03 Apr 2010, 03:25 AM
|
#7
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
# واذا كان هذا المعنى هو الذي يمكن ان يراد بلفظ الافتقار هنا فيكون المعنى لو كان له صفة ذاتية لازمة له او لو كان له تحيز لازم لكان ملازما له لا ينفك عنه وحينئذ فيتحد اللازم والملزوم ويكون هذا من باب تحصيل الحاصل كما لو قيل لو كان واجبا بنفسه لكان مفتقرا الى نفسه والمعنى ان نفسه لازمة لنفسه لزوما لا يمكن عدمه فانما تغلط الاذهان هنا وتحصل الشبهة عند كثير من الناس والوهم في قلوبهم لما في لفظ الافتقار الى الغير من المحذور # وهؤلاء عمدوا الى هذا اللفظ فاستعملوه في غير المعنى المعروف في اللغة وسموا لزوم صفاته له افتقارا الى الغير فلما عبروا عن المعاني الصحيحة بل المعاني التي يعلم بضرورة العقل ثبوتها في نفس الامر بل لا يستريب في ثبوتها احد من العقلاء ما دام عاقلا عبروا عنها بالعبارات المشتركة المجملة التي قد تستعمل في معاني فاسدة يجب تنزيه الباري سبحانه وتعالى عنها كان هذا الاشراك مما اشركوا فيه بين الله وبين خلقه وهو من نوع شركهم وعدلهم بالله حيث اشركوا بين المعاني والواجبة لله الممتنعة عليه في لفظ واحد ثم نفوا به ما يجب لله وكانوا مشركين معطلين في المعاني كما تقدم التنبيه على ذلك غير مرة # بمنزلة من سمى رحمان اليمامة الرحمن وجعل يقول للناس انا كافر بالرحمن يوهمهم انه رحمان اليمامة وهو كافر بالرحمن الذي على العرش او بمنزلة من سمى الاوثان الآلهة والاله وجعل يقول للمؤمنين قد عبدت الاله ودعوت الاله وانما يعنى به الوثن اوبمنزلة الله اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى وهو يعني الكفر بالله فهذا المثل نظير ما فعلوه من تسميته لما اثبته الله لنفسه بأسمائه
وآياته بأسماء باطلة من المفتقر والغير ونحو ذلك ثم جعل يقول ينزه الله تعالى عن ان يكون مفتقرا الى الغير وهو مثل من يسمى نبيه محمدا مذمما ثم يقول العنوا مذمما وهو صلى الله عليه وسلم محمد ولي بمذمم # والله سبحانه الغني بماله من الاسماء والصفات وليس بمفتقر الى غيره بوجه من الوجوه وان سموه هم مفتقرا الى غيره اذا ثبتت له هذه الصفات كما سمى المشركون محمدا مذمما لما دعاهم الى توحيد الله وعبادته # وهذا حال فريق ممن خالف سلطان الله الذي بعث به رسله وسمى سبحانه الاشياء بما تستحقه من الاسماء من اهل الكفر والبدع التي تشتمل على ما هو من الايماز وما هو من الكفر فانهم يسمون الاشياء بأسماء تتضمن حمدا وذما ونفيا واثباتا وتلك الاسماء سموها هم وآباؤهم ما انزل الله بها من سلطان وذلك مثل تسمية الكفار النبي صلى الله عليه وسلم شاعرا وساحرا وكاهنا ومجنونا وذلك لنوع شبهة قد ازاحها بما اظهره من البينات فلما رأوا القرآن كلاما موزونا شبهوه بالشعر الموزون ورأوا الرسول يخبر بالغيوب عن روح ينزل اليه بها فشبهوه بالكاهن الذي يخبر بكلمة فيكذب معها مأة كذبة عن روح شيطاني ينزل علييه بها ورأوه يزيل مافي النفوس من الأعتقادات الفاسدة والإرادات الفاسدة الى الصحيح التي فطر الله عليه فشبهوه بالساحر الذي يغير الامر في ادراكاتهم وحركاتهم حتى يعتقدوا الشيء بخلاف ما هو عليه ويحبوا ما ابغضوه ويبغضوا ما احبوه ورأوه قد اتى بما يخالف عاداتهم الفاسدة وما يذمونه عليه فشبهوه بالمجنون الذي يخرج عما يعرف في العقل وما يذم عليه
