عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 04:06 AM   #104
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,109 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# بذلك فيقول هو عين الموجودات لا يفرق بين ثبوت ووجود ولا بين مطلق ومعين فهؤلاء يجعلونه نفس المخلوقات فالحلول والاتحاد المطلق يشبه الحلول والاتحاد المعين # وكما أن النصارى في المسيح منهم من يقول اللاهوت والناسوت جوهر واحد وصفة واحدة كاليعقوبية القائلين بأن اللاهوت والناسوت اتحدا كاتحاد الماء واللبن وبأن نفس المصلوب المسمر هو خالق العالم ومنهم من يقول بالحلول كحلول الماء في الظرف كالنسطورية القائلين بأنهما جوهران وطبيعتان واقنومان ومنهم من يقول بالحلول من وجه بالاتحاد من وجه كالملكية الذين يقولون كالنار في الحديدة # فهؤلاء الذين يقولون بالحلول والاتحاد المطلق في المخلوقات جميعها من الجهمية قولهم ذلك شر من مقالة النصاري في الاتحاد فان قولهم من جنس قول المشركين والمعطلين وهم شر حال من النصارى وذلك من وجهين # أحدهما أن النصارى قالوا بالاتحاد والحلول في شخص واحد وهؤلاء قالوا انه في العالم كله حتى ذكروا عن صاحب الفصوص أنه قال النصارى ما كفروا الا لأنهم خصصوا وقال ذلك التلمساني وغيره من شيوخهم وقد صرح في غير موضوع بأن المشركين عباد الأوثان انما أخطئوا من حيث عبادة بعض الأشياء دون البعض والمحقق عندهم من يعبد كل شيء ويرى كل شيء عابدا للحق ومعبودا له وكل من عبد شيءا غير الله عنده فما عبد الا الله وهذا يجمع كل شرك في العالم مع قوله ان الشريك هو الله كما زعمت النصارى ان الله هو المسيح بن مريم ولهذا كثيرا ما يصرح شيوخ الجهمية بأن الله في العالم كالزبد في اللبن وهذا قول اليعقوبية في المسيح وقد قالوا في مجموع الوجود ما يقوله النصارى في المسيح

# الوجه الثاني ان النصارى يقولون بأن الاتحاد والحلول فعل من أفعال الرب وان اللاهوت اتحد بالناسوت مرة وانفصل عنه أخرى وهؤلاء عندهم ما يتصور أن يتميز وجود الحق عن المخلوقات ولا يباينها ولا ينفصل عنها وهؤلاء الاتحادية هم أكفر وأضل ممن يقول ان الله تعالى بذاته في كل مكان ونحو ذلك من المقالات الشنيعة المتقدمة ولكن هم مشاركون لهم في أصل المقالة وزائدون عليهم في الضلالة # والمقصود هنا التنبيه على ان اولئك الجهمية الذين لا يثبتون المباينة يضطرون الى ان يجعلوا الرب مفتقرا الى العالم اذا جعلوه حالا فيه مع استغناء العالم عنه وان جعلوه محلاله مع أن ذاته لا تباين ذات العالم بل تحايثه كما هو قولهم بانهم يقولون بأنه لا وجود للرب الا بوجود العالم ولا يمكن وجود الرب بدون وجود العالم كما لا يمكن وجود المحل الذي هو الجوهر او الهيولي بدون ما يحل فيه من الأعراض او الصورة فيكون العالم مقويا لوجود الرب والرب محتاج اليه أيضا وهو اعظم من قدم جميع العالم # الوجه الثالث عشر أن هؤلاء الجهمية يقولون انه لا تحله الصفات ولا تقوم به فانه اذا قامت به الصفات والأعراض كان محتاجا اليها وكانت مقومة له ومنافية لوحدته ووجوب وجوده وقدمه فاذا قال منهم طائفة بأن المخلوقات كلها تحله وتقوم به كان هذا مع فيه من الكفر والضلال في الاختلاف والتناقض اعظم من ان يوصف وكذلك قالوا انه لا يكون فوق العرش لئلا يكون حالا بغيره وقائما بغيره وكأننا في كل مكان ونحو ذلك مع انه متميز عن العرش منفصل

