إلى ربات الخــدور ...
إلى ربات الخــدور
جمع وإعداد
أبو أنس بن علي أبو لوز
إهداء
إلى أختي المسلمة التي تصمد أمام تلك الهجمات العدوانية الشرسة.
إلى التي تصمع بتمسكها والتزامها كل يوم دعاة التحرر.
إلى التي تعمق على حيائها وعفافها بالنواجذ.
إلى التي تحتضن كتاب ربها وترفع لواء رسوالا.
إلى القلعة الشامخة أمام طوفان الباطل قائلة:
بيد العفاف أصون عز حجاب وبعصمتي أعلو على أترابي
إليها بشرى نبيها، صلى الله عليه وسلم،:
"إن من ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم ". قالوا: يا نبي الله! أو منهم؟ قال: "بل منكم ". رواه الترمذي وأبوداود وصححه الألباني.
وإليها قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم،:
"إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء" قيل:ومن هم يا رسول الله؟ قال: "الذين يصلحون إذا فسد الناس ". رواه الترمذي وصححه الألباني.
إليها تحية الله للصابرين المؤمنين.
{سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}. [الرعد، الاية: 24].
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل في كتابه العزيز: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله}. [الأحزاب، الآية: 33].
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه ربه بالحق ودين الهدى ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
والذي أوصانا،صلى الله عليه وسلم، بالنساء خيرا فقال،صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان ".
والذي حذرنا،صلى الله عليه وسلم، من فتنة النساء، بل شدد في التحذير لخطورة الأمر فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء". وقال،صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال، من النساء".
أما بعد:
إن النساء شطر الأفة، لا تصلح الأمة إلا بصلاحهن، ولا صلاح إلا باتباع الإسلام، وفهم كل فرد دوره في الحياة، فإنك أيتها الأخت خلقت لأمر عظيم جد عظيم، فإياك أن تعيشي على هامش الحياة، وترضي بالقليل من نعيم الآخرة الكبير، فإن الله- تعالى- يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها.
لقد عرف أعداء الإسلام- من اليهود وغيرهم- أن إفساد المرأة يعني إفساد المجتمع كله؛ لذلك عملوا جادين بكل الوسائل لإفسادها حتى خرجت سافرة تتسكع في الشوارع لتفتن الرجل بزينتها غير عابئة بأوامر ربها وتوجيهات رسولها.
أختي المسلمة..
إن جمالك وزينتك أولى أن يتمتع بها من ائتمنك على بيته وأولاده.. فهو لا يريدك أن تتجملي لأحد غيره.. وهو يكره أن يرى جمالك ومفاتنك أحد غيره، وإلا كان ديوثا- أعاذنا الله من ذلك-.
اقرئي- أختي- عن أمهات المؤمنين.. واصبري لتكوني سيدة عرائس الحور العين في الجنة.. بيتك مملكتك الجميلة.. فزينيها بالأخلاق والاحتشام.. وانتقي لها أجمل زهور الفضيلة.. دعك من التقليد الأعمى للكافرات والسافرات واقتدين بأمهات المؤمنين وفضليات المسلمات على امتداد الآجال.
أختي المسلمة...
بين يديك مجموعة من الرسائل والتوجيهات التي خطها علماؤنا وأدباؤنا الغيورون عليك.. جمعتها ورتبتها لك. داعيا المولى- عز وجل - أن تكون فيها الفائدة المرجوة التي تؤتي ثمارها لديك. ثم ذيلتها بمجموعة من الفتاوى تهمك، فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
وقد جعلت لهذه المجموعة عنوانا وهو"إلى ربات الخدور" والخدور: أي: صاحبات البيوت والخدور: جمع خدر وهو كل ما تتوارى به المرأة. ويقال: ستر يمد للجارية في ناحية البيت. ويقال: مايفرد للجارية من السكن. وفي الحديث الصحيح "كان الرسول، صلى الله عليه وسلم ، أشد حياء من العذراء في خدرها".
وفي الختام اسأل الله أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم لا رياء فيه ولا سمعة. إنه سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
أخوكم في الله
أبو أنس
علي بن حسين
22/ 4/1412هـ
عـجـبا..
إن من عظمة هذا الدين.. أن شموليته اكتنفت كل جوانب الحياة ونظمتها تنظيما محكما يعجز غير الله عن فعل شيء منه، ولذلك بحكمته البالغة- سبحا نه-.
ولقد حظيت المرأة بجانب عظيم من هذه الأهمية.. حيث أعزها الله- سبحانه وتعالى- بكرامة منه وعزة؛ لما لها من عظيم الأثر في المجتمع، فللمرأة مكانة في الإسلام عظيمة، ولم لا؟!.
أليست هي صانعة الرجال؟!
أليست هي الأم والابنة والزوجة والأخت؟!
أليست هي التي تحمل وتضع حملها صابرة على الآلام الطوال؟! أليست هي من تشاطر زوجها ما له وما عليه؟ تصونه في غيابه وحضوره؟!.
