03 Apr 2010, 03:19 AM
|
#60
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
# وقال ايضا ابو الحسن الاشعري في باب اختلافهم في الباري هل هو في مكان دون مكان ام لافي مكان ام في كل مكان وهل تحمله الحملة او تحمل العرش وهل هم ثمانية املاك ام ثمانية اصناف من الملائكة اختلفوا في ذلك على سبع عشرة مقالة قد ذكرنا قول من امتنع من ذلك وقال انه في كل مكان حال وقول من قال لا نهاية له وان هاتين الفرقتين انكرتا القول انه في مكان دون مكان # قلت وكان قد ذكرنا في شرح اختلاف الناس في التجسيم فقال واختلفوا في مقدار الباري بعد ان جعلوه جسما فقال قائلون هو جسم وهو في كل مكان وفاضل عن جميع الاماكن وهو مع ذلك متناهي غير ان مساحته اكثر من مساحة العالم لانه اكبر من كل شيء وقال بعضهم ليس لمساحة الباري نهاية ولا غاية وانه ذاهب في الجهات الست اليمين والشمال والامام والخلف والفوق والتحت قالوا وما كان كذلك لا يقع عليه اسم جسم ولا طويل ولا عريض ولا عميق وليس بذي حدود ولا هيئة قال وقال قوم ان معبودهم هو الفضاء وهو جسم تحل الاشياء فيه ليس بذي غاية ولا نهاية فهاتان هم الفرقتان قال وقال قائلون هو جسم خارج عن جميع صفات الجسم ليس بطويل ولا عريض ولا عميق ولا يوصف بلون ولا طعم ولا مجسة ولا شيء من صفات الاجسام وانه ليس في الاشياء ولا على العرش الا على معنى انه فوقه غير مماس له وانه فوق الاشياء وفوق العرش ليس بينه وبين الاشياء اكثر من انه فوقها قال وقال هشام بن الحكم ان ربه في مكان دون مكان وان مكانه هو العرش وانه مماس للعرش وان العرش قد حواه وحده وقال بعض اصحابه ان الباري قد ملاء العرش وانه مماس له
# وقال من ينتحل الحديث ان العرش لم يمتلىء به وانه يقعد نبيه عليه السلام معه على العرش قال وقال اهل السنة واصحاب الحديث ليس بجسم ولا يشبه الاشياء الا انه على العرش كما قال ^ الرحمن على العرش استوى ^ ولا نتقدم بين يدي الله في القول بل نقول استوى بلا كيف وان له وجها كما قال ^ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ^ وان له يدين كما قال ^ خلقت بيدي ^ وان له عينين كما قال ^ تجري باعيننا ^ وانه يجيء يوم القيامة هو وملائكته كما قال ^ وجاء ربك والملك صفا صفا ^ وانه ينزل الى سماء الدنيا كما جاء في الحديث ولم يقولوا شيئا الا ما وجدوه في الكتاب او جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم # قال وقالت المعتزلة ان الله استوى على عرشه بمعنى استولى وقال بعض الناس الاستواء القعود والتمكن قال واختلف الناس في حملة العرش ما الذي تحمل فقال قائلون الحملة تحمل الباري وانه اذا غضب ثقل على كواهلهم واذا رضي خف فيتبينون غضبه من رضاه وان العرش له اطيط اذا ثقل عليه كاطيط الرحل وقال بعضهم ليس يثقل الباري ولا يخف ولا تحمله الحملة ولكن العرش هو الذي يخف ويثقل ويحمله الحملة وقال بعضهم الحملة ثمانية املاك وقال بعضهم ثمانية اصناف قال وقال قائلون انه على العرش مباين منه لا بعزلة واشغال لمكان غيره بل بينونة ليس على العزلة والبينونة من صفات الذات قال واختلفت المعتزلة في المكان فقال قائلون ان الله بكل مكان وقال قائلون الباري لافي مكان بل هو على ما لم يزل عليه وقال قائلون الباري في كل مكان بمعنى اه حافظ للاماكن وذاته مع ذلك موجودة بكل مكان # قلت وهذا الذي ذكره ابو الحسن في كتاب الابانة هو الذي يذكره من ينقل مذهبه جملة ويرد بذلك على الطاعنين فيه كما ذكر ذلك
الحافظ ابو بكر البيهقي وابو القاسم ابن عساكر في كتاب تبيين كذب المفتري فيما ينسب الى الشيخ ابي الحسن الاشعري # والذي ذكره في كتاب المقالات هو الذي ذكره ابو بكر ابن فورك في كتاب مقالات ابن كلاب فقال الفصل الاول في ذكر ما حكى شيخنا ابو الحسن في كتاب المقالات من جمل مذاهب اصحاب الحديث وقواعدهم وما ابان في آخره انه هو يقول بجميع ذلك وان ابا محمد عبد الله ابن سعيد يقول بذلك وبأكثر منه # وهكذا ذكر القاضي ابو بكر ابن الباقلاني في عامة كتبه مثل التمهيد والابانة وكتابه الذي سماه كتاب الرد على من نسب الى الاشعري خلاف قوله بعد فصول ذكرها قال وكذلك قولنا في جميع المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفات الله تعالى اذا ثبتت بذلك الرواية من اثبات اليدين اللتين نطق بهما القرآن والوجه والعينين قال تعالى ^ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ^ وقال تعالى ^ كل شيء هالك الا وجهه ^ وقال في قصة ابليس ^ من منعك ان تسجد لما خلقت بيدي ^ وقال ^ بل يداه مبسوطتان ^ وقال ^ تجري بأعيننا ^ قال وروي في الحديث من رواية ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الدجال قال انه اعور وان ربكم ليس بأعور فأثبت له العينين قال وهذا حديث غير مختلف في صحته عند العلماء بالحديث وهو في صحيح البخاري وقال عليه السلام فيما يروى من الاخبار المشهورة وكلتا يديه يمين ونقول انه تعالى يأتي يوم القيامة في ظلل من الغمام
