وجه الشبه بين السلفية وطوائف الإسلام وبين والنصارى .

يقول أصدق القائلينَ جل وعلا في كتابه العظيم
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].


ولا ريبَ أن الإسلامَ دينُ الله الذي أجمعَ العقلاء جُلّهم على مصداقيته
وأنهُ مما كمُلت به شرائعُ الله الحقة وأن كتابه هو كلام الله ألذي حفظهُ
من التحريف ليتخذهُ المؤمنون مرجعاً ليعلموا الحق من الباطل وحتى تستبين
به العقول أوامرهُ جل وعلا فيكونُ به النجاة من فتنة الحياة الدنيا ومن عذابِ النارِ
يوم القيامة فاللهُ جعل القرأن محفوظاً وبه جوانب كثيرة علينا أن نعمل بها
ومنها الإيمانُ بالله جل وعلا دون أي شريكٍ سواه وإثبات البعث وإثباتُ الرسالة
وبوفاة رسول الله نبينا محمد عليه السلام إنتهى عصر النبوة وكمُل هذا الدين
لكن بعد وفاةِ رسولنا عليه السلام جاء بعض المنحرفين من أهل الأهواء وأبوا
إلا أن يضِلوا عن سبيل الله فعقدوا في قلوبهم عقائدَ ما أنزل اللهُ بها من سلطان
لكنهُ المرضُ والهوى اللذانِ عُرفت بهِما الأقوامُ السابقة فمنهم من دعا إلى عبادةِ
علي بن ابي طالب من دونِ الله وقد رفعوه وغالوا به حتى أن بعضهم طافوا حول
قبره ومنهم من ذبح له ومنهم من تضرع ودعاه من دون الله وهو بريئ من كل هذا براءة الذئب
من دمِ ابن يعقوب , وهؤلاء يُعرفون بالشيعة , ومنهم من يُقرّ بالقرأن لكنهم ينكرون السنة وهؤلاء هم المعتزلة والخوارج وظهرت أيضا طوائف شتى في القديم
والحديث منهم السلفية والصوفية والزيدية والأباظية والخوارج والأحمدية والحنفية
والمالكية ممن تعصبوا لأصحاب المذاهب وهم أنفسهم بريئون من هذا التعصب
وقد وردَ عنهم أنهم ليسوا بمعصومين كما جاء عن مالك رحمه الله قولهُ : ((كلٌ يُؤخذُ
من علمهِ ويُرد إلا صاحبُ هذا القبر وأشار إلى قبر النبي)) وكما وردَ عن أبي حنيفة رحمه الله
حين جاء إليه رجل يسألهُ عن مسألة فقال له ابو حنيفة قال الرسول كذا وكذا وأجابهُ
فقال الرجل وأنت يا أبا حنيفة ماذا تقول : فغضب رحمه الله وقال ((بُل على رأيي أقولُ
لك قال رسول الله وتقول لي ما رأيك)) , ومن هذا نستدلُ أنهم لم يُعظموا أنفسهم
وورد عنهم الكثير انهم كانوا يفرون من الفتوى بغير علم وورعهم فكيف يأتي ممن بعدهم يعظمونهم ويُلصقوا بهم ما ليس فيهم ؟ لكنه كما أسلفنا الهوى في العقول ونشرع الأن
بما نُريد تفصيلهُ بخصوص الشبه بين هؤلاء الطوائف البدعية وبين النصارى .
ورد في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم :"وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي"
ونحنُ نُشاهدُ هذه التفرقة عياناً دونَ أن يجهل ذلك أي أحد . ونقولُ أنهُ بحمدِ الله وفضلهِ
أكرمنا الله بكتابٍ سماوي من عنده جلّ وعلا محفوظاً منزها من النقص لكي نستبين
به سبيل الهدى وجعل مع هذا الكتاب سنة نبينا وهي المكملة للقرأن فما أجمله القرأن
جاءت السنة تُفصله , من هذا نقول أنه ليس لأي أحد أن يُضيف على هذا القرأن
أو يُنقص منه لأن في هذا تطاولٌ على شرع الله الكامل فالله منزهٌ من أن يأتي بشرع ناقص
حاشى لله , فالقرأن كاملٌ في أدق تفاصيله ومما جاء به القرأن يُبينه لنا ويحثنا عليه هو مسألة
عدم التفرقة والبقاء تحت رايةِ الإسلام والتزام ما جاء في القرأن والسنة وقد جاء في الصحيح
أنّ رسول الله عليه السلام : خَطَّ يَوْمًا خَطًّا، وَخَطَّ عَنْ يَمِينِهِ خَطًّا، وَخَطَّ عَنْ يَسَارِهِ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ» ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا فَقَالَ: «هَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ» ، وَقَرَأَ {أَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153] .
وفي الصحيحين :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد .
وهذه الأدلة وكثيرٌ منها ما يدلُ على أن من يأتي بأمر ليس من كتاب الله أو من سنة نبينا
صلى الله عليه وسلم فهو بدعة وضلالة . أما الخطأ الذي وقع به أصحاب الفرق فهوَ
إتباعُ الهوى والتماس العلم من غير المشكاتين القرأن والسنة إنما جاءو بشرع من اسلافهم
الضالين وقالوا إنا على أثارهم مقتدون ومهتدون فهم يُقرون بالقرأن والسنة لكنهم يأتون ببِدع كثيرة لا تُوافقُ القرأن والسنة ثم إذا إستبان لهم أن ما هم عليه من البدع ليس بحق ولم
يشرعهُ الله في القرأن ولم يوحى به إلى رسول الله سارعوا إلى الكذب والإفتراء وجاءو
بأقوال لشواذ العلماء ممن لايُستشهدُ بعلمهم فنحنُ نقول لهم قرأن وسنة وهم يقولون العالم الفلاني والكتاب الفلاني وهذا وجه الشبه بينهم وبين النصارى , فكما هو معلوم أن الإنجيل
لم يأتي به كلمة واحدة تقول أن عيسى هو الله أو أن عيسى يقول اعبدوني أو يقول أنا الله
فهذا لم يَرد بالإنجيل كله ولا في أي موضع , لذلك فالنصارى يُؤمنون بما جاء به أسلافهم
مع أن كتابهم على ما فيه من تحريف لا نجدُ فيه ما يُؤيد قولهم ومزاعمهم لكنهم مهتدون
على أثار ممن قبلهم في الضلال ولا يُريد كثيرٌ منهم بيان الحق من الباطل فإذا جئت إليهم
تقول لهم أن كتابكم يناقضكم مباشرة يأتون بمزاعم ويقولون بأشياء زعمها رهبان وقساوسة
وعلى سبيل المثال نأتي إلى فرقة إسمها السلفية ونكتفي بأن نسألهم هل أمرنا الله أن نتسمى
سلفيين أو صوفيين أو إخوانيين ؟ هل ورد ذلك في القرأن أو في السنة ؟ طبعاً ستكون الإجابة
بالنفي لأن الله قال ((هو سمّاكمُ المسلمينَ)) "الحج" لكنهم سيأتون بأقوال ودلائل من كتبهم وآثار
لعلماءهم الضُلّال فنحن نذكر لهم أدلة صريحة من القرأن وهم يأتون بأقوال شخصيات
قد حقّ الله عليها الخطأ والصواب لقول نبينا عليه السلام ((كل بني آدم خطاء)) ومن هذا
كله نرى عياناً وجه الشبه بين أصحاب الفرق الذين يدّعون الإسلام ديناً وإن أخذوا بعض
ما جاء به الإسلام لكنهم ضلوا ببدع كثيرة وبين النصارى الضالين نسأل الله لهم الهداية جميعاً .

أختي الفاضلة الكريمة
جعل الله تعالى كل ماتقدمينه في ميزان حسناتكم
اللهم ربنا أنصر بها السنة وأنفع بها الأمة

جزاكي الله خير