03 Apr 2010, 03:15 AM
|
#5
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
# قال الشيخ رحمه الله في شرح حديث عمران بن حصين كان الله ولم يكن شيء قبله وهو الآن على ما عليه كان وهذه الزيادة وهو قوله وهو الآن على ما عليه كان كذب مفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال وهذه الزيادة الالحادية قصد بها المتكلمة المتجهمة نفي الصفات التي وصف بها نفسه من استوائه على العرش ونزوله إلى السماء الدنيا وغير ذلك فقالوا كان في الأزل ليس مستويا على العرش وهو الآن على ما عليه كان فلا يكون على العرش لما يقتضي ذلك من التحول والتغير # ويجيبهم أهل السنة والإثبات بجوابين معروفين أحدهما أن المتجدد نسبة وإضافة بينه وبين العرش بمنزلة المعية ويسميها ابن عقيل الأحوال وتجدد النسب والإضافات متفق عليه بين جميع أهل الأرض من المسلمين وغيرهم إذ لا يقتضي ذلك تغيرا ولا استحالة والثاني أن ذلك وإن اقتضى تحولا من حال إلى حال ومن شأن إلى شأن فهو مثل مجيئه واتيانه ونزوله وتكليمه لموسى وإتيانه يوم القيامة في صورة ونحو ذلك مما دلت عليه النصوص وقال به اكثر أهل السنة والحديث وكثير من أهل الكلام وهو لازم لأهل الفرق # قال الرازي الحجة السادسة عشرة قوله تعالى ^ واسجد واقترب ^ ولو كان في جهة الفوق لكانت السجدة تفيد البعد عن الله تعالى لا القرب منه وذلك خلاف الأصل # سئل الشيخ رحمه الله عن العرش هل هو كروي وإذا كان كرويا والله محيط به فما فائدة أن العبد يقصد العلو حين دعائه وعبادته دون
التحت فقال الجواب عن هذا السؤال بثلاث مقامات الأول أنه لم يثبت أن العرش فلك مستدير الثاني أن العرش والعالم بالنسبة إلى الله في غاية الصغر سواء كان كرويا أو لا الثالث لو قدر أنه كروي فهو فوق المخلوقات مطلقا إلى أن قال # وإذا كان الأمر كذلك فإذا قدر أن العرش مستدير محيط بالمخلوقات كان هو أعلاها وسقفها وهو فوقها مطلقا فلا يتوجه إليه وإلى ما فوقه الإنسان إلا من العلو لا من جهاته الباقية أصلا ومن توجه إلى الفلك التاسع أو الثامن أو غيره من الأفلاك من غير جهة العلو كان جاهلا باتفاق العقلاء فكيف بالتوجه إلى العرش أو إلى ما فوته والله تعالى محيط بالمخلوقات كلها إحاطة تليق به فأن السموات السبع والأرض في يده أصغر من الحمصة في يد أحدنا إلى أن قال # وهذا السؤال أنما ورد لتوهم المتوهم أن نصف الفلك يكون تحت الأرض وتحت ما على وجه الأرض من الآدميين والبهائم وهذا غلط عظيم فلو كان الفلك تحت الأرض من جهة لكان تحتها من كل جهة فكان يلزم أن يكون الفلك تحت الأرض مطلقا وهذا قلب للحقائق إذ الفلك هو فوق الأرض مطلقا وأهل الهيئة يقولون لو أن الأرض مخروقة إلى ناحية أرجلنا وألقي في الخرق شيء ثقيل كالحجر ونحوه لكان ينتهي إلى المركز حتى لو ألقي من تلك الناحية حجر آخر للتقيا جميعا في المركز ولو قدر أن إنسانين التقيا في المركز بدل الحجرين للتقت رجلاهما ولم يكن أحدهما تحت صاحبه بل كلاهما فوق المركز وكلاهما تحت الفلك إلى أن قال # وإذا كان مطلوب أحدهما ما فوق الفلك لم يطلبه إلا من الجهة العليا لم يطلبه من جهة رجليه أو يمينه أو يساره لوجهين أحدهما أن مطلوبه من الجهة العليا
