
🌸 🌸 عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: جُمْدَانُ، فَقَالَ: "سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ، سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ"، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: "الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ" .. وهنا قد يسألُ سائلٌ: ما هو الرَّابطُ بين جَبلِ جُمدانَ وبينَ الذَّاكرينَ اللهَ تعالى؟ فيقالُ واللهُ أعلمُ : 🔷 قد يكونُ الرَّابطُ بينهما هو التَّثبيتُ .. فكما أن الجِبالَ خلقَها اللهُ –تعالى- أوتادا لتثبيتَ الأرضِ كما قالَ سبحانَه (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا* وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) [النبأ: 6- 7] .. فكذلك ذكرُ اللهِ -تعالى- من أعظمِ وسائلِ الاستقامةِ والثَّباتِ على العبادةِ والطَّاعاتِ .. ولذلك أمرَ اللهُ -تعالى- بذكرهِ في أشدِّ المواقفِ التي لا يثبتُ فيها إلا من ثبَّتَه اللهُ -عزَّ وجلَّ- .. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأنفال: 45] .. ولما كانَ أفضلُ الذِّكرِ هو كتابُ اللهِ -تعالى- .. كانَ تدبُّرهُ طريقًا إلى الاستقامةِ والصَّلاحِ.. (إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ) [التكوير: 27 – 28].. وكانتْ تلاوتُه سببًا للثَّباتِ على العبادةِ والفَلاحِ .. (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) [الفرقان: 32].. ولما جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- قد كثُرتْ عليه العباداتُ.. ويخشى على نفسِه من عدمِ الثَّباتِ .. وكانَ يقولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ: "لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ" .. فمن كانَ لسانُه للهِ ذاكرا .. كانَ وقتُه بالخَيراتِ عامرا .. وكانَ على دينِ اللهِ صابرا .. 🔷 وقد يكونُ الرَّابطُ بينَ الذَّاكرينَ وجُمدانَ .. هو الانفرادُ والاعتزالُ .. فلما كانَ جُمدانُ جبلًا منفردًا عن الجِبالِ، سمَّى النَّبيُّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- الذَّاكرينَ اللهَ -تعالى- بالْمُفَرِّدينَ .. ← والمُفَرِّدُ هو الذي انفردَ قلبُه ولسانُه بذِكرِ ربَّه ولو كانَ بينَ النَّاسِ .. فهُم الذَّاكرينَ للكبيرِ المُتعالِ.. فلكثرةِ حبِّهم للهِ -تعالى- وما يجدونَهُ في الذِّكرِ من اللَّذةِ والطُّمأنينةِ والسَّعادةِ .. استأنسوا بأوقاتِ الخَلوةِ واستوحشوا من كثرةِ مُخالطةِ النَّاسِ .. (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 191].. ولذلكَ كانَ لهم من اللهِ أجرًا عظيمًا .. كما أخبرَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أن من السَّبعةِ الذينَ يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ .. "رجلٌ ذكرَ اللهَ خاليًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ" .. فأصبحَ الذِّكرُ لقلوبِهم مثلَ الماءِ للسَّمكِ .. فكيفَ يكونُ حالُ السَّمكِ إذا فارقَ الماءَ؟ 🔷 المُفَرِّدونَ : هم المُفرِّدون أَنفُسَهم عن أَقرانِهم، المُميِّزونَ أَحوالَهم عن إِخوانِهم بنَيلِ الزُّلفَى والعُروجِ إِلى الدَّرجاتِ العُلى؛ لأنَّهم أُفرِدوا بذِكرِ اللهِ عمَّن لم يَذكُرِ اللهَ . أو جَعَلوا رَبَّهم فَردًا بالذِّكرِ، وتَركوا ذِكرَ ما سِواه. والمُفرِّدونَ هُمُ الَّذين هَلك أَقرانُهم وانْفَردوا عَنْهم فَبَقوا يَذكُرون اللهَ تَعالى. (قَالوا : وَما المُفرِّدون يا رَسولَ اللهِ؟)، فأَجابَ بأنَّ التَّفريدَ الحقيقيَّ المُعتدَّ لَه هُو تَفريدُ النَّفسِ بذِكرِ اللهِ تَعالى في أَكثرِ الأَوقاتِ، فكأنَّهم قالوا: ما صِفةُ المُفرِّدين حتَّى نَتأسَّى بِهم فنَسبِقَ إِلى ما سَبقوا إِليهِ ونَطَّلعَ على ما اطَّلعوا عَليه؟ (قال: الذَّاكرونَ اللهَ كَثيرًا والذاكرات) أَي: ذِكرًا كَثيرًا في أكثرِ أَحوالِهم.
![]() بالقرآن نرتقي
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]()