وأليست.. وأليست..؟!
ثم ألا ترون معي أنها عمود الأسرة.. تصلح الأسرة بصلاحها وتفسد بفسادها؟!
لهذا كله- وغيره كثير- نجد الإسلام قد كرمها أكثر من الرجل- على ضعفها-؛ حين أوصى بصحبتها النبي، صلى الله عيله وسلم، ثلاثا وفي الرابعة قال: ثم أبوك؟!.
وحين جعل النبي، صلى الله عليه وسلم،. الجنة تحت قدميها. إذ جاء رجل إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، يريد الجهاد في سبيل الله فقال له النبي،صلى الله عليه وسلم،: "ألك أم " قال: نعم قال: "إلزم رجليها فثم الجنة".
إخوة الإيمان ...
لقد جاء الإسلام والمرأة مهضومة الحقوق، مهيضة الجناح، مسلوبة الكرامة، مهانة مزدراه، محل التشاؤم وسوء المعاملة، معدودة من سقط المتاع، وأبخس السلع، تباع وتشترى، توهب وتكترى، لا تملك ولا تورث، بل تقتل وتوأد بلا ذنب ولا جريمة، فلما جاء الإسلام بحكمه وعدله، رفع مكانتها وأعلى شأنها وأعاد لها كوامتها، وأنصفها فمنحها حقوقها وألغى مسالك الجاهلية نحوها، واعتبرها شريكة للرجل شقيقة له في الحياة.
وقد ذكرها الله في كتابه الكريم مع الرجل في أكثر من موضع يقول- سبحانه-: {يا أيها الناس إنا خلقنكم من ذكر وأنثى}.
وأوصى بها النبي، صلى الله عليه وسلم، خيرا، ففي البخاري ومسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "استوصوا بالنساء خيرا "، ولأحمد ولأبي داود والترمذي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، : "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم ".
كما ضمن لها الإسلام الكرامة الإنسانية، والحرية الشرعية والأعمال الإسلامية التي تتفق مع طبيعتها وأنوثتها فيما لا يخالف نصا من كتاب أو سنة، ولا يعارض قاعدة ومقصدا من مقاصد الشريعة في محيط نسائي مصون، كما ساوى بينها وبين الرجل في عدد من النواحي إلا أن هذه المساواة قائمة على ميزان الشرع. ومقياس النقل الصحيح والعقل السليم.
فقد جعل الله لكل من الرجل والمرأة خصائص ومزايا، ومقومات ليست للآخر وأقل كل منهما لما سيقوم به من مهام في هذه الحياة؛ فأعطى الرجل قوة في جسده ليسعى ويكدح ومنح المرأة العطف والحنان لتربية الأبناء وتنشئة الأجيال وبناء الأسر المسلمة.
أمة الإسلام
* أي شيء تريده المرأة بعد هذا التكريم؟
* وأي شيء تنشده بنات حواء بعد هذه الحصانة والرعاية؟
* أيستبدلن الذي هو أدنى بالذي هو خير؟
* أيؤثرن حياة التبرج والسفور والتهتك والاختلاط! على حياة الطهر والعفاف والحشمة؟
* أيضربن بنصوص الكتاب والسنة الآمرة بالحجاب والعفة عرض الحائط؟! ويخدعن بالأبواق الماكرة! والأصوات الناعقة! والدعايات المضفلة! والكلمات المعسولة الخادعة! التي تطالعنا بين الفينة والأخرى وتثار بين حين وآخر؟!
* أيتركن التأسي بأمهات المؤمنين الطاهرات! وأعلام النساء الصالحات: كعائشة، وخديجة، وفاطمة، وسمية ونسيبة؟! ويقلدن الماجنات ويتشبهن بالفاجرات عياذا بالله؟!
أختي المسلمة... إنك لن تبلغي كمالك المنشود وتعيدي مجدك المفقود وتحققي مكانتك السامية إلا باتباع تعاليم الإسلام والوقوف عند حدود الشريعة- وذلك وحده- هو الكفيل بأن يطبع في قلبك محبة الفضائل،والتنزه عن الرذائل، فمكانك- والله- تحمدي، وبيتك تسعدي، وحجابك تصلحي وعفافك تريحي وتستريحي{وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}. [الأحزاب، الآية: 33]. {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن }. [الأحزاب، الآية: 59 ].
* فأنت في الإسلام درة مصونة وجوهرة مكنونة، وبغيره دمية في يد كل فاجر، وألعوبة وسلعة رخيصة يتاجر بها؛ بل يلعب بها ذئاب البشر! فيهدرون عفتها وكرامتها، ثم يلفظونها لفظ النواة. فمتى خالفت المرأة آداب الإسلام، وتساهلت بالحجاب وبرزت للرجال مزاحمة متعطرة، غاض ماؤها وقل حياؤها وذهب بهاؤها فعظمت بها الفتنة وحلت بها الشرور.
