عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 03:28 AM   #10
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,109 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# وأيضا فتلك الأحياز ليست شيئا أصلا لأن الأشياء هي الموجودة ولا موجود إلا الله وخلقه وهو فوق خلقه وإذا لم تكن أشياء لم يصح أن يكون شيء فوقه وكان هو فوق كل شيء # وأما خلق جسم هناك فلم يذكر على امتناعه حجة إلا أن الخصم لا يقول به والخصم يقول ذلك ممتنع لامتناع أن يكون شيء موجود فوق الله فإن سلمت له هذه العلة كان ذلك جوابا لك وإن لم تسلمها لم يكن مذهبه صحيحا فلا تحتج به وقد تقدم كلامك على إبطال مثل هذه الحجة وهي الالزامات المختلفة المآخذ # وأيضا فلو قال قائل بل ذلك جائز فلم تذكر على إبطاله حجة لا سيما وعندك أن النقص على الله لم يعلم امتناعه بالعقل وإنما علمته بالاجماع لا سيما إن احتج بظاهر قوله تعالى ^ يأتيهم الله في ظلل من الغمام ^ وبقوله كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء لا سيما وهذا لا ينافي الفوقية والعلو بالقدرة والقهر والتدبير وعندك لا يستحق الله الفوقية إلا بهذا وهذا المعنى ثابت سواء خلق فوقه شيئا آخر أو لم يخلقه فإذا لم يكن هذا مستحيلا على أصلك لم يصح احتجاجك باستحالته عن المنازع الذي ينازعك في المسألة بل قد يقول لك إذا لم يكن ما يمنع جواز ذلك إلا هذا فعليك أن تقول به لأن هذا ليس بمانع عندك # الوجه الثاني أن يقال قد ذكرت أن الكرامية الذين قالوا انه فوق العرش منهم من قال إنه ملاق للعرش ومنهم من قال إنه مباين عنه ببعد متناه ومنهم من قال إنه مباين عنه ببعد غير متناه وهذا القول يتضمن أن بين الله وبين العرش بعدا غير متناهيا

# وقد ذكر الأشعري في المقالات قول طوائف ممن يقول أنه لا نهاية لذاته مع قولهم إنه ممتد في الجهات فقال بعد ذكر مقالات المعتزلة هذا شرح اختلاف الناس في التجسيم قال قد أخبرنا عن المنكرين للتجسيم أنهم يقولون إن الباري ليس بجسم ولا محدود ولا ذي نهاية ونحن الآن نخبر عن أقاويل المجسمة واختلافهم في التجسيم قال واختلفوا فيما بينهم في التجسيم وهل للباري قدر من الأقدار وفي مقداره على ستة عشر مقالة فذكر قول هشام انه جسم وأن له مقدارا وأنه ذو لون وطعم ورائحة ومجسة لونه هو طعمه وهو رائحته وهو مجسته وهو نفسه لون قال ولم يثبت لونا غيره وأنه يتحرك ويسكن ويقوم ويقعد وهذا قد يقال إنه يناسب قول من قال من الصفاتية إن يدرك بالحواس # قال وحكي عن بعض المجسمة أنه كان يثبت البارى ملونا ويأبى أن يكون ذا طعم ولون ورائحة ومجسة وأن يكون طويلا أو عريضا أو عميقا وزعم أنه في مكان دون مكان متحرك من وقت ما خلق الخلق وهذا قد يناسب قول من يقول إنه يدرك بالرؤية فقط فإن هذا يزعم أنه لا يرى إلا اللون # قال وقال قائلون إن الباري جسم وأنكروا أن يكون موصوفا بلون وطعم ورائحة أو مجسة أو شيء مما وصف به هشام غير أنه على العرش مباين له دون ما سواه قال واختلفوا في مقدار البارى بعد أن جعلوه جسما فقال قائلون هو جسم وهو في كل مكان وفاضل عن جميع الأماكن وهو مع ذلك متناه غير أن مساحته أكبر من مساحة العالم لأنه أكبر من كل شيء وقال بعضهم مساحته على قدر العالم وقال بعضهم أن البارى جسم له مقدار من المساحة

ولا يدري كم ذلك القدر وقال بعضهم هو في أحسن الأقدار وأحسن الأقدار أن يكون ليس بالعظيم الجافي ولا بالقليل القمي وحكي عن هشام أن أحسن الأقدار أن يكون سبعة أشبار بشبر نفسه وقال بعضهم ليس لمساحة البارى نهاية ولا غاية وأنه ذاهب في الجهات الست اليمين والشمال والأمام والخلف والفوق والتحت قالوا وما كان كذلك لا يقع عليه اسم جسم ولا طويل ولا عريض ولا عميق وليس بذي حدود ولا قطب وقال قوم أن معبودهم هو الفضاء وهو جسم تحل الأشياء فيه ليس بذي غاية ولا نهاية وقال بعضهم هو الفضاء ليس بجسم والأشياء قائمة به # فقد ذكر عن هاتين الفرقتين أنه لا نهاية لمساحته مع قول بعضهم إنه جسم وقول بعضهم إنه ليس بجسم كما ذكر عن آخرين من المجسمة أنه جسم وهو في كل مكان وفاضل عن جميع الأماكن وهو مع ذلك متناه وعن آخرين أنه بقدر العالم وأما القائلون بأنه على العرش فلم يذكر عنهم قولا أنه لا نهاية لمساحته وذكر أيضا عن زهير الأثري وأبي معاذ التومنى أنه فوق العرش وبكل مكان وقال فأما أصحاب زهير الأثري فإن زهيرا كان يقول إن الله بكل مكان وأنه مع ذلك على عرشه وأنه يرى بالأبصار بلا كيف وأنه موجود الذات بكل مكان وأنه ليس بجسم ولا محدود ولا يجوز عليه الحلول والمماسة ويزعم أنه يجئ يوم القيامة كما قال ^ وجاء ربك والملك صفا صفا ^ بلا كيف # فيقال له إذا نازعك إخوانك المتكلمون الجهمية من المجسمة وغير المجسمة الموافقون لك على أنه ليس فوق العرش الذين يقولون لا نهاية لذاته ومساحته مع قولهم انه جسم ومع قولهم انه ليس بجسم فما حجتك عليهم وهذا هو القسم الأول وهذا ليس من أقوال من يقول انه فوق العرش

# وكذلك ذكر أبو الحسن الأشعري لما ذكر اختلاف الناس هل هو في مكان دون مكان أم لا في مكان أم في كل مكان فقال قد ذكرنا قول من امتنع من ذلك وقال إنه في كل مكان حال وقول من قال لا نهاية له وأن هاتين الفرقتين ذكرتا القول أنه في مكان دون مكان فأخبر أن القائلين بأنه لا نهاية له ينكرون أن يكون في مكان دون مكان فلا يقولون إنه فوق العرش لكن هذا المؤسس ان لم يبطل قول هؤلاء بالحجة والا خصموه فانه ينكر أن يكون الله فوق العرش ويوافقهم على اطلاق القول بأنه لا نهاية له ولا حد ولا غاية وإن كان يفسر ذلك بتفسير آخر لكن نفي قولهم لابد له من حجة # فأما الوجه الأول الذي ذكره فيقولون له لا نسلم أن الخط المتناهي يمكنه أن يسامت غير المتناهي فقولك زال عن الموازاة إلى المسامتة فرع إمكان ذلك والمحال المذكور إنما لزم من فرض مسامتة خط متناه لخط غير متناهي فلزم من قولك أن يحصل في المتناهي نقطة هي أول نقطة المسامتة وأن لا يحصل لكن قولك إن هذا المحال إنما لزم من فرضنا أن ذلك الخط غير متناه ممنوع بل يقال هذا المحال إنما لزم من فرض مسامتة المتناهي لغير المتناهي فالاحالة كانت بفرض مسامتة له لا بفرض وجود غير المتناهي لم قلت إن الأمر ليس كذلك # وقد يقول لك أحد الفريقين من هؤلاء نحن نقول أنه غير متناه وأنه غير جسم وحينئذ لا يمكن أن يفرض فيه خطوط ونقط فلا بد من إقامة دليل على امتناع شيء ليس بجسم غير متناهي فان أقمت دليلا على ذلك بطل ما ذكرته في القسم الثالث من وجود أحياز خالية فوق البارى لأنه إذا أوجب عندك تناهي

الأبعاد وإن لم تكن أجساما وجب تناهي الأحياز فلم يجب أن يكون فوق الباري حيز ولا بعد كما الزمتهم إياه في القسم الثالث # وأما الوجه الثاني الذي احتججت به عليهم فقولك إذا كان القول بوجود بعد غير متناه ليس محالا فعند هذا لا يمكن إقامة الدليل على كون العالم متناهيا بكليته وذلك باطل بالاجماع يقولون لك أكثر ما يمكنك دعوى الاجماع على أن دليله امتناع بعد لا يتناهى ولا يلزم من الاجماع على الحكم أن يكونوا مجمعين على دليل معين # وأيضا فلا يلزم من بطلان هذا الدليل بطلان سائر الأدلة كيف وقد ذكرت أنه مجمع عليه والاجماع من أعظم الأدلة إذ حجة الاجماع ليست موقوفة على إحالة أبعاد لا تتناهى بدليل أن سلف الأمة وأئمتها يعترفون أن الاجماع حجة من غير أن يبنوا ذلك على أدلة فيها هذه المقدمة التي قد لا تخطر ببال أكثرهم # وقد يقول هؤلاء هب أنه قام دليل تناهي العالم وتناهي المخلوقات وتناهي الأبعاد التي فيها المحدثات فلم قلت إن ذلك محال في حق البارى وهذا يقوله مثبتة الجسم ونفاته كما تقدم ذكر القولين لهم # وأما الوجه الثالث قولك لو كان غير متناه من جميع الجوانب أوجب أن لا يخلو شيء من الجهات والأحياز عن ذاته فحينئذ يلزم أن يكون العالم مخالطا لأجزائه وأن يكون القاذورات والنجاسات كذلك وهذا لا يقوله عاقل فان أردت أن ليس في المكلفين من العقلاء من يقوله فقد قاله منهم طوائف كما ذكرناه عن الأشعري أنه نقل ذلك عن طائفتين ممن يقول إن له مساحة طائفة تقول إنه جسم وطائفة تنفى الجسم

# وأيضا فطوائف من الجهمية يقولون إنه بذاته في كل مكان وقد ذكر الأئمة والعلماء ذلك عن الجهمية وردوا ذلك عليهم وطوائف أخر يقولون إنه موجود الذات في كل مكان وأنه على العرش كما نقله الأشعري عن زهير وأبي معاذ # وأيضا هؤلاء الاتحادية يصرحون بذلك تصريحا لا مزيد عليه حتى يجعلونه عين الكلب والخنزير والنجاسات لا يقولون إنه مخالط لها بل وجودها عين وجوده وهذا وان كان من أعظم الكفر فالغرض أن إخوانه من الذين يقولون أن الله ليس فوق العرش قد قالوا هذا كله وما هو أكثر منه فلا بد أن يرد قولهم بطرقه التي يسلكها وإلا لم يكن قوله أصح من قولهم بل قولهم أقرب إلى العقل من قوله أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولهم في الجواب عن المخالطة من الكلام ما هو مع كونه باطلا أقرب إلى العقل من كلامه مثل قولهم أنه بمنزلة الشعاع للشمس الذي لا يتجنس بما يلاقيه وبمنزلة الفضاء والهواء الذي لا يتأثر بما يكون فيه ونحو هذا من الأمثال التي يضربونها لله فهم مع كونهم جعلوا لله ندا وعدلا ومثلا وسميا في كثير من أقوالهم إن لم يكونوا أمثل منه فليسوا دونه بكثير # وأما إن أردت أن العقل يبطل هذا القول فلم تذكر على بطلانه حجة عقلية أكثر ما ذكرت قولا تنفر عنه النفوس أو ما يتضمن نوع نقص وأنت تقول ليس في العقل ما ينفي عن الله النقص وإنما نفيته بالاجماع فهذا الوجه في جانب من يقول بالقسم الثالث # وأما القسم الثاني وهو التناهي من جهة دون جهة فما علمت به قائلا فإن قال هذا أحد فإنه يقول إنه فوق العرش ذاهبا إلى غير نهاية فهو متناه من جهة العالم غير متناه من الجهة الأخرى وهذا لم يبلغني أن أحدا قاله ونقل الأشعري

يقتضي أن هذا لم يقله أحد بل كل من قال بعدم نهايته أنكر أن يكون فوق العرش # الوجه الثالث أن يقال فرض بعد غير متناه لا يخلو إما أن يكون محالا أو لا يكون محالا فإن كان محالا بطل ما ذكر مما ذكرته في القسم الثالث من تجويز أحياز خالية فوقه إذا كان متناهيا من جميع الجهات فإنه إذا وجب تناهي الأبعاد لم يجب أن يكون فوق العالم بعد فضلا عن أن يكون فوق الباري بعد وأذا فرض ما ذكرته في القسم الثالث وهو أحد الوجهين نفي الوجه الأول وهو كون كل ماله قدر مخصوص يجب أن يكون محدثا وقد تقدم الكلام عليه بما فيه كفاية وإذا بطل الوجهان بطل ما ذكرته على إفساد القسم الثالث وإن كان فرض بعد غير متناه ممكنا ثبت إمكان القسم الأول وبطل ما ذكرته من الحجة على إحالة ذلك فقد ظهر على التقديرين أن ما ذكرته ليس بدليل صحيح # الوجه الرابع أن القسم الثاني وهو أنه غير متناه من بعض الجوانب ومتناه من سائر الجوانب وان كنا لم نعلم به قائلا فلم تذكر دليلا على إبطاله ولا استدللت على إبطاله بنص أو اجماع فأما الدليل الذي ذكرته على امتناع بعد غير متناه فقد تقدم القول عليه مع إن تلك الوجوه لا تصلح هنا كما صلحت هناك # أما الوجه الأول وهو اجتماع وجود المسامتة وعدمها إذا قدر مسامتة غير المتناهي للمتناهي فإنه ما تقدم فيه إذا كان متناهيا من بعض الجهات أمكن فرض المسامتة في تلك الجهة وحينئذ فتسامت النقطة الفوقانية من تحت الجهة قبل التحتانية لكن هذا لا يحصل إلا عند فرض مسامتا من الجهة التي لا تتناهى

# وأما الوجه الثالث وهو لزوم مخالطة ذاته للقاذورات فهذا لا يلزم إذا قيل إنه متناه من جانب الخلق دون الجانب الآخر فإنه حينئذ لا يكون مخالطا لهم من هذا الوجه هنا بطولا ظاهرا # وأما بطلان إقامة الدليل على تناهي العالم فقد تقدم الكلام عليه مع أن العالم في بقائه فيه متناه من أوله غير متناه من آخره ففيه تناه من وجه دون وجه لكن هذا ليس هو المتناهي في الجهة والمقدار والبعد # والغرض أن الوجوه الثلاثة هي في هذا القسم فيها نوع نقص عن ذلك القسم # وأما الوجه الثاني وهو قولك أن الجانب الذي فرض أنه غير متناه والجانب الآخر إما أن يتساويا في الحقيقة والماهية وإما أن لا يكونا كذلك أما القسم الأول فإنه يقتضي أن يصح على كل واحد من هذين الجانبين ما يصح على الآخر وذلك يقتضي جواز الفصل والوصل والزيادة والنقصان فيقال لك مشاركة الشيء لغيره في حقيقته لا يقتضي مساواته له في المقدار كالمقادير المختلفة من الفضة والذهب وسائر الأجسام المتماثلة في الحقيقة فانها تتماثل في الحقيقة مع اختلاف المقادير وحينئذ فهذه الأمور إنما يجوز على بعضها ما يجوز على بعض فيما تماثلت فيه وهو الصفة والكيفية وأما ما يتعلق بالمقدار فليس الكبير في ذلك كالصغير ولا يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر بل للصغير أحكام لا تصح في الكبير وللكبير أحكام لا تصح على الصغير مثل شغل الحيز الذي بقدره وغير ذلك # وإذا كان كذلك فالبعد الذي يتناهى من أحد جانبيه دون الآخر وإنما تماثلت حقيقة الجانبين في الصفة والكيفة فلم تتماثل في المقدار لأن أحدهما أكبر من الآخر قطبا فلا يلزم أن يجوز على غير المتناهي من النقص والفصل

# وأيضا فان لزم أن يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر فقولك ذلك يقتضي جواز الفصل والوصل والزيادة والنقصان على ذات الله تعالى هذا هو بعينه الدليل على امتناع كونه متناهيا وهو أن المتناهي يقبل الزيادة والنقصان وقد قيل لك أن هذا ممنوع فيما وجوبه به بنفسه فإن صفاته تكون لازمة لذاته فلا يمكن أن يكون على خلاف ما هو عليه كما نقول إن معلوماته أكثر من مقدوراته ومقدوراته أكثر من مخلوقاته ومراداته وهذان لم يكن نظير ذلك والغرض التنبيه على تقدم الكلام في مثل هذا # وأيضا فلم تذكر دليلا على امتناع الفصل والوصل والزيادة والنقصان فإن اعتصمت في ذلك بإجماع كانت الحجة سمعية وأن قنعت بنفور النفوس عن ذلك فنفور النفوس على قولك أعظم مع أن هذا ليس حجة عندك # وقولك وأما القسم الثاني وهو القول بأن أحد الجانبين مخالف للجانب الآخر في الحقيقة والماهية فنقول إن هذا محال من وجوه الأول أن هذا يقتضي كون ذاته مركبة وهو باطل كما بيناه # يقال لك قد تقدم الكلام على إبطال حجة التركيب بما يظهر به فسادها لكل عاقل لبيب # فقولك الثاني أنا بينا أنه لا معنى للمتحيز إلا الشيء الممتد في الجهات المختص بالأحياز وبينا أن المقدار يمتنع أن يكون صفة بل يجب أن يكون ذاتا وبينا أنه متى كان الأمر كذلك كانت جميع المتحيزات متساوية وإذا كان كذلك امتنع القول بأن أحد جانبي ذلك الشيء يخالف الجانب الآخر في الحقيقة والماهية

# فيقال لك هذه حجة تماثل الأجسام وقد تقدم أنها من أبطل ما في العالم من الكلام وهي منشاها من كلام المعتزلة والجهمية كما ذكره الأشعري وغيره كما أن الأولى من كلام الفلاسفة والصابئة وهي أيضا من حجج المعتزلة والجهمية وقد تبين أن المقدر صفة للشيء المقدر المحدود وليس هو عين الشيء المقدر المحدود وتبين أيضا أنه لو كان المقدار هو الذات لم يجب أن تكون المقدورات متساويات فإن بينها اختلافا في صفات ذاتيات لها وهي مختلفة في تلك الصفات الذاتيات وان كانت مشتركة في أصل المقدار الذي جعلته الذات وغايتها أن تكون بمنزلة الأنواع المشتركة في الجنس المتمايزة بالفصول # وأيضا فأنت وسائر الصفاتية بل وجميع العباد يثبتون لله معاني ليست متماثلة بل هذا واجب في كل موجود مثل إثبات أنه موجود بنفسه ومبدع بنفسه ومبدع لغيره وأنه عالم وأنه قادر وأنه حي وهذه حقائق مختلفة فالقول في اقتضائها للتركيب كالقول في اختلاف الجانبين كذلك كما تقدم ذلك # وأما حجة تساوي الأبعاد وتماثلها فهذه الحجة إن صحت فهي كافية في نفي كونه كذلك سواء قبل إنه متناه أو غير متناه والحجة المستقلة بنفسها في المطلوب لا تصلح أن تجعل دليل بعض مقدمات دليل المطلوب لأن هذا تطويل وعدول عن سواء السبيل # الوجه الخامس أنه أورد اعتراضا من جهة المنازع بقوله فان قيل ألستم تقولون أنه تعالى غير متناه في ذاته فيلزمكم جميع ما ألزمتموه علينا وقال في الجواب قلنا الشيء الذي يقال انه غير متناه على وجهين أحدهما أنه غير مختص بجهة وحيز ومتى كان كذلك امتنع أن يكون له طرف ونهاية وحد والثاني

أنه مختص بجهة وحيز إلا أنه مع ذلك ليس لذاته منقطع وحد فنحن إذا قلنا إنه لا نهاية لذات الله عنينا به التفسير الأول # فيقال المعقول المعروف إذا قيل هذا لا يتناهى أو لا حد له ولا غاية ولا نهاية أن يكون موجودا أو مقدر الوجود ويكون ذلك الموجود أو المقدر ليس له حد ولا نهاية ولا منقطع بل لا يفرض له حد ومنقطع إلا وهو موجود بعده كما يقال في وجود الباري وبقائه فيما لم يزل ووجوده وبقائه فيما لا يزال بل في وجود أهل الجنة في الجنة فيما لم يزال بقاؤه لا ينتهي ذلك إلى حد الا ويكون بعده شيء كما أن وجود البارى لا يقدر له حد ووقت الا وهو موجود قبله وكذلك اذا قدر أجسام أو أبعاد لا تتناهى فانه لا يفنى قبله وكذلك إذا قدر أجسام أو أبعاد لا تتناهى فانه لا يفنى منها شيء أو يقدر منها الا وهي تكون موجودة بعده وكذلك ما يقدر في الذهن إلى حد ومقطع الا ويقدر بعده شيء آخر وكذلك ما يقدر في الذهن من عدم التناهي من العلل وغيرها كما بين فساده هو من هذا الباب # فالغرض ان الشيء الذي يوصف بعدم التناهي إما حقيقة وإما مقدار ممتنعا وإما تقديرا غير ممتنع أو غير معلوم الامتناع كلها مشتركة في ذلك فاما وصف الشيء بانه غير متناه بمعنى أن ليس له حقيقة تقبل التناهي وتقبل عدم التناهي فوصف هذا بأنه غير متناه مثل صفة المعدوم بأنه غير متناهي لأنه لا يمكن له نهاية وحد وطرف ولا يمكن أن يقال وذاته لا تقبل أن يوصف بالتناهي وعدمه كما لا يقبل أن يوصف بالحياة وعدمها ولا بالعلم وعدمه ولا بالقدرة وعدمها



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

moh_elgmare@yahoo.com


رد مع اقتباس