عرض مشاركة واحدة
قديم 30 Oct 2009, 04:26 PM   #172
ابن الورد
الحسني


الصورة الرمزية ابن الورد
ابن الورد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 1
 تاريخ التسجيل :  Feb 2005
 أخر زيارة : 05 Nov 2025 (10:01 PM)
 المشاركات : 15,439 [ + ]
 التقييم :  24
 الدولهـ
Saudi Arabia
 وسائط MMS
وسائط MMS
لوني المفضل : Cadetblue


بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير وشرح الآية : (23) . من سورة الجن مقارنة من كتب التفاسير الجزء7
التفسير الكبير ج30 ص145
الجن : ) 23 ( إلا بلاغا من . . . . .
/ قوله تعالى : ) إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ ( ذكروا في هذا الاستثناء وجوهاً أحدها : أنه استثناء من قوله : ) لا أَمْلِكُ ( ) الجن : 21 ( أي لا أملك لكم ضراً ولا رشداً إلا بلاغاً من الله ، وقوله : ) قُلْ إِنّى لَن يُجِيرَنِى ( ) الجن : 22 ( جملة معترضة وقعت في البين لتأكيد نفي الاستطاعة عنه وبيان عجزه على معنى : أنه تعالى إن أراد به سوءاً لم يقدر أحد أن يجيره منه ، وهذا قول الفراء . وثانيها : وهو قول الزجاج : أنه نصب على البدل من قوله : ) مُلْتَحَدًا ( ) الجن : 22 ( والمعنى : ولن أجد من دونه ملجأ إلا بلاغاً ، أي لا ينجيني إلا أن أبلغ عن الله ما أرسلت به ، وأقول هذا الاستثناء منقطع لأنه تعالى لما لم يقل ولن أجد ملتحداً بل قال : ) وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً ( ،
والبلاغ من الله لا يكون داخلاً تحت قوله : ) مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا ( لأن البلاغ من الله لا يكون من دون الله ، بل يكون من الله وبإعانته وتوفيقه ثالثها : قال بعضهم : ( إلا ) معناه إن ( لا ) ومعناه : إن لا أبلغ بلاغاً كقولك : ( إلا ) قياماً فقعوداً ، والمعنى : إن لا أبلغ لم أجد ملتحداً ، فإن قيل : المشهور أنه يقال بلغ عنه قال عليه السلام : ( بلغوا عني ، بلغوا عني ) فلم قال ههنا : ) بَلاَغاً مِّنَ اللَّهِ ( ؟ قلنا : ( من ) ليست ( بصفة للتبلغ ) إنما هي بمنزلة ( من ) في قوله : ) بَرَاءةٌ مّنَ اللَّهِ ( بمعنى بلاغاً كائناً من الله . أما قوله تعالى : ) وَرِسَالَاتِهِ ( فهو عطف على ) بَلاَغاً ( كأنه قال : لا أملك لكم إلا التبليغ والرسالات ، والمعنى إلا أن أبلغ عن الله فأقول : قال الله كذا ناسباً القول إليه وأن أبلغ رسالاته التي أرسلني بها من غير زيادة ولا نقصان .
قوله تعالى : ) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ ( قال الواحدي إن مكسورة الهمزة لأن ما بعد فاء الجزاء موضع ابتداء ولذلك حمل سيبويه قوله : ) وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ( ( المائدة : 95 ) ) وَمَن كَفَرَ فَأُمَتّعُهُ ( ( البقرة : 126 ) ) فَمَن يُؤْمِن بِرَبّهِ فَلاَ يَخَافُ ( ( الجن : 13 ) على أن المبتدأ فيها مضمر وقال صاحب ( الكشاف ) وقرىء : ) فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ ( على تقدير فجزاؤه أن له نار جهنم كقولك : ) فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ ( ( الأنفال : 41 ) أي فحكمه أن لله خمسه .
ثم قال تعالى : ) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ( حملاً على معنى الجمع في ( من ) وفي الآية مسألتان :
المسألة الأولى : استدل جمهور المعتزلة بهذه الآية على أن فساق أهل الصلاة مخلدون في النار وأن هذا العموم يشملهم كشموله الكفار ، قالوا : وهذا الوعيد مشروط بشرط أن لا يكون هناك توبة ولا طاعة أعظم منها ، قالوا : وهذا العموم أقوى في الدلالة على هذا المطلوب من سائر العمومات لأن سائر العمومات ما جاء فيها قوله : ) أَبَدًا ( فالمخالف يحمل الخلود على المكث الطويل ، أما ههنا ( فقد ) جاء لفظ الأبد فيكون ذلك صريحاً في إسقاط الاحتمال الذي ذكره المخالف والجواب : أنا بينا في سورة البقرة وجوه الأجوبة على التمسك بهذه العمومات ، ونزيد ههنا وجوهاً أحدها : أن تخصيص / العموم بالواقعة التي لأجلها ورد ذلك العموم عرف مشهور ، فإن المرأة إذا أرادت أن تخرج من الدار ساعة فقال الزوج إن خرجت فأنت طالق يفيد ذلك اليمين بتلك الساعة المعينة حتى إنها لو خرجت في يوم آخر لم تطلق ، فههنا أجرى الحديث في التبليغ عن الله تعالى / ثم قال : ) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ( يعني جبريل : ) فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ ( أي من يعص الله في تبليغ رسالاته وأداء وحيه فإن له نار جهنم ، وإذا كان ما ذكرنا محتملاً سقط وجه الاستدلال الوجه الثاني : وهو أن هذا الوعيد لا بد وأن يتناول هذه الصورة لأن من القبيح أن يذكر عقيب هذه الواقعة حكماً لا تعلق له بها ، فيكون هذا الوعيد وعيداً على ترك التبليغ من الله ، ولا شك أن ترك التبليغ من الله أعظم الذنوب ، والعقوبة المترتبة على أعظم الذنوب ، لا يجوز أن تكون مرتبة على جميع الذنوب ، لأن الذنوب المتفاوتة في الصغر والكبر لا يجوز أن تكون متساوية في العقوبة ، وإذا ثبت أن هذه العقوبة على هذا الذنب ، وثبت أن ما كان عقوبة على هذا الذنب لا يجوز أن يكون عقوبة على سائر الذنوب ، علمنا أن هذا الحكم مختص بهذا الذنب وغير متعد إلى سائر الذنوب الوجه الثالث : وهو أنه تعالى ذكر عمومات الوعيد في سائر آيات القرآن غير مقيدة بقيد الأبد ، وذكرها ههنا مقيدة بقيد الأبد ، فلا بد في هذا التخصيص من سبب ، ولا سبب إلا أن هذا الذنب أعظم الذنوب ، وإذا كان السبب في هذا التخصيص هذا المعنى ، علمنا أن هذا الوعيد مختص بهذا الذنب وغير متعد إلى جميع الذنوب ، وإذا ثبت أن هذا الوعيد مختص بفاعل هذا
الذنب ، صارت الآية دالة على أن حال سائر المذنبين بخلاف ذلك لأن قوله : ) فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ( معناه أن هذه الحالة له لا لغيره ، وهذا كقوله : ) لَكُمْ دِينَكُمْ ( أي لكم لا لغيركم . وإذا ثبت أن لهم هذه الحالة لا لغيرهم ، وجب في سائر المذنبين أن لا يكون لهم نار جهنم على سبيل التأبيد ، فظهر أن هذه الآية حجة لنا عليهم . وعلى تمسكهم بالآية سؤال آخر ، وهو أن قوله : ) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ( إنما يتناول من عصى الله ورسوله بجميع أنواع المعاصي ، وذلك هو الكافر ونحن نقول : بأن الكافر يبقى في النار مؤبداً ، وإنما قلنا إن قوله : ) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ( إنما يتناول من عصى الله بجميع أنواع المعاصي لأن قوله : ) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ ( يصح استثناء جميع أنواع المعاصي عنه ، مثل أن يقال ومن يعص الله إلا في الكفر وإلا في الزنا ، وإلا في شرب الخمر ، ومن مذهب القائلين بالوعيد أن حكم الاستثناء إخراج ما لولاه لكان داخلاً تحت اللفظ وإذا كان كذلك ، وجب أن يكون قوله : ) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ ( متناولاً لمن أتى بكل المعاصي ، والذي يكون كذلك هو الكافر ، فالآية مختصة بالكافر على هذا التقدير ، فسقط وجه الاستدلال بها . فإن قيل : كون الإنسان الواحد آتياً لجميع أنواع المعاصي محال ، لأن من المحال أن يكون قائلاً بالتجسم ، وأن يكون مع ذلك قائلاً بالتعطيل ، وإذا كان ذلك محالاً فحمل الآية عليه غير جائز قلنا : تخصيص العام بدليل العقل جائز ، فقولنا : ) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ ( يفيد كونه آتياً بجميع أنواع / المعاصي ، ترك العمل به في القدر الذي امتنع عقلاً حصوله فيبقى متناولاً للآتي بجميع الأشياء التي يمكن الجمع بينها ، ومن المعلوم أن الجمع بين الكفر وغيره ممكن فتكون الآية مختصة به .
المسألة الثانية : تمسك القائلون بأن الأمر للوجوب بهذه الآية فقالوا : تارك المأمور به عاص لقوله تعالى : ) أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى ( ( طه : 93 ) ، ) لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ ( ( التحريم : 6 ) ، ) لا أَعْصِى لَكَ أمْراً ( ( الكهف : 69 ) والعاصي مستحق للعقاب لقوله : ) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ( .
التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب ، اسم المؤلف: فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي ، دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 1421هـ - 2000م ، الطبعة : الأولى
فائدة البحث : ــ مقارنة من كتب التفاسير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
شيوخ وأعضاء وزوار موقعنا الكرام
من عنده شرح أو تحليل أوإيضاح أو إضافة فليتفضل مشكورا .
ويسعدنا بل يشرفنا مشاركاتكم وآرائكم الكريمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
وتقبلوا أجمل وأطيب
دعواتنا



 
 توقيع : ابن الورد



رد مع اقتباس