03 Apr 2010, 03:45 AM
|
#7
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
# والله هو المسئول أن يوفقنا للكلم الطيب والعمل الصالح وهو الذي يقوله وإن كان فيه حكم بين هؤلاء الذين يخوضون أحيانا بكلام مذموم عند السلف لكن قد ذكرنا غير مرة أن من حكم الشريعة إعطاء كل ذي حق حقه كما في السنن عن عائشة قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم وأن من كان منهم أقرب إلى الحق والسنة عرفت مرتبته ووجب تقديمه في ذلك الأمر على ما كان أبعد عن الحق والسنة منه قال تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم ^ وأمرت لأعدل بينكم ^ وقال تعالى ^ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ^ وقال في حق أهل الكتاب ^ وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ^ وقال ^ فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم عما جاءك من الحق ^ فكيف الحال بين طوائف أهل القبلة بل الحكم بين من فيه فجور ومن فيه بدعة بالعدل ووضعهم مراتبهم وترجيح هذا من الوجه الذي هو فيه أعظم موافقة للشريعة والحق أمر واجب ومن عدل عن ذلك ظانا أنه ينبغي الاعراض عن الجميع بالكلية فهو جاهل ظالم وقد يكون أعظم بدعة وفجورا من بعضهم # قال أبو الحسن الأشعري في الابانة بعد أن احتج بحجج كثيرة جيدة على اثبات الرؤية من الكتاب والسنة والاجماع ومقصوده الأكبر في الابانة ذكر الحجج السمعية دون القياسية المبنية على الكلام في الجواهر والأعراض فإنه يختصرها فقال بعد ذلك ومما يدل على جواز رؤية الله بالأبصار أنه ليس موجودا غير مستحيل أن يريناه وإنما لا يجوز أن يرى المعدوم فلما كان الله موجودا مثبتا كان غير مستحيل أن يرينا نفسه عز وجل
وإنما أراد من نفي الرؤية لله عز وجل بالأبصار التعطيل فلما لم يمكنهم ذلك صراحا أظهروا ما يؤول بهم إلى التعطيل وجحدوا الله تعالى تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا # قال ومما يدل على جواز رؤية الله تعالى بالأبصار أن الله تعالى يرى الأشياء وإذا كان للأشياء رائيا وليس يجوز أن يرى الأشياء من لا يرى نفسه وإذا كان لنفسه رائيا فجائز أن يرينا نفسه وذلك أنه من لا يعلم نفسه لا يعلم شيئا فلما كان الله تعالى عالما بالأشياء كان عالما بنفسه فكذلك من لا يرى نفسه لا يرى الأشياء فلما كان الله رائيا للأشياء كان رائيا لنفسه وإذا كان رائيا لها فجائز أن يرينا نفسه كما أنه لما كان عالما بنفسه جاز أن يعلمناها وقد قال الله عز وجل ^ أنني معكما أسمع وأرى ^ فاخبر أنه سمع كلامهما ويراهما ومن زعم أن الله لا يرى بالأبصار يلزمه أن لا يجوز أن يكون الله عز وجل عالما ولا قادرا ولا رائيا لأن العالم القادر الرائي جائز أن يرى # قلت وهذا المعنى الذي ذكره الأشعري من أن الموجود يقدر الله على أن يريناه وأن المعدوم هو الذي لا يجوز رؤيته فنفي رؤيته يستلزم نفي الوجود هو مأخوذ من كلام السلف والأئمة كما ذكره حنبل عن الامام أحمد ورواه الخلال عنه في كتاب السنة قال القوم يرجعون إلى التعطيل في كونهم ينكرون الرؤية # وذلك أن الله على كل شيء قدير وهذا لفظ عام لا تخصيص فيه فأما الممتنع لذاته فليس بشيء باتفاق العقلاء وذلك أنه متناقض لا يعقل وجوده فلا يدخل في مسمى الشيء حتى يكون داخلا في العموم مثل أن يقول القائل
