اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


﴿ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ الٓمٓ ﴿١﴾ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴿٣﴾ وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴿٤﴾ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴿٥﴾ البقرة .

روى الإمام مسلم عن أبي أمامة الباهلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقرَؤوا القُرآنَ؛ فإنَّه يَأتي شَفيعًا يومَ القيامةِ لصاحبِه، اقرَؤوا الزَّهراوَينِ: البَقرةَ وآلَ عِمرانَ؛ فإنَّهما يَأتِيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غَيايتانِ، أو كأنَّهما غَمامتانِ، أو كأنَّهما فِرقانِ مِن طَيرٍ صَوافَّ يُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤوا سورةَ البَقرةِ؛ فإنَّ أخذَها بَركةٌ، وتَركَها حَسرةٌ، ولا تَستطيعُها البَطَلةُ ) .


           :: الكعبة (آخر رد :عائد لله)       :: الحجامة فضلها وفوائدها . (آخر رد :المكي)       :: افضل ايام الحجامة . (آخر رد :المكي)       :: سورة يس (آخر رد :طالبة علم شرعي)       :: "وأشرقت الأرض بنور ربها" تلاوة رائعة بصوت الطفلة بشرى . (آخر رد :ابن الورد)       :: حلم الدموع (آخر رد :hoor)       :: كحل الإثمد ، تعريفه ، ومصدره ، وفوائده ، وضوابط استعماله للنساء والرجال (آخر رد :المكي)       :: الحشد المليوني على الحدود وساعة الصفر تقترب من جزيرة العرب (آخر رد :ابن الورد)       :: طالبان والرايات السود / ظهور المهدي في جيش المشرق / خراسان (آخر رد :ابن الورد)       :: السرطان ليس مرض . (آخر رد :المكي)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 22 Jun 2014, 02:30 PM
رضوان
اللهم لك الحمد ولك الشكر
موقوف
رضوان غير متصل
Saudi Arabia     Male
لوني المفضل Blue
 رقم باحث : 4218
 تاريخ التسجيل : May 2011
 فترة الأقامة : 5277 يوم
 أخر زيارة : 14 Feb 2015 (01:13 AM)
 المشاركات : 1,979 [ + ]
 التقييم : 13
 معدل التقييم : رضوان is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
الذنوب سبب لتسلط الأعداء للشيخ رضا بوشامة الجزائري



إنَّ أمة الإسلام في هذه الأوقات تمرُّ بأزمات وقلاقل كثيرة، اجتاحتهم فتن كثيفة، فاضطربت الأمور وانقلبت الموازين، فلا تكاد حربٌ تضع أوزارَها في صِقع من أصقاع المسلمين إلا واشتعلت في نواحي أخرى منه، فتن وحروب، وتدمير وتقتيل، مصائب متعددة ومحنٌ متنوعة في كثير ربوع دول الإسلام إلا ما رحم الله، تكالَبَ الأعداءُ على هذه الأمة وكادوا لها ولعقيدتها ودينها بكلِّ كيد، وما ذلك منهم إلا حسدا مِن عند أنفسهم، وإبعادا لأبناء هذه الأمَّة عن دينهم.

قال تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء﴾، وقال: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾.

فالكافر يَوَدُّ من المسلم أن يكفرَ كما كفر، وأن يتَّبع هُداه إلى سقر، فلا يَقِرُّ له قرار ولا يطمأنَّ له بال حتى ينسلخ المسلم من هُويَّته ودينه وأصالته.

فمِن أجل ذلك تكالبت كلُّ قوى الأعداء بشتى الوسائل والإمكانات لتضليل المسلمين عن دينهم وعقيدتهم وأخلاقهم وقِيَمِهم، فغزوا بلدانهم بكل أنواع الغزو.

غزوٌ مسلَّح في مناطق معدودة من بلاد الإسلام، وإثارةٌ للفتن والقلاقل بين أبناء الدين الواحد، فتُثار النعرات، وتسال الدماء، ويُستعمل التفجير والتدمير والقتل والفتك بالأنفس والأعراض والأموال.

