عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 13 Jun 2008, 11:20 PM
مكاوية
جزاها الله خيراً
مكاوية غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 2275
 تاريخ التسجيل : Jan 2008
 فترة الأقامة : 6505 يوم
 أخر زيارة : 27 Oct 2008 (11:00 AM)
 المشاركات : 1,028 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : مكاوية is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
هـذا بِـذنْـبِـي ...



بسم الله الرحمن الرحيم

هـذا بِـذنْـبِـي ...


كانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تُصدع ، فتضع يدها على رأسها وتقول : بذنبي ، وما يغفره الله أكثر .
أي أنها ما تُصاب إلا بسبب ذنبها .
وهي بذلك تُشير إلى قوله تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ )

وحَـدّث عبيد الله بن السرى قال : قال ابن سيرين : إني لأعرف الذنب الذي حُمل به عليّ الدَّين ما هو . قلت : لرجل منذ أربعين سنة : يامفلس !
قال عبيد الله : فحدثتُ به أبا سليمان الداراني فقال : قَـلّـت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون ، وكثرت ذنوبي وذنوبك فليس ندرى من أين نؤتى !

قال الفضيل بن عياض : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خُلق حماري وخادمي .

وهذا الإمام وكيع بن الجراح – رحمه الله – لما أغلظ له رجل في القول دخل بيتاً فعفّـر وجهه ، ثم خرج إلى الرجل . فقال : زد وكيعاً بذنبه ، فلولاه ما سلطت عليه .
أي لولا ذنوبي لما سُلّطت عليّ تُغلظ لي القول .

ولما استطال رجل على أبي معاوية الأسود فقال له رجل كان عنده : مه ! فقال أبو معاوية : دعه يشتفي ، ثم قال : اللهم اغفر الذّنب الذي سلّـطت عليّ به هذا .

هذا من فقـه المصيبة ، وهو فِقـه دقيق لا يتأمله كل أحـد .

فمتى أُصيب العبد بمصيبة لم ينظر إلى أسبابها وما هو مُقيم عليه من ذنوب ، فقد نظر إلى ظاهر الأمر دون باطنه .
فينظر كثير من الناس إلى من أجرى الله على يديه تلك المصيبة التي ما هي إلا عقوبة لذلك الذّنب ، ولولا ذلك الذنب لما سُـلِّـط عليه .
كما تقدّم في الآثار السالفة .

ينظر كثير من الناس إلى من باشر المصيبة ، ومن أجرى الله على يديه العقوبة ، فينظرون إلى الظالم فحسب فيلعنونه ، ونحو ذلك .
وينظرون إلى من تسبب في حادث سير على أنه سائق غشيم لا يُحسن التصرّف ، ولكن الناظر هذه النظرة يفتقد إلى تلك الشفافية التي نظر بها السلف أبعد مما هو ظاهر للعيان .

وينظر الزوج إلى زوجته على أنها تغيّـرت طباعها أو ساءت أخلاقها ، دون التأمل في الذّّنب الذي تسبب في ذلك .
كما تنظر الزوجة إلى زوجها على أنه تغيّر طبعه أو ساء خُلُقـه ، دون النظر في الذنوب التي هي السبب في ذلك .

فكم نحن بحاجة إلى تلك النظرة الفاحصة التي ننظر بها إلى ذنوبنا قبل كل شيء .
فإذا وقعت مصيبة أو نزلت نازلة أو ساءت أخلاق من يتعامل معنا من أهلٍ وأصحاب وجيران فلننظر في ذنوبنا الكثيرة : من أيها أُصبنا ؟

أمِنْ ارتكاب ما حرّم الله ؟
أم مِن تضييع فرائض الله ؟
أم مِن تخلّفنا عن صلاة الفجر ؟
أم مِن السهر المُحـرّم ؟
أم مِن إدخال ما حرم الله إلى البيوت من صور ومعازف ، وغيرها من وسائل تجلب الشياطين ، وتتسبب في خروج الملائكة ؟
أم مِن الأسفار المُحرّمـة . سعيا في الأرض فسادا ؟
أم مِن ضعف مراقبتنا لله عز وجل ؟
أم ... أم ...
وتعـدّ وتغلـط ... مِن كثرة الذنوب العامة والخاصة .

أحببت تذكير نفسي وإخواني وأخواتي .

( وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

فرُحماك ربنا رُحماك
وعاملنا ربنا بلطفك الخفيّ
وعاملنا بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين .

فضيلة الشيخ عبدالرحمن السحيم.




 توقيع : مكاوية


رد مع اقتباس