هل يقدر أن يعدم نفسه أو يخلق مثله فإن القدرة تستلزم وجود القادر وعدمه ينافي وجوده فكأنه قيل هل يكون موجودا معدوما وهذا متناقض في نفسه لا حقيقة له وليس بشيء أصلا وكذلك وجود مثله يستلزم أن يكون الشيء موجودا معدوما فإن مثل الشيء ما يسد مسده ويقوم مقامه فيجب أن يكون الشيء موجودا معدوما قبل وجوده مفتقرا مربوبا فإذا قدر أنه مثل الخالق تعالى لزم أن يكون واجبا قديما لم يزل موجودا غنيا ربا ويكون الخالق فقيرا ممكنا معدوما مفتقرا مربوبا فيكون الشيء الواحد قديما محدثا فقيرا مستغنيا واجبا ممكنا موجودا معدوما ربا مربوبا وهذا متناقض لا حقيقة له وليس شيء أصلا فلا يدخل في العموم وأمثال ذلك # أما خلق قوة في العباد يقدرون بها على رؤيته فإن ذلك يقتضي كمال قدرته وما من موجود قائم بنفسه إلا والله قادر على أن يرينا إياه بل قد يقال ذلك في كل موجود سواء قام بنفسه أو قام بغيره # وهنا طريقة أخرى وهي أن نقول كل موجود فالله قادر على أن يجعلنا نحسه بأحد الحواس الخمس وما لا يكون ممكن إحساسه باحدى الحواس الخمس فإنه معدوم وهذه الطريقة مما بين الأئمة أن جهما يقول بأن الله معدوم لما زعم أنه لا يحس بشيء من الحواس لأن الموجود لابد أن يمكن إحساسه باحدى الحواس كما ذكر الامام أحمد أصل قوم جهم # قال وكذلك الجهم وشيعته دعوا الناس إلى المتشابه من القرآن والحديث واضلوا بكلامهم بشرا كثيرا فكان مما بلغنا من أمر الجهم عدو الله أنه كان صاحب خصومات وكلام وكان أكثر كلامه في الله فلقي أناسا من المشركين يقال لهم السمنية فعرفوا الجهم فقالوا نكلمك فإن ظهرت حجتنا عليك دخلت في ديننا وإن ظهرت حجتك علينا دخلنا في دينك
وكان مما كلموا به الجهم أن قالوا ألست تزعم أن لك الها قال الجهم نعم فقالوا له فهل رأيت إلهك قال لا قالوا فهل سمعت كلامه قال لا قالوا فشممت له رائحة قال لا قالوا فوجدت له حسا قال لا قالوا له فوجدت له مجسا قال لا قالوا فما يدريك أنه إله قال فتحير الجهم فلم يدر من يعبد أربعين يوما ثم إنه استدرك حجة مثل زنادقة النصارى وذلك أن زنادقة النصارى يزعمون أن الروح الذي في عيسى هي روح الله من ذات الله فإذا أراد أن يحدث أمرا دخل في بعض خلقه فتكلم على لسان خلقه فيأمر بما شاء وينهى عما شاء وهو روح غائب الأبصار فاستدرك الجهم حجة مثل هذه الحجة فقال للسمني ألست تزعم أن فيك روحا قال نعم قال فهل رأيت روحك قال لا قال فهل سمعت كلامه قال لا قال فوجدت له حسا أو مجسا قال لا قال فكذلك الله لا يرى له وجه ولا يسمع له صوت ولا يشم له رائحة وهو غائب عن الأبصار ولا يكون في مكان دون مكان ووجد ثلاث آيات من المتشابه من القرآن قوله ^ ليس كمثله شيء ^ ^ وهو الله في السموات وفي الأرض ^ ^ ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ^ فبنى أصل اضلاله