عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 03:34 AM   #75
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,109 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# قال الرازي البرهان السادس لو كان تعالى مختصا بشيء من الأحياز والجهات لكان مساويا للمتحيزات وهذا محال فذلك محال بيان الملازمة انه تعالى لو كان مختصا بحيز لكان معنى كونه شاغلا لذلك الحيز بحيث يمنع غيره أن يكون بحيث هو ولو كان كذلك لكان متحيزا وقد بينا في الفصل المتقدم أن المتحيزات بأسرها متماثلة في تمام الماهية فثبت أنه تعالى لو كان متحيزا لكان مثلا لسائر المتحيزات وإنما قلنا إن ذلك محال لأن المثلين يجب تساويهما في جميع اللوازم فلزم إما حدوث الكل وإما قدم الكل وذلك محال # فإن قيل حصول الشيء في الحيز وكونه مانعا لغيره أن يحصل بحيث هو حكم من أحكام الذات ولا يلزم من الاستواء في الأحكام واللوازم الاستواء في الماهية والجواب عنه من وجهين # الأول أن المتحيز له أحكام ثلاثة أحدها أنه حاصل في الحيز شاغل له والثاني كونه مانعا لغيره بأن يحصل بحيث هو والثالث كونه بحال لو ضم إليه أمثاله حصل له حجم كبير ومقدار عظيم ولا شك أن كلما يحصل في حيز فقد حصل له هذه الأمور الثلاثة إلا أن الذات الموصوفة بهذه الأحكام الثلاثة لابد وأن يكون لها في نفسها الحجم والمقدار وهذا المعنى معقول مشترك بين كل

الأحجام ثم إنا قد دللنا على أن هذا المفهوم المشترك يمتنع أن يكون صفة لشيء آخر بل لابد وأن يكون ذاتا وإذا كان كذلك فالمتحيزات في ذواتها متماثلة والاختلاف إنما وقع في الصفات وحينئذ يحصل التقريب المذكور # والوجه الثاني أن السؤال الذي ذكرتم إن صح فحينئذ لا يمكنكم القطع بتماثل الجواهر لاحتمال أن يقال الجواهر وان اشتركت في الحصول في الحيز إلا أن هذا اشتراك في حكم من الأحكام والاشتراك في الحكم لا يقتضي الاشتراك في الماهية وإذا لم يثبت كون الجواهر متماثلة فحينئذ لا يبعد في العقل وجود جواهر مختصة بأحيازها على سبيل الوجوب بحيث يمتنع خروجها عن تلك الأحياز وحينئذ لا يطرد دليل حدوث الأجسام في تلك الأشياء وعلى هذا التقدير لا يمكنكم القطع بحدوث كل الأجسام # فيقال هذه الحجة قد تقدم الكلام على موادها غير مرة والكلام عليها من المقامين المتقدمين أحدهما قول من يقول إنه فوق العرش وهو مع ذلك ليس بجسم ولا هو متحيز كما ذكرنا أن هذا قول طوائف كثيرة من أهل الكلام والفقهاء ومن تبعهم من أهل الحديث والصوفية وغيرهم وهذا قول ابن كلاب والأشعري وأئمة أصحابه وغيرهم فعلى هذا لا يلزم من نفى كونه متحيزا نفي كونه على العرش وقد تقدم ما في ذلك من دعوى الضرورة من الجانبين # المقام الثاني من لا ينفي ذلك بل يسلم اثباته أولا يتكلم فيه بنفي ولا اثبات والكلام في هذا المقام من وجوه # أحدها لا نسلم أنه لو كان مختصا بشيء من الأحياز والجهات لكان مساويا للمتحيزات وما ذكره من الحجة مبني على تماثل المتحيزات وقد تقدم

