عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 04 Apr 2010, 01:48 AM
محمد الغماري
وسام الشرف
محمد الغماري غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5787 يوم
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,109 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : محمد الغماري is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]


وأنت إذا تأملت الأمراضَ والآفاتِ التى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابها بالشهادة، وجدتها من الأمراض التى لا علاج لها، كالمطعون، والمَبْطُون، والمجنون، والحريقِ، والغرِيقِ، وموتِ المرأة يقتُلها ولدُها فى بطنها، فإنَّ هذه بلايَا من الله لا صُنع للعبد فيها، ولا عِلاجَ لها، وليست أسبابُها محرَّمة، ولا يترتب عليها مِن فساد القلب وتعبُّده لغير الله ما يترتب على العشق،



ص -215- فإن لم يكفِ هذا فى إبطال نسبة هذا الحديثِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلِّدْ أئمةَ الحديث العالمين به وبعلله، فإنه لا يُحفظ عن إمام واحد منهم قَطُّ أنه شهد له بصحة، بل ولا بحُسن، كيف وقد أنكروا على سُويدٍ هذا الحديث، ورموه لأجله بالعظائم، واستحلَّ بعضُهم غزوَه لأجله. قال أبو أحمد بن عَدِىٍّ فى "كامله": هذا الحديث أحدُ ما أُنكر على سُويد، وكذلك قال البَيْهقى: إنه مما أُنكر عليه، وكذلك قال ابن طاهر فى "الذخيرة" وذكره الحاكم فى "تاريخ نيسابور"، وقال: أنا أتعجب من هذا الحديث، فإنه لم يحدَّث به عن غير سُويد، وهو ثقة، وذكره أبو الفرج بن الجوزى فى كتاب "الموضوعات"، وكان أبو بكر الأزرقُ يرفعه أوَّلاً عن سُويد، فعُوتب فيه، فأسقط النبىَّ صلى الله عليه وسلم وكان لا يُجاوِزُ به ابنَ عباس رضى الله عنهما.
ومن المصائب التى لا تُحتمل جعلُ هذا الحديث من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضى الله عنها، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم. ومَن له أدنى إلمام بالحديث وعلله، لا يحتمِلُ هذا البتة، ولا يحتمِلُ أن يكونَ من حديث الماجشون، عن ابن أبى حازم، عن ابن أبى نَجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس رضى الله عنهما مرفوعاً، وفى صحته موقوفاً على ابن عباس نظرٌ، وقد رمى الناسُ سويدَ بن سعيد راوىَ هذا الحديث بالعظائم، وأنكره عليه يحيى بن مَعِين وقال: هو ساقط كذَّاب، لو كان لى فرس ورمح كنت أغزوه، وقال الإمام أحمد: متروك الحديث. وقال النسائى: ليس بثقة، وقال البخارى: كان قد عمىَ فيلقن ما ليس من حديثه، وقال ابن حِبَّان: يأتى بالمعضلات عن الثقات يجبُ مجانبةُ ما روى.. انتهى.
وأحسنُ ما قيل فيه قولُ أبى حاتم الرازىِّ: إنه صدُوق كثير التَّدْليس، ثم قولُ الدَّارَقُطنىِّ: هو ثقة غير أنه لما كَبِرَ كان ربما قُرئ عليه حديثٌ فيه بعضُ النكارة، فيُجيزه.. انتهى.
وعِيبَ على مسلم إخراجُ حديثه، وهذه حالُه، ولكن مسلم روى من حديثه ما تابعه عليه غيرُه، ولم ينفرِدْ به، ولم يكن منكراً ولا شاذاً بخلاف هذا الحديث.. والله أعلم.

فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى حفظ الصحة بالطيب

فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى حفظ الصحة بالطيب
لما كانت الرائحةُ الطيبة غذاءَ الروح، والروحُ مطيةُ القُوَى، والقُوَى تزداد