على هؤلاء الآيات وتأول القرآن على غير تأويله وكذب بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وزعم أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه أو حدث به رسوله كان كافرا وكان من المشبهة فأضل بكلامه بشرا كثيرا واتبعه على قوله رجال من أصحاب أبي حنيفة وأصحاب عمرو بن عبيد بالبصرة ووضع دين الجهمية فإذا سألهم الناس عن قول الله عز وجل ^ ليس كمثله شيء ^ يقولون ليس كمثله شيء من الأشياء وهو تحت الأرضين السابعة كما هو على العرش لا يخلو منه مكان ولا يكون في مكان دون مكان ولا يكلم ولا يتكلم ولا ينظر
إليه أحد في الدنيا ولا في الآخرة ولا يوصف بصفة ولا بفعل ولا له غاية ولا له منتهى ولا يدرك بعقل وذكر تمام كلامه وقد كتبناه قبل هذا إلى أن قال فعند ذلك تبين للناس أنهم لا يثبتون شيئا ولكن يدفعون عن أنفسهم الشنعة بما يقرون في العلانية وذكر تمام الكلام # والمقصود أنه بين أن وصفه بأنه لا يعرف بشيء من الحواس هو أصل كلامه الذي لزمه به التعطيل وأنه لا يثبت شيئا لأن مالا يكون كذلك لا يكون شيئا # وهذا أمر مستقر في فطر المؤمنين لا يشكون في أن الله تعالى قادر على أن يريهم نفسه وإنما يشكون هل يكون ذلك أو لا يكون كما سأل المؤمنون النبي صلى الله عليه وسلم هل نرى ربنا يوم القيامة فقال نعم هل تضارون في رؤية الشمس وهذا ثابت في الأحاديث الصحيحة المستفيضة المتواترة فإنما كانوا شاكين هل يرون ربهم لم يكونوا شاكين هل يقدر على أن يريهم نفسه وكذلك في المعاد يعلمون أنهم عاجزون عن رؤيته كما أنهم عاجزون عن رؤية الأشياء البعيدة والأشياء اللطيفة مع علمهم عن أن يقدموا بسمعه م وبصرهم على أكثر مما هم قادرين عليه كما يعجزون أن الله قادر على أن يريهم ذلك وكذلك من قبلهم من الأمم ولهذا سأل موسى ربه الرؤية وسأل قومه أن يروا الله جهرة كما سألوا سائر الآيات فإنهم وإن كانوا مذمومين على مسألة الآيات فليسوا مذمومين على علمهم بأن الله قادر عليها كما يسأل الرجل ما لا يصلح وهو من الاعتداء في الدعاء مثل أن يسأل منازل الأنبياء ونحو ذلك فإن الله قادر على ذلك ولكن مسألة هذا عدوان # ولهذا لا يوجد أن أحدا من الأمم السليمة الفطرة قال إن رؤية الله ممتنعة عليه يعني أنه لا يجوز أن يكون مرئيا بحال وليس في مقدوره أن يرى أحدا
نفسه بل هم إذا نفوا الرؤية كان لعظمته من جهة القدر أو الوصف مثل قوله ^ لا تدركه الأبصار ^ أي لا تحيط به ومثل قوله صلى الله عليه وسلم نور أنى أراه وقال رأيت نورا وهذا في المخلوقات فالخالق أعظم فإن السماء ينفى عنها إدراك البصر لسعتها والشمس لبرهانها وشعاعها الذي يعشى البصر فيكون ذلك لعجز البصر عن وصف المرئي وقدره # أما أن يقال إن موجودا عظيما يمتنع في نفسه أن يكون مرئيا كما يمتنع ذلك في المعدوم فهذا خلاف ما فطر الله عليه عباده بل حيث كان الوجود أكمل كان أحق بأن يجوز أن يرى ويشهد لكن بشرط قوى الرائي وكماله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة أنكم ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر لا تضامون في رؤية وفي رواية كما ترون الشمس صحوا ليس دونها سحاب فقوله لا تضامون ولا تضارون نفي لأن يلحقهم ضيم أو ضير كما يلحقهم في الدنيا في رؤية الشيء إما لظهوره كالشمس أو لخفائه كالهلال # أما المعدوم فالاحساس به برؤية أو غيرها يقتضى أن يكون موجودا معدوما فإن كونه معدوما يقتضى أنه ليس في الخارج فرؤيته في الخارج تقتضي أنه في الخارج فيقتضي الجمع بين النقيضين الوجود والعدم وهذا باطل ممتنع لا حقيقة له أصلا فلا يدخل في مسمى الشيء حتى يقال إن الله عليه قدير فإنه سبحانه على كل شيء قدير وهذا ليس بشيء أصلا نعم صورة المعدوم الثابتة في العلم قد تنازع الناس في جواز رؤيتها وتنازعوا كذلك في جواز رؤية الله للمعدومات لثبوتها في علمه والنزاع فيها مشهور
# وأما الحجة القياسية المشهورة في هذا الباب التي احتج بها الأشعري وغيره فإن هذا الرازي قد ذكرها في نهايته وأورد عليها اعتراضات كثيرة تهدمها وكذلك من قبله كالشهرستاني وغيره ولم يقفوا على غورها ولا أعطوها حقها وليس هذا موضع بسطها لكن ننبه عليها فإنا قد قدمنا فيما تقدم أن الأمثال المضروبة إذا كانت من باب الأولى جاز استعمالها في حق الله تعالى كما ورد به القرآن والسنة واستعملها السلف والأئمة كما يقال إذا كان العبد ينزه نفسه عن شريك أو أنثى فتنزيه ربه أولى وإذا كان العبد عالما قادرا فالله أولى # وكذلك هذه فإن حاصلها أنه إذا جاز رؤية الموجود المحدث الممكن فرؤية الموجود الواجب القديم أولى وإذا كان المخلوق الناقص في وجوده يجوز أن يرى ويحس به فالرب الكامل في وجوده أحق بأن يرى فإن كون الشيء بحيث يرى كمال في حقه لا نقص لأن كونه لا يرى ولا يحس به لا يثبت في الشاهد إلا للمعدوم فكل صفة لم نعلمها تثبت إلا لمعدوم فإنها لا تكون صفة نقص إلا بالنسبة إلى وجود آخر هو أكمل منها وكل صفة لا تثبت للمعدوم ولا يختص بها الناقص فإنها لا تكون إلا صفة كمال وهذه طريقة في المسألة يتبين بها أن جواز الرؤية من صفات الكمال التي هو الباري أحق بها من المخلوقات # ونظيرها في مسألة العلو أن علو الشيء بنفسه على غيره صفة كمال كما أن قدرته عليه صفة كمال وإذا كان كذلك فالله أحق بهذه الصفة من جميع ما يوصف بها غيره فيجب أن يكون عاليا بنفسه وكذلك تميزه بذاته عن غيره هي صفة لا يوصف بها المعدوم ولا تختص بالناقصات فتكون صفة كمال فيجب إنصاف الله بها وذلك يوجب مباينته للعالم
# لكن قد علم أنا لم نكتب هنا ما يحتج به أهل الإثبات ولكن تكلمنا على ما ذكره الرازي ولوازمه فبينا أن هذه الحجة القياسية المذكورة في الرؤية مضمونها أنا إنما نرى الأشياء لكونها موجودة والله سبحانه وتعالى موجود بل هو أكمل في الوجود فيجب أن تكون رؤيته جائزة # وتلخيصها أن يقال لا ريب أنا نرى الموجودات من الجواهر والأعراض كالألوان والمقادير مثل الطول والقصر ونحوهما دون المعدومات واختصاص الرؤية بالموجود دون المعدوم يقتضي أن المقتضي لجواز الرؤية مختص بالموجود ومعنى هذا أنه لا يجوز أن يكون الموجود والمعدوم في الرؤية سواء إذا لو كانا