أقرب إليه من جميع الجهات فلو قدر رجل أو ملك يصعد إلى السماء أو إلى ما فوق كان صعوده مما يلي رأسه أقرب إذا أمكنه ذلك ولا يقول عاقل إنه يخرق الأرض ثم يصعد من تلك الناحية إلى من قال ولو أن رجلا أراد أن يخاطب الشمس والقمر فإنه لا يخاطبه إلا من الجهة العليا مع أن الشمس والقمر قد تشرق وقد تغرب فتنحرف عن سمت الرأس فكيف بمن هو فوق كل شيء دائما لا يأفل ولا يغيب سبحانه وتعالى الوجه الثاني أنه إذا قصد أسفل بدون علو كان ينتهي قصده إلى المركز وأن قصده أمامه أو ورائه أو يمينه أو يساره من غير قصد العلو كان منتهى قصده أجزاء الهواء فلا بد له من قصد العلو ضرورة سواء قصد مع ذلك هذه الجهات أو لم يقصدها ولو فرض أنه قال أقصد من اليمين مع العلو أو من السفل مع العلو كان بمنزلة من يقول أريد أن أحج من المغرب فأذهب إلى خراسان ثم أذهب إلى مكة # قال الرازي الحجة السابعة عشرة قوله تعالى ^ فلا تجعل لله أندادا ^ والند المثل ولو كان تعالى جسما لكان مثلا لكل واحد من الأجسام لما سنبين إن شاء الله تعالى أن الأجسام كلها متماثلة فحينئذ يكون الند موجودا على هذا التقدير وذلك على مضادة هذا النص # قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وأما التمثيل فقد نطق الكتاب بنفيه عن الله في غير موضع كقوله تعالى ^ ليس كمثله شيء ^ وقوله ^ هل تعلم له سميا ^ وقوله ^ ولم يكن له كفوا أحد ^ وقوله ^ فلا تجعل لله أندادا ^ وقوله ^ فلا تضربوا لله الأمثال ^ ولكن وقع في لفظ التشبيه إجمال إلى أن قال
فإن التشبيه الذي يجب نفيه عن الرب تعالى اتصافه بشيء من خصائص المخلوقين كما أن المخلوق لا يتصف بشيء من خصائص الخالق وإن يثبت للعبد شيء يماثل فيه الرب وأما إذا قيل حي وحي وعالم وعالم وقادر وقادر وقيل لهذا قدرة ولهذا قدرة ولهذا علم ولهذا علم كان نفس علم الرب لم يشركه فيه العبد ونفس علم العبد لا يتصف به الرب تعالى عن ذلك وكذلك في سائر الصفات إلى أن قال وإن أراد به من جعل صفات الرب مثل صفات العبد فهؤلاء مبطلون ضالون # وأما احتجاجهم بقولهم الأجسام متماثلة فهذا إن كان حقا فهو تماثل يعلم بالعقل ليس فيه أن اللغة التي نزل بها القرآن تطلق لفظ المثل على كل جسم ولا أن اللغة التي نزل بها القرآن تقول إن السماء مثل الأرض والشمس والقمر والكواكب مثل الجبال والجبال مثل الأنهار # ومن العجب أن كلامه وكلام أمثاله يدور في هذا الباب على تماثل الأجسام وقد ذكر النزاع في تماثل الأجسام وإن القائلين بتماثلها من المتكلمين بنوا ذلك على أنها مركبة من الجواهر المنفردة وأن الجواهر متماثلة ثم إنه في مسألة تماثل الجواهر ذكر أنه لا دليل على تماثلها فصار أصل كلامهم الذي ترجع إليه هذه الأمور كلاما بلا علم بل بخلاف الحق مع أنه كلام في الله تعالى وقد قال تعالى ^ قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ^ وقال عن الشيطان ^ إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ^
# قال أبو عبد الله الرازي الحجة الثامنة عشرة الحديث المشهور وهو ما روي أن عمران أبن الحصين قال يا رسول الله أخبرنا عن أول هذا الأمر فقال كان الله ولم يكن معه شيء وقد دللنا مرارا كثيرة على أنه تعالى لو كان مختصا بالحيز والجهة لكان ذلك الحيز شيئا موجودا معه وذلك على نقيض هذا النص # قال الشيخ رحمه الله الوجه الثالث أنه قال كان الله ولم يكن شيئا قبله وقد روي معه وروي غيره والألفاظ الثلاثة في البخاري والمجلس كان واحدا وسؤالهم وجوابه كان في ذلك المجلس وعمران الذي روى الحديث لم يقم منه حين أنقضى المجلس بل قام لما أخبر بذهاب راحلته قبل فراغ المجلس وهو المخبر بلفظ الرسول فدل على أنه إنما قال أحد الألفاظ والآخران رويا بالمعنى وحينئذ فالذي ثبت عنه لفظ القبل فإنه قد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في دعائه أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء وهذا موافق ومفسر لقوله تعالى ^ هو الأول والآخر والظاهر والباطن ^ وإذا ثبت في هذا الحديث لفظ القبل فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله واللفظان الآخران لم يثبت واحد منهما أبدا وكان أكثر أهل الحديث إنما يروونه بلفظ القبل كان الله ولا شيء قبله مثل الحميدي والبغوي وابن الأثير وغيرهم وإذا كان إنما قال كان الله ولم يكن شيء قبله لم يكن في هذا اللفظ تعرض لابتداء الحوادث ولا لأول مخلوق مطلقا بل ولا فيه الإخبار بخلق العرش والماء وإن كان ذلك كله مخلوقا كما أخبر به في مواضع أخر لكن في جواب
أهل اليمن إنما كان مقصوده إخباره إياهم عن بدء خلق السموات والأرض وما بينهما وهي المخلوقات التي خلقت في ستة أيام لا بابتداء ما خلقه الله قبل ذلك # قوله لو كان الباري أزلا وأبدا مختصا بالحيز والجهة لكان الحيز والجهة موجودان في الأزل فيلزم إثبات قديم غير الله وذلك محال بإجماع المسلمين يقال له هؤلاء إن قالوا بأنه مختص بحيز وجودي أزلا وأبدا فليس ذلك عندهم شيئا خارجا عن مسمى الله كما أن الحيز الذي هو نهايات المتحيز وحدوده الداخلة فيه ليس خارجا عنه بل هو منه وعلى هذا التقدير فيكون إثباتهم لقدم هذا الحيز كإثبات سائر الصفاتية للصفات القديمة من علمه وقدرته وحياته لا فرق بين تحيزه وبين قيامه بنفسه وحياته وسائر صفاته اللازمة والحيز مثل الحياة بل أبلغ منه في لزومه للذات إلى أن قال ثم إن هذه الحجة التي ذكرها من لزوم إثبات قديم غير الله تعالى مشهورة من حجج النفاة للصفات # قال أبو عبد الله الرازي الحجة التاسعة عشرة روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له أين كان ربنا قال كان في عماء ليس تحته ماء ولا فوقه هواء فقيل العماء بالمد الغيم الرقيق وأما العمى بالقصر فهو عبارة عن الحالة المضادة للبصر فقال بعض العلماء يجب أن تكون الرواية الصحيحة هي الرواية بالقصر وحينئذ يدل على نفي الجهة لأن الجهة إذا لم تكن موجودة لم تكن مرئية فأمكن جعل العمى عبارة عن عدم الجهة ويتأكد هذا بقوله عليه السلام ليس تحته ماء ولا فوقه هواء
# قال الشيخ رحمه الله وحديث أبي رزين رواه أحمد والترمذي وغيرهما قال الترمذي حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين قال قلت يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه قال كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء فهذا الحديث فيه بيان أنه خلق العرش قبل السموات والأرض وأما قوله في عماء فعلى ما ذكره يزيد بن هارون ورواه عنه أحمد بن منيع وقرره الترمذي من أن معناه ليس معه شيء فيكون فيه دلالة على أن الله كان وليس معه شيء # ثم لو دل على وجود موجود على قول لم يفسر العماء بالسحاب الرقيق لم يكن في ذلك دليل على قول الدهرية بقدم ما ادعوا قدمه ولا بأن مادة السموات والأرض ليستا مبتدعتين وذلك أن الله سبحانه وتعالى أخبر في كتابه بابتداء الخلق الذي يعيده وأخبر بخلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام في غير موضع وجاءت بذلك الأحاديث الكثيرة وأخبر أيضا أنه يغير هذه المخلوقات # قوله وأعلم أن هذه الوجوه التي ذكرناها بعضها قوي وبعضها ضعيف وكيفما كان الأمر فقد ثبت أن في القرآن والأخبار دلائل كثيرة تدل على تنزيه الله تعالى عن الحيز والجهة وبالله التوفيق # قال الشيخ وقد بسط الكلام على هذه الأمور في مواضع وبين أن ما ينفيه نفاة الصفات التي نطلق بها الكتاب والسنة من علو الله على خلقه وغير
ذلك كما أنه لم ينطق به كتاب ولا سنة ولا قال بقولهم أحد من المرسلين ولا الصحابة ولا التابعين فلم يدل عليه دليل عقلي بل الأدلة العقلية الصريحة الموافقة للأدلة السمعية الصحيحة ولكن هؤلاء ضلوا بألفاظ متشابهة ابتدعوها ومعاني عقلية لم يميزوا بين حقها وباطلها وجميع البدع كبدع الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية لها شبه في نصوص الأنبياء بخلاف بدعة الجهمية النفاة فإنه ليس معهم فيها دليل سمعي اصلا ولهذا كانت آخر البدع حدوثا بالإسلام ولما أحدثت أطلق السلف والأئمة القول بتكفير أهلها لعلمهم بأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق ولهذا يصير محققوهم إلى مثل فرعون مقدم المعطلة بل وينتصرون له ويعظمونه # والمبطلون يعارضون نصوص الكتاب والسنة بأقوالهم وبيان فسادها أحد ركني الحق وأحد المطلوبين فإن هؤلاء لو تركوا نصوص الأنبياء لهدت وكفت ولكن صالوا عليها صول المحاربين لله ولرسوله فإذا دفع صيالهم وبين ضلالهم كان ذلك من أعظم الجهاد في سبيل الله # قال أبو عبد الله الرازي الفصل الثالث في إقامة الدلائل العقلية على أنه ليس بمتحيز البتة # أعلم أنا إذا دللنا على أنه تعالى ليس بمتحيز فقد دللنا على أنه تعالى ليس بجسم ولا جوهر فرد لأن المتحيز إن كان منقسما فهو الجسم وإن لم يكن منقسما فهو الجوهر الفرد
# يقال له قد تقدم أن الحيز قد يراد به ما يحوز الشيء وهو نهايته وحدوده الداخلة فيه وقد يراد به الشيء الذي يكون منفصل عنه وهو محيط به وكلاهما أمر وجودي وقد يراد بالحيز ما هو تقدير المكان وهذا هو الحيز عند كثير من أهل الكلام الذين يفرقون بين لفظ الحيز والمكان والحيز على هذا أمر عدمي كما تقدم تقرير ذلك # فإذا قال إذا كان متحيزا فالمتحيزات مماثلة له كان هذا مصادرة على المطلوب لأن نفي كونه جسما بناءا على نفي الجوهر ونفي الجوهر بناءا على نفي التحيز والمتحيز هو الجسم أو الجوهر فيكون قد جعل الشيء مقدمة في إثبات نفسه وهذه هي المصادرة # قوله فنقول الذي يدل على أنه تعالى ليس بمتحيز وجوه البرهان الأول أنه تعالى لو كان متحيزا لكان مماثلا لسائر المتحيزات في تمام الماهية وهذا ممتنع # فيقال هذه الحجة قد تقدم الكلام على موادها غير مرة والكلام عليها من المقامين المتقدمين أحدهما قول من يقول أنه فوق العرش وهو مع ذلك ليس بجسم ولا هو متحيز كما ذكرنا أن هذا قول طوائف كثيرة من أهل الكلام والفقهاء ومن تبعهم من أهل الحديث والصوفية وغيرهم وهذا قول ابن كلاب والأشعري وأئمة أصحابه وغيرهم فعلى هذا
لا يلزم من نفي كونه متحيزا نفي كونه على العرش وتقدم ما في ذلك من دعوى الضرورة من الجانبين المقام الثاني من لا ينفي ذلك بل يسلم إثباته أو لا يتكلم فيه بنفي ولا إثبات والكلام في هذا المقام من وجوه أحدها لا نسلم أنه لو كان مختصا بشيء من الأحياز والجهات لكان مساويا للمتحيزات وما ذكروه من الحجة مبني على تماثل المتحيزات وقد تقدم إبطال ذلك بما لا حاجة إلى إعادته وأن القول بتماثلها من أضعف الأقوال بل من أعظمها مخالفة للحس والعقل ولما عليه جماهير العقلاء # وأصل كلام هؤلاء كلهم على أن إثبات الصفات مستلزم للتجسيم والأجسام متماثلة والمثبتون يجيبون على هذا تارة بمنع المقدمة الأولى وتارة بمنع المقدمة الثانية وتارة بمنع كل من المقدمتين وتارة بالإستفصال ولا ريب أن قولهم بتماثل الأجسام قول باطل سواء فسروا الجسم بما يشار إليه أو بالقائم بنفسه أو بالموجود أو بالمركب من الهيولى والصورة ونحو ذلك فأما إذا فسروه بالمركب من الجواهر المفردة وعلى أنها متماثلة فهذا يبنى على صحة ذلك وعلى إثبات الجوهر المفرد وعلى أنه متماثل وجمهور العقلاء يخالفونهم في ذلك إلى أن قال ولهذا يقول هؤلاء أن الشيئين لا يشتبهان من وجه ويختلفان من وجه وأكثر العقلاء على خلاف ذلك # قوله فيفتقر هنا إلى بيان أنه يمتنع أن يكون مساويا لسائر المتحيزات في عموم المتحيزية ومخالفا لها في ماهيته المخصوصة فنقول الدليل على أن ذلك ممتنع هو أن بتقدير أن يكون مساويا لسائر المتحيزات في عموم المتحيزية
ومخالفا لها في الخصوصية كان ما به الاشتراك مغايرا لا محالة لما به الامتياز فحينئذ يكون عموم المتحيزية مغايرا لخصوص ذاته المخصوصة وحينئذ نقول إما أن يكون الذات هي المتحيزية ويكون المتحيزية صفة لتلك الذات وإما أن يقال المتحيزية صفة وتلك الخصوصية هي الذات أما القسم الأول فإنه يقتضي حصول المقصود لأنه إذا كان مجرد المتحيزية هو الذات وثبت أن مجرد المتحيزية أمر مشترك فيه بينه وبين سائر المتحيزات فحينئذ يحصل منه أن بتقدير أن يكون تعالى متحيزا كانت ذاته مماثلة لذوات سائر المتحيزات وليس المطلوب إلا ذلك وأما القسم الثاني وهو أن يقال الذات هي تلك الخصوصية والصفة هي المتحيزية فنقول هذا محال وذلك لأن تلك الخصوصية من حيث انها هي هي مع قطع النظر عن المتحيزية إما أن يكون لها اختصاص بالحيز وإما أن لا يكون كذلك والأول محال لأن كل ما كان حاصلا في حيز وجهة على سبيل الاستقلال كان متحيزا فلو كانت تلك الخصوصية التي فرضناها خالية عن التحيز حاصلة في الحيز لكان الخالي عن التحيز متحيزا وذلك محال وأما القسم الثاني وهو أن يقال إن تلك الخصوصية غير مختصة بشيء من الأحياز والجهات فنقول أنه يمتنع أن تكون المتحيزية صفة قائمة بها لأن تلك الخصوصية غير مختصة بشيء من الأحياز والجهات والمتحيزية أمر لا يعقل إلا أن يكون حاصلا في الجهات والشيء الذي يجب أن يكون حاصلا في الجهات يمتنع أن يكون حاصلا في الشيء الذي يمتنع حصوله في الجهة وإذا لم تكن المتحيزية صفة للشيء كان نفس الذات وحينئذ يلزم أن يكون الأشياء المتساوية في المتحيزية متساوية في تمام الذات فثبت بما ذكرنا أن المتحيزات يجب أن تكون كلها متساوية في تمام الماهية وهذا برهان قاطع في تقرير هذه المقدمة
# قد قدمنا أن هذا المشترك وهو المقدار صفة المقدر قائم به لا نفس المقدار وحقيقته قال تعالى ^ وكل شيء عنده بمقدار ^ وقال ^ قد جعل الله لكل شيء قدرا ^ فجعل المقدار القدر للأشياء لم يجعل ذلك أعيان الأشياء أو ذواتها كما قال تعالى ^ وما ننزله إلا بقدر معلوم ^ وبينا أن كل واحد من المشترك والمميز يجوز أن يكونا سواءا بالنسبة إلى الذات الموصوفة بهما فليس جعل أحدهما ذاتا والآخر صفة بأولى من العكس وبينا أنه وإن قيل أنه الذات فليس هو تمام الحقيقة بل الحقيقة موافقة لما به الاشتراك و ما به الامتياز فالمتحيز وإن كان جنسا كما قيل في الجوهر بالجنس لا يجب أن يكون مماثل الأنواع فإن التماثل يحتاج إلى الاشتراك في جميع الصفات الذاتية وهو قد سلم أن المتحيزات مختلفة في الصفات فيجوز أن يكون كل جسم وإن كان التقدير ذاته فله صفات ذاتية مختصة به كما يقول من يقول من المتكلمين المنطقيين وغيرهم إن الجوهر جنس وتحته أنواع إضافية وتحت كل نوع أنواع إلى النوع الشامل الخاص الذي تتفق أفراده في تمام الماهية الحقيقية # قال الرازي وإنما قلنا إنه يمتنع أن يكون ذات الله تعالى مساوية لذوات الأجسام في تمام الماهية لوجوه الأول أن من حكم المتماثلين الاستواء في جميع اللوازم فيلزم من قدم ذات الله تعالى قدم سائر الأجسام أو من حدوث سائر الأجسام حدوث ذات الله تعالى وذلك محال الثاني أن المثلين يجب استواؤهما في جميع اللوازم فكما صح على سائر الأجسام خلوها عن صفة العلم والقدرة والحياة وجب أن يصح على ذاته الخلو عن هذه الصفات فحينئذ يكون اتصاف ذاته بحياته وعلمه وقدرته من الجائزات وإذا كان الأمر كذلك امتنع
كون تلك الذات موصوفا بالحياة والعلم والقدرة إلا بإيجاد موجد وتخصيص مخصص وذلك يقتضي احتياجه إلى الإله فحينئذ كل ما كان محتاجا إلى الإله وهذا يقتضي أن الإله يمتنع أن يكون جسما # فإن قيل إن الشيء إذا شابه غيره من وجه جاز عليه من ذلك الوجه أو وجب له ما وجب له وامتنع عليه ما امتنع عليه قيل هب أن الأمر كذلك ولكن إذا كان ذلك القدر المشترك لا يستلزم إثبات ما يمتنع عن الرب سبحانه ولا نفي ما يستحقه لم يكن ممتنعا كما إذا قيل إنه موجود حي عليم سميع بصير وقد سمى بعض عباده حيا سميعا بصيرا قيل لازم هذا القدر المشترك ليس ممتنعا على الرب تعالى فإن ذلك لا يقتضي حدوثا ولا إمكانا ولا نقصا ولا شيئا مما ينافي صفات الربوبية وذلك أن القدر المشترك هو مسمى الوجود أو الموجود أو الحياة أو الحي أو العلم أو العليم أو السمع أو البصر أو السميع أو البصير أو القدرة أو القدير والقدر المشترك مطلق كلي لا يختص بأحدهما دون الآخر فلم يقع بينهما اشتراك لا فيما يختص بالممكن المحدث ولا فيما يختص بالواجب القديم فإنما يختص به أحدهما يمتنع اشتراكهما فيه فإذا كان القدر المشترك الذي اشتركا فيه صفة كمال كالوجود والحياة والعلم والقدرة ولم يكن في ذلك شيء مما يدل على خصائص المخلوقين كما لا يدل على شيء من خصائص الخالق لم يكن في إثبات هذا محذور أصلا بل إثبات هذا من لوازم الوجود فكل موجودين لا بد بينهما من مثل هذا ومن نفى هذا لزمه تعطيل وجود كل موجود ولهذا لما اطلع الأئمة على أن هذا حقيقة قول الجهمية سموهم معطلة
|
|
|
|