والملائكة كما نطق بذلك القرآن وانه ينزل الى سماء الدنيا فيقول هل من سائل فيعطى او مستغفر فيغفر له الحديث وانه عز وجل مستو على عرشه كما قال ^ الرحمن على العرش استوى ^ قال قد بينا دين الائمة واهل السنة ان هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف ولا تحديد ولا تجنيس ولا تصوير كما روي عن ابن شهاب وغيره وروى الثقاة عن مالك ان سائلا سأله عن قوله ^ الرحمن على العرش استوى ^ فقال الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة قال فمن تجاوز هذا المروي من الاخبار عن التابعين ومن بعدهم من السلف الصالحين وائمة الحديث فقد تعدى وضل وابتدع في الدين ما ليس منه وذكر باقي الكتاب وهذا لفظه # فاذا كان قول ابن كلاب والاشعري وائمة اصحابه وهو الذي ذكروا انه اتفق عليه سلف الامة واهل السنة ان الله فوق العرش وان له وجها ويدين وتقرير ما ورد في النصوص الدالة على انه فوق العرش وان تأويل ^ استوى ^ بمعنى استولى هو تأويل المبطلين ونحو ذلك علم ان هذا الرازي ونحوه هم مخالفون لائمتهم في ذلك وان الذي نصره ليس هو قول ابن كلاب والاشعري وائمة اصحابه وانما هو صريح قول الجهمية والمعتزلة ونحوهم وان كان قد قاله بعض متأخري الاشعرية كأبي المعالي ونحوه # وكذلك نقل الناس مذهبهم قال الامام ابو بكر محمد بن الحسن الخضرمي القيرواني الذي له الرسالة التي سماها ب رسالة الايماء الى مسألة الاستواء لما ذكر اختلاف المتأخرين في الاستواء قول الطبري يعني ابا جعفر صاحب
التفسير الكبير وابي عبد الله محمد بن ابي زيد والقاضي عبد الوهاب وجماعة من شيوخ الحديث والفقه وهو ظاهر بعض كتب القاضي ابي بكر وابي الحسن يعني الاشعري وحكاه عنه اعني القاضي ابي بكر القاضي عبد الوهاب نصا وهو انه سبحانه مستو على العرش بذاته واطلقوا في بعض الاماكن فوق عرشه قال الامام ابو بكر وهو الصحيح الذي اقول به من غير تحديد ولا تمكين في مكان ولا كون فيه ولا مماسه قال أبوعبدالله القرطبي في كتاب شرح الاسماء الحسنى هذا قول القاضي ابي بكر في كتاب تمهيد الاوائل له وقاله الاستاذ ابو بكر ابن فورك في شرح اوائل الادلة له وهو قول ابي عمر بن عبد البر والطلمنكي وغيرهما من الاندلسيين وقول الخطابي في شعار الدين ثم قال بعد ان حكى اربعة عشر قولا واظهر الاقوال ما تظاهرت عليه الآي والاخبار والفضلاء الاخيار ان الله على عرشه كما اخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه وهذا مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقاة
وقال هذا القرطبي في تفسيره الكبير قوله تعالى ^ ثم استوى على العرش ^ هذه مسألة الاستواء وللعلماء فيها كلام واجزاء وقد بينا اقوال العلماء فيها في كتاب الاسنى في شرح اسماء الله الحسنى وصفاته العلى وذكرنا فيها هناك اربعة عشر قولا والاكثر من المتقدمين والمتأخرين انه اذا وجب تنزيه الباري عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم المتأخرين تنزيه الباري عن الجهة فليس بجهة فوق عندهم لانه يلزم في ذلك عندهم متى اختص بجهة ان يكون في مكان او حيز ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون وذلك مستلزم للتحيز والتغير والحدوث هذا قول المتكلمين قال وقد كان السلف الاول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك بل نطقوا هم والكافة باثباتها لله تعالى كما نطق كتابه واخبرت رسله ولم ينكر احد من السلف الصالح انه استوى على عرشه حقيقة وخص العرش بذلك لانه اعظم مخلوقاته وانما جهلوا كيفية الاستواء فانه لا تعلم حقيقته كما قال مالك رحمه الله الاستواء معلوم يعني في اللغة والكيف مجهول والسؤال عن هذا بدعة وكذا قالت ام سلمة رضي الله عنها وهذا القدر كاف قال والاستواء في كلام العرب هو العلو والاستقرار وذكر كلام الجوهري وغيره # واما نقل مذاهب سلف الامة وائمتها وسائر الطوائف فروى ابو بكر البيهقي في كتاب الاسماء والصفات باسناد صحيح عن الاوزاعي قال
كنا والتابعون متوافرون نقول ان الله تعالى ذكره فوق سماواته ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته وقال ابو بكر النقاش صاحب التفسير والرسالة حدثنا ابو العباس السراج سمعت قتيبة بن سعيد يقول هذا قول الائمة في الاسلام والسنة والجماعة نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه كما قال ^ الرحمن على العرش استوى ^ # وقال الشيخ ابو نصر السجزي في كتاب الابانة له وائمتنا كسفيان الثوري ومالك بن انس وسفيان بن عيينة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وعبد الله بن المبارك وفضيل بن عياض واحمد بن حنبل واسحاق بن ابراهيم الحنظلي متفقون على ان الله سبحانه بذاته فوق العرش وان علمه بكل مكان وانه يرى يوم القيلمه بالابصار وانه ينزل الى سماء الدنيا وانه يغضب ويرضى ويتكلم بما شاء فمن خالف شيئا من ذلك فهو منهم بريء وهم منه براء # وقال الامام ابو عمر الطلمنكي في كتاب الوصول الى معرفة الاصول واجمع المسلمون من اهل السنة على ان معنى ^ وهو معكم اينما كنتم ^ ونحو ذلك من القرآن ان ذلك علمه وان الله فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء وقال ايضا قال اهل السنة في قول الله ^ الرحمن على العرش استوى ^ ان الاستواء من الله على عرشه المجيد على الحقيقة لا على المجاز
# وقال ابو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد في شرح الموطأ لما تكلم على حديث النزول قال هذا حديث ثابت من جهة النقل صحيح الاسناد ولا يختلف اهل الحديث في صحته وهو منقول من طرق سوى هذه من اخبار العدول عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه دليل على ان الله في السماء على العرش من فوق سبع سموات كما قالت الجماعة قال وهو من حجتهم على المعتزلة في قولهم ان الله في كل مكان قال والدليل على صحة قول اهل الحق قول الله تعالى وذكر بعض الآيات الى ان قال وهذا اشهر واعرف عند العامة والخاصة من ان يحتاج الى اكثر من حكايته لانه اضطرار لم يوقفهم عليه احد ولا انكره عليهم مسلم # وقال ابو عمر بن عبد البر ايضا اجمع علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل قوله ^ ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ^ هو على العرش وعلمه في كل مكان وما خالفهم في ذلك من يحتج بقوله # وقال ابو عمر بن عبد البر ايضا اهل السنة مجمعون على الاقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والايمان بها وحملها علىالحقيقة لا على المجاز الا انهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة واما اهل البدع الجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة ويزعم ان من اقر بها مشبه وهم عند من اقر بها نافون للمعبود والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم ائمة الجماعة # وقال الشيخ العارف معمر بن احمد الاصفهاني احببت ان اوصي اصحابي
بوصية من السنة وموعظة من الحكمة واجمع ما كان عليه اهل الحديث والاثر واهل المعرفة والتصوف من المتقدمين والمتأخرين فذكر عقيدة قال فيها وان الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل والاستواء معقول والكيف فيه مجهول والله عز وجل بائن من خلقه والخلق منه بائنون بلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة لانه الفرد البائن من الخلق الواحد الغني عن الخلق وانه سميع بصير عليم خبير متكلم ويرضى ويسخط ويضحك ويعجب ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكا وينزل كل ليلة الى سماء الدنيا كيف شاء فيقول هل من داع فأستجيب له هل من مستغفر فاغفر له هل من تائب فأتوب عليه حتى يطلع الفجر قال ونزول الرب الى السماء بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل فمن انكر النزول او تأول فهو مبتدع ضال # وقال الحافظ ابو نعيم الاصبهاني في العقيدة المشهورة عنه طريقتنا طريقة المتبعين للكتاب والسنة واجماع الامة فما اعتقدوه اعتقدناه فمما اعتقدوه ان الاحاديث التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرش واستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه وان الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم وهو مستو على عرشه في سمائه دون ارضه # وقال عبد الرحمن بن ابي حاتم الرازي سألت ابي وابا زرعة عن مذاهب اهل السنة في اصول الدين وما ادركنا عليه العلماء في جميع الامصار
فقالا ادركنا العلماء في جميع الامصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم ان الايمان قول وعمل يزيد وينقص والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته الى ان قالا وان الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه وعلى لسان رسوله بلا كيف احاط بكل شيء علما وهذا مشهور عن الامام عبد الرحمن بن ابي حاتم من وجوه وقد ذكره عنه الشيخ نصر المقدسي في كتاب الحجة له # وقال نصر في هذا الكتاب ان قال قائل قد ذكرت ما يجب على اهل الاسلام من اتباع كتاب الله وسنة رسوله وما اجمع عليه الائمة العلماء والاخذ بما عليه اهل السنة والجماعة فاذكر مذاهبهم وما اجمعوا عليه من اعتقادهم وما يلزمنا من المصير اليه من اجماعهم فالجواب ان الذي ادركت عليه اهل العلم ومن لقيتهم واخذت عنهم ومن بلغني قوله من غيرهم فذكر جمل اعتقاد اهل السنة وفيه وان الله مستو على عرشه بائن من خلقه كما قال في كتابه احاط بكل شيء علما واحصى كل شيء عددا # ونقل اقوال السلف من القرون الثلاثة ومن نقل اقوالهم في اثبات ان الله فوق العرش يطول ولا يتسع له هذا الموضع ولكن نبهنا عليه # ولم يكن هذا عندهم من جنس مسائل النزاع التي يسوغ فيها الاجتهاد بل ولا كان هذا عندهم من جنس مسائل اهل البدع المشهورين في الامة كالخوارج والشيعة والقدرية والمرجئة بل كان انكار هذا عندهم اعظم من هذا كله وكلامهم في ذلك مشهور متواتر
# ولهذا قال الملقب بامام الائمة ابو بكر ابن خزيمة فيما رواه عنه الحاكم من لم يقل ان الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه وجب ان يستتاب فان تاب والا ضربت عنقه ثم القي على مزبلة لئلا يتأذى بنتن ريحه اهل القبلة ولا اهل الذمة كما روى عبد الله بن احمد بن حنبل في كتاب السنة عن عبد الرحمن بن مهدي الامام المشهور انه قال ليس في اصحاب الاهواء اشر من اصحاب جهم يدورون ان يقولوا ان الله لم يكلم موسى ويدورون ان يقولوا ليس في السماء شيء وان الله ليس على العرش ارى ان يستتابوا فان تابوا والا قتلوا وعن عباد بن العوام الواسطي من طبقة شيوخ الشافعي واحمد قال كلمت بشر المريسي واصحاب بشر فرأيت آخر كلامهم ينتهي الى ان يقولوا ليس في السماء شيء وروى عبد الرحمن بن ابي حاتم في كتاب الرد على الجهمية عن سعيد بن عامر الضبعي من هذه الطبقة وهو امام البصرة اذ ذاك علما ودينا انه ذكر عنده الجهمية فقال هم شر قولا من اليهود والنصارى قد اجتمع اليهود والنصارى واهل الاديان مع المسلمين ان الله على العرش وهم قالوا ليس عليه شيء # وروى عبد الله بن احمد عن سليمان بن حرب الامام المشهور قال سمعت حماد بن زيد وهو الامام الكبير المشهور وذكر هؤلاء الجهمية فقال انما يحاولون ان يقولوا ليس في السماء شيء وعن عاصم بن علي بن عاصم
شيخ احمد والبخاري قال ناظرت جهميا فتبين من كلامه انه لا يؤمن ان في السماء ربا وقال احمد بن حنبل ثنا شريح بن يونس سمعت عبد الله بن نافع الصائغ سمعت مالك بن انس يقول الله في السماء وعلمه في كل مكان وروى عبد الله بن احمد وغيره باسانيد صحيحة عن عبد الله بن المبارك انه قيل له بماذا نعرف ربنا قال بأنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه ولا نقول كما تقول الجهمية انه ها هنا وكذلك قال الامام احمد بن حنبل وغيره # وقال الامام ابو عبد الله البخاري صاحب الجامع الصحيح في كتاب خلق الافعال باب ما ذكر اهل العلم للمعطلة الذين يريدون ان يبدلوا كلام الله قال وقال وهب بن جرير الجهمية الزنادقة انما يريدون انه ليس على العرش استوى قال وقال حماد بن زيد القرآن كلام الله نزل به جبريل ما يجادلون الا انه ليس في السماء اله قال وقال ابن المبارك لا نقول كما قالت الجهمية في الارض ها هنا بل على العرش استوى وقيل له كيف نعرف ربنا قال فوق سمواته على عرشه وقال لرجل منهم اتظنك خال منه فبهت الاخر وقال من قال لا اله الا هو مخلوق فهو كافر وانا لنحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع ان نحكي كلام الجهمية قال وقال علي بن عاصم ما الذين قالوا ان لله ولدا اكفر من الذين قالوا ان الله لا يتكلم وقال احذر من المريسي واصحابه فان كلامهم ابو جاد الزندقة وانا كلمت استاذهم جهما فلم يثبت ان في
