03 Apr 2010, 03:23 AM
|
#5
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
ولا شك انا ندرك من حيث اللمس الفرق بين الحرارة والبرودة فان ادراك اللمس معلق بالاجسام والاعراض فيعود ما ذكرتموه في الرؤية بتمامه في اللمس فيلزمكم تعلق اللمس للباري تعالى وانه باطل بالضرورة # وقال في الجواب ان اصحابنا التزموا ذلك ولا طريق الا ذلك # وقال ايضا قولهم لو كان الوجود علة لصحة رؤية الحقائق لصح منا رؤية الطعوم والعلوم وذلك معلوم الفساد بالضرورة قلنا دعوى الضرورة في محل الخلاف غير مقبولة # وذكر ايضا ان المخالفين له في مسألة الرؤية يدعون العلم الضروري بوجوب الرؤية عند الشروط النهائية وامتناعها عند عدمها وهو ما اذا كانت الحاسة سليمة والمرئي حاضرا ولا يكون على القرب القريب ولا على البعد البعيد ولا يكون متغيرا جدا ولا لطيفا ولا يكون بين المرئي والرائي حجب كثيفة وكان المرئي مقابلا للرائي او في حكم المقابلة فتارة يدعون ان ذلك العلم الضروري حاصل للعقلاء بعد الاختبار ولا حاجة فيه الى ضرب الامثال وتارة يثبتون بالاستدلال ان ذلك معلوم بالضرورة # وقال في الجواب اما دعوى العلم الضروري بحصول الادراك عند حضور هذه الامور فلا نزاع فيه واما العلم الضروري بعدمه عند عدمها ففيه كل النزاع # قال فإن زعمت انا مكابرون في هذا الانكار حلفنا بالايمان المغلظة انا لما رجعنا الى انفسنا لم نجد العلم بذلك اكثر من العلم باستمرار الامور العادية التي توافقنا على جواز تغيرها عن مجاريها فان الانسان كما يستبعد ان يأخذ الحديدة المحماة بيده ولا يجد حرارتها فكذلك يستبعد ان يذهب الى جيحون فيجد ماءه بالكلية دما او عسلا ويرى شخصا شابا قويا مع ان ذلك الشخص حدث
في تلك اللحظة من غير اب وام على ذلك الوجه ويرى طفلا رضيعا مع ان ذلك الطفل كان مولودا قبل ذلك بمأة الف سنة على ذلك الحال وليس استبعاد ما ذكروه بأقوى من هذه الامور استبعادا مع ان شيئا من ذلك ليس بممتنع وكذا فيما ذكروه # قال واعلم ان تجويز اخراق العادات لازم على الفلاسفة او المسلمين والمتكلمين وبين ذلك الى ان قال فليس لابي الحسن الا دعوى الضرورة في اول المسألة وليس لنا في مقابلتها الا المنع # فاذا كان هذه ثلاث قضايا ادعى منازعوه فيها العلم الضروري وهو يثبتها لاثبات رؤية موجود لا داخل العالم ولا خارجه كيف ينكر على منازعه فيما ادعاه من العلم البديهي بأن الموجود اذا كان خارج العالم لم يكن الا منقسما او حقيرا مع ان هذا اظهر بوجوه
فصل # قال الرازي البرهان الثاني في بيان انه يمتنع ان يكون مختصا بالحيز والجهة وذلك انه لو كان مختصا بالحيز والجهة لكان محتاجا في وجوده الى ذلك الحيز وتلك الجهة وذلك محال فكونه في الحيز والجهة محال بيان الملازمة ان الحيز والجهة امر موجود والدليل عليه وجوه # احدها ان الاحياز الفوقانية مخالفة في الحقيقة والماهية للاحياز التحتانية بدليل انهم قالوا يجب ان يكون الله مختصا بجهة فوق ويمتنع حصوله في سائر الجهات والاحياز يعني التحت واليمين واليسار ولولا كونها مختلفة في الحقائق والماهيات لا متنع القول بأنه يجب حصوله تعالى في جهة الفوق ويمتنع
