03 Apr 2010, 03:36 AM
|
#78
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
# يقرر هذا أن الكلام في الشيء نفيا وإثباتا مسبوق بتصوره فليس للإنسان أن ينفي شيئا عن شيء أو يثبته له إلا بعد تصوره تصورا يمكن معه النفي والإثبات فإذا قال القائل عن موجود إنه جسم أو هو جوهر أو متحيز أو في جهة أو فوق العالم أو غير ذلك أو قال ليس بجسم ولا جوهر ولا متحيز ولا في جهة ولا فوق العالم أو قال إن له علما وقدرة أو حياة أو قال ليس له علم ولا قدرة ولا حياة فكل واحد من هذين لابد أن يتصور ما نفاه وما أثبته فمن أثبت لله سبحانه وتعالى أمرا من الصفات فإنما أثبته بعد أن فهم نظير ذلك من الموجودات وأثبت القدر المطلق مع وصفه له بخاصة تمتنع فيها الشركة ومن نفى عن الله شيئا من هذه الأمور فإنما نفى ما علم نظيره في الموجودات ونفى عن الله أن يكون له مثلما للمخلوق من ذلك لم ينف ما يختص به الرب مما لم يعلم نظيره فإن هذا لم يتصوره حتى يحكم عليه بالنفي # فالنافي لا ينفي شيئا قط إلا ما له نظير فيما أدركه لأن نفس المنفي ما علمه أصلا لأن النفي المحض لا يعلم بنفسه فإن النفس لا تباشر المعدوم حتى تشعر به وإنما تباشر الموجود وتقيس له نظيرا فينفي ذلك النظير عما هو منتف عنه مثل نفيها لجبل ياقوت وبحر زئبق ونحو ذلك بعد أن علمت البحر والزئبق والجبل والياقوت ثم قدرت معلوما مؤلفا من شيئين نظيرهما موجود ثم نفته وكذلك النفي عن الله من الشركاء والأولاد والنوم وغير ذلك يعلم وجوده في العالم ثم يقدر نظير هذا الموجود في حق الله تعالى في الذهن وينفي عن الله تعالى فأما نفيه قبل العلم به من جهة القياس فممتنع فإنه لا يكون معلوما ولا يعلم المعدوم إلا بنوع قياس فإذا كل ناف فلابد له من القياس على ما في الموجودات الجسمانية وأما المثبت فإنه وإن احتاج إلى نوع قياس فإنه يثبت معه الفارق الذي يقطع المماثلة بالأمور المخلوقة فهو وإن كان جامعا فمعه فارق أقوى من جامعه بخلاف الثاني فإن عمدته على الجامع وهو القدر المشترك الذي ينفيه
# وإذا ظهر ذلك فيقال لارسطو الذي ذكر عنه هذا المؤسس الذي قال من أراد النظر في العلم الالهي فليحدث لنفسه فطرة أخرى وقد قرره المؤسس بأن الانسان إذا تأمل في أحوال الاجرام السفلية والعلوية وتأمل في صفاتها فذلك له قانون فإذا أراد أن ينتقل منها إلى معرفة الربوبية وجب أن يستحدث لنفسه فطرة أخرى ونهجا آخر وعقلا آخر بخلاف العقل الذي به اهتدى إلى معرفة الجسمانيات أنت يا معلم هؤلاء الصابئة الفلاسفة المبتدعين لما تكلمت في أقسام العلم بالمقولات العشر وهي الجوهر وأعراضه التسعة الكم والكيف والاضافة والأين ومتى والوضع وأن يفعل وأن ينفعل والملك فهذا وإن كلاما في الوجود المطلق الذي قد يقولون إنه العلم الأعلى وهو الناظر في الوجود ولواحقه من حيث هو وجود ومنه العلم الالهي وهم يجعلون العلم الالهي يعم هذا كله فهذا نزاع بينكم فهذه المقولات العشرة إذا أثبتها للعقول والنفوس ونفس الانسان ونفيتها عنها أو نفيت شيئا منها أو نفيتها عن واجب الوجود أو أثبتها أو شيئا منها له أتحكم في هذا النفي والاثبات بالفطرة التي علمت بها هذه الأمور أم بفطرة أخرى فإن قال بفطرة