ابطال ذلك بما لا حاجة إلى اعادته وأن القول بتماثلها من أضعف الأقوال بل من أعظمها مخالفة للحس والعقل ولما عليه جماهير العقلاء # الوجه الثاني قوله لو كان مختصا بحيز لكان معنى كونه شاغلا للحيز كونه بحيث يمنع غيره عن أن يكون بحيث هو يقال قد تقدم أن الحيز قد يراد به ما يحوز الشيء وهي نهاياته وحدوده الداخلة فيه وقد يراد به الشيء الذي يكون منفصلا عنه وهو محيط به وكلاهما أمر وجودي وليس كونه مختصا بالحيز بهذا المعنى أن يكون شاغلا لحيز بل الحيز هنا إما بعضه وإما ما يلاقيه من خارج وليس في شيء من هذين كونه شاغلا لحيز وقد يراد بالحيز ما هو تقدير المكان وهذا هو الحيز عند كثير من أهل الكلام الذين يفرقون بين الحيز والمكان والحيز على هذا أمر عدمي كما تقدم تقرير ذلك # وقوله إنا نعلم بالضرورة أن الأحياز بأسرها متساوية لأنها فراغ محض وخلاء صرف وقوله قبل خلق العالم ما كان إلا الخلاء الصرف والعدم المحض وبينا ذلك # ويكفي أن يقال هنا لا نسلم أن الحيز أمر موجود وإذا لم يكن هناك موجود فقوله شاغل لذلك الحيز ليس فيه معنى زائد على كونه موجودا بنفسه بحيث يشار إليه # وقوله لو كان مختصا بحيز لكان معنى كونه شاغلا لذلك الحيز كونه بحيث يمنع غيره لا يستقيم حتى يبين أن الاختصاص بالحيز هو الشغل لذلك الحيز وهو لم يفعل ذلك فإذا قيل الاختصاص بالحيز هو الاختصاص بما يحوزه من الجوانب لم يكن معناه ذلك وإذا قيل هو الاختصاص بتقدير المكان بالمتحيز فالاختصاص بالحيز بهذا المعنى يوجب كونه متحيزا فلا حاجة إلى ما ذكره من

الدليل على كونه متحيزا وأما كونه منع غيره أن يكون بحيث هو فهذا مبني على تداخل الأجسام وليس هذا داخلا في حقيقة المتحيز فإن المتحيز يعلم أنه متحيز قبل العلم بكونه بحيث يمنع غيره أن يكون بحيث هو # الوجه الثالث قوله الذات الموصوفة بهذه الأحكام الثلاثة لابد وأن يكون لها في نفسها الحجمية والمقدار وهذا المعنى معقول مشترك بين كل الأحجام ثم إنا دللنا على أن هذا المفهوم المشترك يمنع أن يكون صفة لشيء آخر بل لابد وأن يكون هو الذات يقال هذا الذي أحلت عليه الاحتجاج على تماثل المتحيز فايرادك لذلك السؤال ثم كونك تذكر في الجواب من ما قد احلت عليه تكرير محض بلا فائدة فالواجب إما ذكر الحجة الدالة على التماثل إما ابتداء وإما جوابا وإما ترك هذا السؤال للجواب فإنه لم يحصل به التقريب # ثم يقال في الوجه الرابع قد قدمنا أن هذا المشترك وهو المقدار صفة المقدر قائم به لا أنه نفس المقدر وحقيقته قال تعالى ^ وكل شيء عنده بمقدار ^ وقال ^ قد جعل الله لكل شيء قدرا ^ فجعل المقدار القدر للأشياء ولم يجعل ذلك أعيان الأشياء وذواتها كما قال تعالى ^ وما ننزله إلا بقدر معلوم ^ وبينا أن كل واحد من المشترك والمميز يجوز أن يكونا سوءا بالنسبة إلى الذات الموصوفة بهما فليس جعل أحدهما ذاتا والآخر صفة بأولى من العكس وبينا أنه وان قيل إنه الذات فليس جعل أحدهما ذاتا والآخر صفة بأولى من العكس وبينا أنه وإن قيل إنه الذات فليس هو تمام الحقيقة بل الحقيقة مؤلفة مما به الاشتراك وما به الامتياز # فالمتحيز وإن كان جنسا كما قيل في الجوهر بالجنس لا يجب أن يكون متماثل الأنواع فإن التماثل يحتاج إلى الاشتراك في جميع الصفات الذاتية وهو قد سلم أن المتحيزات مختلفة في الصفات فيجوز أن يكون كل جسم وأن كان التقدير

