03 Apr 2010, 03:14 AM
|
#11
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
# وقد جاء حيث رواه ابن أبي حاتم قال حدثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى ^ لا تدركه الأبصار ^ قال لو أن الجن والإنس والشياطين والملائكة منذ خلقوا إلى أن فنوا صفوا صفا واحدا ما أحاطوا بالله أبدا وهذا له شواهد مثل ما في الصحاح في تفسير قوله تعالى ^ والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه ^ قال ابن عباس ما السموات السبع والأرضون السبع ومن فيهن في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم # ومما يبين ذلك أن الله تعالى ذكر هذه الآية يمدح بها نفسه سبحانه وتعالى ومعلوم أن كون الشيء لا يرى ليس صفة مدح لأن النفي المحض لا يكون مدحا إن لم يتضمن أمرا ثبوتيا لأن المعدوم أيضا لا يرى والمعدوم لا يمدح فعلم أن مجرد نفي الرؤية لا مدح فيه وإن كان المنفي هو الإدراك فهو سبحانه لا يحاط به رؤية كما لا يحاط به علما ولا يلزم من نفي إحاطة العلم والرؤية نفي الرؤية بل يكون ذلك دليلا على أنه يرى ولا يحاط به فإن تخصيص الإحاطة يقتضي أن مطلق الرؤية ليس بمنفي وهذا الجواب قول أكثرالعلماء من السلف وغيرهم وقد روي معناه عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره فلا تحتاج الآية إلى تخصيص ولا خروج عن ظاهر الآية فلا نحتاج أن نقول لا نراه في الدنيا أو نقول
^ لاتدركه الأبصار ^ بل المبصرون أو لا تدركه كلها بل بعضها ونحو ذلك من الإقوال التي فيها تكلف # قال أبو عبد الله الرازي الحجة التاسعة قوله تعالى ^ وإذا سألك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ^ وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه فأنزل الله تعالى هذه الآية ولو كان الله تعالى في السماء أو في العرش لما صح القول بأنه تعالى قريب من عباده # قال الشيخ رحمه الله فصل في الجمع بين علو الرب عز وجل وبين قربه من داعيه وعابديه فنقول قد وصف الله نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله بالعلو والاستواء على العرش والفوقية في كتابه في آيات كثيرة حتى قال بعض كبار أصحاب الشافعي في القرآن ألف دليل أو أزيد تدل على أن الله عال على الخلق وأنه فوق عباده وقال غيره فيه ثلاثمائة دليل تدل على ذلك مثل قوله ^ إن الذين عند ربك ^ ^ وله من في السموات والأرض ومن عنده ^ فلو كان المراد بأن معنى عنده في قدرته كما يقول الجهمية لكان الخلق كلهم في قدرته ومشيئته لم يكن فرق بين من في السموات ومن في الأرض ومن عنده كما أن الاستواء لو كان المراد به الإستيلاء لكان مستويا على جميع المخلوقات ولكان مستويا على العرش قبل أن يخلقه دائما # وقد افترق الناس في هذا المقام أربع فرق فالجهمية النفاة الذين يقولون ليس داخل العالم ولا خارج العالم ولا فوق ولا تحت لا يقولون بعلوه ولا بفوقيته
