عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 04 Mar 2015, 05:39 PM
بالقرآن نرتقي
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا
بالقرآن نرتقي غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 8317
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5760 يوم
 أخر زيارة : 08 Dec 2023 (11:50 PM)
 المشاركات : 2,584 [ + ]
 التقييم : 18
 معدل التقييم : بالقرآن نرتقي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها







إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها


الهدى النبوي خير هدي، من عمل به، وتمسك بحبله، ومشى في دربه، واتبع خطواته؛

ال خيراً كثيراً، وربح ربحاً عظيماً، ولم لا وهو هدي من لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى،

هَدي من بذل حياته من أجل أمته، هدي من صفته كما قال الله تعالى في كتابه:

{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}(التوبة:128)،

إنه هدي الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم.


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ونعيش اليوم مع نفحة من نفحاته، وزهرة من ثمار بساتينه، ونسمة من طيب عبيره،

مع حديث عظيم من أحاديثه صلى الله عليه وسلم، رواه الإمام أحمد في مسنده، والبخاري في الأدب المفرد

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل))

جاء في فيض القدير: "(إن قامت الساعة) أي القيامة، سميت به: لوقوعها بغتة، أو لسرعة حسابها،

أو لطولها، فهو تلميح كما يقال في الأسود كافوراً، ولأنها عند الله تعالى على طولها كساعة

من الساعات عند الخلائق (وفي يد أحدكم) أيها الآدميون (فسيلة) أي نخلة صغيرة،

إذ الفسيل صغار النخل، وهي الودي (فإن استطاع أن لا يقوم) من محله أي الذي هو جالس فيه

(حتى يغرسها فليغرسها) ندباً، قد خفي معنى هذا الحديث على أئمة أعلام منهم ابن بزيزة

فقال: الله أعلم ما الحكمة في ذلك انتهى، قال الهيثمي: ولعله أراد بقيام الساعة أمارتها..."2.


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



إن هذا الحديث يعلمنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم دروساً عظيمة من أعظمها الإيجابية في حياة المسلم،

إذ لابد أن يكون المسلم إيجابياً يشارك في هذه الحياة بكل ما يستطيع، وبقدر ما يمكنه،

ولو كان ذلك في آخر لحظات الحياة، ومثال ذلك ما جاء في قصة الغلام الذي كان سبباً في إسلام أمَّة بما يحمل من إيجابية،

وبذل كل ما يستطيع حتى بذل روحه التي بين جنبيه، جاءت قصته في صحيح مسلم عن صهيب الرومي رضي الله عنه،

وفيها أن الغلام قال للملك بعد أن فشلت عدة محاولات من قِبَلِ الملك لقتل الغلام:

((إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع،

ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: باسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني،

فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهماً من كنانته،ثم وضع السهم في كبد القوس،

ثم قال: باسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات،

فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، فأتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر،

قد والله نزل بك حذرك، قد آمن الناس، فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخُدَّت، وأضرم النيران،

وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها، أو قيل له: اقتحم، ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي

لها فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمه اصبري فإنك على الحق))
رواه مسلم (5327).



وذكر صاحب كتاب صناعة الحياة قصة تذكِّر بالإيجابية حتى اللحظة الأخيرة يقول فيها:

"إن أحد دعاة الإسلام في إحدى البلاد حُكِمَ عليه بالإعدام، وأرادوا أن يقتلوه شنقاً،

وخرجوا به في الساحة العامة في وسط البلد، ووضعوا مشنقة وحبلاً، ثم أرادوا أن يخنقوه ويشنقوه، يقول:

فلما شدوا الحبل وهو معلق، انقطع الحبل، وسقط الرَّجُلُ، فقام الرجل واقفاً يتلفت ماذا يقول؟

يقول لهم: كل جاهليتكم رديئة، حتى حبالكم رديئة، كل الجاهلية التي أنتم فيها رديئة.


استغل الدقائق الأخيرة التي منحه الله تعالى إياها في هجاء الجاهلية والكفر الذي

كان يوجد في ذلك البلد، ولم يقل: هذه أمور انتهت، بل عمل واستغل ذلك الوقت"3


فلينطلق كل فرد حسب طاقته يـدعو إلى الله إخفاء وإعلاناً

ولنترك اللوم لا نجعله عـدتنا ولنجعل الفعل بعد اليوم ميزاناً

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


إن العمل لهذا الدين، وتجاوز الأنانية ومفهوم الفردية في حياتنا هو الكفيل بإعادة ترتيب الحياة على وجه أفضل،

وفي ديننا الحنيف نصوص تدعو إلى العمل، والمشاركة في هذه الحياة عموماً حتى تصل هذه المشاركة

في آخر أيام الدنيا كما في الحديث، الأيام التي لا يُنتَظَر فيها ثمار ما يزرعه أو يشارك به كما قال تعالى:

{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}
(آل عمران:133)،

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(البقرة:148)،

{يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِوَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}
(آل عمران:114).


