اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


﴿ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ الٓمٓ ﴿١﴾ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴿٣﴾ وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴿٤﴾ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴿٥﴾ البقرة .

روى الإمام مسلم عن أبي أمامة الباهلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقرَؤوا القُرآنَ؛ فإنَّه يَأتي شَفيعًا يومَ القيامةِ لصاحبِه، اقرَؤوا الزَّهراوَينِ: البَقرةَ وآلَ عِمرانَ؛ فإنَّهما يَأتِيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غَيايتانِ، أو كأنَّهما غَمامتانِ، أو كأنَّهما فِرقانِ مِن طَيرٍ صَوافَّ يُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤوا سورةَ البَقرةِ؛ فإنَّ أخذَها بَركةٌ، وتَركَها حَسرةٌ، ولا تَستطيعُها البَطَلةُ ) .


           :: الكعبة (آخر رد :عائد لله)       :: الحجامة فضلها وفوائدها . (آخر رد :المكي)       :: افضل ايام الحجامة . (آخر رد :المكي)       :: سورة يس (آخر رد :طالبة علم شرعي)       :: "وأشرقت الأرض بنور ربها" تلاوة رائعة بصوت الطفلة بشرى . (آخر رد :ابن الورد)       :: حلم الدموع (آخر رد :hoor)       :: كحل الإثمد ، تعريفه ، ومصدره ، وفوائده ، وضوابط استعماله للنساء والرجال (آخر رد :المكي)       :: الحشد المليوني على الحدود وساعة الصفر تقترب من جزيرة العرب (آخر رد :ابن الورد)       :: طالبان والرايات السود / ظهور المهدي في جيش المشرق / خراسان (آخر رد :ابن الورد)       :: السرطان ليس مرض . (آخر رد :المكي)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1  
قديم 28 Jul 2013, 04:37 AM
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا
الابن البار غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل : Jul 2008
 فترة الأقامة : 6331 يوم
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : الابن البار is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
شيطان يقول للإنسان



قَوْلُهُ تَعَالَى : كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ

قَوْلُهُ تَعَالَى : كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ هَذَا ضَرْبُ مَثَلٍ لِلْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ فِي تَخَاذُلِهِمْ وَعَدَمِ الْوَفَاءِ فِي نُصْرَتِهِمْ . وَحُذِفَ حَرْفُ الْعَطْفِ ، وَلَمْ يَقُلْ : وَكَمَثَلِ الشَّيْطَانِ ; لِأَنَّ حَذْفَ حَرْفِ الْعَطْفِ كَثِيرٌ كَمَا تَقُولُ : أَنْتَ عَاقِلٌ أَنْتَ كَرِيمٌ أَنْتَ عَالِمٌ . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ الْإِنْسَانَ الَّذِي قَالَ لَهُ الشَّيْطَانُ اكْفُرْ ، رَاهِبٌ تُرِكَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ أَصَابَهَا لَمَمٌ لِيَدْعُوَ لَهَا ، فَزَيَّنَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ ، ثُمَّ قَتَلَهَا خَوْفًا أَنْ يَفْتَضِحَ ، فَدَلَّ الشَّيْطَانُ قَوْمَهَا عَلَى مَوْضِعِهَا ، فَجَاءُوا فَاسْتَنْزَلُوا الرَّاهِبَ لِيَقْتُلُوهُ ، فَجَاءَ الشَّيْطَانُ فَوَعَدَهُ أَنَّهُ إِنْ سَجَدَ لَهُ أَنْجَاهُ مِنْهُمْ ، فَسَجَدَ لَهُ فَتَبَرَّأَ مِنْهُ فَأَسْلَمَهُ . ذَكَرَهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَذَكَرَ خَبَرَهُ مُطَوَّلًا ابْنُ عَبَّاسٍ وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ . وَلَفْظُهُمَا مُخْتَلِفٌ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ : كَانَ رَاهِبٌ فِي الْفَتْرَةِ يُقَالُ لَهُ : بِرْصِيصَا ; قَدْ تَعَبَّدَ فِي صَوْمَعَتِهِ سَبْعِينَ سَنَةً ، لَمْ يَعْصِ اللَّهَ فِيهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ ، حَتَّى أَعْيَا إِبْلِيسَ ، فَجَمَعَ إِبْلِيسُ مَرَدَةَ الشَّيَاطِينِ فَقَالَ : أَلَا أَجِدُ مِنْكُمْ مَنْ يَكْفِينِي أَمْرَ بِرْصِيصَا ؟ فَقَالَ الْأَبْيَضُ ، وَهُوَ صَاحِبُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَهُوَ الَّذِي قَصَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ جِبْرِيلَ لِيُوَسْوِسَ إِلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْوَحْيِ ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ فَدَخَلَ بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ دَفَعَهُ بِيَدِهِ حَتَّى وَقَعَ بِأَقْصَى الْهِنْدِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ فَقَالَ : أَنَا [ ص: 35 ] أَكْفِيكَهُ ; فَانْطَلَقَ فَتَزَيَّا بِزِيِّ الرُّهْبَانِ ، وَحَلَقَ وَسَطَ رَأْسِهِ حَتَّى أَتَى صَوْمَعَةَ بِرْصِيصَا فَنَادَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ ; وَكَانَ لَا يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا ، وَلَا يُفْطِرُ إِلَّا فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ; وَكَانَ يُوَاصِلُ الْعَشَرَةَ الْأَيَّامِ وَالْعِشْرِينَ وَالْأَكْثَرَ ; فَلَمَّا رَأَى الْأَبْيَضُ أَنَّهُ لَا يُجِيبُهُ أَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ فِي أَصْلِ صَوْمَعَتِهِ ; فَلَمَّا انْفَتَلَ بِرْصِيصَا مِنْ صَلَاتِهِ ، رَأَى الْأَبْيَضَ قَائِمًا يُصَلِّي فِي هَيْئَةٍ حَسَنَةٍ مِنْ هَيْئَةِ الرُّهْبَانِ ; فَنَدِمَ حِينَ لَمْ يُجِبْهُ ، فَقَالَ : مَا حَاجَتُكَ ؟ فَقَالَ : أَنْ أَكُونَ مَعَكَ ، فَأَتَأَدَّبَ بِأَدَبِكَ ، وَأَقْتَبِسَ مِنْ عَمَلِكَ ، وَنَجْتَمِعَ عَلَى الْعِبَادَةِ ; فَقَالَ : إِنِّي فِي شُغْلٍ عَنْكَ ; ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ ; وَأَقْبَلَ الْأَبْيَضُ أَيْضًا عَلَى الصَّلَاةِ ; فَلَمَّا رَأَى بِرْصِيصَا شِدَّةَ اجْتِهَادِهِ وَعِبَادَتِهِ قَالَ لَهُ : مَا حَاجَتُكَ ؟ فَقَالَ : أَنْ تَأْذَنَ لِي فَأَرْتَفِعَ إِلَيْكَ . فَأَذِنَ لَهُ فَأَقَامَ الْأَبْيَضُ مَعَهُ حَوْلًا لَا يُفْطِرُ إِلَّا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَوْمًا وَاحِدًا ، وَلَا يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، وَرُبَّمَا مَدَّ إِلَى الثَّمَانِينَ ; فَلَمَّا رَأَى بِرْصِيصَا اجْتِهَادَهُ تَقَاصَرَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ . ثُمَّ قَالَ الْأَبْيَضُ : عِنْدِي دَعَوَاتٌ يَشْفِي اللَّهُ بِهَا السَّقِيمَ وَالْمُبْتَلَى وَالْمَجْنُونَ ; فَعَلَّمَهُ إِيَّاهَا . ثُمَّ جَاءَ إِلَى إِبْلِيسَ فَقَالَ : قَدْ وَاللَّهِ أَهْلَكْتُ الرَّجُلَ . ثُمَّ تَعَرَّضَ لِرَجُلٍ فَخَنَقَهُ ، ثُمَّ قَالَ لِأَهْلِهِ - وَقَدْ تَصَوَّرَ فِي صُورَةِ الْآدَمِيِّينَ - : إِنَّ بِصَاحِبِكُمْ جُنُونًا أَفَأَطِبُّهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . فَقَالَ : لَا أَقْوَى عَلَى جِنِّيَّتِهِ ، وَلَكِنِ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بِرْصِيصَا ، فَإِنَّ عِنْدَهُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ; فَجَاءُوهُ فَدَعَا بِتِلْكَ الدَّعَوَاتِ ، فَذَهَبَ عَنْهُ الشَّيْطَانُ . ثُمَّ جَعَلَ الْأَبْيَضَ يَفْعَلُ بِالنَّاسِ ذَلِكَ وَيُرْشِدُهُمْ إِلَى بِرْصِيصَا فَيُعَافُونَ . فَانْطَلَقَ إِلَى جَارِيَةٍ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ إِخْوَةٍ ، وَكَانَ أَبُوهُمْ مَلِكًا فَمَاتَ وَاسْتَخْلَفَ أَخَاهُ ، وَكَانَ عَمُّهَا مَلِكًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَعَذَّبَهَا وَخَنَقَهَا . ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهِمْ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مُتَطَبِّبٍ لِيُعَالِجَهَا فَقَالَ : إِنَّ شَيْطَانَهَا مَارِدٌ لَا يُطَاقُ ، وَلَكِنِ اذْهَبُوا بِهَا إِلَى بِرْصِيصَا فَدَعُوهَا عِنْدَهُ ، فَإِذَا جَاءَ شَيْطَانُهَا دَعَا لَهَا فَبَرِئَتْ ; فَقَالُوا : لَا يُجِيبُنَا إِلَى هَذَا ; قَالَ : فَابْنُوا صَوْمَعَةً فِي جَانِبِ صَوْمَعَتِهِ ثُمَّ ضَعُوهَا فِيهَا ، وَقُولُوا : هِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَكَ فَاحْتَسِبْ فِيهَا . فَسَأَلُوهُ ذَلِكَ فَأَبَى ، فَبَنَوْا صَوْمَعَةً وَوَضَعُوا فِيهَا الْجَارِيَةَ ; فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ عَايَنَ الْجَارِيَةَ وَمَا بِهَا مِنَ الْجَمَالِ فَأُسْقِطَ فِي يَدِهِ ، فَجَاءَهَا الشَّيْطَانُ فَخَنَقَهَا فَانْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ وَدَعَا لَهَا فَذَهَبَ عَنْهَا الشَّيْطَانُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ فَجَاءَهَا الشَّيْطَانُ فَخَنَقَهَا . وَكَانَ يَكْشِفُ عَنْهَا وَيَتَعَرَّضُ بِهَا لِبِرْصِيصَا ، ثُمَّ جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ : وَيْحَكَ ! وَاقِعْهَا ، فَمَا تَجِدُ مِثْلَهَا ثُمَّ تَتُوبُ بَعْدَ ذَلِكَ . فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى وَاقَعَهَا فَحَمَلَتْ وَظَهَرَ حَمْلُهَا . فَقَالَ لَهُ الشَّيْطَانُ : وَيْحَكَ ! قَدِ افْتَضَحْتَ . فَهَلْ لَكَ أَنْ تَقْتُلَهَا ثُمَّ تَتُوبَ فَلَا تَفْتَضِحَ ، فَإِنْ جَاءُوكَ وَسَأَلُوكَ فَقُلْ جَاءَهَا شَيْطَانُهَا فَذَهَبَ بِهَا . فَقَتَلَهَا بِرْصِيصَا وَدَفَنَهَا لَيْلًا ; فَأَخَذَ الشَّيْطَانُ طَرَفَ ثَوْبِهَا حَتَّى بَقِيَ خَارِجًا مِنَ التُّرَابِ ; وَرَجَعَ بِرْصِيصَا إِلَى صَلَاتِهِ . ثُمَّ جَاءَ الشَّيْطَانُ إِلَى إِخْوَتِهَا فِي الْمَنَامِ فَقَالَ : إِنَّ بِرْصِيصَا فَعَلَ بِأُخْتِكُمْ كَذَا وَكَذَا ، وَقَتَلَهَا وَدَفَنَهَا فِي جَبَلِ كَذَا وَكَذَا ; فَاسْتَعْظَمُوا [ ص: 36 ] ذَلِكَ وَقَالُوا لِبِرْصِيصَا : مَا فَعَلَتْ أُخْتُنَا ؟ فَقَالَ : ذَهَبَ بِهَا شَيْطَانُهَا ; فَصَدَّقُوهُ وَانْصَرَفُوا . ثُمَّ جَاءَهُمُ الشَّيْطَانُ فِي الْمَنَامِ وَقَالَ : إِنَّهَا مَدْفُونَةٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا ، وَإِنَّ طَرَفَ رِدَائِهَا خَارِجٌ مِنَ التُّرَابِ ; فَانْطَلَقُوا فَوَجَدُوهَا ، فَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَخَنَقُوهُ ، وَحَمَلُوهُ إِلَى الْمَلِكِ فَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ . فَلَمَّا صُلِبَ قَالَ الشَّيْطَانُ : أَتَعْرِفُنِي ؟ قَالَ : لَا وَاللَّهِ ، قَالَ : أَنَا صَاحِبُكَ الَّذِي عَلَّمْتُكَ الدَّعَوَاتِ ، أَمَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ أَمَا اسْتَحَيْتَ وَأَنْتَ أَعْبَدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ثُمَّ لَمْ يَكْفِكَ صَنِيعُكَ حَتَّى فَضَحْتَ نَفْسَكَ ، وَأَقْرَرْتَ عَلَيْهَا وَفَضَحْتَ أَشْبَاهَكَ مِنَ النَّاسِ ، فَإِنْ مِتَّ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يُفْلِحْ أَحَدٌ مِنْ نُظَرَائِكَ بَعْدَكَ . فَقَالَ : كَيْفَ أَصْنَعُ ؟ قَالَ : تُطِيعُنِي فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَأُنْجِيكَ مِنْهُمْ وَآخُذُ بِأَعْيُنِهِمْ . قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : تَسْجُدُ لِي سَجْدَةً وَاحِدَةً ; فَقَالَ : أَنَا أَفْعَلُ ; فَسَجَدَ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ . فَقَالَ : يَا بِرْصِيصَا ، هَذَا أَرَدْتُ مِنْكَ ; كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِكَ أَنْ كَفَرْتَ بِرَبِّكَ ، إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ ، إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ . وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : إِنَّ عَابِدًا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَكَانَ مِنْ أَعْبَدِ أَهْلِ زَمَانِهِ ، وَكَانَ فِي زَمَانِهِ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ لَهُمْ أُخْتٌ ، وَكَانَتْ بِكْرًا ، لَيْسَتْ لَهُمْ أُخْتٌ غَيْرُهَا ، فَخَرَجَ الْبَعْثُ عَلَى ثَلَاثَتِهِمْ ، فَلَمْ يَدْرُوا عِنْدَ مَنْ يَخْلُفُونَ أُخْتَهُمْ ، وَلَا عِنْدَ مَنْ يَأْمَنُونَ عَلَيْهَا ، وَلَا عِنْدَ مَنْ يَضَعُونَهَا . قَالَ : فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يَخْلُفُوهَا عِنْدَ عَابِدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَكَانَ ثِقَةً فِي أَنْفُسِهِمْ ، فَأَتَوْهُ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَخْلُفُوهَا عِنْدَهُ ، فَتَكُونَ فِي كَنَفِهِ وَجِوَارِهِ إِلَى أَنْ يَقْفِلُوا مِنْ غُزَاتِهِمْ ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْهُمْ وَمِنْ أُخْتِهِمْ . قَالَ : فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَطْاعَهُمْ ، فَقَالَ : أَنْزِلُوهَا فِي بَيْتٍ حِذَاءَ صَوْمَعَتِي ، فَأَنْزَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ ثُمَّ انْطَلَقُوا وَتَرَكُوهَا ، فَمَكَثَتْ فِي جِوَارِ ذَلِكَ الْعَابِدِ زَمَانًا ، يُنْزِلُ إِلَيْهَا الطَّعَامَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ ، فَيَضَعُهُ عِنْدَ بَابِ الصَّوْمَعَةِ ، ثُمَّ يُغْلِقُ بَابَهُ وَيَصْعَدُ فِي صَوْمَعَتِهِ ، ثُمَّ يَأْمُرُهَا فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا فَتَأْخُذُ مَا وُضِعَ لَهَا مِنَ الطَّعَامِ . قَالَ : فَتَلَطَّفَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَلَمْ يَزَلْ يُرَغِّبُهُ فِي الْخَيْرِ ، وَيُعَظِّمُ عَلَيْهِ خُرُوجَ الْجَارِيَةِ مِنْ بَيْتِهَا نَهَارًا ، وَيُخَوِّفُهُ أَنْ يَرَاهَا أَحَدٌ فَيَعْلَقَهَا . قَالَ : فَلَبِثَ بِذَلِكَ زَمَانًا ، ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ فَرَغَّبَهُ فِي الْخَيْرِ وَالْأَجْرِ ، وَقَالَ لَهُ : لَوْ كُنْتَ تَمْشِي إِلَيْهَا بِطَعَامِهَا حَتَّى تَضَعَهُ فِي بَيْتِهَا كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكَ ; قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى مَشَى إِلَيْهَا بِطَعَامِهَا فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهَا ، قَالَ : فَلَبِثَ بِذَلِكَ زَمَانًا ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ فَرَغَّبَهُ فِي الْخَيْرِ وَحَضَّهُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : لَوْ كُنْتَ تُكَلِّمُهَا وَتُحَدِّثُهَا فَتَأْنَسُ بِحَدِيثِكَ ، فَإِنَّهَا قَدِ اسْتَوْحَشَتْ وَحْشَةً