|
#1
|
||||||||
|
||||||||
|
التبيان في أقسام القرآن - القلـــم
القلــــــــــــــــــــــــــم قال شيخنا العلامة أبن قيم الجوزيه – يرحمه الله وايانا برحمته الواسعة - ومن ذلك قوله تعالى (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)- الصحيح أن ( ن ) و (ق ) و ( ص ) من حروف الهجاء التى يفتتح بها الرب سبحانه بعض السور , وهي أحادية , وثنائية , وثلاثية , ورباعية , وخماسية , ولم تجاوز الخمسة , ولم تذكر قط في أول سورة وإلا وعقبها بذكر القرآن,إما مقسما به , وإما مخبرا عنه , ماخلا سورتين سورة "كهيعص , و ن " كقوله (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)- البقره , و (الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ..) ال عمران .. (المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ...) الاعراف .( المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1) " الرعد .. وهكذا الى آخره .. ففي هذا تنبيه على شرف هذه الحروف وعظم قدرها وجلالها,. إذ هي مباني كلامه وكتبه التي تكلم سبحانه بها ,, وأنزلها علي رسله . وهدى بها عباده . وعرفهم بواسطتها نفسه ، وأسماءه وصفاته وأفعاله وأمره ونهيه ووعيده ووعده وعرفهم بها الخير والشر والحسن والقبيح ، وأقدرهم على التكلم به ، بحيثيبلغون بها أقصى ما في أنفسهم باسهل طريق وقلة كلفة ومشقة ، وأوصله الي المقصود ، وأدله عليه .. وهذا من أعظم نعمه عليهم كماهو من أعظم آياته ، ولهذا عباب سبحانه على من عبد آلها لا يتكلم وأمتن على عباده بأن أقدرهم على البيان بها بالتكلم . فكان في ذكر هذه الحروف التنبيه على كمال ربوبيته وكمال أحسانه وانعامه , فهو أولى أن يقسم بها من الليل والنهار والشمس والقمر . والسماء والنجوم , وغيرها من المخلوقات , فهي دالة أظهر دلالة على وحدانيته وقدرته , وحكمته وكماله وكلامه وصدق رسله . وقد جمع سبحانه بين الامرين – أعني القرآن ونطق اللسان – وجعل تعليمهما من تما نعمته وامتنانه . كما قال (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)- من سورة الرحمن .- فهذه الحروف علم القرآن و وبها علم البيان , وبها فضل الانسان على سائر أنواع الحيوان , وبها أنزل كتبه وبها ارسل رسله وبها جمعت العلوم وحفظت , وبها انتظمت مصالح العباد في المعاش والمعاد وبها يتمير الحق من الباطل والصحيح من الفاسد وبها جمعت أشتات العلوم وبها أمكن تنقلها في الاذهان , وكم جلب بها من نعمة ودفع بها من نقمة !! وأقيلت بها من عثرة وأقيمتا بها من حرمة وهدي بها من في ضلالة وأقيم بها من حق وهدم بها من باطل !! فآياته سبحانه في تعليم البيان كآياته في خلق الانسان . ولولا عجائب صنع الله ما تبتت تلك الفضائل في لحم ولا عصب .. فسبحان من هذا صنعه في هواء يخرج من قصبة الرئة فينضم في الحلقوم وينفرش في أقصى الحلق ووسطه وآخره وأعلاه وأسفله , وعلى وسط اللسان واطرافه وبين الثنايا وفي الشفتين والخيشوم فيسمع له عند كل مقطع من تلك المقاطع صوت غير صوت المقطع المجاور له .. فاذا هو حرف , فألهم سبحانه الانسان بضم بعضها الى بعض فاذا هي كلمات قائمة بأنفسها ثم ألهمهم