03 Apr 2010, 03:05 AM
|
#45
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
فهذا أول الجهمية نفاة الصفات في هذه الأمة هو مكذب حقيقة ما خص الله به إمام الحنفاء المخلصين الذين يعبدون الله لا يشركون به شيئا وكليم الله الذي اصطفاه برسالاته وبكلامه والله تعالى يفضل هذين الرسولين ويخصهما في مثل قوله تعالى ^ إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ^ وقوله ^ أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ^ وهما اللذان رآهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج فوق الأنبياء كلهم في السماء السادسة والسابعة فرأى أحدهما في السادسة ورأى الآخر في السابعة وقد جاءت الأحاديث التي في الصحيح بعلو هذا وعلو هذا # فإذا كان سلف الجهمية ومخاطبي الكواكب هم من أعظم المشركين المعادين لرسل الله تعالى الآمرين بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له كيف يصلح لهم أن يعيبوا أهل الأيمان بالله ورسوله الذين يقرون بتوحيد الله وعبادته وحده لا شريك له يقرون بتوحيد الله العلمي القولي كالتوحيد الذي ذكره في سورة ^ قل هو الله أحد ^ ^ الله الصمد ^ ^ لم يلد ولم يولد ^ ^ قل يا أيها الكافرون ^ ^ لا أعبد ما تعبدون ^ ^ ولا أنتم عابدون ما أعبد ^ ^ ولا أنا عابد ما عبدتم ^ ولا أنتم عابدون ما أعبد ^ ^ لكم دينكم ولي دين ^ كيف يصلح لأولئك الذين أشركوا وأتموا بالمشركين في نقيض التوحيد من هذين الوجهين فأمروا بعبادة غير الله ودعائه ورغبوا في ذلك وعظموا قدره وجهلوا من ينكر ذلك وينهى عنه وأنكروا من أسماء الله تعالى وصفاته وحقيقة عبادته ما لا يتم الأيمان والتوحيد إلا به كيف يصلح لهؤلاء أن يعيبوا أولئك باتباع المشركين ويجعلوا موافقيهم على هذا الكفر أعظم قدرا من أولئك المؤمنين الدين ليس لهم نصيب من قوله ^ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت الى قوله نصيرا ^ فإن سبب نزول هذه الآية ما فعله كعب بن الأشرف رئيس اليهود من تقديمه لدين المشركين على دين
المؤمنين لما كان بينه وبين المؤمنين من العداوة فمن آمن بالجبت وهو السحر والطاغوت وهو ما عظم بالباطل من دون الله تعالى مثل رؤساء المشركين وله من علوم المسلمين ما له ففيه شبه من ^ الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ^ الذين ^ يؤمنون بالجبت والطاغوت ^ وإذا كان هؤلاء يتعصبون لأولئك المشركين وينصرونهم ويذمون المؤمنين ويعيبونهم ألم يكن لهم نصيب من قوله تعالى ^ ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ^ فيكون لهم نصيب من قوله تعالى ^ أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا ^ وتمام الكلام في قوله تعالى ^ ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ^ وهذه الآية مطابقة لحال هؤلاء كما بيناه في غير موضع # الوجه الثاني أن الاستدلال في توحيد الله تعالى الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه بمثل كلام أبي معشر المنجم ونقله عن الأمم المتقدمة يليق بمثل الرازي وذويه أترى أبا معشر لو كان من علماء أهل الكتاب المسلمين كمن أسلم من الصحابة والتابعين ونقل لنا شيئا عن الأنبياء المتقدمين أكان يجوز لنا في الشريعة تصديق ذلك الخبر إذ لم نعلم صدقه من جهة أخرى إذا كان الناقل لنا إنما أخبره عن أهل الكتاب وفي الصحيح عن نبينا صلى الله عليه وسلم
أنه قال إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه وأما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه فكيف وأبو معشر الناقل لذلك وإنما خبرة الرجل بكلام الصائبة المشركين عباد الكواكب ونحوهم وهم من أقل الناس خبرة ومعرفة بالتوحيد الذي بعث الله به رسله وبحال أهله المؤمنين مع الكفار المشركين # الوجه الثالث إن هذه الحكاية تقتضي أن الناس كانوا قبل ابتداع الشرك على المذهب الذي سماه مذهب المشبهة وأنهم كانوا حينئذ يعتقدون أن إله العالم نور عظيم فلما اعتقدوا ذلك اتخذوا وثنا كما ذكره فيكون هذا الاعتقاد وهو مذهب القوم في الدهر الأقدم قبل عبادة الأوثان ثم إنه بسبب هذا الاعتقاد استحسنوا عبادة الأوثان ومعلوم أن الناس كانوا قبل الشرك على دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها وهي دين الإسلام العام الذي لا يقبل الله من أحد غيره كما قال تعالى ^ وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم ^ وقال تعالى ^ كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ^ وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلها على الإسلام وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر في حديث الشفاعة عن نوح قول أهل الموقف له وأنت أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض وقد قال تعالى ^ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ^ ^ فإذا كان الله قد بعث في كل أمة رسولا يدعوها إلى عبادة الله وحده لا شريك له واجتناب الطاغوت ونوح أول من بعثه الله تعالى إلى أهل الأرض علم أنه لم يكن قبل قوم نوح
مشركون كما قال ابن عباس وإذا كان كذلك وأولئك على الإسلام ومذهبهم هو المذهب الذي سماه مذهب المشبهة ثبت بموجب هذه الحكاية أن هذا هو مذهب الأنبياء والمرسلين والمسلمين من كل أمة # الوجه الرابع إن في هذه الحكاية إنهم اشتغلوا بعبادة هذه الأوثان على اعتقاد انهم يعبدون الإله والملائكة وقد ذكر الله تعالى قول المشركين في كتابه الذين جعلوا معه إلها آخر فلم يذكر أنهم كانوا يعتقدون أنهم يعبدون الله إذا عبدوا الأوثان ولكن ذكر أنهم اتخذوا هذه الأوثان شفعاء وذكر أنهم قالوا إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ولكن في هؤلاء الجهمية الاتحادية من يقول إن عباد الأوثان ما عبدوا إلا الله تعالى وأن عابد الوثن هو العابد لله كما ذكرنا ذلك فيما تقدم عن صاحب الفصوص وذويه وهو من رؤساء هؤلاء الجهمية وأئمتهم # الوجه الخامس أن عبادة الأوثان إنما هي مشهورة ومعروفة عن نفاة الصفات من الفلاسفة الصابئين سلف أبي معشر والرازي وذويهم مثل النمرود بن كنعان وقومه أعداء الخليل عليه الصلاة والسلام وأتباعه وأولياء رهط أبي معشر ومثل فرعون عدو موسى كليم الرحمن عز وجل وأتباعه وأولياء الجهمية نفاة الصفات ومن يدخل فيهم من الاتحادية والقرامطة وكما صرح بعضهم بموالاته فرعون وتعظيمه كما فعل صاحب البلاغ الأكبر والناموس الأعظم
الذي صنفه للقرمطة وكما فعله صاحب الفصوص وذويه ومن لم يصرح بموالاة فرعون ولم يعتقد موالاته فإنه موافق له فيما كذب فيه موسى حيث قال يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فاطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا قال خلائق من العلماء وممن قال ذلك أبو الحسن الأشعري إمام طائفة الرازي قال فرعون كذب موسى في قوله إن الله فوق السموات وهؤلاء النفاة يوافقون فرعون في هذا التكذيب لموسى # الوجه السابع إن القول الذي يسمونه مذهب المشبهة بل التشبيه الصريح لا يوجد إلا في أهل الكتب الالهية كاليهود والمسلمين كما ذكر الرازي ذلك عن مشبهة اليهود ومشبهة المسلمين ومن ليس له كتاب فلا يعرف عنه شئ من التشبيه الذي يعير أهله بأنه تشبيه أو الذي يقول منازعوهم إنه تشبيه ومن المعلوم أن أصل الشرك لم يكن من أهل الكتب وإنما كان من غيرهم فإن الله لم يبعث رسولا ولم ينزل كتابا إلا بالتوحيد كما قال تعالى ^ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ^ وقال تعالى ^ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فأعبدون ^ وقال تعالى ^ وأسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ^ وقال تعالى ^ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتني إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب ^ وقال تعالى ^ أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ^ وقال
^ ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعلمون عليم وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأتقون ^ # ولم يحدث في أهل الكتب وأتباع الرسل من العرب وبني إسرائيل وغيرهم شرك إلا مأخوذ من غير أهل الكتاب كما ابتدع عمرو بن لحي بن قميثة سيد خزاعة الشرك في العرب الذين كانوا على ملة إبراهيم إمام الحنفاء ابتدعه لهم بأوثان نقلها من الشام من البلقاء التي كانت إذ ذاك دار الصابئة المشركين سلف أبي معشر وذويه وكذلك بنو إسرائيل عبد منهم الأوثان كما ذكر الله ذلك في كتابه تعالى وتقدس وإنما حدث فيهم هذا من جيرانهم الصابئة المشركين سلف أبي معشر وذويه فإذا كان أصل المذهب الذي سموه مذهب التشبيه لا يعرف إلا عن من هو من أهل كتاب منزل من السماء وأهل الكتب لم يكونوا هم نواهم الذين ابتدعوا الشرك أولا علم أن الشرك لم يبتدعه أولا القوم الذين سماهم أهل التشبيه # الوجه الثامن أنه إذا كان الإشراك متضمنا لما سماه تشبيها فمن المعلوم أن المرسلين كلهم ليس فيهم من تكلم بنقيض هذا المذهب ولا نهى الناس عن هذا الذي سماه تشبيها فليس في القرآن عن محمد صلى الله عليه وسلم ولا عن المرسلين المتقدمين ولا في التوراة والأنجيل وغيرهما من الكتب ولا في الأحاديث المأثورة عن أحد من المرسلين أنهم نهوا المشركين أو غيرهم أن يقولوا إن الله تعالى فوق السموات أو فوق العرش أو فوق العالم أو أن يصفوه بالصفات الخبرية التي يسميها هؤلاء تشبيها بل ولا عنهم حرف واحد بأن الله ليس
بداخل العالم ولا خارجه ولا يشار إليه ولا ليس بجسم ولا جوهر ولا متحيز ولا نحو ذلك فإن كان الشرك متضمنا لما سموه تشبيها والرسل لم تنه عما سموه تشبها ولا ذموه ولا أنكروه ولا تكلموا بما هو عند هؤلاء توحيد وتنزيه ينافي هذا التشبيه عندهم أصلا ثبت أن المرسلين صلوات الله عليهم وسلامه كلهم كانوا مقررين لهذا الذي سموه تشبيها وذلك يقتضي أنه حق فهذا النقل الذي نقله أبو معشر واحتج به الرازي إن كان حقا فهو من أعظم الحجج على صحة مذهب خصومهم الذين سموهم مشبهة وإن لم يكن حقا فهو كذب فهم إما كاذبون مفترون وأما مخصومون مغلوبون كاذبون مفترون في نفس المذهب الذي انتصروا عليه # الوجه التاسع أن الشرك كان فاشيا في العرب ولم يعلم أحد منهم كان يعتقد أن الوثن على صورة الله وقبلهم كان في أمم كثيرة وله أسباب معروفة مثل جعل الأوثان صورا لمن يعظمونه من الأنبياء والصالحين وطلاسم لما يعبدونه من الملائكة والنجوم ونحو ذلك ولم يعرف عن أحد من هؤلاء المشركين أنه اعتقد أن هذا الوثن صورة الله والشرك في أيام الاسلام ما زال بأرض الهند والترك فاشيا والهند فلاسفة وهم من أعظم سلف أبي معشر ومع هذا فليس في الهند والترك من يقول هذا فعلم أن هذا أول مفترى # الوجه العاشر لو كان هذا من أسباب الشرك فمن المعلوم أن غيره من أسباب الشرك أعظم وأكثر وأن الشرك في غير هؤلاء الذي سماهم مشبهة أكثر فإن كان الشرك في بعض مثبتة هذه الصفات عيبا فالشرك في غيرهم أكثر وأكثر كان الطعن والعيب على نفاة الصفات بما يوجد فيهم من الشرك أعظم وأكبر
# الوجه الحادي عشر قوله فثبت أن دين عبادة الأصنام كالفرع على مذهب الشبهة كلام مجمل فإن من الفرع ما يكون لازما لأصله فإذا كان الأصل مستلزما لوجود الفرع الفاسد كان فساد الفرع وعدمه دليلا على فساد الأصل وعدمه ومن الفروع ما يكون مستلزما للأصل لا يكون لازما له وهو الغالب فلا يلزم من فساده وعدمه فساد الأصل وعدمه ولكن يلزم من فساده وعدمه فساد هذا الفرع وعدمه # فالأول كما قال تعالى ^ ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة كيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار ^ فالكلمتان كلمة الأيمان واعتقاد التوحيد وكلمة الكفر واعتقاد الشرك فلا ريب أن الاعتقادات توجب الأعمال بحسبها فإذا كان الاعتقاد فاسدا أورث عملا فاسدا ففساد العمل وهو الفرع يدل على فساد أصله وهو الاعتقاد كذلك الأعمال المحرمة التي تورث مفاسد كشرب الخمر الذي يصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة ويوقع العداوة والبغضاء فهذه المفاسد الناشئة من هذا العمل هي فرع لازم للأصل ففسادها يدل على فساد الأصل وهكذا كل أصل فهو علة لفرعه وموجب له # وأما القسم الثاني فالأصل الذي شرطا لا يكون علة كالحياة المصححة للحركات والإدراكات وأصول الفقه التي هي العلم بأجناس أدلة الفقه وصفة الاستدلال ونحو ذلك فهذه الأصول لا تستلزم وجود الفروع وإذا كان الفرع فاسدا لم يوجب ذلك فساد أصله إذ قد يكون فساده من جهة أخرى غير جهة الأصل وذلك نظير تولد الحيوان بعضه من بعض فالوالدان
أصل للولد والله تعالى وتقدس يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي فالكافر يلد المؤمن والمؤمن يلد الكافر # وإذا كان كذلك فمن المعلوم أن اعتقاد ثبوت الصفات بل اعتقاد التشبيه المحض ليس موجبا لعبادة الأصنام ولا داعيا إليه وباعثا عليه أكثر ما في الباب أن يقال اعتقاد أن الله تعالى وتقدس مثل البشر يمكن معه أن يجعل الصنم على صورة الله بخلاف من لم يعتقد هذا الاعتقاد فإنه لا يجعل الصنم على صورة الله تعالى فيكون ذلك الاعتقاد شرطا في اتخاذ الصنم على هذا الوجه وهذا القدر إذا صح لم يوجب فساد ذلك الاعتقاد بالضرورة فإن كل باطل في العالم من الاعتقادات والإرادات وتوابعها هي مشروطة بأمور صحيحة واعتقادات صحيحة ولم يدل فساد هذه الفروع المشروطة على فساد تلك الأصول التي هي شرط لها فإن الإنسان لا يصدر منه عمل إلا بشرط كونه حيا قادرا شاعرا ولم يدل فساد ما يفعله من الاعتقادات والارادات على فساد هذه الصفات # والذين أشركوا بالله تعالى وتقدس وعبدوا معه إلها آخر كانوا يقولون إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ويقولون هم شفعاؤنا عند الله ويعتقدون أن الله يملكهم كما كانوا يقولون في تلبيتهم لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك وقد قال تعالى ^ ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما تملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم ^ وقد أخبر عنهم سبحانه وتعالى بقوله تعالى ^ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ^ وقال ^ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون قل من بيده ملكوت كل شئ
وهو يجير ولا يجار عليه أن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون ^ وقال تعالى ^ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ^ قال عكرمة يؤمنون أنه رب كل شئ وهم يشركون به # فإذا كانوا إنما أشركوا به لاعتقادهم أنه رب كل شئ وملكيه وأن هذه الشفعاء والشركاء ملكه وآمنوا بأنه رب كل شئ ثم اعتقدوا مع ذلك أن عبادة هذه الأوثان تنفعهم عنده فهل يكون ما ابتدعوه من الشرك الذي هو فرع مشروط بذلك الأصل قادحا في صحة ذلك الأيمان والإقرار الحق الذي قالوه # الوجه الثاني عشر إن الذين أشركوا بالله تعالى حقيقه من عباد الشمس والقمر والكواكب والملائكة والأنبياء والصالحين والذين اتخذوا أوثانا لهذه المعبودات إنما فعلوا ذلك لاعتقادهم وجود االشمس والقمر والكواكب والملائكة والأنبياء واعتقادهم ما تفعله من الخير تشبيها فهل يكون إشراكهم بها قادحا في وجودها وفي اعتقاد ما هي متصفة أم لا فإن كان كذلك فيلزم أبا معشر والرازي أن يقدحوا في العلوم الطبيعية والرياضية ويقدحوا في الملائكة والنبيين وإن لم يكن كذلك كان ما ذكره من الحجة باطلا # الوجه الثالث عشر قوله فثبت أن دين عبادة الأصنام كالفرع على مذهب المشبهة # يقال له الثبوت إنما يكون بذكر حجة عقلية أو سمعية وهب ما ذكره أبو معشر إنما هو خبر عن أمم متقدمين لم يذكرهم ولم يذكر إسناده في معرفة ذلك وليس أبو معشر من يحتج بنقله في الدين بإجماع أئمة الدين فإنه
إن لم يكن كافرا منافقا كان فاجرا فاسقا وقد قال الله تعالى وتقدس ^ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ^ فلو قدر أن هذا النقل نقله بعض أئمة التابعين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن هذا خبرا مرسلا لا يثبت به حكم في فرع من الفروع فكيف والناقل له مثل أبي معشر عن أمم متقدمة فهذا خبر في غاية الانقطاع ممن لا تقبل روايته فهل يحسن بذي عقل أو دين أن يثبت بهذا شيئا في أصول الدين # ومن العجب أن هذا الرجل المحاد لله ولرسوله عمد إلى الأخبار المتفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي توارثها عنه أئمة الدين وورثة الأنبياء والمرسلين واتفق على صحتها جميع العارفين فقدح فيها قدحا يشبه الزنادقة المنافقين ثم يحتج في أصول الدين بنقل أبي معشر أحد المؤمنين يالجبت والطاغوت أئمة الشرك والضلال نعوذ بالله من ششرورهم وأقوالهم والله المستعان على ما يصفون والله سبحانه وتعالى أعلم
فصل # قال الرازي الفصل الثاني في تقرير الدلائل السمعية على أنه تعالى منزه عن الجسمية والحيز والجهة # قلت لم يذكر في هذا الفصل حجة تدل على مطلوبه دلالة ظاهرة فضلا عن أن تكون نصا بل إما أن يكون ما ذكره عديم الدلالة على مطلوبه أو يكون على نقيض مطلوبه أدل منه على مطلوبه وذلك يتبين بذكر حججه
|
|
|
|