04 Apr 2010, 03:29 AM
|
#40
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
وقال بعضهم: العشق داء أفئدة الكرام.
وقال غيره: العشق لا يصلح إلاّ لذي مروءة طاهرة وخليقة ظاهرة أو لذي لسان فاضل وإحسان كامل أو لذي أدب بارع وحسب ناصع.
ص -263- وقال آخر: العشق حنان الجبان ويصفي ذهن الغبي ويسخ كف البخيل ويذل عزة الملوك ويسكن نوافر الأخلاق وهو أنيس من لا أنيس له وجليس من لا جليس له.
وقال آخر: العشق يزيل الأثقال ويلطف الروح ويصفي كدر القلب ويوجب الارتياح لأفعال الكرام كما قال الشاعر:
سيهلك في الدنيا شفيق على كم إذا غاله من حادث الحب غائله
كريم يميت السر حتى كأنه إذا استفهموه عن حديثك جاهله
يود بأن يمسي سقيما لعلها إذا سمعت عنه بشكوى تراسله
ويهتز للمعروف في طلب العلا لتحمد يوما عند ليلي شمائله
فالعشق يحمل على مكارم الأخلاق.
وقال بعض الحكماء: العشق يروض النفس ويهذب الأخلاق إظهاره طبعي وإضماره تكلفي.
وقال آخر: من لم تبتهج نفسه بالصوت الشجي والوجه البهي فهو فاسد المزاج يحتاج إلى علاج وأنشد في ذلك:
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى فما لك في طيب الحياة نصيب
وقال آخر:
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى فأنت وعير في الفلاة سواء
وقال الآخر:
إذا أنت لم تعشق ولم تدرى ما الهوى فقم فاعتلف تبنا فأنت حمار
وقال بعض العشاق أولو العفة والصيانة: إذ عفوا تشرفوا وإذا عشقوا تظرفوا.
وقيل لبعض العشاق: ما كنت تصنع بمن تهوى به؟ فقال: كنت
ص -264- أمتع طرفي بوجهه وأروح قلبي بذكره وحديثه واستر منه مالا يحب كشفه ولا أصير بقبح الفعل إلى ما ينقض عهده ثم أنشد:
أخلو به فأعف عنه تكرما خوف الديانة لست من عشاقه
كالماء في يد صائم يلتذه ظمأ فيصبر عن لذيذ مذاقه
وقال أبو إسحق بن إبراهيم: أرواح العشاق عطرة لطيفة وأبدانهم رقيقة خفيفة نزهتهم الموانسة وكلامهم يحيي موات القلوب ويزيد في العقول ولولا العشق والهوى لبطل نعيم الدنيا.
وقال آخر: العشق للأرواح بمنزلة الغذاء للأبدان إن تركته ضرك وإن أكثرت منه قتلك وفي ذلك قيل:
خليلي إن الحب فيه لذاذة وفيه شقاء دائم وكروب
علي ذاك ما عيش يطيب بغيره ولا عيش إلاّ بالحبيب يطيب
ولا خير في الدنيا بغير صبابة ولا في نعيم ليس فيه حبيب
وذكر الخرائطي عن أبي غسان قال: مر أبو بكر الصديق رضي الله عنه بجارية وهي تقول:
وهويته من قبل قطع تمائمي متمايلا مثل القضيب الناعم
فسألها: أحرة أنت أم مملوكة؟ قالت: بل مملوكة فقال:من تهوين؟ فتلكأت فأقسم على ها فقالت:
وأنا التي لعب الهوى بفؤادها قتلت بحب محمد بن القاسم
فاشتراها من مولاها وبعث بها إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب فقال: هؤلاء والله فتن الرجال. وكم والله قد مات بهن كريم وعطب بهن سليم.
ص -265- وجاءت جارية عثمان بن عفان رضي الله عنه تستدعي على رجل من الأنصار قال لها عثمان: ما قصتك؟ قالت: كلفت يا أمير المؤمنين بابن أخيه فما انفك أداعبه فقال له عثمان: إما إن تهبها إلى ابن أخيك أو أعطيك ثمنها من مالي فقال: أشهدك يا أمير المؤمنين إنها له.