أخرى كان هذا اعترافا بان الفطرة التي يحكم فيها على الشيء بنفيه وإثباته غير الفطرة التي يتصور بها الشيء فتكون فطرة التصديق غير فطرة التصور ومن المعلوم أن الحاكم بالتصديق العالم به الناطق به إن لم يكن هو العالم بالتصور المدلول له الناطق به كان حكمه باطلا فيلزم أن يكون جميع ما ذكروه في العلم الالهي باطلا لكون الحاكم بالتصديق فيه ليس هو المتصور # وإن قلتم بل بالفطرة التي عرفت بها هذه الأمور يحكم بنفيها وإثباتها بطلت تلك القعقعة التي تشبه قعقعة الشنان التي يقعقع بها للصبيان لتخوفوا بما لا حقيقة له عند الانسان وعلم إنما خالفتم به الفطرة والشرعة فكله هذيان بل من
الافك والبهتان و ^ الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا وينذر الذي قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ^ ^ وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ^ وليس هذا موضع استقصاء الكلام في هذا وإنما الغرض التنبيه على تناقض هؤلاء وابطال حججهم # وحينئذ يقال في # الوجه الثالث قوله إنه إذا كان على العرش وكان عظيما فلابد أن يكون له جانبان جانب عن يمين العرش وجانب عن يساره ويكون أحدهما غير الآخر العلم بهذا إما أن يكون من العقل الجسماني ومقتضى الحس والخيال أو لا يكون فإن كان من هذا القسم وهو مقبول نظيره وما هو أولى منه فتبطل هذه الحجة لأن هذا العقل يحكم بأن الموجود لابد أن يكون داخل العالم أو خارجه وإن لم يكن مقبولا بطلت هذه الحجة # وإن قيل إن هذا ليس من حكم العقل الجسماني ومقتضى الحس والخيال وهو قد حكم بأن الموجود العظيم الذي فوق غيره لابد أن يكون جسما يتميز منه
جانب عن جانب بأن يقال إن الحكم بأن الموجود إما أن يكون داخل العالم أو خارجه وأنه يمتنع وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه أولى بأن لا يكون من حكم العقل الجسماني ومقتضى الحس والخيال لأن الحكم الأول فيه تصريح بأنه جسم فإن كان الحكم بأن الشيء جسم ليس من مقتضى العقل الجسماني ومقتضى الحس فالحكم بما لم يصرح فيه بالجسم بل حكم فيه على الوجود مطلقا أولى بذلك ولهذا يكون مثل هذا الحكم من العلم الأعلى عندهم ومن العلم الالهي وأما الأول ففيه نوع من العلم الطبيعي الجسماني قطعا # الوجه الرابع أنه إذا كان جسما فأنت قد ذكرت في نهايتك النزاع بين الناس في الجسم هل هو في نفسه واحد أو منقسم بعد اتفاقهم على قبولية الانقسام وهي مسألة الجوهر الفرد فقلت في مسائل المعاد المسألة الأولى في الجزء الذي لا يتجزأ لاشك في أن الأجسام التي شاهدناها قابلة للانقسامات والانقسامات التي يمكن حصولها فيها إما أن تكون متناهية أو لا تكون فيخرج من هذا التقسيم أربعة أقسام أولها أن الانقسامات حاصلة وتكون متناهية ثانيها أن تكون حاصلة وتكون غير متناهية وثالثها أن لا تكون حاصلة ولكن ما يمكن حصوله منها يكون متناهيا ورابعها أن لا تكون حاصلة ولكن ما يمكن حصوله منها يكون غير متناهيا قال والأول مذهب جمهور المتكلمين والثاني هو مذهب النظام والثالث هو مذهب بعض المتأخرين وهذا الذي أشار إليه هو الشهرستاني والرابع هو مذهب الفلاسفة # قال فتخلص من هذا أن الخلاف بيننا وبين الفلاسفة في هذه المسألة يقع في مقامين أحدهما أن الجسم مع كونه قابلا للانقسام هل يعقل أن يكون
