03 Apr 2010, 03:27 AM
|
#69
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
وقال فيما بلغنا ان الله ليضحك من ازلكم وقنوطكم وسرعة اجابتكم فقال له رجل من العرب ان ربنا ليضحك قال نعم قال لا نعدم من رب يضحك خيرا في اشباه لهذا مما لم نحصيه # وقال الله تعالى ^ وهو السميع البصير ^ ^ واصبر لحكم ربك فانك بأعيننا ^ وقال ^ ولتصنع على عيني ^ وقال ^ ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي ^ وقال ^ والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ^ فوالله ما دلهم على عظم ما وصف به نفسه وما تحيط به قبضته الا صغر نظيرها منهم عندهم ان ذلك الذي القى في روعهم وخلق على معرفته قلوبهم فما وصف الله من نفسه وسماه على لسان رسوله سميناه كما سماه ولم نتكلف منه صفة ما سواه لا هذا ولا هذا لا نجحد ما وصف ولا نتكلف معرفة ما لم يصف # اعلم رحمك الله ان العصمة في الدين ان تنتهي حيث انتهى بك ولا تجاوز ما قد حد لك فان من قوام الدين معرفة المعروف وانكار المنكر فما بسطت عليه المعرفة وسكنت اليه الافئدة وذكر اصله في الكتاب والسنة وتوارث علمه الامة فلا تخافن في ذكره وصفته من ربك ما وصف من نفسه عيبا ولا تكلفن لما وصف لك من ذلك قدرا وما انكرته نفسك ولم تجد ذكره في كتاب ربك ولا في الحديث عن نبيك من ذكر صفة ربك فلا تتكلفن علمه بعقلك ولا تصفه بلسانك واصمت عنه كما صمت الرب عنه من نفسه فان تكلفك معرفة ما لم يصف من نفسه مثل انكارك ما وصف منها فكما اعظمت ما جحد الجاحدون مما وصف من نفسه فكذلك اعظم تكلف ما وصف
الواصفون ما لم يصف منها فقد والله عز المسلمون الذين يعرفون المعروف ويمعرفتهم يعرف وينكرون المنكر ويانكارهم ينكر يسمعون ما وصف الله به نفسه من هذا في كتابه وما يبلغهم مثله عن نبيه فما مرض من ذكر هذا وتسميته من الرب قلب مسلم ولا تكلف صفة قدره ولا تسمية غيره من الرب مؤمن وما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سماه من صفة ربه فهو بمنزلة ما سمى ووصف الرب تعالى من نفسه والراسخون في العلم الواقفون حيث انتهى علمهم الواصفون لربهم بما وصف من نفسه التاركون لما ترك من ذكرها لا ينكرون صفة ما سمى منها جحدا ولا يتكلفون صفة ما لم يسم تعمقا لان الحق تبرك ما ترك وتسمية ما سمى ^ ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسآت مصيرا ^ وهب لنا ولكم حكما والحقنا بالصالحين وهذا كله كلام ابن الماجشون
فصل # والكلام على هذه الحجة في مقامين احدهما منع المقدمة الاولى والثاني منع الثانية # اما الاول فهو قول من يقول هو فوق العرش وليس له حد ولا مقدار ولا هو جسم كما يقول ذلك كثير من الصفاتية من الكلابية وائمة الاشعرية وقدمائهم ومن وافقهم من الفقهاء والطوائف الاربعة وغيرهم واهل الحديث والصوفية وغير هؤلاء وهم امم لا يحصيهم الا الله ومن هؤلاء ابو حاتم ابن حبان وابو سليمان الخطابي البستيان قال ابو سليمان الحطابي في الرسالة الناصحة لما تكلم على الصفات ومما يجب ان يعلم من هذا الباب ويحكم القول فيه انه لا يجوز ان يعتمد في الصفات الا الاحاديث المشهورة التي قد ثبتت بصحة
اسانيدها وعدالة ناقليها فان قوما من اهل الحديث قد تعلقوا منها بالفاظ لا تصح من طريق السند وانما هي من رواية المفاريد والشواذ فجعلوها اصلا في الصفات وادخلوها في جملتها كحديث الشفاعة وما روي فيه من قوله فاعود الى ربي فاجده بمكانه او في مكانه فزعموا على هذا المعنى ان لله مكانا تعالى الله عن ذلك وانما هذه اللفظة تفرد بها في هذه القصة شريك بن عبد الله بن ابي نمر وخالفه اصحابه فيها ولم يتابعوه عليها وسبيل مثل هذه الزيادة ان ترد ولا تقبل لاستحالتها ولان مخالفة اصحاب الراوي له في الرواية كخلاف البينة للبينة اذا تعارضت البينتان سقطتا معا وقد تحتمل هذه اللفظة لو كانت صحيحة ان يكون معناها انه يجد ربه بمكانه الاول من الاجابة في الشفاعة والاسعاف بالمسألة اذا كان مرويا في الخبر انه يعود مرارا فيسأل ربه في المذنبين من امته كل ذلك يشفعه ويسعفه بمسألته فيهم # قلت هذا في حديث المعراج بحديث الشفاعة ولكن في حديث الشفاعة فأستأذن من رواية شريك ولكن غلظ الخطابي في بذلك فاشتبه عليه حديث المعراج على ربي في داره فيؤذن لي عليه فاذا رأيته وقعت ساجدا ذكر ذلك ثلاث مرات وهذا في الصحيح من رواية قتادة عن انس واما تلك اللفظة فهي في حديث المعراج من رواية شريك وليس هذا موضع الكلام في ذلك # قال الخطابي ومن هذا الباب قوما منهم زعموا ان لله حدا وكان اعلا ما احتجوا به في ذلك حكاية عن ابن المبارك قال علي بن الحسن بن شقيق قلت لابن المبارك انعرف الله بحد او نثبته بحد فقال نعم بحد فحعلوه اصلا في
هذا الباب وزادوا الحد في صفاته تعالى الله عن ذلك وسبيل هؤلاء القوم عافانا الله واياهم ان بعلموا ان صفات الباري لا تؤخذ الا من كتاب الله تعالى وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم دون قول احد من الناس كائنا من كان علت درجته او نزلت تقدم زمانه او تأخر لانها لا تدرك من طريق القياس والاجتهاد فيكون فيها لقائل مقال ولنظر مجال على ان هذه الحكاية عن ابن المبارك قد رويت لنا انه قيل له انعرف الله بجد فقال نعم بجد بالجيم دون الحاء # قال وزعم بعضهم ان يقال ان له حدا لا كالحدود كما تقول يد لا كالايدي فيقال له انما احوجنا الى ان نقول يد لا كالايدي لان اليد قد جاء ذكرها في القرآن وفي السنة فلزم قبولها ولم يجز ردها فاين ذكر الحد في الكتاب او في السنة حتى نقول حدا لا كالحدود كما نقول يد لا كالايدي ارأيت ان قال قائل رأس لا كالرؤوس قياسا على قولنا يد لا كالايدي هل تكون الحجة عليه الا نظير ما ذكرنا في الحد من انه لما جاء ذكر اليد وجب القول به ولما لم يجيء ذكر الرأس لم يجز القول به # وممن انكر الحد ابو الحارث # وكان القاضي ابو يعلي ينكر الحد ثم رجع الى الاقرار به وكذلك لفظ الجهة قال في كتاب ابطال التأويلات لاخبار الصفات في كلامه على حديث العباس بن عبد المطلب والاستواء على العرش فاذا ثبت انه على العرش فالعرش في جهة وهو على عرشه وقد منعنا في كتابنا هذا في غير موضع اطلاق الجهة عليه والصواب جواز القول بذلك لان احمد قد اثبت
هذه الصفة التي هي الاستواء على العرش وأثبت أنه في السماء وكل من أثبت هذا أثبت الجهة وهم أصحاب ابن كرام وابن منده الأصبهاني المحدث # قال والدلالة عليه أن العرش في جهة بلا خلاف وقد ثبت بنص القرآن أنه مستو عليه فاقتضى أنه في جهة ولأن كل عاقل من مسلم وكافر إذا دعا فإنما يرفع يديه ووجهه نحو السماء وفي هذا كفاية ولأن من نفي الجهة من المعتزلة والأشعرية يقول ليس في جهة ولا خارجا منها وقال قائل هذا بمثابة من قال باثبات موجود مع وجود غيره ولا يكون وجود أحدهما قبل وجود الآخر ولا بعده ولأن العوام لا يفرقون بين قول القائل طلبته فلم أجده في موضع ما وبين قوله طلبته فإذا هو معدوم # قال وقد احتج ابن منده على اثبات الجهة بأنه لما نطق القرآن بإذن الله على العرش وأنه في السماء وجاءت السنة بمثل ذلك وبأن الجنة مسكنه وأنه في ذلك وهذه الأشياء أمكنة في نفسها فدل على أنه في مكان # قال وإذا ثبت استواؤه ثبت أنه على العرش وأنه في جهة فهل الاستواء من صفات الذات قياس قول أصحابنا أنه من صفات الذات وأنه موصوف بها في القدم وإن لم يكن هناك عرش موجود لتحقق وجود ذلك فيه في الثاني لأنهم قالوا خالق ورازق موصوف به فيما لم يزل ولا مخلوق ولا مرزوق لتحقق الفعل من جهته وقد تقول العرب سيف مقطوع و خبر مستمع و ماء مرو وإن لم يوجد منه القطع لتحقق الفعل منه واستدل بعض أصحابنا بأنه موصوف في الأزل بالربوبية ولا مربوب وبالألوهية ولا مألوه وعلى قياس هذا النزول إلى السماء والمجيء في ظلل من الغمام ووضع القدم في النار
# فإن قيل فقد قال أحمد في رواية حنبل هو على العرش كيف شاء وكما شاء وصفات الذات لا تدخل تحت المشيئة بل المشيئة راجعة إلى خلق العرش لا إلى الاستواء عليه قلت وفي هذا نزاع بين الأصحاب وغيرهم ليس هذا موضعه # قال القاضي وإذا ثبت استواؤه وأنه في جهة وأن ذلك من صفات الذات فهل يجوز اطلاق الحد عليه قد أطلق أحمد القول بذلك في رواية المروذي فقد ذكر له قول ابن المبارك نعرف الله على العرش بحد فقال أحمد بلغني ذلك وأعجبه وقال الأثرم قلت لأحمد يحكى عن ابن المبارك نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه بحد فقال أحمد هكذا هو عندنا قال القاضي ورأيت بخط أبي اسحاق أنا أبو بكر أحمد بن نصر الرفاء سمعت أبا بكر بن أبي داود سمعت أبي يقول جاء رجل إلى أحمد بن حنبل فقال له لله تبارك وتعالى حد قال نعم لا يعلمه إلا هو قال الله تبارك وتعالى ^ وترى الملائكة حافين من حول العرش ^ يقول محدقين # قال فقد أطلق أحمد القول بإثبات الحد لله وقد نفاه في رواية حنبل فقال نحن نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء وكما شاء بلا حد ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد فقد نفى الحد عن الصفة المذكورة وهو الحد الذي يعلمه خلقه والموضع الذي أطلقه محمول على معنيين أحدهما أنه تعالى في جهة مخصوصة وليس هو تعالى ذاهبا في الجهات بل خارج العالم متميز عن خلقه منفصل عنهم غير داخل في كل جهة وهذا معنى قول أحمد له حد لا يعلمه إلا هو والثاني أنه على صفة يبين بها عن غيره ويتميز ولهذا سمي البواب حدادا لأنه يمنع غيره عن الدخول فهو تعالى فرد واحد ممتنع عن الاشتراك له في أخص صفاته
# قال وقد منعنا من إطلاق القول بالحد في غير موضع من كتابنا ويجب أن يجوز على الوجه الذي ذكرناه فهذا رجوع منه إلى القول بإثبات الحد لكن اختلف في ذلك كلامه فقال هنا ويجب أن يحمل على اختلاف كلام أحمد في إثبات الحد على اختلاف حالين فالموضع الذي قال إنه على العرش بحد معناه ما حاذى العرش من ذاته فهو حد له وجهة له والموضع الذي قال هو على العرش بغير حد معناه ما عدا الجهة المحاذية للعرش وهي الفوق والخلف والأمام والميمنة والميسرة وكان الفرق بين جهة التحت المحاذية للعرش وبين غيرها ما ذكرنا أن جهة التحت تحاذي العرش بما قد ثبت من الدليل والعرش محدود فجاز أن يوصف ما حاذاه من الذات أنه حد وجهة وليس كذلك فيما عداه لأنه لا يحاذي ما هو محدود بل هو مار في الميمنة والميسرة والفوق والأمام والخلف إلى غير غاية فلهذا لم يوصف واحد من ذلك بالحد والجهة وجهة العرش تحاذي ما قابله من جهة الذات ولم تحاذ جميع الذات لأنه لا نهاية لها # قلت هذا الذي ذكره في تفسير كلام أحمد ليس بصواب بل كلام أحمد كما قال أولا حيث نفاه نفي تحديد الحاد له وعلمه بحده وحيث أثبته أثبته في نفسه ولفظ الحد يقال على حقيقة المحدود صفة أو قدرا أو مجموعهما ويقال على العلم والقول الدال على المحدود # وأما ما ذكره القاضي في إثبات الحد من ناحية العرش فقط فهذا قد اختلف فيه كلامه وهو قول طائفة من أهل الإثبات والجمهور على خلافه وهو الصواب # والمقصود أن نفاه الحد والمقدار والجسم ونحو ذلك من الصفاتية الذين يقولون أنه على العرش يقولون لا نسلم أنه إذا كان هو ينفسه فوق العرش فإنه لا يلزم
أن يوصف بتناهي المقدار كما لا يستلزم الانقسام وكذلك لا يستلزم أن يوصف عندهم بعدم التناهي الذي هو بعد لا يتناهى كما لا يوصف عندهم بعدم الانقسام الذي هو جزء لا ينقسم وكذلك لا يستلزم ذلك عندهم أن يوصف بأنه أكبر من العرش في المقدار والمساحة أو أصغر أو بقدره فإنهم يقولون هذه اللوازم كلها إنما تلزم إذا فرض أن فوق العرش ما هو جسم أما إذا كان الذي فوق العرش ليس بجسم فإنه يمتنع أن يستلزم لوازم الجسم لأن الانقسام أو التناهي والتحديد ونحو ذلك هي لازمة للجسم وملزومة له فلا يكون متناهيا محدودا مقسوما إلا ما يكون جسما ولا يكون جسما إلا ما جاز أن يوصف بالانقسام أو بقبول التناهي والتحديد وعدم ذلك # قالوا لمنازعيهم من النفاة فإذا اتفقنا على أنه ليس بجسم أو إذا قام الدليل على انه ليس بجسم وقد علمنا بالفطرة والضرورة العقلية والأدلة المتواترة السمعية واتفاق سلف الأمة وخير البرية أنه فوق العرش كان التقدير أن الذي فوق العرش ليس بجسم وحينئذ فقول القائل إما أن يكون متناهيا أو ذاهبا في الجهات إلى غير غاية وإما أن يكون منقسما أو جوهرا فردا كل ذلك باطل لأن هذه اللوازم إنما تكون إذا كان الذي على العرش جسما أما إذا كان غير جسم ولا متحيز فإنه لا يلزمه شيء من هذه اللوازم # وقالوا هذا اللزوم والتقسيم كله من حكم الوهم والخيال وباب الربوبية لا يجوز أن يحكم فيه بحكم الوهم والخيال كما قد قرره هذا المؤسس في مقدمة هذا الكتاب # ولا ريب أن قولهم هذا أصح من قول منازعيهم من النفاة لما قيل لهم إما أن يكونا متباينين وإما أن يكونا متحايثين وإما أن يكون أحدهما بحيث الآخر
وإما أن يكون مباينا عنه بالجهة فقالوا ليس بكذا ولا كذا ففنوا الطريقين جميعا وقالوا إنه لا يمكن أن يحس به ولا أن يشار إليه بالحس فقيل لهم هذا أحقر من الجوهر الفرد فقالوا في جواب ذلك إنما يلزم لو كان جسما أو لو كان موصوفا بالحيز والمقدار أو قالوا هذا من حكم الوهم والخيال أو حكم الحس والوهم # فقد بينا فيما تقدم غير مرة أن كلام منازعيهم هؤلاء أبعد عن الخطأ في العقل والدين من منازعيهم فانهم هم أعظم مخالفة لما يعلم بضرورة العقل وبديهته وفطرته من منازعيهم هؤلاء المثبتين لأن الله على العرش الموافقين لهم على نفي الجسم وقد تقدم التنبيه على أصل كلام هؤلاء وأنه إن كان كثيرا ممن يوافقهم على أن الله على العرش أو على نفي الجسم يقول إن هذا القول متناقض ويصفهم بالتناقض في ذلك فالنفاة أعظم تناقضا منهم وأعظم مخالفة لما يعلم بالاضطرار في العقل والدين وأن هؤلاء أعظم مخالفة للعلوم الشرعية والعقلية ولا ريب أن كلام هؤلاء فيه ما يحتج به مثبتو الحد والمقدار والتحيز والجهة وفيه ما يحتج به نفاة الجسم والتحيز والجهة أيضا فلهذا قيل إنهم متناقضون أو أن لهم قولين # وقد ذكرنا بعض كلام أبي الحسن الأشعري وغيره من أئمة أصحابه الذي احتجوا به على أن الله على العرش وما احتجوا في ذلك من الآيات التي يحتج بها على اثبات الحد فقال باب ذكر الاستواء فإن قال قائل ما تقولون في الاستواء قيل له إن الله مستو على عرشه كما قال سبحانه ^ الرحمن على
العرش استوى ^ وقد قال عز وجل ^ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ^ وقال سبحانه ^ بل رفعه الله إليه ^ وقال سبحانه ^ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ^ وهذه الآيات التي استشهد بها الامام أحمد لقول ابن المبارك وكذلك هي التي احتج بها عثمان بن سعيد الدارمي وغيره على ذلك فهذا الرازي وموافقوه على النفي من المعتزلة ومتأخري الأشعرية يسلمون أن الاستدلال بهذه الآيات على أن الله فوق العرش يستلزم القول بدلالتها على أن الله متحيز في جهة وأن له حدا وقد تقدم تمام قول الأشعري # قال أيضا وقد قال تعالى ^ يخافون ربهم من فوقهم ^ وقال سبحانه ^ تعرج الملائكة والروح إليه ^ وقال سبحانه ^ ثم استوى إلى السماء ^ وقال ^ ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا ^ وقال ^ ثم استوى على العرش مالكم من دونه من ولي ولا شفيع ^ قال وكل هذا يدل على أنه في السماء مستو على عرشه قال والسماء باجماع الناس ليست في الأرض فدل على أنه عز وجل منفرد بوحدانيته مستو على عرشه كما وصف نفسه قال وقال سبحانه ^ وجاء ربك والملك صفا صفا ^ وقال عز وجل ^ هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ^ وهاتان الآيتان هما اللتان احتج بهما أحمد على قول ابن المبارك في الرواية الأخرى # قال وقال سبحانه ^ يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ^ وقال سبحانه ^ وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه ^ قال واجتمعت الأمة على أن الله رفع عيسى إلى السماء قال ومن دعاء المسلمين جميعا إذا هم رغبوا إلى الله في الأمر النازل بهم أنهم يقولون يا ساكن العرش أو يامن احتجب بالعرش أو بسبع
سموات وهذا تصريح منه باحتجابه بالأجسام المخلوقة وهذا عند منازعيه من نفاة أصحابه وغيرهم يستلزم أن يكون جسما متحيزا # قال وقال عز وجل ^ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي إذنه ما يشاء ^ وقد خصت الآية البشر دون غيرهم وهذا كله منه يقتضي أن الله سبحانه قد يحتجب عن شيء دون شيء ممن ليس من جنس البشر ولو كانت الآية عامة للبشر وغيرهم لكان أبعد عن شبهة وإدخال الشك عل من سمع الآية أن يقول لأحد أن يكلمه الله إلا وحيا ومن وراء حجاب أو يرسل رسولا فيرفع الشك والحيرة من أن يقول ما كان لجنس من الأجناس أن يكلمه الله إلا وحيا ومن وراء حجاب أو يرسل رسولا وترك أجناسا لم يعمهم بالآية قال فدل ما ذكرناه على أن خص البشر دون غيرهم وقد احتج بذلك على أن الله فوق العرش لأن النفاة يقولون الاحتجاب لا يكون إلا من صفات الأجسام ولا يكون على العرش إلا إذا كان جسما وهذا قد استدل بهذه الآيات على احتجابه عن بعض خلقه المستلزم أن يكون على العرش # قال وقال الله عز وجل ^ ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ^ ^ ولو ترى إذ وقفوا على ربهم ^ وقال ^ ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤسهم عند ربهم ^ وقال سبحانه ^ وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة ^ وقال كل ذلك يدل على أنه ليس في خلقه ولا خلقة فيه وأنه سبحانه مستو على عرشه جل وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا جل عما يقول الذين لم يثبتوا له في وصفهم حقيقة ولا أوجبوا له بذكرهم إياه وحدانية إذ كان
كلامهم يؤول إلى التعطيل وجميع أوصافهم تدل على النفي في التأويل ويريدون بذلك زعموا التنزيه ونفي التشبيه فنعوذ بالله من تنزيه يوجب النفي والتعطيل فاحتجاجه بقوله ^ ثم ردوا إلى الله ^ وقوله ^ وقفوا على ربهم ^ وقوله ^ عرضوا على ربك ^ وقوله ^ ناكسو رؤسهم عند ربهم ^ على أن الله فوق العرش كل ذلك لأن هذه الآيات تدل على النهايات والغايات والحدود والتباين الذي بينه وبين خلقه # فإذا نتكلم على حجته في هذا المقام فإنه يقال له قولك لو كان مختصا بالحيز والجهة لكان لا يخلو إما أن يكون متناهيا أو غير متناه فإن قلت نحن نقول هو موجود في غير جهة ولا حيز أصلا وهو غير متناه من جميع الجوانب أو بعضها أو غير متناه من جميعها يعارضونه بأن يقولوا هذه الحجة ترد عليك أيضا بأن يقال ولو كان موجودا أو قائما بنفسه كان متناهيا في ذاته بمعنى أن ذاته يمتنع أن يكون لها طرف ونهاية وحد # يقال لك اذا عقل موجود لا نهاية له فهل التفسير يعقل موجود فوق العرش لا يوصف بالتناهي وعدمه أولى وأحرى بمعنى أنه يمتنع أن يكون له نهاية أو يكون ذا مسحة لا نهاية لها فانه إذا عقل هذا في موجود مطلق لم يمتنع وصف هذا الموجود بأنه فوق العرش ويكون كذلك بل يكون هذا أقرب إلى العقل لأن الفطر تقر بأن الله فوق العالم وتنكر وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه فإذا أقررت بوجوده خارج العالم كان أقرب إلى الفطرة والعقل وإذا جاز أن يقال في هذا إنه لا يتناهى بمعنى أن ذاته لا تقبل الوصف بتناهي المقدار وعدمه كذلك يقال فيه مع وجوده فوق العرش
وإذا قال قائل هذا الفوقية أو هذا العلو فوق العرش لا يعقل أو قال لا يعقل علو ولا فوقية إلا بمعنى الذهاب في الجهات قيل له معرفة الصفة وعقلها فرع على معرفة الموصوف وعقله فطلبك العلم بكيفية علوه مع أنك لا تعقل حقيقته جمع بين الضدين وإذا كنت تقر بأنه موجود بل إقرارك بأن ذاته فوق العرش فوقية تناسب ذاته أسهل على العقل من الاقرار بأنه لا داخل العالم ولا خارجه بل الاقرار بأنه ليس ذا مساحة ومقدار لا ينافي الاقرار بأنه خارج العالم وفوقه كما يناسب ذاته ومنافاة الاقرار بوجوده مع كونه لا داخل العالم ولا خارجه أعظم تنافيا # وأما المقام الثاني فكلام من لا ينفي هذه الأمور التي يحتج بها عليه نفاة العلو على العرش ليس لها أصل في الكتاب والسنة بل قد يثبتها أو يثبت بعضها لفظا أو معنى أو لا يعترض لها بنفي ولا إثبات وهذا المقام هو الذي يتكلم فيه سلف الأمة وأئمتها وجماهير أهل الحديث وطوائف من أهل الكلام والصوفية وغيرهم وكلام هؤلاء أسد في العقل والدين حيث ائتموا بما في الكتاب والسنة وأقروا بفطرة الله التي فطر عليها عباده فلم يغيروا وجعلوا كتب الله التي بعث بها رسله هي الأصل في الكلام وأما الكلام المجمل المتشابه الذي يتكلم به النفاة ففصلوا مجمله ولم يوافقوهم على لفظ مجمل قد يتضمن نفي معنى حق ولا وافقوهم أيضا على نفي المعاني التي دل عليها القرآن والعقل وان شنع النفاة على من يثبت ذلك أو زعموا أن ذلك يقدح في أدلتهم وأصولهم # والكلام عليه من وجوه أحدها أن يقال قوله وأما القسم الثالث
وهو أن يقال كل متناه من كل الجوانب فهذا باطل من وجهين الأول أن كل ما كان متناهيا من جميع الجوانب كانت حقيقته قابلة للزيادة والنقصان وكل ما كان كذلك كان محدثا على ما بيناه فيقال له قد تقدم الكلام على هذه الحجة وبينا أن جماهير بني آدم من المسلمين واليهود والنصارى والصابئين والمجوس والمشركين يخالفونك في هذه المقدمة وبينا فساد ما ذكرته من الحجة عليها بوجوه كثيرة بيانا واضحا ونحن نحيل على ما ذكرناه هناك كما أحال هو عليه # وأما الوجه الثاني فقوله إنه لما كان متناهيا من جميع الجوانب فحينئذ نفرض فوقه أحيازا خالية وجهات فارغة فلا يكون هو تعالى فوق جميع الأشياء بل تكون تلك الأحياز أشد فوقية من الله تعالى ويكون قادرا على أن يخلق فيها جسما فوقه فيقولون لك هذا بناء على أن الأحياز والجهات لابد أن تكون أمرا وجوديا وأنه يمكن أن تكون فوقه وهم ينازعونك في هاتين المقدمتين وأنت معترف بفسادها في غير موضع من كتبك وقد تقدم البيان بأن الحيز لا يجب أن يكون أمرا وجوديا وإبطال ما يستدل به على خلاف ذلك وظهر صحة قوله سبحانه ^ هو الأول والآخر والظاهر والباطن ^ وما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه كان يقول في دعائه أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء وهذا النص أيضا يدل على أنه ليس فوق الله شيء وهذا نفي عام لكل ما يسمى شيئا وكل موجود فإنه يسمى شيئا فقد اتفق
الناس على أن كل موجود غير الله فإنه شيء لكون النبي صلى الله عليه وسلم قد نفى أن يكون فوقه شيء موجود حيزا وغيره وهذا يبطل أن يكون فوقه أحياز موجودة # والذي يوضح ذلك أنه قد قرر في هذه الحجة امتناع وجود أبعاد لا تتناهى وذلك يبطل وجود أحياز لا تتناهى حتى إنه يقول ليس وراء العالم أحياز وأبعاد لا تتناهى فإذا كانوا يوجبون في العالم الذي هو متحيز محدود متناهي أن لا يكون وراءه أحياز موجودة فكيف يوجبون أن يكون فوق خالق العالم أحياز موجودة بل هذا الرازي وأمثاله إذا ناظره الفلاسفة في أنه يمكن أن يكون العالم أكثر مما هو ويمكن أن يخلق مثله عالم آخر لم يقرر ذلك عليهم إلا بما هو من جنس مجادلاته المعرفة التي لا يزال يضطرب فيها غاية الاضطراب من السلب والايجاب فكيف يوجب أن يكون فوق رب العالمين أحيازا خالية وجهات فارغة ويضرب لهم هنا مثلا من أنفسهم كما يناظر به من يقول إن الله شريكا من خلقه أو أن له ولدا لا يرضى مثله لنفسه فيقال له المخلوق الذي هو عندك متحيز لا يجب أن يكون فوقه عندك أحياز خالية وجهات فارغة فكيف توجب في خالق العالم إذا وصف بأنه فوق العرش وأنه متحيز أن يكون فوقه أحياز خالية وجهات فارغة # وأما قوله هو قادر على خلق الجسم في الحيز الفارغ فيكون ذلك الجسم فوقه فيقال لك هذا مبني على أنه يمكن أن يكون فوقه شيء فإن لم يبين إمكان ذلك لم يصح أن يقال هو قادر على خلق جسم فوقه كما لا يصح أن يقال هو قادر على خلق جسم قبله أو بعده فقد يقول لك المنازع إذا وجب أن يكون هو العلي الأعلى المتعالي الذي لا يعلوه شيء لم يجز أن يعلوه شيء كما أنه إذا وجب أن يكون الأول والآخر لم يجز أن يسبقه شيء أو يتأخر عنه
شيء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء لكن الأول والآخر لا ابتداء له ولا انتهاء وإذا لم يكن له نهاية ولا حد من الوجهين جميعا ظهر فيه امتناع أن قبله أو بعده شيء بخلاف المتناهي المحدود من الأحياز # ولكن هذا الفرض جاء من خصوص المكان والزمان بدليل أن أهل الجنة لا آخر لوجودهم بل هم باقون أبدا وإن كانوا متحيزين لا حد ولا نهاية لآخرهم وإن كانت ذواتهم محدودة متناهية في أحيازها وأما كنها ولهذا لما أراد جهم أن يطرد دليلة في وجوب النهاية لكل مخلوق أوجب فناء الجنة والنار ولما أراد أبو الهذيل أن يطرد دليله في تناهي الحوادث أوجب انقطاع حركات أهل الجنة والنار # والمقصود هنا أن وجوب تناهي البقاء والأمد وإذا كانت الأحياز متناهية أو كان المتحيز متناهيا لم يجب أن يكون فوقه شيء إذ ليس وراء الموجود شيء موجود إلى غير نهاية وقد تقدم ابطاله لذلك # وأيضا فيقال له لم تذكر حجة على امتناع أحياز خالية ولا امتناع خلق أجسام وأنت تقول إن هذا برهان فإن لم تذكر حجة على امتناع ذلك لم يكن هذا الوجه دليلا # وأما قولك لا يكون هو فوق جميع الأشياء بل تكون الأحياز أشد فوقية فهذا تمسك باطلاق لفظ مع أنك لا تقول بمعناه فهو عندك أيضا ليس فوقه شيء من الأشياء فضلا عن أن تكون فوقه جميعها إلا بمعنى القدرة والتدبير وهذا المعنى يثبته المنازع مع اثباته لهذه الفوقية الأخرى فيكون قد أثبت ما تثبته من صفات الكمال ويثبت كمالا آخر لم تثبته أنت
|
|
|
|