03 Apr 2010, 03:38 AM
|
#80
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
# قال الرازي البرهان الثامن لو كان علو الباري على العالم بالحيز والجهة لكان علو تلك الجهة أكمل من علو الباري تعالى لأنه بتقدير أن يحصل ذات الله في يمين العالم أو يساره لم يكن موصوفا بالعلو على العالم أما تلك الجهة التي في جهة العلو فلا يمكن فرض وجودها خالية عن هذا العلو فثبت أن تلك الجهة عالية على العالم لذاتها وثبت أن الحاصل في تلك الجهة يكون عاليا لا لذاته لكن تبعا لكونه حاصلا في تلك الجهة العالية على العالم وإذا كان كذلك فحينئذ يلزم أن يكون الباري ناقصا لذاته مستكملا بغيره وذلك محال فثبت أنه يمتنع أن يكون علوه على العالم بالجهة والحيز وذلك هو المطلوب # والكلام على هذا من وجوه # أحدها أن يقال ومن الذي قال إن علو الباري على العالم شيء موجود منفصل عنه أو بشيء منفصل عنه مطلقا هذا لا يقوله المنازع ولا يحتاج أن يقوله بل عندهم أن ذات رب العالمين فوق العالم وأنه سبحانه وتعالى العلي الأعلى المتعال بذاته لا يحتاج علوه إلى شيء غيره أصلا ولا يكون علوه بشيء منفصل عنه وما علمت أحدا من هؤلاء يقول إنه يحتاج في علوه إلى شيء منفصل عنه # وقول القائل إنه على العالم بالجهة والحيز لا يقتضي وجود شيء غير نفسه وغير العالم فإن الجهة من الأمور الاضافية كما تقدم والحيز يراد به ما هو داخل في مسمى اسمه وليس شيئا خارجا عنه ويراد به تقدير المكان وليس ذلك شيئا وجوديا بل لا حقيقة له بحال إلا أنه مقدر مفروض كما يقدر الزمان قبل العالم
وإنما يقصدون بهذه العبارة أنه بذاته فوق العالم ليست فوقيته مجرد القدرة كما تقوله الجهمية وإذا كان كذلك فليس هناك شيء هو أعلا من الله تعالى أو شيء يحتاج الله إليه في علوه بل الأمر عندهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنت الظاهر فليس فوقك شيء وقد تقدم الكلام على هذا غير مرة # واعتراف هذا بأن الجهة والحيز أمرا وجوديا وأنه ليس وراء العالم إلا العدم المحض فكيف يقال إن علو العدم المحض أكمل من علو الباري والعدم المحض لا حقيقة له بحال ولا وجود بل أحقر حقير في العالم وأسفل سافل هو خير منه ولا يوصف لا بعلو في الحيز ولا بسفول ولا شيء من ذلك # الوجه الثاني قوله إن بتقدير أن يحصل ذات الله في يمين العالم أو يساره لم يكن موصوفا بالعلو على العالم وتلك الجهة لا يمكن فرض وجودها خالية عن هذا العلو يقال له قد قررت فيما تقدم أن العالم كري الشكل وإذا كان كذلك لم يكن له يمين ولا يسار بل ليس له إلا جهة المحدب وهو المحيط والباري خارج العالم فيمتنع أن يكون الباري إلا فوق العالم # فقولك بعد هذا إذا كان عن يمين العالم أو يساره أسقط من قولك إذا كان داخل العالم فإن العالم له داخل وأما يمين أو يسار فليس له وفرض وجود موجود داخل العالم ممكن وفرض وجود موجود عن يمينه ويساره غير ممكن كما قررته # الوجه الثالث هب أن بعض سطوح العالم سميته يمينا أو يسارا مع كونه مستديرا بالنسبة والاضافة لكن سطوح العالم مستوية في العلو فليس شيء أعلا مما تقدره يمينا أو يسارا وقد ذكرنا فيما مضى قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا سألتم الله