ص -216- بالطيب، وهو ينفعُ الدماغَ والقلب، وسائر الأعضاء الباطنية، ويُفرِّحُ القلب، ويَسُرُّ النفس ويَبسُطُ الروحَ، وهو أصدقُ شىء للروح، وأشدُّه ملاءمةً لها، وبينه وبين الروح الطيبة نِسبةٌ قريبة. كان أحدَ المحبوبَيْن من الدنيا إلى أطيب الطَيِّبين صلوات الله عليه وسلامه.
وفى "صحيح البخارى": أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يَرُدُّ الطِّيبَ.
وفى "صحيح مسلم" عنه صلى الله عليه وسلم: "من عُرِضَ عليه رَيْحانٌ، فلا يَرُدَّهُ فإنه طَيِّبُ الرِّيح، خَفِيفُ
المَحْمِلِ".
وفى "سنن أبى داود" و"النسائي"، عن أبى هريرةَ رضى الله عنه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم: "مَن عُرِضَ عَلَيهِ طِيبٌ، فَلا يَرُدَّهُ، فَإنَّهُ خَفِيفُ المَحْمِلِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ".
وفى "مسند البزَّار": عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطِّيبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الكَرَمَ، جَوادٌ يُحِبُّ الجُودَ، فَنَظِّفُوا أفْنَاءَكُم وسَاحَاتِكُم، ولا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ يَجْمَعُون الأكُبَّ فى دُورِهِمْ". الأكُب: الزبالة.
وذكر ابن أبى شيبة، أنه صلى الله عليه وسلم كان لَهُ سُكَّةٌ يَتَطَيَّب منها.
وصَحَّ عنه أنه قال: "إنَّ للهِ حَقّاً عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِى كُلِّ سَبْعَةِ أيَّامٍ، وَإنْ كَانَ لَهُ طِيبٌ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ".
وفى الطيب من الخاصية، أنَّ الملائكة تُحبه، والشياطين تنفِرُ عنه، وأحبُّ شيءٍ إلى الشياطين الرائحةُ المنتنة الكريهة، فالأرواحُ الطيبة تُحِبُّ الرائحة الطيبة، والأرواحُ الخبيثة تُحِبُّ الرائحة الخبيثة، وكل روح تميل إلى ما يناسبها، فالخبيثات للخبيثين، والخبيثون للخبيثات، والطيباتُ للطيبين، والطيبون للطيبات، وهذا وإن كان فى النساء والرجال، فإنه يتناولُ الأعمالَ والأقوالَ، والمطاعم والمشارب، والملابس والروائح، إما بعموم لفظه، أو بعموم معناه.

فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى حفظ صحة العَيْن

فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى حفظ صحة العَيْن
روى أبو داود فى "سننه": عن عبد الرحمن بن النُّعمان بن معبد بن هَوْذَةَ الأنصارى، عن أبيه، عن جده رضى الله عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بالإِثْمِدِ المُروَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وقال: "ليتَّقِهِ الصَّائِمُ". قال أبو عبيد: المروَّح: المطيَّب بالمسك.



ص -217- وفى "سنن ابن ماجه" وغيره عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كانت للنبىِّ صلى الله عليه وسلم مُكْحُلَةٌ يَكْتَحِلُ مِنها ثلاثاً فى كُلِّ عَيْنٍ.
وفى "الترمذي": عن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اكتحَلَ يجعلُ فى اليمنَى ثلاثاً، يبتدىء بها، ويختم بها، وفى اليُسْرى ثنتين.
وقد روى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ اكْتَحَلَ فلْيُوتِرْ". فهل الوترُ بالنسبة إلى العينين كلتيهما، فيكون فى هذه ثلاث، وفى هذه ثنتان، واليُمنى أولى بالابتداء والتفضيل، أو هو بالنسبة إلى كُلِّ عَيْن، فيكون فى هذه ثلاث، وفى هذه ثلاث، وهما قولان فى مذهب أحمد وغيره.
وفى الكُحْلِ حفظ لصحة العَيْن، وتقويةٌ للنور الباصر، وجِلاءٌ لها، وتلطيفٌ للمادة الرديئة، واستخراجٌ لها مع الزينة فى بعض أنواعه، وله عند النوم مزيدُ فضل لاشتمالها على الكُحْلِ، وسكونها عقيبه عن الحركة المضرة بها، وخدمةِ الطبيعة لها، وللإثْمد مِن ذلك خاصيَّة.
وفى "سنن ابن ماجه" عن سالم، عن أبيه يرفعه: "عَلَيْكُم بالإثْمِدِ، فإنَّهُ يَجْلُو البَصَر، ويُنْبِتُ الشَّعرَ".
وفى كتاب أبى نُعيم: "فإنه مَنْبَتَةٌ للشَّعر، مذهبة للقذَى، مصْفاة للبصر".