السماء الها قال ابو عبد الله البخارى نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس فما رأيت قوما اضل في كفرهم منهم واني لاستجهل من لا يكفرهم الا من لا يعرف كفرهم # وقال الفضيل بن عياض اذا قال لك الجهمي انا كافر برب يزول عن مكانه فقل انا اومن برب يفعل ما يشاء وقال وحدث يزيد بن هرون عن الجهمية فقال من زعم ان الرحمن على العرش استوى على خلاف ما تقرر في قلوب العامة فهو جهمي قال وقال حمزة بن ربيعة عن صدقة سمعت سليمان التيمي يقول لو سئلت اين الله تبارك وتعالى لقلت في السماء فإن قال فاين كان عرشه قبل السماء لقلت على الماء فان قال فاين كان عرشه قبل الماء لقلت لا اعلم ورى عن يزيد بن هرون انه ذكر ابا بكر الاصم والمريسي فقال هما والله زنديقان كافران بالرحمن حلال الدم قال وسئل عبد الله بن ادريس عن الصلاة خلف اهل البدع فقال لم يزل في الناس اذا كان فيهم مرضي او عدل فصل خلفه قلت فالجهمية قال لا هذه من المقاتل هؤلاء لا يصلى خلفهم ولا يناكحون وعليهم التوبة قال وقال وكيع بن الجراح الرافضة شر من القدرية والحرورية شر منهما والجهمية شر هذه الاصناف قال البخاري وقال زهير السجستاني سمعت سلام بن ابي مطيع يقول الجهمية كفار # وكلام السلف والائمة في هذا الباب اعظم واكثر من ان يذكر هنا الا بعضه كلهم مطبقون على الذم والرد على من نفى ان يكون الله فوق العرش كلهم متفقون على وصفه بذلك وعلى ذم الجهمية الذين ينكرون ذلك وليس
بينهم في ذلك خلاف ولا يقدر احد ان ينقل عن احد من سلف الامة وائمتها في القرون الثلاثة حرفا واحدا يخالف ذلك لم يقولوا شيئا من عبارات النافية ان الله ليس في السماء والله ليس فوق العرش ولا انه لا داخل العالم ولا خارجه ولا ان جميع الامكنة بالنسبة اليه سواء ولا انه في كل مكان او انه لا تجوز الاشارة الحسية اليه ولا نحو ذلك من العبارات التي تطلقها النفاة لان يكون فوق العرش لا نصا ولا ظاهرا بل هم مطبقون متفقون على انه نفسه فوق العرش وعلى ذم من ينكر ذلك بأعظم مما يذم به غيره من اهل البدع مثل القدرية والخوارج والروافض ونحوهم # واذا كان كذلك فليعلم ان الرازي ونحوه من الجاحدين لان يكون الله نفسه فوق العالم هم مخالفون لجميع سلف الامة وائمتها الذين لهم في الامة لسان صدق ومخالفون لعامة من يثبت الصفات من الفقهاء واهل الحديث والصوفية والمتكلمين مثل الكرامية والكلابية والاشعرية الذين هم الاشعري وائمة اصحابه ولكن الذين يوافقونه على ذلك هم المعتزلة والمتفلسفة المنكرون للصفات وطائفة من الاشعرية وهم في المتأخرين منهم اكثر منهم في المتقدمين وكذلك من اتبع هؤلاء من الفقهاء والصوفية وطائفة من اهل الحديث # وحينئذ فيذكر ما يتكلم به على حججه ولا حول ولا قوة الا بالله # قال الرازي الفصل الرابع في اقامة الحجج والبراهيم على ان الله ليس بمختص بحيز ولا جهة بمعنى انه يشار اليه بالحس انه هاهنا او هناك وذلك لانه لم يخل اما ان يكون منقسما او غير منقسم فان كان منقسما كان مركبا وقد تقدم ابطاله وان لم يكن منقسما كان في الصغر والحقارة كالجزء الذي لا يتجزأ وذلك باطل باتفاق كل العقلاء
# وايضا فان من ينفي الجوهر الفرد يقول ان كل ما كان مشارا اليه بأنه ها هنا او هناك فلا بد وان يتميز احد جانبيه عن الآخر وذلك يوجب كونه منقسما فثبت بأن القول بأنه مشار اليه بحسب الحس يفضي الى هذين الباطلين فوجب ان يكون القول به باطلا # فان قيل لم لا يجوز ان يقال انه تعالى واحد منزه عن التأليف والتركيب ومع كونه كذلك فانه يكون عظيما والعظيم يجب ان يكون مركبا منقسما وذلك ينافي كونه احدا قلنا سلمنا ان العظيم يجب ان يكون منقسما في الشاهد فلم قلتم انه يجب ان يكون في الغائب كذلك فان قياس الغائب على الشاهد من غير جامع باطل # وايضا لم لا يجوز ان يكون غير منقسم ويكون في غاية الصغر وهو مقتضى انه حقير وذلك على الله محال قلنا الذي لا يمكن ان يشار اليه ولا يحس به يكون كالعدم فيكون اشد حقارة فاذا جاز هذا فلم لا يجوز ذلك # والجواب عن الاول ان نقول انه اذا كان عظيما فلابد ان يكون منقسما وليس هذا من باب قياس الشاهد على الغائب بل هذا بناء على البرهان القطعي وذلك لانا اذا اشرنا الى نقطة لا تنقسم فاما ان يحصل فوقها شيء آخر اولا يحصل