الجنة فسلوه الفردوس فإنه أعلا الجنة وأوسط الجنة وسقفها عرش الرحمن فجعل الأعلى هو الأوسط وذكرنا أن هذا لا يتأتى إلا في الجسم المستدير لأنه يمكن أن يجعل وسطه أعلاه وكذلك ما يفرض متيامنا فيه أو متياسرا هو أيضا يكون أعلاه وإن لم يكن وسطه فقوله بتقدير أن تحصل ذات الله في يمين العالم أو يساره لم يكن موصوفا بالعلو على العالم كلام باطل وقد قرره هو وكما اتفق عليه أهل الحساب بل قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن عرشه على سمواته مثل القبة وقد قدمنا دلالة الكتاب والسنة والاجماع مع الحساب العقلي على أن الأفلاك مستديرة فبطل ما ذكره # الوجه الرابع هب أنه يمكن فرض متيامنا عن العالم أو متياسرا وأنه لا يكون كذلك حينئذ فوق العالم فقد لا يسلم المنازع أن هذا الفرض يمكن في حق الله تعالى لأنه العلي الأعلى الذي يستحق العلو لذاته ولا يلزم من جواز انخفاض غيره عن بعض الموجودات جواز انخفاضه هو وإذا كان هذا الفرض غير معلوم الجواز أو هو ممتنعا في حق الله تعالى لم يكن ما يلزم عليه لازما لأن التقدير الممتنع يلزمه حكم ممتنع كما لو فرض أنه معدوم أو أنه غير عالم أو أن العالم فوقه أو أنه محتاج إلى خلقه وغير ذلك # الوجه الخامس أن هذا الفرض هب أنه ممكن أو يقدر تقديرا فلم قيل أن ما يكون متيامنا عن العالم أو متياسرا ولو كان غير الله يكون فوقه شيء قوله لأن تلك الجهة التي في جهة العلو لا يمكن فرض وجودها خالية عن العلو يقال هذا تخليط فقولك الجهة التي في جهة العلو يقتضي شيئين أحدهما في الآخر وقولك لا يمكن فرض وجودها يقتضي أنها شيء موجود وقولك خالية عن العالم يقتضي أن فوق العالم شيء غير الله وهو موجود موصوف في العلو وهذا باطل بل كفر باجماع المسلمين فإن الله خالق كل شيء والعالم
اسم لكل موجود سوى الله تعالى فلو كان فوقه شيء موجود غير الله لكان ثم موجود غير الله لم يخلقه الله بل هو مستغن عن الله لاسيما وقد جعل الله محتاجا إليه وهذا لا يقوله عاقل فضلا عن أن يقوله مسلم وقد تقدم الكلام على هذا بأبسط من هذا لما ذكر أن الله يحتاج إلى حيز في الأدلة العقلية ولما ذكر أن الحيز منها في الأدلة السمعية وفي غير ذلك # الوجه السادس أنا قد قررنا غير مرة أن ليس فوق العالمين إلا رب العالمين وليس هناك غيره ولا شيء يشاركه في العلو غيره بوجه من الوجوه فضلا عن أن يكون هناك ما هو عال عليه فقوله الجهة التي في جهة العلو لا يمكن فرض وجودها خالية عن هذا العلو يقال له لا جهة هناك إلا الله فهو الذي يشار إليه موجودا والاشارة إلى موجود غيره هناك ممتنعة فإن كنت تعتقد أن هناك موجودا يشار إليه فأبطل ما تعتقده وإلا فالناس لا يعتقدون هذا ومنازعة الانسان فيما لا يعتقده تضييع زمان ونوع من الكذب والبهتان # الوجه السابع قولك إن الحاصل في الجهة يكون عاليا لا لذاته لكن تبعا لكونه حاصلا في تلك الجهة العالية على العالم ممنوع بل باطل لأنه استحق العلو بذاته لا لأمر منفصل عنه كما استحق الأزلية بنفسه لا لأمر منفصل عنه فقول القائل علوه تبع لعلو الجهة كقوله إنه قديم تبع لقدم الزمان وكل من الخيالات الفاسدة بل هو الأول بنفسه الذي ليس قبله شيء وهو الآخر بنفسه الذي ليس بعده شيء وهو الظاهر بنفسه الذي ليس فوقه شيء وهو الباطن بنفسه الذي ليس دونه شيء # الوجه الثامن هب أن الجهة في العلو أو الدهر في القدم شيء موجود تبع له فوجوده تبع لوجود الحق لا أن علو الحق وقدمه تبع له فإن ذلك يكون