ذاته فله صفات ذاتية مختصة به كما يقول من يقول من المتكلمين المنطقيين وغيرهم إن الجوهر جنس وتحته أنواع إضافية وتحت كل نوع أنواع إلى النوع الشامل الخاص الذي تتفق أفراده في تمام الماهية الحقيقية وقد تقدم بسط هذا فلا نعيده إذ لم يذكر هو الحجة على ذلك بل أحال على ما تقدم # الوجه الخامس قوله إن صح هذا السؤال لم يمكن القطع بتماثل الجواهر لاحتمال أن يقال الجواهر وان اشتركت في الحصول في الحيز إلا أن هذا اشتراك في حكم من الأحكام والاشتراك في الحكم لا يقتضي الاشتراك في الماهية يقال لك هذا أولا مبني على ثبوت الجوهر الفرد وهذا فيه من النزاع المشهور ما قد عرف وأنت قد اعترفت بأنك مع الأذكياء المتوقفين عن نفيه وإثباته وإذا لم يعلم وجود جوهر منفرد لم يصح هذا الكلام ثم إن كان الجوهر الفرد موجودا فلا ريب أنه ليس مما يحس به حتى يعلم بالحس أن الجوهر مماثل له أو غير مماثل وحينئذ فلا يمكن العلم بكون الجواهر متماثلة بل يقال هي غير متماثلة كما قيل في الأجسام وقد قدمنا تنازع الناس هل الجواهر جنس أو جنسان أو ثلاثة أو خمسة أو أكثر من ذلك مع أن الذين يقولون إنها جنس واحد لا يقولون هي متماثلة كما أن الحيوان عندهم جنس وليس متماثلا # قوله فحينئذ لا يبعد في العقل وجود جواهر مختصة بأحيازها على سبيل الوجوب فلا يطرد دليل حدوث الأجسام في تلك الأشياء يقال لا ريب أن المسلك الذي سلكته في حدوث العالم بنيته على هذا الأصل لكن من تأمل ما يذكره من الأدلة في هذه المسألة ونحوها تبين له أن الذي يذكره من جانب المنازعين أقوى من الذي يذكره من جانب المسلمين وعلم بالأضطرار أن اعتقاد حدوث العالم على هذا الدليل ونحوه في غاية الفساد وهذا من أخبث الكلام

الذي كان السلف يذمونه ويذمون أصحابه بل مثل هذه الحجج لا تصلح للمسائل الظنية فكيف تصلح لأصول الدين وقواعد الايمان وأنت تعترف بهذا في مواضع لكن إنما تحتج هنا بذلك تهويلا على من لا يعرف القضية وتوهم الناس أن هذا يقدح في قاعدة من قواعد الدين وليس الأمر كذلك وإنما تظهر به فساد ما سميته أنت وأصحابك أدلة الدين وأصولا له وأنت دائما تقدح فيها فإن كانت هذه الأدلة هي أصول دين المسلمين فأنت من أعظم الناس هدما لها في مواضع وإلا فلا يضر القدح فيها # ثم يقال كون الجواهر متماثلة أمر غير معلوم فإن كان دليل الحدوث مبنيا على تماثلها فهو مبني على مقدمة فاسدة أو غير معلومة # الوجه السادس قوله لا يبعد في العقل وجود جواهر مختصة بأحيازها على سبيل الوجوب يقال له الاحياز التي هي تقدير المكان ليست أمورا وجودية وإذا لم تكن أمورا وجودية لم يجز أن يختص بعضها بمعنى يقتضي اختصاص جوهر به وحينئذ فالعلم يكون الجواهر لا يجب اختصاصها بأحياز معينة لا يحتاج أن يبنى على تماثلها بل يعلم ذلك بدون العلم بتماثلها كما أن كثيرا من أهل الكلام الذين أثبتوا جواز الحركة والسكون والاجتماع والافتراق على الجواهر من غير بناء على تماثلها مع أن هذه الجواهر المشهودة في السموات والأرض يشهد انتقالها عن أحيازها وهذه كافية في إثبات العلم بالصانع لمن سلك هذه الطريق وقد تسلك هنا طرق أخرى ليس هذا موضعها # الوجه السابع قوله وحينئذ لا يطرد دليل حدوث الأجسام في تلك الأشياء يقال له هب أن دليلك لم يطرد لكن من أين قلت أن سائر أدلة الناس تحتاج إلى ذلك ثم غاية ما في هذا أن يكون بعض الأجسام غير معلوم الحدوث بهذا

الدليل فإن كان هؤلاء ممن لا يقول بأن الله جسم فيمكنه العلم بحدوث سائر الأجسام بأدلة أخرى ولو بالسمع وإن كانوا ممن يقولون بأنه جسم فلا ريب أن الأجسام عندهم ليست كلها محدثة كما أن الذوات ليست كلها محدثة والقائمات بأنفسها ليست كلها محدثة والموصوفات ليست كلها محدثة لا سيما وأنت تقول إن كل من قال إنه متحيز وأنه في جهة لزمه القول بأنه جسم منقسم بل تقول لكل من قال أنه فوق العرش لزمه أن يقول بأنه جسم فإذا كان المنازعون لك القائلون بأنه على العرش يلزمهم كلهم القول بأنه جسم فكيف تحتج عليهم بأن هذا يستلزم أن لا يقطع بحدوث كل الأجسام وهذا عندك حقيقة المذهب فهل تحتج على إبطال المذهب بنفس حكاية المذهب مع ظهور القول بالنزاع فيه
فصل # قال الرازي البرهان السابع أنه تعالى لو كان مختصا بالجهة والحيز لكان عظيما لأنه ليس في العقلاء من يقول إنه مختص بجهة ومع ذلك فإنه في الحقارة مثل النقطة التي لا تنقسم ومثل الجزء الذي لا يتجزأ كل من قال إنه مختص بالجهة والحيز قال إنه عظيم في الذات وإذا كان كذلك فنقول الجانب الذي منه يحاذي يمين العرش إما أن يكون هو الجانب الذي منه يحاذي يسار العرش أو غيره والأول باطل لأنه إذا عقل ذلك فلم لا يعقل أن يقال إن يمين العرش عين يسار العرش حتى يقال العرش على عظمته مثل الجوهر الفرد والجزء الذي لا يتجزأ وذلك لا يقوله عاقل والثاني باطل أيضا لأن على هذا التقدير تكون ذات الله مركبة من الأجزاء ثم تلك الأجزاء إما أن تكون متماثلة الماهية أو مختلفة الماهية والأول محال لأن على هذا التقدير يكون بعض تلك الأجزاء المتماثلة متباعدة وبعضها متلاقية والمثلان يصح على كل واحد منها ما يصح على الآخر فعلى هذا يلزم القطع بأنه يصح على المتلاقيين أن يصيرا متباعدين وعلى

المتباعدين أن يصيرا متلاقيين وذلك يقتضي جواز الاجتماع والافتراق على الله وهو محال # والقسم الثاني وهو أن يقال إن تلك الأجزاء مختلفة في الماهية فنقول كل جسم مركب من أجزاء مختلفة في لاالماهية فلابد وأن ينتهي تحليل تركيبه إلى أجزاء يكون كل واحد منها مبرأ عن هذا التركيب لأن التركيب عبارة عن اجتماع الوحدات فلولا حصول الوحدات لما عقل اجتماعها # إذا ثبت هذا فنقول إن كل واحد من تلك الأجزاء البسيطة لابد وأن يماس كل واحد منها بيمينه شيئا ويساره شيئا آخر لكن يمينه مثل يساره وإلا لكان هو نفسه مركبا وقد فرضناه غير مركب هذا خلف وإذا ثبت أن يمينه مثل يساره وثبت أن المثلين لابد وأن يشتركا في جميع اللوازم لزم القطع بان ممسوس يمينه يصح أن يصير ممسوس يساره وبالعكس ومتى صح ذلك فقد صح التفرق والانحلال عن تلك الأجزاء فحينئذ يعود الأمر إلى جواز الاجتماع والافتراق على ذات الله وهو محال فثبت أن القول بكونه في جهة من الجهات يفضي إلى هذه المحالات فيكون القول به محالا # فيقال هذه الحجة هي حجة على نفي كونه جسما فكان ذكره في الفصل الأول على نفي كونه جسما أجود من ذكرها هنا ولكن ذكرها هنا لتكون حجة على من قال إنه على العرش وذكر فيها قول من يقول إنه عظيم وليس بجسم فإن النزاع في هذا مشهور لو صرح به لاحتاج إلى كلام آخر وإذا ثبت أنه ليس على العرش أمكن أن ينفي عنه الجسم فيقول له كان جسما لجاز أن

يكون على العرش مع أن هذا فيه نزاع بين مثبتة الجسم كما تقدم ذكره فإن النزاع في كونه على العرش بين مثبتة الجسم وبين نفاته أيضا # فالقائلون بأنه جسم منهم من يقول هو فوق العرش ومنهم من يقول هو في كل مكان بذاته أو أنه ذاهب في الجهات إلى غير غاية وكذلك القائلون بأنه ليس بجسم منهم من يقول إنه على العرش ومنهم من يقول في كل مكان متناهي أو غير متناهي ومنهم من يقول غير داخل في العالم ولا خارجه فالأقوال أربعة في اختصاصه بما فوق العرش أنه فوق العرش وهو جسم وفوق العرش وليس بجسم وأن كان الخواص من أهل السنة لا يثبتون الجسم ولا ينفونه وأنه ليس فوق العرش وليس بجسم وأنه ليس فوق العرش وهو جسم # وإذا ظهر ما في هذه الحجة فالكلام فيها في المقامين المتقدمين # أحدهما قول من يقول أنه فوق العرش وهو عظيم وليس بجسم أو يقول هو جسم وليس بمنقسم ولا مركب وقد تقدم ذكر ذلك # وأما المقام الثاني فالكلام فيه من وجوه # أحدها قولك والجانب الذي يحاذي يمين العرش إما أن يكون هو الجانب الذي يحاذي يساره أو غيره يقال لا نسلم الحصر بل لا هو هو ولا هو غيره أو يقال لا نقول إنه هو ولا نقول إنه غيره فإن كثيرا من متكلمي الصفاتية أو أكثرهم من الكلابية والأشعرية وطوائف من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية منهم من يقول الصفة لا هي الموصوف ولا هي غيره ومنهم من يقول أقول هي هي ولا أقول هي غيره ولا أقول لا هي هو ولا هي غيره # وتوجيه الكلام أنه إما أن يريد بالغيرين ما جاز وجود أحدهما دون الآخر أو ما جاز مفارقة أحدهما الآخر بمكان أو زمان أو وجود أو يريد بالغيرين ما جاز

