03 Apr 2010, 03:37 AM
|
#79
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
# وحينئذ فيعارض ما ذكرته في تركيب المقدار مثله سواء فيقال لك إن لم يوجب التركيب الانحلال إلى ما تركب فيه لم يجب فيه ذلك في الموضعين فبطلت الحجة وإن أوجب ذلك بانحلال المقدار إلى جزء لا تركب فيه فانحلال الصفة إلى جزء هو صفة لا تركب فيها # وإذا قيل في أجزاء المقدار إنها متماثلة وإلا كانت مركبة قيل في أجزاء الكيفية إنها متماثلة وإلا كانت مركبة وإذا قيل إن تماثلها يوجب أن يجوز على كل واحد ما يجوز على الآخر قيل إن تماثل تلك يوجب أن يجوز على كل واحد ما يجوز على الآخر وحينئذ فيجب أن يوصف العلم بما توصف به القدرة وتوصف الحياة بما يوصف به الكلام ويسد كل منهما مسد الآخر وهذا مع أنه محال فذلك يستلزم جواز الاكتفاء بصفة عن سائر الصفات وذلك يستلزم عدم وجوب هذه الصفات للذات وهذا أبلغ مما ألزمه في المقدار من جواز انحلال الذات وتفرقها فإن عدم كيفيات الموجود أو الجسم أبلغ في عدمه وتلاشيه من تفرق أجزائه ولهذا كثير من الأجسام يفرق ثم يجتمع كما يتفرق الماء ثم يجتمع وأما إذا بطلت كيفيته مثل بطلان المائية والنارية فإنه يكون فاسدا مستحيلا # وهذا وإن كان إلزاما لمن يثبت الصفات فهو لازم لكل أحد أيضا فإنه لابد في إثبات وجود ووجوب ونحو ذلك وأي معنى أثبت جعل فيه نظير هذا التركيب وهذا لازم لابن سينا ونحوه من الملاحدة أيضا فإنه يقال في الوجود والوجوب إن الموجود يشارك غيره من الموجودات في مسمى الوجود ويفارقها في خصوصه والوجوب بالذات يشارك الوجوب بالغير في مسمى الوجوب ويفارقه في كونه بالذات وكذلك يقال في العاقل والمعقول والعقل والعناية وكونه فاعلا أو مبدءا أو علة أو غير ذلك إذ لابد لكل من أثبت موجودا
من أن يثبت وجودا واجبا ويلزمه فيه هذه اللوازم وقد بينا هذا فيما تقدم # وابن سينا كان من الملاحدة وكان أبوه من دعاتهم وذكر أنه بسبب ذلك اشتغل فيما اشتغل به من علوم الفلاسفة الصابئة الأوائل فإن أصول الملاحدة مبنية على ما أخذوه من هؤلاء الصابئة وما أخذوه من المجوس وهؤلاء الصابئة المبتدعون يقولون أن العالم متولد عن الله والمجوس يجعلون له شريكا في خلقه فالطائفتان كما قال تعالى ^ وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم ^ ^ وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ^ وهو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فإن المجوس تجعل ابليس وهو أصل الظلمة هو شريك النور في التخليق فيجعلون الجن شركاءه وليس هذا موضع بسط ذلك ولكن ننبه على أن كتاب الله لما كان دعوة لجميع الخلق ففيه تفصيل كل شيء وهو الحاكم بين جميع الناس فيما اختلفوا فيه # ولهذا أراد النصير الطوسى ونحوه من ملاحدة المسلمين واليهود على أن يضعوا للدولة الكافرة المشركة الجاهلة دولة هولاكو عقيدة واتفقوا على أن تكون عقيدة ابن سينا ولهذا كانت الملاحدة تميل إلى هؤلاء المشركين كثيرا وكان ملكهم هولاكو يقرب الملاحدة ويستعين بهم على المسلمين لما عرف مباينتهم في الباطن للاسلام وأهله مع منافقتهم لهم في الظاهر # الوجه السادس قوله إن تلك الأجزاء إما أن تكون متماثلة الماهية أو مختلفة الماهية يقال قد تبين أن ما ذكرته لا يستلزم أن تكون هنا أجزاء
