اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


﴿ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ الٓمٓ ﴿١﴾ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴿٣﴾ وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴿٤﴾ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴿٥﴾ البقرة .

روى الإمام مسلم عن أبي أمامة الباهلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقرَؤوا القُرآنَ؛ فإنَّه يَأتي شَفيعًا يومَ القيامةِ لصاحبِه، اقرَؤوا الزَّهراوَينِ: البَقرةَ وآلَ عِمرانَ؛ فإنَّهما يَأتِيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غَيايتانِ، أو كأنَّهما غَمامتانِ، أو كأنَّهما فِرقانِ مِن طَيرٍ صَوافَّ يُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤوا سورةَ البَقرةِ؛ فإنَّ أخذَها بَركةٌ، وتَركَها حَسرةٌ، ولا تَستطيعُها البَطَلةُ ) .


           :: الكعبة (آخر رد :عائد لله)       :: الحجامة فضلها وفوائدها . (آخر رد :المكي)       :: افضل ايام الحجامة . (آخر رد :المكي)       :: سورة يس (آخر رد :طالبة علم شرعي)       :: "وأشرقت الأرض بنور ربها" تلاوة رائعة بصوت الطفلة بشرى . (آخر رد :ابن الورد)       :: حلم الدموع (آخر رد :hoor)       :: كحل الإثمد ، تعريفه ، ومصدره ، وفوائده ، وضوابط استعماله للنساء والرجال (آخر رد :المكي)       :: الحشد المليوني على الحدود وساعة الصفر تقترب من جزيرة العرب (آخر رد :ابن الورد)       :: طالبان والرايات السود / ظهور المهدي في جيش المشرق / خراسان (آخر رد :ابن الورد)       :: السرطان ليس مرض . (آخر رد :المكي)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

السحر وخطره على المجتمعات قديما وحديثا . الإدارة العلمية والبحوث Research studies and the risk فضح دهاليز السحرة المظلمة وطرق عمل السحر والطلاسم والتحذير من طقوس الكهّان والعرّافين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 18 Aug 2008, 11:53 PM
أبو سفيان
Banned
أبو سفيان غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 2349
 تاريخ التسجيل : Jan 2008
 فترة الأقامة : 6491 يوم
 أخر زيارة : 24 Jan 2012 (09:58 PM)
 المشاركات : 4,226 [ + ]
 التقييم : 14
 معدل التقييم : أبو سفيان is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
تحذير المؤمنين من السحر والسحرة والمشعوذين-صالح بن محمد آل طالب



تحذير المؤمنين من السحر والسحرة والمشعوذين
ملخص الخطبة

1- أهمية قضايا التوحيد. 2- حقيقة التوحيد. 3- الانحراف إلى الشرك. 4- مفاسد السحر وبيان حقيقته. 5- ذم الساحر وبيان حاله. 6- حكم الساحر. 7- ظاهرة تعلق الناس بالسحر والسحرة. 8- النهي عن إتيان الكهنة والعرافين وعن تصديقهم. 9- الوصية باللجوء إلى الله وحده. 10- سلامة المؤمن من تسلط الشياطين عليه. 11- التحصين من السحرة والشياطين. 12- استنكار حادث قتل الفرنسيين الأربعة.


الخطبة الأولى


أمَّا بعد: فاتَّقوا الله تعالى ـ أيّها المؤمنون ـ لعلَّكم تفلِحون، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70، 71]. فتشبَّثوا بالتوحيد، وتزوَّدوا ليوم الوعيد، فعمّا قليل سيبلَى الجديد ويشيب الوليد، وما أقربَ القاصي من الداني، ورحِم الله عبدًا تزوَّد، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة: 197].

أيُّها المسلِمون، القضايا التي يجب تردادُها والمسائل التي ينبغي تعدادُها هي قضايا التوحيدِ وإسلام الأمر لله العزيز الحميد. التوحيد ـ أيها المسلمون ـ هو الحقيقة الكبرى والقُطب الأقوى والذي تدور عليه رَحَى الدينِ، بَل هُوَ أَسَاسُ كلِّ النبوّات ومعقِد لِواء الرِّسالات، وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25]، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56].