فيا أيتها المسلمة... المعتزة بشرف الإسلام! ويا أيتها الحرة العفيفة المصونة! أنت خلف لخير سلف، تمسكي بكتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم ، وكوني على حذر وفطنة من الأيدي الماكرة والعيون الحاسدة والأنفس الخبيثة الشريرة، التي تريد إنزالك من علياء كرامتك، وتهبط بك من سماء مجدك، وتخرجك من دائرة سعادتك، وإياك والخديعة والانهزام أمام هذه الحرب السافرة: بين الحجاب والسفور، والعفاف والإباحية.
إن أعداء الإسلام من اليهود وأتباعهم قد ساءهم وأقلق مضاجعهم ما تتمتع به المرأة المسلمة من حصانة وكرامة، فسلطوا عليها الأضواء، ونصبوا لها الشباك، ورموها بنبلهم وسهامهم، ومن الغريب أن يحقق مقاصدهم، ويسير في ركابهم، ويسعى في نشر أفكارهم أناس من بني جلدتنا، ويتكلمون بلغتنا، فيشنون الحرب الفكرية الشعواء على أخواتنا المسلمات مياه وجوهنا عبر العناوين المشوقة والمقالات الساحرة هنا وهناك، فينادون زورا وخديعة بتحرير المرأة، ويطالبون بعمل المرأة وخروجها من المنزل، ويشيعون الشائعات المغرضة والشبه الداحضة عن المرأة المسلمة، فيقولون عن المجتمع المسلم المحافظ: "إن نصفه معطل " و "لا يتنفس إلا برئة واحدة !! وكيف تترك المرأة حبيسة البيت بين أربعة جدران؟! وما إلى ذلك من الأقوال الأفاكة والعبارات المضللة.
فماذا يريد هؤلاء؟
وإلى أي شيء يهدفون؟
أختي.. إنهم يهدفون إلى تحرر المرأة من أخلاقها وآدابها وانسلاخها من مثلها وقيمها ومبادئها وايقاعها في الشر والفساد..
إنهم يريدونها عارضة للأزياء!!. ملكة للجمال!!. بغية!!.
* خبروني بربكم أي فتنة وأي بلاء يحدث إذا هتك الحجاب! ووضع الجلباب! وافترس المرأة الذئاب؟! نتيجة السفور والاختلاط في الدوائر والمكاتب والمدارس والأسواق.
أما يكفي زاجرا وواعظا ما وقعت فيه المجتمعات المخالفة لتعاليم الإسلام من الهبوط في مستنقعات الرذيلة ومهاوي الشرور وبؤر الفساد؟! حين أهملت أمر المرأة، حتى انطلقت الصيحات المجربة والنداءات المتكررة مطالبة بعودة. المرأة إلى حصنها وقرارها!!
هل يرضى من فيه أدنى غيرة ورجولة، أن تصير امرأته وموليته مرتعا لأنظار الفسقة، وعرضة لأعين الخونة، ومائدة مكشوفة ولقمة سائغة أمام معدومي المروءة وضعاف النفوس؟!
ولقد أفادت الآوضاع السائدة أن خروج المرأة من بيتها هو أمارة الخراب والدمار، وعلامة الضياع والفساد وعنوان انقطاع وسائل الألفة والمحبة، وانتشار غوائل الرذيلة والفساد بين أبناء المجتمع.
فإلى أخواتنا المسلمات... في عالمنا الإسلامي شرقيه وغربيه أوجه النداء من مكاني هذا بالتمسك الشديد بكتاب الله، والعض على سنة نبيه بالنواجذ، واتباع تعاليم الإسلام وآدابه.
وإلى الجمعيات النسائية... في كل مكان، أحذر من مغبة مخالفة المرأة لهدى الإسلام، وأدعو إلى الحذر الشديد من الانسياق وراء الشعارات البراقة والدعايات المسمومة المضللة ضد أخلاق المرأة ومثلها وقيمها.
احذري الذئاب
أختي في الله...
إن طبيعتك الضعيفة منحها الله قوة في التأثيرعلى الرجال، وجعلك شهوة وفتنة.. جعل منك جمالا وأنوثة وسحرا.. وجعل فيك رقة تنخلع لها قلوب الرجال.. لهذا تريد الكلاب الضالة أن تتمردى على الحصن الذي حماك الله به من أنيابهم.
يرويدنك عارية.. سافرة كي يتمتعوا بجسدك وأنوثتك.. ألم تسمعي أحد خلاعهم، وهو يقول:
أسفري فالحجاب يا ابنة فهر هو داء في الاجتماع وخيم؟
الله أكبر.. وسبحان الله..!!
أهؤلاء هم الذين يريدون أن يحرروك يا أختاه؟! يحرروك من الشرف والعفة!.. يحرروك من الأخلاق والفضيلة! لتقعي بين أنيابهم فإذا قضوا وطرهم.. فعليك السلام!!