فصل: فى ذكر شىء من الأدوية والأغذية المفردة التى جاءت على لسانه صلى الله عليه وسلم مرتبة على حروف المعجم

ص -218- فصل: فى ذكر شىء من الأدوية والأغذية المفردة التى جاءت على لسانه صلى الله عليه وسلم مرتبة على حروف المعجم
حرف الهمزة
إثْمِدٌ: هو حجر الكحل الأسود، يُؤْتَى به من أصبِهانَ، وهو أفضلُه، ويؤتَى به من جهة المغرب أيضاً، وأجودُه السريعُ التفتيتِ الذى لفُتاته بصيصٌ، وداخلُه أملسُ ليس فيه شىء من الأوساخ.
ومزاجُه بارد يابس ينفعُ العين ويُقوِّيها، ويشد أعصابَها، ويحفظُ صِحتها، ويُذهب اللَّحم الزائد فى القُروح ويُدملها، ويُنقِّى أوساخها، ويجلوها، ويُذهب الصداع إذا اكتُحل به مع العسل المائى الرقيق، وإذا دُقَّ وخُلِطَ ببعض الشحوم الطرية، ولُطخ على حرق النار، لم تعرض فيه خُشْكَرِيشةٌ، ونفع من التنفُّط الحادث بسببه، وهو أجود أكحال العين لا سِيَّما للمشايخ، والذين قد ضعفت أبصارُهم إذا جُعِلَ معه شىءٌ من المسك.
أُتْرُج: ثبت فى "الصحيح": عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَثَلُ المؤمن الذى يقرأ القرآن، كمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، طعْمُها طَيِّبٌ، وريحُها طَيِّبٌ".
وفى الأُترج منافع كثيرة، وهو مركَّب من أربعة أشياء: قشر، ولحم، وحمض، وبزر، ولكل واحد منها مِزاج يخصُّه، فقشره حار يابس، ولحمُه حار رطب، وحمضُه بارد يابس، وبزرُه حار يابس.
ومن منافع قشره: أنه إذا جُعل فى الثياب منع السوسَ، ورائحتُهُ تُصْلِحُ فسادَ الهواء والوباء، ويُطيِّبُ النَّكْهَةَ إذا أمسكه فى الفم، ويُحلِّل الرياح، وإذا جُعِلَ فى الطعام



ص -219- كالأبازِير، أعان على الهضم. قال صاحب "القانون": وعُصَارة قشره تنفع مِن نهْش الأفاعى شرباً، وقِشرُه ضِمَادَاً، وحُرَاقةُ قِشره طِلاءٌ جيد للبَرَص.. انتهى.
وأمَّا لحمه: فملطِّف لحرارة المَعِدَة، نافعٌ لأصحاب المِرَّة الصفراء، قامِعٌ للبخارات الحارة. وقال الغافِقىُّ: أكل لحمه ينفع البواسير.. انتهى.
وأمّا حمضُه: فقابضٌ كاسر للصفراء، ومسكنٌ للخفقان الحار، نافعٌ من اليَرَقَان شرباً واكتحالاً، قاطعٌ للقىء الصفراوى، مُشَهٍّ للطعام، عاقل للطبيعة، نافع من الإسهال الصفراوى، وعُصَارَةُ حمضه يُسَكِّن غِلْمَةَ النساء، وينفع طِلاَءً من الكَلَفِ، ويُذهب بالقَوْباء، ويُستدَل على ذلك مِن فعله فى الحِبر إذا وقَعَ فى الثياب قَلَعَه، وله قوةٌ تُلطِّف، وتقطع، وتبرد، وتُطفئُ حرارة الكبد، وتُقوِّى المَعِدَة، وتمنع حِدَّة المِرَّة الصفراء، وتُزِيلُ الغمَّ العارض منها، وتسكن العطش.
وأمَّا بزره: فله قوة محلِّلة مجففة. وقال ابن ماسويه: خاصية حَبِّه، النفع من السموم القاتلة إذا شُرِبَ منه وزنُ مثقال مقشَّراً بماء فاتر، وطِلاء مطبوخ. وإن دُقَّ ووضع على موضع اللَّسعة، نفع، وهو مُلَيِّنٌ للطبيعة، مُطَيِّبٌ للنكْهة، وأكثر ُهذا الفعل موجودٌ فى قشره.
وقال غيرُه: خاصية حَبُّه النفع مِن لَسعات العقارب إذا شُرِبَ منه وزنُ مثقالين مقشراً بماء فاتر، وكذلك إذا دُقَّ ووُضِعَ على موضع اللَّدغة.
وقال غيره: حَبُّه يصلُح للسُّموم كُلِّهَا، وهو نافع من لدغ الهوام كلها.
وذُكِرَ أنَّ بعض الأكاسرة غَضِبَ على قوم من الأطباء، فأمر بحبسهم، وخيَّرهم أُدماً لا يزيد لهم عليه، فاختارُوا الأترج، فقيل لهم: لِمَ اخترتموه على غيره ؟ فقالوا: لأنه فى العاجل ريحانٌ، ومنظره مفرح، وقشرُه طيب الرائحة، ولحمه فاكهة، وحَمْضُه أُدم، وحبُّه تِرياق، وفيه دُهنٌ.
وحقيقٌ بشىء هذه منافعه أن يُشَبَّهَ به خلاصةُ الوجود، وهو المؤمن الذى يقرأ القرآن، وكان بعضُ السَّلَف يُحِبُّ النظر إليه لما فى منظره من التفريح.
أَرُزُّ: فيه حديثان باطلان موضوعان على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؛ أحدهما: أنه "لو كان رجلاً، لكان حليماً"، الثانى: "كُلُّ شىء أخرجتْه الأرضُ ففيه داءٌ وشفاءٌ إلا الأَرُزَّ: فإنه شفاءٌ لا داءَ فيه" ذكرناهما تنبيهاً وتحذيراً من نسبتهما إليه صلى الله عليه وسلم.
وبعد.. فهو حار يابس، وهو أغْذَى الحُبوبِ بعد الحِنْطَة، وأحمدُها خلطاً، يَشدّ