متماثلين في ذلك لم يجز اختلافهما في رؤية أحدهما دون الآخر فليس المراد بقولنا إن علة الرؤية والمقتضي لها مختص بالموجود إثبات علة أو سبب زائد على حقيقة الموجود مقتض لصحة رؤيته كما توهمه من قال في الأحكام ما يعلل منها ما لايعلل فيجوز أن تكون الرؤية من الأحكام التي لا تعلل بل المراد أن كون أحد الجنسين تصح رؤيته دون الآخر يقتضي اختلافهما في ذلك وعدم تماثلهما سواء كان سبب هذا الاختلاف نفس ذات الموجود أو صفة له أو غير ذلك وهذا لا ينازع فيه من فهمه # وإذا كان المقتضي لجواز الرؤية مختصا بالموجود فإما أن يكون قدرا مشتركا بين المرئيات من الجواهر والأعراض أو أمرا مختصا ببعضها لكن الثاني باطل فإن الحكم المشترك يجب أن يكون سببه مشتركا لأنه لو كان سببه مختصا كان الحكم موجودا مع وجوده وموجودا مع عدمه فلا يكون الحكم متوقفا عليه بل يكون ذلك الوصف عديم التأثير فيه لا أثر له في وجوده إذ هو موجود مع عدمه كوجوده مع وجوده وهذا بين وقد نبهنا
عليه فيما تقدم في تماثل العلل والمعلولات وتكلمنا على النقض وعدم التأثير وبينا الفرق بين العلة التامة التي لا تتبعض وغير التامة وعلى هذا فرؤية كل شيء خاص من نوع أو شخص يشارك رؤية غيره في مطلق الرؤية ويفارقها في خصوص رؤية ذلك النوع أو البعض كما أن المرئي يشارك غيره في كونه موجودا مرئيا ويفارقها بخصوص نوعه أو شخصه فيكون الحكم المطلق المشترك وهو مطلق الرؤية معلقا بالقدر المشترك بين المرئيات والحكم الخاص وهو الرؤية الخاصة معلقا بالقدر المختص في كل نوع وشخص على حدته # وبهذا التحقيق يندفع ما يقال هناك إن الرؤية قد تكون معلقة بخصوص المرئي مثل أن تكون رؤية الجواهر والأعراض معلقة تخص الأعراض فإنه إذا فهم أن الرؤية جنس تحتها أنواع كالمرئيات وأن العام المطلق يضاف إلى العام المطلق والخاص المقيد يضاف إلى الخاص المقيد اندفع هذا وغيره ويزول ما ينقض العلة ويبين عدم تأثيرها # وإذا كان كذلك وأن المقتضي لها مشترك فالمشترك بين المرئيات من الأعيان القائمة بأنفسها والصفات القائمة بغيرها إما الوجود ولوازمه وإما غير ذلك والذي هو غير ذلك هو أخص من الوجود وما كان غير ذلك فلابد أن يستلزم العدم سواء قيل هو الحدوث أو غير ذلك مثل بعض لوازم الحدث لأن المشترك إذا لم يكن هو الوجود ولا شيئا من لوازمه التي يلزم من عدمها عدم الوجود كان أخص من الوجود بحيث يكون وجود خاص لئلا يلزم من عدم هذا الوجود الخاص عدم الوجود بالكلية إذ كل ما هو مساو للوجود في العموم أو هو أعم منه كالمعلوم والمذكور يلزم من نفيه نفي الوجود وهو من لوازم الوجود والكلام هنا في القسم الثاني الذي ليس الوجود ولا شيئا من لوازمه ولم نقل ولا شيئا من لوازمه وهذا الوجود الخاص الذي يقدر أنه سبب الرؤية لا يجوز أن يكون