غزو فكريٌّ أشعله الكفَّار لزلزلة عقول المسلمين والعبث بأفكارهم، ولإزاحة الإيمان والعقيدة السليمة من قلوبهم، وإبعادهم عن يقينهم في الله وكتابه ورسوله ونقلة دينه من خير الصِّحاب وعلماءِ الدين من فقهاءَ ومحدِّثين، فانحرفَ كثيرٌ من مثقفيهم ـ زعموا ـ وشبابِهم بل وكبارهم نساء ورجالا عن جادة الحقِّ والصواب، ومالوا إلى عقائدَ دخيلة على هذا المجتمع، تنادي بالكفر بالله والتشكيك في كلام الله وكلام نبيِّه عليه الصلاة والسلام، فصار المسلمُ يَسمع كلمةَ الكفر تُقال وتُنشر عبر وسائل الإعلام على لسان من يتكلمون بلغتنا ويدينون وينتسبون إلى ديننا، لكنهم أشد على هذه الأمة من الكفار، وازداد هذا الأمرُ شدة باسم الحرية الدينية من خلال الوسائل السريعة في هذا الزمان الفظيع لنشر المعلومات وإيصال الأفكار بأقرب طريق وأيسره، مِن قنوات كافرة وفضائيات ملحدة ومواقع آثمة فتهدَّمت الأفكار وتاهت العقول واحتارت الألباب، فصار كثير من الناس بين زائغ عن الحقِّ وشاكٍّ في صدق أكرم الخلق.

وغزو أخلاقي في محاولات شنيعة من أعداء الدِّين لنسف ومحو الأخلاق الإسلامية والآداب الشرعية من قلوب الشباب والناشئة خاصَّة، بجعلهم مَرتَعًا للشهوات البهيمية يعيشون من أجل الشهوات المحرَّمة والفساد الأخلاقي بكلِّ أنواعه كالزِّنا واللواط وشرب الخمور والمخدرات؛ مِن غير مُراعة لدينٍ ولا قِيَمٍ ولا آدابٍ ومروءات؛ وقد مكر الكفَّار بالمسلمين في هذا المجال مكرًا شنيعاً من خلال ما يبثُّونه مِن أفلامٍ هابطة وصُورٍ ماجنة وأغانٍ خليعة آثمة تحرِّك في النفوس الشهوات والنزوات، فانعدمت الأخلاق في كثير من المجتمعات بين الرجال والنساء والشباب والشابات، فأصبحنا لا نفرِّق بين المسلم والفاجر، للتشابه في الظاهر والباطن.

غزوٌ عاطفي ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، أظهروا للمسلمين أنهم أهلُ حقٍّ وعدل وأخلاق وإنسانية وحبٍّ للخير وسِلم وسلام، وأنهم أرأفُ بمجتمعاتهم من وُلاة أمورهم، ما يريدون إلا ليرفعوا عنهم الظلم والطغيان، وينهضوا بتلك البلدان إلى مصافِّ التقدم والعمران، فخدعوا كثيرا من الشعوب بتلك العبارات النمَّاقة والشعارات البرَّاقة فاتخذوهم أولياء وفتحوا لهم قلوبهم، وظنُّوا أنهم المخرجُ مما هم فيه من البلاء والمصائب والمظالم، فكانت النتيجة أن استولوا على بلدانهم وأخذوا خيراتهم، والواقع خير شاهد، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُون﴾.

فهذه حال المسلمين اليوم مع الكافرين، غزوٌ بكلِّ أنواعه وفي جميع مجالاته، بالعَداء والخداع، والمكر والإفساد، فنجحت مخططاتُهم أيَّما نجاح، حيث أصبحت أكثرُ بلاد المسلمين مَرتَعًا خَصْبًا لكلِّ كفر وفكر هدَّام، وخُلق ذميم شَنيع، فانتشر الجهل والشرك، والبدع والمعاصي وسوءُ الأخلاق والفعال، والموبقات والشقاق والخلافات، مع تحذير الله تعالى في كتابه مِن الكفار وكيدِهم، والمنافقين وشرورِهم، ورَسْم النبيِّ صلى الله عليه وسلم المنهجَ الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم ليسلمَ من الانجرار وراء تلك الدعوات الهدامات.