أختي المسلمة...
((إذا كان الذئب لا يريد من النعجة إلا لحمها، فالذي يريده منك الرجل أعز عليك من اللحم على النعجة، وشر عليك من الموت عليها، يريد منك أعز شيء عليك: عفافك الذي به تشرفين، وبه تفخرين، وبه تعيشين، وحياة البنت التي فجعها الرجل بعفافها، أشد عليها بمئة مرة من الموت على النعجة التي فجعها الذئب بلحمها.. إي والله، وما رأى شاب فتاة إلا جردها بخياله من ثيابها ثم تصورها بلا ثياب .
إي والله، أحلف لك مرة ثانية، ولا تصدقي ما يقوله بعض الرجال، من أنهم لا يرون في البنت إلا خلقها وأدبها، وأنهم يكلمونها كلام الرفيق، ويودونها ود الصديق، كذب والله، ولو سمعت أحاديث الشباب في خلواتهم، لسمعت كلاما مهولاً مرعبا، وما يبسم لك الشاب بسمة، ولا يلين لك كلمة، ولا يقدم لك خدمة، إلا وهي عنده تمهيد لما يريد، أوهي على الأقل إيهام لنفسه أنها تمهيد.
وماذا بعد؟.. ماذا يا بنت؟.. فكري...
* تشتركان في لذة ساعة، ثم ينسى هو، وتظلين أنت أبدا تتجرعين غصصها، يمضي (خفيقا) يفتش عن مغفلة أخرى يسرق منها عرضها، وينوء بك أنت تقل الحمل في بطنك، والهم في نفسك، والوصمة على جبينك، يغفر له هذا المجتمع الظالم، ويقول: شاب ضل ثم تاب، وتبقين أنت في حمأة الخزي والعار طول الحياة، لا يغفر لك المجتمع أبدا.
ولو أنك إذا لقيته نصبت له صدرك، وزويت عنه بصرك، وأريته الحزم والإعراض... فإذا لم يصرفه عنك هذا الصد، وإذا بلغت به الوقاحة أن ينال منك بلسان أو يد، نزعت حذاءك من رجلك، ونزلت به على رأسه، لو أنك فعلت هذا، لرأيت من كل من يمر في الطريق عونا لك عليه، ولما جرؤ بعدها فاجر على ذات سوار، ولجاءك- إن كان صالحا- تائبا مستغفرا، يسأل الصلة بالحلال، جاءك يطلب الزواج ".
هل تصدقين ؟!
امرأة صالحة تقية تحب الخير ولا تفتر عن ذكر الله، لا تسمح لكلمة نابية أن تخرج من فمها. إذا ذكرت النار خافت وفزعت ورفعت أكف الضراعة إلى الله طالبة الوقاية منها، وإذا ذكرت الجنة شهقت رغبة فيها ومدت يديها بالدعاء والابتهال إلى الله أن يجعلها من أهلها.
تحب الناس ويحبونها.. وتألفهم ويألفونها.. وفجأة تشعر بألم شديد في الفخذ وتسارع إلى الدهون والكمادات، ولكن الألم يزداد شدة، وبعد رحلة في مستشفيات كثيرة ولدى عدد من الأطباء سافر بها زوجها إلى لندن وهناك وفي مستشفى فخم وبعد تحليلات دقيقة يكتشف الأطباء أن هناك تعفنا في الدم، ويبحثون عن مصدره فإذا هو موضع الألم في الفخذ، ويقرر الأطباء أن المرأة تعاني من سرطان في الفخذ هو مبعث الألم ومصدر العفن. وينتهي تقريرهم إلى ضرورة الإسراع ببتر رجل المرأة من أعلى الفخذ حتى لا تتسع رقعة المرض.
وفي غرفة العمليات كانت المرأة ممددة مستسلمة لقضاء الله وقدره، ولكن لسانها لم ينقطع عن ذكر الله وصدق اللجوء والتضرع إليه. ويحضر جمع من الأطباء، فعملية البتر عملية كبيرة. ويوضع الموس في المقص، وتدنى المرأة ويحدد بدقة موضع البتر. وبدقة متناهية ووسط وجل شديد ورهبة عميقة يوصل التيار الكهربائي، وما يكاد المقص يتحرك حتى ينكسر الموس وشط دهشة الجميع، وتعاد العملية بوضع موس جديد، وتتكرر الصورة نفسها وينكسر الموس، وما يكاد الموس ينكسر للمرة الثالثة.. لأول مرة في عمليات البتر التي أجريت من خلاله. حتى ارتسمت علامات حيرة شديدة على وجوه الأطباء الذين راحوا يتبادلون النظرات.
اعتزل كبير الأطباء بهم جانبا، وبعد مشاورات سريعة قرر الأطباء أجراء جراحة للفخذ التي يزمعون بترها، ويا لشدة الدهشة إذ ما كاد المشرط يطل وسط أحشاء الفخذ حتى رأى الأطباء بأم أعينهم قطنا متعفتا بصورة كريهة، وبعد عملية يسيرة نظف فيها الأطباء المكان وعقموه.
صحت المرأة وقد زالت الآلام بشكل نهائي حتى لم يبق لها أثر، نظرت فوجدت رجلها لم تمس بأذى، ووجدت زوجها يحادث الأطباء الذين لم تغادر الدهشة وجوههم، فراحوا يسألون زوجها هل حدث وأن أجرت المرأة عملية جراحية في فخذها، لقد عرف الأطباء من المرأة وزوجها أن حادثا مروريا تعرضا له قبل فترة طويلة كانت المرأة قد جرحت جرحا بالغا في ذلك الموضع، وقال الأطباء بلسان واحد: إنها العناية الإلهية.
وكم كانت فرحة المرأة وكابوس الخطر ينجلي، وهي تستشعر أنها لن تمشي برجل واحدة كما كان يؤرقها؟! فراحت تلهج بالحمد والثناء على الله الذي كانت تستشعر قربه منها ولطفه بها ورحمته لها.
أختي المسلمة : قصة هذه المرأة نموذج من نماذج لا حصر لها من أولياء الله، الذين التزموا أمره وآثروا رضاه على رضى غيره، وملأت محبته قلويهم، فراحوا يلهجون بذكره لا يفترون عنه حتى أصبح ذكر الله نشيدا عذبا لا تمل ألسنتهم من ترديده، بل تجد فيه الحلاوة واللذة،وهؤلاء يقبلون على أوامر الله بشوق ويمتثلون أحكامه بحب، والله- سبحانه، وتعالى- لا يتخلى عن هؤلاء؛ بل يمدهم بقوته ويساعدهم بحوله ويمنعهم بعزته وبعد ذلك يمنحهم رضاه ويحلهم جنته.
فهل من أمثال هذه المرأة الصالحة؟!
نسأل الله ذلك!
الحجاب ...الحجاب يا أمة الله
ولقد جاءت النصوص الكثيرة بالوصية بالمرأة، ومراعاة حالها قال الله- تعالى-: {ومن مثل الذي عليهن بالمعروف}. [سورة البقرة، الآية: 228]. وقال- عز وجل-: {وعاشروهن بالمعروف}. [سورة النساء، الآية:19]. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم ،: "استوصوا بالنساء خيراً وقال، عليه الصلاة والسلام،: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة". وسئل الرسول، صلى الله عليه وسلم، : ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت ".
ومما جاء به الإسلام رعاية للمرأة وصيانة لكرامتها أن أمرها بمكارم الأخلاق، وإن من مكارم الأخلاق التي بعث بها محمد، صلى الله عليه وسلم ، ذلك الخلق الكريم خلق الحياء، الذي جعله النبي، صلى الله عليه وسلم، من الإيمان، وشعبة من شعبه.
ولا ينكر أحد أن من الحياء المأمور به شرعا وعرفا احتشام المرأة، وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواطن الفتن، ومواضع الريب. وإن مما لا شك فيه أن احتجابها بتغطية وجهها ومواضع الفتنة منها لهو من أكبر احتشام تفعله، وتتحلى به، لما فيه من صونها وإبعادها عن الفتنة.
* والحجاب الذي يجب على المرأة أن تتخذه هو أن تستر جميع بدنها عن غير زوجها ومحارمها، لقول الله- تعالى-: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين }. [سورة الأحزاب، الآية: 59].
والجلباب: هو الملاءة أو الرداء الواسع الذي يشمل جميع البدن.
فأمر الله- تعالى- نبيه أن يقول لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين، يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يسترن وجوههن ونحورهن.
وقد دلت الأدلة من كتاب الله، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم ، والنظر الصحيح، والاعتبار، والميزان، على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها وليسوا من أزواجها، ولا يشك عاقل أنه إذا كان على المرأة أن تستر رأسها وتستر رجليها، وأن لا تضرب برجليها حتى يعلم ما تخفي من زينتها- الخلخال ونحوه-، وأن هذا واجب؛ فإن وجوب ستر الوجه أوجب وأعظم، وذلك أن الفتنة الحاصلة بكشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة الحاصلة بظهور شعرة من شعر رأسها أو ظفر من ظفر رجليها.
* وإذا تأمل العاقل المؤمن هذه الشريعة وحكمها وأسرارها، تبين أنه لا يمكن أن تلزم المرأة بستر الرأس والعنق والذراع والساق والقدم، ثم تبيح للمرأة أن تخرج كفيها، وأن تخرج وجهها المملوء جمالا وتحسينا، فإن ذلك خلاف الحكمة.
* ومن تأمل ما وقع فيه الناس اليوم من التهاون في ستر الوجه،الذي أدى إلى أن تتهاون المرأة فيما وراءه؛ حيث تكشف رأسها وعنقها ونحرها وذراعها، وتمشي في الأسواق بدون مبالاة في بعض البلاد الإسلامية علم علما يقينا بأن الحكمة تقتضي؛ أن على النساء ستر وجوههن.