هو الوجود الواجب فإنا تكلمنا في رؤية المشهودات المخلوقة مع أن علة الرؤية إذا كانت هو الوجود الواجب كان ذلك أبلغ في جواز رؤية الله تعالى فإنه سبحانه هو الوجود الواجب لكن ليس الأمر كذلك # وإذا كان الأمر كذلك فهذا المقتضي للرؤية على هذا التقدير الذي هو أخص من الوجود إما أن يكون ما يدخل فيه الوجود الواجب أو لا يكون فإن كان المقتضي لجواز الرؤية ما يتناول الوجود الواجب ثبت أن المقتضي لجواز الرؤية أمر مشترك بين الوجود الواجب وبين غيره من المرئيات وهذا هو المطلوب # وإن كان المقتضي الأخص لا يدخل فيه الوجود الواجب وجب أن يكون مختصا بما عدا الوجود وهذا سواء كان هو الامكان أو الحدوث أو ما هو أخص من الإمكان والحدوث مثل التحيز أو المقابلة عند من يقول ذلك هو المقتضي للرؤية وهو منتف في حق الله أو المشروط بالثمانية التي يذكرها المعتزلة أو غير ذلك وكل هذه الأمور إذا قيل بانتفائها عن واجب الوجود واختصاصها بالمخلوق فإنها مستلزمة للعدم وأقل ما يكون القبول العدم فإن كل مالا يدخل في الوجود الواجب فهو قابل للعدم بل هو معدوم تارة وموجود أخرى وإذا كان كذلك ظهر أن المقتضي للرؤية إذا لم يكن هو الوجود أو لوازمه كان مستلزما للعدم وإن شئت لقبول العدم وبهذا التقسيم الدائر بين النفي والاثبات انقطع ما يورد هنا من السؤالات # وإذا كان كذلك لم يجز أن يكون المقتضي لرؤية المرئيات أمر يشترط فيه العدم أو قبوله لأن كونه معدوما أو قابلا للعدم لا يكون مقتضيا لأمر وجودي فالرؤية أمر وجودي والأمر الوجودي لا تكون علته أمر عدمي والعلم بهذا بديهي لمن تصوره لكن قد يكون الأمر العدمي مستلزما لوجود مثل عدم
الموانع المستلزمة لكمال العلة بوجود شروطها التي هي أجزاء العلة التامة فيضاف الحكم إلى ذلك العدم ويكون ذلك إضافة إلى علة ناقصة والعلة الناقصة تكون جزءا وشرطا من العلة التامة والعدم وإن كان في الظاهر جزءا من العلة التامة فلابد أن يستلزم أمرا وجوديا وإلا فيمتنع أن يكون العدم علة للوجود أو جزءا من علة الحقيقة بوجه من الوجوه وإذا كان كذلك امتنع أن يكون المقتضي للرؤية التي هي أمر موجودا أمرا يستلزم العدم أو قبول العدم لأنه يكون العدم أو قبول العدم جزءا من علة الأمر الموجود وهذا باطل # فإن قيل هذا أو قبوله إنما كان علة للأمر الموجود لأنه يستلزم أمرا وجوديا كان ذلك الوجود هو جزء العلة في الحقيقة فلا يكون علة الرؤية إلا الوجود أو لوازم الوجود لا يكون ما يستلزم العدم أو قبوله وإذا لم تكن العلة ما يستلزم العدم أو قبوله بطل أن يكون علة الرؤية الحدوث أو شيئا يختص بالمحدثات أو ببعضها أو الامكان أو وصفا يختص بالممكنات أو ببعضها ووجب أن يكون قدرا مشتركا بين القديم والمحدث بين الواجب والممكن بل أن يكون القديم الواجب أحق به فإنه إن كان هو الوجود فظاهر وإن كان شيئا من لوازم الوجود فذلك الوصف متى انتفى انتفى الوجود فلا يكون ثابتا إلا بثبوت الوجود ومن المعلوم أن الوجود وجميع لوازم الوجود مشتركة بين الواجب والممكن والقديم والمحدث وإذا كان كذلك ثبت أن المقتضي للرؤية أمر ثابت في حق الله تعالى القديم الواجب الوجود فتكون رؤية الله جائزة بل تكون أحق بجواز الرؤية لأن وجوده أكمل من وجود غيره # ومن فهم هذه الحجة على هذا الوجه ظهر له أنها برهانية وأمكنه دفع تلك السؤالات الكثيرة التي تورد إذا ذكرت على هذا النظم ولولا أن هذا ليس