ونحن لا ننكر فساد العشق الذي يتعلق به فعل الفاحشة بالمعشوق وإنما الكلام في العشق العفيف من الرجل الظريف الذي يأبى له إيمانه ودينه وعفته ومروءته إن يفسد ما بينه وبين الله وما بينه وبين معشوقة بالحرام وهذا عشق السلف الكرام والأئمة الأعلام فهذا عبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة عشق حتى اشتهر أمره على ه وعد ظالما من لامه ومن شعره:
كتمت الهوى حتى أضر بك الكتم ولامك أقوام ولومهم ظلم
فنم عليك الكاشحون وقبلهم عليك الهوى قد نم ما ينفع الكتم
فأصبحت كالهندي إذ مات حسرة علي أثر هند أو كمن شفه سقم
تجنبت إتيان الحبيب تأثما إلاّ إن هجران الحبيب هو الإثم
فذق هجرها قد كنت تزعم أنه رشاد ألا ياء ربما كذب الزعم
وهذا عمر بن عبد العزيز وعشقه لجارية فاطمة بنت عبد الملك بن مروان وامرأته مشهورة وكانت جارية بارعة الجمال وكان معجبا بها وكان يطلبها من امرأته ويحرص على إن تهبها له فتأبى ولم تزل الجارية في نفس عمر فلما استخلف أمرت فاطمة بالجارية فأصلحت وكانت مثلا في حسنها وجمالها ثم دخلت على عمر وقالت: يا أمير المؤمنين إنك كنت معجبا بجاريتي فلانة وسألتها فأبيت
ص -266- عليك والآن فقد طابت نفسي لك بها فلما قالت له ذلك استبان الفرح في وجهه وقال: عجلي فلما دخلت بها عليه ازداد به عجبا وقال لها: ألقي ثيابك ففعلت ثم قال: لها على رسلك أخبريني لمن كنت؟ ومن أين صرت لفاطمة؟ فقالت: أغرم الحجاج عاملا له بالكوفة مالا وكنت في رفيقة ذلك قالت فأخذني وبعث بي إلى عبد الملك فوهبني لفاطمة قال: وما فعل ذلك العامل؟ قالت هلك قال: وهل ترك ولدا؟ قالت: نعم قال: فما حالهم؟ قالت: سيئة قال: شدي إليك ثيابك واذهبي إلى مكانك ثم كتب إلى عامله على العراق: إن يبعث إلى فلان بن فلان على البريد فلما قدم قال له: ارفع إلى جميع ما أغرمه الحجاج لأبيك فلم يرفع إليه شيئا إلاّ دفعه إليه ثم أمر بالجارية فدفعت إليه ثم قال له: إياك وإياها فلعل أباك قد وقع بها فقال الغلام: هي لك يا أمير المؤمنين قال: لا حاجة لي بها قال: فابتعها مني قال: لست إذا ممن نهى نفسه عن الهوى فلما عزم الفتى على الانصراف قالت: أين وجدك بي يا أمير المؤمنين؟ قال:على حاله ولقد زادني ولم تزل الجارية في نفس عمر حتى مات رحمه الله.
وهذا أبو بكر بن محمد بن داود الظاهري العالم المشهور في فنون العلم من الفقه والحديث والتفسير والأدب وله قول في الفقه وهو من أكابر العلماء وعشقه مشهور.
قال نفطويه: دخلت على ه في مرضه الذي مات فيه فقلت كيف نجدك؟ قال: حب من تعلم أورثني ما ترى فقلت: وما يمنعك من الاستمتاع به مع القدرة عليه؟ فقال: الاستمتاع على وجهين: أحدهما النظر المباح والآخر: اللذة المحظورة فأما النظر المباح فهو الذي أورثني ما ترى وأما اللذة المحظورة يمنعني منها ما حدثني أبي حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى
ص -267- القتات عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه"من عشق وكتم وعف وصبر غفر الله له وأدخله الجنة".
ثم أنشد:
انظر إلى السحر يجري من لواحظه وانظر إلى دعج في طرفه الساجي
وانظر إلى شعرات فوق عارضه كأنهن نمال دب في عاج
ثم أنشد:
ما لهم أنكروا سوادا بحديه ولا ينكرون ورد الغصون
أن يكن عيب خده برد الشعر فعيب العيون شعر الجفون
فقلت له: نفيت القياس في الفقه وأثبته في الشعر؟ فقال غلبة الوجد وملكة الوجه النفس دعت إليه ثم مات من ليلته وبسبب معشوقه صنف كتاب الزهرة.
ومن كلامه فيه:"من ييأس بمن يهواه ولم يمت من وقته سلاه وذلك إن أول روعات الناس تأتي القلب وهو غير مستعد لها فأما الثانية تأتي القلب وقد وطأت لها الروعة الأولي".
والتقى هو وأبو العباس بن سريج في مجلس أبي بن عيسى الوزير فتناظرا في مسألة من الإيلاء قال: له ابن بأن تقول: من دامت لحظاته كثرت حسراته أحذق منك بالكلام على الفقه فقال: الآن كان ذلك فإني أقول:
أنزه في روض المحاسن مقلتي وأمنع نفسي إن تنال محرما
وأحمل من ثقل الهوى ما لو أنه يصب على الصخر الأصم تهدما
|
|
|
|