* فعليك أيتها المرأة أن تتقي الله- عز وجل-، وأن تحتجبي الحجاب الواجب الذي لا تكون معه فتنة، بتغطية جميع البدن عن غير الأزواج والمحارم.
وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة وإن قدر فيه مصلحة فهي يسيرة منغمرة في جانب المفاسد فمن مفاسده:
1- الفتنة: فإن المرأة إذا كشفت وجهها حصل به فتنة للرجال، لا سيما إن كانت شابة أو جميلة أو فعلت ما يجفل وجهها ويبهيه ويظهره بالمظهر الفاتن، وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد.
2- زوال الحياء عن المرأة: الذي هو من الإيمان، ومن مقتضيات فطرتها، فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء. فيقال: أحىَّ من العذراء في خدرها.
وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها وخروج عن الفطرة التي فطرت عليها.
3- شدة تعلق الرجال ومتابعتهم إياها: لا سيما إذا كانت جميلة وحصل منها تملق وضحك ومداعبة، كما في كثير من السافرات وقد قيل: نظرة، فسلام، فكلام، فموعد، فلقاء.
والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فكم من كلام وضحك وفرح أوجب تعلق قلب الرجل بالمرأة وقلب المرأة بالرجل؟! فحصل بذلك من الشر ما لايمكن دفعه نسأل الله السلامة.
4- اختلاط النساء بالرجال: فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجال في كشف الوجه، والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمتهم، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض.
* وإننا لنأسف كل الأسف أن يأخذ أقوام من هذه الأمة المسلمة بكل ماورد عليهم من عادات وتقاليد وشعارات، من غير أن يتأنوا فيها، وينظروا إليها بنظر الشرع والعقل، ينظروا فيها هل تخالف شريعة الله أم لا؟ فإذا كانت تخالف شريعة الله رفضوها واجتنبوها كما يرفض الجسم السليم جرثومة المرض، ثم نضخوا من كان متلبسا بها من إخوانهم المسلمين الذين وردوا بها ونقلوها إلى مجتمعاتهم بدون تأمل ونظر فهذه حقيقة المؤمن أن يكون قوي الشخصية، متبوعا لا تابعا، صالحا مصلحا، نافذ العزيمة بصير التفكير.
وإذا كانت هذه العادات والتقاليد والشعارات الواردة إلينا لا تخالف الشريعة فلينطر إليها بنظر العقل ولننظر ما نتيجتها في الحاضر والمستقبل القريب والبعيد، فإنه قد لا يكون لها تأثير ملموس في الحاضر، لكن لها تأثير مرتقب في المستقبل، ومتى سرنا بهذا الإتجاه وعلى هذا الخط فمعنى ذلك أننا نسير على بصيرة وفي اتجاه سليم موفق بإذن الله تعالى.
* وإن مما يندى له الجبين ويستدعي النظر فيه بنظر الشرع والعقل أنك ترى المرأة الشابة:
· تخرج من بيتها إلى السوق بألبسة مغرية، ألبسة جميلة؛ إما قصيرة وإما طويلة، ليس فوقها إلا عباءة قصيرة، أو طويلة، يفتحها الهواء أحيانا، وترفعها هي عمدا أحيانا.
· تخرج بخمار تستر به وجهها، لكنه أحيانا يكون رقيقا يصف لون جلد وجهها، وأحيانا تشده على وجههما شذا قويا، بحيث تبرز مرتفعات وجهها كأنفها ووجنتيها.
· تخرج لابسة من حلي الذهب ما لبست، ثم تكشف عن ذراعيها حتى يبدو الحلي، كأنما تقول للناس: شاهدوا ما في فتنة كبرى ومحنة عظمى.
· تخرج متطيبة بطيب قوي الرائحة يفتن كل من في قلبه مرض من الرجال، وقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم، : (( إن المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية ". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وقال، عليه الصلاة والسلام،: "إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تمس طيبا".
· تخرج من بيتها تمشي في السوق مشيا قويا، كما يمشي أقوى الرجال وأشبههم، كأنما تريد أن يعرف الناس قوتها ونشاطها، وتمشي مع صاحبتها وهي تمازحها وتضاحكها بصوت مسموع، وتدافعها بتدافع منظور.
· تقف على صاحب الدكان تبايعه، وقد كشفت عن ذراعيها ويديها، وربما تمازحه ويمازحها ويضحك معها، إلى غير ذلك مما يفعله بعض النساء، من أسباب الفتنة والخطر العظيم، والسلوك الشاذ الخارج عن توجيهات الإسلام، وطريق أمة الإسلام. يقول الله- تعالى- لنساء نبيه وهن القدوة: {وقرن في بيوتكن ولا تتبرجن تبرج الجاهلية الأولى}. [الأحزاب، الآية: 33]. ويقول النبي، صلى الله عليه وسلم، : "لا تمنعوا إماء الله ساجد الله، وبيوتهن خير لهن ". خير لهن من أي شيء؟ من مساجد الله فكيف بخروجهن للأسواق؟!!.
وإن هذا الحديث الصحيح ليدل على أنه يجوز للرجل أن يمنع المرأة من الخروج للسوق ما عدا المسجد، ولا إثم عليه في ذلك، ولا حرج، أما منعها من التبرج والسفور والتعطر فإنه واجب عليه ومسؤول عنه يوم القيامة، فإذا كانت المرأة العجوز ممنوعة من التبرج بالزينة، فكيف تكون الشابة التي هي محل الفتنة؟! يقول الله- عز وجل-: { والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم }. [سورة النور، الآية: 6]. ويقول- سبحانه، وتعالى-: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} [سورة النور، الآية: 31]. وهو الخلخال الذي تلبسه في رجلها وتخفيه بثوبها فإذا ضربت برجلها على الأرض سمع صوته فإذا كانت منهية أن تفعل ما يعلم به زينة الرخل المخفاة فكيف بمن تكشف عن ذراعها حتى تشاهد زينة اليد؟!.
إن فتنة المشاهدة أعظم من فتنة السماع، ويقول النبي، صلى الله عليه وسلم،: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا". وصفهن النبي، صلى الله عليه وسلم، بأنهن كاسيات " أي: عليهن كسوة ولكنهن لا عاريات لأن هذه الكسوة لا تستر، إما لخفتها، أو ضيقها، أو قصرها.
((مائلات)) عن طريق الحق ((مميلات)) لغيرهن بما يحصل منهن من الفتنة.
((رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة)). بما يلففن عليهن من شعورهن أو غيرها حتى يكون كسنام البصير المائل.
وبعد هذه الجولة أختي المسلمة عن أهمية الحجاب ووجوبه تعالي لنعرف سويا فضائل الحجاب.
فضائل الحجاب
الحجاب طاعة لله عز وجل وطاعة لرسوله، صلى الله عليه وسلم:
أوجب الله- تعالى- طاعته، وطاعة رسوله، صلى الله عليه وسلم، فقال: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}. [الأحزاب، الآية: 36]. وقال- عزوجل-: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}. [النساء، الآية: 64].
وقد أمر الله- سبحانه، وتعالى- النساء بالحجاب، فقال- عز وجل-: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور، الآية: 31]. وقال- سبحانه-: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن }. [النور، الآية: 31].
وقال- سبحانه-: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} [الأحزاب، الآية: 33]. وقال- تبارك، وتعالى-: {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} [الأحزاب، الاية: 53]. وقال- تعالى-: [يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن }. [الأحزاب، الآية: 59]
وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "المرأة عورة" يعني أنه يجب سترها.
الحجاب عفة:
فقد جعل الله- تعالى- التزام الحجاب عنوان العفة، فقال تعالى:{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن}. [الأحزاب، الآية: 59]. لتسترهن بأنهن عفائف مصونات {فلا يؤذين} فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى، وفي قوله- سبحانه-: {فلا يؤذين} إشارة إلى أن في معرفة محاسن المرأة إيذاء لها، ولذويها بالفتنة والشر.
ورخص- تبارك، وتعالى- للنساء العجائز، اللائي لم يبق فيهن موضع فتنة، في وضع الجلابيب، وكشف الوجه والكفين، فقال- عز وجل-: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح}. أي: إثم، {أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة}. [النور، الأية:6]. ثم عقبه ببيان المستحب والأكمل فقال- عز وجل-: {وأن يستعففن } باستبقاء الجلابيب، {خير لهن والله سميع عليم} . [النور، الآية:65]. فوصف الحجاب بأنه عفة، وخير في حق العجائز فكيف بالشابات؟
الحجاب طهارة:
قال- سبحانه-: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن }. [الأحزاب، الآية: 53]. فوصف الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات، لأن العين إذا لم تر لم يشته القلب، أما إذا رأت العين فقد يشتهي القلب، وقد لا يشتهي، ومن هنا كان القلب عند عدم الرؤية أطهر، وعدم الفتنة حينئذ أظهر،لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب {فلا تخضغن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض }. [الأحزاب، الآية: 32}.
الحجاب ستر:
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "إن الله- تعالى- حي ستير، يحب الحياء والستر". وقال، صلى الله عليه وسلم، : "أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها، خرق الله- عز وجل- عنها ستره ". والجزاء من جنس العمل.
الحجاب تقوى:
قال الله- تعالى-: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم وريشا، ولباس التقوى ذلك خير}. [الأعراف، الآية: 36].
الحجاب إيمان:
والله- سبحانه، وتعالى- لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات، فقد قال- سبحانه-: {وقل للمؤمنات }. [النور، الآية:31]. وقال- عز وجل-: {ونساء المؤمنين }. [الأحزاب، الآية: 59]. ولما دخل نسوة من بني تميم على أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- عليهن ثياب رقاق، قالت: "إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات، وإن كنتن غير مؤمنات، فتمتعن به ".