موجودة وغاية ما يلزم ما ذكرته تمييز شيء عن شيء وجانب عن جانب والذي يكون كذلك يقال في صفاته ما يقال فيه فإذا قيل إنه مع أنه واحد فهو ذو أبعاض يتميز منه شيء من شيء فكذلك يقال في صفاته القائمة به وفي حيزه وفيما يلاقيه ففي الجملة متى فرض تميز شيء منه عن شيء وقيل إن ذلك أبعاض ولكل بعض خاصة تميز بها ثم يقال وسواء كان هناك أجزاء وأبعاض موجودة يتميز بعضها عن بعض أو لم يكن # فإذا قيل كل بعض إما أن يماثل الآخر أو لا يماثله قيل إن أردت بالمماثلة أن يقوم مقامه فيما يختص بعينه فلا يكون في العالم شيئين متماثلين وإن أردت بالتماثل أن يقوم مقامه فيما يكون لنوعه لا لعينه قال لك المنازع إنها متماثلة وإذا قال ذلك لم يجز أن تقول فيصح أن يكون الملاقي مباعدا والمباعد ملاقيا لأن ذلك الملاقي من صفات عينه مجاورته لما جاورته وحيزه المعين وتلك الصفة لا يقوم فيها غيره مقامه وإن كان مثله كما تقدم فلا يلزم من كونهما متماثلين إن يصير الملاقي مباعدا والمباعد ملاقيا # وقولنا المثلان يصح على كل منهما ما صح على الآخر إنما هو فيما ليس في خصائص العين والملاقاة والمباعدة من خصائص العين فإن الملاقي إذا صار مباعدا خرج عن حيزه المعين وعن أن يكون ملاقيا لما كان ملاقيا له ووجب أن يصير ملاقيا لغيره وكذلك المباعد وحينئذ فتختلف صفات عينه بالتفريق فلا يكون ذلك لازما لكونهما مثلين فلا يلزم من التماثل ذلك # الوجه السابع أن يقال هذه التي سميتها أجزاءا سواء كانت أجزاءا مقدرة أو هي متميزة تميزا حقيقيا لا يخلو إما أن تريد بكل واحد منها الجزء الذي
لا يتجزأ وهو الجوهر الفرد أو ما هو أكبر من ذلك فإن أردت بالأجزاء الجواهر المنفردة وقد قلت إما أن تكون متماثلة الماهية أو مختلفة فيقال لك هب أنها مختلفة في الماهية ما الذي يلزم قولك و القسم الثاني وهو أن يقال إن تلك الأجزاء مختلفة في الماهية فنقول كل جسم مركب من أجزاء مختلفة الماهية فلابد وأن ينتهي تحليل تركيبه إلى أجزاء يكون كل واحد منها مبرءا عن هذا التركيب يقال هذا باطل على هذا التقدير لأن كل واحد من تلك الأجزاء المختلفة الماهية إذا كان جزءا لا ينقسم وهو الجوهر الفرد امتنع حينئذ أن يكون مركبا وأن يتحلل إلى أجزاء أخر فإنه لا تركيب فيه بحال أكثر ما يمكنك أن تقول فيه ما قلته في الأجزاء التي يتحلل إليها من لزوم مماسته بيمينه شيئا وبيساره شيئا آخر لكن يقال لك هذا أولا في الجزء الذي لا ينقسم # وقولك لكن يمينه مثل يساره إلا لكان هو نفسه مركبا وقد فرضناه غير مركب كلام متناقض ينقض بعضه بعضا فإنه إذا كان له يمين ويسار كان مركبا # وقولك يمينه مثل يساره والمثلان غير أن يقضى أن فيه غير أن وهذا تركيب أيضا وتماثل جانبيه لا يخرجه عن أن يكون مركبا فقولك وقد فرضناه غير مركب تناقض # وكذلك قولك ودعواك أنه تماثل يمينه يساره وإلا لكان هو نفسه مركبا يقتضي أنه مع تماثل جانبيه يكون غير مركب ومع عدم تماثلهما يكون مركبا وليس الأمر كذلك بلا نزاع # وأيضا فإنه على هذا التقدير الأجزاء مختلفة في الحقيقة وإذا كانت مختلفة في الحقيقة لم يلزم أن يجوز على كل واحد منها ما جاز على الآخر بل يمتنع تساويهما