داخلا في مسمى نفسه كما يقال إن الحيز هو جوانب المتحيز فإن كون الدهر هو عبارة عن قدمه فقدمه وحيزه داخل في مسماه وصفة من صفاته فلا يكون هو سبحانه تبعا لصفاته ولو قدر شيئا خارجا عن صفاته لكان وجوده تابعا لوجود الحق وكان الحق هو الموجب له فكيف يكون عاليا لا لذاته لكن تبعا لكونه حاصلا في تلك الجهة وهو الغني عن كل ما سواه وكل ما سواه مفتقر إليه سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون والعادلون به علوا كبيرا # فإن كلام هذا وأمثاله عدل بالله وإشراك به وجعل أنداد له وضرب أمثال له حيث جعل علوه وفوقيته على العالم بمنزلة علو الملك على سريره أو هو في هواء سطحه الذي قد سفل الرجل عنه فيكون دونه ويكون ذاك باقيا على علوه وجعل علوه محتاجا إلى ما يعلو به كما يحتاج الانسان إلى السطح أو السرير فكلامه في علو الله يوجب أنه جعله مثل هذا العلو يجمع من التمثيل لله والعدل به ابتداءا ومن جحد علوه المستلزم لجحود ذاته انتهاءا ولهذا كان السلف والأئمة يصفون هؤلاء بالأمرين بأنهم ممثلون عادلون بالله وبأنهم معطلون جاحدون لله ولا حول ولا قوة إلا بالله وهذا الذي قاله السلف والأئمة يلزمهم لزوما لا محيد عنه وقد يظهر هذا تارة وكثيرا ما يظهر الأمران ولا ريب أنهم إنما عدلوا به في هذه المعاني لينفوها عنه ظانين أن هذا تنزيه لله وتقديس لم يقصدوا أن يثبتوا له مثلا ولكن قدروا المثل لينفوه لكن لزمهم التمثيل من وجهين # أحدهما أنهم سووا بين الله وبين غيره في هذه المقاييس الشمولية المنطقية وهي الأمثال التي ضربوا له فجعلوه فردا من أفراد تلك الأمور العامة وحكموا عليه بمثل ما حكموا به على الأفراد حيث قالوا كلما كان فوق غيره فلابد أن
يكون كذا أو كلما كان كذا فلابد أن يكون كذا وأيضا فإنهم مثلوه بغيره على ذلك التقدير وهو لا يكون مثلا لغيره لا تحقيقا ولا تقديرا من التقادير التي يقع فيها شبهة ونزاع على ذلك التقدير يعلم أن له من الخصوص ما يقطع مماثلته لغيره # الوجه الثاني أن هذه المعاني التي ينفونها هي ثابتة في نفس الأمر معلومة بالكتابة والسنة وبالفطرة والعقل وبالقياس أيضا فإذا مثلوه فيها بالمخلوقات فقد صرحوا بجعل أنداد له والأمثال والأسماء ثم إنهم عطلوا فجحدوا الحقائق هي ثابتة للرب وعطلوا ما في الكتاب والسنة والاجماع من بيان ذلك والدلالة عليه وعطلوا في القلوب من المعرفة الفطرية والقياسية فصاروا معطلين للحقيقة الخارجية والعلوم الثابتة بالنبوات المعروفة بالقلوب فعطلوا الشرع والعقل جميعا مع دعواهم العقليات كما عطلوا التوحيد مع دعواهم أنهم هم الموحدون # الوجه التاسع أن يقال قد قلت لو كان علو الباري على العالم بالحيز والجهة لكان علة الجهة أكمل من علو الباري ولم تذكر على ذلك حجة إلا قولك لأنه بتقدير أن يحصل ذات الله في يمين العالم أو يساره لم يكن موصوفا بالعلو على العالم أما تلك الجهة التي في جهة العلو لا يمكن فرض وجودها خالية عن هذا العلو فثبت أن تلك الجهة عالية عن العالم لذاتها وثبت أن الحاصل في تلك الجهة يكون عاليا لا لذاته لكن تبعا لكونه حاصلا في الجهة
# فيقال لك أنت قد قدرت تقديرا أن الباري عن يمين العالم أو عن يساره ولم تذكر دليلا على امتناع ذلك في الجهة وكل واحد من هاتين الدعوتين ممنوعة فلا نسلم لك إمكان هذا التقدير في حق الباري ولا امتناعه في الجهة أو لا اسلم لك مجموع إمكان هذا وامتناع هذا بل قد يشتركان في الامكان أو الامتناع فهذا المنع له ثلاث موجبات أحدها إمكانها جميعا والثاني امتناعهما جميعا والثالث تيامن الجهة وتياسرها وامتناع تيامن الباري وتياسره فلم تذكر حجة تنفي واحدا من هذه الوجوه ونحن نذكر توجيه هذه الأجوبة فنقول # الوجه العاشر أن الجهة والحيز إما أن تكون وجودية أو عدمية فإن كانت عدمية لم يجز أن توصف بعلو على العالم ولا سفول ولا يقال إن علو الباري تبع لها ولا أنه محتاج إليها ولا شيء من هذه الأمور فبطلت الحجة # وإن كان الحيز والجهة أمرا وجوديا فمن المعلوم أنه إذا قدر تيامن الرب وتياسره فبتقدير تيامن ذلك الشيء الموجود المسمى بالحيز والجهة أولى بالتيامن والتياسر فإن ذلك إن كان من صفات الرب الداخلة في مسمى اسمه فهي تبع له وإن كان شيئا منفصلا كالعماء أو العرش أو ما يقدر فإن تقدير التحول على هذا أولى من تقديره على الله فإن انتقال هذا وتحوله أولى بالجواز من انتقال الله تعالى وتحوله ولهذا لم ينازع في هذا المسلمون الذين ينازعون في جواز الحركة والانتقال على الله بل يجوزون ذلك على العرش وغيره وينازعون في جوازه على الله فظهر أن تقدير تيامن الحيز والجهة وتياسره أولى من تقدير ذلك في الرب # وإذا كان كذلك فقوله إنه بتقدير أن يحصل ذات الرب في يمين العالم أو يساره لا يكون موصوفا بالعلو وتلك الجهة التي في جهة العلو لا يمكن فرضها خالية
عن العلو باطل قطعا بل إن كانت شيئا يحتمل الصفات يوصف بالعلو ويكون في الجهة فإن خلوه عن صفة العلو أولى من خلو الله عن صفة العلو على كل تقدير وإن كان شيئا لم يحتمل هذه الصفة ولا يكون في جهة فهذا عدم لا يقال فيه إنه عال عن العالم فضلا عن أن يقال إن علوه لذاته وعلو الباري تبع له # الوجه الحادي عشر إن كثيرا من المسلمين من الصفاتية الذين يقولون إن الرب فوق العالم وفوق العرش يقولون إنه لا يجوز عليه الحركة والانتقال ولا يتصور أن يتيامن أو يتياسر فضلا عن أن يكون خاليا عن صفة العلو فيكون ما قدرته في حق الباري ممتنعا بل أصحابه الذين يقولون إنه فوق العرش يقولون بذلك وإذا كان هذا التقدير ممتنعا عندهم كان أدن أحواله أن يكون كما ادعيته من علو الجهة أنها عالية لذاتها لا يمكن فرضها خالية عن هذا العلو فكيف وقد تقدم بينان أن الأمر ليس كذلك وإذا كان على أسوء التقديرين يكون كل منهما مما يمنع زواله فيكون علو كل منهما لذاته فلا يكون علو الجهة أكمل من علو الله ولا يكون مستكملا بها بل إن امتنع عليه الحركة والزوال امتنع تحوله عن العلو فإذا كنت في هذا المقام لو اشركت بالله فجعلت الجهة له عدلا وشبها في مشاركتها له في العلو الذاتي لكان هذا الاشراك خيرا من أن يفضل علو الجهة على علوه ويجعل علوها بنفسه وعلوه بها # فتبين أن الذي قلته أقبح من هذا الشرك ومن جعل الأنداد لله كما أن جحود فرعون الذي وافقتموه على أنه ليس فوق السموات رب العالمين إله موسى جحوده لرب العالمين ولأنه في السماء كان أعظم من شرك المشركين الذين كانوا يقرون بذلك ويعبدون معه آلهة أخرى كحصين الخزاعي لما كان مشركا وأمثاله الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم كم تعبد اليوم إله قال سبعة آلهة ستة في