ففي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ»، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ».

وتشبيهُه صلى الله عليه وسلم اتباعَ المسلمين لسَنن وطرق الكافرين بسلوك جُحر الضَّب لشدَّة ضِيقه ونَتَن ريحه وخُبثه، وكذلك عقائدُ الأمم الفاسدة التي انتشرت بين المسلمين، وأخلاقُهم الذَّميمة وعاداتُهم الفاسدة تفوح منها رائحةُ النَّتَن وتمرِّغ أنوفَنا في مستنقَعات من الوحَل، حتى أصبحت الآثامُ والرذائلُ عاداتٍ وفضائل.

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال: «يوشِكُ الأُممُ أن تَداعَى عليكم كما تَداعَى الأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها. فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغثاء السَّيلِ، ولَينْزِعَنَّ اللهُ مِن صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذفنَّ اللهُ في قلوبِكم الوَهْنَ. فقال قائلٌ: يا رسُولَ الله، وما الوهْنُ؟ قال: حبُّ الدُنيا وكراهيةُ الموتِ». رواه أبو داود وأحمد وغيرهما.

وقد وقع ما ذكر في الحديث فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ وَظَهَرَ الضَّرَرُ، تداعت وتكالبت الأمم الكافرة على هذه الأمة، وما ذاك إلا لابتعادها عن دينها وعقيدتها، واستبدال ذلك بالمناهج الفاسدة في كلِّ أمورها، ورضاها بالدُّون والذلِّ، وكراهيتها للموت وحبِّها للدنيا وزخارفها.

فإن قال قائل: ما دُمنا على الحقِّ ودينِ الله الإسلام، فنحن أحسنُ حظًّا من الكافرين الذي كفروا بالله وعاندوا أمرَه وألحدوا في آياته، فلِم نصرَهم الله على المسلمين، والمسلمون أحسنُ منهم بتوحيدهم لله ولو كانوا عاصين.

فجواب هذا السؤال في كتاب الله وسيرةِ رسوله عليه الصلاة والسلام؛ إذ وقع مثلُه لمن كانوا خيرَ أمَّة أُخرجت للناس، فضرب الله بهم مثلاً لمن عصى أمرَه وترك طاعتَه.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: «وَهَذِهِ الْمُشْكِلَةُ اسْتَشْكَلَهَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَفْتَى اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِيهَا، وَبَيَّنَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ بِفَتْوَى سَمَاوِيَّةٍ تُتْلَى فِي كِتَابِهِ جَلَّ وَعَلَا. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ مَا وَقَعَ بِالْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ: فَقُتِلَ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنُ عَمَّتِهِ، وَمُثِّلَ بِهِمَا، وَقُتِلَ غَيْرُهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَقُتِلَ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَجُرِحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشُقَّتْ شَفَتُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَّتُهُ، وَشُجَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... اسْتَشْكَلَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ، وَقَالُوا: كَيْفَ يَنَالًُ مِنَّا الْمُشْرِكُونَ وَنَحْنُ عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا؟ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾، فِيهِ إِجْمَالٌ بَيَّنَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا - إِلَى قَوْلِهِ – لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾.

فَفِي هَذِهِ الْفَتْوَى السَّمَاوِيَّةِ بَيَانٌ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تَسْلِيطِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ هُوَ فَشَلُ الْمُسْلِمِينَ، وَتَنَازُعُهُمْ فِي الْأَمْرِ، وَعِصْيَانُهُمْ أَمْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِرَادَةُ بَعْضِهِمُ الدُّنْيَا مُقَدِّمًا لَهَا عَلَى أَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». أضواء البيان (540/3).