فيما يجب ويجوز ويمتنع فلو وجب أن يقوم كل منها مقام الآخر لكانت متماثلة والتقدير إنها مختلفة هذا تناقض فعلم أنه يمتنع مع كون الأجزاء غير منقسمة وهي مختلفة في الحقيقة أن يقوم بعضها مقام البعض وحينئذ فيبطل لزوم تفرقها # بل يقال إذا كان تفرقها يوجب قيام بعضها مقام بعض امتنع تفرقها مع كونها مختلفة لأن الحقائق الختلفة يمتنع أن يقوم بعضها مقام بعض هذا إن أراد بالأجزاء الجواهر المنفردة وهو المفهوم من اطلاقه # وإن أراد بالأجزاء الأجزاء الكبار قيل # الوجه الثامن وهو أن المعنى أنه مركب من أجزاء كبار بحيث يلزم إذا كانت مختلفة أن يكون الجزء منها ينحل إلى أجزاء لا تنقسم وقد قلت إما أن تكون متماثلة أو مختلفة فيقال لك نقدر إنها متماثلة وهي وإن كانت متماثلة في الصفة فلها قدر في نفسها ليست أجزاء منفردة إذ التقدير كذلك وإذا كانت كذلك لم يلزم أن يكون الطرف منها وسطا لأن الطرف يكون غير منقسم وغير المنقسم لا يسد مسد الجزء الكبير الذي قد ينقسم وإذا لم يكن كذلك لم يلزم جواز تباعد المتلاقيين وتلاقي المتباعدين لتباين مقاديرهما واشكالهما وإن الذي يقوم مقام غيره لابد أن يكون مساويا له في الصفة والقدر جميعا لاسيما وعلى هذا التقدير فيمكن أن يكون بعضها أكبر من بعض لأنه أكثر ما يلزم أن يكون كل جزء منها يمكن انقسامه ليصح الحكم عليها بالتحليل إلى الذي لا ينقسم حتى يتوجه كلامه في القسم الثاني وإذا لم يجب إلا ذلك لم يلزم تساويها في المقدار وإذا لم يلزم تساويها في المقدار لم يجب أن يقوم بعضها مقام بعض فلا يلزم جواز التفرق والانحلال فحاصله أن هذه الأجزاء إن قدرها
منقسمة جاز اختلاف مقاديرها وأحكامها فلم يلزم قيام بعضها مقام بعض وعلى التقديرين يبطل ما ذكره من لزوم التفرق والانحلال # الوجه التاسع أن يقال الذات التي هي واجبة الوجود بنفسها وصفاتها لازمة لها لا يجوز أن توصف بما توصف به الذات الممكنة الجائزة وذلك لأن الأجسام المخلوقة لها أبعاض وصفات فيجوز أن الله يفرق بين أبعاضها ويجوز أن يزيل صفاتها عنها كما يجوز أن يعدمها والله سبحانه وتعالى لا يجوز عليه العدم ولا يجوز أن تفارقه صفاته الذاتية فبتقدير أن يكون على العرش وهو عظيم يتميز منه جانب عن جانب ويكون ما هو داخل في مسمى اسمه من الأمور اللازمة التي لا يجوز أن تفارق ذاته ويكون ما هو موصوف به من الاجتماع والاتصال أمرا واجبا لذاته لأنه الصمد كما تقدم وهذا ظاهر # وإن كان واجبا فبتقدير تماثل الأبعاض مع هذا لا يستلزم جواز التفرق لأن وجوب الاجتماع والاتصال يوجب أن يكون مكان كل واحد وحيزه داخلا في عينه الحاصلة والمثلان لا يجب أن يوصف أحدهما بما يوصف به خصوص عينه ولأن الموجب للاجتماع والاتصال ما تستحقه الذات من وجوب وجودها بصفاتها اللازمة وإذا كان كذلك فصار المتلاقيان متباعدين والمتباعدين متلاقيين بغير اجتماع الذات واتصالها عما كان عليه فلم يقم أحدهما مقام الآخر ولا يسد مسده فلا تكونان مثلين # وهذا يتقرر بالوجه العاشر وهو أن يقال هب أن الأجزاء متماثلة فقولك والمثلان يصح على كل واحد منهما ما يصح على الأخر فعلى هذا يلزم القطع بأنه يصح على المتلاقيين أن يصيرا متباعدين وعلى المتباعدين أن يصيرا
