|
إن الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا..
قال الله تبارك وتعالى وتقدس (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ).
قال بعض أهل العلم في هذه الآية فوائد منها أن أصل أمر المتقين السلامة منه وإن عرض طيف بعض الأحيان.
ومنها قال إذا مسهم والمس ملامسة من غير تمكن كالكفار فإن الشيطان يتجرد عليهم ويختلس من قلوب المتقين حين تنام العقول الحارسة للقلوب.
فإذا استيقظوا انبعث من قلوبهم جيوش الاستغفار والذلة إلى الله تعالى والافتقار فاسترجعوا من الشيطان ما اختلسه وأخذوا منه ما أفترسه.
ومنها أنه أشار بالطيف إلى أنه لا يمكنه أن يأتي القلوب الدائمة المستيقظة إنما يأتي القلوب في حين منامها يرجو غفلتها ومن لا نوم له فلا طيف يرد عليه.
ومنها أن الطيف الذي في منامك فإذا استيقظت فلا وجود له.
ومنها أنه قال تذكروا ولم يقل ذكروا إشارة إلى أن الغفلة لا يطردها الذكر من غفلة القلب إنما يطردها التذكر والاعتبار لأن الذكر ميدانه اللسان والتذكر ميدانه القلب.
ومنها أنه قال تذكروا فحذف متعلقة ولم يقل تذكروا الجنة والنار والعقوبة لأن التذكر الماحي لطيف الهوى من قلوب المتقين على حسب مراتب المتقين.
ومرتبة التقوى يدخل فيها الرسل والأنبياء والصديقون والأولياء والصالحون والمسلمون فتقوى كل أحد على حسب مقامه.
لذلك يذكر كل واحد على حسب مقامه فلو ذكر قسمًا من أقسام التذكر لم يدخل فيه إلا أهل ذلك القسم.
ومنها قوله سبحانه وتعالى فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)كأنه لم يذكر أعلى ذلك منامنه سبحانه عليهم كأنهم لما استيقظوا ذهبت سحابة الغفلة فأشرقت شمس البصيرة.
ومنها التوسيع على المتقين لأنه لو قال إن الذين اتقوا لا يمسهم طيف من الشيطان خرج كل أحد إلا أهل العصمة فأراد سبحانه أن يوسع دائرة رحمته.
|