وما ذكره رحمه الله جاء بيانُه في سيرته عليه الصلاة والسلام، روى البخاري في صحيحه عن البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ ـ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا ـ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: «إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا، حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا القَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ، فَلاَ تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ»، فَهَزَمُوهُمْ، ... ثم قال: فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الغَنِيمَةَ أَيْ قَوْمِ ... الغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ، فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ، فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الغَنِيمَةِ، فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ، فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ».

فهؤلاء هم خيرُ أمة أُخرجت للناس ابتلاهم الله تعالى بهزيمة قاسية يومَ أحُد وكان سببَ فشلهم تنازُعُهم وعِصيانُهم لأمر نبيِّهم عليه الصلاة والسلام، بل عاقَبهم بذلك لأمرٍ فعلوه قبل ذلك بعام في غزوة بدر، لما أسروا المشركين في هذه الغزوة العظيمة تشاوروا في قتلهم أو أخذ الفداء من أهالِيهم فاختاروا الفداءَ، فعاتبهم الله في ذلك وقال: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيم﴾.

روى أحمد في المسند عن عُمَر بن الخطاب قال: «غَدَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَإِذَا هُمَا يَبْكِيَانِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا يُبْكِيكَ أَنْتَ وَصَاحِبَكَ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنَ الْفِدَاءِ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ـ لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ ـ وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ﴾ مِنَ الْفِدَاءِ، ثُمَّ أُحِلَّ لَهُمُ الْغَنَائِمُ.

قال عمر: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَفَرَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ بِأَخْذِكُمُ الْفِدَاءَ».

فهاتان مخالفتان إحداهما يوم بدر والأخرى يوم أُحُد مكَّنت المشركين من المسلمين فقتلوا مَن قتلوا منهم وهم خيرُ الناس وأفضلُهم عند الله، بل أدْمَوا رأسَ رسول الله وكسروا سنَّ خير خلق الله، فكيف الحالُ بأمَّة تَسبَح في بحر المخالفات والشركيات، والبدع والمنكرات، والآثام والمحرَّمات، ثم ترجو النصرَ من الله والتمكين في الأرض، وتستغرب كيدَ الأعداء وتسلُّطَ الكفار، واستيلاءَ المنافقين والفجَّار.

فمَن رام الفلاحَ والعِزَّةَ فليرجع إلى دين الله، وليُقلع عن المعاصي، وليعمل بالطاعة، فمَن لم ينتصر على نفسِه بإقام صلاة الفجر في وقتها، كيف يكون أهلاً لأن ينتصرَ على عدوِّه؟! ولا يتحقَّق ذلك إلا بالإيمان والإسلام الصادق.

وفي مسند أحمد وغيره عن فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ».

نسأل الله أن يردَّ المسلمين إلى دينهم ردًّا جميلا، وأن يخذل الكافرين والمشركين ويجعل ندبيرهم تدميرهم، والحمد لله رب العالمين.




مواضيع : رضوان


رد مع اقتباس
قديم 22 Jun 2014, 11:37 PM   #2
فتى الإسلام
منسق قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية فتى الإسلام
فتى الإسلام غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13494
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 11 Mar 2021 (03:08 AM)
 المشاركات : 622 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: الذنوب سبب لتسلط الأعداء للشيخ رضا بوشامة الجزائري



جزاك الله خيرا


 

رد مع اقتباس
قديم 23 Jun 2014, 12:41 AM   #3
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 11,365 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: الذنوب سبب لتسلط الأعداء للشيخ رضا بوشامة الجزائري



جزاك الله خير اخي الفاضل


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
قديم 25 Jun 2014, 02:25 AM   #4
نور الشمس
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **


الصورة الرمزية نور الشمس
نور الشمس غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13417
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 21 Aug 2023 (03:12 PM)
 المشاركات : 8,847 [ + ]
 التقييم :  35
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
لوني المفضل : Olivedrab
رد: الذنوب سبب لتسلط الأعداء للشيخ رضا بوشامة الجزائري



جزآك الله خيـر نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


 
 توقيع : نور الشمس



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

‏🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون

‏ وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،،

‏فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨

‏فهذا هو الخير ،،،

‏ 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87

🦋🍃


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 12:23 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي