عرض مشاركة واحدة
قديم 30 Sep 2011, 06:43 PM   #3
أبوحذيفة
جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبوحذيفة
أبوحذيفة غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 1709
 تاريخ التسجيل :  Aug 2007
 أخر زيارة : 11 Mar 2016 (11:56 PM)
 المشاركات : 1,214 [ + ]
 التقييم :  10
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: من كتاب الحرز الأمين في تدبر سورتي الاخلاص والمعوذتين



معاني المفردات والجمل:
قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.
قوله: {قُلْ}: أمر للنبي  ولكل من يصلح له الأمر والخطاب من أفراد أمته، قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى ( ): «أي: قل قولاً جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه».
قوله: {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: «هو»: ضمير الشأن مبتدأ، وخبره «الله أحد» والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب مقول القول، وكذا ما بعدها.
ولفظ الجلالة «الله» معناه المألوه المعبود محبة وتعظيمًا.
وقال: (أحد)، ولم يقل: الأحد؛ لأنه ليس في الموجودات ما يسمى أحدًا في الإثبات مفردًا غير مضاف سواه سبحانه وتعالى؛ بخلاف النفي وما في معناه؛ كالشرط والاستفهام؛ فإنه يقال: هل عندك أحد، وما جاءني أحد ( ).
وقوله: (أحد): أي الواحد الأحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، ولهذا قال بعده: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
قال ابن كثير ( ) رحمه الله تعالى: «يعني هو الواحد الأحد، الذي لا نظير له، ولا وزير، ولا نديد ولا شبيه، ولا عديل. ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله عز وجل؛ لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله».
وقال السعدي ( ): «{هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: أي: قد انحصرت فيه الأحدية؛ فهو الأحد المنفرد بالكمال الذي له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له، ولا مثيل».
قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ}: مبتدأ وخبر، والجملة في محل رفع خبر ثان لـ «هو».
وأدخل «ال» على الصمد؛ لأن المستحق لوصف الصمدية على الكمال والتمام هو الله وحده لا شريك له؛ بخلاف المخلوق؛ فهو وإن سمي صمدًا من بعض الوجوه فلا يقال له: «الصمد» بالصمدية المطلقة؛ وإنما يقال له «صمد» بمطلق الصمدية ( ).
و {الصَّمَدُ} المقصود في جميع الحوائج، المستغني عن كل ما سواه، والذي كل ما سواه محتاج ومفتقر إليه ( )، الذي تصمد وتتجه إليه الخلائق، وتقصده في طلب قضاء حوائجهم ومسائلهم الدينية والدنيوية، قال تعالى: {إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}( ).
وقال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}( ).
وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ}( ).
وقال تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ}( ).
والصمد: السيد الذي قد كمل في سؤدده، والذي بلغ من كل وصف مما يوصف به غاية كماله ونهايته، سؤددا وشرفًا وعظمة وحلمًا وعلمًا وحكمة وحكما، الحي القيوم الذي لا زوال له، والذي لم يلد ولم يولد، والصمد الذي لا جوف له، وقيل غير ذلك( ).
قال ابن تيمية ( ) بعدما ذكر الأقوال في معنى «الصمد» - قال: «قلت: الاشتقاق يشهد للقولين جميعًا؛ قول من قال: إن الصمد الذي لا جوف له، وقول من قال: إنه السيد، وهو على الأول أدل؛ فإن الأول أصل الثاني».
وقال ابن كثير ( ) بعد سياق كثير من الأقوال في معنى «الصمد»: «وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في «كتاب السنة» له بعد إيراده كثيرًا من هذه الأقوال في تفسيره «الصمد»: وكل هذه صحيحة، وهي صفات ربنا عز وجل، هو الذي يصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه. وقال البيهقي نحو ذلك».
قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} أي: لم يكن له ولد، كما قال تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ}( )، وقال تعالى: {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا}( ).
وقال تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}( ).
وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا}( ).
وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}( ).
وقال تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}( ).
{وَلَمْ يُولَدْ } أي: لم يتولد من غيره، فيكون محدثًا؛ بل هو القائم بذاته، القيوم أزلاً وأبدا ( ).
لأن (الولد): ما تولد من شيء أو شيئين كآدم، خلق وتولد من التراب، وحواء خلقت وتولدت من آدم، وعيسى تولد من مريم، أنثى بلا ذكر، وسائر الخلق تولدوا من ذكر وأنثى.
وعلى هذا فالولد محدث مخلوق بعد أن لم يكن كما قال عز وجل: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}( )؛ أي: قد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا.
وما كان محدثًا مخلوقًا؛ فهو يفنى؛ كما قال عز وجل: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}( ).
والله عز وجل هو الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية؛ كما قال عز وجل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}( ).
قال الزمخشري ( ): «لم يلد لأنه لا يجانس حتى يكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا».
قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}: أي: لم يكن له مكافئ، ولا مماثل، ولا شبيه، ولا نظير؛ كما قال عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}( ).
قال ابن كثير ( ): «أي: هو مالك كل شيء وخالفه، فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه أو قريب يدانيه، تعالى وتقدس وتنزه».
وقال السعدي ( ): {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}: لا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله تبارك وتعالى؛ فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات».



 
 توقيع : أبوحذيفة



رد مع اقتباس