عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 03:16 AM   #6
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,109 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# ويقال له كل جسم فإنه مختص بحيزه وحيزه الذي هو جوانبه ونهايته وحدوده الداخل في مسماه فعلم أن ذلك لا ينافي ما ذكروه من دليل حدوث الأجسام مع أن ذلك الدليل لا نرتضيه لا لهذا لكن لمعاني أخر ومع إن المنازعين له الذين يقولون أنه جسم أوله حد وقدر ينازعون في حدوث كل ما كان جسما أوله حد وقدر يقولون دعوى حدوث جميع هذا مثل دعوى حدوث كل ذات أو كل موصوف أو كل صفة وموصوف أو حدوث كل قائم بنفسه أو كل موجود ونحو ذلك # قال الرازي الثالث أنه لما كان ذاته تعالى مساوية لذات سائر المتحيزات فكما صح في سائر المتحيزات كونها متحركة تارة وساكنة أخرى وجب أن يكون ذاته أيضا كذلك فعلى هذا التقدير يلزم أن يكون ذاته تعالى قابلة للحركة والسكون وكل ما كان كذلك وجب القول بكونه محدثا لما ثبت في تقرير هذه الدلائل في مسئلة حدوث الأجسام ولما كان محدثا وحدوثه محال فكونه جسما محال # ويقول له الخصم هب أنك تقول لا بد له إذا كان متحيزا من الحركة والسكون فنحن نقول أن كل قائم بنفسه لا يخلو عن الحركة والسكون فإنه أما أن يكون منتقلا أو لا يكون منتقلا فإن كان منتقلا فهو متحرك وإلا فهو ساكن والحركة الاختيارية للشيء كمال له كالحياة ونحوها فإذا قدرنا ذاتين إحداهما تتحرك باختيارها والأخرى لا تتحرك أصلا كانت الأولى أكمل

# ويقول الخصم قولك الحركة حادثة قلت حادثة النوع أو الشخص الأول ممنوع والثاني مسلم قولك ما لا يخلوا عن الحوادث فهو حادث إن أريد به ما لا يخلو عن نوعها فممنوع والثاني لا يضر وأنت لم تذكر حجة على حدوث نوع الحركة إلا حجة واحدة وهو قولك الحادث لا يكون أزليا وهي ضعيفة كما عرف إذ لفظ الحادث يراد به النوع ويراد به الشخص # قال الرازي الرابع أنه لو كان جسما لكان مؤتلف الأجزاء وتلك الأجزاء تكون متماثلة بأعيانها وهي أيضا مماثلة لأجزاء سائر الأجسام وعلى هذا التقدير كما صح الاجتماع والافتراق على سائر الأجسام وجب أن يصح على تلك الأجزاء وعلى هذا التقدير لا بد له من مركب ومؤلف وذلك على إله العالم محال # وأما الاجتماع والافتراق فهو مبني على مسئلة الجوهر الفرد ومن قال أن الأجسام ليست مركبة من الجواهر الفردة وهم أكثر الطوائف لم يقل بأن الجسم لا يخلو من الاجتماع والافتراق بل الجسم البسيط عنده واحد سواء قبل الافتراق أو لم يقبله وكذلك إذا قدر أن فيه حقائق مختلفة متلازمة لم يلزم من ذلك أن يقبل الاجتماع والافتراق