بل الجميع عندهم متأول أو مفوض وجميع أهل البدع قد يتمسكون بنصوص كالخوارج والشيعة والقدرية والرافضة والمرجئة وغيرهم إلا الجهمية فإنهم ليس معهم عن الأنبياء كلمة واحدة توافق ما يقولونه من النفي وقسم ثان يقولون إنه بذاته في كل مكان كما يقوله النجارية وكثير من الجهمية عبادهم وصوفيتهم وعوامهم يقولون إنه عين وجود المخلوقات كما يقوله أهل الوحدة القائلون بأن الوجود واحد ومن يكون قوله مركبا من الحلول والاتحاد وجميع ما يحتجون به حجة عليهم فإن المعية أكثرها خاصة بأنبيائه وأوليائه وعندهم أنه في كل مكان والقسم الثالث من يقول أنه فوق العرش وهو في كل مكان ويقول أنا أقر بهذه النصوص وهذه لا أصرف واحدا فيها عن ظاهره وهذا قول طوائف ذكرهم الأشعري في المقالات الإسلامية وهو موجود في كلام طائفة من السالمية والصوفية لكنه غلط أيضا وأما القسم الرابع فهم سلف الأمة وأئمتها أئمة العلم والدين من شيوخ العلم والعبادة فانهم أثبتوا أن الله تعالى فوق سمواته وأنه على عرشه بائن من خلقه وهم منه بائنون وهو أيضا مع العباد عموما بعلمه ومع انبيائه وأوليائه بالنصر والتأييد والكفاية وهو أيضا قريب مجيب # ولهذا لما ذكر الله سبحانه قربه من داعيه وعابديه قال ^ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ^ فهنا هو نفسه سبحانه وتعالى القريب الذي يجيب دعوة الداعي لا الملائكة وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته أنكم لا تدعون أصم ولا غائبا وإنما تدعون سميعا قريبا إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته وأما قرب الرب قربا يقوم به بفعله القائم بنفسه فهذا تنفيه الكلابية ومن يمنع قيام الأفعال الاختيارية بذاته
وأما السلف وأئمة الحديث والسنة فلا يمنعون ذلك وكذلك كثير من أهل الكلام # قال أبو عبد الله الرازي الحجة العاشرة لو كان تعالى في جهة فوق لكان سماء ولو كان سماء لكان مخلوقا لنفسه وذلك محال فكونه في جهة فوق محال وإنما قلنا أنه تعالى لو كان في جهة فوق لكان سماء لوجهين الأول أن السماء مشتق من السمو وكل شيء سماك فهو سماء فهذا هو الاشتقاق الأصلي اللغوي وعرف القرآن أيضا متقرر عليه بدليل أنهم ذكروا في تفسير قوله تعالى ^ وننزل من السماء من جبال فيها من برد ^ أنه السحاب قالوا وتسمية السحاب بالسماء جائز لأنه حصل فيها معنى السمو وذكروا أيضا في تفسير قوله تعالى ^ وأنزلنا من السماء ماء طهورا ^ أنه من السحاب فثبت أن الاشتقاق اللغوي والعرف القرآني متطابقان على تسمية كل ما كان موصوفا بالسمو والعلو سماء الثاني أنه تعالى لو كان فوق العرش لكان من جلس في العرش ونظر إلى فوق لم ير إلا نهاية ذات الله تعالى فكانت نسبة نهاية السطح الأخير من ذات الله تعالى إلى سكان العرش كنسبة السطح الأخير من السموات إلى سكان الأرض وذلك يقتضي القطع بأنه لو كان فوق العرش لكان ذاته كالسماء لسكان العرش فثبت أنه تعالى لو كان مختصا بجهة فوق لكان ذاته سماء # وإنما قلنا أنه لو كان ذاته مخلوقا لقوله تعالى ^ تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى ^ ولفظة السموات لفظة جمع مقرونة بالألف
واللام وهذا يقتضي كون كل السموات مخلوقة لله تعالى وكذلك قوله تعالى ^ أن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ^ يدل على ما ذكرناه فثبت أنه تعالى لو كان مختصا بجهة فوق لكان سماء ولو كان سماء لكان مخلوقا لنفسه وهذا محال فوجب أن لا يكون مختصا بجهة فوق # فإن قيل لفظ السماء مختص في العرف بهذه الأجرام المستديرة وأيضا فهب إن هذا اللفظ في أصل الوضع يتناول ذات الله تعالى إلا أن تخصيص العموم جائز قلنا أما الجواب عن الأول فهو أن هذا الفرق ممنوع وكيف لا نقول ذلك وقد دللنا على أن بتقدير أن يكون الله تعالى مختصا بجهة فوق فإن نسبة ذاته تعالى إلى سكان العرش كنسبة السماء إلى سكان الأرض فوجب القطع بأنه لو كان مختصا بجهة فوق لكان سماء وأما الجواب عن الثاني فهو أن تخصيص العموم إنما يصار إليه عند الضرورة فلو قام دليل قاطع عقلي على كونه تعالى مختصا بجهة فوق لزمنا المصير إلى التخصيص أما ما لم يقم شيء من الدلائل على ذلك بل قامت القواطع العقلية على امتناع كونه تعالى في الجهة فلم يكن بنا إلى التزام هذا التخصيص ضرورة فسقط هذا الكلام # قال الشيخ في قوله ^ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ^ من توهم أن مقتضى هذه الآية أن يكون الله في داخل السموات فهو جاهل ضال بالاتفاق وإن كنا إذا قلنا أن الشمس والقمر في السماء يقتضي ذلك فإن حرف في متعلق بما قبله وبما بعده فهو بحسب المضاف إليه ولهذا يفرق بين كون الشيء في المكان وكون الجسم في الحيز وكون العرض في الجسم وكون الوجه في المرآة وكون الكلام في الورق فإن لكل نوع من هذه الأنواع خاصة يتميز
بها عن غيره وإن كان حرف في مستعملا في ذلك فلو قال قائل العرش في السماء أو في الأرض لقيل في السماء ولو قيل الجنة في السماء أم في الأرض لقيل الجنة في السماء ولا يلزم من ذلك أن يكون العرش داخل السموات بل ولا الجنة فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فأنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفها عرش الرحمن فهذه الجنة سقفها الذي هو العرش فوق الأفلاك مع أن الجنة في السماء يراد به العلو سواء كان فوق الأفلاك أو تحتها قال تعالى ^ فليمدد بسبب إلى السماء ^ وقال تعالى ^ وأنزلنا من السماء ماء طهورا ^ # ولما كان قد استقر في نفوس المخاطبين أن الله هو العلي الأعلى وأنه فوق كل شيء كان المفهوم من قوله أنه في السماء أنه في العلو وأنه فوق كل شيء وكذلك الجارية لما قال لها أين الله قالت في السماء إنما أرادت العلو مع عدم تخصيصه بالأجسام المخلوقة وحلوله فيها وإذا قيل العلو فإنه يتناول ما فوق المخلوقات كلها فما فوقها كلها هو في السماء ولا يقتضي هذا أن يكون هناك ظرف وجودي يحيط به إذ ليس فوق العالم شيء موجود إلا الله كما لو قيل العرش في السماء فإنه خلا يقتضي أن يكون العرش في شيء آخر موجود مخلوق وإن قدر أن السماء المراد بها الأفلاك كان المراد أنه عليها كما قال ^ ولأصلبنكم في جذوع النخل ^ وكما قال ^ فسيروا في الأرض ^ وكما قال فسيحوا في الأرض ^ ويقال فلان في الجبل وفي السطح وأن كان على أعلى شيء فيه # ثم من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب إن نقله عن غيره وضال أن اعتقده في ربه وما سمعنا أحدا يفهمه من اللفظ
ولا رأينا أحدا نقله عن واحد ولو سئل سائر المسلمين هل يفهمون من قوله سبحانه ورسوله أن الله في السماء إن السماء تحويه لبادر كل أحد منهم إلى أن يقول هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا وإذا كان الأمر هكذا فمن التكلف أن يجعل ظاهر اللفظ شيئا محالا لا يفهمه الناس منه ثم يريد أن يتأوله بل عند المسلمين أن الله في اسماء و هو على العرش واحد إذ السماء إنما يراد به العلو فالمعنى أن الله في العلو لا في السفل وقد علم المسلمون أن كرسيه سبحانه وتعالى وسع السموات والأرض وإن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة وإن العرش خلق من مخلوقات الله لا نسبة له إلى قدرة الله وعظمته فكيف يتوهم بعد هذا أن خلقا يحصره ويحويه # وما في الكتاب والسنة من قوله ^ أأنتم من في السماء ^ ونحو ذلك قد يفهم منه بعضهم أن السماء هي نفس المخلوق العالي العرش فما دونه فيقولون قوله ^ في السماء ^ بمعنى على السماء كما قال ^ ولأصلبنكم في جذع النخل ^ أي على جذوع النخل وكما قال ^ فسيروا في الأرض ^ أي على الأرض ولا حاجة إلى هذا بل السماء اسم جنس للعالي لا يخص شيئا فقوله في السماء أي في العلو دون السفل وهو العلي الأعلى فله أعلى العلو وهو ما فوق العرش وليس هناك غيره العلي الأعلى سبحانه وتعالى # وقد قدمنا فيما مضى أن لفظ الجهة يراد به أمر موجود وأمر معدوم فمن قال أنه فوق العالم كله لم يقل أنه في جهة موجودة إلا أن يراد بالجهة العرش ويراد بكونه فيها أنه عليها كما قيل في قوله أنه في السماء أي على السماء وعلى هذا التقدير فإذا كان فوق الموجودات كلها وهو غني عنها لم يكن
عنده جهة وجودية يكون فيها فضلا عن أن يحتاج إليها وإن أريد بالجهة ما فوق العالم فذاك ليس بشيء ولا هو أمر وجودي حتى يقال أنه محتاج إليه أو غير محتاج إليه # ومن عرف نهايات أقدام المتفلسفة والمتكلمين في هذا الباب عرف أن غالب ما يزعمونه برهانا هو شبهة ورأى إن غالب ما يعتمدونه يؤول إلى دعوى لا حقيقة لها أو شبهة مركبة من قياس فاسد أو قضية كلية لا تقع إلا جزئية أو دعوى إجماع لا حقيقة له أو التمسك في المذهب والدليل بالألفاظ المشتركة ثم أن ذلك إذا ركب بالفاظ كثيرة طويلة غريبة عمن لم يعرف اصطلاحهم أوهمت الغر ما يوهمه السراب للعطشان # قال أبو عبد الله الرازي الحجة الحادية عشرة قوله تعالى ^ قل لمن ما في السموات والأرض قل لله ^ وهذا مشعر بأن المكان وكل ما فيه ملك لله تعالى وقوله ^ وله ما سكن في الليل والنهار ^ وذلك يدل على أن الزمان وكل ما فيه ملك لله تعالى ومجموع الآيتين يدلان على أن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات كلها ملك لله تعالى وذلك يدل على تنزيهه عن المكان والزمان وهذا الوجه ذكره أبو مسلم الاصفهاني رحمه الله تعالى في تفسيره وأعلم أن في تقديم ذكر المكان على ذكر الزمان سرا شريفا وحكمة عالية
# قال الشيخ رحمه الله الزمان قد يراد به الليل والنهار كما يراد بالمكان السموات والأرض وهذا هو الذي يعنيه طوائف منهم الرازي في كتابه هذا # والمكان المشهور المعروف هو الأعيان المشهودة وما يقوم بها سواء قيل أن المكان هو نفس الأجسام التي يكون الشيء عليها أو فيها أو قيل إن المكان هو السطح الباطن من الجسم الحاوي الملاصق للسطح الظاهر للجسم المحوي وأما الزمان المعروف فأنه تابع للجسم سواء قيل أنه تقدير الحركة أو مقارنة حادث لحادث أو مرور الليل والنهار قال الله تعالى في كتابه ^ الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ^ وقال ^ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار ^ لا نزاع بين أهل الملل أن الله سبحانه كان قبل أن يخلق هذه الأمكنة والأزمنة وأن وجوده لا يجب أن يقارن وجود هذه الأمكنة والأزمنة كما تقدم بيان ذلك # ولا ريب أن كل تقدم يوصف به المخلوق على غيره فالباري يوصف به وزيادة أخرى وهذا من باب قياس الأولى فإن التقدم على الغير من صفات الكمال كالعلو وكل علو يثبت للمخلوق فهو به أحق وكل تقدم يثبت للمخلوق فهو به أحق فإذا كان الأولون متقدمين على الآخرين تقدما معلوما بمقارنة ذلك الزمان فالرب أيضا متقدم على هؤلاء تقدما معلوما بمقارنة ذلك الزمان فهو موجود مع طلوع الشمس وغروبها كما أن غيره موجود مع ذلك ووجوده أكمل فمقارنته له أكمل وليس في ذلك ما يقتضي أنه محتاج إلى الزمان بل بينا أن مقارنة المخلوق للزمان لا توجب حاجة المخلوق إليه
فالخالق أولى أن يكون محتاجا إلى الزمان إذا كان الزمان قد قارن وجوده حين وجود الزمان # يبين هذا أن المقارنة يدل عليها لفظ مع فيكون الله مع خلقه عموما أو خصوصا مما أجمع عليه المسلمون ودل عليه القرآن في غير موضع فهو مع كل شيء معية عامة وخاصة فلماذا يمتنع أن يكون مع الزمان والمكان على الوجه الذي يليق به وذلك أمر واجب لا محالة # ولا نزاع بين من يقول بحدوث العالم أو بقدمه ووجوبه عنه في أن العالم مفتقر إليه محتاج إليه وأنه متقدم عليه بالمرتبة والعلية والذات # ومن يقول أنه في كل مكان أو يقول إنه مقارن للوجود فكلا القولين في الحقيقة يوجب افتقاره إلى المخلوقات ويمنع أن يكون واجب الوجود وإن أصحاب هذه الأقوال وإن قالوا مع ذلك هو مباين للعالم وفوقه أو قالوا هو قبل العالم ومتقدم عليه فلا حقيقة لكلامهم وقولهم صريح في معنى ذلك والتكذيب به ومن قال منهم ليس بداخل العالم ولا بخارجه فهو كمن قال لا قبل العالم ولا معه وكل من هؤلاء ينازع في أنه إله العالم المعبود لا يثبتون حقيقة ربوبيته ولا حقيقة إلهيته بل هم مشركون به وجاحدون ومعطلون وإن كان جهمية المتفلسفة أشد إشراكا وجحودا من جهمية المتكلمين # وقال في سياق حديث الجارية المعروف أين الله قالت في السماء ليس معنى ذلك أن الله في جوف السماء وقد قال مالك بن أنس إن الله فوق
السماء وعلمه في كل مكان إلى أن قال فمن أعتقد أن الله في جوف السماء محصور محاط به وإنه مفتقر إلى العرش أو غير العرش من المخلوقات أو أن استواءه على عرشه كاستواء المخلوق على كرسيه فهو ضال مبتدع جاهل ومن اعتقد أنه ليس فوق السموات إله يعبد ولا على العرش رب يصلى له ويسجد وأن محمدا لم يعرج به إلى ربه ولا نزل القرآن من عنده فهو معطل فرعوني ضال مبتدع # وهؤلاء قد يقولون كان ولا مكان ولا زمان وهو الآن على ما عليه كان وهذه الزيادة الالحادية وهو قولهم وهو الآن على ما عليه كان قصد بها المتكلمة المتجهمة نفي الصفات التي وصف بها نفسه من استوائه على العرش ونزوله إلى السماء الدنيا وغير ذلك فقالوا كان في الأزل ليس مستويا على العرش وهو الآن على ما عليه كان فلا يكون على العرش لما يقتضي ذلك من التحول والتغير # وقول الرازي واعلم إن في تقديم ذكر الزمان سرا شريفا وحكمة عالية يشير إلى أنه سببه فإن الزمان يفتقر إلى الحركة والحركة هي سبب الزمان وإن كانت مقارنة له # قال أبو عبد الله الرازي الحجة الثانية عشرة قوله تعالى ^ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ^ ولو كان الخالق في العرش لكان حامل العرش حاملا لمن في العرش فيلزم احتياج الخالق إلى المخلوق ويقرب منه قوله تعالى ^ الذين يحملون العرش ^
|
|
|
|