# كذلك يسمى اهل البدع لمن اتبع سبيله الذين قال فيهم ^ قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين ^ باسماء باطلة كتسمية الرافضة لهم ناصبة مع محبتهم اهل البيت وموالاتهم تشبيها لهم بمن يبغضهم ويعاديهم لاعتقادهم ان لا ولاية لهم الا بالبراءة من الصحابة وزعموا انهم كانوا يعادونهم # وكسمية القدرية لهم مجبرة مع كونهم يعتقدون ان العبد فاعل حقيقة وله ارادة وقدرة تشبيها بمن يسلب العبد الفعل ويجعله كالجمادات التي لا ارادة لها لما اعتقدوا ان الله خالق كل شيء وهو خالق العبد وصفاته وافعاله # وكذلك تسمية الجهمية لهم مشبهة مع كونهم يعتقدون ان الله ليس كمثله شيء في صفة من صفاته اصلا تشبيها لهم بالممثلة الذين يجعلون الله من جنس المخلوقات لما اعتقدوا ان الله موصوف بصفات الاثبات التي جاءت بها النبوات # واما في الذم فتسمية الكفار اصنامهم الاله وتسميتها اللات والعزى ومنات الثالثة الاخرى وما في ذلك لها من معنى الهيبة والعزة والتقدير # وكذلك تسمية اهل البدع لانفسهم بأسماء لا يستحقونها كما تسمى الخوارج انفسهم المؤمنين دون بقية اهل القبلة ويسمون دارهم دار الهجرة # وكذلك الرافضة تسمى اهلها المؤمنين واولياء الله دون بقية اهل القبلة
# وكذلك الجهمية ونحوها يسمونه انفسهم الموحدين ويسمون نفي الصفات توحيد الله # وتسمي المعتزلة ذلك توحيدا وتسمي التكذيب بالقدر عدلا وتسمى القتال في الفتنة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر # وكذلك تسمية الصابئة لعلومهم او اعمالهم الحكمة او الحكمة الحقيقية او المعارف اليقينية مع ان فيها من الجهل والشبه والضلال مالا يحصيه الا ذو الجلال # وكذلك تسمية الاتحادية انفسهم اهل الله وخاصة الله والمحققين وهم من اعظم الناس عداوة لله وابعد الناس عن التحقيق # وما من اسم من هذه الاسماء الباطلة في الحمد والذم الا ولابد لاصحابه من شبهة يشتبه فيها الشيء بغيره بل قد يفعل المبطلون اعظم من ذلك كتسمية بعض الزنادقة المتفقرة المسجد اسطبل البطالين وهذا كثير في من يسمي الحق باسم الباطل والباطل باسم الحق وتلك كلها اسماء سموها هم وآباءهم ما انزل الله بها من سلطان وانما فعلوها لنوع من الشبه التي هي قياس فاسد كشبه الجهمية وقياسهم انه لو كان لله صفات لازمة لكان مفتقرا الى غيره فسموا لاجل ما هو به مستحق الحمد والثناء والمجد وهو الغني الصمد سموه لاجل ذلك مفتقرا الى الغير وهذا منهم باطل ما أنزل به من سلطان # الوجه السابع عشر قوله المفتقر في وجوده الى الغير يكون بحيث يلزم من عدم ذلك الغير عدمه وكل ما كان كذلك كان ممكنا لذاته وذلك في حق واجب الوجود لذاته محال
# يقال اذا كان الشيء مفتقرا الى شيء آخر مستغن عنه وانه يكون بحيث يلزم من عدم ذلك الثاني عدم الاول او لا وجود للاول الا بالثاني وما كان كذلك فانه ممكن لذاته # لكن اذا كان الثاني غير مستغن عن الاول بل كان الثاني مفتقرا الى الاول بحيث يلزم من عدم الاول عدمه لم يمكن ان يجعل الاول ممكنا لافتقاره الى الثاني باولى من ان يجعل الثاني ممكنا لافتقاره الى الاول وحينئذ يجب دخولهما جميعا في وجوب الوجود اذا ثبت ان كلا منهما حاجته الى الآخر كحاجة الآخر اليه فكيف والموصوف هنا المستلزم للصفة # وذلك يظهر بالوجه الثامن عشر وهو انه قد عرف ان الغير هنا لا يعني الغير المنفصل عنه بل ما تغاير في العلم وان الافتقار المراد به اللازم فيكون المعنى ان الموصوف مستلزم الصفة ومعنى افتقاره اليها انه لا يكون له حقيقة اولا يكون على ما هو عليه الا بها وانه يلزم من عدمها عدمه لكن تلك الصفة ايضا يلزم من عدم الموصوف عدمها ولا حقيقة لها ولا وجود الا بالموصوف وكونها تستلزم الموصوف وهو افتقارها الى الموصوف ابلغ من كون الموصوف مستلزما لها واذا كان كذلك كان الموصوف واجبا للوجود ولم يكن يفتقر الى شيء منفصل عنه ولكن معنى حاجته استلزامه للصفة التي هي مستلزمة له وهذا حق وهو غير مناف لوجوب الوجود بل لا يكون وجود واجب ولا غير واجب الا كذلك # والوجه التاسع عشر انه لو فرض ان ذاته مستلزمهة لشيء منفصل عنه من حيز او غيره لكان بحيث يلزم من عدم ذلك اللازم لذاته المنفصل عنه عدم الملزوم الذي هو ذاته ثم لم يقل احد من الخلائق بأن رب العالمين مفتقر لاجل
ذلك الى ما يكون عنه ولا على قول القائل بالتعليل والتوليد الذين منهم خرج التكلم بواجب الوجود فانهم يقولون انه علة تامة مستلزم لوجود معلوله الذي هو العالم الذي تولد عنه ومع هذا فهو واجب الوجود ليس بممكن الوجود ولا يفتقر الى غيره # الوجه العشرون قوله ان المسمى بالحيز والجهة امر مركب من الاجزاء والابعاض لانه يمكن تقديره بالذراع والشبر وما كان كذلك كان مفتقرا الى غيره ممكنا لذاته فالمفتقر اليه اولى ان يكون ممكنا # يقال له قد تقدم ان الحيز الوجودي الذي يقال ان ذات الله مستلزمة له ليس هو شيئا منفصلا عنه حتى يقال انه مركب من الاجزاء والابعاض ام ليس بمركب وهذا الوجه انما هو اقامة دليل على حيز وجودي منفصل عن الله تعالى مثل العرش والمنازعون له يقولون ان ذات الله ليست مستلزمة لوجود حيز وجودي منفصل عنه وانما قد يقول من يقول منهم انه يكون على العرش او يأتي في ظلل من الغمام او كان قبل ان يخلق العرش في عماء وهر السحاب الرقيق لكن لم يقولوا ان ذلك لازم له بل هو من الامور الجائزة عليه فلا يكون مفتقرا اليه # والوجه الحادي والعشرون انه اذا قال قائل انه لابد من حيز وجودي غير ذاته الغمام او غيره او الخلاء عند من يتخيل انه موجود فانه قد يقول لا نسلم انما ذكره من تقديره ومساحته يدل على امكانه فان هذا هو الادلة الدالة على
امكان ذوات المقدار وقد تقدم بيان بطلانه وانه لم يقم على ذلك حجة لما ذكر ادلته على ان كل متحيز وكل جسم فهو ممكن # الوجه الثاني والعشرون انه اذا قدر ان ذلك ممكن لذاته فانه لا يكون الا مفتقرا الى الله لان كل ما سواه مفتقرا اليه وغيته ان تكون حقيقة الرب مستلزمة له ويكون افتقاره اليه كما يقال من افتقار الموصوف الى صفته واكثر ما يقال انه مفتقر اليه كافتقار العلة الى معلولها الذي هو مفتقر اليها يعني ان العلة لا تكون موجودة الا بوجود معلولها ومعلولها هو مفتقر اليها فجعل العلة الموجبة بنفسها مفتقرة الى معلولها حاصله ان وجوده لا يكون الا مع وجوده وهذا لا يوجب ان يكون واجب الوجود ممكنا # والوجه الثالث والعشرون قوله والمفتقر الى الممكن بذاته اولى ان يكون ممكنا لذاته فيقال اذا كان معنى الفقر ما يعود اليه حاصل كلامك وان معناه ان الواجب بنفسه مستلزم لوجود ما هو ممكن بذاته وهو الواجب لذلك الممكن وهو مع حاجته اليه هو الموجب فيكون حقيقة الامر ان الواجب بنفسه اوجب او اوجد ما يحتاج اليه وهذا لا يوجب ان يكون محتاجا الى ما هو مستغن عنه ولا أن يكون ممكنا بل لا يوجب الى ما هو غيره لان ذاته هي الموجبة لكل ما يحتاج اليه فلا حاجة به الى غيره بحال هذا مع تسميتنا هذه المعاني حاجة وافتقارا على ما زعمته ولكن لو كان محتاجا الى ممكن مستغن عنه بوجه من الوجوه كان فيه امكان اما اذا كان ذلك الامر محتاجا اليه من كل وجه غير مستغن عنه فالحاجة الى ما لا يقوم الا بنفسه كالحاجة الى نفسه وذلك لا ينافي وجوبه بنفسه بل حقيقة الواجب بنفسه ان لا يستغني عن نفسه ولا يكون الا
بنفسه سمبت ذلك فقرا الى نفسه اولم تسمه وهذه الحجة لامور قد تقدم الكلام عليها فلهذا نختصر الكلام عليها ها هنا # الوجه الرابع والعشرون قوله في الثالث لو كان الباري ازلا وابدا مختصا بالحيز والجهة لكان الحيز والجهة موجودين في الازل فلزم اثبات قديم غير الله وذلك محال باجماع المسلمين # يقال له هؤلاء اذا قالوا بأنه مختص بحيز وجودي ازلا وابدا فليس ذلك عندهم شيئا خارجا عن مسمى الله كما ان الحيز الذي هو نهايات المتحيز وحدوده الداخلة فيه ليس خارجا عنه بل هو منه وعلى هذا التقدير فيكون اثباتهم لقدم هذا الحيز كاثبات سائر الصفاتية للصفات القديمة من علمه وقدرته وحياته لا فرق بين تحيزه وبين قيامه بنفسه وحياته