متقاربين وذلك يقتضي جواز الاجتماع والافتراق إنما يكون كذلك لو كانا بعد تغيرهما بالتباعد والتلاقي يبقى تماثلهما وليس كذلك بل إذا تفرق أجزاء الذات المجتمعة تغيرت الأجزاء ولم تبق بعد الافتراق كما كانت حال الاجتماع وهذا مشهود في الأجرام المخلوقة فإن اجتماع بعضها ببعض يوجب لها من القوة وغيرها من الصفات ما لا يوجد عند الافتراق حتى إن من أحكامها واحكام الذات التي هي أبعاضها ما لا يصح إلا عند الاجتماع والتفرق يبطل ذلك وإذا كانت بالتفرق تخرج عما كانت عليه حين الاجتماع لم يلزم من تماثلها جواز تفرقها لأن التفرق يخرجها عن المماثلة فيكون إذا كانت متماثلة وجب أن تصير غير متماثلة # يقرر هذا الوجه الحادي عشر وهو أن كل جسم مؤلف هو يشتمل على جواهر منفردة كما ذكر وهي متماثلة كما ذكر والمثلان يصح على كل واحد منهما ما صح على الآخر فيقال لا يخلو إذا تفرقت هذه الأجزاء أن تكون حين افتراقها كما كانت حين اجتماعها أو لا تكون فإن كانت كذلك لزم أن يكون كل جسم في العالم إذا افترقت أجزاؤه إلى الجوهر المنفرد أن يكون حال تلك الجواهر حين ما كانت متصلة وهي تلك الذات كحالها حين تفرقها وفساد هذا معلوم بالحس والبديهة فإن الجسم ليس هو إلا تلك الجواهر وتركيبها فإذا فرض أن حالها مع زوال التركيب كحالها مع التركيب وجب أن تكون موصوفة حال افتراقها بما كانت موصوفة به حال اجتماعها وهذا معلوم الفساد بالحس والبديهة لأن عامة الأجسام إذا تفرقت أجزاؤها بطل عامة صفاتها وأحكامها # وإذا كانت حين افتراقها بخلاف ما كانت حين اجتماعها لم يلزم من تماثلها جواز افتراقها لأن ذلك يقتضي اختلاف حالها وليس الشيء إلى مثله
بأقرب منه إلى نفسه فإذا كان الشيء إذا خالف غيره بشيء لم يجب أن يكون مثله فالشيء الواحد إذا وجب بانتقاله من حيز إلى حيز اختلاف حقيقته أن لا يجب ذلك فيه بطريق الأولى # وحينئذ فيقال الوجه الثاني عشر وهو أن تماثلها يوجب اشتراكها فيما يجب ويجوز ويمتنع عليها والواحد منها يمتنع عليه أن يفارق عينه لأن ذلك يقتضي استحالته وتغيير حقيقته والواجب الوجود لا يجوز عليه ما يفضي إلى استحالته وتغيير حقيقته فإذا مع تماثلها يجب اشتراكها في امتناع استحالتها وتغيير حقيقتها وذلك يقتضي تماثلها في امتناع الافتراق عليها لأن الافتراق يبطل حقيقتها # وهذا يظهر بالوجه الثالث عشر وهو أن صفات الجسم المخلوق وأعراضه يجوز أن يرفعها الله تعالى فإن اقتضى ذلك استحالته وتغير حقيقته لأن الله تعالى قادر على ذلك ولا محذور فيه وأما صفات الرب كحياته وعلمه وقدرته فلا يجوز أن تفارق ذاته لأن ذلك يلزم استحال الرب وتغير حقيقته وذلك محال فزوال صفاته الذاتية محال ولا يلزم إذا كان غيره من الموجودات يجوز أن تفارقه صفاته أن يقال في حق الله تعالى يجوز أن تفارقه صفاته وكذلك إذا كان غيره من ذوات الأقدار يجوز أن تتفرق أبعاضه لأن ذلك يقتضي تغير حقيقته وهو محال وإذا قيل الأبعاض متماثلة كان هذا مما يوجب اشتراكها فيما يمتنع عليها من العدم وتغير الحقيقة كما أن الصفات مشتركة في ذلك وإن كانت غير متماثلة فالأبعاض المتماثلة أولى بالاشتراك في ذلك # الوجه الرابع عشر أن يقال قولك أما ثم تكون متماثلة الماهية أو مختلفة الماهية تقسيم غير حاصر لأن التماثل والاختلاف فرع التغاير ونحن لا نسلم أن