واحدا وثانيهما أنه بتقدير أن يكون هل يعقل أنه يكون قابلا للانقسامات الغير متناهية قال فنحن نتكلم في كل واحد من القسمين ثم نذكر بعده شبه النفاة ونتكلم عليها # قال والمعتمد في أن يكون قابلا للانقسام لابد أن يكون منقسما هو أن وحدة الجسم إما أن يكون غير كونه جسما أو جزءا داخلا فيه أو أمرا خارجا عنه فإن كان الأول أو الثاني لزم أن يكون تفريق الجسم إعداما له وذلك محال وإن كان الثالث كانت الوحدة صفة قائمة بالجسم والعرض لا يحدث في المحل ولا يحصل فيه إلا إذا كان المحل متعينا متميزا عن غيره ولا يعقل من وحدته إلا تعينه وفي نفسه وتميزه عن غيره فيلزم أن يكون قيام الوحدة بالجسم متوقفا على كون الجسم واحدا ثم الكلام في تلك الوحدة كالكلام في الأول ويلزم التسلسل وهو محال وبتقدير إمكانه فلابد أن ينتهي إلى وحدة تقوم بالذات لا بتوسط وحدة أخرى وإلا لم تكن الذات موصوفة بالوحدة أصلا وذلك هو المطلوب # فهذا الدليل الذي ذكره على امتناع أن يكون شيء من الأجسام واحدا أو على امتناع أن يكون شيء من الموجودات واحدا ومعلوم أن ذلك خلاف الكتاب والسنة وإجماع المسلمين بل إجماع العقلاء قال الله تعالى ^ وإن كانت واحدة فلها النصف ^ وقال ^ ذرني ومن خلقت وحيدا ^ والقول بأن هذا واحدا من الانسان الواحد والحيوان الواحد والشجرة الواحدة والدرهم الواحد من أشهر الأمور عند العامة والخاصة من أعرف الأمور عند بني آدم وهو من أوائل العلوم البديهية الحسية عندهم وهو علم العدد أن الواحد نصف الاثنين
# فلو لم يكن في الأجسام ما يوصف بأنه واحد والناس لم يشهدوا إلا لأجسام مع أن العلم بأن الواحد المطلق نصف الاثنين موقوف على أن الواحد في الخارج نصف الاثنين إذ العلوم الكلية الذهنية مسبوقة بالعلوم المعينة الوجودية فلو لم يكن في الأجسام ما هو واحد امتنع حكم الذهن بأن الواحد نصف الاثنين وهذا من أوائل العلوم البديهية التي يضرب بها المثل في النظر والمناظرة فيكون احتجاجه على أن الجسم لا يكون واحدا في مقابلة ذلك فيكون من أفسد حجج السوفسطائية لقدحها في أظهر الأمور الحسية اليديهية # ثم يقال هذه الحجة تستلزم أن لا يكون الله واحدا ولا يكون الجوهر الفرد واحدا إلا به ثم يقال في وحدة ذلك مثل ما قلته في وحدة الجسم وذلك يستلزم أن تكون الوحدة بالذات وبالجوهر الفرد متوقفا على كونه واحدا فالكلام في تلك الوحدة كالكلام في الأولى وذلك يستلزم التسلسل وهو محال # وإذا كانت هذه الحجة تستلزم هذا الكفر فهي تستلزم أيضا نقيض المطلوب لأن المقصود بنفي وحدة الجسم اثبات تركيبه من الأجزاء المفردة التي كل منها واحدا فإذا نفيت وحدة الجوهر الفرد استلزمت إبطاله وإذا بطل الجوهر الفرد امتنع كون الجسم مركبا من الجواهر المنفردة فيلزم أن يكون واحدا فصارت هذه الحجة المذكورة لنفي وحدة الجسم مستلزمة لوحدته ونافية لوحدة الجوهر الفرد أيضا وكل هذا تناقض # ثم من العجب تولك بعد أن ثبت أن الوحدة تستلزم التسلسل وهو محال ثم قلت وبتقدير إمكانه فلابد أن ينتهي إلى وحدة تقوم بالذات لا بتوسط
وحدة أخرى وإذا كانت الوحدة مستلزمة