وسائر صفاته اللازمة والحيز مثل الحياة والعلم بل ابلغ منه في لزومه للذات كما انه كذلك في سائر المتحيزات فالحيز الذي هو داخل في المتحيز الذي هو حدوده وجوانبه ونواحيه ونهاياته ابلغ في لزومه لذاته من بعض الصفات كالسمع والبصر والقدرة وغير ذلك # ثم ان هذه الحجة التي ذكرها من لوازم اثبات قديم غير الله تعالى مشهورة من حجج النفاة للصفات وقد ذكرها هو في نهايته فقال في حجتهم الرابع الصفات القديمة لابد وان تكون مساوية للذات القديمة في القدم وذلك بمقتضى الاشتراك في الحقيقة ولا يستحيل ان يكون للذات صفات قديمة لكن هذا الموضع لا يحتاج الى ذلك فانه احتج على نفي قديم غير الله باجماع المسلمين فيكون الجواب في # الوجه الخامس والعشرون وهو ان المسلمين لم يجمعوا على انه ليس لله صفة قديمة بل عامة اهل القبلة على اثبات ذلك ولكن اجمعوا على انه ليس
فيما هو خارج من مسمى الله وهو الامور المخلوقة شيء قديم فاين هذا من هذا فهذا الاجماع انما يلزم لو قيل ان هناك حيزا وجوديا خارجا عن مسمى الله تعالى يختص به ازلا وابداء # الوجه السادس والعشرون ان احتجاجك في هذا الاجماع لا يصح فانك قد حكيت نزاع المسلمين في ان الباري هل هو متحيز ومختص بحيز وجهة وقررت ان الحيز امر وجودي فتكون قد حكيت نزاع المسلمين في ثبوت حيز قديم مع الله بل قد يقال حكيت اختلافهم في ثبوت حيز قديم وجودي غير الله واذاحكيت اختلافهم في ذلك لم يجز ان تحكي اجماعهم على نفي قديم غير الله تعالى # وتقرير هذا في الوجه السابع والعشرين ان يقال هذه الحجة في اولها مبنية على ان الحيز امر وجودي وبذلك ابطلت المنازع لك في ان الباري متحيز فلا يخلو اما ان يكون الحيز وجوديا ام لا فان كان الحيز وجوديا فقد ثبت تنازع الامة في ثبوت قديم غير الله معه لان النزاع في تحيزه معلوم مشهور وانت انما قصدت الرد علىالمخالف في ذلك وان لم يكن الحيز وجوديا بطلت الحجة من اصلها وعلى التقديرين لا يصح ان تحتج بالاجماع على نفي قديم غير الله تعالى مع حكايتك الخلاف في ان الله متحيز وبنائك الحجة على ان الحيز امر وجودي بل ان كان ما ذكرته من النزاع نقلا صحيحا وما ذكرته من الحجة صحيحة فقد ثبت ان في الامة من يقول بثبوت قديم غير الله وان لم يكن صحيحا بكل الاستدلال من اوله # الوجه الثامن والعشرون ان هذا اللفظ بعينه لا ينقل عن سلف الامة حتى يحتج بمضمون اللفظ ولكن لما علم من مذهب الامة ان الله خالق كل شيء
وان العالم محدث ذكر هذا اللفظ نقلا لمذهبهم بالمعنى واذا كان كذلك لم يكن هذا متناولا لموارد النزاع بين الامة # الوجه التاسع والعشرون انه اورد من جهة المنازع انه لا يعنى بكونه مختصا بالحيز والجهة الا انه مباينا عن العالم منفردا عنه ممتازا عنه وكونه كذلك لا يقتضي وجودا آخر سوى ذات الله تعالى فبطل قولكم لو كان في الجهة لكان مفتقرا الى الغير وهذا كلام جيد قوي كما قد بيناه في ما مضى ان الحيز لا خلاف بين الناس انه قد يراد به ما ليس بخارج عن مسمى الذات وان هؤلاء المنازعين لا يقولون ان مع الباري موجودا هو داخل في مسمى نفسه او موجودا مستغنيا عنه فضلا عن ان يكون الرب مفتقرا اليه بل كلما سواه فانه محتاج اليه وقد قرر لهم ذلك بالعالم فقال # والذي يدل على صحة ما ذكرنا ان العالم لا نزاع في انه مختص بالحيز والجهة وكونه مختصا بالحيز والجهة لا معنى له الا كون البعض منفردا عن البعض ممتازا عنه واذا عقلنا هذا المعنى ههنا فلم لا يجوز مثله في كون الباري مختصا بالحيز والجهة وهذا كلام سديد وهو قياس من باب الاولى # ومثل هذا القياس يتعمل في حق الله تعالى وكذل ورد به الكتاب والسنة واستعمله سلف الامة وائمتها كقوله تعالى ^ ضرب لكم مثلا من انفسكم هل لكم مما ملكت ايمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونه كخيفتكم انفسكم ^ الآية وقوله ^ ام له البنات ولكن البنون ^ وقوله ^ اصطفى البنات على البنين ^ وقوله ^ واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم بتوارى من القوم من سوء ما بشر به ايمسكه على هون ام يدسه في التراب الا ساء ما يحكمون للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الاعلى
وهو العزيز الحكيم ^ وقوله ^ ويجعلون لله ما يكرهون وتصف السنتهم الكذب ان لهم الحسنى لا جرم ان لهم النار وانهم مفرطون ^ # فان الله اخبر انهم اذا لم يرضوا لانفسهم ان يكون مملوك احدهم شريكه ولم يرضوا لانفسهم ان يكون لهم البنات فربهم احق واولى بأن ينزهوه عما لا يرضوه لانفسهم للعلم بأنه احق منهم بالتنزيه عما هو عيب ونقص عندهم وهذا كما يقوله المسلم للنصراني كيف تنزه البتريك عن ان يكون له ولد وانت تقول ان لله ولدا وكذلك هنا هو ينزه العالم المتحيز ان يكون مفتقرا الى شيء موجود ولا ينزه الرب المعبود اذا كان فوق العرش ان يكون مفتقرا الى شيء موجود والخالق احق بالغنى من المخلوق فتنزيهه عن الشريك والولد والحاجة كل ذلك واجب له فاذا نزه بعض الموجودات عن شيء من ذلك كان تنزيهه الباري عنه اولى واحرى # ولم يجب عن هذا القياس والمثل الذي ضربوه له بالعالم بجواب صحيح بل قال قوله الاجسام حاصلة في الاحياز فنقول غاية ما في هذا الباب ان يقال الاجسام تحتاج الى شيء آخر وهذاغير ممتنع واما كون الله تعالى محتاج في وجوده الى شيء آخر فممتنع فظهر الفرق # فيقال له انت وجميع الخلق تسلمون ان كون العالم في حيز وجهة لا يستلزم الافتقار الى حيز موجود مستغن عن العالم فهذا لم يقله عاقل فانه يستلزم التسلسل واذا كان قد علم بالعقل والاتفاق ان العالم يستغنى في تحيزه عن حيز موجود خارج عنه فخالق العالم اولى ان يكون مستغنيا عن ذلك ومن قال انه في تحيزه يكون مفتقرا الى شيء موجود خارج عنه فلم يكفه انه عدله بالمخلوقات بل فضل المخلوق بالاستغناء عليه تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا
# واما قوله ايضا في الجواب فد بينا بالبراهين القاطعة ان الاحياز اشياء موجودة فلا يبقى في صحتها شك فيقال له قد تبين ان هذه من اضعف الشبه مع انك مبطل لها كما تقدم ثم ما ذكرته في نهايتك في ذلك منقوص عليك في العالم فما كان جوابك فيه كان جواب منازعك هنا لانك ضربت لله امثالا اوجبت فيها انه محتاج مع وصفك لمن هو دونه بالغنى عما جعلته محتاجا اليه # ويكفيك ضلالا انك لو اشركت بالله وجعلته مثل المخلوقات لنجوت من هذا الضلال الذي اوجبت فيه حاجة رب العالمين الى غيره اذا كان فوق العالم بل هذه الحال الذي سلكتها اسوأ من حال المشركين في هذا المقام حيث اغنيت المخلوق عما احوجت اليه الخالق ^ الذي خلق السموات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش ^ # ومثله في هذه المناظرة كما وقع بين اثنين واحد من المثبتة الذين يثبتهم الله بالقول الثابت وآخر من النفاة قال النافي للمثبت اذا قلتم ان الله فوق العالم وفوق العرش لزم ان يكون محتاجا الى العرش او يكون محمولا له محتاجا اليه كما اذا كان احدنا على السطح فقال له المثبت السماء فوق الارض وليست محتاجة اليها وكذلك العرش فوق السموات وليس محتاجا اليها فاذا كان كثير من الامور العالية فوق غيرها ليس محتاجا اليها فكيف يجب ان يكون خالق الخلق الغني الصمد محتاجا الى ما هو عال عليه وهو فوقه مع انه هو خالقه وربه ومليكه وذكل المخلوق بعض مخلوقاته مفتقر في كل اموره اليه فاذا كان المخلوق اذا علا على كل شيء غني عنه لم يجب ان يكون محتاجا اليه فكيف يجب على الرب اذا علا على كل شيء من مخلوقاته وذلك الشيء مفتقر اليه ان يكون الله محتاجا اليه
# الوجه الثلاثون انه قال في الاعتراض لا معنى لكونه مختصا بالحيز والجهة الا كونه مباينا عن العالم منفردا عنه ممتازا عنه وكونه كذلك لا يقتضى وجود امر آخر سوى ذات الله تعالى فقال في الجواب اما قوله المراد من كونه مختصا بالحيز والجهة كونه تعالى منفردا عن العالم او ممتازا عنه او بائنا عنه قلنا هذه الالفاظ كلها مجملة فان الانفراد والامتياز والمباينة قد تذكر ويراد بها المخالفة في الحقيقة والماهية وذلك مما لا نزاع فيه ولكنه لا يقتضي الجهة والدليل على ذلك هو ان حقيقة ذات الله تعالى مخالفة لحقيقة الحيز واجهة وهذه المخالفة والمباينة ليست بالجهة فان امتياز ذات الله عن الجهة لا يكون بجهة اخرى والا لزم التسلسل # فيقال له هذا الذي ذكرته ليس دليلا على ان المخالفة في الحقيقة والماهية لا تقتضي الجهة فان قولك ان حقيقة ذات الله تعالى مخالفة لحقيقة الحيز والجهة وليس ذلك بالجهة انما يكون حجة لو ثبت ان الحيز والجهة امر وجودي فان الكلام هنا انما هو في الامتياز والمباينة التي من الامور الموجودة لا بين الموجود والمعدوم فان المعدوم ليس شيء في الخارج حتى يحتاج الى التمييز بينه وبين غيره وليس له حقيقة وماهية حتى يميز بينه وبين غيره ولو فرض انه محتاج الى التمييز بينه وبين غيره فالكلام هنا هو المباينة التي بين موجودين وهي المباينة بين الله وبين العالم # واذا كان كذلك كان احتجاجه بالمباينة التي بين الله وبين الجهة على المباينة بين الموجودين يكون بالحقيقة لا بالجهة انما يقع اذا كانت الجهة امرا وجوديا وهذا هو محل النزاع الذي نازعه فيه المنازع على ان الجهة المضافة
الى الله تعالى ليست امرا موجودا فانه لا معنى لكون الباري في الجهة الا كونه مباينا للعالم ممتازا عنه منفردا وهو لا يقتضي وجود امر سوى ذات الله فاذا احتج على ان المباينة التي بين الله تعالى وبين العالم انما هي بالحقيقة ومباينة الشيء بالحقيقة لا يقتضي الجهة كمباينة الرب للجهة كان قد سلم ان الجهة امر وجودي في هذا الجواب وهذه مصادرة على المطلوب حيث جعل الشيء مقدمة في اثبات نفسه والمنازع يقول لا اسلم ان الجهة امر موجود حتى يقال ان الله تعالى مباين لشيء موجود بغير جهة فان النزاع ما وقع الا في وجودها وهذا اول المسألة فكيف يحتج في وجوده بدليل محتج فيه بوجوده وهذا ظاهر لا يخفى على من تدبره وظهر انه لم يذكر حجة على ان المخالفة بالحقيقة لا تقتضي الجهة # الوجه الحادي والثلاثون ان يقال المعلوم من المباينة والامتياز بالحقيقة والماهية لا يخلوا عن الجهة وذلك انه اما ان يكون بين جوهرين وجسمين وما يقوم بهما وكل منهما مباين للآخر بالجهة واما ان يكون عرضين بجوهر واحد وعين واحدة كطعمه ولونه وريحه وعلمه وقدرته او بين العينين وبين صفاتها واعراضها كالتميز بين الجسم وبين طعمه ولونه وريحه وهذان الموضعان لا تخلوا الامرين عن الجهة ايضا فان الجوهر هو في الحيز بنفسه بخلاف العرض الذي فيه فانه قائم في الحيز تبعا لغيره واما الصفتان والعرضان فهما ايضا قائمان بمتحيز وان كان احدهما لا يتميز عن الآخر بمحله فليس في الاشياء الموجودة التي يعلم تباينها وتمايزها ما يخلوا عن الجهة والحيز # فان قيل فاحد العرضين مباين الاخر بحقيقته مع اتفاق محلهما # فيقال الوجه الثاني والثلاثون وهو ان كل شيئين قائمين بأنفسهما لا يباين احدهما الآخر الا بالجهة وذلك ان الموجودات كلها الواجب والممكن