# عنه فاذا قالوا أنه حال في المخلوقات مختلط بالقاذورات كان هذا مع ما فيه من الكفر والضلالات من أعظم المتناقضات # والمقصود ان هؤلاء الجهمية لا يفرون من شيء من الحق لما يظنونه شبهة الا وقعوا في اضعاف مضاعفة من الباطل التي يلزمها ذلك المحذور عندهم فهم دائما متناقضون فان كل من نفي عن الله ان يكون فوق العرش لا بد أن يحتج بحجة تقتضي السلب والنفي فهو مع قوله بالمحايثة او قوله بالمباينة بلا محايثة يكون مثبتا لكل ما سلبه ولأضعافه او يلزمه ذلك فلم يستفيدوا الا التناقض في المقال وجحدوا الخالق الذي هو من أعظم الضلال ونفس تناقض القولين يقتضي فساده فكيف بما زاد على ذلك # فانهم اذا قالوا الوجود الواجب لا يكون الا واحدا ليس هو صفة ولا قدرة ونحو ذلك مما أصل قولهم فكل ما يقولونه بعد ذلك من كونه بكل مكان او كونه داخل العالم وخارجه او كونه هو الوجود القائم بالكائنات ونحو ذلك مما يناقض هذا فان المحايث لجواهر العالم وأعراضه يجب ان يوصف بما توصف به الجواهر والأعراض من التركيب والانقسام وغير ذلك وان لم يوصف بذلك مع قولهم بالمحايثة له كان هذا مع فساده في ضرورة العقل ناقضا لجميع اصولهم فانهم اذا جعلوا ذاتين محايثتين وجعلوا احداهما منقسمة ومركبة وغير ذلك دون الأخرى وجعلوا الواحد الذي لا تركيب فيه محايثا لكل مركب كان هذا مفسدا لكل حجة لهم وقولهم انه غير محايث له مع قولهم انه لا يباينه الا بالحقيقة والزمان جمع بين النقيضين حيث جعلوا مباينته غير زائدة على مباينة المحل للحال فيه وقالوا مع ذلك انه غير مباين بغير هذه المباينة كما تقدم

# ولو أن هذا الموضع ليس هو موضع الرد على من يقول هو بذاته في كل مكان اذ المؤسس وذووه لا يقولون هذا لكنا نوسع المقال فيه وانما المقصود هنا قول من يقول انه لا داخل العالم ولا خارجه وان كان القولان جميعا خارجين من مشكاة واحدة وهي التعطيل لكونه فوق العرش فانهم لاما جحدوا هذا الحق الذي فطر الله عليه عباده وبعث به رسله وانزل به كتبه واجتمع عليه المؤمنون به تفرقوا بعد ذلك وفسادا احد القولين مستلزم لفساد اصل القول الآخر وكل من القولين يناقض الآخر وكل منهما لا يمكنه افساد قول خصمه مع مقامه على قوله فيلزم اما القول بباطل خصمه واما الرجوع الى الحق ومتى ابطل قول خصمه ابطالا محققا لزم ابطال قوله # وأدلة ابطال قول الحولية والاتحادية الذين يقولون انه في كل مكان ونحو ذلك كثيرة ليس هذا موضعها وكل آية في القرآن تبين ان لله ما في السموات والأرض وما بينهما ونحو ذلك فانها تبطل هذا القول فان السموات والأرض وما بينهما وما فيهما اذا كان الجميع له وملكه ومخلوقه امتنع ان يكون شيء من ذلك ذاته فان المملوك ليس هو المالك والمربوب ليس هو الرب والمخلوق ليس هو الخالق ولهذا كان حقيقة قول الاتحادية ان المخلوق هو الخالق والمصنوع هو الصانع لا يفرقون بينهما حتى انه يمتنع عندهم انه يكون الله رب العالمين كما يمتنع ان يكون رب نفسه اذ ليس العالمون شيئا خارجا عن نفسه عندهم # وقد قدمنا فيما مضى طرفا من كلام السلف والأئمة في الرد على هؤلاء مثل الأثر المشهور عن ابن المبارك انه قيل له بماذا نعرف ربنا قال بأنه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه لا نقول كما تقول الجهمية انه ها هنا في الأرض وقول الامام احمد هكذا هو عندنا وروي عن ابي حاتم في كتاب الرد على الجهمية حدثنا علي بن الحسن بن مهران حدثنا سبشار بن موسى الخفاف