الواحد منها يقال إنه عين الآخر حتى يقال إنه مثله أو خلافه بل لا يقال إنه غيره لا مثله ولا خلافه ولا يقال هو هو كما يقوله كثير من الصفاتية أو أكثرهم في العلم والقدرة والحياة أن أحدها وإن لم يكن عين الآخر فلا يقال إنه غيره ولا أنه مثله ولا خلافه لأن التماثل والاختلاف فرع التغاير فإن الغيران إما أن يكونا مثلين أو خلافين والخلافان إما أن يكونا ضدين أو خلافين غير ضدين وإذا كان كذلك فالمتغايران ما يجوز وجود أحدهما دون الآخر ولا ينقض هذا بالخالق والمخلوق فإن الله يجوز وجوده بدون المخلوق وصفات الحق لا يجوز وجود بعضها دون بعض فلا تكون متغايرة ولا توصف بتماثل ولا اختلاف # الوجه الخامس عشر هب أن يقال إنها غير متماثلة بل هي مختلفة أو بعضها يختلف وبعضها غير مختلف حيث وردت النصوص بأسماء تقتضي حقائق غير متماثلة كقوله تعالى ^ ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ^ وقوله ^ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ^ وقوله ^ ولتصنع على عيني ^ وقول النبي صلى الله عليه وسلم # المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين وقوله # يقبض السموات بيمينه والأرض بيده الأخرى وفي رواية في الصحيح والأرض بشماله إلى سائر ما ورد في هذا الباب مما يطول وصفه فأما أن يجب تحللها إلى أجزاء متماثلة أو لا يجب فإن وجب ذلك جاز على كل شيئين مختلفين أن يصيرا متماثلين بل وجب منهما أن يكونا متماثلين فإنه إذا وجب تحللها إلى الأجزاء المتماثلة التي يجوز على كل واحد منهما ما يجوز على الآخر فقد وجب أن يجوز على أجزاء كل واحد ما جاز على أجزاء الآخر ومن الجائز على أجزاء كل واحد التباعد والتلاقي كما ذكره فيجب فيه جواز تفرق أجزائه وجواز أن يسد كل واحد منهما مسد الآخر
وذلك يستلزم أن يجوز على كل مختلفين أن يكونا متماثلين وإذا جاز على المختلفين أن يكونا متماثلين فقد اشتركا في أنه يجوز أن يجب ويمتنع ويجوز على أحدهما ما جاز على الآخر فإذا اشتركا في جواز ذلك لزم من ذلك محالات منها أن يشتركا في جواز الممتنع والجائز لا يكون ممتنعا بل هو نقيضه فيكونا قد اشتركا في جواز النقيضين عليهما # وأيضا فإنه إذا جاز على أحدهما ما يجوز على الآخر ووجب ما يجب له وامتنع عليه ما يمتنع عليه ولو بواسطة يتماثلان فيها لزم أن يكونا متماثلين وذلك يقتضي أن يكون كل مختلفين متماثلين وهذا قلب للحقائق وتبديلها وهو من أعظم السفسطة وهذا على أصله لازم من وجه آخر فإن عنده جميع الأجسام متماثلة فإذن ليس في الأشياء التي لها أجزاء أشياء مختلفة بحال فقوله تلك الأجزاء إما أن تكون متماثلة أو مختلفة إنما هو تقدير وإلا فعلى أصله لا تكون متماثلة ليس في الأجسام عنده ما هو غير متماثل وإن كان في هذا من السفسطة ومكابرة الحس والعقل ما فيه مع مخالفة النصوص من القرآن التي تثبت عدم تماثل الأجسام كقوله تعالى ^ يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ^ ونحو ذلك مما تقدم ذكره وإن لم يجب تحللها إلى أجزاء غير منقسمة بطل ما ذكرته # الوجه السادس عشر يقال قوله كل جسم مركب من أجزاء مختلفة الماهية فإنه لابد أن ينتهي تحليل تركيبه إلى أجزاء لا تركب فيها يصح أن يمس كل منهما بيمينه ما يمسه يساره لا يخلو إما أن يدخل رب العالمين في هذه القضية على تقدير كونه على العرش أو لا يدخله فإن لم يدخله لم يكن هذا حجة ولم يكن في هذا الكلام فائدة وإن أدخله في هذا القياس الشمولي