تأليف تلك الكلمات بعضها الى بعض وذا هي كلام دال على أنواع المعاني أمرا, ونهيا , وخبرا , واستخبارا , ونفيا , وأثباتا , واقرارا, وأنكارا , وتصديقا , وتكذيبا, وايجابا واستحبابا , وسؤالا , وجوابا , إلى غير ذلك من أنواع الخطاب . نظمه ونثره ووجيزه ومطوله على أختلاف لغات الخلائق ,, كل ذلك صنعته تبارك وتعالى في هواء مجرد خارج من باطن الانسان الى ظاهره , في مجار قد هيئت وأعدت لتقطيعه وتفلصيله ثم تأليفه وتوصيله . فتبارك الله رب العالمين واحسن الخالقين . فهذا شأن الحرف المخلوق . وأما الحرف الذي به تكون المخلوقات فشأنه أعلى وأجل ..واذا كان هذا شأن الحروف فحقيق أن تفتتح بها السور ، كما افتتحت بالاقسام لما فيها من آيات الربوبية وأدلة الوحادانية ، فهى دالة على كمال قدرته سبحانه ، وكمال علمه ، وكمال حكمته ، وكمال رحمته ، وعنايته بخلقه ، ولطفه واحسانه ، واذا اعطيت الاستدلال بها حقه استدللت بها على المبدأ و المعاد ، والخلق والأمر ، والتوحيد و الرسالة ، فهى من أظهر أدلة شهادة ان لا اله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن القرآن كلام الله ، تكلم به حقا وأنزله على رسوله وحيا ، وبلغه كما أوحى اليه صدقا ، ولا تهمل الفكرة في كل سورة افتتحت بهذه الحروف ، واشتمالها على آيات هذه المطالب وتقريرها ، وبالله التوفيق . القلــــــــــــــــــــم ثم أقسم سبحانه بـ(ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) ) القلم ، فأقسم بالكتاب وآلته وهو القلم الذى هو احدى آياته وأول مخلوقاته الذى جرى به قدره وشرعه ، وكتب به الوحى ، وقيد به الدين ، وأثبتت به الشريعة وحفظت به العلوم ، وقامت به مصالح العباد في المعاش و المعاد فوطدت به الممالك ، وأمنت به السبل والمسالك ، وأقام في الناس أبلغ خطيب وأفصحه ، وأنعفه لهم وأنصحه ، وواعظا تشفى مواعظه القلوب من السقم ، وطبيبا يبرىء باذنه من أنواع الألم : يكسر العساكر العظيمة على أنه الضعيف الوحيد ، ويخاف سطوته وبأسه ذو البأس الشديد ، وبالقلام تدبر الأقاليم وتساس الممالك ، والعلم لسان الضمير يناجيه بمااستتر عن الاسماع ، فينسج حلل المعانى في الطرفين فتعود أحسن من الوشى المرقوم ، ويودعها حكمة فتصير بوادر الفهوم ، والأقلام نظام للافهام ، وكما أن اللسان بريد القلب فالقلم بريد اللسان ، و يولد الحروف المسموعة عن اللسان ، كتولد الحروف المكتوبة عن القلم ، والقلم بريد القلب ورسوله و ترجمانه و لسانه الصامت . الاقــــلام والأقلام متفاوته في الرتب ، فاعلاها وأجلها قدرا قلم القدر السابق الذى كتب الله به مقادير الخلائق . كما في سنن أبى داود عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ان أول ما خلق الله القلم ، فقال له : أكتب ، قال : يارب ، وما اكتب ؟ قال : اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعه )) واختلف العلماء ، هل القلم أو المخلوقات أو العرش ؟ على قولين ذكرهم الحافظ أبو يعلى الهمداني ، أصحهما أن العرش قبل القلم لما ثبت في الصحيح من حديث عبدالله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات و الأرض بخمسين ألف عام ، وعرشه على الماء )) فهذا صريح أن التقدير وقع قبل خلق العرش ، والتقدير وقع عند أول خلق القلم لحديث عبادة هذا ولا يخلو قوله (( إن أول ما خلق الله القلم )) غلى آخره ، اما أن يكون جملة أو جملتين ، فان كان جملة – وهو الصحيح – كان جمعناه أنه عند أول خلقه قال له : اكتب ، كما في لفظ (( أول ما خلق الله القلم قال له اكتب )) بنصب أول ، والقلم ، فان كانا جملتين وهو مروى برفع أول و القلم ، فيتعين جمله على أنه أول المخلوقات من ها العالم ، ليتفق الحديثان ، اذا حديث عبدالله بن عمر صريح في أن العرش سابق على التقدير و التقدير مقارن لخلق القلم ، وفى اللفظ الآخر (( لما خلق الله القلم قال له اكتب )) فهذا القلم أول الأقلام ، و أفضلها ، وأجلها ، وقد قال غير واحد من أهل التفسير انه القلم الذى اقسم الله به . القلـــم الثانـــي القلم الثانى قلم الوحى ، وهو الذى يكتب به وحى الله الى أنبيائه ورسله ، وأصحاب هذا القلم هم الحكام على العالم ، والعالم خدم لهم ، واليهم الحل والعقد ، والاقلام كلها خدم لا قلامهم وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الأسراء إلى مستوى يسمع فه صرف الأقلام : فهذه الأقلام هى التي تكتب ما يوحيه الله تبارك وتعالى من الأمور التى يدبر بها أمر العالم العلوى والسفلى القلـــــم الثالــث و القلم الثالث قلم التوقيع عن الله ورسوله ، وهو قلم الفقهاء و المفتين ، وهذا القلم أيضا حاكم غير محكوم عليه ، فاليه التحاكم في الدماء ، والأموال ، والفروج ، والحقوق ، واصحابه مخبرون عن الله بحكمه الذى حكم به بين عباده ، وأصحابه حكام وملوك على أرباب الاقلا م ، وأقلام العالم خدم هذا القلم , القلـــــم الرابــع القلم الرابع قلم طب الأبدان التى تحفظ بها صحتها الموجودة ، وترد إليها صحتها المفقود ، وتدفع به عنها آفاتها وعوارضها المضاد لصحتها ، وهذا القلم أنفع الأقلام بعد قلم طب الأديان ، وحاجه الناس إلى أهله تلتحق بالضرورة. القلـــــــم الخامـــس القلم الخامس قلم التوقيع عن الملوك ونوابهم ، وسياس الملك ، ولهذا كان أصحابه أعز أصحاب الأقلام ، و المشاركون للملوك في تدبير الدول ، فأن صلحت آقلامهم صلحت المملكة وان فسدت اقلامهم فسدت المملكة ، وهم وسائط بين الملوك ورعاياهم ... القلـــــم الســـادس القلم السادس قلم الحساب ، وهو القلم الذى تضبط به الأموال ، مستخرجها ومصروفها ومقاديرها ، وهو قلم الارزاق ، وهو قلم الكم المتصل والمنفصل ، الذى تضبط به المقادير وما بينها من التفاوت والتناسب ، ومبناه على الصدق و العدل ، فاذا كذب هذا القلم و ظلم فسد أمر المملكة ... القلـــــم الســــابع القلم السابع قلم الحكم الذى تثبت به الحقوق ، وتنفذ به القضايا وتراق به الدماء ، وتؤخذ به الأموال و الحقوق من اليد العادية فترد الى اليد المحقه ويثبت به الانسان وتنقطع به الخصومات وبين هذا القلم وقلم التوقيع عن الله عموم وخصوص : فهذا له النفوذ واللزوم وذاك له العموم والشمول ، وهو قلم قائم بالصدق فيما يثبته وبالعدل فيما يمضيه وينفذه ... القلـــــــم الثا مــــن القلم الثامن قلم الشهادة ، وهو القلم الذى تحفظ به الحقوق ، وتصان عن الاضاعة ، وتحول بين الفاجر وانكاره ، ويدق الصادق ، ويكذب الكاذب ، ويشهد للمحق بحقه ، وعلى المبطل بباطله ، وهو الأمين على الدماء ، والفروج، والأموال، والأنساب، والحقوق، ومتى خان هذا القلم فسد العالم أعظم فساد ، وباستقامته يستقيم أمر العالم ، ومبناه على العلم وعدم الكتمان القلـــــم التاســـــع القلم التاسع قلم التعبير ، وهو كاتب وحى المنام ، وتفسيره ، وتعبيره ، وما أريد منه ، وهو قلم شريف جليل مترجم للوحى المنامى ، كاشف له ، وهومن الاقلام التى تصلح للدينا والدين ، وهو يعتمد طهارة صاحبه ونزاهته ، وأمانته ، وتحرية للصدق ، والطرائق الحميدة ، والمناهج السديدة ، مع علم راسخ ، وصفاء باطن ، وحس مؤيد بالنور الآلهى ، ومعرفة بأحوال الخلق وهيآتهم وسيرهم وهو من ألطف الاقلام ، وأعمها جولانا ، وأوسعها تصرفا ، وأشهدها تشبناً بسائر الموجودات : علويها وسفليها ، وبالماضى والحال والمستقبل ، فتصرف هذا القلم فى المنام هو محل ولايته وكرسى مملكته وسلطانه القلـــــــم العاشــــــر القلم العاشر قلم اتواريخ العالم ووقائعه ، وهو القلم الذى تضبط به الحوادث وتنقل من أمة إلى أمة ، ومن قرن الى قرن ، فيحصر ما مضى من العالم وحواديه في الخيال ، وينقشه في النفس ، حتى كأن السامع يرى ذلك ويشهده ، فهو قلم المعاد الروحانى ، وهذا القلم قلم العجائب فانه يعيد لك العالم في صورة الخيال فتراه بقلبك ، وتشاهده ببصيرتك القلــــم الحادي عشـــر القلم الحادى عشر قلم اللغة ، وتفاصيلها من شرح معانى ألفاظها ونحوها وتصريفها وأسرار تراكيبها ، وما يتبع ذلك من أحوالها و وجوها ، وأنواع دلالتها على المعانى ، وكيفة الدلالة ، وهو قلم التعبير عن المعانى باختيار أحسن الالفاظ وأعذبها وأسهلها و أوضحها ، وهذا القلم واسع التصرف جدا بحسب سعة الألفاظ وكثرة مجاريها وتنوعها . القلـــــم الثانــي عشــر القلم الثاني عشر القلم الجامع ، وهو قلم الرد على المبطلين ، ورفع سنة المحقين ، وكشف أباطيل المبطلين على اختلاف أنواعها واجناسها ، وبيان تناقضهم ، وتهافتهم ، وخروجهم عن الحق ، ودخولهم في الباطل ، وهذا االقلم في الاقلام نظير الملوك في الأنام، وأصحابه أهل الحجة الناصرون لما جاءت به الرسل ، المحاربون لأعدائهم . وهم الداعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، المجادلون لمن خرج عن سبيله بأنواع الجدال . و أصحاب هذا القلم حرب لكل مبطل ، وعدو لكل مخالف للرسل ، فهم فى شأن وغيرهم من أصحاب الأقلام في شأن ، فهذه الأقلام التي فيها انتظام مصالح العالم ، ويكفي في جلالة القلم أنه لم تكتب كتب الله إلا به ، وأن الله سبحانه أقسم به في كتابه ، وتعرف الى غيره بأن علم بالقلم ، وانما وصل إلينا ما بعث به نبينا صلى الله عليه وسلم بواسطة القلم ...
|
27 Feb 2013, 09:22 PM
|
#3 |
|
من السودان الغالية - جزاه الله تعالى خيرا
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
رد: التبيان في أقسام القرآن - القلـــم
أدام الله فرحك كل السنين وكفاك شر الملاعيين .. ![]() |
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]()