كل هذه النصوص تدعو إلى الإيجابية، والمسارعة إلى أعمال الخير التي يحبها الله جل في علاه.

فمن استطاع أن يميط شوكة من الطريق فليمطها، ومن استطاع أن يبذر حبة فليبذرها،

ومن كان عنده علم دعا به، ومن كان عنده مال دعا به، والمسؤولية هي على الجميع،

كل بحسبه فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها،
وتصديق موعودها؛ إلا أدخله الله بها الجنة))

قال حسان: فعددنا ما دون منيحة العنز من ردِّ السلام،

وتشميت العاطس، وإماطة الأذى عن الطريق، ونحوه، فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة"
رواه البخاري (2438).


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله،
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان))
رواه مسلم (51)،

وجاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس))


ومن أجلِّ أعمال المسلم قيامه بالدعوة إلى الله بياناً باللسان، وجهاداً باليد،

ونفقة من العلم والمال والوقت، فكل مسلم على ثغر من ثغور الإسلام، أياً كان تخصصه ومستواه،

إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة

{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}}
(البقرة:286).


لعمري لئن لم يدرك الأمر أهلـه شباب بسيف العصر دوماً مدججٌ

وشيب بمحراب الرسول قلوبهـم وألبـابهم في موكب العلم هودج

فإن الرحى لن يخطئ الحبّ طحنها ولله نـــاموس من العدل أبل


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ومما يستفاد من هذا الحديث العظيم أننا لابد أن نعلم أن العمل لا ينقطع أبداً حتى تقوم الساعة،

بل لابد من الاستمرار والمواصلة، {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
(التوبة:105)،

{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}(الحجر:99)،

ويقول تعالى وهو يذم من ترك العمل بعد أن كان مثابراً وعاملاً:

{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا}(النحل: 92).
((اعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلَّ)) رواه مسلم (5043)،

وقد تعوَّذ النبي صلى الله عليه وسلم من العجز فعن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول:
كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول:

((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم،
وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات))

رواه البخاري (5890) بلفظه، ومسلم (4878)،


ومن هذا الحديث نعلم مكانة الزرع وقيمته في الإسلام، وأن الزارع مأجور إذا احتسب

ما يفعله عند الله تعالى فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((ما من مسلم يغرس غرساً، أو يزرع زرعاً؛ فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمة إلا كان له به صدقة))
رواه البخاري (2152)،
وعند مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة،وما أكل السبع منه فهو له صدقة،
وما أكلت الطير فهو له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة))
رواه مسلم (2900)

جاء في فيض القدير: "والحاصل أنه مبالغة في الحث على غرس الأشجار، وحفر الأنهار؛ لتبقى هذه الدار

عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعدود المعلوم عند خالقها، فكما غرس لك غيرك فانتفعت به؛

فاغرس لمن يجيء بعدك لينتفع، وإن لم يبق من الدنيا إلا صبابة، وذلك بهذا القصد لا ينافي الزهد والتقلل من الدنيا،

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة






1 ــ السلسة الصحيحة ،رواه أحمد (12512)
واللفظ له، والبخاري في الأدب المفرد (1/168)،
قال شعيب الأرنؤوط وآخرون: إسناده صحيح على شرط مسلم،
انظر مسند الإمام أحمد بن حنبل (20/296) المحقق:
شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد وآخرون، إشراف:د عبد الله بن عبدالمحسن التركي،
مؤسسة الرسالة، ط. الأولى (1421هـ-2001م).

2ـ فيض القدير شرح الجامع الصغير (3/30)
لعبد الرؤوف المناوي، المكتبة التجارية الكبرى - مصر، ط. الأولى (1356هـ).

3ـ صناع الحياة (1/56) بتصرف يسير، لمحمد أحمد الراشد، إصدار دار الفكر.




 توقيع : بالقرآن نرتقي





بالقرآن نرتقي

رد مع اقتباس