03 Apr 2010, 02:57 AM
|
#35
|
|
وسام الشرف
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
|
رقم باحث : 8176
|
|
تاريخ التسجيل : Jan 2010
|
|
أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
|
|
المشاركات :
1,109 [
+
] |
|
التقييم : 10
|
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
# يبين هذا أن الذي قاله أئمة أهل الكلام في الصفة يقال مثله في القدر قال الأستاذ أبو المعالي ذهب قدماء المعتزلة إلى أن حقيقة الإله قدمه وذلك أخص وصفة وقال بعضهم حقيقته وجوب وجوده وقال أبو هاشم أخص وصف الإله به حال هو عليها يوجب كونه حيا عالما قادرا قال فهذا قول جهم لا بيان له قال وأما أصحابنا فقال بعضهم حقيقته تقدسه عن مناسبة الحوادث في جهات الاتصالات وقال بعضهم حقيقته غناه وقال بعضهم حقيقته قيامه بنفسه بلا نهاية قال وهذه العبارات تشير إلى نفي الحاجة وقال الأستاذ يعني أبا إسحاق حقيقة الإله صفة تامة اقتضت له التنزه عن مناسبة الحدثان قال أبو المعالي وهذا أيضا فيه إيهام لأنه يلقى من صفة النفي إثبات قال وحكى القاضي أبو جعفر السمناني عن القاضي أبي بكر حقيقة الإله لا سبيل إلى إدراكها هذا الأوان قال وسنعود إلى هذا في كتاب الإدراكات قال وكان شيخنا أبو القاسم القشيري يقول هو الظاهر بآياته الباطن فلا سبيل إلى درك حقيقته وقال الأستاذ أبو المعالي لا شك في ثبوت وجوده سبحانه وتعالى فأما الموجود المرسل من غير اختصاص بصفة تميزه عن غيره فمحال لكن ليس يتطرق إليها العقول ولا هي علم هجمي ولا علم مبحوث عنه إنا لا نقول إن حقيقة الإله لا يصح العلم بها فإنه سبحانه وتعالى يعلم حقيقة نفسه وليس للمقدور الممكن من مزايا العقول عندنا موقف ينتهي إليه ولا يمتنع في قضية العقل مزية لو وجدت لاقتضت العلم بحقيقة الإله
# قلت المقصود هنا أنه بين امتناع أن يكون وجوده مرسلا وهو المطلق من غير اختصاص بصفة تميزه عن غيره وأنه يعلم تلك الحقيقة وجوز أن يعلمها العباد # وأما الذي أحال عليه في كتاب الإدراكات فإنه قال في باب الرؤية
فصل # قال ضرار بن عمرو إن الباري يستحيل أن يدرك بالحواس الخمس ولكن يجوز أن يخلق الله تعالى لأهل الثواب حاسة سادسة تخالف الحواس الخمس فيدركونه بها ثم قال هذا الرجل لله عز وجل مائية لا يعلمها في وقتنا إلا هو ثم تردد فقال مرة لا يصح أن يعلم مائية الرب تعالى في الدنيا والعقبى غيره وقال مرة بل يعلمها من يدرك الرب تعالى ويراه وهو سبحانه رأى نفسه عالم بمائيته ونحن إذا رأيناه علمنا مائيته قال القاضي أبو بكر الخلسة قد تطلق والمراد بها الإدراك يقال أحس فلان إذا أدركه وقد يراد بها الجارحة فإن أراد ضرار بالحاسة الجارحة والبينة المخالفة لبقية الحواس شاهدا فقد سبق الرد على من قال الإدراك مفتقر إلى بينة وإن زعم أن الإدراك هو الذي أثبته خارج من قبيل الإدراكات إلا أنه مخالف لها مخالفة متعلقه متعلق الإدراكات فهذا صحيح ولكنه أخطأ في تسميته سادسا وإن هو أومى فيما ذهب إليه إلى اختلاف الإدراكات فتخرج الإدراكات شاهدا عن الخمس والخمسين قال القاضي فلو قال قائل فما مذهب الرجل قلنا مذهبه إثبات الرؤية بشرط بينة سادسة وصرف الحاسة إلى البينة والتأليف دون الإدراك # قلت الحاسة يراد بها الإدراك ويراد بها القوة التي في العضو والسادس يجوز أن يراد به البينة والتأليف ويجوز أن يراد به القوة