وحقيقةُ التوحيد هي إفرادُ الله تعالى بالعبادةِ والتوجّهُ له في كلِّ شيء. ومِن أعظم أبوابِ التوحيد الخوف والرجاء والرغبة والرهبة واليقينُ والتوكّل، وهي مسائل عظيمة يغفَل عنها بعضُ الخلق، حتى إنَّ الشرك ليدخل عليهم من بابها وهم لا يشعرون.

ذلكم ـ أيّها المسلمون ـ حين ينحَدِر العبد إلى الخوفِ من المخلوق ورهبتِه ورجائه والرغبةِ إليه والتوكّل عليه، في إعراضٍ عن الخالق وبُعدٍ عنه، وفي القرآن العظيمِ: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا [الجن: 6]. إنَّ الخوفَ من غيرِ الله هو شركُ الجاهليّة الأولى والمشارُ إليه في الآيةِ السالِفَة.

عبادَ الله، إنَّ هذا الخلَلَ القلبيَّ يؤدِّي إلى فعلٍ شركيّ، بل أفعالٍ كثيرة، وذلك حين يصرِف العبد شيئًا من حقوقِ الخالق إلى المخلوق لجلبِ نفعٍ أو دفع ضرّ، بل يصِل الأمر إلى الشِّركِ في توحيدِ الربوبيّة حين يعتَقِد الجهولُ النفعَ والضّرَّ عند غير الله، وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ [يونس: 106]، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس: 107].

إنَّ الشِّركَ في هذا الباب من المسائلِ الخطيرةِ، والتي قد يغفَل عنها بعضُ الموحِّدين، والله تعالى يَقُول: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء: 48].

أيّها المسلِمون، إنَّ المزالِقَ في هذه الأبوابِ وفي غيرها من البلايا المهلِكَة والرَّزايا المردِيَة متحقِّقَة في كبيرة من كبائرِ الذنوب وناقضٍ مِن نواقِضِ الإسلام، ألا وهو السّحرُ، وقانا الله وإيّاكم شرَّه ودفع عنّا وعنكم ضرّه.

السِّحر ـ أيّها المسلمون ـ داءٌ خطير وشرّ مستطير، له حقيقة خفيّةٌ وضرَرٌ محقَّق، يهدِم الدينَ، ويتلِف الجسدَ، ويخرب البيوتَ، ويقطَع الأرحام، ويورد النار؛ لذا فقد اتَّفقتِ الشرائع السماويّة على تحرميه، وسماه الله كفرًا، وحذَّر منه في القرآنِ، ولم يجعل لصاحبة في الآخرةِ نصيبًا ولا حظًّا.

السّحرُ عزائمُ ورُقى وعُقَدٌ ونَفث وعَمَل يؤثَّر به في القلوب والأبدان والمشاعِرِ والطبائع، هو بضاعة الشيطان، يلجأ إليه ضِعاف النفوس وضِعاف الإيمان؛ جلبًا لحظٍّ أو دفعًا لنَحس، طمعًا في مالٍ أو طردًا لأوهامٍ أو بَغيًا على عباد الله.

أمَّا الساحر فمُفسِد فاجِرٌ، قد نزِعَت من قلبه الرحمة، واستَأثَر للذِّلَّة، وباع نفسَه للشيطان، وأوبَقَ دنياه وآخرِتَه، لا تجِد ساحِرًا سعيدًا وإن أوهَمَ الناسَ بجلب السعادةِ لهم، ولا تجِد ساحرًا غنيًّا وإن خدَعَهم بدفع الفقر عنهم، سيّئُ الحال، خبيثُ الفِعال، دائِم الذّلَّة، ملازمٌ للفَقر والقِلَّة، قَبيحُ الخِصال.

السِّحرُ والسَّحَرة والعرَّافون والكهَنَة عالم موبوءٌ بالخُرافات والدَّجَل، مطمورٌ بالبَغيِ والظُّلم، تُعشعِشُ في أكنافِهِ الشَّياطين، ويُظلِّلُه الشركُ والكفر المبين، وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه: 69]، قَالَ الله عزَّ وجلَّ مؤكِّدًا كفرَ الساحر: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة: 102].