# قال أبو عبد الله الرازي البرهان الثاني في بيان أنه يمتنع أن يكون متحيزا هو أنه لو كان متحيزا لكان متناهيا وكل متناه ممكن وكل ممكن محدث فلو كان متحيزا لكان محدثا وهذا محال وذاك محال # يقال هذه من حجج الجهمية قديما كما ذكر ذلك الأئمة وذكروا أن جهما وأتباعه هم أول من أحدث في الإسلام هذه الصفات السلبية وإبطال نقيضها مثل قولهم ليس فوق العالم ولا داخل العالم ولا خارجه وليس في مكان دون مكان أو ليس في مكان ولا بمتحيز ولا جوهر ولا جسم ولا له نهاية ولا حد ونحو هذه العبارات إلى أن قال وإذا عرف أصل هذا الكلام فجميع السلف والأئمة الذين بلغهم ذلك أنكروا ما فيه من هذه المعاني السلبية التي تنافي ما جاء به الكتاب والسنة إلى أن قال # والكلام على هذه الحجة في مقامين أحدهما منع المقدمة الأولى والثاني منع المقدمة الثانية أما الأولى فهو قول من يقول هو فوق العرش وليس له حد ولا مقدار ولا هو جسم كما يقول ذلك كثير من الصفاتية من الكلابية وأئمة الأشعرية وقدمائهم ومن وافقهم من الفقهاء الطوائف الأربعة وغيرهم وأهل الحديث والصوفية وغير هؤلاء وهم أمم لا يحصيهم إلا الله إلى أن قال وأما المقام الثاني فكلام من لا ينفي هذه الأمور التي يحتج بها عليه نفاة العلو على العرش ليس لها أصل في الكتاب والسنة بل قد يثبتها أو يثبت بعضها لفظا أو معنى أو لا يتعرض لها بنفي ولا إثبات وهذا المقام هو الذي يتكلم فيه سلف الأمة وأئمتها وجماهير أهل الحديث

وطائفة من أهل الكلام والصوفية وغيرهم وكلام هؤلاء أسد في العقل والدين حيث أثبتوا بما في الكتاب والسنة وأقروا بفطرة الله التي فطر عليها عباده # قوله أما المقدمة الأولى وهي بيان أنه تعالى لو كان متحيزا لكان متناهيا فالدليل عليه أن كل مقدار فإنه يقبل الزيادة والنقصان وكل ما كان كذلك فهو متناه وهذا يدل على أن كل متحيز فهو متناه وشرح هذا الدليل قد قررناه في سائر كتبنا # يقال هب أنك صرحت بأن مجاز الاسم الصمد هو كونه لا قدر له وإذا لم يكن له قدر فلا يجوز وصفه بالزيادة والنقص ولا يجوز وصفه بعدم الزيادة والنقص فإن كون الشيء يزيد وينقص أو لا يزيد ولا ينقص كونه ذا قدر فما لا قدر له ولا يقبل الوصف بالزيادة والنقصان ولا الوصف فأنه لا يزيد ولا ينقص كالمعدوم لا يقال فيه أنه لا يزيد ولا ينقص وقد بسطنا هذا في الوصف بالنهاية وعدمها وإذا كان كذلك فعدم قبول الوصف ثبوت ذلك ونفيه لا يكون صفة إلا للمعدوم لا يكون صفة للموجود كما بينا هذا فيما تقدم فإن المعدوم لا يقبل الاتصاف بالصفات المتقابلة فلا يقال فيه عالم ولا جاهل ولا قادر ولا عاجز ولا يزيد منقوص ولا غير يزيد منقوص فأما كون الشيء غير موصوف بالزيادة والنقصان ولا بعدم ذلك وهو موجود وليس بذي قدر فهذا لا يعقل # قال الرازي وأما المقدمة الثانية وهي بيان أن كل متناه فهو ممكن فذلك لأن كل ما كان متناه فإن فرض كونه أزيد قدرا أو أنقص قدرا

ممكن والعلم بثبوت هذا الإمكان ضروري فثبت أن كل متناه فهو في ذاته ممكن # قوله أن المتناهي يقبل الزائد والنقصان قيل لك هذا ممنوع فيما وجوده بنفسه فإن صفاته تكون لازمة لذاته فلا يمكن أن تكون على خلاف ما هو عليه # قال الرازي المقدمة الثالثة وهي بيان أن كل ممكن محدث فهو أنه لما كان الزائد والناقص والمساوي متساوية في الإمكان امتنع رجحان بعضها على بعض إلا لمرجح والافتقار إلى المرجح إما أن يكون حال وجوده أو حال عدمه فإن كان حال وجوده فإنه يكون إما حال بقائه لأن المؤثر تأثيره بالتكوين فلو افتقر حال بقائه إلى المؤثر لزم تكوين الكائن وتحصيل الحاصل وذلك محال فلم يبق إلا أن يحصل الافتقار أما حال حدوثه أو حال عدمه وعلى التقديرين فأنه يلزم أن يكون كل ممكن محدث فثبت أن كل جسم محدث والإله يمتنع أن يكون محدثا وبالله التوفيق # فيقولون له أنت دائما تثبت تخصيصا من هذا الجنس كما تقول أن الإرادة تخصص أحد المثلين لا لموجب فإذا قيل لك هذا يستلزم ترجيح أحد المتماثلين بلا رجح قلت هذا شأن الإرادة والإرادة صفة من صفاته فإذا كانت ذاته