حصوله في سائر الجهات واذا ثبت ان هذه الاحياز مختلفة في الماهيات وجب كونها امورا موجودة لان العدم المحض يمتنع كونه كذلك # الثاني هو ان الجهات مختلفة بحسب الاشارات فان جهة الفوق متميزة عن جهة التحت في الاشارة والعدم المحض والنفي الصرف يمتنع تميز بعضه عن بعض في الاشارة الحسية # الثالث ان الجوهر اذا انتقل من حيز الى حيز فالمتروك مغاير لا محالة للمطلوب والمتنقل عنه مغيرا للمنتقل اليه فثبت بهذه الوجوه الثلاثة ان الحيز والجهة امر موجود ثم ان المسمى بالحيز والجهة امر مستغن في وجوده عما يتمكن ويستقر فيه واما الذي كون مختصا بالحيز والجهة فانه يكون مفتقرا الى الحيز والجهة فان الشيء المرئي الذي يمكن حصوله لا مختصا بالجهة فثبت انه تعالى لو كان مختصا بالجهة والحيز لكان مفتقرا في وجوده الى الغير وانما قلنا ان ذلك محال لوجوه # الاول ان المفتقر في وجوده الى الغير يكون في وجوده يحيث يلزم من عدم ذلك الغير عدمه وكل ما كان كذلك كان ممكنا لذاته وكل ذلك في حق واجب الوجود محال # الثاني ان المسمى بالحيز والجهة امر متركب من الاجزاء والابعاض لما بينا انه يمكن تقديره بالذراع والشبر ويمكن وصفه بالزائد والناقص وكلما كان كذلك كان مفتقرا الى غيره والمفتقر الى غيره ممكن لذاته فالشيء المسمى بالحيز والجهة ممكن لذاته فلو كان الله مفتقرا اليه لكان مفتقرا الى الممكن والمفتقر الى الممكن اولى ان يكون ممكنا لذاته فالواجب لذاته ممكن لذاته وهو محال
# الثالث لو كان الباري ازلا وابدا مختصا بالحيز والجهة لكان الحيز والجهة موجودا في الازل فيلزم اثبات قديم غير الله وذلك محال باجماع المسلمين فثبت بهذه الوجوه انه لو كان في الحيز والجهة يلزم هذه المحذورات فيلزم امتناع كونه في الحيز والجهة # فان قيل لا معنى لكونه مختصا بالحيز والجهة الا كونه مباينا عن العالم منفردا عنه ممتازا عنه وكونه تعالى كذلك لا يقتضي وجود امر آخر سوى ذات الله تعالى فبطل قولكم لو كان تعالى في الجهة لكان مفتقرا الى الغير والذي يدل على صحة ما ذكرناه ان العالم لا نزاع في انه مختص بالحيز والجهة وكونه مختصا بالحيز والجهة لا معنى له إلا كون البعض منفردا عن البعض ممتازا عنه وإذا عقلنا هذا المعنى هاهنا فلم لا يجوز مثله في كون الله تعالى مختصا بالحيز والجهة # الجواب اما قوله الحيز والجهة ليس امرا موجودا فجوابه انا قد بينا بالبراهين القاطعة انها اشياء موجودة وبعد قيام البراهين على صحته لا يبقى في صحته شك # واما قوله المراد من كونه مختصا بالحيز كونه منفردا عن العالم او ممتازا عنه او مباينا عنه قلنا هذه الالفاظ كلها مجملة فان الانفراد والامتياز والمباينة قد تذكر ويراد بها المخالفة في الحقيقة والماهية وذلك مما لا نزاع فيه ولكنه لا يقتضي الجهة والدليل على ذلك هو ان حقيقة ذات الله تعالى مخالفة لحقيقة الحيز والجهة وهذه المخالفة والمباينة ليست بالجهة فان امتياز ذات الله تعالى عن الجهة لا تكون بجهة اخرى والا لزم التسلسل وقد تذكر هذه الالفاظ ويراد بها الامتياز في الجهة وهو كون الشيء بحث يصح ان يشار اليه بأنه ها هنا
او هناك وهذا هو مراد الخصم من قولهم انه تعالى مباين عن العالم او منفرد عنه وممتاز عنه الا انا بينا بالبراهين القاطعة ان هذا يقتضي كون ذلك الحيز امرا موجودا ويقتضي ان المتحيز محتاج الى الحيز # قوله الاجسام حاصلة في الاحياز فنقول غاية ما في الباب ان يقال الاجسام تحتاج الى شيء آخر وهذا غير ممتنع اما كونه تعالى محتاجا في وجوده الى شيء آخر فممتنع فظهر الفرق # يقال هذه الحجة وغيرها من الحجج كلها مبنية على ان القول بكونه فوق العرش يستلزم ان يكون متحيزا كما قدمه في الحجة الاولى فقد تقدم ان هذا فيه نزاع مشهور بين الناس من مثبتة الصفات ونفاتها فان كثيرا من الصفاتية من الكلابية والاشعرية وغيرهم من الفقهاء والصوفية واهل الحديث يقولون ليس بجسم وهو فوق العرش