فهَل يجرُؤ بعدَ هذه الآياتِ مَن في قلبِه مثالُ حبّةٍ من خردَل من إيمانٍ أن يتعلَّمَ السحرَ أو يتَعَاطاه، أو يَلجَأ للسَّحَرَة ليَشتَريَ ما يوبِق دينَه وأُخراه، وقد قَالَ النَّبيُّ : ((اجتنِبوا السَّبعَ الموبِقات))، قالوا: يا رسولَ الله، وما هنّ؟ قال: ((الشّركُ بالله، والسّحر)) الحديث. متفق عليه.

ولأجلِ عظيمِ فسادِ السّاحر وكبيرِ جُرمِه وتعَدِّ شرِّه كان حكمُه القتل؛ لأنَّه من أعظم المفسدين في الأرض، وقد كتبَ عمر بن الخطاب إلى ولاتِه أن اقتُلوا كلَّ ساحرٍ وساحرة. وفي الترمذيِّ عن جندُب : ((حدُّ السِّاحِرِ ضربَةٌ بالسيف)) أو ((ضَربُه بالسّيف)) رُوِي مرفوعًا وموقوفًا.

وقد نصَّ الأئمّة على كفرِه، خاصّةً إذا ظهَرت استعانتُه بالشياطين والتقرّب إليهم. ونصَّ بعضُهم على عدم قبولِ توبتِه. إنّه شأن ليس باليسير، يقول الذهبيّ رحمه الله: "فترى خلقًا كثيرًا من الضُلاَّل يدخلون في السحر، ويظنّون أنه حرام فقط، وما يشعرون أنه الكفر".

عبادَ الله، إنّه ومع انتشار الوعيِ وتطوُّر العلم فإنّك لتعجَب من تعلّق بعض الناس بهذه الأوهام واستشراءِ هذا الداء بين العَوام، فكيف يكون من المسلمِينَ مَن يذهب إلى السحرة ويستعين بهم؟! سبحان الله! أين الدينُ؟! أينَ الإيمان؟! بل أينَ العَقل؟!

يا زمانَ العِلم والمعرفةِ، ماذا تُغني الخيوطُ والخُرَز والحِلَق والحُجُب؟! أيّ نفعٍ تُجدِيه التعاويذُ الشركيّة والتمائم والحُروف والخطوط والطَّلاسِم؟! إنها سخريّة بالعقل وانحطاطٌ في التفكير وانحراف في الدّيانة والسلوك.

قال الشيخُ المجدِّد إمام الدعوة رحمه الله: بابٌ: من الشرك لبسُ الحلقةِ والخيط ونحوهما لرفع البلاء ودَفعِه، قال الله عزّ وجلّ: قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [الزمر: 38]، وعن عمرانَ بنِ حصين أنَّ النبيَّ رأى رجلاً في يدِه حلقة من صُفر فقال: ((ما هذه الحلقة؟)) قال: هذه منَ الواهنة، قال: ((انزِعها فإنها لا تزيدُك إلا وهنًا)) رواه الإمام أحمد وابن ماجه، زاد أحمد: ((فإنك لو متَّ وهي عليك لم تفلح أبدًا)). قال ابن الأثير رحمه الله في النهاية: "الواهنةُ عِرقٌ يأخذ في المنكب أو في اليدِ كلها، وقيل: وهنٌ في الجسم". وروى الإمامُ أحمد والحاكم عن عُقبةَ بنِ عامر مرفوعًا: ((مَن علَّق تميمةً فلا أتمَّ الله له، ومن تعلَّق ودعةً فلا ودَع الله له))، وفي رواية: ((من علَّق تميمَةً فقد أشرَكَ)).