ص -220- البطن شدّاً يسيراً، ويُقَوِّى المَعِدَة، ويَدبغُها، ويمكثُ فيها. وأطباءُ الهند تزعم أنه أحمدُ الأغذية وأنفعُها إذا طُبِخَ بألبان البقر، وله تأثيرٌ فى خِصب البدن، وزيادةِ المَنِىّ، وكثرةِ التغذية، وتصفيةِ اللون.
أَرْزٌ بفتح الهمزة وسكون الراء: وهو الصَّنَوْبَر. ذكره النبىُّ صلى الله عليه وسلم فى قوله: "مَثَلُ المُؤمِنِ مَثَلُ الخامَةِ من الزرع، تُفيئُها الرِّياحُ، تُقيمُهَا مَرَّةً، وتُميلُهَا أُخْرى، ومَثَلُ المُنَافِقِ مَثَلُ الأَرْزَةِ لا تَزَالُ قائمةً على أصْلِها حتى يكونَ انْجِعَافُها مَرَّةً واحدةً".
وَحَبُّه حار رطب، وفيه إنضاجٌ وتليين، وتحليل، ولذعٌ يَذهب بنقعه فى الماء، وهو عَسِرُ الهضم، وفيه تغذيةٌ كثيرةٌ، وهو جيدٌ للسُّعال، ولتنقيةِ رطوبات الرِّئة، ويَزِيدُ فى المَنِىِّ، ويُولِدُ مغصاً، وتِرْيَاقُه حَبُّ الرُّمان المُزِّ.
إذْخِرٌ: ثبت فى "الصحيح"، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال فى مكةَ: "لا يُختَلَى خَلاَها"، قال له العباس رضى الله عنه: إلا الإذْخِرَ يا رسولَ اللهِ؛ فإنه لِقَيْنِهم ولبيوتِهِم، فقال: "إلا الإذْخِرَ".
والإذْخِرُ حارٌ فى الثانية، يابسٌ فى الأُولى، لطيف مفتح للسُّددِ، وأفواه العروقُ، يُدرُّ البَوْل والطَّمْث، ويُفَتِّتُ الحصى، ويُحلِّل الأورام الصلبة فى المَعِدَة والكَبِد والكُلْيَتين شرباً وضِماداً، وأصلُه يُقوِّى عمودَ الأسنان والمَعِدَة، ويسكن الغَثَيان، ويَعْقِلُ البطن.