# قال جاء بشر بن الوليد الى ابي يوسف فقال له تنهاني عن الكلام وبشر المريسي وعلي الأحوال وفلان يتكلمون فقال وما يقولون قال يقولون الله في كل مكان فبعث أبو يوسف وقال علي بهم فأتوا اليهم وقد قام بشر فجيء بعلي الأحول والشيخ يعني الآخر فنظر ابو يوسف الى الشيخ وقال لو أن فيك موضع ادب لأوجعتك فأمر به الى الحبس وضرب علي الأحول وطوف به # وقال ايضا حدثنا علي بن الحسن بن يزيد السلمي سمعت ابي يقول حبس رجل في التجهم فتاب فجيء به الى هشام بن عبيد الله الرازي ليمتحنه فقال له أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه قال لا أدري ما بائن من خلقه فقال ردوه فانه لم يتب بعد وقال عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق لما روي حديث ابن عباس ما بين السماء السابعة الى كرسيه سبعة آلاف نور فهو فوق ذلك قال من زعم ان الله هاهنا فهو جهمي خبيث ان الله سبحانه فوق العرش وعلمه محيط بالدنيا والآخرة وقال عبد الرحمن بن ابي حاتم سألت ابي وأبا زرعة عن مذهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا فكان من مذاهبهم أن الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه بلا كيف احاط بكل شيء علما وقال عثمان بن سعيد الرازي قد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سماواته وقال ايضا قال أهل السنة ان الله بكماله فوق عرشه يعلم ويسمع من فوق العرش لا يخفي عليه خافية من خلقه لا يحجبهم عنه شيء وقال محمد بن عثمان بن ابي شيبة في كتاب العرش له ذكروا أن الجهمية يقولون ليس بين الله وبين خلقه

# حجاب أي يحجبهم عن أن يروه وانكروا العرش وأن يكون الله فوقه وقالوا انه في كل مكان الى أن قال فسرت العلماء وهو معكم يعني بعلمه ثم تواترت الأخبار ان الله خلق العرش فاستوى عليه بذاته فهو فوق العرش بذاته متخلصا من خلقه بائنا منهم # وقال عمرو بن عثمان المكي رفيق الجنيد في كتاب آداب المريدين والتعرف لأحوال العباد في باب ما يجيء به الشيطان للتائبين من الوسوسة أما الوجه الثالث الذي يأتي به للتائبين اذا هم امتنعوا عليه واعتصموا بالله فانه يوسوس لهم في أمر الخالق ليفسد عليهم اصول التوحيد وذكر كلاما طويلا الى أن قال فهذا من أعظم ما يوسوس به في التوحيد بالتشكيك أو في صفات الرب بالتمثيل والتشبيه أو بالجحد لها والتعطيل وأن يدخل عليه مقاييسس عظمة الرب بقدر عقولهم فهلكوا ان قبلوا وتضعضع أركانهم ان لم يلجؤا بذلك الى العلم وتحقيق المعرفة لله عز وجل من حيث أخبر عن نفسه ووصف به نفسه وما وصفه به رسول الى أن قال فهو تعالى القائل انا الله لا الشجرة الجائي بعد أن لم يكن جائيا لا أمره المستوي على عرشه بعظمته وجلاله دون كل مكان الذي كلم موسى تكليما وأراه من آياته عظيما فسمع موسى كلام الله الوارث لخلقه السميع لأصواتهم الناظر بعينه الى أجسامهم يداه مبسوطتان وهما غير نعمته وقدرته خلق آدم بيده وذكر أشياء أخر # وذكر زكريا بن يحيى الساجي امام البصرة في زمانه وعنه أخذ الاشعري كثيرا مما اخذه من مذاهب أهل السنة والحديث والفقه قال القول في السنة التي رأيت عليها أصحابنا أهل الحديث الذين لقيناهم أن الله على عرشه في سمائه