العلم بأحدهما دون الآخر فإن أراد بالغيرين الأول لم يسلم أن هذا الجانب هو ذاك الجانب ولا هو غيره إلا إذا بين جواز أحدهما دون الآخر وهو يحتج بهذا الامتياز على جواز التفرق فيكون هذا دورا باطلا لأنه لا يثبت أنهما غيران بهذا التفسير حتى يثبت جواز انفصالهما ولا يثبت جواز انفصالهما حتى يثبت أنهما غيران وذلك دور # وإن قيل في جوانب الأجسام المخلوقة إن هذا غير هذا فذلك لجواز وجود أحدهما دون الآخر والله سبحانه وتعالى صمد لا يجوز عليه التفرق والانفصال كما تقدم بيانه وأن هذا الاسم يقتضي الاجتماع والقوة ويمنع التفرق والانفصال وإذا كانت الصمدية واجبة له كان الاجتماع واجبا له والافتراق ممتنعا على ذاته وقد تقدم في ذلك كلام موجز # ومن قال الغيران ما جاز مفارقة أحدهما الآخر بزمان أو مكان أو وجود فإنه قد يقول إن الصفات مثل العلم والقدرة والحياة ليست كل صفة هي الأخرى ولا هي غيرها لأن محل الصفات واحد # وأما الحدود فقد يقولون إن هذا الجانب فارق ذلك الجانب في المكان وإن كان لا يفارقه في الزمان والوجود فقد يقال إن هذا ليس بافتراق في المكان وهذه منازعات لفظية اصطلاحية # وأيضا فإن المغايرة بين الصفة والموصوف وبين البعض والكل أبعد من المغايرة بين صفة وصفة وبعض وبعض ولهذا يقولون إن الواحد من العشرة ليس هو العشرة ولا غيرها وأن يد الإنسان ليست هي الانسان ولا غيره ولا يقولون إن الواحد من العشرة ليس هو الواحد الآخر لجواز وجود أحدهما دون الآخر بخلاف وجود الجملة دون أجزائها فإنه ممتنع وهذا فيما يجوز عليه

التفرق من الأجسام المخلوقة وأما الخالق سبحانه فلا يجوز عليه التفرق فلا يقولون إن هذا الجانب منه غير هذا الجانب فيمنعون المقدمة الأولى # وإن قال أريد بالغير ما هو أعم من هذا وهو ما جاز العلم بأحدهما دون الآخر أو ما أمكن الاشارة الحسية إلى أحدهما دون الآخر أو ما أمكن رؤية أحدهما دون الآخر كما قال من قال من السلف لمن سأله عن قوله تعالى ^ لا تدركه الأبصار ^ ألست ترى السماء قال بلى قال فكلها ترى قال لا قال فالله أعظم فيقال له وإذا كان يمين الرب غير يساره بهذا التفسير فقولك تكون ذات الله مركبة من الأجزاء أتعنى به ورود المركب عليها بمعنى أن مركبا ركبها كما قال ^ في أي صورة ما شاء ركبك ^ أو أنها كانت متفرقة فتركبت أم تعنى أن اليمين متميزة عن اليسار وهو التركيب في الاصطلاح الخاص كما تقدم بيانه # فإن أراد الأول لم يلزم ذلك وهو ظاهر فإن الأجسام المخلوقة أكثرها ليس بمركب بهذا الاعتبار فكيف يجب أن يقال إن الخالق مركب بهذا الاعتبار وهذا مما لا نزاع فيه وهو يسلم أنه لا يلزم من التصريح بأنه جسم هذا التركيب إذ هو عدم لزومه ظاهرا



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

moh_elgmare@yahoo.com


رد مع اقتباس