شَدِيدَةً . قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى حَدَّثَهَا زَمَانًا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا مِنْ فَوْقِ صَوْمَعَتِهِ . قَالَ : ثُمَّ أَتَاهُ إِبْلِيسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ : لَوْ كُنْتَ تَنْزِلُ إِلَيْهَا فَتَقْعُدَ عَلَى بَابِ صَوْمَعَتِكَ وَتُحَدِّثَهَا [ ص: 37 ] وَتَقْعُدَ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا فَتُحَدِّثَكَ كَانَ آنَسَ لَهَا . فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَنْزَلَهُ وَأَجْلَسَهُ عَلَى بَابِ صَوْمَعَتِهِ يُحَدِّثَهَا ، وَتَخْرُجُ الْجَارِيَةُ مِنْ بَيْتِهَا ، فَلَبِثَا زَمَانًا يَتَحَدَّثَانِ ، ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ فَرَغَّبَهُ فِي الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ فِيمَا يَصْنَعُ بِهَا ، وَقَالَ : لَوْ خَرَجْتَ مِنْ بَابِ صَوْمَعَتِكَ فَجَلَسْتَ قَرِيبًا مِنْ بَابِ بَيْتِهَا كَانَ آنَسَ لَهَا . فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى فَعَلَ . قَالَ : فَلَبِثَا زَمَانًا ، ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ فَرَغَّبَهُ فِي الْخَيْرِ وَفِيمَا لَهُ مِنْ حُسْنِ الثَّوَابِ فِيمَا يَصْنَعُ بِهَا ، وَقَالَ لَهُ : لَوْ دَنَوْتَ مِنْ بَابِ بَيْتِهَا فَحَدَّثْتَهَا وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهَا ، فَفَعَلَ . فَكَانَ يَنْزِلُ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَيَقْعُدُ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا فَيُحَدِّثُهَا . فَلَبِثَا بِذَلِكَ حِينًا ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ فَقَالَ : لَوْ دَخَلْتَ الْبَيْتَ مَعَهَا تُحَدِّثَهَا وَلَمْ تَتْرُكْهَا تُبْرِزْ وَجْهَهَا لِأَحَدٍ كَانَ أَحْسَنَ بِكَ . فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُهَا نَهَارَهُ كُلَّهُ ، فَإِذَا أَمْسَى صَعِدَ فِي صَوْمَعَتِهِ . قَالَ : ثُمَّ أَتَاهُ إِبْلِيسُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَلَمْ يَزَلْ يُزَيِّنُهَا لَهُ حَتَّى ضَرَبَ الْعَابِدَ عَلَى فَخِذِهَا وَقَبَّلَهَا . فَلَمْ يَزَلْ بِهِ إِبْلِيسُ يُحَسِّنُهَا فِي عَيْنِهِ وَيُسَوِّلُ لَهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا فَأَحْبَلَهَا ، فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا ، فَجَاءَهُ إِبْلِيسُ فَقَالَ لَهُ : أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ إِخْوَةُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْكَ ! كَيْفَ تَصْنَعُ ! لَا آمَنُ عَلَيْكَ أَنْ تَفْتَضِحَ أَوْ يَفْضَحُوكَ ! فَاعْمِدْ إِلَى ابْنِهَا فَاذْبَحْهُ وَادْفِنْهُ ، فَإِنَّهَا سَتَكْتُمُ عَلَيْكَ مَخَافَةَ إِخْوَتِهَا أَنْ يَطَّلِعُوا عَلَى مَا صَنَعْتَ بِهَا ، فَفَعَلَ . فَقَالَ لَهُ : أَتَرَاهَا تَكْتُمُ إِخْوَتَهَا مَا صَنَعْتَ بِهَا وَقَتَلْتَ ابْنَهَا ! خُذْهَا فَاذْبَحْهَا وَادْفِنْهَا مَعَ ابْنِهَا . فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى ذَبَحَهَا وَأَلْقَاهَا فِي الْحَفِيرَةِ مَعَ ابْنِهَا ، وَأَطْبَقَ عَلَيْهَا صَخْرَةً عَظِيمَةً ، وَسَوَّى عَلَيْهَا التُّرَابَ ، وَصَعِدَ فِي صَوْمَعَتِهِ يَتَعَبَّدُ فِيهَا ; فَمَكَثَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ; حَتَّى قَفَلَ إِخْوَتُهَا مِنَ الْغَزْوِ ، فَجَاءُوهُ فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَنَعَاهَا لَهُمْ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهَا ، وَبَكَى لَهُمْ وَقَالَ : كَانَتْ خَيْرَ أَمَةٍ ، وَهَذَا قَبْرُهَا فَانْظُرُوا إِلَيْهِ . فَأَتَى إِخْوَتُهَا الْقَبْرَ فَبَكَوْا عَلَى قَبْرِهَا وَتَرَحَّمُوا عَلَيْهَا ، وَأَقَامُوا عَلَى قَبْرِهَا أَيَّامًا ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى أَهَالِيهِمْ . فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ وَأَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ ، أَتَاهُمُ الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مُسَافِرٍ ، فَبَدَأَ بِأَكْبَرِهِمْ فَسَأَلَهُ عَنْ أُخْتِهِمْ ; فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ الْعَابِدِ وَمَوْتِهَا وَتَرَحُّمِهِ عَلَيْهَا ، وَكَيْفَ أَرَاهُمْ مَوْضِعَ قَبْرِهَا ; فَكَذَّبَهُ الشَّيْطَانُ وَقَالَ : لَمْ يَصْدُقْكُمْ أَمْرَ أُخْتِكُمْ ، إِنَّهُ قَدْ أَحْبَلَ أُخْتَكُمْ وَوَلَدَتْ مِنْهُ غُلَامًا فَذَبَحَهُ وَذَبَحَهَا مَعَهُ فَزَعًا مِنْكُمْ ، وَأَلْقَاهَا فِي حَفِيرَةٍ احْتَفَرَهَا خَلْفَ الْبَابِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ عَنْ يَمِينِ مَنْ دَخَلَهُ . فَانْطَلِقُوا فَادْخُلُوا الْبَيْتَ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ عَنْ يَمِينِ مَنْ دَخَلَهُ ، فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَهُمَا هُنَالِكَ جَمِيعًا كَمَا أَخْبَرْتُكُمْ . قَالَ : وَأَتَى الْأَوْسَطَ فِي مَنَامِهِ وَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ . ثُمَّ أَتَى أَصْغَرَهُمْ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ . فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الْقَوْمُ اسْتَيْقَظُوا مُتَعَجِّبِينَ لِمَا رَأَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ . فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ : لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَبًا ، فَأَخْبَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِمَا رَأَى . قَالَ أَكْبَرُهُمْ : هَذَا حُلْمٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، فَامْضُوا بِنَا وَدَعُوا هَذَا . قَالَ أَصْغَرُهُمْ : لَا أَمْضِي حَتَّى آتِيَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَأَنْظُرَ فِيهِ . قَالَ : فَانْطَلَقُوا جَمِيعًا حَتَّى دَخَلُوا الْبَيْتَ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ أُخْتُهُمْ ، فَفَتَحُوا الْبَابَ وَبَحَثُوا الْمَوْضِعَ الَّذِي وَصَفَ لَهُمْ فِي مَنَامِهِمْ ، فَوَجَدُوا [ ص: 38 ] أُخْتَهُمْ وَابْنَهَا مَذْبُوحَيْنِ فِي الْحَفِيرَةِ كَمَا قِيلَ لَهُمْ ، فَسَأَلُوا الْعَابِدَ فَصَدَّقَ قَوْلَ إِبْلِيسَ فِيمَا صَنَعَ بِهِمَا . فَاسْتَعْدَوْا عَلَيْهِ مَلِكَهُمْ ، فَأُنْزِلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَقَدَّمُوهُ لِيُصْلَبَ ، فَلَمَّا أَوْقَفُوهُ عَلَى الْخَشَبَةِ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَهُ : قَدْ عَلِمْتَ أَنِّي صَاحِبُكَ الَّذِي فَتَنْتُكَ فِي الْمَرْأَةِ حَتَّى أَحَبَلْتَهَا وَذَبَحْتَهَا وَذَبَحْتَ ابْنَهَا ، فَإِنْ أَنْتَ أَطَعْتِنِي الْيَوْمَ وَكَفَرْتَ بِاللَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ خَلَّصْتُكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ . قَالَ : فَكَفَرَ الْعَابِدُ بِاللَّهِ ; فَلَمَّا كَفَرَ خَلَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ فَصَلَبُوهُ . قَالَ : فَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِلَى قَوْلِهِ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَضَرَبَ اللَّهُ هَذَا مَثَلًا لِلْمُنَافِقِينَ مِنَ الْيَهُودِ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُجْلِيَ بَنِي النَّضِيرِ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَدَسَّ إِلَيْهِمُ الْمُنَافِقُونَ أَلَّا تَخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ ، فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ كُنَّا مَعَكُمْ ، وَإِنْ أَخْرَجُوكُمْ كُنَّا مَعَكُمْ ، فَحَارَبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَذَلَهُمُ الْمُنَافِقُونَ ، وَتَبَرَّءُوا مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأَ الشَّيْطَانُ مِنْ بِرْصِيصَا الْعَابِدِ . فَكَانَ الرُّهْبَانُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَمْشُونَ إِلَّا بِالتَّقِيَّةِ وَالْكِتْمَانِ . وَطَمِعَ أَهْلُ الْفُسُوقِ وَالْفُجُورِ فِي الْأَحْبَارِ فَرَمَوْهُمْ بِالْبُهْتَانِ وَالْقَبِيحِ ، حَتَّى كَانَ أَمْرُ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ ، وَبَرَّأَهُ اللَّهُ فَانْبَسَطَتْ بَعْدَهُ الرُّهْبَانُ وَظَهَرُوا لِلنَّاسِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى مَثَلُ الْمُنَافِقِينَ فِي غَدْرِهِمْ لِبَنِي النَّضِيرِ كَمَثَلِ إِبْلِيسَ إِذْ قَالَ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ : لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ ، وَإِنِّي جَارٌّ لَكُمْ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ هَاهُنَا جَمِيعُ النَّاسِ فِي غُرُورِ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُمْ . وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ أَيْ أَغْوَاهُ حَتَّى قَالَ : إِنِّي كَافِرٌ .

إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَلَيْسَ قَوْلُ الشَّيْطَانِ حَقِيقَةً ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّؤِ مِنَ الْإِنْسَانِ ، فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ وَفَتَحَ الْيَاءَ مِنْ " إِنِّي " نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو . وَأَسْكَنَ الْبَاقُونَ .

فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَيْ عَاقِبَةُ الشَّيْطَانِ وَذَلِكَ الْإِنْسَانِ

أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا نُصِبَ عَلَى الْحَالِ . وَالتَّثْنِيَةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَنْ جَعَلَ الْآيَةَ مَخْصُوصَةً فِي الرَّاهِبِ وَالشَّيْطَانِ . وَمَنْ جَعَلَهَا فِي الْجِنْسِ فَالْمَعْنَى : وَكَانَ عَاقِبَةُ الْفَرِيقَيْنِ أَوِ الصِّنْفَيْنِ . وَنَصَبَ عَاقِبَتَهُمَا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ . وَالِاسْمُ أَنَّهُمَا فِي النَّارِ ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ " فَكَانَ عَاقِبَتُهُمَا " بِالرَّفْعِ عَلَى الضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ . وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ " خَالِدَانِ فِيهَا " بِالرَّفْعِ وَذَلِكَ خِلَافُ الْمَرْسُومِ . وَرَفَعَهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ " أَنَّ " وَالظَّرْفُ مُلْغًى .




رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 01:37 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي