السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال القاضى بدر الدين عبدالله الشبلى الحنفى : اختلف العلماء فى مؤمنى الجن , هل يدخلون الجنة على اربعة اقوال :
القول الاول :انهم يدخلون الجنة وعلية جمهور العلماء وحكاه ابن حزم فى ( الملل ) عن ابى ليلى وابى يوسف وجمهور الناس قال : وبة نقول .
القول الثانى : انهم لا يدخلونها بل يكونون فى ربضها يراهم الانس من حيث لا يرونهم وهذا القول مأثور عن مالك والشافعى واحمد وابى يوسف ومحمد.
القول الثالث : انهم على الاعراف.
القول الرابع : الوقف .
واحتج اهل القول الأول بوجوه :
أحدها : العمومات :
كقوله تعالى : ( وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد ).
وقوله تعالى ( وجنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين ).
وقولة صلى الله علية وسلم ( من شهد ان لا اله الا الله مخلصا دخل الجنة ), فكما أنهم يخاطبون بعمومات الوعيد بالاجماع فكذلك يكونون مخاطبين بعمومات الوعد بطريق الاولى : ومن اظهر حجة فى ذلك قوله تعالى ( ولمن خاف مقام ربة جنتان . فبأى آلاء ربكما تكذبان ). الى اخر السورة والخطاب للجن والانس فامتن عليهم سبحانه وتعالى بجزاء الجنة , ووصفها لهم , وشوقهم اليها فدل ذلك على انهم ينالون ما امتن عليهم به اذا آمنوا .
الوجه الثانى : ما استدل به ابن حزم من قوله ( أعدت للمتقين ) , وبقوله تعالى حاكيا عنهم ومصدقا لمن قال ذلك منهم : ( وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به ), وقوله تعالى : ( قل اوحى الى انه استمع نفر من الجن ), وقوله تعالى ( ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ), الى اخر السورة قال : صفة تعم الجن والانس عموما لا يجوز البته ان يخص منها أحدا النوعين , ومن المحال الممتنع ان يكون الله تعالى يخبرنا بخير عام وهو لا يرديد الا بعض ما اخبرنا به ثم لا يبين ذلك وهو ضد البيان الذى ضمنه الله تعالى , فكيف وقد نص على انهم من جملة المؤمنين الذين يدخلون الجنة ولا بد؟ !
الوجه الثالث : روى منذر وابن ابى حاتم في تفسيريهما عن مبشر بن اسماعيل قال تذاكرنا عند ضمرة بن حبيب ايدخل الجن الجنة ؟ قال : نعم . وتصديق ذلك فى كتاب الله تعالى : ( لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان ).للجن جنيات , وللانس إنسيات .
الوجه الرابع : قال ابو الشيخ : حدثنا اسحاق بن أحمد , حدثنا عبدالله بن عمران , حدثنا معاوية , حدثنا عبد الواحد بن عبيد عن الضحاك عن ابن عباس قال: ( الخلق أربعة : فخلق فى الجنة كلهم , وخلق فى النار كلهم , وخلقان فى الجنة والنار . فاما الذى فى الجنة كلة فالملائكة , وأما الذى فى النار كلهم فالشياطين , وأما الذين فى الجنة والنار فالانس والجن لهم الثواب وعليهم العقاب ).
الوجه الخامس: أن العقل ذلك وان لم يوجبه . وذلك ان الله تعالى قد أوعد من كفر منهم وعصى النار , فكيف لا يدخل من اطاع منهم الجنة وهو سبحانة وتعالى الحكم العدل الخبير الحليم الكريم .