حرف الباء
بِطِّيخٌ: روى أبو داود والترمذىُّ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنه كان يأكل البِطيخَ بالرُّطَبِ، يقول: "نَكْسِرُ حَرَّ هَذَا ببَرْدِ هذا، وبَرْدَ هَذا بِحَرِّ هذا".
وفى البِطِّيخ عدةُ أحاديث لا يَصِحُّ منها شىء غيرُ هذا الحديث الواحد، والمرادُ به الأخضر، وهو باردٌ رطب، وفيه جِلاءٌ، وهو أسرعُ انحداراً عن المَعِدَة من القِثَّاء والخيار، وهو سريعُ الاستحالة إلى أى خلط كان صادفه فى المَعِدَة، وإذا كان آكَلُهُ مَحْرُوراً انتفع به جداً، وإن كان مَبْروداً دفع ضررُه بيسير من الزَّنْجَبيل ونحوه،



ص -221- وينبغى أكلُه قبل الطعام، ويُتْبَعُ به، وإلاّ غَثَّى وقيَّأَ. وقال بعض الأطباء: إنه قبل الطعام يَغسلُ البطن غسلاً، ويُذهب بالداء أصلاً.
بَلَحٌ: روى النسائى وابن ماجه فى "سننهما": من حديث هشام ابن عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُوا البلحَ بالتَّمْرِ، فإنَّ الشيطانَ إذا نظرَ إلى ابنِ آدمَ يأكُلُ البَلَحَ بالتمْرِ يقولُ: بَقِىَ ابنُ آدمَ حتى أكَلَ الحَديثَ بالعَتِيق".
وفى رواية: "كُلُوا البَلَحَ بالتَّمَرِ، فإنَّ الشَّيْطانَ يحزَنُ إذا رأى ابنَ آدمَ يأكُلُهُ يقولُ: عاشَ ابنُ آدمَ حتى أكل الجَديدَ بالخَلَقِ" رواه البزار فى "مسنده"، وهذا لفظه.
قلت: الباءُ فى الحديث بمعنى "مع"؛ أى: كُلُوا هذا معَ هذا. قال بعض أطباء الإسلام: إنَّما أمر النبىُّ صلى الله عليه وسلم بأكل البلح بالتمر، ولم يأمُرْ بأكل البُسْر مع التمر، لأن البلحَ بارد يابس، والتمرَ حار رطب، ففى كُلٍّ منهما إصلاحٌ للآخر، وليس كذلك البُسْر مع التَّمْرِ، فإنَّ كُلَّ واحد منهما حارٌ، وإن كانت حرارةُ التمر أكثر، ولا ينبغى من جهة الطِّبِّ الجمعُ بين حارَّين أو باردَين، كما تقدَّم.
وفى هذا الحديث: التنبيهُ على صحةِ أصل صناعة الطب، ومراعاةِ التدبير الذى يصلُح فى دفع كيفيات الأغذية والأدوية بعضِها ببعض، ومراعاةِ القانون الطبى الذى تُحفظ به الصحة.
وفى البلح برودةٌ ويبوسةٌ، وهو ينفع الفمَ واللِّثَة والمَعِدَة، وهو ردىءٌ للصدر والرِّئة بالخشونة التى فيه، بطىءٌ فى المَعِدَة يسيرُ التغذية، وهو للنخلة كالحِصْرِم لشجرة العنب، وهما جميعاً يُولِّدان رياحاً، وقَرَاقِرَ، ونفخاً، ولا سِيَّما إذا شُرب عليهما الماء، ودفعُ مضرتهما بالتَّمْر، أو بالعسل والزُّبد.
بُسْرٌ: ثبت فى "الصحيح": أنَّ أبا الهيثم بن التَّيْهان، لما ضافه النبىُّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضى الله عنهما، جاءهم بِعذْقٍ وهو من النخلة كالعُنُقودِ من العنب فقال له: "هلاَّ انتقَيْتَ لنا من رُطَبهِ" فقال: أحببتُ أنْ تَنْتَقُوا من بُسْرِهِ ورُطَبِهِ.
البُسْر: حار يابس، ويُبسه أكثرُ من حرِّه، يُنشِّفُ الرطوبةَ، ويَدْبَغُ المعدة، وَيحبِسُ البطن، وينفع اللِّثة والفم، وأنفعه ما كان هشَّاً وحُلواً، وكثرةُ أكله وأكل البَلح يُحدث السَّدد فى الأحشاء.





 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

moh_elgmare@yahoo.com

رد مع اقتباس