ويجوز أن يراد به الإدراك أي يخلق جنسا من الرؤية مخالفا للجنس الموجود في الدنيا وهذا من جنس قول هؤلاء الذين يقولون يرى لا في جهة وليس المقصود هنا ذلك # قال وأما المائية التي أثبتها فقد صار إلى إثباتها بعض الكرامية ولم يسلكوا في ذلك مسلك ضرار فإنه من نفاة الصفات وإن عنى بها صفة نفسه وحالا فهو مذهب أبي هاشم فإنه صار إلى أنه سبحانه وتعالى في ذاته على صفة وحالة وهي أخص وصفه وبها يخالف خلقه وهذا تصريح بمذهب ضرار وإنما اختلفا في العبارة فإن أبا هاشم سماها خاصة وسماها ضرار مائية وقد رددنا على أبي هاشم مذهبه في إثبات الأحوال وقال القاضي أبو بكر لا بعد عندي فيما قاله ضرار فإن الرب سبحانه وتعالى يخالف خلقه بأخص صفاته فيعلم على الجملة اختصاص الرب بصفة يخالف بها خلقه ولا سبيل إلى صرف الأخص إلى الوجود والعدم ولا شك في امتناع صرفها إلى الصفات المعنوية فهذا أقصى ما يقال في ذلك قال وقد تردد القاضي في أن الذين يرون الله في الدار الآخرة هل يعلمون تلك الصفة التي يسميها أخص وصفه وسماها ضرار مائية أم لا فمرة قال يعلمونها ومرة قال لا يعملها أحد إلا الله تعالى قال وقد قدمنا من مذهب الأستاذ أبي إسحاق أنه أوجب لله صفة توجب التقديس عن الأحياز والجهات والانفراد بنعوت الجلال فإنا نعلم أنه ليس من قبيل ما نشاهده من الجواهر والأعراض وأنه مما لا يتصور في الأوهام ولسنا نعني بقولنا ليس في العالم ولا خارج العالم نفي وجوده تعالى كما نسبتنا إلى ذلك المجسمة وإنما نعني به إثبات وجود غير محدود بوجه ومن أثبت لله حدا ونهاية من وجه فيلزمه إثبات النهاية من سائر الجهات فإن قول القائل إنه في العالم أو خارج العالم يقتضي حدا ونهاية يصح لأجلهما عليه الدخول
في العالم أو الخروج منه وقال بعض المتكلمين أخص وصفه وجوب وجوده وقال بعض أصحابنا أخص وصفه قيامه بنفسه مع انتفاء النهاية والحجمية وهذا معنى قول الأستاذ ولم ينقل عن شيخنا أبي الحسن رحمه الله تعالى في ذلك شيء غير أنه قال إنما ينفرد الرب سبحانه عن الأغيار بالآلهية وهي قدرته على الاختراع واستحقاقه لنعوت الجلال وذكر الأستاذ أبو بكر في كتاب الانتصار عن بعض الأصحاب أنه قال لله سبحانه وتعالى مائية ثم فسرها بصفاته التي تفرد بها عن المخلوقات من العلم المحيط والقدرة الكاملة والإرادة النافذة وغير ذلك من تقدسه عن سمات الحدث ومن الكرامية من أثبت لله كيفية ومائية فإن عنوا بالمائية ما أشار أليه القاضي والأستاذ وما أراهم يريدون ذلك فيبقى بيننا وبينهم الاختلاف في الاسم فنحن نقول المائية تقتضي الجنس والكيفية تقتضي الكمية والشكل ويتعالى الله عن ذلك فإنه ليس نوعا لجنس ولا جنسا لنوع بل هو الأحد الصمد # قلت ليس هذا موضع بسط الكلام على هذا فإن قوله المائية تقتضي الجنس إنما يعني أن يكون له ما يجانسه أي يماثله في حقيقته وليس الأمر كذلك فإن من أثبت له مائية وهي الحقيقة التي تخصه ويمتاز بها عن غيره لم يلزمه أن تكون تلك المائية من جنس المائيات كما أن الذين يطلقون عليه اسم الذات لا يلزمهم أن تكون ذاته من جنس سائر الذوات وإن فسر ذلك بثبوت قدر ما يتفقان فيه فهذا لا بد منه على كل تقدير ولفظ الجنس فيه عدة اصطلاحات فإن فسر بما يوجب مثلا لله فهو منتف عنه وإن فسر بالحد اللغوي الذي هو مدلول الأسماء المتواطأة والمشككة كما في اسم الحي والعليم والقدير ونحو ذلك من الأسماء فهذا لا بد منه باتفاق أهل الأثبات والنزاع في ذلك معروف عن الملاحدة ومن ضاهاهم ونفي ذلك تعطيل محض
# وأما قوله الكيفية تقتضي الكمية والشكل فإنه إن أراد أنها تستلزم ذلك فمعلوم أن الذين أثبتوا الكيفية إنما أرادوا الصفات التي تخصه كما تقدم وإذا كان هذا مستلزما للكمية فهو الذي يذكره المنازعون أنه ما من موصوف بصفة الأولة قدر يخصه وأكثر أهل الحديث والسنة من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله وغيرهم لا ينفون ثبوت الكيفية في نفس الأمر بل يقولون لا نعلم الكيفية ويقولون لا تجري ماهيته في مقال ولا تخطر كيفيته ببال بل كما قال الشريف أبو علي ابن أبي موسى وأبو الفرج المقدسي وغيرهما وهو موافق لقول السلف رضي الله عنهم والأئمة كما قالوا لا يعلم كيف هو إلا هو كما قال مالك الاستواء معلوم والكيف مجهول وأمثال هذا كثير في كلامهم ومنهم من ينفي ذلك ويقول لا ماهية له فتجري في مقال ولا كيف فيخطر ببال وهذا قول ابن عقيل وغيره وهذا موافق لقول نفاة الصفات # فقد تبين أن الأقوال في وجود الحق على مراتب فمن قال إنه وجود مطلق فقوله باطل بالبديهة ومن قال إنه يتميز بصفات سلبية مثل امتناع عدمه ونحو ذلك فهو نظيره بل هو هو ومن قال يتميز ببعض الصفات المعنوية كعلمه وقدرته قيل له وإن اختص بذلك لكن لا بد من ذات موصوفة بتلك الصفة وأن تكون الذات لها حقيقة في نفسها يتميز بها عن سائر الحقائق وإن القول الرابع وهو أن له حقيقة يختص بها هو الصواب ومعلوم أن الموجود ينظر في نفسه وفي صفته وفي قدره وإن كان اسم الصفة يتناول قدره ويستلزم ذاته أيضا # فإذا علم بصريح العقل أنه لا بد له من وجود خاص أو حقيقة يتميز بها ولا بد له من صفات تختص به لا يشركه فيها أحد فيقال وكذلك قدره
فإن الموجود لا يتصور أن يكون موجودا إلا بذلك ودعوى وجود موجود بدون ذلك دعوى تخالف البديهة والضرورة العقلية وكذلك حكموا على من نفى ذلك بالتعطيل لأنه لازم قوله وإن كان لا يعلم لزومه # والتحقيق أنه جمع في قوله بين الإقرار بما يستلزم وجوده والإقرار بما يستلزم عدمه فهو مقر به من وجه منكر له من وجه متناقض من حيث لا يشعر ولهذا يقول المشايخ العارفون إن هؤلاء المنكرين لا تتنور قلوبهم ولا يفتح عليها ولا ينالون زينة أولياء الله تعالى الكاملين لما عندهم من الجحود والإنكار المانع لهم من حقيقة معرفة الله تعالى ومحبته والقرب منه فإنهم التزموا التكذيب بالحق الذي تقربهم معرفته وقصده إلى الله تعالى ففاتهم من معرفة الله وقصده والتقرب إليه بقلوبهم ما به ينالون ولايته التي نعت بها أولياءه المتقين العاملين وإن كانوا قالوا من ذلك بحسب ما عندهم من الإيمان والتقوى # الوجه الثامن إنه قد ثبت بالسنة المتواترة وباتفاق سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة أهل الإسلام الذين ائتموا بهم في دينهم أن الله سبحانه وتعالى يرى في الدار الآخرة بالأبصار عيانا وقد دل على ذلك القرآن في مواضع كما ذلك مذكور في مواضعه والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة متواترة في الصحاح والسنن والمساند وقد اعتنى بجمعها أئمة مثل الدارقطني في كتاب الرؤية وأبي نعيم الأصبهاني وأبي بكر الآجري وطوائف كثيرون وفي الصحيحين نحو عشرة أحاديث فيها أن رؤية الأبصار ليست ممتنعة
# والجهمية الذين يدخلون في هذا الاسم عند السلف كالمعتزلة والنجارية والفلاسفة ينكرون الرؤية ويقولن لأن ذلك يستلزم أن يكون بجهة من الرائي وأن يكون جسما متحيزا وذلك منتف عندهم ومسألة الرؤية كانت من أكبر المسائل الفارقة بين السنة المثبتة وبين الجهمية حتى كان علماء أهل الحديث والسنة يصنفون الكتب في الأثبات ويقولون كتاب الرؤية والرد على الجهمية وكذلك الأحاديث التي تنكرها الجهمية من أحاديث الرؤية وما يتبعها ويعدون من أنكر الرؤية معطلا # قال الخلال في كتاب السنة أخبرني حنبل قال سمعت أبا عبدالله يقول وأدركنا الناس وما ينكرون من هذه الأحاديث شيئا أحاديث الرؤية وكانوا يحدثون بها على الجملة يمرونها على حالها غير منكرين لذلك ولا مرتابين قال وسمعت أبا عبدالله يقول القوم يرجعون إلى التعطيل في قولهم ينكرون الرؤية قال وسمعت أبا عبدالله يقول قالت الجهمية إن الله لا يرى في الآخرة ونحن نقول إن الله يرى لقول الله تعالى ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ وقال تعالى لموسى ^ فإن استقر مكانه فسوف تراني ^ فأخبر الله تعالى أنه يرى وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر رواه جرير وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال كلكم يخلو به ربه إن الله يضع كنفه على عبده فيسأله ماذا عملت هذه أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تروى صحيحة عن الله تعالى أنه يرى في الآخرة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مدفوعة والقرآن شاهد أن الله يرى في القيامة وقول إبراهيم لأبيه ^ يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ^ فثبت أن الله يسمع
ويبصر وقال الله تعالى ^ يعلم السر وأخفى ^ وقال ^ إنني معكما أسمع وأرى ^ وقال أبو عبدالله فمن دفع كتاب الله ورده والأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واخترع مقالة من نفسه وتأول رأيه فقد خسر خسرانا مبينا وسمعت أبا عبدالله يقول من قال إن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر وكذب بالقرآن ورد على الله أمره يستتاب فإن تاب وإلا قتل وروى عن يعقوب بن بختان أنه سمع أبا عبدالله يقول صارت حجتهم كفرا صراحا يقولون إن الله تبارك وتعالى لا يرى في الآخرة وسمعته يقول كفرهم ضروب وعن حنبل سمعت أبا عبدالله يقول إن الله لا يرى في الدنيا ويرى في الآخرة فثبت في القرآن وفي السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين # وقال الإمام أبو سعيد عثمان بن سعيد في نقضه على الجهمي المريسي العنيد فيما افترى على الله تعالى في التوحيد ثم انتدب المريسي الضال لرد ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرؤية في قوله عليه السلام إنكم سترون ربكم يوم القيامة لا تضامون في رؤيته كما لا تضامون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر فأقر الجاهل بالحديث وصححه وثبت روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم تلطف لرده وإبطاله بأقبح تأويل وأسمج تفسير ولو قد رد الحديث أصلا كان أعذر له من تفاسيره هذه المقلوبة التي لا يوافقه عليها أحد من أهل العلم ولا من أهل العربية فادعى الجاهل أن تفسير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم سترون ربكم لا تضامون في رؤيته تعلمون أن لكم ربا لا تشكون فيه كما لا تشكون في القمر أنه قمر لا على أن أبصار المؤمنين تدركه جهرة يوم القيامة لأنه نفى ذلك عن نفسه بقوله ^ لا تدركه الأبصار ^ قال وليس على معنى المشبهة فقوله ^ ترون ربكم ^ تعلمون أن لكم ربا لا تعتريكم فيه الشكوك والريب ألا ترون أن الأعمى يجوز أن يقال ما أبصره أي ما أعلمه وهو لا يبصر شيئا ويجوز أن يقول الرجل نظرت في المسألة
وليس للمسألة جسم ينظر إليه فقوله نظرت فيها رأيت فيها فتوهمت المشبهة الرؤية جهرة وليس ذلك من جهة العيان # فيقال لك أيها المريسي أقررت بالحديث وثبته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الحديث بحلقك لما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرن التفسير بالحديث فأوضحه ولخصه فجمعهما جميعا إسناد واحد حتى لم يدع لمتأول فيه مقالا فأخبر أمته بروية العيان نصا كما توهم هؤلاء الذين سميتهم بجهلك مشبهة فالتفسير فيه مأثور مع الحديث وأنت تفسره بخلاف ما فسره الرسول صلى الله عليه وسلم من غير أثر تأثره عمن هو أعلم منك فأي شقي من الأشقياء وأي غوي من الأغوياء يترك تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم المقرون بحديثه المقبول عند العلماء الذي يصدقه ناطق الكتاب ثم يقبل تفسيرك المحال الذي لا تأثره إلا عن من هو أجهل منك وأضل # أليس قد أقررت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ترون ربكم لا تضامون فيه كما لا تضامون في رؤية الشمس والقمر يعني معاينة قلت وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لا تشكون يوم القيامة في ربوبيته وهذا التفسير مع ما فيه من معاندة الرسول محال باطل خارج عن المعقول لأن الشك في ربوبية الله زائل عن المؤمن والكافر يوم القيامة وكل مؤمن وكافر يعلم يومئذ أنه ربهم لا يعتريهم في ذلك شك فيقبل الله ذلك من المؤمن ولا يقبله من الكافرين ولايعذرهم يومئذ بمعرفتهم ويقينهم به فما فضل المؤمن على الكافر يوم القيامة عندك في معرفة الرب إذ مؤمنهم وكافرهم لا يعتريه في ربوبيته شك # أو ما علمت أيها المريسي أنه من مات ولم يعرف قبل موته أن الله ربه في حياته حتى يعرفه بعد مماته فإنه يموت كافرا ومصيره النار أبدا ولن ينفعه الإيمان يوم القيامة يرى من آياته إن لم يكن آمن به من قبل فما موضع بشرى رسول الله
صلى الله عليه وسلم للمؤمنين برؤية ربهم يوم القيامة إذ كل مؤمن وكافر في الرؤية يومئذ سواء عندك إذ كل لا يعتريه فيه شك ولا ريبة # أولم تسمع أيها المريسي قول الله تعالى ^ ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ^ ^ ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا ^ فقد أخبر تعالى عن الكفار أنهم به يومئذ موقنون فكيف المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين سألوه هل نرى ربنا تعالى قد علموا قبل أن سألوه أن الله ربهم لا يعتريهم في ذلك شك ولا ريب أو لم تسمع ما قال الله تعالى ^ يوم تأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ^ يقال في تفسيره إنها طلوع الشمس من مغربها فإذا لم ينفع الرجل إيمانه عند الآيات في الدنيا فكيف ينفعه يوم القيامة فيستحق به النظر إلى الله تعالى فاعقل أيها المريسي ما يجلب عليك كلامك من الحجج الآخذة بحلقك # وأما إدخالك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حقق من رؤية الرب تعالى يوم القيامة فإنما يدخل على من عليه نزل وقد عرف ما أراد الله تعالى به وعقل فأوضحه تفسيرا وعبرة تعبيرا ففسر الأمرين جميعا تفسيرا شافيا كافيا سأله أبو ذر هل رأيت ربك يعني في الدنيا قال نور أنى أراه حدثنا الحوضي وغيره عن يزيد بن إبراهيم عن قتادة عن عبدالله بن سفيان عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا معنى قوله ^ لا تدركه الأبصار ^ في الحياة الدنيا فحين سئل عن رؤيته في المعاد قال نعم جهرة كما ترى الشمس والقمر ليلة البدر ففسر رسول الله صلى الله عليه وسلم المعنيين على خلاف ما ادعيت
# والعجب من جهلك بظاهر لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ تتوهم في رؤية الله جهرة أنها كرؤية الشمس والقمر ثم تدعي أنه من توهم من سميتهم بجهلك مشبهة فرسول الله صلى الله عليه وسلم في دعواك أول المشبهة إذ شبه رؤيته برؤية الشمس والقمر كما شبهه هؤلاء المشبهون في دعواك # وأما أغلوطتك التي غلطت بها جهال أصحابك في رؤية الله تعالى يوم القيامة فقلت ألا ترى أن قوم موسى حين قالوا ^ أرنا الله جهرة ^ أخذتهم الصاعقة وقالوا ^ لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة ^ وقالوا ^ أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ^ فادعيت أن الله تعالى أنكر عليهم ذلك وعابهم بسؤالهم الرؤية # فيقال لهذا المريسي تقرأ كتاب الله وقلبك غافل عما يتلى عليك فيه ألا ترى أن أصحاب موسى سألوا موسى رؤية الله في الدنيا إلحافا فقالوا ^ لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ^ ولم يقولوا حتى نرى الله في الآخرة ولكن في الدنيا ^ فأخذتهم الصاعقة ^ لظلمهم وسؤالهم ما حظره على أهل الدنيا ولو قد سألوه رؤيته في الآخرة كما سأل أصحاب محمد محمدا صلى الله عليه وسلم لم تصبهم تلك الصاعقة ولم يقل لهم إلا ما قال محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه إذ سألوه هل نرى ربنا يوم القيامة فقال نعم لا تضارون في رؤيته فلم يعبهم الله تعالى ولا رسوله بسؤالهم عن ذلك بل حسنه لهم وبشرهم بشرى جميلة كما رويت أيها المريسي عنه وقد بشرهم الله تعالى بها قبله في كتابه فقال عز من قائل ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ وقال للكفار ^ كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ^
|
|
|
|