عرض مشاركة واحدة
قديم 10 Feb 2010, 02:51 AM   #5
بالقرآن نرتقي
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية بالقرآن نرتقي
بالقرآن نرتقي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8317
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Dec 2023 (11:50 PM)
 المشاركات : 2,584 [ + ]
 التقييم :  18
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue


الملكة

( بلقيس )


استيقظتْ من نومها والظلام يحيط بكلشيء؛ لتستعدَّ للذهاب مع حاشيتها إلى

معبد الشمس الكبير بأرض مأرب علىبُعْدِ ثلاثة أميال من صنعاء؛ حيث يستقبل

شعب سبأ يومًا من الأيام المقدسةالتى تشهد نشاطًا كبيرًًا فيقدمون قرابينهم للشمس

التى يعبدونها من دوناللَّه . وما إن أشرقت الشمس حتى اخترق نداء الكاهن آذان

أهل سبأ يأمرهمبالسجود لها 000 وفى الوقت الذى كان يسجد فيه أهل سبأ للشمس،

كان نبى اللَّهسليمان - عليه السلام - وجنوده يسجدون للَّه رب العالمين؛

اعترافًا بحقه -عزوجل- . وقد وهب اللَّه لسليمان ملكًا عظيمًا، وكوَّن سليمان

جيشًا عظيمًا،من الإنس والجن والطير، وجعل لكل واحد فى الجيش مكانًا

ومهمةً عليه أنينفذها.

واعتاد "سليمان" - عليه السلام - أن يتفقد جنوده حينًا بعد آخر،وذات مرة لم يجد الهدهد،

فقال: (مَا لِى لاأَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ)[النمل:20-21].

فجاء الهدهد بعد أن مكث فترة من الزمن، فقال لسليمان -عليهالسلام- :

(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍفَقَالَ

أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍيَقِينٍ. إِنِّى وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ

مِن كُلِّشَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ. وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِمِن


دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْفَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَايَهْتَدُونَ
[النمل: 22-24]. ثم أخذ الهدهد يصف مارأى وما سمع وكيف يعبدون الشمس

من دون اللَّه . ففكر نبى اللَّه ثمقال: (سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين) [النمل: 27].

عرف الهدهد بفطرته السليمة أن السجود لايكون إلا للَّه سبحانه وتعالي،

كما عرف أهمية الدعوة إلى اللَّه تعالي، وكيفيتحرك لها حتى وإن لم يكلفه

أحد بهذا العمل، وهكذا يكون الداعية دائمًا فىكل مكان وزمان .

وبعد ذلك كتب نبى اللَّه عليه السلام رسالة، وأمر الهدهدبالذهاب إلى ملكة سبأ

وأن يعطيها الرسالة، فقال له:

(اذْهَب بِّكِتَابِى هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّعَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُون) [النمل:28]


وبينما كانت بلقيس تستريح من عناء يوم طويل فىفراشها، دخل عليها الهدهد

من النافذة، وألقى عليها الكتاب، فقرأته وعلمتمافيه، وأنه من نبى اللَّه سليمان

-
عليه الصلاة والسلام -، فجمعت وزراءهاوأعيان قومها وقرأت عليهم خطاب سليمان،

وقالتقَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّى أُلْقِى إِلَى كِتَابٌكَرِيمٌ.

إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِالرَّحِيمِ.

أَلَّا تَعْلُوا عَلَى وَأْتُونِىمُسْلِمِينَ [النمل: 29- 31]، ثم طلبت منهم الرأىوالمشورة

(قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُأَفْتُونِى فِى أَمْرِى مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ) [النمل: 32].


وهى فى ذلك تعطى صورة طيبة للشورى عندالحاكم . فأجابها القوم

(قَالُوا نَحْنُأُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِى مَاذَاتَأْمُرِينَ)[النمل:33]

لكن بلقيس كانت تعلم قوة سليمان، فأرادتأن تصرف قومها عن الحرب،

وأن تردهم إلى الرشاد،

(قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَاوَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَيَفْعَلُونَ) [النمل: 34].

كان يدور فى ذهنبلقيس أمر سليمان، ولم تكن تعلم أن الله سخَّر له الريح تجرى

بأمره، فقالتبحكمة بالغة وحسن تدبير:

(وَإِنِّى مُرْسِلَةٌإِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ )[النمل:35]

وأخبرتهم أنه إن كان ملكًا قبل الهديةوانصرف، وإن كان نبيا فلن يقبل الهدية،

ولن يرضى منا إلا أن نتبعه على دينه . ووافق القوم على ذلك، وانصرفوا .

فلما جاءت رُسل بلقيس بالهدية إلىسليمان،

قال لهم : ( أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍفَمَا آتَانِى اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْتَفْرَحُون)

[النمل: 36] وكيف يقبل الهدية وقد أكرمهالله بالنبوة والحكمة، وأعطاه الله

ما لم يعط أحدً ا من العالمين؟!

فقال لرئيس الوفد:

(ارْجِعْإِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَاوَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُون) [النمل: 37]

وأدرك سليمان بحكمته أن إنذاره هذا سينهى الأمر،وستُقبل عليه الملكة

مستسلمة طائعة؛ لأنه ظهر من تصرفاتها أنها لا تريدالحرب، وعندما عادوا

إليها أخبروها بماحدث، فأرسلت إلى سليمان تخبره أنهاسوف تأتى إليه ومعها

كبار قومها، وأمرت بلقيس جنودها بحراسة عرشها والحفاظعليه وإغلاق الأبواب دونه،

وخرجت من مُلْكها متجهة ناحية الشمال، وقبيلحضورها، أراد سليمان

أن يبين لها قدرة اللَّه وعظمته،

وكيف أعطاهمالم يعط أحدًا من العالمين فأقبل على جنوده قائلاقَالَ


يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْيَأْتِينِى بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِى مُسْلِمِينَ.

قَالَ عِفْريتٌمِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّىعَلَيْهِ لَقَوِى أَمِينٌ )

[النمل: 38-39] لكن سليماناستبطأه، فقام رجل مؤمن من بنى إسرائيل،

وكان صدِّيقًا يعلم اسم اللهالأعظم، فقال لسليمانأَنَا آتِيكَ

بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّإِلَيْكَ طَرْفُكَ)[النمل: 40]وبالفعل كان عرش بلقيسأمام نبى اللَّه

سليمان فخر ساجدًا لعظمة اللَّه، واعترافًا بنعمته،وقال(هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِى

أَأَشْكُرُ أَمْأَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّىغَنِى كَرِيمٌ)[النمل: 40].

ورأت بلقيس مُلكَ سليمان،وبينما قومها يتهامسون فيما بينهم على ما يروَنه،

رأت عرشها بعد أن أمرسليمان جنوده أن يغيروا معالمه، وأن يبدلوا أوضاعه

بحيث تختلف فيه الرؤية؛ليعرف مدى ذكائها(قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَانَنظُرْ أَتَهْتَدِى

أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ. فَلَمَّاجَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَوَأُوتِينَا

الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ )[النمل: 41-42].

فلما دخلت بلقيس الصرح الذى أمر نبىاللَّه سليمان جنوده ببنائه من الزجاج

بحيث يجرى من تحته جدول صغير من الماءحسبته لجة (أى ماء) فكشفت

عن ساقيها بحركة لاشعوريةمنها:

( قِيلَ لَهَا ادْخُلِى الصَّرْحَفَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُصَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِير)
[النمل:44].

فلما رأت بلقيس ماوهبه اللَّه لنبيه سليمان قالت:

( قَالَتْرَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّالْعَالَمِين) [النمل: 44].

وهكذا كانت بلقيس ملكة سبأامرأة ذات فراسة وحكمة وذكاء ؛ فلم تستبد برأيها فى

الأمور العظيمة والخطوبالجليلة، بل استشارت قومها، وهذا يدل على فطنتها

فلما عرفت الحق آمنت بهوأسلمت للَّه طوعًا مع سليمان عليه السلام.

تلك هى بلقيس بنت شراحيل بن مالكبن الريان، ملكة سبأ، تمكنت من الملك

بعد مقتل عمرو ذى الأذعار، فبايعهاقومها وولوها الحكم، فأدارت شئون البلاد

بشجاعة وحكمة، ورممت سد مأربالشهير، وشيدت قصرها فى مدينة مأرب،

وازدهرت على يديها التجارة والزراعة،وزادت ثروات البلاد واستقرت أحوال الناس.

كانت تعبد الشمس هى وقومها، ثمأكرمها الله تعالى بالإيمان، فآمن قومها برسالة

نبى الله سليمان - عليهالسلام- فتزوجها سليمان - عليه السلام- وأنجبتْ له ولدًا،

إلا أنه توفىشابَّا، وتوفيت بعده بلقيس فى أنطاكية -رضى اللهعنها
-.



 

رد مع اقتباس