مستلزمة لما من شأنه ترجيح أحد المثلين لذاته بلا مرجح فلأن تكون ذاته تقتضي ترجيح أحد المثلين بلا مرجح أولى إلى أن قال # والمقصود إن هؤلاء القائلين بعدم التناهي أو بالتناهي من جانب دون جانب مع كون قولهم فاسدا فنفاة كون الرب على العرش الذين يحتجون على نفي ذلك بنفي الجسم وعلى نفي الجسم بهذه الحجج يلزمهم من التناقض أعظم مما يلزم المثبتين والمقدمات التي يحتجون بها هي أنفسها وما هو أقوى منها من جنسها تدل على فساد أقوالهم بطريق الأولى فإن كانت صحيحة دلت على فساد قولهم ومتى فسد قولهم صح قول المثبتة لأمتناع رفع النقيضين وإن كانت باطلة لم تدل على فساد قول المثبتة فدل ذلك على أن هذه المقدمات مستلزمة فساد قول النفاة دون قول أهل الإثبات وهذه الطريق هي ثابتة في الأدلة الشرعية والعقلية # قال أبو عبد الله الرازي البرهان الثالث لو كان إله العالم متحيزا لكان محتاجا إلى الغير وهذا محال فكونه متحيزا محال بيان الملازمة أنه لو كان مساويا لغيره من المتحيزات في مفهوم كونه متحيزا ولكان مخالفا لها في تعينه وتشخصه # ثم نقول إن بعد حصول الامتياز بالتعين أما أن يحصل الامتياز في الحقيقة وعلى هذا التقدير يكون المتحيز جنسا تحته أنواع أحدها واجب الوجود وإما أن لا يحصل الامتياز في الحقيقة وعلى هذا التقدير يكون المتحيز نوعا تحته أشخاص أحدها واجب الوجود

# فنقول الأول باطل لأن على هذا التقدير يكون ذاته مركبا من الجنس والفصل وكل مركب فهو مفتقر إلى جزئه وجزؤه غيره فلو كان واجب الوجود متحيزا لكان مفتقرا إلى غيره # والثاني أيضا باطل لأن على هذا التقدير يكون تعينه زائدا على ما هية النوعية وذلك التعين لا بد من مقتض وليس هو تلك الماهية وإلا لكان نوعه منحصرا في شخصه وقد فرضنا أنه ليس كذلك فلا بد وأن يكون المقتضي لذلك التعيين شيئا غير تلك الماهية وغير لوازم تلك الماهية فيكون محتاجا إلى غيره فثبت أنه لو كان متحيزا لكان محتاجا إلى غيره وذلك محال لأنه واجب الوجود لذاته وواجب الوجود لذاته لا يكون واجب الوجود لغيره فثبت أن يكون متحيزا محال # لفظ الحيز والجهة ونحو ذلك فيه اشتراك كما تقدم فقد يراد به شيء منفصل عن الله كالعرش والغمام وقد يراد به ما ليس منفصلا عنه وهو نهايته وجوانبه وقد يراد به أمر عدمي وهو ما يقدر فيه الأجسام وهو المعروف من لفظ الحيز عند المتكلمين الذين يفرقون بين لفظ الحيز والمكان فيقولون الحيز تقدير المكان # قوله لكان مساويا لغيره من المتحيزات لا نسلم أنه لو كان متحيزا لكان مساويا للمتحيزات وما ذكروه من الحجة مبني على تماثل المتحيزات وقد تقدم إبطال ذلك بما لا حاجة إلى إعادته وأن القول بتماثلها من أضعف الأقوال بل من أعظمها مخالفة للحس والعقل ولما عليه جماهير العقلاء

# وقال الشيخ رحمه الله عليه وقد سئل عن جواب شبهة المعتزلة في نفي الصفات ادعوا أن صفات الباري ليست زائدة على ذاته لأنه لا يخلو أما أن يقوم وجوده بتلك الصفة المعينة بحيث يلزم من تقدير عدمها عدمه أولا فإن يقم فقد تعلق وجوده بها وصار مركبا من أجزاء لا يصح وجوده إلا بمجموعها والمركب معلول وإن كان لا يقوم وجوده بها ولا يلزم من تقدير عدمها عدمه فهي عرضية والعرض معلول وهما على الله محال فلم يبق إلا أن صفات الباري غير زائدة على ذاته وهو المطلوب # فأجاب الذي دل عليه الكتاب والسنة أن الله سبحانه له علم وقدرة ورحمة ومشيئة وعزة وغير ذلك وساق النصوص في ذلك إلى أن قال وأما الشبهة الثانية وهي شبهة التركيب وهي فلسفية معتزلية والأولى معتزلية محضة فالجواب عنها أيضا من وجهين أما الأول فإنهم يثبتون عالما وقادرا ويثبتونه واجبا بنفسه فاعلا لغيره ومعلوم بالضرورة أن مفهوم كونه عالما غير مفهوم الفعل بغيره فإذا كانت ذاته مركبة من هذه المعاني لزم التركيب الذي ادعوه وإن كانت عرضية لزم الافتقار الذي ادعوه وإن كان الواجب بنفسه لا يتميز عن غيره بصفة الثبوتية فلا واجب وإذا لم يكن واجبا لم يلزم من التركيب محال وذلك أنهم إنما نفوا المعاني لاستلزامها ثبوت التركيب المستلزم نفي الوجوب وهذا محال إلى أن قال # وأما ما يذكره المنطقيون من تركيب الأنواع من الجنس والفصل كتركيب الإنسان من حيوان وناطق وهو المركب مما به الاشتراك بينه و بين سائر الأنواع ومما به امتيازه عن غيره من الأنواع وتقسيمهم الصفات إلى ذاتي

تتركب منه الحقائق وهو الجنس والفصل وإلى عرضي وهو العرض العام والخاصة ثم الحقيقة المؤلفة من المشترك والمميز هي النوع فنقول هذا التركيب أمر اعتباري ذهني ليس له وجود في الخارج كما أن ذات النوع من حيث هي عامة ليس لها ثبوت في الخارج بل نفس الحقائق الخارجة ليس فيها عموم خارجي ولا تركيب خارجي كما قلنا في مسئلة المعدوم أنه شيء في الذهن لا في الخارج لتعلق العلم والإرادة به فإن الإنسان الموجود في الخارج ليس فيه ذوات متميزة بعضها حيوانية وبعضها ناطقية وبعضها ضاحكية وبعضها حساسية بل العقل يدرك منه معنى ونظير ذلك المعنى ثابت لنوع آخر فيقول فيه معنى مشترك ويدرك فيه معنى مختصا ثم يجمع بين المعنيين فيقول هو مؤلف منهما ثم إذا أدرك فيه المعنيين لم يدرك أن أحدهما فيه متميز عن الآخر منفصل كما أنه إذا أدرك الوجود والوجوب والقيام بالنفس والإقامة للغير لم يدرك أحد هذه المعاني منفصلا عن الآخر متميزا عنه بل أبلغ من ذلك أن الطعم واللون والريح القائمة بالجسم لا يتميز بعضها عن بعض بمحالها وإنما الحس يميز بين هذه الحقائق فهذا النوع من التركيب ليس من جنس تركيب ابعاضه واخلاصه فليس الأبعاض كالأعراض ونحن لا ننازع في تسمية هذا مركبا فإن هذا نزاع لفظي ولكن الغرض أن هذا التركيب ليس من جنس التركيب الذي يعقله بنو آدم بالفطرة الأولى حتى يطلق عليه لفظ الأجزاء # إذا عرف هذا كان الجواب من فنين في الحل كما كان من فنين في الأبطال أحدهما إنا لا نسلم أن هناك تركيبا من أجزاء بحال وإنما هي ذات قائمة بنفسها مستلزمة للوازمها التي لا يصح وجودها إلا بها وليست صفة الموصوف أجزاءا له ولا أبعاضا يتميز بعضها عن بعض أو تتميز عنه حتى يصح أن يقال هي مركبة منه أو ليست مركبة فثبوت التركيب ونفيه فرع تصوره

وتصوره هنا منتف والجواب الثاني أنه لو فرض أن هذا يسمى مركبا فليس هذا مستلزما للإمكان ولا للحدوث وذلك أن الذي علم بالعقل والسمع أنه يمتنع أن يكون الرب تعالى فقيرا إلى خلقه بل هو الغني عن العالمين وقد علم أنه حي قيوم بنفسه وأن نفسه المقدسة قائمة بنفسه وموجودة بذاته وأنه أحد صمد غني بنفسه ليس ثبوته وغناه مستفادا من غيره وإنما هو بنفسه لم يزل ولا يزال حقا صمدا قيوما فهل يقال في ذلك إنه مفتقر إلى نفسه أو محتاج إلى نفسه لأن نفسه لا تقوم إلا بنفسه فالقول في صفاته التي هي داخلة في مسمى نفسه هو القول في نفسه # وقال بعد ذكر كلام أبي حامد في تهافت الفلاسفة وتكلم في ذلك بكلام حسن بين فيه ما احتاجوا به من الألفاظ المجملة كلفظ التركيب فإنهم جعلوا إثبات الصفات تركيبا وقالوا متى أثبتنا معنى يزيد على مطلق الوجود كان تركيبا وادخلوا في مسمى التركيب خمسة أنواع أحدها أنه ليس له حقيقة إلا الوجود المطلق لئلا يكون مركبا من وجود ماهية والثاني ليس له صفة لئلا يكون مركبا من ذات وصفات والثالث ليس له وصف مختص ومشترك لئلا يكون مركبا مما به الاشتراك وما به الامتياز كتركيب النوع من الجنس والفصل أو من الخاصة والعرض العام الرابع أنه ليس فوق العالم لئلا يكون مركبا من الجواهر المفردة وكذلك لا يكون مركبا من المادة والصورة وهو الخامس # قال أبو عبد الله الرازي البرهان الرابع لو كان إله العالم متحيزا لكان مركبا وهذا محال فكونه متحيزا محال بيان الملازمة من وجهين

أحدهما وهو على قول من ينكر الجوهر الفرد أن كل متحيز فلا بد وأن يتميز أحد جانبيه عن الثاني وكل ما كان كذلك فهو منقسم فثبت أن كل متحيز فهو منقسم مركب الثاني أن كل متحيز فأما أن يكون قابلا للقسمة أو لا يكون فإن كان قابلا للقسمة كان مركبا مؤلفا وإن كان غير قابل للقسمة فهو الجوهر الفرد وهو في غاية الصغر والحقارة وليس العقلاء أحد يقول هذا القول فثبت أنه تعالى لو كان متحيزا لكان مؤلفا منقسما وذلك محال لأن كل ما كان كذلك فهو مفتقر في حقيقته إلى كل واحد من أجزائه زكل واحد من أجزائه غيره فكل مركب فهو مفتقر في الحقيقة إلى غيره وكل ما كان كذلك فهو ممكن لذاته فكل مركب ممكن لذاته فيلزم أن يكون الممكن لذاته واجبا لذاته وذلك محال فيمتنع أن يكون متحيزا # ولقائل أن يقول إن عنيت بالتحيزية تفرقته بعد الاجتماع واجتماعه بعد الافتراق فلا نسلم أن ما لا يكون كذلك يلزم أن يكون حقيرا # وإن عنيت به ما يشار إليه أو يتميز منه شيء لم نسلم أن مثل هذا ممتنع بل نقول أن كل موجود قائم بنفسه فإنه كذلك وإن ما لا يكون كذلك فلا يكون إلا عرضا قائما بغيره وإنه لا يعقل موجود إلا ما يشار إليه أو ما يقوم بما يشار إليه

# قال أبو عبد الله الرازي البرهان الخامس أنه لو كان متحيزا لكان مركبا من الأجزاء إذ ليس في العقلاء من يقول إنه في حجم الجوهر الفرد ولو كان مركبا من الأجزاء فأما أن يكون الموصوف بالعلم والقدرة والحياة جزءا واحدا من ذلك المجموع أو يكون الموصوف بهذه الصفات مجموع تلك الأجزاء فإن كان الأول كان إله العالم هو ذلك الجزء الواحد فيكون إله العالم في غاية الصغر والحقارة وقد بينا أنه ليس في العقلاء من يقول بذلك وإن كان الثاني فأما إن يقال القائم بمجموع تلك الأجزاء علم واحد وقدرة واحدة أو يقال القائم بكل واحد من تلك الأجزاء علم على حدة وقدرة على حدة والأول محال لأنه يقتضي قيام الصفة الواحدة بالمحال الكثيرة وذلك محال وإن كان الثاني لزم أن يكون كل واحد منها إلها قديما وذلك يقتضي تكثر الآلهة وهو محال # فإن قيل هذا يشكل بالإنسان فإن ما ذكرتم قائم فيه بعينه فيلزم أن لا يكون جسما وهذه مكابرة فإنا نعلم بالضرورة أن الإنسان ليس إلا هذه البنية # ثم نقول لم لا يجوز أن يقال قام علم واحد بمجموع تلك الأجزاء إلا أنه انقسم ذلك المجموع وقام بكل واحد من تلك الأجزاء جزء من ذلك العلم # وأيضا لم لا يجوز أن نقول قام بكل واحد من تلك الأجزاء علم بمعلوم واحد وقدرة على مقدور واحد وبهذا الطريق كان مجموع الأجزاء عالما بجملة المعلومات قادرا على جملة المقدورات # والجواب عن السؤال الأول أن نقول أما الفلاسفة فقد طردوا قولهم وزعموا أن الإنسان ليس عبارة هذه البنية فإن الإنسان عبارة عن الشيء الذي يشير إليه كل إنسان بقوله أنا وذلك الشيء موجود ليس بجسم ولا جسماني قالوا وأما قول من يقول بأن هذا باطل بالضرورة لأن كل واحد يعلم أن

الإنسان ليس إلا هذه البنية المخصوصة فقد أجابوا عنه بأن الإنسان مغاير لهذه البنية المشاهدة ويدل عليه وجوه # الأول أنا قد نفعل أنفسنا حال ما نكون غافلين عن جملة اعضائنا الظاهرة والباطنة والمعلوم مغاير لغير المعلوم # الثاني أني أعلم بالضرورة أني أنا الإنسان الذي كنت موجودا قبل هذه المدة بخمسين سنة وجملة أجزاء هذه البنية متبدلة بسبب السمن والهزال والصحة والمرض والباقي مغاير لما ليس بباق # الثالث أن المشاهد ليس إلا السطح الموصوف باللون المخصوص وباتفاق العقلاء ليس عبارة عن هذا القدر فثبت أن الإنسان ليس بمشاهد البتة # وأما سائر الطوائف والفرق فقد ذكروا الفرق بين الشاهد والغائب من وجهين أحدهما قال الأشعري كل واحد من أجزاء الإنسان موصوف بعلم على حدة وقدرة على حدة وهذا يقتضي أن يكون هذا البدن مركبا من أشياء كثيرة وكل واحد منها عالم قادر حي وهذا مما لا نزاع فيه وأما التزام ذلك في حق الله سبحانه وتعالى فإنه يقتضي تعدد الآلهة وذلك محال فظهر الفرق الثاني قال ابن الرواندي الإنسان جزء واحد لا يتجزأ في القلب وهذا يقتضي أن يكون الإنسان في غاية الحقارة وذلك غير ممتنع أما لو قلنا بمثله في حق الله تعالى يلزم كونه في غاية الحقارة وذلك لم يقل بها عاقل # وأما السؤال الثاني وهو قوله لم لا يجوز أن يقال العلم ينقسم فقام بكل واحد من تلك الأجزاء جزء واحد من ذلك فنقول هذا محال لأن كل واحد من أجزاء العلم إما أن يكون علما وإما أن لا يكون علما فإن كان الأول كان القائم بكل واحد من تلك الأجزاء علما على حدة وذلك

غير هذا السؤال وإن كان الثاني لم يكن شئ من تلك الأجزاء موصوفا بالعلم والمجموع ليس إلا تلك الأمور فوجب أن لا يكون المجموع موصوفا بالعلم والقدرة # وأما السؤال الثالث وهو قولهم كل واحد من تلك الأجزاء يكون موصوفا بعلم متعلق بمعلوم معين وبقدرة متعلقة بمقدور معين فنقول هذا أيضا محال لأنه يقتضي كون كل واحد من تلك الأجزاء عالما بمعلومات معينة قادرا على مقدورات معينة فيرجع حاصل الكلام إلى إثبات آلهة كثيرة كل واحد منها مخصوص بمعرفة بعض المعلومات وبالقدرة على بعض المقدورات وذلك يناقض القول بأن إله العالم موجود واحد والله أعلم # ولقائل أن يقول الاعتراض على هذا من وجوه # الأول قولك لو اتصف بكل واحد من هذه الصفات فأما أن يكون كل جزء من أجزائه متصفا بجميع هذه الصفات إلى آخره فرع على ثبوت الأجزاء وذلك ممنوع فلم قلت إن كل ما هو جسم فهو مركب من الأجزاء فإن هذا مبني على أن الأجسام مركبة من الجواهر المنفردة وهذا ممنوع وجمهور العقلاء على خلافه وهو لم يثبته هنا بالدليل فيكفي مجرد المنع وبسط ذلك في موضعه وكل من أمعن في معرفة هذا المقام علم أن ما ذكروه من أن الجسم مركب من جواهر منفردة متشابهة عرض لها التركيب أو من مادة وصورة وهما جوهران من أفسد الكلام وإذا كان كذلك أمكن أن يكون كل من الصفات القائمة

بجميع المحل شائعة في جميع الموصوف ولا يلزم أن يكون الواحد قام بأجزاء بل القول في الصفة الحالة كالقول في المحل الذي هو الموصوف # الوجه الثاني أن يقال القول في وحدة الصفة وتعددها وانقسامها وعدم انقسامها كالقول في الموصوف وسواء في ذلك الصفات المشروطة بالحياة والقدرة والحس بل والحياة نفسها أو التي لا تشترط بالحياة كالطعم واللون والريح فإن طعم التفاحة مثلا شائع فيها كلها فإذا بعضت تبعض ولا يقال أنها قام طعم واحد بجملة التفاحة بل إن قيل إن التفاحة أجزاء كثيرة قيل قام بها طعوم كثيرة وإن قيل هي شيء واحد قيل قام بها طعم واحد فإن قيل فهذا هو التقدير الأول وهو اتصاف كل جزء من هذه الأجزاء بجميع هذه الصفات قيل ليس كذلك أما أولا فلمنع التجزي وأما ثانيا فلأنه لم يقم بكل جزء إلا جزء من الصفة القائمة بالجميع لم تقم جميع الصفة بكل جزء وحينئذ فيبطل التلازم المذكور وهو كون كل جزء إلها فإن الإله سبحانه وتعالى هو المتصف بأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير أما إذا قدر موصوف قام به جزء من هذه القدرة لا تنقسم هي ولا محلها لم يلزم أن يكون ذلك الجزء قادرا فضلا عن أن يكون ربا إذ القادر لا يجب أن يكون من قام به جزء من القدرة ولا الحي من قام به جزء من الحياة ولا العالم من قام به جزء من العلم فإن قيل كيف يعقل انقسام محل هذه الصفات فإن الإنسان تقوم حياته بجميع بدنه وكذلك الحس والقدرة تقوم ببدنه وغيرهما من صفاته فكما أن بدنه ينقسم فالقائم ببدنه ينقسم فإن قيل إذا انقسم لم يبق قدرة ولا علما ولا حياة قيل وكذلك المحل لا يبقى يدا ولا عضوا ولا قادرا ولا حيا ولا عالما ولا حساسا فإن الجزء المنفرد بتقدير وجوده هو أحقر من أن يقال أنه يد أو عضو أو بدن حي عالم قادر فكيف يقال فيه أنه إله



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

moh_elgmare@yahoo.com


رد مع اقتباس