وبعد: أيها المؤمنون، فإنَّ على المسلِمِ أن يَربَأ بنفسِه ودينِه وعقلِه عن هذه الخرافاتِ المضلِّلَة والشِّركيَّات الموبِقة، وكذا عن كلِّ طرائق المشعوِذين والدجالين، والتي فيها ادِّعاء بعلم المغيَّبات أو القدرة على المعجزات مما انتشَر بلاؤه حتى في الفضائيّات؛ كقراءةِ الكفِّ وقراءةِ الفنجان والاستدلالِ بالطوالِعِ والبروجِ على السَّعد والنحس والخيرِ والشرِّ، فكلّ ذلك رجمٌ بالغيب، يتعيَّش به الدجّالون والكهَنَة، ويغرُّون به البُلهَ والجَهَلة، وأكثرُ من ذلك خسارًا ووبالاً ضَياعُ الدين وفقدان الإيمان.

روى مسلم في صحيحِه أنَّ النبيَّ قال: ((من أتى عرَّافًا فسألَه عن شيءٍ لم تقبَل له صلاةٌ أربعين ليلة))، هذا لمجرد إتيانِ العرّاف، أما من صدَّقه فإنه أعظمُ خسارًا، يقول النبيّ : ((من أتى عرّافًا أو كاهنًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) رواه أهل السنن بسند صحيحٍ على شرط الشيخين. وعن عِمرانَ بن حصين مرفوعًا: ((ليس منّا من تطيَّر أو تُطُيِّر له، أو تكهَّن أو تُكُهِّن له، أو سَحَر أو سُحِر له، ومَن أتى كاهِنًا فصدَّقه بما يقول فقَد كفر بما أنزِلَ على محمّد)) رواه البزار بإسناد جيد. والعرَّافُ هو الذي يدَّعي معرفةَ الأمور بمقدِّمات يستدلّ بها، كطلبه معرفةَ اسمِ الأمّ ونحو ذلك، ويدَّعي معرفة الأشياء الغائبة، وقيل: هو الكاهن، والكاهنُ هو الذي يخبِر عن المغيَّبات في المستقبل. ومن هؤلاء المنجِّم والرَّمَّال ونحوهم ممَّن يدَّعي معرفةَ الأشياء الغائبة أو معرفةَ المستقبل.

ألا فاتقوا الله تعالى أيّها المسلمون، وأخلِصوا دينكم لله، وحاذِروا مزالقَ الشيطان والمردِيَات من الشركِ والعصيان، واصرِفوا هممَكم للخالق الديّان، واقصدوه في حاجاتِكم، فما خاب عبدٌ رجاه، وأخلِصوا له التوحيد في باب التوكّل والرجاء، فلا حول ولا قوة أبدًا إلا بالله، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 3] أي: كافيه، بل إنَّ التوكّلَ شرط الإيمان كما قال موسى عليه السلام لقومه: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ [يونس: 84]. فإذا بُلِيتَ فثِق باللهِ، وارضَ بِه، فإنَّ الذي يكشف البلوَى هو الله.

أيّها المريض، أيها المبتَلَى، إنَّ ثِقَتَك بالسَّاحر والمشعوِذ أشدُّ بلاءً من مَرَضِك، وإخلادُك إليه أوهى لقلبِك وأوهن لبدنك، فإن رُمتَ الشفاء وطلبتَ الدواءَ وقد استعزَّ بِك الوصب واستفزّك النَّصب فارفَع يديك إلى من يداويك، واقصد الله فهو الذي يعافيك، وإنما يشفيك التَّحنِّي لَه والخشوعُ والتذلّلُ له سبحانه والخضوع، أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [النمل: 62].

بارك الله لي ولكم في القرآنِ والسنّة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفِر الله تعالى لي ولَكُم.






الخطبة الثانية


الحمد لله عالمِ الخفيّات، كاشِفِ الكربات، لا يعزب عن علمه شيءٌ في الأرض ولا في السّماوات، ولا يخرُج عن سلطانِه شيء من الكائِنات، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمّا بعد: أيّها المسلمون، فإنَّ الله تعالى حين أقدَر الشياطين على التسلّط والتلبُّس فإنه سبحانه لم يجعل لهم على المؤمنين سلطانًا، قال الله عز وجل: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [النحل: 99، 100]. بل حين أقسَمَ إبليسُ الرَّجيم على إغواءِ بني آدم اعتَرَفَ بعجزه عن المؤمنينَ فقال: فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ [ص: 82، 83]، وقال الله عزّ وجلّ: إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 175].