فقد ضرب لله مثلا بكل جسم حقير وغير حقير حين مثله بالبعوضة ونحوه مما فيه أجزاء مختلفة وهذا فيه اشراك بالله تعالى وعدل لله وجعل انداد له وجعل سمي له وكل ذلك ممتنع على الله تعالى # ولا يقال هذا إنما هو اشراك به وتمثيل على هذا التقدير لأنه يقال بطلان هذا التقدير يكون ممكنا امكانا ذهنيا فيجوز أن يكون ثابتا في نفس الأمر فلا يجوز أن يجعل لله شريك على تقدير يجوز أن يكون ثابتا في نفس الأمر قبل أن يعلم انتفاؤه وإذا علم انتفاؤه لم يكن هذا موجبا للعلم بانتفائه لكن قد يقال هذا دليل ثان فيقال هذا التقدير عند منازعك حق لأن القرآن والعقل قد دل على أن الله فوق العرش فإذا كنت قد جعلت له أندادا وأمثالا وسميا على هذا التقدير الذي ثبت بالكتاب والعقل فقد يثبت بالكتاب والعقل أنك جعلت لله عدلا وسميا ومثلا أيضا فيقال لك في # الوجه السابع عشر من أين لك إذا كان الله فوق العرش وقلت كونه يجب أن يكون جسما فيه حقائق غير متماثلة أن يكون مساويا لجميع الأجسام المؤلفة من أجزاء مختلفة ليس العلم بهذا إلا محض قياس الله تعالى على خلفه وتمثيله بهم وهو باطل # وتقرير ذلك بالوجه الثامن عشر وهو أن يقال ما تنازع فيه الناس من الصفات نفيا واثباتا هل يسوغ لمن يثبته أن يمثل الله بما ثبت له من تلك الصفات من جميع المخلوقات أم لا يسوغ ذلك فإن ساغ ذلك ساغ أن يقال لو كان عالما لكان بمنزلة جميع العلماء ولو كان حيا لكان يمنزلة جميع الأحياء بل يقال هذا فيما لا نزاع فيه
مثل أن يقال لو كان موجودا لكان بمنزلة سائر الموجودات بل يقال لو كان في الوجود وجود واجب لكان بمنزلة سائر الموجودات ومعلوم أن هذا باطل بالبديهة والحس فبطل إذا كان جسما فيه حقائق أن يكون كسائر الأجسام المختلفة الأجزاء # فإن قلت الفرق بينهما أن الأجسام متماثلة بخلاف العالمين والقادرين والموجودات قيل هذا باطل كما تقدم ثم إنه غير نافع لأن هذا التقدير الذي نتكلم عليه أن تكون فيه أجزاء مختلفة الماهية وإذا كانت أجزاء الجسم مختلفة الماهية مخالفة لغيره من الأجسام بطريق الأولى والأحرى وإذا كان الكلام على تقدير أن لا تكون الأجسام أجزاؤها متماثلة لم يجز أن تحتج على هذا التقدير بما يستلزم تماثل الأجسام لأنه يكون جمعا بين النقيضين فظهر أنه إذا قيل هذا التقدير فكل جسم مركب من أجزاء مختلفة لم تعلم هذه القضية الكلية إلا بمحض تمثيل الله يخلقه المستلزم أن يمثل إذا سمي باسم أو وصف بوصف بكل مسمى أو موصوف بذلك الاسم والصفة وأن يكون مثله في حقيقته وفساد هذا معلوم بالبديهة والحس وهو من أعظم الكفر # ولهذا كانت الأمثال المستعملة في جانب الربوبية في الكتاب والسنة وكلام العلماء هي من باب الأولى وهو أن ينزه بعض خلقه عن بعض كالشريك والبنات والفقر فيقال الله أحق بهذا التنزيه عن ذلك أو يوصف بعض خلقه بصفة كمال كالعلم والقدرة والكلام فيقال الله أحق بذلك وهذه طريقة الأنبياء واتباعهم أما ادخال الله وغيره من المخلوقات تحت قضية كلية تتضمن قياس شمول وكل قياس شمول متضمن لقياس تمثيل فإن هذا لا يجوز لا لما يثبت من الصفات ولا لما ينفى # الوجه التاسع عشر يقال لك لا نسلم أن كل جسم مركب من أجزاء مختلفة الماهية فلابد وأن ينتهي تحليل تركيبه إلى أجزاء مبرأة عن التركيب يصح أن