الحجاب حياء:
وقد قال، صلى الله عليه وسلم،: "إن لكل دين خلقا، وخلق الإسلام الحياة". وقال، صلى الله عليه وسلم،: " الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة".
وقال، صلى الله عليه وسلم،: "الحياء والإيمان قرنا جميعا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر"، وعن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، قالت: ((كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول الله، صلى الله عليه وسلم،وأبي- رضي الله عنه- واضعة ثوبي، وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر، رضي الله عنه، والله ما دخلته إلا مشدودة علي ثيابي، حياء من عمر رضي الله عنه "، ومن هنا فإن الحجاب يتناسب مع الحياء الذي جبلت عليه المرأة.
الحجاب غيرة:
يتناسب الحجاب أيضا مع الغيرة التي جبل عليها الرجل السوي، الذي يأنف أن تمتد النظرات الخائنة إلى زوجته وبناته، وكم من حروب نشبت في الجاهلية والإسلام غيرة على النساء، وحمية لحرمتهن، قال علي - رضي الله عنه-: "بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج- أي الرجال الكفار من العجم- في الأسواق، ألا تغارون؟ إنه لا خير فيمن لا يغار".
والآن أختي المسلمة وبعد أن عرفتي فضائل الحجاب فلا بد من توفر شروط معينة فيه حتى يكون حجابا شرعيا مقبولا عند الله- سبحانه، وتعالى- فمع جولة سريعة لمعرفة هذه الشروط والله المستعان.
شروط الحجاب الشرعي
الأول : ستر جميع بدن المرأة: بما في ذلك الوجه والكفين على الراجح.
الثاني:أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة: لقوله- تعالى-: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور، الأية: 31]. وقوله- تعالى-: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}. [الأحزاب، الآية: 33]. وقد شرع الله الحجاب، ليستر زينة المرأة فلا يعقل أن يكون هو في نفسه زينة.
الثالث: أن يكون صفيقا ثخينا لا يشف: لأن الستر لا يتحقق إلا به، أما الشفاف فهو يجعل المرأة كاسية بالاسم، عارية في الحقيقة، قال، صلى الله عليه وسلم،: "سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات، على رؤوسهن كأسنمة البخت، العنوهن فإنهن ملعونات ". زاد في حديث آخر: "لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"، وهذا يدل على أن ارتداء المرأة ثوبا شفاقا رقيقا يصفها من الكبائر المهلكة.
الرابع:أن يكون فضفاضا واسعا غير ضيق: لأن الغرض من الحجاب منع الفتنة، والضيق يصف حجم جسمها، أو بعضه، ويصوره في أعين الرجال، وفي ذلك من الفساد والفتنة ما فيه. قال أسامة بن زيد - رضي الله عنهما-: كساني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال: "مالك لم تلبس القبطية؟ ".. قلت: كسوتها امرأتي.. فقال: "مرها فتجعل تحتها غلالة- وهي شعار يلبس تحت الثوب- فإني أخاف أن تصف حجم عظامها".
الخامس: أن لا يكون مبخرا مطيبا: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها، فهي زانية".
السادس: أن لا يشبه ملابس الرجال: قال، صلى الله عليه وسلم،: "ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال ".
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: "لعن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل ".
وقال، صلى الله عليه وسلم،: "ثلاث لا يدخلون الجنة، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث ".
السابع: أن لا يشبه ملابس الكافرات: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "من تشبه بقوم فهو منهم "، وعن عبدالله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: "رأى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على ثوبين معصفرين، فقال: إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها، ".
الثامن:أن لا تقصد به الشهرة بين الناس: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه نارا "، ولباس الشهرة وهو كل ثوب يقصد به صاحبه الاشتهار بين الناس، سواء كان الثوب نفيسا يلبسه تفاخرا بالدنيا وزينتها، أو خسيسا يلبسه إظهارا للزهد والرياء، فهو يرتدي ثوبا مخالفا مثلا لألوان ثيابهم ليلفت نظر الناس إليه، وليختال عليهم بالكبر والعجب.
يا درة حفظت بالأمس غالية *** واليوم يبغونها لللهو واللعب
يا حرة قد أرادوا جعلها أمة *** غربية العقل لكن اسمها عربي
هل يستوي من رسول الله قائده *** دوما ، وآخر هاديه أبو لهب ؟!
وأين من كانت الزهراء أسوتها *** ممن تقفت خطا حمالة الحطب؟!
أختاه لست بنبت لا جذور له *** ولست مقطوعة مجهولة النسب
أنت ابنة العرب والإسلام عشت به *** في حضن أطهر أم من أعز أب
فلا تبالي بما يلقون من شبه *** وعندك العقل إن تدعيه يستجب
|