للتسلسل المحال فكيف يكون تقدير امكانه مبينا لك جواز اتصاف شيء بالوحدة من غير توسط وحدة أخرى # وكذلك من العجب قولك فلابد وأن ينتهي إلى وحدة تقوم بالذات لا بتوسط وحدة أخرى وإلا لم تكن الذات موصوفة بالوحدة وهو المطلوب فليس هذا هو المطلوب لأن هذا الذي قدرته مع قولك إنه محال يفيد أن الذات توصف بالوحدة مع غير أن تتوقف هذه الوحدة على وحدة أخرى للذات وهذا لم ينازعك فيه أحد ولا ينفي وحدة الجسم فإن وحدة الجسم ليست موقوفة على وحدة أخرى تقوم بالجسم غاية ما في هذا الباب أن وحدة الجسم معها وحدات أخر تقوم بالجوهر إذا أفردت وهذه الوحدة ليست شرطا في ثبوت الأولى ولا هي سابقة عليها ولا تلك متوقفة عليها ولا هي وحدة الجسم التي وصفت بها الأولى والتسلسل الذي ذكرته إنما يمنع أن تكون وحدة الشيء متوقفة على وحدة أخرى لذلك الشيء وليس الأمر كذلك هنا لكن مع وحدة الجسم وحدة كل موصوف بالوحدة من الأجسام والجواهر وغير ذلك والموصوف بأنه واحد إذا كان مستلزما إمكان أن ينقسم إلى ما يوصف بأنه واحد لم يكن وحدة موقوفة على وحدة أخرى تقوم به فليتدبر اللبيب كيف ذكر الحجة التي مضمونها نفي كل وحدة في العالم واحالتها ثم أخذ ثبوت الوحدة مسلما وادعى أن ثبوت الوحدة بلا واسطة ينفي وحدة الجسم وكلاهما عجب نفي الوحدة مطلقا ودعوى أن الوحدة بلا واسطة وحدة أخرى ينفي وحدة الجسم # ثم يقال عن هذه الشبهة الفاسدة الباردة تعين الواحد جسما كان أو غيره وتميزه عن غيره لا يخلو إما أن تكون هي وحدته أو لا تكون فإن لم يكن هو وحدة الجسم بطل قولك لا نعقل من وحدته إلا تعينه في نفسه وتميزه عن غيره فبطلت الحجة وإن كان هو وحدته بطل قولك لا تحصل فيه
الوحدة إلا إذا كان متعينا متميزا عن غيره تعنى قبل ذلك وحينئذ فقد بطلت الحجة أيضا فسواء كانت الوحدة هي التعين والتمييز أو كانت غيره لم يلزم أن يكون قيام الوحدة بالجسم متوقفا على وحدة أخرى وهذا ظاهر وسواء كانت الوحدة أمورا وجوديا أو عدميا فليس المقصود هنا بسط الكلام على هذا # وإنما الغرض التنبيه على أن ما يستدل به على أن الجسم فيه انفسام وتركيب وكثرة وأنه ليس بواحد من أفسد الحجج فإنه قد بنى على هذا الأصل الفاسد كثيرا من تجهمه وتعطيله الذي جحد فيه حقيقة أسماء الله وصفاته وما هو عليه في ذاته # أما كون الجسم قابلا للانقسامات التي لا تتناهى أو غير قابل فهذا ليس لنا فيه هنا غرض وهو احتج على نفي ذلك بالحركة وأنها موجودة في الحاضر وإلا لم تكن موجودة في الماضي والمستقبل وأن وجودها الحاضر لا ينقسم وإلا لكان الحاضر ماضيا ومستقبلا وإذا لم تنقسم الحركة إلى غير نهاية لم تنقسم المسافة التي تكون الحركة عليها فلا يكون في الجسم الذي هو مسافة انفسام لا يتناهى # وعارض ذلك بعشرة أوجه مثل تميز اليمين عن الشمال وانقسام الجزء الموضوع على جزئين وغير ذلك من الوجوه ثم قال في الجواب وأما المعارضات التي ذكروها فاعلم أنا نميل إلى التوقف في هذه المسألة بسبب تعارض الأدلة فإن إمام الحرمين صرح في كتاب التلخيص في أصول الفقه أن هذه المسألة من محارات العقول وأبو الحسين البصري وهو أحذق المعتزلة توقف فيها فنحن
