الحسـد
ويقول سبحانه تعالى : }وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{[البقرة :109] ويقول تعالى:}أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَىَ مَآ آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مّلْكاً عَظِيماً{[النساء:54] ، ويقول تعالى : }وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{ .
يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد اصل الحسد : هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها أ.هـ.
ويذكر العلماء أن مراتب الحسد أربعة وهي :
الاولى : تمني زوال النعمة عن المنعم عليه ولو لم تنتقل للحاسد.
داريت كُل الناسِ لكن حاسدي
مُـداراته عَزت، وعَز مَنَالُها
وكيفَ يداري المرءُ حاسدَ نعمةٍ
إذا كـان لا يُرضيه إلا زوالها
الثانية : تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وحصوله عليها .
الثالثة : تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه حتى لا يحصل التفاوت بينهما ، فإذا لم يستطع حصوله عليها تمنى زوالها عن المنعم عليه.
الرابعة : حسد الغبطة ويسمى حسداً مجازاً وهو تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه من غير أن تزول عنه . روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ وَرَجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمل.
العـين والحسـد
يقول ابن القيم في الزاد : هي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطيه تارة . ويقول في كتابه بدائع الفوائد : العائن والحاسد يشتركان في شيء ويفترقان في شيء ، فيشتركان في أن كل واحد منها تتكيف نفسه ، وتتوجه نحو من يريد أذاه.
فالعائن : تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته .
والحاسد : يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره أيضا .
ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده ، من جماد أو حيوان أو زرع أو مال وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه أ.هـ.
ويقول في كتابه الزاد الجزء الثالث : ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون العائن أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره ، وكثير من العائنين يؤثرون في المعين بالوصف من غير رؤية أ.هـ.
يُتبع