عرض مشاركة واحدة
قديم 07 Jan 2015, 08:12 PM   #2
بالقرآن نرتقي
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية بالقرآن نرتقي
بالقرآن نرتقي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8317
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Dec 2023 (11:50 PM)
 المشاركات : 2,584 [ + ]
 التقييم :  18
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: وقفة أيمانية وإنسانية وتربوية وتطوير للذات مع رسول الله يوسف عليه السلام



النجاح من الله


ومن عظمة هذا النبي الكريم، أنه حين نجح في حياته ووصل إلى أعلى المناصب

لم تنسه نشوة النصر التواضع لله ونسبة الفضل إليه سبحانه. فقال في نهاية

القصة:

[size=4رَبّ قَدْ اتَيْتَنِى مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ ٱلاْحَادِيثِ


فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلاْرْضِ أَنتَ وَلِىّ فِى ٱلدُّنُيَا وَٱلاْخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى

بِٱلصَّـٰلِحِينَ(101).

وانظر إلى تواضعه في قوله ]وَأَلْحِقْنِى بِٱلصَّـٰلِحِينَsize

وكأن الصالحين سبقوه وهو يريد اللحاق بهم. وهكذا نرى أن سيدنا يوسف نجح في

امتحان السراء بشكر الله تعالى والتواضع لـه، كما نجح في امتحان الضراء بالصبر والأمل...


لا تيأس ولا تنتظر المعجزة


أين المعجزات في القصة؟

وإلى جانب ذلك، نلاحظ أن السورة لم تشر إلى تأييده بمعجزة خلال هذه الظروف

التي واجهته، (قد يرد البعض بأن الرؤيا هي معجزة) لكننا نقول إن أي إنسان قد

يرى رؤيا، ولكن الذي حصل وركّزت عليه السورة أن الله سبحانه وتعالى قد هيأ له

الظروف وهيأ له فرصة النجاح كما يهيَّأ لكل شخص منا (كتعليمه تفسير الرؤى كما

قال تعالى:وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلاْحَادِيثِ(6))، لكن نجاح سيدنا

يوسف كان في الاستفادة من المؤهلات التي أعطاه الله إياها لينجح في حياته.

[align=center](لاَ تَايْـئَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱلله)[/

align]إن قصة يوسف قصة نجاح إنسان مرّت عليه ظروف صعبة، لم يملك فيها أي

مقوم من مقومات النجاح، لكنه لم يترك الأمل وبقي صابراً ولم ييأس.

وآيات السورة مليئة بالأمل، ومن ذلك أن يعقوب عليه السلام عندما فقد ابنه الثاني،

أي عندما صارت المصيبة مصيبتين، قال:

وَلاَ تَايْـئَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱلله إِنَّهُ لاَ يَايْـئَسُ مِن رَّوْحِ ٱلله إِلاَّ ٱلْقَوْمُ

ٱلْكَـٰفِرُونَ[ (87).

هذه الآية لا تعني أن اليائس كافر، بل إن معناها أن الذي ييأس فيه صفة من صفات

الكفار، لأنه لا يدرك أن تدبير الله سبحانه وتعالى في الكون لا يعرفه أحد، وأن الله

كريمٌ ورحيمٌ وحكيم في أفعاله.


أنت عبد فيهما

فإذا مرّت عليك، أخي المسلم، فترات ضيق أو بلاء، فتعلَّم من سيدنا يوسف عليه

السلام، الذي كان متحلياً بالصبر والأمل وعدم اليأس رغم كل الظروف. وبالمقابل،

تعلَّم منه كيف تواجه فترات الراحة والاطمئنان، وذلك بالتواضع والإخلاص لله عز

وجل...

فالسورة ترشدنا أن حياة الإنسان هي عبارة عن فترات رخاء وفترات شدة. فلا يوجد

إنسان قط كانت حياته كلها فترات رخاء أو كلها فترات شدة، وهو في الحالتين،

الرخاء والشدة، يُختبر.

وقصة يوسف عليه السلام هي قصة ثبات الأخلاق في الحالتين، فنراه في الشدة

صابراً لا يفقد الأمل ولا ييأس، ونراه في فترات الرخاء متواضعاً مخلصاً لله عز وجل
نصل في نهاية السورة إلى قاعدة محورية، قالها سيدنا يوسف عليه السلام بعد أن

انتصر وبعد أن تحققت جميع أمنياته: ]إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ ٱلله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ

ٱلْمُحْسِنِينَ[ (90).

إن قصة يوسف تعلّمنا أن من أراد النجاح ووضع هدفاً نصب عينيه يريد تحقيقه فإنه

سيحققه لا محالة، إذا استعان بالصبر والأمل، فلم ييأس، ولجأ إلى الله ]إِنَّهُ مَن يَتَّقِ

وَيِصْبِرْ فَإِنَّ ٱلله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ[ (90). إن سيدنا يوسف - في هذه

الكلمات - يلخص لنا تجربته في الحياة، والتي هي كما قلنا، تجربة إنسانية بشرية.

فمن أراد النجاح في الحياة فعليه بتقوى الله أولاً، واللجوء إليه،

والصبر على مصائب الدنيا لا بل وتحدي المعوقات من حوله والتغلب عليها. إن

الصبر المطلوب هنا هو صبر إيجابي ومثابر، لا يضيع صاحبه أي فرصة لتعلم مهارة

ما، لا بل ينتظر كل فرصة تسنح لـه كما فعل سيدنا يوسف عليه السلام، (فهو

استفاد من وجوده في بيت العزيز مثلاً في تعلم كيفية إدارة الأموال، وهذا سبب قوله

بعد ذلك: ]قَالَ ٱجْعَلْنِى عَلَىٰ خَزَائِنِ ٱلاْرْضِ إِنّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ[ (55)).

يا شباب، تعلّموا من سيدنا يوسف النجاح في حياتكم العملية، والتفوق في الدنيا

والآخرة، بالعلم والعمل من جهة، وبمقاومة الشهوات والصبر عنها، لتفوزوا بإذن

الله بجنة النعيم.



 
 توقيع : بالقرآن نرتقي





بالقرآن نرتقي


رد مع اقتباس