فان حصل فوقها شيء آخر كان ذلك الفوقاني مغايرا له اذ لو جاز ان يقال ان هذا المشار اليه عينه لا غيره جاز ان يقال هذا الجزء عين ذلك الجزء فيفضي الى تجويز ان الجبل شيء واحد او جزء لا يتجزأ مع كونه جبلا وذلك شك في البديهيات فثبت انه لابد من التزام التركيب والانقسام واما ان لا يحصل فوقها شيء آخر ولا على يمنها ولا على يسارها ولا من تحتها
فحينئذ تكون نقطة غير منقسمة وجزءا لا يتجزأ وذلك باتفاق العقلاء باطل فثبت ان هذا ليس من باب قياس الغائب على الشاهد بل هو مبني على التقسيم الدائر بين النفي والاثبات # قال واعلم ان الحنابلة القائلين بالتركيب والتأليف اسعد حالا من هؤلاء الكرامية وذلك لانهم اعترفوا بكونه مركبا من الاجزاء والابعاض واما هؤلاء الكرامية فزعموا انه مشار اليه بحسب الحس وزعموا انه غير متناه ثم زعموا انه مع ذلك واحد لا يقبل القسمة فلا جرم صار قولهم على خلاف بديهة العقل اما قولهم الذي لا يحس ولا يشار اليه اشد حقارة من الجزء الذي لا يتجزأ قلنا كونه موصوفا بالحقارة انما يلزم لو كان له حيز ومقدار حتى يقال انه اصغر من غيره اما اذا كان منزها عن الحيز والمقدار فلم يحصل بينه وبين غيره مناسبة في الحيز والمقدار فلم يلزم وصفه بالحقارة # يقال هذه الحجة مع كل من قال انه فوق العرش وقال مع ذلك انه غير مؤلف ولا مركب ممن يثبت له معنى الجسم كمن ذكره من الكرامية وممن ينفي عنه معنى الجسم كالكلابية وائمة الاشعرية ومع كل طائفة ممن يوافقها من الفقهاء والصوفية وغيرهم وان كان عامة اهل السنة وائمة الدين واهل الحديث لا يقولون هو جسم ولا يقولون ليس بجسم ولا هو نصها وهي ايضا مع من نقل عنه انه يصفه بالتركيب والتأليف والكلام عليها من وجوه # احدها ان يقال قد تقدم ان لفظ المنقسم لفظ مجمل بحسب الاصطلاحات فالمنقسم في اللغة العربية التي نزل بها القرآن هو ما فصل بعضه
عن بعض كقسمة الماء وغيره بين المشتركين كما قال الله تعالى ^ ونبئهم ان الماء قسمة بينهم ^ وقال تعالى ^ لكل باب منهم جزء مقسوم ^ وقال تعالى ^ اهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ^ وقال النبي صلى الله عليه وسلم انما انا قاسم أقسم بينكم وهذا هو حقيقة المقسوم بدليل صحة نفي اللفظ عما ليس كذلك كما في الحديث الصحيح قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم وكما في قوله ايما ميراث قسم في الجاهلية فهو على ما قسم وايما مال ادركه الاسلام فهو على قسم الاسلام وكما قال لا تقتسم ورثتي دينارا ولا درهما وتقول الفقهاء العقار اما ان يحتمل القسمة اولا يحتمل القسمة فان كان كالرحى الصغيرة والحانوت الصغير التي لا تحتمل ففي ثبوت الشفعة فيه نزاع مشهور بين الفقهاء وان كان يحتمل القسمة كالارض البيضاء الكبيرة ونحو ذلك ثبتت فيه الشفعة بالاتفاق وكذلك يقولون في باب القسمة ان المال اما ان يحتمل القسمة واما ان لا يحتملها فالذي لا يحتمل القسمة كالعبد الواحد والفرس الواحد وكالجوهرة والاناء الواحد ونحو ذلك # فهذه الباب باب القسمة وما فيه من المسائل كقولهم القسمة هل هي افراز الحقوق وتمييز الانصباء ام هي بيع وقولهم ما لا يمكن قسمته اذا طلب احد الشريكين بيعه ليقسم الثمن هل يجبر الآخر على البيع وقولهم اذا كان في القسمة ضرر على احد الشريكين فهل يجبر الممتنع فيها ونحو ذالك ومن ذلك قولهم في المضربة والغنيمة ونحوها هل يملك الربح او المغنم بالظهور اولا يملك الا بالقسمة وقولهم باب قسم الصدقة والغنائم والفيء وامثال ذلك مما لا يحصيه الا الله انما يريد الخاصة من العلماء والعامة من الناس بلفظ القسمة هنا تفصيل الشيء بعضه عن بعض بحيث يكون هذا في حيز وهذا في
حيز منفصل عنه ليتميز احدهما عن الآخر تميزا يمكن به التصرف في احدهما دون الآخر # واذا كان هذا المعنى هو الظاهر في لغة الناس وعاداتهم بلفظ القسمة فقوله بعد ذلك اما ان يكون منقسما او لا يكون يختار في المنازع جانب النفي فان الله ليس بمنقسم وليس هو شيئين او اشياء كل واحد منهما في حيز منفصل عن حيز الآخر كالاعيان المقسومة وما نعلم عاقلا يقول ذلك وما كان منقسما بهذا المعنى فهو اثبات كل منهما قائم بنفسه ولم يقل احد من الناس ان الله او ان خالق العالم هما اثنان متميزان كل منهما قائم بنفسه الا ما يحكي عن بعض الثانوية من قولهم ان اصل العالم النور والظلمة القديمان لكن هؤلاء لا يقولون بتساويهما في الصفات # وايضا فهؤلاء لا يسمون كلا منهما الله او رب العالمين ولا يسمون اثناهما باسم واحد فلم يقل احد من العقلاء ان مسمى الله او رب العالمين هو منقسم الانقسام المعروف في نظر الناس وهو ان يكون عينان لكل منهما حيز منفصل عن حيز الآخر # وايضا فلم يقل احد ان الله كان واحدا ثم انه انفصل وانقسم حتى صار بعضه في حيز فهذا المعنى المعروف من لفظ المنقسم منتف باتفاق العقلاء وهو مناف لان يكون رب العالمين واحدا منافاة ظاهرة ولكن لا يلزم من بطلان هذا بطلان مذهب المنازع الذي يقول ان الله واحد ليس هو اثنين منفصلين كل منهما في حيز منفصل عن حيز الآخر # وقد يريد بعض الناس بلفظ المنقسم ما يمكن الناس فصل بعضه عن
بعض وان كان في ذلك فساد تنهى عنه الشريعة كالحيوان الحي والاينة ونحو ذلك فإن اراد بلفظ المنقسم ذلك فلا ريب ان كثيرا من الاجسام ليس منقمسا بهذا الاعتبار فان بني آدم يعجزون عن قسمته فضلا عن ان يقال ان رب العالمين يقدر العباد على قسمته وتفريقه وتمزيقه وهذا واضح # وقد يراد بلفظ المنقسم ما يمكن في قدرة الله قسمته لكن العباد لا يقدرون على قسمته كالجبال وغيرها ومن المعلوم انه لا يجوز ان يقال ان الله يمكن قسمته وانه قادر على ذلك كما لا يجوز ان يقال انه يمكن عدمه او موته او نومه وانه قادر على ذلك فانه واحد لا اله الا هو وهذه القسمة تجعله اثنين منفصلين كل منهما في حيز آخر وهذا ممتنع على الله وذلك ظاهر ولا نزاع بين المسلمين بل بين العقلاء في ذلك وانما تنازع الناس في كثير من الاجسام هل يمكن قسمتها وتفريقها ام لا يمكن كأرواح بني آدم والملائكة بل كالعرش وغيره وقد خالف كثير من الفلاسفة للمسلمين في ان الافلاك تقبل الانقسام الذي هو تفريق لبعض الجسم عن بعض فاما الخالق تعالى فما علمنا احدا منهم يصفه بذلك ولو وصفه واصف بذلك لم يكن ما ذكره الرازي حجة على بطلان قوله كما سنذكره # وان كان غير منقسم لا بالمعنى الاول الذي هو وجود الانقسام المعروف ولا بالمعنى الثاني الذي هو امكان هذا الانقسام فقوله وان لم يكن غير منقسم كان في الصغر بمنزلة الجوهر الفرد ليس بلازم حينئذ فان ما يوصف بأنه واحد من الاجسام كقوله تعالى ^ وان كانت واحدة فلها النصف ^ وقوله ^ ذرني ومن خلقت وحيدا ^ ونحو ذلك جسم واحد ومتحيز واحد وهو
في جهة ومع ذلك ليس هو منقسما بالمعنى الاول فان المنقسم بالمعنى الاول لا يكون الا عددا اثنين فصاعدا كالماء اذا اقتسموه وكالاجزاء المقسومة التي لكل باب في جهنم جزء مقسوم واذا كان هذا فيما يقبل القسمة كالانسان والذي يقدر البشر على قسمته وما لا يقبل القسمة اولى بذلك وهذا ظاهر محسوس بديهي لا نزاع فيه فان احدا لم ينازع في ان الجسم العظيم الذي لم يفصل بعضه عن بعض فيجعل في حيزين منفصلين اولا يمكن ذلك فيه اذا وصف بأنه غير منقسم لم يلزم من ذلك ان يكون بقدر الجوهر الفرد بل قد يكون في غاية العظم والكبر # ولا ريب ان الرازي ونحوه ممن يحتج بمثل هذه الحجة لا يفسرون الانقسام بهذا الذي قررناه من فصل بعضه عن بعض بحيث يكون كل بعض حيزين منفصلين او امكان ذلك فيه فان احدا لم يقل ان الله منقسم بهذا الاعتبار ولا يلزم من كونه جسما او متحيزا او فوق العالم او غير ذلك ان يكون منقسما بهذا الاعتبار # وان قال اريد بالمنقسم ان ما في هذه الجهة منه غير ما في هذه الجهة كما نقول ان الشمس منقسمة بمعنى ان حاجبها الايمن غير حاجبها الايسر والفلك منقسم بمعنى ان ناحية القطب الشمالي غير ناحية القطب الجنوبي وهذا هو الذي اراده فهذا مما يتنازع الناس فيه # فيقال له قولك ان كان منقسما كان مركبا وقد تقدم ابطاله تقدم الجواب عن هذا الذي سميته مركبا وتبين انه لا حجة اصلا على امتناع ذلك بل تبين ان احالة ذلك تقتضي ابطال كل موجود ولولا انه احال على ما تقدم
لما احلنا عليه وتقدم بيان ما في لفظ التركيب والحيز والافتقار من الاحتمال وان المعنى الذي يقصدونه بذلك يجب ان يتصف به كل موجود سواء كان واجبا او ممكنا وان القول بامتناع ذلك يستلزم السفسطة المحضة وتبين ان كل احد يلزمه ان يقول بمثل هذا المعنى الذي سماه تركيبا حتى الفلاسفة وان هذا المنازع يقول مثل ذلك في تعدد الصفات وانه الزم الفلاسفة مثل ذلك # وقول من يقول من هؤلاء ما يكون منقسما او مركبا بهذا الاعتبار فانه لا يكون واحدا ولا يكون احدا فان الاحد هو الذي لا ينقسم خلاف لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ولغة العرب من تسمية الانسان واحدا كقوله ^ وان كانت واحدة فلها النصف ^ وقوله ^ ذرني ومن خلقت وحيدا ^ ونحو ذلك # وتحرير هذا المقام هو الذي يقطع الشغب والنزاع فان هذه الشبهة هي من اكبر او اكبر اصول المعطلة لصفات الرب بل المعطلة لذاته وهو عند التحقيق من افسد الخيالات ولكن لا حول ولا قوة الا بالله فان الاشراك قد ضل به كثير من الناس قال الخليل ^ واجنبني وبني ان نعبد الاصنام رب انهن اضللن كثيرا من الناس ^ واذا شرح الله صدر العبد للاسلام يتعجب غاية العجب ممن ضل عقله حتى اشرك كما روي ان بعض الناس قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما كان لهم عقول يعنى لمشركي قريش فقال النبي صلى الله عليه وسلم كانت لهم عقول امثال الجبال ولكن كادها باريها وروي ان خالد بن الوليد لما هدم العزى وكانت عند عرفات قال يا رسول الله عجبت من ابي ووعقله كان يجيء الى هذه العزى فيسجد لها وينسك لها ويحلق لها رأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم تلك عقول كادها باريها ولهذا يعترف
المشركون بالضلال يوم القيامة كما قال تعالى ^ فكبكوا فيها هم والغاون وجنود ابليس اجمعون قالوا وهم فيها يختصمون تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين وما اضلنا الا المجرمون ^ قال تعالى عن قوم عاد الذين كانوا من اعظم بني آدم ^ ولقد مكناهم فيما ان مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة فما اعنى عنهم سمعهم ولا ابصارهم ولا افئدتهم من شيء اذ كانوا بجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كان به يستهزؤن ^ # وهذه الشبهة وان تنوعت عباراتها هي التي ذكر الائمة انهااصل كلام الجهمية كما ذكر ذلك الامام احمد حيث قال وكذلك الجهم وشيعته دعوا الناس الى المتشابه من القرآن والحديث فضلوا واضلوا بكلامهم بشرا كثيرا فكان مما بلغنا من امر الجهم عدو الله انه كان من اهل خراسان من اهل الترمذ وكان صاحب خصومات وكلام وكان اكثر كلامه في الله فلقي اناسا من المشركين يقال لهم السمنية فعرفوا الجهم فقالوا له نكلمك فان ظهرت حجتنا عليك دخلت في ديننا وان ظهرت حجتك علينا دخلنا في دينك فكان مما كلموا به الجهم ان قالوا الست تزعم ان لك الها قال جهم نعم فقالوا فهل رأيت الهك قال لا قالوا فهل سمعت كلامه قال لا قالوا افشممت له رائحة قال لا قالوا فوجدت له حسا قال لا قالوا فوجدت له مجسا قال لا قالوا فما يدريك انه اله فتحير الجهم فلم يدر من يعبد اربعين يوما ثم انه استدرك حجة مثل حجة زنادقة النصارى وذلك ان زنادقة النصارى يزعمون ان الروح التي في عيسى هو روح الله من ذات الله فإذا اراد ان يحدث امرا دخل في بعض خلقه فتكلم على لسان خلقه فيأمر بما شاء وينهى عما شاء وهو روح غائب عن الابصار فاستدرك الجهم حجة مثل هذه الحجة فقال للسمني الست تزعم ان فيك روحا قال نعم قال فهل رأيت روحك قال لا قال فهل سمعت كلامه قال لا
قال فهل وجدت له حسا او مجسا قال لا قال فكذلك الله لا يرى له وجه ولا يسمع له صوت ولا يشم له رائحة وهو غائب عن الابصار ولا يكون في مكان دون مكان # فهذا الذي حكاه الامام احمد من مناظرة السمنية المشركين للجهم هو كما ذكره اهل المقالات والكلام عنهم انهم لا يقرون من العلوم الا بالحسيات ولكن قد يقول بعض الناس انهم ارادوا بذلك ان مالا يدركه الانسان بحسه فانه لا يعلمه حتى يقولوا عنهم انهم ينكرون المتواترات والمجربات والبديهيات وهذا والله اعلم غلط عليهم # كما غلط هؤلاء في نقل مذهب السوفسطائية فزعموا ان فرقة من الناس تنكر وجود شيء من الحقائق ومن المعلوم ان امة يكون لهم عقل يفارقون به المجانين لا يقولون هذا ولكن قد تقع السفسطة في بعض الأمور يوفي بعض الأحوال وتكون كما فسرها بعض الناس أن السفسطه هي كلمة معربة واصلها يونانية سوفسقيا ومعناها الحكمة المموهة فان لفظ سوفيا يدل في لغتهم على الحكمة ولهذا يقولون فيلاسوف أي محب الحكمة فلما كان من القضايا ما يعلم بالبرهان ومنه ما يثبت بالقضايا المشهورة وبعضها يناظر فيه بالحجج المسلمة وبعضها تتخيله النفس وتشعر به فيحركها وان لم تكن صادقة وهي القضايا الشعرية ومنها ما يكون باطلا لكن يشبه الحق فهذه الحكمة المموهة هي المسماة بالسفسطة عند هؤلاء وقد تكلمنا على هذا في غير هذا الموضع
|
|
|
|