أيضا نختار التوقف فإذن لا حاجة إلى الجواب فهذا نقوله في الانقسام الممكن هو متوقف فيه ونقول وقوله في نفي وحدة الجسم وثبوت الانقسام الحاصل قد ظهر فساده لكل أحد # وإذا كان الأمر كذلك فقوله لو كان على العرش لكان منقسما مركبا أو لو كان جسما منقسما مركبا أو لو كان على العرش لكان عظيما ولكان منقسما مركبا إلى الأجزاء قد تبين فساده وظهر أن قوله إذا كان عظيما فلابد أن يكون أحد جانبيه غير الآخر ويكون على هذا التقدير ذات الله مركبة من الأجزاء كلام باطل لم يقرر تركيبا موجودا في الأجسام المشاهدة ولا أن فيها أجزاء موجودة بل ادعى فيها ما يضحك عليه الصبيان # وأما قبولها للتجزئة إلى غير غاية فقد توقف فيه فأكثر ما يبقى معه أن الجسم وإن كان واحدا لكنه يقبل التجزية إلى حد محدود وهذا قول الشهرستاني مع أنه يستخف بهذا القول أحيانا وقد اضطر إلى موافقته لكن هذا أكثر ما فيه أنه يمكن في الجسم من حيث الجملة أن ينقسم بمعنى أن ذات الجسم من حيث هو جسم لا تكون مانعة من الانقسام وهذا حق فإن من الأجسام ما ينقسم حقيقة فلو كان حقيقة الجسم مانعة من الانقسام لم يصح الانقسام على شيء من الأجسام لكن هذا لا يثبت له قبول كل جسم للانقسام فضلا أن يكون العلي العظيم الكبير المتعال الذي هو على عرشه العظيم مركبا من الأجزاء كما ادعاه فإنه إذا كان الجسم واحدا وقبول القسمة لم يثبت إلا لبعض الأجسام لم يلزم أن يكون رب العالمين منقسما ولا قابلا للقسمة فلا يكون مركبا من الأجزاء لا الأجزاء الموجودة ولا الأجزاء المقدرة الممكنة ثم إذا كان في الأجسام المشهودة قد اضطربوا أو تحيروا في تركيبها وانقسامها وعدوا ذلك من محارات العقول كيف
يصح منهم الحكم على رب العالمين بمثل هذه الأمور نفيا وإثباتا وهذا بين ولا حول ولا قوة إلا بالله # الوجه الخامس أن يقال هب أنه يلزم أن يكون فيه أجزاء وأبعاض بمعنى أن فيه ما يميز منه شيء عن شيء كما أن الفلك يتميز منه شيء من شيء وجانب من جانب وهذا هو المعني بالتركيب من الأجزاء فهذا يكون بمنزلة الصفات القائمة من العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر وسائر الصفات # فقولك في تلك الأمور التي سميتها أجزاءا إما أن تكون متماثلة أو مختلفة فيقال لك مثله في الصفات التي سمتها نفاة الصفات كابن سينا وغيره أجزاءا ويقولون واجب الوجود ليس فيه أجزاء لا أجزاء حد ولا أجزاء كم وإن كانت هذه تسمية باطلة كما قررناه في غير هذا الموضع فتسميته أيضا تشبيها كما قد قررناه والنزاع هنا ليس في اللفظ بل في المعنى # فيقال لك في تلك الصفات إن كانت متماثلة وجب أن تقوم كل صفة مقام الأخرى فيقوم العلم مقام القدرة والحياة مقام الكلام وهذا باطل # وإن كانت مختلفة فكل صفة تشارك الأخرى في كونها صفة وتفارقها في خصوصيتها وما به الاشتراك غير ما به الافتراق فتكون كل صفة مركبة من جزئين جزء به الاشتراك وجزء به الامتياز ثم كل واحد من ذينك الجزئين يشارك غيره في جزء ويفارقه في جزء وهلم جرا فالقول في تركب كل مركب من جزئين وتركب كل جزء من جزئين يعم ما يقال إنه مركب تركيب المقدار والكم وما هو مركب تركيب الصفة والكيفية فإن أوجب أحد التركيبين الانحلال إلى ما تركب فيه أوجبه الآخر وإلا فلا
|
|
|
|