موضع ذلك وإلا كنا نفعل ذلك مفصلا لكن فالجواب عما أورده على هذه الحجة في احتجاج ابن الهيصم بها في مسألة العلو فظهر أصل الجواب في مسألة الرؤية وقد ظهر أن حجة ابن الهيصم لم يقررها هو تقريرا جيدا # فإذا أردت تلخيص هذه الحجة فقل الرؤية مختصة بالموجود دون المعدوم وهذا الاختصاص إما أن يكون للموجود أو لما يساويه في العموم والخصوص أو لما هو أعم منه أو لما هو أخص منه فإن جازت لموجود أو لما يساويه أو لما هو أعم منه جاز رؤية كل موجود لثبوت الوجود أو ما يساويه أو ما هو أعم منه لكل موجود وإن كان لما هو أخص من الوجود فإذا كان لما يندرج فيه الواجب جاز رؤيته أيضا لوجود نقيضها وهو الوصف الذي يوجد للواجب وغيره وإن كان لا يندرج فيه الواجب فما سوى الواجب فهو محدث عند أهل الملل قد كان معدوما وهو قابل للعدم بلا نزاع فيكون المقتضي للرؤية لا بد أن يشترط فيه العدم أو قبوله ولا يجوز ذلك لأن الأمور الوجودية لا يشترط في علتها العدم ولا قبول العدم وطرد هذه الحجة يوجب ثبوت كل أمر وجودي # ويقال على هذا جميع النقائص التي يجب تنزيهه تعالى عنها فإنما هو لاستلزامها العدم وأما الوجود من حيث هو وجود فهو كمال فلا يجوز نفيه عنه وهذه الطريق توافق قول من يقول الكمال وهو الوجود وتوابعه كالسمع والبصر والكلام فإنها وجود ليس فيها عدم والنقائص التي هي ضد هذه فيها العدم وهو عدم هذه الأمور
# وكلام السلف والائمة موافق لهذه الطريقة حيث كانوا ينزهونه عن النقائص التي يشبه فيها المعدوم او الموات العادم لصفات الكمال وهذا موافق ما قدمناه قبل هذا من ان ما كان صفة للعدم لم يجز ان يوصف الله به وانما يوصف من السلوب بما كان مستلزما للوجود اذ العدم المحض ليس فيه ثناء وحمد وصفات الله فيها الثناء والحمد وهذا يطابق ان الموجود من حيث هو فيه الثناء والحمد والحمد لله رب العالمين # ونكتة هذه الحجة ان كل حكم ثبت لمحض الوجود فالوجود الواجب اولى به من الممكن وكذلك من الامثال المضروبة وهي الاقيسة العقلية ولله المثل الاعلى ان كل كمال ثبت لموجود فالواحب اولى به من الممكن وكل كمال يوجد في المربوب فالرب اولى به من العبد وهذا مما سلكه الفلاسفة لكن يعبرون بمعنى التولد فيقولون كل كمال ثبت للمعلول فانه من اثر العلة والعلة اولى به من المعلول وهذه اقيسة عقلية وامثال مضروبة ولله المثل الاعلى تستعمل في عامة الامور الالهية كما ورد الكتاب والسنة بنحو ذلك كما قد بيناه في غير هذا الموضع # وقولنا في هذه الحجة كل حكم ثبت لمحض الوجود يخرج الاحكام التي تتضمن العدم مثل الاكل والشرب فان ذلك يستلزم كون الآكل والشارب اجوف بحيث يحصل الغذاء الذي هو اجسام في محل خال لا سيما اذا كان قد خرج غيره بالتحلل ويكون بدل المتحلل فيكون متضمنا خروج شيء من الجسم وذلك نقص منه وهو صفة عدمية ووجود اجزاء فيه وذلك يستلزم خاليا وهو نقص فيه وهو صفة عدمية وهذا ينافي الصمدية فان الصمد هو الذي لا جوف له فلا يأكل ولا يشرب ولا يلد ولا يخرج منه شيء ولا غيره
|
|
|
|