وقد سئل الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله تعالى – السؤال التالي : أجلس مع بعض الناس ويقولون : إن العلماء الكبار كفار ؛ لأنهم يظاهرون المشركين ويوالونهم، ويعلمون هذا لصغار السن ويربونهم عليه، لا سيما بعد صدور الفتاوى في تحريم التفجيرات في بلاد الكفار ؟
فأجاب – حفظه الله تعالى – : أولاً : الواجب على كل مؤمن بالله – جل وعلا – ويرجو لقاءه ويخشى لقاءه: أن يحذر أتم الحذر أن يقول بلا علم، وأن يجترئ على ما ليس له به حجة، لا سيما في مسائل الاعتقاد، ومسائل الإيمان والتكفير، ومسائل الحلال والحرام، وإذا كان في الحلال والحرام قال الله جل وعلا : { وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ . مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (1)
هذا فيما يقوله بعض من ليس له حجة بلفظ هذا حلال وهذا حرام وليس عنده بينة، وجميع مسائل القول على الله بلا علم – في مسائل العمليات والفقهيات، ومسائل العقيدة وهي أشد – : تدخل في هذا السبيل، ولهذا حرَّم الله – جل وعلا- أن يقفو المرء ما ليس له به علم، وأن يقول ما ليس له به علم كما قال جل وعلا: { وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ } (2) وقال: { وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } (3) وفي الحديث: ( من أفتى بفتيا من غير ثبت فإنما إثمه على من أفتاه ) (4)
ومن أعظم ما وقع في الأمة من الانحراف عن الحق وتكفير المسلم الذي ثبت إسلامه، وعدم الاستبيان منه، وهذا كان له بوادر في زمن الصحابة، في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف تعالج هذه البواد، كيف ينظر في هذا الأمر .
__________
(1) ( النحل : 116-117 ) .
(2) ( الأعراف : 33 ) .
(3) ( الإسراء : 36 ) .
(4) حسن: أخرجه أبو داود في السنن ( 4/66 رقم 3657 ) وابن ماجه في السنن ( 1/40 رقم 53 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولفظ ابن ماجه : ( من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه ) .
والحديث حسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود ( 2/410 ) .