# يقرب من خلقه كيف شاء وقال نظيره ابو بكر بن محمد اسحاق بن خزيمة رضي الله عنه من لم يقر بأن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه فانه ايستتاب فان تاب والا ضربت عنقه والقي على مزبلة لئلا يتأذى بريحه اهل القبلة وأهل الذمة # وقال ابو عبد الله بن بطة في الابانة الكبرى اجمع المسلمون من الصحابة والتابعين ان الله على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه # وقال الحافظ ابو نعيم الاصبهاني في الاعتقاد الذي جمعه طريقتنا طريق السلف المتبعين للكتاب والسنة واجماع الأمة ومما اعتقدوه ان الله سبحانه لم يزل كاملا بجميع صفاته القديمة لا يزول ولا يحول لم يزل عالما بعلم بصيرا ببصر سميعا بسمع متكلما بكلام ثم أحدث الأشياء من غير شيء وان القرآن كلام الله وكذلك سائر كتبه المنزلة كلامه غير مخلوق وان القرآن من جميع الجهات مقروءا ومتلوا ومحفوظا ومسموعا ومكتوبا وملفوظا كلام الله حقيقة لا حكاية ولا ترجمة وأنه بالفاظنا كلام الله غير مخلوق وان الواقفة واللفظية من الجهمية وأن من قصد القرآن بوجه من الجوه يريد به خلق كلام الله فهو عندهم من الجهمية وان الجهمي عندهم كافر الى ان قال وأن الاحاديث التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرش واستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل وان الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه لا يحل فيهم ولا يمتزج به وهو مستو على عرشه في سمائه من دون ارضه وذكر سائر اعتقاد السلف واجماعهم على ذلك

# وقال يحيى بن عمار السبحستاني في رسالته وفيه لا نقول كما قالت الجهمية انه مداخل الأمكنة وممازج لكل شيء ولا يعلم أين هو بل نقول هو بذاته على العرش وعلمه محيط بكل شيء وسمعه وبصره وقدرته مدركة لكل شيء وهو معنى قوله وهو معكم أين ما كنتم هذا الذي قلنا أن الأمكنة غير خالية من علمه وقدرته وأنه مدرك لها بسمعه وبصره وهو بذاته على العرش سبحانه وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم # وقال معمر بن زياد شيخ الصوفية في عصر أبي نعيم ويحيى بن عمار احببت أن اوصي أصحابي بوصية من السنة واجمع ما كان عليه أهل الحديث وأهل المعرفة والتصوف من المتقدمين والمتأخرين فذكر أشياء في الوصية الى أن قال فيها وأن الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل والاستواء معقول والكيف مجهول وأنه مستو على عرشه بائن من خلقه والخلق بائنون منه بلا حلول ولا ممازجة ولا ملاصقة وأنه عز وجل سميع بصير عليم خبير يتكلم ويرضى ويسخط ويضحك ويعجب ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكا وينزل كل ليلة الى سماء الدنيا كيف شاء بلا كيف ولا تأويل فمن انكر النزول او تأول فهو مبتدع ضال # وقال أبو عثمان اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني في كتاب الرسالة في السنة له ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون أن الله فوق سمواته على عرشه كما نطق به كتابه وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف لم يختلفوا أن الله تعالى على عرشه وعرشه فوق سماواته

# وقال ابو بكر البيهقي في كتاب الاعتقادر له في باب القول في الاستواء قال الله تعالى ^ الرحمن على العرش استوى ^ ثم استوى على العرش وهو القاهر فوق عباده يخافون ربهم من فوقهم اليه يصعد الكلم الطيب أأمنتم من في السماء أراد فوق السماء كما قال ^ ولأصلبنكم في جذوع النخل ^ وقال ^ فسيحوا في الأرض ^ يعني على الأرض وكل ما علا فهو سماء والعرش على السموات فمعنى الآية أأمنتم من على العرش كما صرح به في سائر الآيات وقال فيما كتبنا من الآيات دلالة على ابطال قول من زعم من الجهمية بأن الله بذاته في كل مكان وقوله ^ وهو معكم أينما كنتم ^ انما أراد بعلمه لا بذاته # وقال ابو عمر بن عبد البر لما تكلم على حديث النزول قال هذا حديث ثابت من النقل صحيح الاسناد لا يختلف اهل الحديث في صحته وهو منقول من طرق سوى هذه من أخبار العدول عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه دليل على أن الله في السماء على العرش من فوق سبع سماوات كما قالت الجماعة وهو من حجتهم على المعتزلة في قولهم ان الله في كل مكان قال والدليل على صحة قول اهل الحق قول الله تعال وذكر بعض الآيات الى أن قال وهذا اشهر واعرف عند العامة والخاصة من أن يحتاج الى أكثر من حكايته لأنه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد ولا أنكره عليهم مسلم # وقال ابو اسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الملقب شيخ الاسلام في كتاب الصفات له باب اثبات استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة بائنا من خلقه من الكتاب والسنة فذكر رحمه الله دلالات ذلك من الكتاب والسنة الى أن قال ففي أخبار شتى أن الله تعالى فوق السماء السابعة على العرش بنفسه وهو ينظر كيف يعملون وعلمه وقدرته واستماعه ونظره ورحمته في كل مكان

وهذا باب واسع لا يحصيه الا الله تعالى فان الذين نقلوا اجماع السلف او اجماع اهل السنة أو اجماع الصحابة والتابعين على أن الله فوق العرش بائن من خلقه لا يحصيهم الا الله وما من أحد من هؤلاء المذكورين الا وشهرته في الاسلام بالعلم والدين أعظم من أن يتسع لها هذا الموضع وان كان بعضهم أفضل من بعض وفي شيء دون شيء وما زال علماء السلف يثبتون المباينة ويردون قول الجهمية بنفيها مع أن نفيها بالحقيقة أو الزمان لا ينكره أحد وانما ينكرون المباينة بالجهة ثم هم مضطربون في ثبوت المحايثة وعدمها كما تقدم واثبات المحايثة اقرب الى الفطر ابتداءا من نفي المباينة والمحايثة فلهذا كان هذا هو الذي تتظاهر به الجهمية وان كان منهم من يتأول قوله انه في كل مكان بمعنى علمه وقدرته لكن منهم من يقول ان ذاته في كل مكان وهو قول طوائف من علمائهم وعبادهم حتى انهم قالوا انه نفس وجود الأمكنة ومعلوم ان في هذا من الفساد أمور كثيرة من وصف الله تعالى بالنقائص والعيوب وما هو منزه عنه وقد التزم ذلك جميعه من التزمه من هؤلاء كالاتحادية وقالوا ان من كماله أن يكون هو الموصوف بكل مدح وذم ولعن وشتم وهو الناكح المنكوح والشاتم والمشتوم وأمثال ذلك مما هو من أعظم الكفر والسب والشتم والالحاد والمحادة لرب العالمين فكان السلف يحتجون على الجهمية بما يلزم قولهم ممن كونه مخالطا للأجسام المذمومة من النجاسات والشياطين # وقد اخذ هذه الحجة عنهم من اتبعهم في ذلك من متكلمة الصفاتية ونحوهم كما ذكر القاضي ابو بكر الباقلاني في غير موضع من كتبه قال فان قال قائل فهل تقولون ان الله في كل مكان قيل له معاذ الله بل مستو على العرش كما أخبر في كتابه فقال ^ الرحمن على العرش استوى ^ وقال ^ اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ^ وقال ^ أأمنتم من في السماء أن يخسف

# بكم الأرض فاذا هي تمور ^ وذكر آيات أخر الى أن قال ولو كان في مكان لكان في بطن الانسان وفمه وفي الحشوش والمواضع التي يرغب عن ذكرها ولو وجب أن يزيد بزيادة الأمكنة اذا خلق منها ما لم يكن وينقص بنقصانها اذا بطل منها ما كان ولصح أن يرغب اليه الى نحو الأرض والى خلفنا والى يميننا وشمالنا وهذا قد اجمع السملمون على خلافه وتخطئه قائله # فذكر بعد ما ذكره من النصوص ثلاث حجج قياسية عقلية أحدها أن ذلك يستلزم أن يكون في الأمكنة والأجسام القبيحة المذمومة كالحشوش وأن يكون في جوف الانسان وفمه وهذا مما يعلم الانسان بفطرته وبديهة عقله أن الله سبحانه منزه عنه يعلم بضرورة حسه وعقله أن الله ليس في جوفه وأن ذاته لا تصلح أن تلاصق النجاسات والأجواف بل ملائكته عليهم السلام مثل جبريل ونحوه قد نزههم أن يدخلوا بيتا فيه كلب أو جنب وانما يحضر الحشوش الشياطين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ان هذه الحشوش محتضرة # والحجة الثانية أنه كان يجب ان يزيد بزيادة الأمكنة اذا زيد فيها بالخلق وينقص بنقصها اذا نقص منها وهذا على قول من يقول منهم أنه في كل مكان لا يفضل عن العالم فان الأمكنة اذا زادت زاد واذا نقصت نقص بالضرورة # والحجة الثالثة ان ذلك يوجب دعاءه والرغبة اليه الى جهة السفل واليمين والشمال وذلك مخالف لاجماع المسلمين لأن الرغبة اليه هنا كالرغبة اليه هناك # والأشعري قبله قد احتج في كتاب الابانة المشهور بهذا التنزيه



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

moh_elgmare@yahoo.com


رد مع اقتباس