يماس كل واحد ما يماسه الآخر فإن اعتصمت في هذا بقياس الغائب على الشاهد ذكرت لك الفوارق من وجوب أحدهما وقدمه وغناه وغير ذلك دون الآخر كما يفعل في سائر الأقيسة الفاسدة وليس معك حجة على هذا العموم سوى ما يحتاج فيه إلى القياس # وهذا يظهر بالوجه العشرين وهو أن يقال ما تعنى بتحليل تركيبه إلى آخره أتعني به لابد أن يتفرق أو يقبل التفرق إلى تلك الأجزاء فهذا ممنوع وهو محل النزاع فكيف تحتج بالشيء على نفسه فتصادر على المطلوب أم تعنى بالتحليل اشتماله على الأجزاء كاشتمال الأصل على هذا الجزء وغيره فلا يخلو إما ان يريد بالجزء المبرأ عن التركيب أن يكون بسيطا عن ذلك التركيب وإن كان أجزاء متشابهة أو يريد أنه لا تركيب فيه بحال فإن أردت هذا فيكون مضمون الكلام أنه لابد وأن يكون فيه الجوهر الفرد وأنت قد وافقت أذكياء العالم على التوقف في اثبات الجوهر الفرد وإن كان ثبوته غير معلوم لك لم يجز أن تدعي في جسم من الأجسام المختلفة وجوب اشتماله على الأجزاء التي لا تركب فضلا عن أن تدعي ذلك في رب العالمين # وأيضا فإنك قد ذكرت بعد هذا أن كل واحد من تلك الأجزاء البسيطة لابد أن يماس كل واحد بيمينه شيئا وبيساره شيئا آخر لكن يمينه مثل يساره وهذا تصريح منك بأنه يقبل القسمة وأنه يشتمل على شيئين متماثلين وهذا ينفي الجوهر الفرد فقوله لابد وأن ينتهي تحليل تركيبه إلى أجزاء يكون كل واحد منها مبرءا عن هذا التركيب لأن التركيب عبارة عن اجتماع الوحدات مع قوله إذا ثبت هذا فنقول إن كل واحد من تلك الأجزاء البسيطة لابد وأن يماس كل واحد منها بيمينه شيئا غير ما يماسه بيساره إثبات
التركيب في البسيط المبرأ عن التركيب وهو الجوهر الفرد فيكون لازمه بين إثبات الجوهر ونفيه وذلك تلازم بين النقضين # وإن أراد المبرأ من التركيب من الأجزاء المختلفة وبالبسيط بما ليس فيه ذلك التركيب وذلك لا يستلزم أن يكون كل جزء جوهر فردا بل يكون كل من تلك الأجزاء بسائط بحيث يكون في البسيط أجزاء مختلفة وهذا هو أقرب إلى ارادته فيقال لك تلك الأجزاء البسيطة هي في أنفسها مختلفة الحقائق كما ذكرت وإذا كانت مختلفة الحقائق لم يمتنع أن تشترك فيما يجب ويجوز ويمتنع وإذا امتنع أن تشترك في ذلك لم يلزم أن يماس أحدهما ما يماس الآخر وإذا فرض أن جوانب أحدهما متساوية إما لاستدارتها واما لتساوي يمينها ويسارها لكن إن ما يجب أن يمس بيمينه ما يمس بيساره إذا كان ذلك الممسوس يجوز أن ينتقل عن يمين هذا إلى يسار هذا ينتقل عن مماسة ما كان يماسه إذا كان يمين هذا إلى مماسة ما يماسه إذا كان عن يساره فإنه مع مماسته لهذا لابد أن يماس غيره وذلك إنما يصح أن لو كان يمين الأول ويساره من الآخر متماثلة والتقدير أن الأجزاء مختلفة في الحقائق فلا يلزم وان كان كل منهما بسيطا متشابهة الأجزاء إنما يباين جوهرا منها ما باين غيره إذ هذا غير معلوم إلا إذا كانت متماثلة والتقدير أنها مختلفة فوجب القطع بأن ما كان عن يمين أحدهما لا يلزم جواز كونه عن يساره نقيض ما ذكره فإنه إنما ذكر تساوي جانبي الممسوس الوسط وأغفل اختلاف جانبي المماسين وأن هذا المنتقل لابد أن يزيل واحدا عن حيزه وإن يماس حيزا يخالف في الحقيقة الحيز الذي كان يماسه وهذا بين ولا حول ولا قوة إلا بالله
|
|
|
|