|
#1
|
||||||||
|
||||||||
|
اشباه الفقهاء بين فتح الذرائع .. وسد الذرائع..!!
في العرف الفقهي غلب السد على الفتح في قاعدة الذرائع، ولربما لا تجد للفتح ذكراً عند البعض، مما سبب أزمة في الفتوى والقضاء، وفي الدعوة والتربية؛ بل في الحياة والمعاش، فأصبح سد الذريعة سوطاً يضرب به الداعي والمربي، وملجأ لأشباه الفقهاء؛ ليعملوا به وصايتهم على الناس في حراسة مشددة للحدود، وإهمال مشعور أو لا مشعور به للداخل الاجتماعي، مما أنهك قوى الناس واستنـزف صبرهم، ودفعهم للمقاومة من أجل العيش والحياة. على حين لا يزال الفقيه يتمتع بالمعاندة والسلطوية ولا أدري إلى متى؟ ومتى سيشعر –عفا الله عنه- بمتغيرات الحياة ومستجداتها؟ ومتى سيلاقي بين المسطور والواقع؟ ومتى...؟ ومتى ...؟ أرجو له إفاقة عاجلة، وإلا "يستبدل قوماً غيركم" لأن الله تعالى"متم نوره". وحينما نقول (أشباه الفقهاء) ليخرج بذلك الفقهاء بحق، ورمزية فقيهنا ابن تيمية في هذا ليست بخافية، فهو يقرر أن "الكلام في سد الذرائع واسع لا يكاد ينضبط...، فإذا كان الشيء الذي قد يكون ذريعة إلى الفعل المحرم إما بأن يقصد به المحرم أو بألاّ يقصد به، يحرمه الشارع بحسب الإمكان، ما لم يعارض ذلك مصلحة توجب حله أو وجوبه.. " [الفتاوى الكبرى المصرية 3/264]، وهو يعرف الذريعة بقوله:"الذريعة ما كان وسيلة وطريقاً إلى الشيء، ولكن صارت في عرف الفقهاء عبارة لما أفضت إلى فعل محرم" [الفتاوى المصرية 3/256]، وكلام الشيخ يصعب حصره، وهذا الإمام القرافي يعلنها صريحة؛ فيقول:"اعلم أن الذريعة كما يجب سدها يجب فتحها ويكره ويندب ويباح..." [شرح تنقيح الفصول صـ(449)]. ولابن القيم كلام جميل في (إعلام الموقعين 2/135) كما يقرر الفقهاء فتح الذرائع بموجب قاعدة أخرى شهيرة يحققها ابن تيمية كالآتي: أولاً: أ- "ما لا يتم الواجـب إلا به فهو واجب" [الجواب الصحيح 2/53]. ب- "يجب التوصل إلى الواجب بما ليس بواجب" [الفتاوى10/532-533). ثانياًً: "ما لا يتم المستحب إلا به فهو مستحب" [الفتاوى 22/190-191]. ثالثاً: "ما لا يتم المباح إلا به فهو مباح" [الفتاوى 29/70]. وإعمال قاعدة (الذرائع فتحاً) بموجب قاعدة "ما لا يتم المأمور إلا به" ظاهر جداً، الأمر الذي يجعل قاعدة (الذرائع) قاعدة مقاصدية مهمة، يقول ابن عاشور:"إن الشريعة قد عمدت إلى ذرائع المصالح ففتحتها..." [مقاصد الشريعة صـ (369)]. وللأئمة الأعلام كلام نفيس في تقرير هذه المسألة المهمة، ولم أشأ الاستطراد في نقله، فليس هذا من شأن المقولات، وإنما أردت القول بأن على أهل العلم من المفتين والمعلمين والقضاة إعمال هذه القاعدة الجليلة فتحاً كما تعمل سداً؛ لأننا نرى ونسمع ممارسات في الفتوى والدعوة تلجأ إلى التضييق والتشديد في بعد عن جوهر الشريعة "إن هذا الدين يسر" مما أدى إلى عجز فقهي، ونقص توعوي، وممارسات اجتماعية، إما محرمة أو هي حلال حرمت على الناس؛ فتحايلوا عليها. وفي تحليل بديع يقول ابن تيمية: "لقد تأملت غالب ما أوقع الناس في الحيل فوجدته أحد شيئين: 1) إما ذنوب جوزوا عليها بتضييق في أمورهم، فلم يستطيعوا دفع هذا الضيق إلا بالحيل، فلم تزدهم الحيل إلا بلاء، كما جرى لأصحاب السبت من اليهود، وهذا الذنب ذنب عملي. 2) وإما مبالغة في التشديد لما اعتقدوه من تحريم الشارع، فاضطرهم هذا الاعتقاد إلى الاستحلال بالحيل، وهذا من خطأ الاجتهاد، وإلا فمن اتقى الله وأخذ ما أحل له، وأدى ما وجب عليه؛ فإن الله لا يحوجه إلى الحيل المبتدعة أبداً، فإنه سبحانه لم يجعل علينا في الدين من حرج، وإنما بعث نبينا –صلى الله عليه وسلم- بالحنيفية السمحة. فالسبب الأول: هو الظلم، والسبب الثاني: هو عدم العلم، والظلم والجهل هما وصف للإنسان المذكور في قوله تعالى:(وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً)" [الفتاوى 29/45-46]. إن علينا أن نتجاوز مراحل الجمود، ومن لم يستطع التجاوز؛ فليس مرخصاً للقيادة. فنحن محتاجون -بل مضطرون- إلى إعمال الشريعة في الخلق؛ ليدخلوا في دين الله أفواجاً، ولا يجوز أن يصدوا عن سعة الرحمة بحجة سد الذرائع الموظفة في غير مناسبتها، لا سيما حين يكون الباعث على السوط بها هوى متبع، أو عرف منغلق، أو عقل ناقص، أو نظرة قاصرة، فالشريعة بأدلتها ومقاصدها أعلى وأجل (والله غالب على أمره) ، (فهل من مدكر)؟. للفائدة والعلم |
| مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]()