وقد بيَّن الله تعالى ما نتَّقي به كيدَ الشياطين وأوليائهم من السّحَرة والمفسدين، فأوَّلُ ذلك ـ يا رعاكم الله ـ التوكّلُ على الله تعالى واليقينُ والإيمان الصادق بالله العظيم، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن: 11]. والمؤمِنُ مهما عصَفَت به الآلاَم وتكالبت عليه ضغوط الحياة والأسقامِ فهو دائمُ التعلّق بالله، مستسلمٌ لمولاه، صابِر على بَلوَاه، لا يستسلِمُ للخرافات والأوهام.

أيّها المسلمون، عظِّموا الإيمان بالله في قلوبكم وفي قلوب أهلِيكم وأولادكم، ارفَعوا الهمَمَ للتعلّق بالله وحده واليأسِ ممّا سِواه.

عبادَ الله، مما يسلِّط الشياطينَ على الإنسان ويجلب أذَاهم المعاصي والمنكراتُ والأغاني والمزامِير والسّوَر، فإن ذلك يجعَل البيوتَ مأوى للشياطين، وفي الحديث: ((إنَّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة))، وهذا يفسِّر لك سرَّ شكوى البيوتِ مِنِ انتشار العُقَد النفسيّة والوساوِس القهريّة والأسقامِ والأوهام، وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى: 30].

عبادَ الله، العملُ بالتوجِيهَات النبويّة حِرزٌ من الشيطان، وقد ورد في صحيح التوجيه النبويِّ الأمرُ بإمساك الأولاد حين الغروبِ حين تنتشر الشياطين، كما ثبت في الصحيحين الأمر بكظم التثاؤب ووضعِ اليد على الفم عند التثاؤب لئلا يدخُلَ الشيطان، وكذا الأمرُ بالتسمِية عند نزولِ المنزل ودخول البيتِ ودخولِ بيتِ الخلاء والتسمية عند كشفِ العورة، فإن ذلك سترُ ما بين الجنِّ وعورات بني آدم. كما يحذَر المسلم من الغضب الشديد أو الفرح والطّرب الشديد أو الخوف الشديد، فكل تلك المواطن من حالاتِ الضعف البشريّ، والتي قد يتسلَّط فيها الجانّ على الإنسان ما لم يتحرَّز.

أمَّا ذكرُ الله تعالى فهو الحصن المنيع والسّدُّ العظيم الرفيع، ومَن داوَم على ذكر الله في كلِّ حال والتزَم الأورادَ الشرعيّة والأذكار النبويّة خاصّةً في طرَفي الليلِ والنهار وعند المنام فقد بات في حِفظِ الله وأمسَى في كَنَفِه وأصبح في ستره وحماه، يرعاه الله ويحفظه ويحميه ويكلؤُه.

ومن أعظمِ الأوراد الإكثارُ من قراءة القرآن الكريم عمومًا، وما وَرَد به الأمرُ خصوصًا، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبيِّ : ((إنَّ الشيطان ينفِر من البيت الذي تقرَأ فيه سورة البقرة))، وقوله: ((من قرأ بالآيتَين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه))، وقوله: ((من قرأ آيةَ الكرسيِّ حين يأوي إلى فراشه لم يزل عليه من الله حافِظٌ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح))، كما أنَّ قراءة سورةِ الإخلاص قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوِّذتين قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثلاث مرات في الصباح وثلاث مرّات في المساء تكفي من كل شيء كما صحَّ بذلك الخبر عن الصادِق المصدوقِ .

وكذلك الأخذُ بالتعاوِيذِ والأدعِيَة الثابِتَة عَنِ النَّبيِّ كقولِه: ((أعوذ بكلماتِ الله التّامَّات مِن شرِّ ما خلق)) و((بسم الله الذي لا يضرّ معَ اسمِه شيءٌ في الأرض ولا السَّماء وهو السّميع العليم)). وغيرُ ذلك كثير من الوارد الثابت.

وإنّك لتعجب منِ انشغال الناس عن الثابتِ الصحيح بالمبتدع المخترَع مما لم يثبت، وهذا خذلانٌ من الشيطان وصدٌّ عن السنة بالمحدثات.

وفي صحيحِ مسلمٍ أنَّ النبيَّ قال: ((من صلَّى الفجرَ فهو في ذمّةِ الله))، وفي الصحيحَين أنَّ النبيَّ قال: ((من تصبَّح بسبعِ تمرات من تمر العجوة لم يصِبْه سمّ ولا سحر)). فاحفَظوا ما علَّمكم نبيُّكم، وعلِّموه أهلَكم وأولادَكم، وحافِظوا عليه تكونوا من المحفوظِين.

وفي الختامِ هاكَ مِن نفيسِ الكلام لابنِ القيّم رحمه الله حيث يقول: "فالقلبُ إذا كان ممتَلئًا من الله مَعمورًا بذكرِه وله من التوجهات والدّعوات والأذكار والتعوُّذات وردٌ لا يخِلّ به يطابِق فيه قلبه لسانَه كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنَع إصابةَ السحر له، ومن أعظم العلاجات له بعدما يصيبه. والسحرُ إنما يتمّ التأثير به في القلوب الضعيفة، ومن ضعُفَ إيمانه وتوكُّله، ومن لا نصيبَ له في الأوراد الإلهية والتعوُّذات النبويّة" انتهى كلامه رحمه الله.

فمن بُلِي بشيءٍ من السحر أو العَين فليجأ إلى الله، وليصبر على بلواه، وليفزَع إليه لا إلى مَا سِواه، وله في الرُّقى الشرعيّة الكفاء، وفي كتاب الله الشفاء، وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء: 82].

اللّهمّ لا تدَع لنا ذنبًا إلا غفَرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا مريضًا إلى شَفَيتَه، ولا مبتلًى إلا عافَيتَه، ولا مسحورًا إلا فكَكتَه وشفَيتَه وعافيته، ولا ساحرًا إلا كبتَّه وأخزيتَه يا ربَّ العالمين.

وأخيرًا أيّها المسلمون، فإنه يتلُو الشّركَ في الجرمِ والخطيئة قتلُ النفوس البريئَة وسفك الدمِ الحرام، قال الله عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [الفرقان: 68، 69].

ولقد ساءَنا وساءَ كلَّ مسلم ما أقدَم عليه بعض المجرِمين من قتلٍ للمسلمين وإراقةٍ لدماء الآمنين قُربَ المدينة المنوّرة، إنه بغيٌ وفساد وقتلٌ لمجرَّد القتل، ويعلم كلُّ عاقِل أنه ظلمٌ وبَغي لا يخدِم هدفًا ولا قضيّة، فاللّهمّ ارحَمِ الشهداء، واكبِتِ الأعداء، واحفَظنا في دينِنا وأنفسِنا.

عبادَ الله، إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

اللّهمّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد، وارضَ اللّهمّ عن الأئمة الخلفاء: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن جميع الآل والصحب والكرام...

http://alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=9137





رد مع اقتباس
قديم 10 Sep 2008, 01:06 AM   #2
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 11,365 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue


بارك الله فيك شيخنا الفاضل

وجزاك الله خير


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
قديم 10 Sep 2008, 01:06 AM   #3
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 11,365 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue


بارك الله فيك شيخنا الفاضل

وجزاك الله خير


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الاعتقاد بوجود السحر والسحرة !!! أبو هريرة السحر وخطره على المجتمعات قديما وحديثا . الإدارة العلمية والبحوث Research studies and the risk 2 21 Jan 2010 02:45 AM
الكتاب : الخلاف بين العلماء/ للشيخ العلامة :محمد بن صالح بن محمد العثيمين ابومروان الليبي منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 1 22 Sep 2009 06:29 PM
السحر والسحرة في مهرجان مراكش المغربية ابن الورد السحر وخطره على المجتمعات قديما وحديثا . الإدارة العلمية والبحوث Research studies and the risk 0 18 Aug 2006 01:35 AM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 01:55 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي