عرض مشاركة واحدة
قديم 10 Feb 2010, 02:43 AM   #3
بالقرآن نرتقي
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية بالقرآن نرتقي
بالقرآن نرتقي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8317
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Dec 2023 (11:50 PM)
 المشاركات : 2,584 [ + ]
 التقييم :  18
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue


زوجة الفراسةوالحياء

( زوجةموسى )


يقول ابن مسعود: أفرس الناس ثلاثة ؛ صاحب يوسف حين قاللامرأته:

(أَكْرِمِى مَثْوَاهُ) [يوسف:21]، وصاحبة موسى حين قالت: (يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ)

[القصص: 26]، وأبو بكر حيناستخلف عمر بن الخطاب.

ولكن ما الذى أخرج موسى من مصر إلى أرض مدين فى جنوبفلسطين؛

ليتزوج من ابنة الرجل الصالح، ويرعى له الغنم عشر سنين ؟!

كان موسى يعيش فى مصر، وبينما هو يسير فى طريقه رأى رجلينيقتتلان؛

أحدهما من قومه "بنى إسرائيل"، والآخر من آل فرعون. وكان المصرىيريد

أن يسخِّر الإسرائيلى فى أداء بعض الأعمال، واستغاث الإسرائيلىبموسى،

فما كان منه إلا أن دفع المصرى بيده فمات على الفور، قال تعالي:

(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَافَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا

مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْعَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِى مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِى مِنْ عَدُوِّهِ

فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِإِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِين)[القصص: 15].

وفى اليوم التالى تشاجر اليهودى مع رجل آخر فاستغاث بموسى -عليهالسلام-

مرة ثانية فقال له موسى: إنك لَغَوِى مُبين؛ فخاف الرجل وباحبالسِّرِّ عندما قال:

أتريد أن تقتلنى كما قتلت نفسًا بالأمس، فعلم فرعونوجنوده بخبر قتل موسى

للرجل، فجاء رجل من أقصى المدينة يحذر موسى، فأسرعبالخروج من مصر،

وهو يستغفر ربه قائلاً: (رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَالْغَفُورُ الرَّحِيمُ)

[القصص :16].

وخرج موسى من مصر،وظل ينتقل حتى وصل إلى أرض مَدْين فى جنوب فلسطين،

وجلس موسى -عليه السلام- بالقرب من بئر، ولكنه رأى منظرًا لم يعجبه؛

حيث وجد الرعاة يسقون ماشيتهم منتلك البئر، وعلى مقربة منهم تقف

امرأتان تمنعان غنمهما عن ورود الماء؛استحياءً من مزاحمة الرجال،

فأثر هذا المنظر فى نفس موسى؛ إذ كان الأولى أنتسقى المرأتان أغنامهما

أولاً، وأن يفسح لهما الرجال ويعينوهما، فذهب موسىإليهما وسألهما عن

أمرهما، فأخبرتاه بأنهما لا تستطيعان السقى إلا بعد أنينتهى الرجال من سقى

ماشيتهم، وأبوهما شيخ كبير لا يستطيع القيام بهذاالأمر، فتقدم ليسقى لهما

كما ينبغى أن يفعل الرجال ذوو الشهامة، فزاحمالرجال وسقى لهما،

ثم اتجه نحو شجرة فاستظل بظلها، وأخذ يناجىربه:

(رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير) [القصص: 24].

وعادت الفتاتان إلى أبيهما، فتعجب من عودتهماسريعًا. وكان من عادتهما

أن تمكثا وقتًا طويلا حتى تسقيا الأغنام، فسألهماعن السبب فى ذلك، فأخبرتاه

بقصة الرجل القوى الذى سقى لهما، وأدى لهمامعروفًا دون أن يعرفهما،

أو يطلب أجرًا مقابل خدمته، وإنما فعل ذلك مروءةمنه وفضلا.


وهنا يطلب الأب من إحدى ابنتيه أن تذهب لتدعوه، فجاءت إليهإحدى الفتاتين

تمشى على استحياء، لتبلغه دعوةأبيها: (إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا)

[
القصص: 25]. واستجاب موسى للدعوة، فلما وصل إلى الشيخ وقصّ عليهقصته،

طمأنه الشيخ بقوله: (لا تَخَفْ نَجَوْتَمِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[القصص: 25].

وعندئذ سارعت إحدىالفتاتين -بما لها من فراسة وفطرة سليمة، فأشارت

على أبيها بما تراه صالحًالهم ولموسى -عليه السلام-:

(قَالَتْإِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِىالأَمِين)[القصص: 26].

فهى وأختها تعانيان من رعىالغنم، وتريد أن تكون امرأة مستورة،

لا تحتكّ بالرجال الغرباء فى المرعىوالمسقي، فالمرأة العفيفة الروح

لا تستريح لمزاحمة الرجال. وموسى فتى لديهمن القوة والأمانة ما يؤهله

للقيام بهذه المهمة، والفتاة تعرض رأيها بكلوضوح، ولا تخشى شيئًا، فهى

بريئة النفس، لطيفة الحسّ.

ويقتنع الشيخالكبير لما ساقته ابنته من مبررات بأن موسى جدير بالعمل

عنده ومصاهرته،فقال له: (إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَى هَاتَيْنِ عَلَى

أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِى حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَوَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ

عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَالصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ أَيَّمَا

الأَجَلَيْنِقَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَى وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)[القصص :27-28].

ولـمَّا وَفَّى موسى الأجل وعمل فى خدمةصِهْرِه عشر سنين، أراد أن يرحل

إلى مصر، فوافق الشيخ ودعا له بالخير، فخرجومعه امرأته وما أعطاه

الشيخ من الأغنام، فسار موسى من مدين إلىمصر.

وهكذا كانت زوجة موسى - رضى اللَّه عنها - نموذجًا للمؤمنة، ذاتالفراسة

والحياء، وكانت قدوة فى الاهتمام باختيار الزوج الأمينالعفيف.



 

رد مع اقتباس