الأرض وواحد في السماء فلا ريب أن شرك هذا أخف من جحود فرعون مع أن هذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم فمن الذي تعد لرغبتك ورهبتك قال الذي في السماء فهو يعتقد أن الاله الذي في السماء أعظم من تلك الآلهة فأنتم لم ترضوا أن تجعلوا علو الله أكمل من علو غيره ولا جعلتموه مثل علوه بل جعلتم علو الغير أكمل من علوه وهو يحتاج إلى ذلك الغير الذي هو مستغن عنه وكل هذا إفك وبهتان عظيم على رب العالمين # الوجه الثاني عشر أن المسلمين المزيد يجوزون عليه النزول والمجيء والاتيان والحركة قد يوافقون الأولين في أنه لا يكون إلا عاليا حتى يقولوا أنه ينزل إلى السماء الدنيا ولا يخلو منه العرش ويقولون وصفه بهذه الصفات لا ينافي علوه فهؤلاء أيضا يوجبون له العلو ويقولون إنه عال بذاته ويمتنع أن يكون غير عال وإن جوزوا عليه الحركة والانتقال وإذا كان كذلك فهؤلاء يقولون لا نسلم إمكان خروج الله عن صفة العلو لوجه من الوجوه حتى نقدر له تيامن أو تياسر يخرجه عن أن يكون موصوفا بالعلو بل هذا يمتنع عندهم فإذا كان كذلك كان قولهم مثل قول اخوانهم المتقدمين في توجيه المنع فيقولون لا نسلم أن علو الجهة يكون أكمل من غيره وأنه محتاج إليها هذا لو كانت الجهة أمرا يمكن وصفه بالعلو بحيث يحتمل أن يكون في ذاته عاليا وإلا فإذا لم يكن كذلك بطل أصل الكلام # الوجه الثالث عشر أن يقال هب أنه سلم لك أنه قد يتيامن أو يتياسر بحيث لا يكون موصوفا بالعلو لكن لا يسلم أن الجهة التي توصف بالعلو لا يمكن فرض وجودها خالية عن العلو فإن الذي يحتمل صفة لا يكون إلا موجودا إذ المعدوم لا يحتمل الصفات ولا يقال إنه في جهة العلو ولا في جهة
السفل ولا في شيء من الجهات وإذا كان موجودا كان تقدير خروجه عن صفة العلو أولى من تقدير كون الله ليس موصوفا بالعلو على كل وجه من الوجوه فإن التحول والانتقال وجوازه على المخلوق أولى من جوازه على الخالق # الوجه الرابع عشر أن كونه موصوفا بعلو ذاته على العالم إما أن يكون واجبا له أو لا يكون فإن كان واجبا له فأنتم معاشر الجهمية من أعظم الناس سلبا لهذا الواجب عنه وتقولون إن علوه إنما هو القدرة فقط فالذي يقول إنه تارة يكون عاليا بذاته على العالم وتارة يكون غير عال بل إما متيامنا أو متياسرا وغير ذلك مع كونه عاليا بالقدرة التي أثبتموها في الحالين هو أعظم وصفا لله بصفة الكمال منكم حيث أثبت له العلو الذي أثبتموه وزاد عليكم بأن أثبت له من العلو الذي هو كمال مالم تثبتوه أنتم ثم هو موع هذا إذا وصفه وزاد عليكم بأن أثبت له من الذي هو كمال مالم تثبتوه أنتم ثم هو مع هذا إذا وصفه بما يقتضي أن يكون علو الجهة أكمل منه مثل تجويز عدم العلو عليه بعض الأوقات هو أحسن حالا منكم حيث سلبتموه هذا العلو الذي هو كمال فمن اثبته له ولو لم يجعله أكمل فيه من غيره هو أحسن حالا فليس لكم أن تبطلوا قوله بتصحيح قولكم فإن كان علو ذاته على العالم ليس بصفة الكمال لم يصح أن يقال علو الجهة أكمل من علوه لأن التفضيل في الكمال يقتضي الاشتراك فيه فإذا كان كل واحد من علو ذاته على العالم ومن علو الجهة على العالم ليس هو صفة كمال لم يكن أحدهما أكمل من الآخر فبطلت هذه الحجة وظهر أن هذه الحجة باطلة على التقديرين ولله الحمد
|
|
|
|