اما قائم بنفسه واما القائم بغيره فالقائمان بأنفسهما لا يتميز بعضهما عن بعض الا بالجهة واما القائم بغيره فانه تبع في الوجود للقائم بنفسه # يوضع ذلك ان قالقائم بغيره هو محتاج الى محل ومكان # وايضا فقد يقال الاعراض نوعان احدهما مالا تشرتط له الحياة وهي قسمان # احدهما الاكوان وهي الحركة والسكون والاجتماع والافتراق فهذه لا تتميز وتتباين الا بالجهة والحيز وان كان تبعا للمحل فلا يفرق بين الحركة والسكون ولا بين الاجتماع والافتراق الا بالحيز والجهة فان الحركة انتقال في حيز بعد حيز والسكون دوام في حيز واحد والاجتماع يكون بتلاقي الحيزين والافتراق يكون بتباينهما # والثاني الطعوم والالوان والروايح وهذه هي الصفات فهذه الامور لا تدرك بشيء واحد بل تتميز بحواس مختلفة فالذي يتميز به هذا غير الذي يتميز به هذا فحقائقها لا تظهر الا بادراكها وادراكها من اجناس في احياز متباينة فامتياز الاحياز التي لا دراكاها تقوم مقام امتياز احيازها # والقسم الثاني ما تشترط له الحياة كالعلم والقدرة والسمع والبصر فهذه ايضا متابينة قد يحصل بين محالها التباين فقد يحصل بين آثارها من تباين المحال ما يقوم مقام تباين محالها وقد يقال هذه الاعراض كلها مفروضة الاضافة الىالغير وذلك الغير الذي هي مضافة اليه متباين بجهته فهي متباينة بالاضافة الى ما تتباين جهته وظهر انه ليس في الموجودات ما يباين غيره بمجرد حقيقته المجردة عن الجهة من كل وجه بل لابد من شيء يظهر تحصل به
الوجه الثالث والثلاثون أن يقال لا نسلم أنه إذا قيل هذا مباين لهذا وممتاز عنه أو منفرد عنه فإنه لا يراد به إلا أن حقيقته ليست مثل حقيقته بل المراد بذلك أن هذا في ناحية عن هذا وأنه منفصل عنه بحيث يكون حيزه غير حيز هذا هو المعروف من هذا وأما الإختلاف في الحقيقة فمعناه عدم المماثلة فإن الحقائق إما مختلفة وإما متماثلة ومن المعلوم أنه إذا قيل ان الله مباين للعالم أو ممتاز عنه ومنفرد عنه لم يرد به أن الله ليس مثل العالم وهذا كما قيل لإبن المبارك بماذا نعرف ربنا بأنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه فهذه المباينة لا يراد بها عدم المماثلة بل يراد بها أنه منفصل عنه وتصور ذلك بديهي ظاهر # وما يعلم في المواضع التي يستعمل فيها لفظ مباينة الشيء لغيره وامتيازه عنه وانفراده عنه ألا ويكون ذلك مع إنفصال أحدهما عن الآخر حتى إذا ضمن ذلك المفاضلة وعدم المماثلة مثل أن يقال هذا متميز عن هذا بكذا وكذا وهذا منفرد عن إقرانه بكذا وكذا ففي هذه المواضع كلها يوجد معنى الإنفصال والتميز بالحيز والجهة دليل ذلك أنه لا يعرف أن يقال اللون منفرد عن الطعم ومباين له مع أن أحدهما ليس مثل الآخر فعلم أن المخالفة التي مضمونها عدم المماثلة فهي متضمنة الإنفصال # الوجه الرابع والثلاثون أن يقال المختلفان في الحقيقة هما اللذان لا يتماثلان فالمماثلة ضد المخالفة والإختلاف ضد التماثل وعدم التماثل لا بد أن يستلزم صفات حقيقية ثبوتية أختلفا بها وإلا فالعدم المحض لا يوجب إمتياز أحدهما عن الآخر فإذن التباين بمعنى الأختلاف في الحقيقة يقتضي أمورا ثبوتية خالف بهما أحدهما الآخر مخالفة تنفي ثماثله وإذا كان المراد بالمباينة ذلك لم يجز العلم بها إلا بعد العلم
بأن الشيئين ليسا متماثلين وذلك لا يكون إلا بعد العلم بأمور ثبوتية تنفي مماثلتهما كما يعلم الطعم واللون والريح فيعلم أنها ليست متماثلة والعلم بأن الخالق مباين للمخلوق وأنه ممتاز عنه وأنه منفرد عنه يحصل قبل العلم بأن الله لا مثيل له وأن حقيقته مخالفة لحقيقة العالم كما أنه قد يحصل العلم بأنه ليس مماثلا للخلق بل مخالف له قبل العلم بأنه مباين للعالم ممتاز عنه منفرد عنه فإن باب الكيف غير باب الكم وباب الصفة غير باب القدر # وإذا كانت المباينة بالقدر والجهة تعلم دون هذه علم أنها أيضا ثابتة وأن كانت تلك أيضا ثابتة وأنه مباين للخلق بالوجهين جميعا بل المباينة بالجهة والقدر أكمل فإنها تكون لما يقوم بنفسه كما تكون له المباينة بالصفة والكيفية وأما المباينة بمجرد الصفة والكيفية فلا تكون إلا لما يقوم بغيره لأن عدم قيامه بنفسه يمنع أن يكون له قدر وحيز وجهة على سبيل الإستقلال ومن ها هنا تبينا الوجه الخامس والثلاثون وهو أن من المعلوم أن مباينة الله لخلقه أعظم من مباينة بعض الخلق بعضا سواء في ذلك مباينة الأجسام بعضها لبعض والأعراض بعضها لبعض ومباينة الأجسام للأعراض ثم الأجسام والأعراض تتباين مع تماثلها بأحيازها وجهاتها المستلزمة لتباين أعيانها وتتباين مع اختلافها كالجسمين المختلفين والعرضين المختلفين في محلين وأدنى ما تتباين به الإختلاف في الحقيقة والصفة دون الحيز كالعرضين المختلفين في محل واحد
فلو لم يباين الباري لخلقه إلا بمجرد الإختلاف في الحقيقة والصفة دون الجهة والحيز والقدر لكانت مباينته لخلقه من جنس مباينة العرض لعرض آخر حال في محله أو مباينة الجسم للعرض الحال في محله وهذا يقتضي أن مباينته للعالم من جنس مباينة الشيئين اللذين هما في حيز واحد ومحل واحد فلا تكون هذه المباينة تنفي أن يكون هو العالم في محل واحد بل إذا كان العالم قائما بنفسه وكانت مباينته له من هذا الجنس كانت مباينته للعالم مباينة العرض للجسم الذي قام به ويكون العالم كالجسم وهو معه كالعرض وذلك يستلزم أن تكون مباينته للعالم مباينة المفتقر إلى العالم وإلى محل يحله لا سيما والقائم بنفسه مستغن عن الحال فيه وهذا من أبطل الباطل وأعظم الكفر فإن الله غني عن العالمين كما تقدم # ومن ها هنا جعله كثير من الجهمية حالا في كل مكان وربما جعلوه نفس الوجود القائم بالذوات أو جعلوه الوجود المطلق أو نفس الموجودات فهذا كله مع أنه من أبطل الباطل وهو تعطيل للصانع ففيه من إثبات فقره وحاجته إ إلى العالم ما يجب تنزيه الله عنه # وهؤلاء قد زعموا أنهم نزهوه عن الحيز والجهة فلا يكون مفتقرا إلى غيره فأحوجوه بهذا التنزيه إلى كل شيء وصرحوا بهذه الحاجة كما ذكرناه في غير هذا الموضع فسبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ^ وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السموات يتفرطن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السموات والأرض إلا آتى الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ^
ومع هذا فهؤلاء أقرب إلى الإثبات وإلى العلم من إثبات مباينة لا تعقل بحال وهو مباينة من قال لا داخل العالم ولا خارجه فإن هذه ليست كشيء من المباينات المعروفة التي أدناها مباينة العرض للجسم أو للعرض بحقيقته وأن ذلك يقتضي أن يكون أحدهما في الآخر أو يكونان كلاهما في محل واحد # وإذا كان هؤلاء النفاة لم يثبتوا له مباينة تعقل وتعرف بين موجودين علم أنه في موجب قولهم معدوما كما اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن ذلك حقيقة قول هؤلاء الجهمية الذين يقولون إنه ليس فوق العرش إنهم جعلوه معدوما ووصفوه بصفة المعدوم # يدل على ذلك أن هذا الرازي جعل مباينته لخلقه من جنس مباينته للحيز ولا يجب أن يكون موجودا كما تقدم فعلم أنهم أثبتوا مباينته للعالم من جنس مباينة الموجود للمعدوم أو من جنس مباينة المعدوم للمعدوم والعالم موجود لا ريب فيه فيكونون قد جعلوه بمنزلة المعدوم وهذا حقيقة قولهم وإن كانوا قد لا يعلمون ذلك فإن هذا حال الضالين # الوجه السادس والثلاثون أن يقال هب أنهم أثبتوا له مباينة تعقل لبعض الموجودات فالواجب أن يكون مباينته للخلق أعظم من مباينة كل لكل فيجب أن يثبت له من المباينة أعظم من مباينة العرض للعرض ومباينة الجوهر للجوهر وذلك يقتضي أن يثبت له المباينة بالصفة التي تسمى المباينة بالحقيقة والكيفية والمباينة بالقدر التي تسمى المباينة بالجهة أو الكمية وأن كانت مباينته لهذين أعظم مما يعلم من مباينة المخلوق للمخلوق إذ ليس كمثله شيء في شيء مما يوصف به وأما إثبات بعض المباينات دون بعضها فهذا يقتضي مماثلته للمخلوق وأن يكون شبهه ببعض المخلوقات أعظم من شبه بعضها ببعض وذلك ممتنع
|
|
|
|