وقد يقولون ليس بمتحيز وهو فوق العرش اذا كان المراد بالمتحيز الجسم او الجوهر الفرد وكثيرا منهم من الكرامية والشيعة والفقهاء والصوفية واهل الحديث يقولون هو فوق العرش وهو جسم وهو متحيز ولكن منهم من يقول ليس بمركب ولا منقسم ولا ذي اجزاء وابعاض ومنهم من يقول لا ينفي ذلك # واما سلف الامة وائمتها ومن اتبعهم فالفاظهم فيها انه فوق العرش وفيها اثبات الصفات الخبرية التي يعبر هؤلاء المتكلمون عنها بأنها ابعاض وانها تقتضي التركيب والانقسام وقد ثبت عن ائمة السلف انهم قالوا لله حد وان ذلك لا يعلمه غيره وانه مباين لخلقه وفي ذلك لاهل الحديث والسنة مصنفات وهذا هو معنى التحيز عند من تكلم به من الاولين فإن هؤلاء كثيرا ما يكون
النزاع بينهم لفظيا لكن اهل السنة والحديث فيهم رعاية لالفاظ النصوص والفاظ السلف وكثير من مبتغي ذلك يؤمن بألفاظ لا يفهم معناها وقد يؤمن بلفظ ويكذب بمعنى آخر غايته ان يكون فيه بعض معنى اللفظ الذي آمن به ولهذا يطعن كثر من اهل الكلام في نحو هؤلاء الذين يتكلمون بألفاظ متناقضة لا يفهمون التناقض فيها لكن وجود هذا وامثاله في اهل الكلام اكثر منه في اهل الحديث باضعاف مضاعفة كما قد بيناه في غير هذا الكتاب # واذا كان كذلك فالجواب عن هذه الحجة وامثالها مبين على مقامين # المقام الاول مقام من يقول انه نفسه تعالى فوق العرش ويقول انه بيس بجسم ولا متحيز كما يقول ذلك ابن كلاب والاشعري وكثير من الصفاتية فقهائهم ومحدثيهم وصوفيتهم وهو كثير فيهم فاش ظاهر منتشر والمنازعون لهم في وكونه فوق العرش كالرازي ومتأخري الاشعرية وكالمعتزلة يدعون ان هذا تناقض مخالف للضرورة العقلية وقد تكلمنا بين الطائفتين فيما تقدم بما ينبه على حقيقة الامر وتبين ان الاولين اعظم مخالفة للضرورة العقلية واعظم تناقضا من هؤلاء وان هؤلاء لا يسع احدهم في نظره ولا مناظرته ان يوافق اولئك على ما سلكوه من النفي فرارا مما الرموه اياه من التناقض لانه يكون كالمستجير من الرمضاء بالنار فيكون الذي وقع فيه من التناقض ومخالفة الفطرة الضرورية العقلية اعظم مما فر منه مع ما في ذلك من مخالفة القرآن والسنة وما اتفق عليه سلف الامة وان كان قد يضطر الى نوع
باطل في الأول فإنه بمنزلة قول الواقف في الرمضاء أنا أجد حرارتها وألمها فيقال له النار التي فررت إليها أعظم حرارة وألما وأن كنت لا تجدها حين وقوفك على الرمضاء بل تجدها حين تباشرها فيكون قد فر من نوع تناقض و خلاف بعض الضرورة فوقع في انواع من التناقضات و مخالفة الضرورات و بقي ما امتاز به الاول في كلامه من الزندقه و الالحاد و مشاقة الرسول من بعد ما تبين له الهدى و اتباع غير سبيل المؤمنين زيادة علىذلك و لهذا كان في هؤلاء المثبته ممن له في الامه من الثناء و لسان الصدق ما ليس لمن هو من اولئك وان كان قد يذمه من يذمه من وجه اخر فليس الغرض بيان صوابهم مطلقا و لكن بيان ان طريقهم اقل خطا و طريق الاولين اعظم ضلاله فهذا احد المقامين و قد تقدم بيانه فلا نعيده # واما المقام الثاني فهو مقام من يسلم له انه فوق العرش وهو متحيز و له حد و نهايه و يطلق عليه ايضا لفظ الجهه فان اهل الإثبات متنازعون في اثبات لفظ الجهه وفي ذلك نزاع بين اصحاب الإمام أحمد وغيرهم كما أنهم متنازعون في إسم الحد أيضا وفي نزاع بين أصحاب الإمام أحمد وغيرهم فنقول وعلى هذا التقدير فالكلام على هذا من وجوه # الأول أن كلام هذا وغيره في الحيز هل هو أمر وجودي أو عدمي أو أضافي مضطرب متناقض فإنه وإن كان قد قرر هنا أنه وجودي فقد قرر في غير هذا الموضع أنه عدمي ويكفي نقض كلامه بكلامه فإنا قد إعتمدنا هذا مرات فإن هذا موجود في عامة هؤلاء تحقيقا لقوله تعالى ^ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ^ بخلاف الحق الذي يصدق بعضه بعضا
فقد ذكر في البرهان الرابع بعد هذا نقيض هذا فقال # الوجه الربع أنا نعلم بالضرورة أن الأحياز بأسرها متساوية لأنها فراغ محض وخلاء صرف وإذا كانت بأسرها متساويا فيكون حكمها واحدا وذلك يمنع من القول واجب الإختصاص ببعض الأحياز على التعيين وقال فإن قيل لم لا يجوز أن يكون أختصاصه بجهة فوق أولى قلنا هذا باطل لوجهين أحدهما أنه قبل خلق العالم ما كان إلا الخلاء الصرف والعدم المحض فلم يكن هناك فوق ولا تحت الثاني أنه لو كان الفوق متميزا عن التحت بالتميز الذاتي لكانت أمورا موجودة قابلة للأنقسام وذلك يقتضي قدم الجسم لأنه لا معنى للجسم إلا ذلك # فهذا تصريح بأنها مختلفة في الحقائق وأنها خلاء صرف وفراغ محض وهذا يناقض ما ذكره هنا ومن لم يكن لسانه وراء قلبه كان كلامه كثير التقلب والتناقض # وذكر في نهايته في مسألة حدوث العالم لما ذكر نزاع المازع في أن الكون والحصول في الحيز أمر زائدا على ذات الجسم وذكر اسولتهم على دليله ثم قال وإن سلمنا أن ما ذكرتموه يدل على أن الحصول في الحيز زائد على ذات الجسم لكن معنا ما يدل على نفي ذلك وهو أمور ثلاثة # الأول وهو أن الحصول أمر نسبي والأمور النسبية تستدعي وجود أمرين لتتحقق بينهما تلك النسبة فلو كان الحصول في الحيز أمرا ثبوتيا للزم ان يكون الحيز أمرا ثبوتيا وهو باطل لأنه لو كان موجودا لكان أما أن يكون حالا
في الجسم أولا يكون حالا فيه فإن كان حالا في الجسم لم يكن الجسم حالا فيه فلا حيزا للجسم وإن لم يكن حالا فيه فأما أن يكون ذا حيز أولا يكون والأول يقتضي التسلسل ثم ذكر # الثاني والثالث وليس هذا ذكر موضوعها ثم أنه في الجواب سلم أن الحيز ليس أمرا وجوديا وأجاب عما ذكروه فقال قوله الحصول في الحيز أمر نسبي فوجوده في الخارج يستدعي وجود الحيز في الخارج قلنا هذا باطل بالعلم فإنه نسبة أو ذو نسبة بين العالم والمعلوم ثم أنا نعلم به المحالات ولا وجود لها في أنفسها مع أن النسبة المسماة بالعلم حاصلة موجودة فعلمنا أن وجود النسبة لا يقتضي وجود كل واحد في المنتسبين # وقال في نهايته في آخر هذه الطريقة وأعلم أن هذه الطريقة مبنية على جواز خروج كل جسم عن حيزه وقد دللنا على ذلك بما مر ويمكن أن يستدل عليه بوجوه أخر منها أن نقول لووجب حصول جسمين في حيز لكان الحيز الذي حصل فيه الجسم الآخر إما أن يكون مخالفا للحيز الأول أولا يكون فأن كان مخالفا له كان أمرا ثبوتيا لأن العدم الصرف والنفي المحض لا يتصور فيه الإختلاف لأن المعقول في الإختلاف ان تكون حقيقة غير قائمة مقام الحقيقة الأخرى وذلك يستدعي حقائق متعينة في أنفسها وذلك في العدم محال ولما بطل ذلك ثبت ان الأحياز لو كانت متخالفة لكانت أمورا وجودية وهي ان يكون مشارا إليها أو لا يكون والقسم الأول على قسمين إما أن تكون حالة في الأجسام فحينئذ يستحيل حصول الجسم فيها وإلا لزم الدور أو لا تكون حالة في الأجسام مع أنه يمكن الإشارة إليها وذلك وهو المتحيز فيكون الحيز متحيزا وكل متحيز فله حيز وللحيز حيز آخر ولزم التسلسل
وإن لم يكن الحيز مشارا إليه إستحال حصول الجسم المشار إليه فيه قال فثبت أن الحيز نفي محض وأنه إذا كان كذلك إستحال أن يخالف حيزا # وقال أيضا في نهايته في الحجة الثانية على حدوث العالم وهو أنه ممكن وكل ممكن محدث وقرر إمكانه بوجوه منها الكلام الذي حكيناه عنه قبل هذا في تقرير أن واجب الوجود لا يقال ينفى في ضمن الكلام على حجته على نفي الجسم وكون كل حيز هل يكون واجب الوجود أم لا فهي طريقة الفلاسفة التي قررها واستضعفها وفي ضمنها سؤال أورده وهو أنا لا نسلم أن الوجود أمر ثبوتي فيقال في الجواب قوله لا نسلم أن الوجود أمر ثبوتي قلنا يدل عليه أمران وذكر أحدهما قم قال الثاني أن المعقول في الوجوب إستحقاق الوجود والعلم الضروري حاصل فإن إستحقاق الوجود وصف ثبوتي كما أن العلم الضروري حاصل فإن حصول الجسم في الجهة أمر ثبوتي بل ها هنا أولى لأن حصول الجسم بالجهة عبارة عن إنتساب مخصوص للجسم إلى الجهة والجهة امر تقديري لا وجود له فإذا كان العلم الضروري حاصلا هناك مع هذا الإشكال فها هنا مع عدم ذلك الاشكال أولى # وقال أيضا في نهايته في مسألة الجهة بعينها ما سنذكره في آخر هذه الحجج وهو قوله لو كان الله حاصلا في الحيز لكان إما أن يكون واجبا أو غير واجب والأول باطل إذ لو صح حصوله في ذلك الحيز وامتنع حصوله في سائر الأحياز كان حقيقة ذلك الحيز مخالفة لحقيقة سائر هذه الأحياز ولو كان كذلك لكانت الأحياز امورا وجودية لأن العدم الصرف يستحيل أن يخالف بعضه بعضا ولو كانت الأحياز أمورا وجودية لكان إما أن تمكن الإشارة الحسية إليها أولا يمكن فإن أمكن فذلك الشيء إما أن يكون منقسما فيكون الباري الحال فيه منقسما أو لا يكون منقسما فيكون ذلك الشيء
مختصا بجهة دون جهة فيكون للحيز حيزا آخر ويلزم التسلسل وإن لم يمكن الإشارة الحسية اليه أي الحيز الذي حصل الباري فيه وجب إستحاله الأشارة الحسية أم لا فهي طريقة الفلاسفة الإشارة الحسية إلى جهته إستحالت الإشارة الحسية إليه وكذلك قال في التأسيس في هذه الحجة # الوجه الثاني أن يقال لا نسلم أن كلما يسمي حيزا وجهة فهو أمر وجودي بل قد يقال إن المسمى بالجهة والحيز منه ما يكون وجديا وهو الأمكنة الوجودية مثل داخل العالم فإن الشمس والقمر والأفلاك والأرض والحجر والشجر ونحو هذه الأشياء كلها في أحياز وجودية ولها جهات وجودية وهو ما فوقها وما تحتها ونحو ذلك ومنه ما يكون عدميا مثل ما وراء العالم فإن العالم إذا قيل إنه في حيز أو وجهة فليس هو في جهة وجودية وحيز وجودي لأن ذلك الوجودي هو العالم أيضا والكلام في جهة جميع المخلوقات وحيزها ولأن ذلك يفضي إلى التسلسل وهو لم يقم دليلا على أن كل ما يسمي حيزا وجهة فهو أمر وجودي وإذا لم يثبت ذلك لم يجب أن يقال أن الباري إذا كان في حيز وجهة كان في أمر وجودي وذلك لأن الأدلة التي ذكرها إنما تدل لو دلت على وجود تلك الأمور المعينة المسماة بالحيز والجهة فلم قلت إن كل ما سمي بالحيز أو الجهة يكون موجودا # الوجه الثالث أن يقال لا نسلم أن الحيز لا يطلق إلا على المعدوم لا يطلق على الموجود بحال وهذا قول كثير من المتكلمين الذين يفرقون بين الحيز والمكان ويقولون العالم في حيز وليس في مكان وما في العالم في مكان والحيز عندهم هو تقدير المكان بمنزلة ما قبل خلق العالم ليس بزمان ولكنه تقدير الزمان وإذا كان أمرا مقدرا ومفروضا لا وجود له في نفسه بطل ما ذكره
لكن يحتاج إلى الجواب عن وجوهه الثلاث # فأما الوجه الأول فإنه إحتجاج بقول المنازع له إنه يجب أن يكون الله في جهة الفوق ويمتنع حصوله في سائر الجهات فإن كان قول المخالف حقا فقد صح مذهبه الذي تستدل على إبطاله ولم تسمع منه الدلالة على ذلك وأن كان باطلا لم يدل على أن الحيز أمر وجودي فعلى التقديرين لا تكون هذه الحجة مقبولة لأنها إما أن تكون باطلة أو تكون مستلزمة لصحة قول المنازع # فإن قال أنا ألزم المنازع بها قيل له فغاية ما في الباب أن تكون حجة جدلية أحتججت فيها بكذب خصمك وهذا لا يكون برهانا قاطعا على أن الحيز أمر وجودي # ثم يقال لك أنت من أين تعلم أو تفيد الناس الذين يسترشدون منك ولا يتقلدون مذهبا أن الحيز أمر وجودي فإن كنت تعلم ذلك وتعلمه لقول خصمك لزم صحته وبطل مذهبك وإن لم تحتج بقول خصمك الذي تدفعه عنه بطلت هذه الحجة أن تكون طريقا لك إلى العلم أو إلى التعليم والإرشاد وكان غايتها ذكر تناقض الخصم وللخصم عنها اجوبة لا نحتاج إلى ذكرها هنا # وأما قوله في الوجه الثاني أن حهة الفوق متميزة عن جهة التحت في الإشارة فيقال له إن كانت الإشارة إلى ما فوقنا من العالم وما تحتنا منه فلا ريب أن هذا موجود لكن ليس ذلك هو مسمى الحيز والجهة الذي ينازعونك في أن الله فيه فإنهم لم يقولوا إن الله في جوف العالم وإنما قالوا هو خارج العالم فإن كانت الإشارة إلى ما فوق العالم وما تحته فلا نسلم أن أحدا يشير إلى ما تحت العالم أصلا وأما ما فوق العالم فالله هو الذي فوق العالم فالإشارة إلى ما هناك إشارة إليه سبحانه وتعالى ولا يسلم أنه يشار إلى شيء موجود فوق العالم غير الله تعالى فلم تحصل الإشارة إلى شيء معدوم بحال ولم
يشر احد الى جهة عدمية بحال بل المشار اليه ليس هو الجهة التي ينازع فيها المناعون # واما قوله في الوجه الثالث ان الجوهر اذا انتقل من حيز الى حيز فالمتروك مغاير لا محالة للمطلوب فيقال ان كان الانتقال في اجسام العالم الموجودة فهذه امور وجودية وان كان فيما ليس كذلك فلا نسلم ان هناك شيء يكون متروكا ومطلوبا اصلا بل الاحياز الموجودة قد لا يكون المنتقل فيها طالبا لحيز دون حيز بل قصده شيء آخر فكيف يجب ان يكون كل منتقل ومتحرك طالبا لحيز وجودي يكون فيه وتاركا لحيز وجودي انتقل عنه # الوجه الرابع ان يقال لا ريب ان الجهة والحيز من الامور التي فيها اضافة ونسبة فانه يقال هذا جهة هذا وحيزه والجهة اصلها الوجه الذي يتوجه اليها الشيء كما يقال عدة ووعد وزنة ووزن وجهة ووجهة والوجهة من ذلك قال تعالى ^ ولكن وجهة هو موليها ^ # واما الحيز فانه فيعل من حازه يحوزه اذا جمعه وضمه وتحيز تفعيل كما ان يحوز يفعل كما قال تعالى ^ ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال او متحيزا الى فئة ^ فالمقاتل الذي يترك مكانا وينتقل الى آخر لطائفة تفيء الى العدو فاجتمع اليها وانضم اليها فقد تحيز اليها # واذا كان كذلك في فالجهة تضاف تارة الى المتوجه اليها كما يقال في الانسان له ست جهات لانه يمكنه التوجه الى النواحي الست المختصة به التي يقال انها جهاته والمصلى يصلي الى جهة من الجهات لانه يتوجه اليها وهنا تكون الجهة ما يتوجه اليها المضاف وتارة تكون الجهة ما يتوجه منها المضاف كما يقول القائل اذا استقبل الكعبة هذه جهة الكعبة وكما يقول وهو بمكة
هذه جهة الشام وهذه جهة اليمن وهذه جهة المشرق وهذه جهة المغرب كما يقال هذه ناحية الشام وهذه ناحية اليمن والمراد هذه الجهة والناحية التي يتوجه منها اهل الشام واليمن # فأما الحيز فلفظه في اللغة يقتضي انه ما يحوز الشيء ويجمعة ويحيط به وذلك قد يقال على الشيء المنفصل عنه كداره وقوبه ونحو ذلك وقد يقال لنفس جوانبه واقطاره انها حيزه فيكون حيزه بعضا منه # وهذا كما ان لفظ الحدود التي تكون للاجسام فانهم تارة يقولون في حدود العقار حده من جهة القبلة ملك فلان ومن جهة الشرق ملك فلان ونحو ذلك فهنا حد الدار هو حيزها المنفصل عنها وقد يقال حدها من جهة القبلة ينتهي الى ملك فلان ومن جهة الشرق ينتهي الى ملك فلان فحدها هنا آخر المحدود ونهايته وهو متصل ليس منفصلا عنه وهو ايضا حيزه وقد جاء في كتاب الله تعالى في موضع ^ تلك حدود الله فلا تقربوها ^ والحدود هنا هي نهايات المحرم واولها فلا يجوز قربان شيء من المحرم وفي موضع ^ تلك حدود الله فلا تعتدوها ^ والحدود هنا نهايات الحلال فلا يجوز تعدي الحلال # واذا كان هذا هو المعروف من لفظ الجهة والحيز في الموجودات المخلوقة فنقول اذا قيل الخالق سبحانه في جهة فاما ان يراد في جهة له او في جهة لخلقه فان قيل في جهة له فاما ان تكون جهة يتوجه منها او جهة بتوجه اليها وعلى التقديرين فليس فوق العالم شيء غير نفسه فهو جهة نفسه سبحانه لا يتوجه منها الى شيء موجود خارج العالم ولا يتوجه اليها من شيء موجود خارج العالم وليس هناك شيء موجود غير نفسه يتوجه منه ولا يتوجه اليه ومن قال ان العالم هناك ليس في جهة بهذا الاعتبار فقد صدق ومن قال
انه جهة نفسه بهذا الاعتبار فقد قال معنى صحيحا ومن قال انه فوق المخلوقات كلها في جهة موجودة يتوجه اليها او يتوجه منها خارجة عن نفسه فقد كذب # وان اريد بما يتوجه منه او يتوجه اليه ما يراد بالحيز الذي هو تقدير المكان فلا ريب ان هذا عدم محض # واما الحيز فقد يحوز المخلوق جوانبه وحدود ذاته وقد يحوزه غيره فمن قال ان الباري فوق العالم كله يحوزه شيء موجود ليس هو داخلا في مسمى ذاته فقد كذب فان كل ما هو خارج عن نفس الله التي تدخل فيها صفاته فانه من العالم ومن قال ان حيزه هو نفس حدود ذاته ونهايتها فهنا الحيز ليس شيئا خارجا عنه # وعلى كل تقدير فمن قال انه فوق العالم لم يقل انه في حيز موجود خارج عن نفسه ولا في جهة موجودة خارجة عن نفسه واذا كان صاحب المذهب يصرح بنفي ذلك فالاحتجاج على انه ليس في حيز موجود احتجاج في غير محل النزاع فلا يضر المنازع # الوجه الخامس قوله الاحياز الفوقانية مخالفة بالحقيقة للاحياز التحتانية بدليل انهم قالوا يجب ان يكون الله مختصا بجهة فوق ويمتنع حصوله في سائر الجهات والاحياز اعنى التحت واليمين واليسار ولولا كونها مختلفة في الحقائق والماهيات لامتنع القول بأنه يجب حصوله في جهة الفوق ويمتنع حصوله في سائر الجهات # يقال له الذي اتفق عليه اهل الاثبات ان الله فوق العالم ويمتنع ان لا يكون فوق العالم سواء قدر انه في التحت او غير ذلك بل كون الله تعالى هو العلي
الاعلى المتعالي فوق العالم امر واجب ونقيضه وهو كونه ليس فوق العالم ممتنع فثبوت علوه بنفسه على العالم واجب ونقيض هذا العلم ممتنع هذا هو الذي انفق عليه اهل الاثبات من سلف الامة وائمتها وسائر اهل الفطر السليمة المقرة بالصانع # واما ما ذكره من قول القائل يجب ان يكون مختصا بجهة فوق ويمتنع حصوله في سائر الجهات والاحياز فهؤلاء يريدون بذلك انه يجب ان يكون فوقنا ويمتنع ان يكون تحتنا او عن يميننا او عن شمائلنا وهم لا يعنون بذلك انه يكون متصلا برؤوسنا بل يعنون انه فوق الخلق فالعبد يتوجه اليه هناك لا يتوجه اليه من تحت رجليه او عن يمينه او عن شماله وقد قلنا ان الجهة فيها معنى الاضافة فالعبد يتوجه الى ربه بقلبه الى جهة العلو لا الى جهة السفل واليمين واليسار كما قال ابن عباس وعكرمة في قوله تعالى عن ابليس ^ ثم لآتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين ^ قال ولم يقل من فوقهم لانه علم ان الله من فوقهم # وهم لا يريدون بذلك انه من جهة العلو الموجودة في العالم دون جهة اليمين واليسار والتحت بل ليس هو فيما على رأس العبد من الاجسام ولا فيما عن يمينه ولا فيما عن شماله فهذه الاجسام المختلطة بالعبد من جهاته الست ليس شيء منها مما يجب ان يكون الله فيه وما اعلم احد قط يقول انه يجب ان يكون في شيء موجود منفصل عنه سواء كان ذلك فوق العبد او تحته فالرب يجب عندهم ان يكون فوق العالم وهي الجهة التي فوق ولا يجوز ان يكون فوق العالم وغيره بالنسبة اليه سواء # واما ان القوم يثبتون وراء العالم امورا وجودية يقولون يجب ان يكون الله في واحد منها دون سائرها فهذا ما علمنا احدا قاله وان قاله احد تكلم
معه بخصوصه ولا يجعل هذا قول اهل العلم والايمان الذين يقولون ان الله فوق العرش # ولكن منشأ غلط كثير من الناس هنا ان الجهة نوعان اضافية متغيره وثابتة لازمة حقيقة فالاولى هي بحسب الحيوان فان كل حيوان له ست جهات جهة يؤمها هي امامه وجهة يخلفها هي خلفه وجهة تحاذي يمينه وجهة تحاذي يساره وجهة فوقه وجهة تحته وهذه الجهات تتبدل وتتغير بحسب حركته وليس لها صفة لازمة ثابتة وانما الجهة اللازمة الثابتة الحقيقية هي جهتا العلو والسفل فقط فالعلو ما فوق العالم والسفل سجين واسفل السافلين وهو اسفل العالم وقعره وجوفه # واذا كان الامر كذلك لزم من مباينة الله للعالم ان يكون فوقه وليس هناك شيء آخر يجوز ان يكون جهة لله تعالى ولا يمين العالم ولا يساره ولا تحته وكلام هؤلاء خارج باعتبار جهاتهم الاضافية المتنقلة لا باعتبار الجهة اللازمة الحقيقية # الوجه السادس ان يقال هب ان وراء العالم ست جهات وقالوا يجب اختصاصه بالعلو دون غيره كما انه يجب ان يكون فوقنا فالاختصاص من الامور النسبية والاضافية قد يكون لمعنى فيه وفي العالم او لمعنى فيه لا في العالم او في العالم لا فيه لا لمعنى في امر وجودي غيرهما # وقوله يمتنع ان يكون في سائر الجهات والاحياز لمعنى فيه سبحانه وهو انه العلي الاعلى وهو الظاهر الذي لا يكون فوقه شيء فالحاصل ان وجوب علوه
هو لمعنى فيه سبحانه يستحق به ان يكون هو الاعلى الظاهر الذي لا يكون فوقه شيء فلا يجوز ان يكون في جهة تنافي علوه وظهوره وذلك لا يوجب ان تكون الجهة وجودية لان العلو والظهور نسبة بينه وبين الخلق فاذا قيل يجب ان يكون فوقهم وان يكون عاليا عليهم ولا يجوز غير ذلك لم يكن في هذا ما يقتضي ان يسبق ذلك ثبوت محل وجودي له بحيث لو فرض ان وراء العالم ست جهات وان العالم كالانسان الذي له ست جهات لكان انما هو ايجاب لنسبة خاصة واضافة خاصة له الى العالم لا يقتضي ذلك ان يكون هناك امور وجودية فضلا عن ان تكون مختلفة الحقائق # الوجه السابع ان وجود كونه فوق العالم امر مشروط بوجود العالم فانه قبل خلق العالم لا يقال انه فوقه ولا انه ليس فوقه اذ العلو والفوقية هي من الامور التي فيها نسبة واضافة وان كان الناس قد تنازعوا هل علوه وفوقيته واستواءه على العرش من الصفات الذاتية التي وجبت له بنفس ذاته وان كان فيه اضافة ظهر حكمها بخلق العالم والعرش كما يقولون في المشيئة والعلم او هو من الصفات الفعلية وانه استوى على العرش بعد ان لم يكن مستويا عليه او هو اضافة محضة بينه وبين العرش ام متضمن لامرين من ذلك او للامور الثلاثة فلا ريب ان وجود العلو على العرش والاستواء عليه انما هو بعد خلقه ولو قدر ان العالم او العرش خلق في حيز آخر لكان الله سبحانه وتعالى عاليا عاليبه ومستويا عليه حيث خلق كما أنه سبحانه إذا كان مع عبده بعلمه وقدرته او نصره وتأييده وغير ذلك فحيث كان العبد كان الله معه
|
|
|
|